رواية طغيان الفصل الخامس عشر
سليم بعد خروجه من المنزل يقود سيارته بغضب يحاول محاربة شعوره اتجاهها ويتساءل بداخله لماذا هذه الفتاة؟ لماذا لا يستطيع القسوة عليها وكلما اراد يتراجع على الفور! شعوره اتجاهها يغضبه كثيرا ويشعره بخيانة شقيقه الكبير.
اما وعد استيقظت من نومها تبكي بحزن على فراق صديقتها وارتدت ملابسها على الفور لعلها تراها بالجامعة وتطمئن عليها وقبل خروجها من السكن تذكرت هاتف ورد الذي تركته هنا بالأمس، اخذته معها وذهبت مسرعة لكي ترى صديقتها.
في منزل خالة ورد.
عاد احمد الي منزل والدته بعد فشل خطته في الزواج من ورد. لم يتقبل الهزيمة ويفكر في خطة جديدة يستطيع من خلالها التفريق بين ورد وزوجها الجديد.
وصلت وعد إلى الجامعة تبحث عن صديقتها وشعرت بالاحباط بعدما بحثت عنها في كل الجامعة ولم تجدها حتى قررت ان تذهب الي غرفة مكتب الدكتور سليم لتسأل عنها.
وقفت تطرق على الباب بهدوء حتى استمعت الي صوت سليم يسمح لها بالدخول. تقدمت الي الداخل بخطوات مرتبكة وهي تخفض وجهها ارضا.
وعد: صباح الخير يا دكتور لو سمحت انا كنت جاية اسأل على ورد..
ثم رفعت وجهها تنظر اليه وتتابع حديثها: هي كويسه؟
أومأ لها برأسه بالايجاب قائلاً: اه يا وعد ورد كويسه الحمدلله.
تنهدت براحة ثم تحدثت: هي مجتش الجامعة النهارده؟
سليم: لا مجتش لانها تعبانه شويه وانا قولتلها ترتاح يومين في البيت وبعدين ترجع تاني.
وعد بقلق: تعبانه فيها ايه؟
سليم بهدوء: شوية ارهاق بس مش اكتر متقلقيش.
هزت رأسها بالايجاب ثم اقتربت منه واعطته هاتف ورد:
- طب اتفضل يا دكتور ده تليفون ورد كانت نسياه إمبارح في السكن.. ممكن بعد اذن حضرتك تدهولها وتخليها تكلمني.
أبتسم لها سليم واخذ الهاتف من يديها: حاضر يا وعد.
ابتسمت وعد وشعرت بالراحة قليلا على صديقتها بعد مقابلة الدكتور سليم لها بهذا اللطف. استأذنت منه وخرجت من غرفة مكتبه.
بعد خروج وعد من غرفة مكتبه نظر الي هاتف ورد واخذ يقلب به واندهش كثيرا كونها لم تضع رمز لفتح الهاتف او الدخول لجميع الملفات فقط تترك هاتفها كتاب مفتوح للجميع! عجبا لكي يا فتاة ماذا تفعلين بي! افعالها البسيطه التلقائية تجعله في حيرة اكبر..
ظل جالسا على مكتبه الكثير من الوقت ترك كل شئ، فقط يقلب بالهاتف ويرى صورها الجميلة مع صديقتها المقربه وعد. كم جميلة وخجولة.. دقق النظر بملامحها الرقيقه وهو يقرب الهاتف من عينيه. كم يشعر بالاشتياق اليه ويريد ان يعود الي المنزل مسرعا لكي يراها! لكن ماذا سيحدث الان في تلك العلاقة المعقدة؟ هل سيتقبلها زوجة له ويتمم زواجه منها متجاهلا زواجها السابق وماضيها مع شقيقه الكبير! ام سيعاقبها على ذنب لم يتأكد حتى الأن هل كانت هي السبب الحقيقي خلف انتحار شقيقه ام هناك سبب أخر لا يعلمه.
الكثير من الافكار تتدور بداخله. عليه معرفة الحقيقه! لكن من أين يبدأ؟
اغمض عيناه قليلاً يفكر بهدوء وهو يضغط على رأسه بشدة .. مهلا مهلا.. تذكر شئ! كيف لم يفكر به من قبل!! زوجة شقيقه الأولى التي تزوج منها شقيقه وماتت ليلة الزفاف!! هناك لغز غريب حول ذالك! زوجة عواد الأولى تموت ليلة الزفاف وعندما تزوج عواد للمرة الثانية هو من يقوم بالانتحار! هل هناك رابط يجمع بين الواقعتين؟ هل لـ ورد يد فيما حدث لـ عواد؟ عليه معرفة كل شئ عن حياة ورد قبل زواجها من شقيقه.. وايضا معرفة كل شئ عن حياة شقيقه الخاصة قبل الزواج من ورد.
