رواية أنا لها شمس الجزء الثانى ( اذناب الماضي ) الفصل الخامس عشر بقلم روز امين
عزيزي قاتلُ الحُلْمِ الجميلِ،يا مَْن كُنتَ للقلبِ والروحِ الخليلَ، أستميحك عُذرًا بأن تستمعَ إلىَّ للمرةِ الأخيرةِ،فوعدًا لن أقومَ بإزعاجِكَ بعدَ الآنِ،سأحزمُ أمتعتي تاركةً خلفي ذكرياتِنا والحكاياتِ، وسأمضي برحيلي الأبديِّ مِنْ متاهةِ دروبِكَ،لكني أولاً أردتُ أن تستمعَ لاعترافِي وتطلعَ على خطيئتي بحقِ ذاتي،أجاهزٌ أنتَ سيدي؟
إذًا فلنبدأ بأولِ الإعترافاتِ، إليكَ أُقِرُ واعترفُ أني قد هُزمتُ بل تمَ تدميرُ جُلَ كياني، لقد سحَقتَ سعادتي تحت نِعالِكَ ثمَّ رحلتَ بكلِ دمٍ باردٍ، تاركًا بالقلبِ نُدبةً من المُحَالِ محوُها، مُحدثًا في الروح غصةً مذاقَها مُرًا كالعلقمِ،وجرحًا عميقًا نازفًا يأبى أن يلتئمَ،عفوًا،بل أنا من ترفضُ أن يلتئمَ ، أتدري لماذا يا قاتلي؟
لِكَي لا أنسى ما فعلهُ قلبُكَ الجَاحدَ بِوجداني، هذا هو وعدي الأولِ لك،أما الآخرَ فدعنَا نُطلقَ عليه تحدي أكثر منهُ وعدًا، فعهدًا عليّ من الآن وصاعدًا، لن ترى منى سوى تلك الفتاةِ القويةِ التى لا تُقْهَر حتى فى أحلكِ المواقفِ،وعهدًا مضافًا، بأن أكوي قلبَكَ وأحَوِلَهُ لجحيمٌ مُستعرٍ مثلما فعلتَ بخاصتي،فقط،إنتظر.
«بيسان ماجد»
بقلمي «روز أمين»
____________________
ألقت بكلماتها وهرولت للأعلى تحت صدمة والديها كلٍ على حسب هواه،تطلعت فريال إلى زوجها ليصيبها شعورًا سيئًا بعدما لمحت تلك الإبتسامة الواسعة المرتسمة على محياه، نطقت بصوتٍ خفيض:
-إنتَ مالك مبسوط قوي كده ليه يا "ماجد"؟
حول بصره صوبها لينطق بذاتها الإبتسامة السخيفة:
-وإيه اللي يمنع انبساطي يا فريال
وقف مقابلاً لها ليمرر أناملهُ فوق وجنتها وهو يقول باستفزازٍ:
-بنتي أخيرًا عقلت وعرفت مصلحتها كويس
حركت رأسها تنطقُ بقلبٍ نازف لأجل صغيرتها:
-بنتك مدبوحة يا ماجد،معقولة كرهك ليوسف عمى عيونك عن إنك تشوف وجعها؟!
-هتنسى يا فريال...قالها بثقة ليتابع ببريق زهوٍ تجلى بعينيه:
-صدقيني هتنسى وجعها بمجرد ما تتجوز واحد يليق بيها
هتفت متسائلة بحدة:
-وإنتَ كنت لسة شوفته ولا عرفته علشان تحكم إنه يليق بيها؟!
أجابها بقوة وحقدٍ على الفتى:
-أي حد غير إبن إيثار هيكون مناسب ليها، ده غير إنه أكيد مستواه المادي والفكري هو وعيلته مرتفع،لأنه عارف هو بيتقدم لمين
تعمقت بعينيه ثم هزت رأسها بيأسٍ من الحديث مع ذاك الذي أصبح صعب المراس، انصرفت من أمامه لتهرول بخطواتها للداخل ومنه للطابق العلوي، شيع رحيلها بابتسامة سعيدة وهو يقول بصوتٍ مسموع:
-برافوا عليكِ يا بيسان، عرفتي تاخدي بتاري كويس قوي من إيثار
وتابع بشماتة ظهرت جليًا بنظراته الحادة:
-وهتخليني أستمتع وأنا شايف حزنها وهي واقفة تتفرج على كسرة قلب إبنها.
بالأعلى، إقتحمت غرفة ابنتها لتجدها تقف أمام الشرفة تنظر للسماء ودموعها منهمرة كشلالاتٍ متدفقة، هرولت لتقابلها بأعين تشتعلُ غضبًا وهي تقول بحدة:
-ممكن تفسري لي الهبل اللي قولتيه قدام بباكي تحت ده؟!
