رواية بين قسوته وغفرانها الفصل العاشر 10 بقلم شاهندا

 

 

رواية بين قسوته وغفرانها الفصل العاشر بقلم شاهندا

سحبها زياد بعنف إلى الخارج لا يلتفت لبكائها أو توسلاتها ثم دفعها إلى داخل السيارة وأغلق الباب خلفها بقوة وانطلق بها في طريقٍ لا تعرفه بينما كانت دموعها تنهمر بصمت تشهق بصوتٍ خافت وعيناها تملؤهما الخيبة والخوف.
توقّف زياد أخيرًا في مكانٍ خالٍ لا صوت فيه سوى الريح وهمسات الأشجار نظرت إليه بتوجس ولكن قبل أن تنبس بكلمة فُتح الباب الذي بجوارها فجأة فتجمدت في مكانها واتسعت عيناها وهي تهمس بصوتٍ متهالك غارق في الدموع:
 نوح...
مال نوح نحوها وبدأ بفك وثاق يديها خلف ظهرها ثم قال بصوتٍ هادئ لزياد:
 وعشان نفذت وعدك معايا أنا هعدّي اللي كنت هتعمله في غفران وانك جتلي وقولتلي علي ان محمد قالك تاخد غفران ودلوقتي إنت برا الموضوع ده كله.
هزّ زياد رأسه بخضوعٍ مفاجئ وغفران وضعت يدها على وجهها بالكاد تصدق ما يحدث وقالت والدموع تسيل على خديها:
 إزاي؟ طب هو ليه قالي إنك... مُت؟
ابتسم نوح بهدوء وقال:
 كان لازم أخليه يشوف إنه كسب للآخر.
فلاش باك
كان نوح مُلقى على الأرض يتنفس بصعوبة أنفاسه متقطعة وصوتٌ يأتي من الخارج يناديه بقلق:
–نوح
قال بصوتٍ مختنق:
 أنا... هنا.
فجأة انكسر الباب واندفع سليم إلى الداخل سعل بقوة بسبب الرائحة ثم اقترب من نوح بسرعة وسنده وأخذه إلى الخارج وما إن خرجا حتى دوّى انفجار عنيف خلفهما جعل سليم ينظر خلفه بذعر مدركًا أنهم لو تأخروا ثانية واحدة فقط لكان نوح قد مات.
كان نوح يتنفس بصعوبة جسده يرتجف وسليم يفك وثاقه بقلق:
كويس إني جيت ومسمعتش كلامك.
......
كان نوح قد اتصل بسليم بعدما اكتشف أن محمد يحتجز غفران في أحد المخازن التابعة لهم.
قال له نوح حينها:
 سليم اسمعني كويس متتحركش دلوقتي فاهم؟ إلا لو اتأخرت 
أنا عرفت محمد حابس غفران فين.
فين؟
 ... اختار مكان عارف إننا مستحيل ندور فيه... مخزنا.
 أنا جاي معاك.
 لأ أنا رايح لوحدي دلوقتي متتحركش إلا لو اتأخرت يا سليم.
ثم نعود للحظة بعد خروجهما من الانفجار.
قال نوح بصوتٍ متعب:
 عايز الكل يصدق إني موت.
 طب ليه؟
خلي محمد يحس إنه كسبنا وشوفلنا حد من المستشفى يساعدنا وفهم أبوك بس عشان هو اللي هيقول إنه شاف جثتي ويقول ان الجثة كانت محروقة مش عايز حد يعرف باللي حصل غيرنا إحنا التلاتة لحد ما نخلص من محمد ونرجّع غفران.
هزّ سليم رأسه بهدوء بينما أغمض نوح عينيه وأخذ نفسًا عميقًا.
عودة إلى الحاضر
غفران كانت تبكي وهي تقول:
 هو ليه بيعمل كده فينا؟
أجابها نوح وصوته يختنق بغصّة:
 لما طلق أم تميم زمان راح واتجوز واحدة تانية وبقت حامل واليوم اللي راح فيه لجدي عشان يطلب منه يسامحه رفض وهما راجعين عملوا حادثة فشاف إن جدي هو السبب وانه اللي دبرلهم الحادثة وهي ماتت شاف انه عمل ده عشان ساب أم تميم بس كل ده كان مجرد حادثة.
همست غفران وهي تمسح دموعها:
 لازم نخرج تميم ممكن يأذيه.
نظر نوح أمامه وعيناه تلمعان بعزمٍ هادئ ثم قال:
خلاص يا غفران ده آخرها.
فوق سطح المبني
كان تميم مقيّد اليدين والهواء يصفع وجهه بقسوة يقف أمام محمد الذي أمسكه من ذراعه واقتاده إلى الحافة وفك وثاقة
تميم نظر إليه بكره:
"فاكر إنك كده انتصرت؟"
محمد:
"أنا كده راضي كفاية."
تميم بصوت غاضب:
"وأنا مش راضي"
وقبل أن يُكمل دفع تميم محمد بكتفه وبدأت بينهما عراك بالأيدي تبادلا فيه الضربات بوحشية 
اخرج محمد مسدسة لكن تميم اسقطه ارضاً بينما في الأسفل كانت الشرطة قد اقتحمت المكان.
نوح وهو يركض بجوار غفران:
"يلا بسرعة فوق"
صعدا الدرجات بخطوات متسارعة وبمجرد ما وصلوا رأوا تميم ومحمد يتشاجرون.
غفران بصدمة:
"تميم"
وفجأة التفت محمد إليهم ومدّ يده بسرعة وسحب المسدس وامسك غفران إليه ووضع المسدس على رأسها.
محمد بصوت مختل:
"ولا حد يقرب"
غفران بخوف وهي ترتجف:
"سيبني"
تميم:
"سيبها يا محمد خلّصنا"
بدأ محمد يتراجع للخلف حتى صار على حافة السطح ومع خطوة خاطئة انزلقت قدمه وسقط للخلف وهو لا يزال ممسكًا بغفران.
غفران بصرخة:
"نووووح"
هرع نوح وتميم في اللحظة ذاتها وتميم أمسك يدها قبل أن تسقط تمامًا فيما انحدر جسد محمد وسقط من السطح.
غفران كانت تبكي وهي تنظر للأسفل:
"وقع وقع"
نوح بصوت مرتفع وهو يمد يده:
"غفران متبصيش تحت هاتي إيدك التانية يلا"
مدّت غفران يدها المرتجفة وسحبها نوح وتميم بقوة حتى صعدت تمامًا وما إن وصلت حتى ارتمت في حضن تميم وهي تنتحب بشدة.
تميم وهو يحاول تهدئتها وهو يحتضنها بقوة:
"هشش خلاص خلاص انتي بخير."
نهض نوح بهدوء وتراجع خطوة للخلف كأنه على وشك المغادرة.
تميم بصوت منخفض:
"نوح."
توقّف نوح ونظر إليه بصمت 
فتنهد تميم ثم بهدوء أبعد غفران قليلًا عنه.ووضع كفيه على وجنتيها بلطف نظراته كانت دافئة وصادقة.