فتح عيناه ينظر امامه باصرار.. مهمته الان كشف الحقيقه وحل كل الالغاز المعقدة قبل معاقبة ورد وتركها او اتمام زواجه منها.. هو بحاجة كبيرة الان لكشف الحقيقه لكي يأخد قراره الصحيح. وقبل ذلك لم يقترب من ورد او يسمح لها بالتقرب منه عليه وضع حدود لتلك العلاقة الان حتى يكتشف الحقيقة الكاملة ويعلم من المذنب؟.
خرج من شروده وافكاره على صوت رنين هاتفه. نظر الي الهاتف وشعر بقبضة قوية بداخل قلبه عندما رأى اسم المتصل! انها الحاجة رابحة والدتها.. لماذا اتصلت في هذا الوقت بالتحديد؟ هل عمران البسيوني لم ينفذ اتفاقه معه واخبر احد بالزواج!
فتح الهاتف واجاب بهدوء وترقب:
- الو..
اتاه صوت والدته تتحدث اليه باشتياق :
- عامل ايه يا سليم طمني عليك يا ولدي.. كده يا سليم اكتر من يومين متتصلش على امك تطمنها عليك؟ طمني هتيجي امتى يا ولد اتوحشتك ..
ليسمع الي صوت والده بجوارها يتحدث اليها:
- سيبي الدكتور يرد عليكي يا ام عواد براحة عليه.
الحاجة رابحة: في ايه يا حاج سبني اخد راحتي في الحديث مع ابني.
أبتسم سليم براحة واجاب علي والدته بهدوء:
- انا كويس يا امي الحمدلله انتوا اخباركم ايه طمنيني عليكم.
الحاجة رابحة: احنا بخير يا ولدي واتوحشناك اوي يا سليم.. هتيجي امتى يا سليم انا لقيتلك عروسه من بنات العيلة زينه اوي ياولدي، تقول للقمر قوم وانا اقعد مكانك.
شعر بقبضة قوية بداخل قلبه وهو يجيب علي والدته:
- عروسة ايه بس يا امي مش وقته الكلام ده انا مش فاضي للجواز دلوقتي.
شهقت الحاجة رابحة بصدمة: مش فاضي كيف يا ولدي هو الجواز عايز منك وقت يا سليم! انت بس وافق وانا وابوك هنجهز كل حاجة وهتيجي تلاقي عروستك مستنياك وتحت رجليك.
لم يشعر بنفسه وهو يجيب على والدته بنبرة حادة: وانا مش عايز مراتي تكون تحت رجليا يا امي انا عايز مراتي تكون جنبي وفي قلبي مش تحت رجليا ابدا.
الحاجة رابحة بصدمة وهي تشهق بغضب:
- قلبك ايه يا سليم !! اوعاك تكون لايف على واحدة من بتوع مصر وضحكت عليك ياولدي؟! احذر يا سليم كفاية اللي حصل لاخوك من بنت البسيوني.
زفر سليم بغضب ونفاذ صبر: كفاية بقى يا امي صدقيني انا فيا اللي مكفيني.
اخذ الحاج مرزوق الهاتف من زوجته وتحدث اليها بغضب:
- مش وقته الكلام ده يا ام عواد ابنك مش فاضي وعنده شغل.
ثم تحدث الي سليم: خلي بالك من نفسك يا سليم وسيبك من كلام امك انت عارف هي عايزة تفرح بيك.
تنهد سليم وهو يشعر بالحزن على حدته في الحديث مع والدته وراجع نفسه سريعا قائلا لوالده:
- انا اسف يا ابويا بس بجد امي كلمتني في وقت انا مشغول فيه مكنش وقته ابدا الكلام في الموضوع ده.. لوسمحت اديها التليفون ارضيها قبل ما اقفل.
أبتسم الحاج مرزوق وهو يعطي الهاتف الي زوجته الغاضبه مرة أخرى.
الحاج مرزوق: كلمي ولدك يا ام عواد مش هاين عليه يقفل وانتي زعلانه منه.