بحدة جففت دموعها لتناظر والدتها وبقوة تحدثت:
-ده مش هبل، ده قرار أخدته وأنا بكامل إرادتي
سألتها بجنونٍ رافض:
-قرار إيه، يطلع مين نبيل ده أصلاً؟!
رفعت قامتها للأعلى لتجيبها بكبرياءٍ:
-معايا في الجامعة ودايمًا بنتكلم،طلب يقابل بابا من مدة، وأنا شايفاه شخص مناسب جدًا
-وليه مجبتليش سيرته قبل كده؟
-مجتش مناسبة...قالتها باِسْتهَانة ولامبالاة لتسألها فريال بحيرة وجنون:
-ويوسف يا بوسي؟!وحبكم الكبير؟
تحولت نظراتها بصرامة لتجيبها بقوة:
-الحب اللي بتتكلمي عنه ده طلع وهم يا مامي
وتابعت بنظراتٍ مستوحشة وصوتٍ يريدُ الصراخ بعلو ما فيه:
-يوسف نفسه طلع كدبة كبيرة صدقناها كلنا واتغشينا فيها
انتابتها الريبة لتسألها مستفسرة:
-معناه إيه كلامك ده؟
توقفت لتأخذ نفسًا مطولاً تستعيد بهِ توازنها قبل أن تنطق بهدوءٍ زائف:
-ولا حاجة
وتابعت مسترسلة بقلبٍ يغلي كفوهة بركان:
-بس أنا اكتشفت إن بابي كان عنده حق في كل الكلام اللي قاله عنه، أنا وهو مفيش حاجة بتجمعنا، علاقة غير متكافئة بالمرة، لا فيه بينا تكافئ مادي ولا عائلي ولا حتى مستوانا التعليمي والثقافي واحد
وتابعت بغرورٍ نابع من حقدها عليه:
- أنا هبقى سفيرة، وهو طلع ولا نزل حتة مهندس
اتسعت عيني فريال بشدة لتقول بذهولٍ وعدم استيعاب لتحول ابنتها لأخرى بشعة لا تعرفها:
-إنتَ اتجننتي، إنتِ سامعة نفسك بتقولي إيه؟!
وتابعت وهي تهز رأسها بانزعاجٍ:
-أنا مش مصدقة اللي أنا بسمعه منك ده
بلحظة طرأت على بالها فكرة فضيقت عينيها تسألها بترقبٍ شديد:
-إنتِ اتكلمتي مع يوسف؟، قال لك حاجة زعلتك وهي اللي مخلياكي قالبة عليه بالشكل ده؟!
صرخت بهيستيريا وهي تشيح بكفيها:
-مشوفتوش يا ماما، مشوفتوش، ومن فضلك بقى سبيني لوحدي، عاوزة أغير هدومي وأنام
ازدردت لعابها وسألتها بترقب:
-مش هتنزلي تتغدي؟
-أكلت ساندوتش في الجامعة، من فضلك أخرجي وسبيني
شعرت الأم بغصة مرة تقف بمنتصف حلقها، تلك هي المرةِ الأولى التي ترى فيها ابنتها على هذه الحالة، يبدوا من شدة عصبيتها أن شيئًا جلل قد حدث بينها وبين ذاك الحبيب "يوسف"،لم تجد ما يقال ففضلت الخروج وترك تلك المنهارة،تحركت صوب الباب لتغلقه خلفها وما أن تأكدت الأخرى من غلقه حتى ارتمت فوق الفراش وانفجرت دموعها علت شهقاتها وباتت تتذكرُ ما حدث منذ ما يقرب من الساعتين
عودة لما قبل الساعتين وأكثر
كانت تتحرك بجوار صديقتها"علياء" داخل فناء الجامعة، كم كانت ملامحها حزينة متألمة، هكذا أصبح حالها مؤخرًا بعدما هجرها "يوسف"، فمنذ أن تعمد تجاهلها على حد تفكيرها وأصبح الهم والحزن رفيقيي لدربها، تحدثت صديقتها لتخرجها من تلك الحالة التي لا تليق بتلك المرحةِ على الإطلاق:
-تعالى نروح الكافية نشرب أي حاجة قبل المحاضرة ما تبدأ
حركت رأسها بلا فتابعت علياء بمحاولةٍ أخرى:
-طب وأخرة السكوت اللي إنتِ فيه ده إيه؟
تنهدت لتنطق بنبرة انهزامية:
-سبيني وروحي إنتِ يا علياء، انا أصلاً مش هحضر المحاضرة الجاية وبفكر أروح،دماغي مشتتة ومش هعرف أفهم حاجة
-مش هسيبك يا بيسان...ثم استرسلت متأثرة لحال صديقتها:
-أنا مش عارفة إنتِ عاملة في نفسك كده ليه،قولت لك كلميه،مش يمكن عنده ظروف منعته إنه يكلمك طول الإسبوع اللي فات، أو يمكن يكون تعبان
تحولت ملامحها لمتوحشة قبل أن تهتف بحدة واستنكار:
-لا تعبان ولا عنده ظروف،الأستاذ عايش حياته طبيعي جدًا
وأشاحت بكفيها مستنكرة:
-بيخرج وبيعمل كل حاجة تبسطه، إلا إنه يقدرني ويعاملني على إني حبيبته
قطبت علياء جبينها لعدم استيعاب حديث الأخرى فتابعت بإيضاح:
-" تاج" قالت لي إنه عزمهم على الغدا في النادي من كام يوم،وإن اليوم كان لطيف جدًا والباشا كان مبسوط وفرحان بلمة عيلته حواليه