تميم:
"أنا جنبك دايمًا لو احتجتيني في أي وقت هتلاقيني.
أنا بحبك قوي يا غفران بس الحب أوقات بيكون إننا نسيب اللي بنحبهم يعيشوا اللي يستحقوه واللي بيحبوه."

نظرت إليه غفران بعينين دامعتين ثم اقتربت منه واحتضنته بقوة كأنها تودّع جزءًا منها.

تميم أغلق عينيه للحظة ثم انحنى وطبع قبلة خفيفة على رأسها.
ابتعد عنها بهدوء دون كلمة وتركها تقف هناك تتنفس للمرة الأولى بدون ثقل في صدرها

تميم:
"انتي طالق يا غفران طالق بالثلاثة."
تجمّدت غفران مكانها تنظر إليه بعينين دامعتين ووجهها يلين تدريجيًا.
تميم وهو يكمل بصوت مكسور:
"سامحيني على كل حاجة أنا عمري ما هكون نسخة من أبويا أنا هسافر وهبعد."
اقترب من نوح وربت على كتفه وقال:
تميم:
"اتجوزوا وخلي بالك منها."
ثم مشى مبتعدًا بهدوء يختفي بين رجال الشرطة.

بعد خمسة اشهر
في حديقة منزل صغيرة
كانت غفران تقف أمام طاولة صغيرة عليها مزهرية زجاجية تضع بها زهورًا بنفسجية تبتسم بخفة وهي ترتّبها.
نوح من خلفها بصوت هادي:
"كل يوم تقفي في نفس المكان وكل مرة تقوليلي إن الورد ده شكله جديد."
غفران التفتت له وهي تبتسم وقالت:
"لأني كل مرة بشوفه بعين مختلفة زيّك كده كل يوم بشوفك جديد."
اقترب منها نوح بهدوء ولمس أطراف شعرها:
نوح:
"أنا مبقتش أخاف من بكرة عارفه ليه؟"
غفران بنظرة محبة:
"ليه؟"
نوح وهز ينظر في عينيها:
"عشان بقيتي فيه."
سحب كرسيًا وجلس مقابلها ثم أخرج من جيبه صندوقًا صغيرًا مخمليًّا فتحه بهدوء فظهر خاتم بسيط مرصع بحجر شفاف
غفران بهمس وهي تضع يدها على فمها:
"نوح..."
نوح وهو يبتسم:
"مش بوعدك بحياة من غير مشاكل بس بوعدك إنك مش هتكوني لوحدك فيها أبدًا."
مدّت يدها إليه بصمت ووضع الخاتم في إصبعها برفق
غفران لم تقل شيئًا فقط وضعت رأسها على صدره وأغمضت عينيها بسلام.
نوح وهو يهمس في أذنها:
"في كل مرة كنت أنقذك فيها كنت بنقذ نفسي."
رفعت وجهها ونظرت إليه بحب ثم قالت بخفة:
غفران:
"لو الزمن رجع بيا كنت هختارك برضه حتى لو كنت هتأذى."
نوح (بابتسامة):
"طالما آخره حضنك يبقى يستاهل."
ثم جلسا معًا بلا كلام فقط أنفاس هادئة وقلوب مطمئنة
كأن العالم كله اختزل في تلك اللحظة بين عينيهما

انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم



شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×