رواية احتلال محرم الفصل السابع عشر بقلم مريم نصار
يوسف وإيمان بيلعبوا قدام الصيدليه،سعاد لاحظت مختار وهو بيصرف الروشتات كل شويه يبص عليهم من جوه كنوع من الاطمئنان عليهم، استنت لما المكان يفضى عليهم وابتسمت وسألته بإستفسار:- خايف عليهم؟!
مختار بدون تردد:- جداً، أنتي ما تعرفيش يوسف وإيمان بقوا بالنسبه ليا إيه؟
كانت عايزه تعرف إجابة السؤال ده من زمان، وسألته بفضول:- بالنسبالك إيه؟
مختار سند إيديه على الريون قدامها وجاوبها بمصداقيه:- هتصدقيني لو قلتلك انهم بقوا جزء كبير جداً من حياتي؛ اتعودت عليهم؛ خلاص شايفهم بجد أنهم اولادي اللي ما خلفتهمش؛ ويمكن لو كنت خلفت! بتهايألي مكنتش هتعلق بيهم زي يوسف وإيمان.
الكلام ده طبعاً فرحها وشافت قد ايه أنه صريح و واضح معاها، لكن انتابها شوية حيره وقررت تقوله على اللي جواها:- وهما كمان متعلقين بيك ، أحم ، بس أنا عايزه اعترفلك بحاجه.
مختار قلبه دق وتوقع انها ممكن تعترفله انها معجبه بيه زي ما هو معجب بيها وسألها بلهفه:- عايزه تعترفي بأيه سامعك اتفضلي!
ردت بتوتر:- أنا عارفه إن حضرتك عندك مشاكل في موضوع الخلفه؛ وده مش عيب والله ولا حاجة تخليك تفضل شارد وتفكر فيها طول عمرك بس، عايزاك تعرف وتتيقن أنه أكيد خير،و إنك ما تزعلش لأن ده قضاء وقدر ربنا وأكيد ربنا ليه حكمه في كده، ويوسف وإيمان متعلقين بيك جداً.
وسكتت للحظات ونفخت بحيرة ولخبطه وكملت:- بص انا مش عارفه أتكلم حقيقي وأوصلك اللي أنا عايزه أقوله، بس كل اللي عايزاك تعرفه، إنك مش لازم تخلف علشان تكون أب حقيقي، يوسف بيعتبرك والده مش هتصدق هو متعلق بيك قد إيه، وأنت بتعاملهم معامله جميله جداً.
مختار وقف قصادها واتكلم بأريحية وتفهم:- كويس إنك فتحتي الكلام في الموضوع ده لاني كنت خايف، ودلوقتي استريحت شوية لأنك عارفه عني النقطه دي بالتحديد، وانا بقى اللي عايز اقولك حاجه مهمه جداً ممكن؟
استريحت انه تفهمها ومزعلش منها وبصتله بتساؤل:- خير؟!
مختار بدقه قلب:- أستاذه سعاد، أو سعاد، أو هقولك الأرقى والأجمل من كل دول...
وأبتسم بحنين وكمل:- أم يوسف؛ أنا ماليش في اللف والدوران؛ وراجل دوغري و عارف ربنا كويس الحمدلله، وبحب ادخل البيت ديما من بابه، وبصراحه كده أنا عايزه أجي لحد باب بيتك و اطلب إيدك رسمي وتكوني شريكة حياتي أنتي و أولادك وهيكونوا في القلب قبل العين متصانين،قلتي إيه؟
سعاد فتحت عينيها بصدمه ومردتش..
على السطوح قدام الأوضه الصغيره! ليله سانده بأيديها على سور السطح،في أيدها كوباية شاي وعينيها بتبص بتفحص على القاهره كلها من فوق، ملامحها شارده بتتأمل كل البيوت اللي لازقه في بعض وجمب بعض، وقد إيه القاهره زحمه قوي وفيها ناس كتير أشكال وألوان؛في بيوت منظرها حلو من بره وفي بيوت الشقا باين على جدرانها وقربت تقع؛ وكل بيت من دول جواه حكاية مختلفة، بس هي حكايتها انتهت قبل ما تبدأ؛ عينيها اتملت بالدموع واتنهدت بحجم الفراغ اللي جواها وسألت وكلمت نفسها بمواجهة:- انا عملت إيه في حياتي علشان أستاهل كل ده؟ عملت إيه في نفسي علشان أبقى لوحدي؟ الوحده طلعت وحشه قوي، اللي بيقول الوحده أهون وأرحم من ناس كتير غلطان، بالعكس اللمة والناس اللي حواليك وبيحبوك من قلبك وانك تشوف الضحكه اللي تطيب خاطرك والكلمه اللي تطبطب عليك؟ هي دي الراحه والسعاده اللي بجد، أنا أهو! شهور قاعده لوحدي وش في وش الحيط لما حفظت كل شرخ فيها؛ طول الليل بتألم وبتعذب وما بلاقيش اللي يسندني، تعبانه وببقى محتاجه حد يناولني كوباية مايه مبلاقيش حد جمبي، بقوم مش قادره أخد نفسي من تعب الحمل مبلاقيش أيد تطبطب عليا وتقولي كل هايهون ويعدي يا ليله، وبكره هتفرحي؛ بس اخرتها إيه؟ لا الفرحه راضيه تيجي ولا حد بيطبطب عليا، وحشتني يا بابا وحشتني قوي، ادفع نص عمري وارجع اشوفك تاني، كان كل ده عليكي بأيه يا ليله؟ حلمتي حلم وكنتي عايزه أنه يتحقق!! قابلك مروان وحبتيه!! مانكرش إني بصيتلك من اتجاهين؛ إتجاه الحب والأمان والسعاده؛ وأتجاه مادي اللي هيريحني من عذاب الأيام والقهر اللي انا شفته مع فتحي، ذنبي اني حبيتك! تقوم تنتقم مني انتقام بشع؟ مستحيل اسامحك، لحد دلوقتي بكدب نفسي وبقول أنتي بتحلمي ياليله ومستحيل مروان يخدعك! مروان اللي كان بيدفن قلبه جوه حضنك وتسمعي أنين اشتياقه ليكي مستحيل يغدر ويضحي بيكي، نفسي اصحى من الكابوس بس للأسف حقيقة ومش عايزه أصدقها، مش مسمحاك يامروان، اللي واجعني أني مشيت وأنت ما بصتش بعدها وراك؛ ما سألتش فيا وأشك إنك تكون دورت عليا،معقوله!! معقول هنت عليك! معقول اللي كان بينا ده ما كانش حب؟ طيب أنا بسأل نفسي لو كنت عايزني لرغبه معينه! أنت خدت مني اللي أنت عايزه،و في الحرام كمان؛ وكان ممكن تهرب بعدها، ليه جيتلي تاني! ليه دورت عليا وقلتلي إنك عايز تصلح الغلطه دي وتتجوزني!! معقول كل ده علشان تريح ضميرك وبس! يعني انا كارت محروق في حياتك يا مروان!! معقول ما دورتش عليا؟! انا بعدت عن كل الناس اللي أعرفهم بسببك؛ حرمت نفسي من صاحبتي الوحيده اللي كنت بتكلم معاها وبحس أنها مرايتي وفهماني؛ خلتها تكرهني علشان متقفش في طريقي،ليه فضحتني وعرتني قدام الكل بأنك ترميني ومرحمتنيش!! غلطة واحده ليا؛ غلطة واحده دفعتك التمن حياتك ياليله؛ كنتي قاعده في بيت ابوكي معززه مكرمة، ويوم ما حبيتي تبصي لفوق؟ وقعتي على جدور رقبتك، ويا ريت رقبتك بس اللي اتكسرت، لأ ده كلك على بعضك يا ليله اتكسرتي، قلبك اتهشم، أبوكي راح وهو غضبان منك وعليكي،مصيرك ما بقاش معلوم، المسؤوليه كل يوم والتاني بتكبر عليكي،يا ترى اللي في بطني ده هقدر إني أعيشه واصرف عليه؟ ياترى هكون قد المسؤولية ولا هقع واتكسر أكتر من دلوقتي، إيه اللي مستخبيلك بس يا ليله! كل ده علشان إيه؟ كل ده علشان صوتك من دماغك وما سمعتيش من حد، عنادك واصرارك بإنك توصلي لفوق! خلاكي دفنتي نفسك وبقيتي تفضلي الهروب عن المواجهه، ليه يا مروان ليه عملت كل ده فيا!!
مروان من آخر موقف مع أنجي وأنه يركب مع الحرس في عربية الشغل! وهو ثاير؛ جواه نار قايده منها، وكرامته مافضلش فيها حاجه و اللي بتقل في نظر كل اللي حواليه يوم عن يوم، وخصوصاً أمير، أمير صاحبه اللي خسره بغباءه، وحبيبته اللي باعها ودلوقتي حامل منه!!! ياااااه على ترتيب القدر، عشت عمرك يامروان تحلم بأنك تكون أب! ويوم ماتحب! تحب واحده مابتخلفش؛ وتتجوزها وتطلقها وهى حامل!! أكبر ضربة مميته فعلاً خدتها يامروان يا عبد الرحيم، من وقت ما عرف بخبر حملها وهو هيتجنن فعلاً، حابس نفسه في الجناح الخاص بيه ورايح جاي محتار مش عارف يوصل لليله إزاي!! كل يوم والتاني يتصل عليها وما فيش أي رد منها، تليفونها مقفول تماماً، قفلت كل الأبواب كأنها بتقولك أنت بعت أهو!! بس أنت الخسران الوحيد في اللعبه دي، مروان ما عندوش السلطه أنه يخرج يدور عليها، ما عندوش سيوله حتى أنه يبعت ناس يقلبوا مصر كلها عليها، آخر ما زهق بص من الشباك للفراغ قدامه يفكر، فكر كتير بين الماضي والحاضر، بص للسما وشاف العصافير اللي بحجم قبضة أيده طايره حرة طليقه، تسافر وتهاجر من ترحال لترحال بكامل إرادتها، عصفور صغير لا حول له ولاقوة عايش في السما براحته، مروان مايملكش حرية العصفور ده،شاف قد إيه أنه ظلم نفسه باللي عمله، حبس نفسه سجين تحت سيطرتها،بدأ يخسر تدريجياً كل حاجه حواليه، خسر ليلته حبيبته وصحبته وكل حياته، وخسر أمير اللي مش قادر يبص في وشه، وأمير في أي مكان يشوف مروان كأنه سراب بالنسباله مش موجود، طيب ما هو ده الطبيعي يامروان زعلان ليه؟ أمير هيصاحبك تاني إزاي بعد ما فقد كل ثقته فيك؟ هيثق فيك بأي آمارة؟ أمارة ما عشت في الحرام واستحليت حرمة غيرك؟ بإمارة إنك استغليت بنت فقيره شوفت الأحلام في عينيها وحبيت تفرض سيطرتك عليها!! فاكر يامروان يوم ما ليله معملتش الأكل؟ فاكر عملت فيها إيه؟ هاجمتها إزاي؟ ظهرت رجولتك عليها لأنك عايز كده! نفسك تعيش دور الراجل والقوامه اللي سحبتهم منك بنت الورداني؛ متكدبش على نفسك يا مروان، أنت آه حبيت ليله! بس حبيت أكتر أنها تكون تحت طوعك وتقولك نعم وحاضر، تعيش معاها السلطه والكبرياء اللي اتحرمت منهم، لكن في النهاية إيه؟ خسرت كل حاجه، خسرت إبنك اللي بتتمنى تلمح طيفه، آاااااه يا ريتك يا مروان ما اتولدت، يا ريتك ما جيت الدنيا دي ولا عشت العذاب والذل والمهانه دي، الحياه عمرها ما كانت عادله معاك، الحياة ظلمتك ظلم بين و خسرت كل حاجه يامروان!!اخد نفس عميق جداً بحجم غضبه وزفرة بقوه، حط جبينه على الشباك بحسرة وضياع، الباب خبط والشغاله دخلت وقالت بإحترام:- مروان بيه! أنچي هانم بتقول لحضرتك عايزاك تنزل بعد خمس دقايق علشان عندكم حفله مهمه الساعه 10:30.