لم تخبرها الفتاة"تاج" بشأن عمرو وزيارته المزعجة التي قلبت الموازين، وذلك إتباعًا لتوصيات "فؤاد" للجميع لحرصه على الحفاظ على الشكل العام لـ "يوسف" وألا تتشوه صورته بأعين أفراد العائلة
لتنطق بألمٍ ينخر بعمق قلبها وغمامة من الدموع غامت ببنيتاها:
-يوسف مبقاش بيحبني ولا عاوزني يا علياء، هو مرتاح في بُعده عني
أجابتها بنفيٍ لروايتها:
-ولما هو مرتاح في بعادك،تقدري تقولي لي معناه إيه الكلام اللي قالهولك في المزرعة؟!،إنتِ بنفسك قولتي إنه كان رومانسي جدًا معاكِ، وإنكم قضيتوا وقت هيتحفر في ذكرياتكم ومش ممكن تنسوه
هزت رأسها بيأسٍ تملك منها:
-مش عارفة يا عليا، حقيقي مبقتش عارفة أحدد مشاعره من ناحيتي
نطقت الفتاة بشيٍ من العقلانية:
-يا حبيبتي هو باعد علشان بباكي والكلام الصعب اللي قاله له، إصبري يا بوسي
أخرجت تنهيدة شقت صدرها شقًا لتنطق الأخرى بهدوء:
-خليكي هنا، هروح أجيب نسكافية لينا نشربة واحنا بنتمشى
اومأت لها وانتظرت مكانها، عقلها مشتت للغاية،أفعاله الغامضة تدفعها دفعاً نحو حافة الجنون، تعلم أن شخصيته غامضة منذ الصِغر، فلطالما كانت تلك هي أكبر عائق بعلاقتها معه، وكانت أغلب مشاكلهما بسبب عدم البوح بكل ما يدور داخلهُ ويجول بخاطره، تفاقم ذاك الإحساس وزاد أضعافًا في ابتعاده وتركه لقصر علام زين الدين.
أقبلت علياء خاوية اليدين لتنطق بريبة ظهرت بصوتها:
-بوسي، أنا عرفت من البنات إن فيه مكان قريب من هنا فتح جديد، بيقولوا الأجواء فيه حلوة قوي، وبيقدم مشروبات تجنن، تعالي نروح نجربه
لم ترق لها الفكرة فتحدثت برفضٍ تام:
-مش قادرة أخرج، أنا هروح أفضل
نطقت الاخرى بتصميم:
-متبقيش رخمة بقى، تعالي نروح وننبسط، وأهو تفصلي شوية من النكد اللي معيشة نفسك فيه ده
-مش قادرة يا لولو...قالتها بوهنٍ لتقطع الاخرى حديثها بإصرارٍ منافي لطبيعتها الغير لحوحة، وافقت بيسان بعد إلحاحًا من الاخرى ليتحركا صوب المكان المنشود، توقفت بسيارتها وترجلت بجوار صديقتها ليلچا داخل المكان، توقفتا على الباب وباتت تتجول بعينيها لاستكشاف المكان، وحقًا كان رائعًا بكل تفاصيلهُ، تنهدت براحة وبلحظة تجمدت بصدمة مما تراهُ بأم عينيها، إنهُ "يوسف" لا غير، ذاك الحبيبُ الذي استوطن عشقهِ ثنايا الروح، نعم هو، لكنهُ لم يكن بمفرده، بل يجالس إحدى الحسنوات ويبدو عليه الراحةِ والسكون والتنعُم النفسي،تعمقت بالنظر بملامحهُ رأتهُ منسجمًا لأبعد حد، ابتساماته الواسعة تملؤ وجههُ وتنيرهُ،رأت سعادتهُ حقًا، هي تحفظُ تعبيرات وجههِ عن ظهر قلب، وتعلم أنهُ الآن بأحسن حالاته، جحظت عينيها حين وجدتهُ يبسط ذراعيه ليقرب صحن الحلوى الخاص به لتلك الجالسةِ بالمقابل، فأشارت له بدلالٍ نحو الحلوى ليقوم بإعادة صحنه من جديد وأمسك الشوكة الخاصة به وقام بقطع جزءًا من حلوى كعكة الشيكولاتة الذائبة(مولتن كيك) وقام ببسط يده باتجاهها، لتفاجأهُ الأخرى بلمس كفهِ وتقريب الشوكة من فمها تحت احتراق قلب بيسان، صرخ قلبها من شدة أنينه، سرت النار بجسدها وللحظة شعرت بالرغبة في الهجوم عليهما والإمساك بصحن الحلوى وإلصاقه بوجه ذاك الـ"يوسف" ليتلطخ بمعجون الشيكولاتة الذائبة وتتوه معالمه، والإلتفات للأخرى لتنتيف شعرها البني وعدم تركها حتى تنتهي من أخر شعرها لتصبح صلعاء، لكن تراجعت بأخر لحظة إستماعًا لصوت العقل وأيضًا إمتثالاً لكرامتها والكبرياء
لم تكُن هي الوحيدة التي صُدمت من ذاك المشهد الغريب، فقد هزت علياء رأسها استنكارًا وأقسمت بداخلها أن لو أحدًا قص لها ما رأتهُ الآن ما كانت لتصدقه مهما كان شخصه.