الحاجة رابحة بغضب رافضة الحديث الي ابنها:
- حد الله بيني وبين اي حديث وياه طول ما هو مش عايز يريح قلبي ويتجوز اللي انا اختارها.. خلي بتاع مصر اللي لايف عليها تنفع وتنسيه امه اللي تعبت فيه وخلفته..
وصل حديثها الغاضب الي سمع سليم عبر الهاتف. اغمض عيناه بحزن وعلم الان صعوبة مهمته في اقناع والدته بزواجه من ورد.
تحدث اليه والده بحنان: معلش يا ولدي انت عارف امك لما بتزعل بس دلوقتي تروق وتلاقيها بتكلمك لوحدها.
تحدث سليم بهدوء: عارف يا ابويا امي طول عمرها قلبها ابيض ربنا يباركلي في عمركم انتم الاتنين ومتحرمش منكم ابدا.
الحاج مرزوق: ولا يحرمنا منك يا ولدي.. في رعاية الله ربنا يوفقك يا سليم.
اغلق سليم الهاتف بعد انتهاء المكالمة مع والده وهو ينظر امامه بحزن. لا يعلم ماذا يفعل الان؟ مهمته في اقناع والدته شبه مستحيلة.
وقف من مكانه واخذ متعلقاته الشخصيه وخرج من غرفة مكتبه ذاهبا الي مقر عمله في شركته الخاصة.
------
عند منصور البسيوني.
ذهب منصور الي زوجته الثانيه في الشقة التي استأجرها لها.
جلس منصور براحة بعد تبديل ثيابه بأخرى منزليه مريحه وزوجته الثانيه تدعى "عفه" أخذها بداخل حضنه باشتياق وهي تتحرك بين ذراعيه بطريقة مثيرة وتتحدث اليه بصوت ناعم:
- اتوحشتك اوي يا منصور.. كده تسبني اسبوع بعيد عني وقاعد مع بنت الاكابر ونسيني.
منصور باشتياق: سيبك من سيرتها دلوقتي وخليكي معايا.
عفه بدلع: هو انت هتكتب عليا رسمي امتى يا منصور؟
ابتعد عنها منصور وتبدلت ملامحه الي الجمود: مش احنا في بينا اتفاق من الاول يا عفه ولا ايه؟ انا من الاول عرفتك ان مش هينفع اتجوزك شرعي.
شعرت عفه بتسرعها واقتربت منه مرة أخرى: يعني الحق عليا يا منصور اني بحبك وعايزة ابقى مراتك على سنة الله ورسوله.
منصور وهو يرمقها بنظرات غاضبه: بقى انا جي اروق دماغي عندك تقومي توجعيلي دماغي!! انتي عارفه من الاول انا متجوزك ليه.. متجوزك عشان المزاج والفرفشة وبس ومش هيفرق بقى عقد عرفي من شرعي المهم انك مراتي قدام ربنا.
عفه بغيظ: واشمعنا صفا اتجوزتها شرعي وقدام اهل البلد كلتها ومقعدها في داركم.. هي ازيد مني في ايه؟!
جن جنون منصور وهو يجذبها من شعرها بقسوة: انتي اتجننتي يا بت انتي بتشبهي نفسك بمراتي!! اياك اسمعك تجيبي سيرتها على لسانك مرة تانيه.
عفه وهي تلجأ الي حيالها ونعومتها لكي تسيطر على غضبه، اقتربت من شفاتيه تهمس امامهما بنعومه طاغيه: مش مراتك دي اللي قرفاك في عشتك وكنت بتهرب منها وتيجي تترمي في حضني! ايه دلوقتي بقت هي حلوة وانا الوحشه.
منصور بنفاذ صبر وهو يتأمل شفاتيها عن قرب: ما تسيبك من السيرة دي يا بنت الناس وخلينا نروق مزاجنا احسن.
عفه بنعومه: انا بحبك يا منصور وعايزة ابقى مراتك قدام الدنيا كلها واقول لكل الناس ان الراجل ده جوزي وابو ابني.
حدق بها منصور بصدمة مرددًا: ابنك!!!
ابتسمت عفه بخجل وهي تضع يديها فوق بطنها تتحسسها تحت نظراته الفضوليه:
- ايوه يا منصور انا حامل في ابنك.