غمض عينيه بقوه وبيحاول يمتص غضبه من كمية الأوامر وتنفيذ طلباتها لكن لحد أمتى؟ دي خلتك متسواش قدام الحرس والشغالين؟ دي سحبت منك الفيزا والعربيه، دي ذلتك بمعنى الكلمه،حرمتك من البنت الوحيدة اللي حبتها يامروان، وأنت خلاص مبقتش قادر تتحملها، مقدرش يتحكم في أعصابه المرادي و زعق ليها بصوته كله لدرجة أنها اترعبت منه:-غوري من وشي؛ وقوليلها مش خارج في أي مكان، مش رايح زفت حفلات ولا مشاوير واللي يحصل يحصل، أنا مش متحرك من هنااا.
أنجي سمعته ومطت شفايفها بتعجب،وشاورت للشغاله تنزل هي،دخلت عنده وفركت كفوف أيديها في بعض بنفاذ صبر وبصتله بتلميح:-انت مش ناوي تجيبها لبر؟
مروان فقد السيطره على نفسه وأتكلم بزعيق وهستريا وصوت مقهور:-لا مش هاجيبها لبر يا أنجي، هو أنتي شايفاني إيه قدامك؟ عبد وأشتريته؟ أنا زهقت من التمثيلية دي؛ حرام عليكي بقى، أنا تعبت، تعبت من أسلوبك وتمردك عليا، فين الحياه اللي الواحد قادر يعيشها؟دي مش حياه، بتحسبي وتعدي عليا النفس اللي بتنفسه؛ ده السجن ارحم بكتير، أنا خلااااص مبقتش قادر أتحمل أكتر من كده.
رفعت حاجبها لكن مش مستغربه ردة فعله، لأنها حرمته وعاقبته زي الطفل الصغير لما بتعاقبه أمه وتمنعه من كل حاجه بيحبها، ابتسمت وجواها شعور مخليها مبسوطه أنها شايفاه بينهار قدامها، وده عقاب صغير لأنه فكر يخونها، ردت عليه بأسلوبها المتمرد:- بسيطه لو على السجن اوصلك لحد باب الزنزانه؛ مش معضله يعني! أوعى تفكر إن الجنان ده هيخليني ارجعك مروان جوز الهانم من تاني، أنت خلاص العد التنازلي لتدميرك بدأ، لكن عندك فرصه أخيرة تقدر تلحق نفسك وترجع رجل أعمال محترم وفايق و واعي لحياتك، وتعرف أنت متجوز مين!! وسيبك بقى من الجنان اللي أنت بتعمله ده؛ وقلل شرب شويه علشان خلاص خلاك تفقد السيطره على نفسك، و قرب يوصلك للجنون ويا ريت دلوقتي من غير جدال تلبس وتحصلني على تحت، عندنا شغل مهم لازم نبدأ فيه ومعنديش وقت للتفاهات بتاعتك.
كل اللي قالته مغيرش من تمرده عليها ولو شوية، هو حالياً مش شايف غير أنه خسر إبنه وبس، وكل ده بسبب الست اللي واقفه قدامه، ورد عليها بعناد كفيل يدمره:- مش هلبس يا أنجي؛ ومش خارج في حته وهشرب لحد ما أنتهي أو أنسى العذاب والذل اللي أنا فيه، عايزه تحبسيني أحبسيني، عايزه تدمريني دمريني، خلاص أنا اصلا كده كده اتدمرت، أنتي مش حاسه بحاجه، أنتي حقيقي مش حاسه بأي حاجه.
صبرها قرب ينفد، بس هو شارب ومش واعي، هى مفكره كده، أو بتوهم نفسها بمزاجها أنه سكران، لأنها من المستحيل تسمح لحد يتكلم معاها بالطريقه دي، اخدت نفس عميق وزفرته بحنق وقبل ما تتكلم وصلتلها رساله على الواتساب من جمال، فتحتها وكانت صور ملف الصفقة، ابتسمت بتشفي ومودها في لحظه أتغير للأحسن علشان قربت تهزم اللي أهم من مروان، وهو أمير اللي مش قادره لحد دلوقتي تسيطر عليه، بصت لمروان وقالت بهدوء ماكر:- ما بقاش في وقت للجدال خلاص، لأنه ببساطه ماعنديش وقت ليك ولجنونك، و اوكيه متخرجش براحتك، خليك هنا أنت مقامك تفضل بين الأربع حيطان، مفيش مشكله.
سابته وخرجت وهو بينهج وبيتفس بسرعه من غضبه،وابتسامة النصر على وشها، نازله السلم بتفكر تنتقم من أمير بطريقه تضربه في السوق، ضربه تخليه يحتاجلها، عايزه أمير يرجعلها بأي طريقة، والأهم يرجع راكع وتحقق رغبتها في انكساره، دخلت مكتبها وقفت قصاد الشباك،فتحت فونها على صورة أمير بتتأمل التفاصيل اللي حبتها ومازالت مستمرة في حبها ليه، لكن افتكرت آخر يوم فراق بينهم وصكت على أسنانها بغيظ شديد ورجعت بالذاكرة لليوم ده.
فلاش باك
يوم الخطوبه
في وسط ڤيلا صلاح الورداني، كل رجال الاعمال والصحافة وسيدات الأعمال موجودين، لأن المناسبه دي لصلاح مهمه جداً، وبالنسباله دي مش مجرد ارتباط أو جوازه، لأ دي صفقه وبيزنس هيخليه يكوش هو وبنته على أملاك وليد برهامي، الضيوف كلهم خلاص وصلوا وفي انتظار وصول العريس مع عيلته، أنجي في اوضتها وحواليها الشغالين بيساعدوها في اللبس وواقفه قدام المرايه بتبص على نفسها بعظمه وغرور كانت لابسه فستان باللون الأحمر، وكان ضيق جداً وليه روب طويل جداً من الخلف كأنه فستان ملكي، وده اللون اللي بيعشقه أمير عليها، واللون الوحيد اللي حبه على أنجي، هى لبسته ظناً منها انها هتأثر عليه ويمضي وهو مغمض عينيه، ابتسمت لنفسها على تفكيرها العبقري اللي في منتهى الغباء،بعتت لنفسها بوسه على الهوا في المرايه بفخر من نفسها،في الوقت ده صلاح دخل عندها وأبتسم بإعجاب من جمالها، وقرب منها بمغازله:- قمر يا أنجي؛ ملكة جمال مصر والدنيا كلها.