هزت ذراع صديقتها وهي تقول بعدم استيعاب:
-أكيد فيه حاجة غلط إحنا مش فاهمينها
وبرغم مثولها بمكان الحدث إلا أن داخلها رافضًا ذاك الواقع المرير لتتابع وهي تجذبها من كفها للداخل:
-تعالي ندخل نسأله، ونشوف مين دي اللي قاعد معاها
كانت تتابع نظراتهما وابتسامة يوسف التي تُنير وجههُ وشغفهُ بالحديث الظاهر من حركات يديه وتعبيرات وجهه الحماسية، انتزعت كفها من يد علياء لتنطق بقلبٍ يغلي كفوهة بركان:
-أسأله عن إيه، ما كل حاجة واضحة قدامنا زي الشمس
وتابعت ساخرة بقلبٍ دامي:
-واضح إن الباشمهندس بيعيش قصة حب جديدة ، وأنا من غبائي قاعدة مستنياه كل يوم علشان يرجع لي
نطقت بكلماتها وهرولت للخارج، دموعها منهمرة كشلالاتٍ متدفقة داخل معابرها، لحقت بها صديقتها وهي تهتف باسمها:
-استني يا بوسي
اثناء هرولتها صوب سيارتها وجدت ذاك الـ"نبيل"يُقدم عليها بصُحبة أحد اصدقائه، يبدوا أنهُ حضر أيضًا لتجربة ذاك المكان الجديد، جففت دموعها بحدة وهي تنظر عليه، أسرعت بخطواتها لتقف أمامهُ وهي تقول:
-ممكن نتكلم لوحدنا دقيقة
انفرجت أساريرهُ لينطق على عجلة:
-أكيد طبعًا
أشار لصديقه ليسبقه للداخل فتابع هو بلهفةٍ مصطنعة:
-إنتِ كويسة؟!
اومأت بنعم ، جاورتها علياء الوقوف وهي تتطلعُ بذهولٍ إلى نبيل، بينما سألته الأخرى بقوة وإصرارًا تجلى بنظراتها الصارمة:
-إنتَ لسه عاوز تتقدم لي؟
نطق مسرعًا بأعين تفيضُ لهفة:
-أكيد، ده الحلم اللي أنا عايش علشان أحققه يا بوسي
أطبقت الفتاة على يد صديقتها علها تفيقُ من حالة الإنتقام تلك، لم تبالي وتحدثت بحدة وصوتٍ متهدجُ من شدة غضبه:
-أوكِ، أنا هكلم بابي النهاردة، وهاخد لك منه ميعاد، علشان تيجي إنتَ وأهلك تطلبوني رسمي
أقبل عليها ليحيط كفها بخاصته وصوتهٌ يتراقص من شدة حبوره:
-وأنا مستني، ووعد عليا، هخليكي أسعد إنسانة في الدنيا
انتزعت كفها غير عابئة بكلماته حتى أنها لم تستمع إليها من الأساس، أسرعت صوب السيارة لتستقلها، بينما هزت علياء رأسها استنكارًا.