صدم منصور وتجمد مكانه من شدة الصدمة! توقف عقله عن التفكير، ما يشعر به الان عكس ما يريد! صدمته أقوى بكثير مما كان يتوقع! هل سينجب ابنه الوحيد من عفه!! عفه الراقصه التي تعرف عليها وكان يقضي معاها بعض الوقت مثله كمثل غيره! هل ستصبح ام لابنه! كيف سيواجه ابنه عندما يأتي الي هذه الحياة ويعلم بماضي والدته التي اختارها له والده! لا.. لا يريد الانجاب منها! لن يتحمل ان يحمل ابنه الوحيد لقب ابن الراقصه!
استغربت عفه صمته وصدمته على عكس ما كانت تتوقع.
عفه: ايه الحكاية يا منصور؟ انت مش فرحان عشان هخلفلك الواد اللي مراتك معرفتش تخلفه ولا ايه.. شوفت بقى.. عرفت مين فينا اللي تستاهل تشيل اسمك.
همس منصور بصدمة وهو داخل افكاره الكثيرة: ايوه عرفت.. عرفت مين اللي تستاهل تشيل اسمي.
ابتسمت عفه بانتصار واقتربت منه اكثر: يعني هتكتب عليا رسمي خلاص يا منصور.. ابنك لازم يجي الدنيا واحنا متجوزين شرعي عشان نعرف نسجله في مكتب الصحة.
وقف منصور مسرعا يبحث عن ثيابه قائلاً لها: انا لازم اعاود البلد دلوقتي.
عفه بدهشة: انت لسه جاي يا منصور!
منصور وهو يتجه الي غرفة النوم ليبدل ثيابه: افتكرت ان ابويا كان عايزني اروح معاه الارض بتاعنا نشوف الزرعه الجديدة.
عفه وهي تقترب منه بدلع: يعني المشوار ده اهم من عفه والخبر الحلو اللي قولتهولك.
حدق بها بشرود ثم عاد لينتهي من تبديل ثيابه قائلا لها: هجيلك تاني يا عفه انا مش عايز ابويا يزعل مني اليومين دول عشان اعرف اتكلم معاه في موضوع جوازنا.
ابتسمت عفه بانتصار: اللي تشوفه يا منصور بس متغبش عليا انا بتوحشك اوي يا منصور.
أومأ منصور برأسه بالايجاب وانتهى سريعا من تبديل ثيابه وذهب.
جلست عفه فوق الفراش فور ذهابه تبتسم بانتصار وتهمس بثقة:
- والله وهيجي اليوم يا بت يا عفه اللي هتتجوزي فيه واحد من ولاد الاكابر وراسك تتساوي براس بنت عيلة زهران.
-----
بداخل شقة سليم.
تجلس ورد بحزن تضع يداها اسفل خدها لا تعلم ماذا تفعل! ثيابها وكتبها وهاتفها وجميع متعلقاتها الشخصيه في السكن الجامعي وهي تجلس هنا بثيابها التي كانت ترتديها بالامس.
تشعر بالجوع الشديد لكنها تخجل من تناول اي شئ من منزل الدكتور سليم! تعد كل شئ بالمنزل في امانتها حتى يعود ولا يمكنها اخذ شئ او تناول شئ دون اذنه.
وقفت بملل تبحث عن شئ تفعل، المنزل كان مرتب ونظيف، كل شئ موضوع بمكانه بطريقة منظمة. كان هناك ركن هادئ خاص جذبها لتقترب اكثر وترى ماذا يفعل هنا! هتفت بانبهار عندما رأت تصميم مميز للدكتور سليم قيد التنفيذ: مش معقول ايه الجمال ده!!
اخذت تتأمل التصميم بأنبهار وتدقق النظر به.. من المؤكد ان الدكتور سليم يعمل على هذا التصميم ولم ينتهي منه بعد! لكن هناك شئً ما يفتقده هذا التصميم! ظلت تدقق النظر به وهي تتسائل بداخلها ما هو الذي يفتقده هذا التصميم لكي يكتمل؟
لم تشعر بيديها وهي تأخذ القلم وتضع لمستها على التصميم بشغف، تضع ما تراه مفقود من وجهة نظرها لتنظر اخيرا وبعد وقت الي التصميم بابتسامة وشغف وتهمس الي نفسها: كده اكتمل.
= بتعملي ايه؟؟
تركت التصميم من يديها بصدمة بعد استماعها الي صوت الدكتور سليم. ارتجف جسدها وهي تراه يقترب منها بخطوات واسعه...