أنجي بضحكه وسعاده:-ميرسي يا أجمل بابي في الدنيا كلها.
صلاح:- ها جاهزه تنزلي؟ كل الضيوف موجودين تحت.
قعدت على طرف السرير بعدم اهتمام:- أنا مش هنزل غير لما أمير يجي وهو اللي يستناني تحت مش أنا اللي استناه.
صلاح بإعجاب:- برافو عليكى؛ هي دي أنجي بنتي و حبيبتي؛ بس قوليلي جهزتي كل الأوراق اللي طلبتيها من ناصر المحامي وجابهالك؟ اوعي تكوني نسيتيه في الشركه!! ده تخطيط سنين يا بنتي.
ابتسمت بغرور، فتحت الدرج اللي جمبها وطلعت منه الملف وبصتله بتحدي:- مستحيل أنسى حاجه زي دي يا بابا، دانا مستنيه الوقت ده بالذات بعد ما أمير صمم على الخطوبه، ولما نشوف هيقدر يرفضلي طلب ولا!!
حك دقنه بتفكير وسرحان، كشرت عينيها وسألته:- سرحان في ايه يا بابي؟!
رد عليها بحيره:- والله يا أنجي أنا بفكر إننا نأجل الفكره بتاعتك دي دلوقتي، احنا نعلن الخطوبه وتتكلمي أنتي وأمير بينك وبينه في أي وقت تاني، وانا واثق أنه كده كده هيمضي علشان يضمنلك و يأمنلك مستقبلك.
نفخت بنفاذ صبر وردت بعناد:- لأ طبعاً يا بابي، أنا مستحيل أجل حاجه او خطوه في طريقي، أنا خدت قراري، وامير لو فعلاً بيحبني هيمضي ودي ابسط حقوقي، انا ما طلبتش منه أنه يتنازل عن ثروته كلها، ده جزء بسيط جداً، والمفروض هو اللي يعرض عليا حاجه زي كده مش أنا.
صلاح بقلق:- بس أنا قلقان انه ما يمضيش، وليد برهامي مش سهل.
ابتسمت بتهكم:- بابي؛ بابي بليز أهدى ما تقلقش أنت شايف أنهم دلوقتي في عز انكسارهم، أنت الوحيد اللي ممكن تساعدهم وتعتبر طوق نجاة ليهم، علشان يعدوا الازمه اللي هما فيها دي، وأنا شايفه ان ده الوقت المناسب للضربه دي.
الشغاله طلعت وبلغتهم:-العريس وعيلته وصلوا تحت يا صلاح بيه.
أمير واقف في وسط الفيلا وحاسس انه متوتر،اخيرا هيرتبط بالبنت اللي حبها، شافها نازله زي الملكات ،لا مش زيهم هى فعلاً ملكه، أبتسم ليها ورايح يستقبلها،ماجده واقفه بعيد وكانت متضايقه جداً وجايه غصب عنها إرضاء لابنها وأنها متخسروش،علا ملامحها عابسه شافت فستان أنجي لكن معجبهاش أوڤر زيادة عن اللزوم، وكأنها في حفلة ملكيه،حازم كان مبسوط لفرحة أخوه، اما أمير مبسوط وحط ايده على جيبه يأمن على الخاتم اللي جابه ليها هدية خطوبتها،وليد واقف مع صلاح بيتكلموا ويضحكوا وبعد كده صلاح طلع على المنصه علشان يقول كلمته وبعد ما رحب بكل الموجودين أتكلم بتلميح:- النهارده يوم مميز لأنه يوم خطوبة بنتي الوحيده واغلى حاجه في حياتي، أنجي اللي تعبت في تربيتها لحد ما وصلت بالعظمه والثقه دي، واللي مستعد اعمل علشانها أي حاجه ودلوقتي خلصت مهمتي معاها وهتكمل باقي حياتها!!
وضغط على كل كلمه بقصد وهو بيقول:- هتكمل حياتها مع شخص حبها ومستعد يعمل كل حاجه علشانها وهيعيشها في نفس المستوى اللي هي عاشت فيه عمرها كله مش كده يا أمير!!!
امير ما شكش في طريقة الكلام وافتكر أنها وصية آب لجوز بنته مستقبلاً ورد بإبتسامة صادقه:- أكيد يا صلاح بيه؛ أنجي هتكون في عينيا وماتخافش عليها هى واثقه من حبي ليها.
الكل صقف وانجي طبعاً بتعشق حاجه إسمها حب الذات ومبسوطه إن الكل مهتم بيها، وليد بإبتسامة:- خلاص يا جماعه خلوا فرحتنا تكمل، وأمير يلبس خطيبته الخاتم.
أمير قرب من أنجي اللي واقفه قصاده علشان يلبسها الخاتم،لكن اتفاجئ بيها وبدل ما ترفع أيدها ليه يلبسها الخاتم! بتقدمله ملف! الكل أنتبه واستغرب وبصوا لبعض، أنجي ابتسمت لأمير بتمثيل البراءة،أمير سألها بعدم فهم:- أنجي النهارده خطوبتنا وانتي جايبالي ملف؟ يا ريت تأجلي اي شغل لبعدين يا حبيبتي.
حست أنها في مركز قوه، والمميزه بالنسبة لجميع الحضور، وبدأ يدخل جواها داء العظمه من تفخيم كل اللي حواليها ليها واتكلمت بهدوء ورقه:- سوري يا حبيبي، أنت عارف إننا مستنيين اليوم ده من زمان قوي، وكمان عارف اني بحبك جداً، ومتلهفه لليوم ده اكتر منك.