«عودة للحاضر»
تعالت من جديد شهقاتها،اعتدلت لتستند على الفراش وتحركت في اتجاهها إلى الحمام لتغيير ملابسها بأخرى بيتية مريحة.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
كان يجلس بسيارته متجهًا بطريقه لمنزل والده، يستمعُ بمزاجٍ حَسن لصوت مشغل الاغاني التي تصدح بصوتٍ مرتفع ويردد معها الكلمات الإنجليزية بسعادة، يشعر وكأنهُ امتلك العالم بأسره، استمع لصدوح صوت الهاتف فضحك حين رأى نقش اسم تلك البلهاء، ضغط على سماعة الأذن لينطق ببرودٍ وكأنهُ لم يفعل شيئًا:
-علياء، ازيك
بدون مقدمات صاحت تلك الجالسة بغرفتها بنبرة صارخة:
-اسمعني كويس يا نبيل، أنا مش مغفلة علشان أصدق إن يوسف يعمل كده في بيسان، فياريت تقولي الحقيقة، لأني متأكدة إن إنتَ ورا اللي حصل ده
أجابها ببرود أعصاب يُحسد عليه:
-إيه جو نظرية المؤامرة اللي إنتِ عايشة جواها دي،هكون أنا اللي ورا الموضوع ازاي، أمال لو مكنتيش شايفة بنفسك البيه وهو مندمج مع المُزة بتاعته، وبيأكلها المولتن كيك بنفسه
انتابها الشك من كلماته لتسأله سريعًا بريبة:
-وإنتَ عرفت منين إنه أكلها بإيده،وازاي عرفت إنهم كانوا بياكلوا مولتن كيك أصلاً وإنتَ مدخلتش؟!
رفع حاجبه لثواني ثم تحدث بثباتٍ يحسب له:
-كنت موجود قبل ما تيجوا ومراقب المكان من بعيد،ارتحتي يا علياء
سألته بارتيابٍ بعدما ساورها الشك:
-موجود ازاي وأنا سيباك في الجامعة يا نبيل؟!
نطق متخطيًا تشكيكها:
-بصي بقى يا علياء، من الآخر كده، بيسان أخيرًا بقت ليا،وسواء اتكلمتي أو لا،فهي مستحيل ترجع للواد ده تاني،وياريت متنسيش إنها شافته بنفسها يا استاذة
نطقت بجدية ترجع لحرصها على امر صديقتها:
-هقولها ان الموضوع كله من تدبيرك يا نبيل
أراد تشتيت ذهنها وبعثرة أفكارها فتحدث بخبثٍ:
-طب افرضي اني فعلاً دبرت الميعاد بين عبقري زمانه والبنت اللي أنا أصلاً معرفش إسمها إيه، وأول مرة أشوفها في حياتي كانت النهاردة
وتابع بكلماتٍ تبدو منطقية:
-أنا كمان اللي خططت وخليت البيه يأكلها في بقها بالشوكة بتاعته؟!
ستجن،ستفقدُ عقلها بالتأكيد،برغم رؤيتها للمشهد لكن عقلها رافض استيعابه،إنه "يوسف"،كيف استطاع الإقبال على فعل الخيانة،أصبحت تتأكد أن لذاك الـ" نبيل" يدًا في الموضوع،لكن هيئة "يوسف" وارتياحة روحه واستكانته،كل هذا جعل أفكارها تتضارب وتتداخل ببعضها لتُصيب بالتشتُت،خاصةً جزئية إطعام الفتاة للحلوى، هتفت مهددة ضاربة بكل مبرراته عرض الحائط:
-أنا هقول لبيسان على اللي حصل وهي حرة، يا تروح تسأل يوسف وتفهم منه ويبرر لها، يا تتلاشى الموضوع لو مصدقة اللي شافته، وتكمل معاك
بنبرة صوت مخيفة هددها قائلاً:
-طب إسمعي بقى يا علياء، لو كلمة واحدة خرجت منك لبوسي، أنا هقول لها إن الموضوع ده كله من تخطيطك إنتِ، لأنك بتغيري منها ومن زمان
هتفت تنفي حديثهُ الخبيث:
-بيسان لا يمكن تصدق كذبتك الحقيرة دي
أجابها بقوة مستشهدًا:
-لا هتصدقني لسبب، فاكرة لما وقعتك في الكلام وقعدتي حكيتي لي كل حاجة عن "يوسف"؟، وإنه مش إبن خالها، وإنه مجرد إبن مراته
وتابع مذكرًا إياها:
-ولما" بيسان" عرفت مني وقتها زعلت منك ولامتك، وقعدت أكتر من إسبوع مبتتكلمش معاكِ بسبب كده، فعادي، هقول لها إن الموضوع ده كله من تأليفك علشان تبعدك عني، وده بسبب غيرتك منها اللي بتخليكي تحاولي تبعدي عنها وتخربي أي علاقة بأي شاب يقرب منها
شهقت من وضاعته لتهتف بقوة:
-أه يا حقير
قطع وصلة سبها لينطق بحزمٍ:
-إهدي يا علياء وفكري في مصلحة صاحبتك لو بتحبيها بجد، أنا أكتر واحد هيقدر يسعدها
وتابع مدعيًا الصدق في محاولة لتهدأة روعها وجذب ثقتها به من جديد:
-ده غير إني فعلاً مش أنا اللي دبرت القصة
وتابع:
-بصي يا علياء، أنا مش هكذب ولا هخبي عليكِ، وهحكي لك الحكاية بالظبط وبمنتهى الأمانة، أنا ليا فترة مأجر شخص علشان يتابع اللي اسمه "يوسف" وينقل لي أخباره، على أمل ألاقي له ثغرة أستغلها وأعرف أدخل بيها لقلب ودنية بوسي
تعالت قهقهاته الشامتة ليكمل مسترسلاً:
-وبصراحة الغبي قدم لي أكتر مما كنت أتمنى، وانا استغليت الوضع لصالحي كعاشق، أظن ده مش غلط، ولا إيه يا علياء؟!