طبعا أمير كان بيسمع الكلام ده وقلبه بيدق وفرحان، لكن أنتبه وبصلها بصدمه وهي بتكمل:- والملف ده هتمضي عليه لإثبات حبك ليا.
أمير بصدمه:- إثبات!! إثبات ايه ده يا أنجي؟
وبص حواليه للضيوف وكلمها من بين أسنانه بصوت واطي:- أنجي نأجل الكلام ده لبعدين.
وليد قرب منهم وسألهم:- إيه ياولاد في إيه!! وأنت يا أمير؟ كل ده مش عارف تلبس خطيبتك الخاتم؟
ردت عليه بكبرياء لأنها مش طيقاه:-لو سمحت يا انكل إحنا عايزين نبقى على انفراد لأني أنا وخطيبي حبيبي بنتكلم في أمر مهم.
أمير بصرامة:- أنجي!!! انتبهي لنفسك وشوفي انتي بتتكلمي إزاي ومع مين؟ مالك في إيه؟
وليد مسك دراع إبنه وضغط عليه بتحذير وقال:- خلاص يا أمير وعدي الليله على خير انا هروح اشوف والدتك عايزاني في إيه.
سابهم ومشي وحس بالإحراج، انجي ما اهتمتش، أمير حاول يهدا و قرب منها خطوه:- ممكن أعرف ايه اللي إنتي بتعمليه ده؟ والشخصية الجديدة اللي انتي نازلالي بيها النهارده دي غير أنجي اللي أعرفها من سنين!! ممكن أعرف مالك؟!
حركت كتافها ببرود:- مالي إزاي!! أنا زي ما أنا انجي الورداني؛ بس أنت اللي مش شايف كده، واتفضل شوف الملف وأقرأ واحكم بنفسك.
وكملت بدلع:- دي شوية طلبات تافهه المطلوب بس إنك تمضي عليها.
أمير نفخ بخنقه و شد منها الملف بغيظ وفتحه يقرأه، لكن غيظه اتحول لزهول، ومن صدمه لعدم استيعاب وعدم تصديق كمان، مش معقول اللي شايفه ده!! بيقرأ البنود وكانت؛ تنازل عن الأسهم!! شراكه بينها وبينه!! نصيبها في الأرض بتاعته!! بصلها بصدمه كبيره:- إيه ده يا أنجي؟!
ردت بمغزى:- زي ما أنت شايف يا أمير؛ انا عايزه اكون شريكه معاك في كل حاجه؛ وكمان ليا أسهم في شراكتك مع بابي.
أمير ضحك ظناً منها انها بتهزر:- أنجي!! بطلي هزار، وده لو مقلب صدقيني هزعل منك؛ النهارده جاي فرحان لأن حلمي معاكي هيتحقق؛ مش عايز اي حاجه تعكنن عليا.
رفعت راسها بتعجرف:- واعكنن عليك ليه! مستحيل اهزر في حاجه زي دي!
وكملت بنبرة تحمل التحذير:- أمير! الملف اللي في إيدك ده! لازم تمضي عليها وبعدها لبسني الخاتم.
رفع حاجبه بتعجب ورد عليها بعناد:- ولو ما وافقتش على الامضا؟
أنجي قبضت على أيديها جامد وخافت تخسر كبريائها لكن ردت بثقه:- أنا متاكده انك هتمضي يا أمير؛ ويلا بقى الناس بتبص علينا.
ضحك بسخريه:- الناس بتبص علينا!! وأنتي لسه واخده بالك إن في ناس موجوده أصلا؟ واضح إني فهمت متأخر قوي يا أنجي! بتساوميني يوم خطوبتي؟ طيب اسمعي؛ أنا مش همضي على أي ورقه.
أنجي بغيظ مكبت وتهديد:- هتمضي يا أمير وإلا..!!!!!!
أمير:- وإلا إيه..!!
انجي بعناد أكبر:- وإلا ما فيش خطوبه يا أمير!!
معظم الستات الموجودة شهقت لما سمعتها بتقول كده، أمير حاول مايتهزش،و قدم الملف ليها بثبات:- مش همضي يا أنجي، وأنا واثق إن كل اللي انتي بتعمليه ده مقلب سخيف ؛ولو بتختبري حبي ليكي! ف أنا بحبك اكتر من اي حاجه، وده لا كان وقته ولا أوانه الكلام في مواضيع زي دي، والمفروض ماتطلبيش حاجه زي دي أبدا ، لأن ده بيرجع للشخص اللي قدامك.
انجي ابتسمت ولعبت على الوتر:- أنا عارفه إنك بتحبني وهتفضل طول عمرك تحبني، لكن الأوراق دي! ضمان حقي معاك طول السنين اللي جايه.
قلبه دق بقوه واتأكد انه مش هزار، وقلق من اللي جاي، رجع خطوه لورا:- أنجي!! أنتي بتتكلمي بجد؟
أنجي:- أيوه بتكلم بجد؛ ومش هتراجع يا تمضي يا اما ما فيش خطوبه ولا جواز.
أمير بص للناس شافهم كلهم بيهمسوا لبعض وحصل هرج ما بين الجميع، شاف صدمة والده و أخوه، وغيظ أخته، وصدمة امه وخوفها على أبنها، شاف الكل واقف مترقب، أمير مصدوم في البنت اللي حبها بجد وفضل عليها أي واحده تانيه حبته غمض عينيه وبيفكر في رد فعل! لكن كل اللي عمله فتح عينيه وبص ليها بعتاب، وحط الملف بين أيديها وقال بوجع:- انا مش همضي على اي حاجه؛ ولو هترفضي الخطوبه مقابل الامضا!! أنتي حره دي حاجه ترجعلك وانا مش هجبرك عليها.
طبعا كبرياء أنجي وكرامتها اتكسروا ،ومفيش راجعه وحبت تذل أمير قبل ما يمشي وحدفت علبه الخاتم في وشه وقالت:- وانا ما يلزمنيش إنك تكون موجود معايا؛ ودلوقتي اطلع بره.