نطقت مشككة برواياته:
-مش عارفة ليه مش قادرة أصدقك يا نبيل
-دي مشكلتك... قالها بثقة ليتابع:
-أتمنى الموضوع يتقفل لحد هنا
واسترسل بتهديدٍ مُبطن:
-لأن صدقيني لو اتفتح إنتِ أكتر حد هيتأذي، وتأكدي إني مش هتهاون في تدمير علاقتك بـ"بيسان"
وتابع بإصرارٍ وثقة:
-وبردوا هتجوزها
واسترسل بشرٍ تجلى بنبراتهِ الغاضبة:
- ولعلمك، لو اللي اسمه "يوسف" ده هيقف عقبة في طريق وصولي لـ"بوسي"، معنديش أدنى مشكلة في إني أخفيه من الدنيا بحالها
ارتجف جسدها من تهديد ذاك الحقير المباشر لتغلق الهاتف دون أن تنبس ببنت شفة
أراحت ظهرها تلصقهُ بالمقعد لتأخذ نفسًا وتزفرهُ بحدة وهي تتذكر مدى غبائها وكيف حولها هذا الحقير إلى دمية بين يديه لتنفيذ جزءًا من خطته
عادت بذاكرتها
«عودة لما قبل الساعتين والأكثر»
تحركت بطريقها إلى الكافيتيريا لجلب مشروبًا لها ولصديقتها التي تنتظرها بفناء الجامعة، قطع طريقها "نبيل" الذي تحدث إليها قائلاً:
-علياء ازيك
أومأت له فتابع مرتديًا قناع البراءة:
-بقولك، أنا شايف بوسي نفسيًا مش ألطف حاجة ليها كام يوم
أجابت بعفوية:
-ده حقيقي يا نبيل
تحدث بدهاءٍ:
-طب بقول لك إيه، فيه كافية فاتح جديد قريب من هنا، بيقدم مشروبات وحلويات هايلة، والمكان مريح جدًا،بيطل على النيل وبيقدم ميوزك هادية بتروق الأعصاب
وتابع مسترسلاً:
- أكيد الموضوع ده هيفرق جدًا مع بيسان
سألتهُ بجبينٍ مقطب:
-وإنتَ هتيجي معانا يا "نبيل"؟
اجابها نافيًا:
-أكيد لا، أنا بكلمك علشان" بيسان"مش أكتر
اقنعها بحواره وصدق حديثه لتنطق سريعًا:
-أوكِ، إبعت لي اللوكيشن حالاً وأنا هطلع اقنعها
وبعد مدة حدث ما حدث وتحركت تساند تلك الباكية بعدما رأتا يوسف في ذاك الوضع، طلبت منه "بيسان" تجديد طلب الزواج وبعدما تحدثا هرولت "بيسان" إلى سيارتها، أما هي فوقفت تنظر إليه لتنطق بعدم استيعاب لسرعة الأحداث وبدأت تربط الخيوط ببعضها:
-إيه اللي إنتَ عملته ده؟
تنفس منتشئًا ليرفع رأسه عاليًا وهو يقول بثقة وزهوٍ بحاله:
-أنا معملتش أي حاجة،الغبي اللي جوه هو اللي عمل، وإنتِ بنفسك شوفتي
حركت رأسها لتنزل دموعها وقبل أن تلحق بصديقتها تحدث "نبيل" بقوة مهددًا إياها:
-إوعي تفكري تحكي ل"بيسان" أي حاجة يا عليا، لأني ساعتها هقلب التربيزة عليكِ
وتابع بتشكيكٍ أراد به زعزعة أفكارها:
- ده غير إن الموضوع كله حصل بمحض الصدفة، ربنا حب يكشف ستر الباشمهندس، ويزيل عنه قناع المثالية اللي طول الوقت لابسه لنا
انتهى شرودها بالماضي لتشهق بشدة وحيرة شديدة تملكت منها، ماذا عليها أن تفعل الآن، هل تتحدث إلى صديقتها وتخبرها بكل ما حدث وتدع قرار الاختيار بين يديها، أم تتخذُ من الصمت ملاذًا لاتقاء شر ذاك الوضيع الذي هددها بشكلٍ صريح بفضح أمرها والإفتراء عليها، ولم يكتفي بذلك فقط، بل هددها بإنهاء حياة "يوسف" بذاته، وهي الأن أصبحت بين نارين
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
عودة إلى يوسف، انتهى من تناوله للحلوى والقهوة الذي تناولهما بصحبة صديقته "ساندي"، وتحرك مستقلاً سيارته في طريقهُ للمنزل، وصلت إليه المكالمة المرتقبة التي كان ينتظرها على أحر من الجمر، ضغط زِر الإجابة على الفور لينطق الطرف الأخر:
-إزيك يا باشمهندس
اجابهُ بتوقيرٍ لشخصه المرموق:
-انا بخير يا سيادة اللوا
نطق المسؤول بحفاوة:
-عندي ليك خبر هايل
-خير يا أفندم؟
تحدث بوقارٍ وهدوء:
-جهاز المخابرات، قرر يعلن عن مشروع التطوير بتاعك
اتسعت عينيه وباتت دقات قلبه تتقافز فرحًا ليسأله بعدم استيعاب لذاك الخبر الذي سيقلب حياتهُ رأسًا على عقب ويعلي من شأنه:
-معقولة اللي بسمعه من جنابك ده
وتايع بذهولٍ:
-بس ازاي ده هيحصل يا افندم والموضوع كان سري جدًا
-ده من حظك الحلو يا سيدي... قالها الرجل بمرونة ترجع لتواصله الشخصي مع يوسف لعدة أشهر سابقة لمتابعة ذاك التطوير، ليتابع بإبانة موضحًا:
-السيد رئيس الجهاز المخابراتي قرر الإعلان عن مشروعك وخروجه للنور قدام العالم كله من خلال مؤتمر هيتذاع بعد يومين مباشر على التليفزيون المصرى،وإنتَ هتحضره وتكون ضيف الشرف فيه
وتابع مفسرًا للشاب:
-لأن زي ما أنتَ عارف،العالم كله أصبح بيغلي على صفيح ساخن،ومصر محتاجة في الفترة دي تكشف عن بعض تطوراتها في السلاح الجوي، كرسالة رادعة لدول العالم أجمع وخصوصًا الدول المعادية لينا
وتابع بفخرٍ واعتزاز:
-الجهاز قرر الكشف عن مشروعك لتطوير سلاحنا الجوي وبالتحديد الطائرات الحربية ورفع كفائتها، وزي ما هو معروف للكل، إن مصر تمتلك ثامن أكبر قوة جوية وأكثرها تطوراً في العالم، بس بعد إختراعك ده يا باشمهندس، الامور هتختلف وأكيد هنتنقل لمركز أعلى، وده اللي مصر حابة تعلنه قدام العالم كله
قضى شهورً في كدٍ وتعب وهو يعمل على مشروع تطوير أنظمة الأسلحة الذكية، والصواريخ والقنابل الموجهة، حيثُ سيحسن من توجيه الأسلحة بدقة وكفائة أعلى،
عمل لشهورًا كي يقوم بتقديمه كهدية لبلده ولرفعة شأنها بين الأمم ولم يكن ينتظر مكافأة لحاله،ساعده بالوصول إلى مسؤلي جهاز المخابرات "فؤاد علام" حيث أخبرهُ "يوسف" بالفكرة وقام "فؤاد" على تشجيعه، توسط فؤاد وكان همزة الوصل بينه وبين ذاك اللواء الذي زوده بجميع المعلومات لمساعدته في إنهاء التطوير،وأيضًا قام بتشجيعه حتى انتهى،برغم الحماس الزائد لم يأتي بمخيلته أن يتم الإعلان عن المشروع وخروج اسمه للنور، إنهُ لفخرًا لا يضاهيهِ شيئًا على الإطلاق
قطع شروده صوت اللواء حيث قال بجدية:
-رئيس جهاز المخابرات مستنيك بنفسه بكره في مكتبه الساعة تسعة صباحًا، علشان تنسق معاه الموضوع
نطق بصوتٍ ينتفضُ فرحًا لشعورهُ بنصر الله له:
-إن شاء الله هكون هناك في ميعادي بالظبط يا افندم
أغلق مع الرجل ليضغط طلقائيًا على رقم فؤاد الذي أجاب سريعًا من حديقة المنزل:
-إيه يا حبيبي،أخبارك إيه
نطق بانتشاءٍ:
-عندي ليك خبر بمليون جنية يا بابا
تحدث الاخر متحمسًا:
-طب يلا فرحني معاك
أجابهُ بحماسٍ كبير وبات يقص عليه ما حدث منذ القليل تحت سعادة قلب الأخر الذي هتف بفخرٍ:
-ألف مبروك يا حبيبي، متتصورش فرحتي بيك النهاردة قد إيه
وبنبرة متأثرة نطق تحت تأثر الأخر:
-أنا فخور بيك قوي يا ابني
أجابهُ بامتنانٍ:
-كل ده بفضل ربنا وفضلك يا بابا، إنتَ اللي شجعتني لما فاتحتك بفكرة التطوير