ما كانش مستوعب ردها وطريقتها، شاف واحده تانيه خالص غير اللي كانت معاه طول السنين اللي فاتت؛ حس إن الأرض وقفت عن الدوران من صدمته فيها يوم فرحته المنتظره بالنسباله، خاب أمله واتكسر قلبه، حازم جري على أخوه ومسك دراعه وقاله:- يلا من هنا يا أمير؛ يلا المكان مبقاش مناسب لينا.
أمير واقف مكانه مصدوم، عينيه على أنجي وكل السنين اللي فاتت بتمر قدامه، أخته علا مسكت دراعه وبتهز أخوها وبتعيط وقالت:- أمير رد علينا،يلا نمشي من هنا وما تزعلش نفسك يا أمير.
ماجده قربت من أبنها بدموع ورفعت أيدها على خده وقالت بحنان:- ما تزعلش نفسك يا حبيبي؛ يمكن دي دعوة قلبي في يوم وانا بدعيلك وبقول لربنا، أصرف عنه شر ما قضيت، والحمد لله هي شر وربنا بعدها عنك.
وليد بص لصلاح اللي كان فاكره أنه صديقه المقرب وقال بجديه:- اللي حصل ده مش هيعدي بالساهل يا صلاح يا ورداني!
صلاح كان متضايق إن كل حاجه باظت ورد بغضب:- أعلى ما في خيلك اركبه؛ انا اللي ما يحطش بنتي في عينيه وفوق راسه ما يلزمناش؛ ومن دلوقتي ما فيش جواز ولا شراكه بينا واتفضلوا الكل يطلع بره.
أمير صك على أسنانه بغضب العالم كله،و شاور بأيده لأنجي وقال بتوعد:-وعد مني لو عدى 100 سنه يا أنجي يا ورداني؛ هاخد حقي كامل متكامل،ومش أمير برهامي اللي يخسر، والموقف اللي أنتي حطيتيني فيه ده!! قسماً بالله لا تتحطي فيه وهتكوني فرجه للناس كلها، وده وعد من أمير برهامي خليكي فاكراه كويس قوي.
باك
فاقت من شرودها بتنهيدة،واخدت نفس عميق وبصت على عنوان مارتن في الرساله وأنه وصل الفندق من ساعه، واتصلت على ناصر المحامي وقالتله بأمر:- اعمل حسابك إننا هنقابله بكره لازم نسبقهم بخطوه.
قفلت المكالمه وبصت قدامها وقالت من بين أسنانها بحقد وكره:- انا مستحيل أخسر؛ وإن كان على مروان فهو كلب موجود ما لوش لازمه؛ انما انت يا أمير!! ف لازم أكسرك، لازم.
عند أمير قاعد في الليفنج وبيتكلم مع شمس في التليفون وبعد ما سمع منها إن ندى قاعده مع عريسها!! معنى كده إنها موافقه؛ سكت للحظات وقالها بتنهيدة:- يعني خلاص العريس أتقدم رسمي لندى؟
شمس بغيظ:- ايوه وعلى فكره بقى هي هتوافق عليه، لأنه بيحبها قوى.
هز راسه بتفهم وأبتسم بتكليف:-تمام ألف مبروك ،وربنا معاهم، هكلمك بعدين مع السلامه.
قفل الفون وحدفه جمبه بتهالك، وشبك أيديه تحت دقنه وقال جواه:- اتمنى انها تقدر تنسى وتعيش مبسوطه.
علا أخته جت وندهت عليه:- أمير! يلا العشا جاهز؛ وبابا مستنيك.
هز راسه بتنهيده وخرج معاها وقعدوا كلهم على السفره، ماجده ملامحها جامده وأمير ساكت وكان العشا في صمت تام، وليد بصلهم بتعجب:- اللاه؟ مالك يا ماجده، و مالكم كلكم ساكتين ليه؟
ماجده بخنقه:- ما فيش يا وليد.
وليد:- إزاي بس مفيش؟ أنتي مش شايفه قافلة وشك إزاي؟ في إيه حصل ماتقولي ياماجده.
ماجده بتلميح:- أنت تعرف إن في عريس جه النهارده يطلب أيد ندى؟!
وليد فهم تفكيرها وسبب زعلها، ورفع عينيه على أمير اللي كان ساكت تماماً وقال بعقلانية:-ندى بنت جميله وتستاهل كل خير؛ واتمنى العريس اللي متقدم لها ده يكون قد الامانه، ويقدر يحافظ عليها.
ماجده بصتله بغيظ، وبصت لأمير ومقدرتش تكتم جواها أكتر من كده وانفجرت في ابنها:- ضيعتها من إيدك يا أمير!!
أمير غمض عينيه وما ردش عليها، وهى كملت بنفس الطريقة:- أنت ضيعت ندى من إيدك، دي البنت بتحبك لآخر نفس تهملها ليه بس؟ ده أنت تاخد اللي بتحبك وما تاخدش اللي أنت بتحبها، على الاقل هتفضل حطاك في عينيها وقلبها طول العمر، بس هقولك إيه؟ بكره يجي اليوم اللي تعرف فيه قيمتها.
علا بحزن عميق جواها:- خلاص يا ماما اللي حصل حصل؛ والجواز مش بالعافيه؛ ومادام أمير مش حاسس أنه هيقدر يسعدها فمش لازم نلوم عليه كل شويه.
ماجده بحده:- انا ما بلومش عليه؛ انا بحاول افتح عينيه على حاجات هو مش شايفها.
وكملت بمغزى:-شكل أنجي كفت ووفت معاه، وخلته مش شايف غيرها، ولا يمكن اتعقد من صنف الستات.
أمير قام وقف وقالهم بهدوء:- اتعشوا انتوا، أنا افتكرت إني عندي شغل مهم، بعد اذنكم.
سابهم ودخل اوضته وقفل على نفسه، وليد بعتاب ولوم:- عاجبك أفعالك دي يا ماجده؟!
ماجده عينيها دمعت بحزن:-البنت بتحبه قوي يا وليد؛ بتحبه اكتر من نفسها، هو الراجل هيعوز إيه من الدنيا دي غير ست تحبه وتخاف عليه من قلبها.
وليد ربت على أيدها ورد بتفهم:- مش حاسسها يا ماجده؛ أمير إبنك مش حاسس ندى، ولو فعلاً في جواه حب ليها ما كانش هيستنى، بس نقول إيه؟ ربك قادر على كل شيء، ادعيله، ادعيله يا ماجده ربنا يهديه وينور بصيرته.
رفعت ايديها وغمضت عينيها ودعت من قلبها:- يااارب ينور بصيرتك،ويريح قلبك ويكتبلك الخير يا أمير يابني.
مختار سهران في الصيدليه لوحده ومش عايز يروح بيته، المكان ده بقى تاني أحب مكان ليه بعد المسجد، بس برده حاسس بالفراغ وهما مش موجودين معاه طول الوقت، حب يوسف وإيمان من قلبه، داق طعم الأبوه اللي اتحرم منها، واقتنع بكلامها أنه مش لازم يكون بيخلف علشان يكون أب ويحرم من الإحساس ده! بالعكس عطفك وحنانك على أطفال غيرك بيولد جواك إحساس إنك أب من زمان ودي غريزه موجوده متحرمش نفسك منها، اما بقى سعاد! هى دي الأم المثالية اللي بجد، بتحاول تحافظ وتربي أولادها بكل جهد وشغف أنها تكمل حياتها بيهم، مشوفتش جمال كده ولا أم حنونه بالشكل ده، أنا حبيتك بجد ياسعاد،جواه توتر لأنه لمح ليها انهردا بالكلام وعايز ياخد ميعاد مع أهلها يطلب أيدها رسمي،قلقان وخايف من إنها تخاف على ولادها منه، مع إنه عنده استعداد يعوضهم عن كل اللي هو اتحرم منه، نفخ بحيره وإحباط ،واتنهد بعمق و فتح الفون ودخل على صفحته الشخصية وحب يكتب اللي جواه.
سعاد نايمه جمب أولادها بعد يوم طويل من الشغل وبتحاول تنام مش عارفه، اتعدلت ونفخت بخنقه بصت في الساعه وكانت 11:20 رجعت بضهرها سندت راسها على السرير وغمضت عينيها واستعدت للتفكير من تاني في مختار إللي عايز يتقدملها كمية أفكار كلها عكس بعض، مابين تمني وهروب، ومش عارفه إيه اللي جواها من ناحيته بالظبط! في الأول مشفقه عليه أنه عقيم ودلوقتي الشفقه اتقلبت لتمني وإعجاب كبير، حبت حبه لولادها، عنده حنان وحنين وحب صادق ليهم مشافتهمش من أبوهم نفسه، طيب وأنا؟ أنا ليه بشوف في عينيه نظرة صدق ليا، إيه كمية الحنان اللي عندك دي يامختار!
كشرت عينيها واضايقت من تفكيرها وشافت أنها بتنجرف ورا إحساسها بس هى واخده قرار أنها مستحيل تخوض التجربه دي مرة تانيه، لأ هى هترفض قراره، خافت من المستقبل، خافت تكون انانيه وتظلم ولادها، خافت مختار يحرم أولادها من الحنان ده بعد ما اتعلقوا بيه، فاقت على صوت إشعار في الفيس بوك وفتحته وكان لمختار وقرأت بقلبها اللي كاتبه وكأنها إشارة علشان قلبها يطمن، وكاتب:- فاقد الشيء هو أحن من يعطيه.
من قال فاقد الشيء لا يعطيه؟ فاقد الشيء يعطيه بالشكل الذي تمنَّى أن يحصل عليه ."
فاقد الشيء يعطيه بسخاء ،لأنه يعرف قيمة ما حُرِمَ منهُ، يعلم قيمة الطمأنينه التي لم يلمسها
،فاقد الشيء يعطيه وبشده
فقد يمنحك أحدهم الأمل وداخله إحباط ، وقد يمنحك النور وداخله مملوء بالعتمة .
فاقد الشيء يعطيه ببذخ ، لأنّه أدرى الناس بمرارة فقدانه.
ابتسمت وحست بالأمان والطمأنينة وأخدت نفس عميق وقالت بصدق:-فعلاً فاقد الشيء يعطيه بالحد الذي لا حد له.
عند ندى.
مازن بيتفحصها بخلثه علشان مايحرجهاش و سألها:- قوليلي بقى يا ندى أنتي ما بتفكريش تشتغلي ليه؟ أنا سألت طنط مشيرة وقالت إنك رافضه الموضوع ده تماماً،بس انا افتكر زمان كنتي بتقولي نفسك تشتغلي في شركه من الشركات الكبيره.
ندى اخدت نفس طويل وردت برسميه:- الشغل كتير يا مازن، بس أنا فعلاً مش حابه اشتغل دلوقتي.
مازن بتفهم:- هي وجهات نظر؛ وبتختلف من شخص للتاني.
ندى بصتله وسألته:- وأنت وجهه نظرك إيه بقى؟ الست تشتغل ولا تقعد في بيتها أحسن!
مازن بعقلانية:- الأمر يختلف يا ندى من بنت للتانيه و حسب ظروفها الحياتية، ورغبتها في العمل، يعني البنت لو عايزه تشتغل بإرادتها هتشتغل وتعمل كارير لحياتها، إنما لو هي حابه تكون ست بيت زي مامتي ومامتك وتربي جيل ناضج فهيكون أفضل بكتير.
ندى سألته:- أفهم من كده انك عايز البنت اللي هترتبط بيها تبقى ست بيت؟!
أبتسم ورد بتصحيح:- أولا البنت اللي هرتبط بيها هتكون انتي إن شاء الله؛ واتمنى بجد إنك توافقي وده من حسن حظي، ثانيا بقى! انا قلتلك تشتغل بإرادتها يعني لو أنتي عايزه تشتغلي فبراحتك، مش عايزه برده براحتك وهيكون أفضل، لأنك هتهتمي بيا وبإولادنا في المستقبل إن شاء الله.