قاطعه لينطق متحمسًا:
-كل ده بفضل مجهودك وذكائك بعد فضل ربنا عليك
نطق بصوتٍ حماسي:
-بابا، عاوز أطلب منك طلب
إنتَ تؤمرني يا چو...قالها فؤاد بمحبة صادقة لينطق الأخر بحبورٍ:
-مش عاوزك تجيب أي سيرة عن الموضوع لـ ماما، وزي ما فضل سر بينا لشهور، هيفضل لحد يوم الإعلان، عاوز حضرتك تجمع العيلة كلها في اليوم ده وتقعدوا قدام التليفزيون
وتابع بصوتٍ متأثر:
-عاوز أشرف أمي قدام العيلة، نفسي تحس إن تعبها معايا طول السنين دي مراحش هدر
برغم تأثر فؤاد بحديث الشاب إلا أنه انتهز الفرصة لتنبيه الفتى بشكلٍ غير مباشر:
-كلامك يحترم يا يوسف، بس أنا عاوزك تاخد بالك أكتر من كده على إيثار، وخلي بالك، مش بس الموضوع ده هو اللي هيخليها تحس إن تعبها مراحش هدر
وتابع تحت فهم الأخر لمغزى حديثه:
-لازم تعرف إن إيثار عمرها ما حبت ولا إدت لحد اللي ادتهولك،لا أنا ولا حتى إخواتك قدرنا نوصل لمكانتك في قلبها، فاهمني يا ابني؟
فهم بفطانته مغزى الحديث وماذا يقصد ذاك الداهي، يعلم أن لا شيئ يخفى عليه، بحكم عمله وبحكم أنهُ "فؤاد علام".
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
قبل تلك الأحداث بحوالي بضع ساعاتٍ، تحديدًا بالساعة الثانية عشر صباحًا
داخل جامعة القاهرة، خرجت زينة من المحاضرة قاصدة كافيتيريا الجامعة كي تتناول شطيرة تسد بها جوعها، ولچت إلى المكان وجلست تتناول الشطيرة،وأثناء ما كانت تمشط المكان بعينيها رأت ذاك الشهم الوسيم"رامي كمال "، حيث كان يترقب جلوسها هو الأخر، لحظات قصيرة تعلقت بها عينيهما لتسحب خاصتها سريعًا كي تغض البصر بعدما أصيب جسدها بقشعريرة فور رؤيتها للساحرة عيناه، ابتسم على ذاك الخجل الذي جعل من وجنتيها كثمرات التفاح الطازج، لا يعلم ماذا يحدث له مؤخرًا بشأن تلك الفتاة، فقد باتت تستحوذ مؤخرًا على جزءًا ليس بالهين من تفكيره، وبدأ يستشعرُ بشيئٍ ما يتحرك بمشاعرهِ تجاهها، لقد استطاعت لفت انتباهه لاختلافها عن البقية، فهي خجولة على خُلقٍ محتشمة الثياب والفكر، كانت تمضغُ الطعام بصعوبة بعدما لاحظت نظراته المصوبة عليها، استمعت لصوت يوحي بوصول رسالة نصية إلى الهاتف، أخذها الفضول لفتحها وما أن قرأت فحواها وشاهدت بعض الصور المرفقة لها حتى جحظت مقلتيها وكادت أن تخرج من هول ما رأت، ألقت بالشطيرة داخل الصحن وحملت هاتفها وحقيبة يدها لتهرول تجر ساقيها المرتجفتين، ألحق بها رامي مهرولاً بعدما دفع حساب قهوته، ليخرج خلف تلك التي هرولت خارج الجامعة بهيأة لا تبشر بخيرًا، وجدت أخر شخص توقعت رؤيته بتلك اللحظة،" عمرو"، والدها الذي قرر أن يقوم باستغلالها للتقرب من نجله حيث علم قيمتها لديه، فقرر أن يحضر إليها ويصطحبها إلى المنزل وبالمرة يرى نجله الحبيب الذي مازال يتهرب من الإجابة على إتصالاته حتى بعدما تناول الطعام معهم، لم تدري سوى وهي تهرول إليه وتُلقي بحالها داخل أحضانه طالبة منه العون وهي تقول بصوتٍ يرتجفُ من شدة هلعه:
-إلحقني يا بابا، أنا في مصيبة.
استمع ذاك القريب منهما حديثها ليتعجب من والدها الذي يراه للمرة الأولى وبصحبته إسطولاً من السيارات ورجال الحراسة.