الكلام بينزل في قلب ندى بيشوكه، مش حباه، مش عايزاه، مش عايزه تسمع كلام من ده، النقاش والحوار طعمه مُر تقيل على قلبها، خرجت منها تنهيدة و هزت راسها بصمت واكتفت بالسُكات، مازن حاول يفتح معاها اكتر من موضوع وكانت بترد على قد السؤال، وفي الآخر ختم معاها بلطف:- أنا اتكلمت مع باباكي واخوكي وطنط مشيره في المقابله دي على شوية تفاصيل، وانا بعد ماتوافقي إن شاء الله واخد الرد! ما عنديش مانع لأي طلبات تطلبيها،وانا يا ستي موافق على كل حاجه انتي عايزاها.
ندى مسكت فستانها جامد علشان ما تعيطش:- إن شاء الله.
مازن:- طيب وأخيراً ما لكيش أي طلبات!! مش عايزه تسأليني عن اي حاجه!! مرتبي هنعيش فين! عندي شقه ولا لأ!
ندى ابتسمت بسخريه لأن الحاجات دي بالنسبالها مش هتحيي قلبها الدبلان:- مش هتفرق يا مازن وبعدين؛ أنت معروف للعيله من زمان؛ الكلام ده نقوله للناس الغريبه.
مازن بتفهم:- أتمنى بجد إنك توافقي؛ ويوم الجمعه من الأسبوع الجاي أنا هتصل على رامز واخد منه الرد، سواء موافقه او لا، ولو موافقه هكون أسعد إنسان في الدنيا،و لو لأ؟ فربنا بقى يصبرني لاني مش هلاقي واحده زيك في أخلاقك.
ندى ابتسمت بتكليف وهزت راسها ومردتش عليه، مازن قام واستأذن وسلم عليهم واخد عيلته ونزل، ندى رايحه على الاوضه لكن مشيره نادتها وراحت وقفت قدامهم وقالت بصوت مبحوح:- نعم يا ماما؟!
مشيره بتفاؤل:- تعالي يا حبيبتي اقعدي معانا.
ندى كانت عايزه تختلي بنفسها وحاسه انها مخنوقه جداً، لكن قعدت قدامهم،شمس جت وقعدت جمبها، مشيره سألتها بتركيز:- شوفتي مازن يا ندى؟ إيه رايك فيه؟
بلعت ريقها بغصه:-كويس يا ماما! مازن شخص كويس وعارفينه من زمان.
مشيره بفخر:- لا ومش بس كده! ده فاتح مكتب مخصوص بتاعه؛ و عنده شقه في المعادي؛ وقال اللي انتوا تطلبوه انا مش هقول عليه لأ، أنت إيه رأيك يا فهمي؟
فهمي بفرحة أب:- والله الولد محترم جداً؛ ومعروف من زمان وطول عمره مؤدب ومتربي مع رامز إبنك؛ بس في الأول وفي الآخر الرأي رأي ندى؛ تفكر براحتها وتصلي صلاة الاستخارة وترد علينا.
ندى بصوت محشرج:-مش محتاجه لتفكير يا بابا انا موافقه.
شمس غمضت عينيها وزعلت علشان أختها، اما فهمي فرح ومشيره كانت اكتر الناس فرحه وقامت حضنت بنتها وقالت:- فرحتيني ربنا يفرح قلبك يا بنتي، ألف مبروك ياقلب امك، والله متأكده إن مازن هيسعدك ويريح قلبك.
ندى حاولت تبتسم ليهم وقامت استأذنت:- بعد اذنكم اليوم كان طويل ومحتاجه استريح شويه.
سمحوا ليها تمشي وراحت على اوضتها،شمس رايحه وراها ندى شاورتلها وقالت بتعب:- لا يا شمس؛ لأ انا بجد محتاجه اكون لوحدي.
شمس وقفت وتفهمت حزنها وراحت على اوضتها ندى دخلت وقفلت الباب عليها، جريت رمت نفسها على السرير وعيطت بصوت مكتوم، عيطت بغيظ، عيطت بوجع واتكلمت بشهقات ولوم:- الله يسامحك يا أمير؛ ملعون ابو الحب اللي يفتت القلب ألف حته.
كان واقف في أوضته الخاصة باصص من الشباك؛ محتار وتايه ومش لاقي مرسى، هو صح ولا لأ، كده الأفضل ليها أنا شايف ده كويس، وكلم نفسه في مواجهه:- طب أنت عايز ايه يا أمير! ليه زعلان ومش فرحان!ليه كلامهم دايما بيضايقك مع إنك عارف إن ده الصح، بس الفكرة الوحيده الغلط اللي هما فاكرينها أنها صح! إن أنجي سيطرت على حياتي وخلتني ماببصش قدامي، بالعكس! أنجي فوقتني وفتحت عينيا على حاجات أنا مكنتش شايفها،خلت الكسر اللي جوايا يقويني، انا مش بارد ولا سازج أنا بس اللي واجعني إن ندى حبتني بجد، نظرة عينيها ليا نظرة عاشق، وانا مجرب الإحساس ده، وللأسف واثق انها دلوقتي مش مبسوطه،و واثق انها حزينه وبتبكي على حالها، عايز اكلمها أهون عليها، بس أنا كده هبقى بفتح جرحها وازوده بالملح، آااااه يااااارب انا مخنوق، مخنوق وتعبان وبجد ما بقتش عارف أنا عايز إيه! لكن كل اللي بتمناه إن ندى تقدر تنساني وتعيش حياتها بحرية وتكون سعيده.
دخل الليل بعمق على كل أبطالنا، والليله دي بالتحديد طيرت النوم من عيونهم، الكل تايه وفكرة شريد مابين أمنيات عايزنها تتحقق، ومابين معجزات تغير القدر.
أنجي داخله من باب المستشفى و وراها الجارد، مروان قفل باب العربيه وداخل وراها وباصص في الفون، ليله خارجه وبتقفل شنطتها ومش واخده بالها وخبطت في كتف مروان