رواية أنا لها شمس الجزء الثانى ( اذناب الماضي ) الفصل التاسع عشر 19 بقلم روز امين

 

 رواية أنا لها شمس الجزء الثانى ( اذناب الماضي ) الفصل التاسع عشر بقلم روز امين


«الأمر لم يكن هادئًا ولا مدويًا،وكذلك الألم،لم يكن عاديًا، بل كان فريدًا ، أشبهُ بانسحاب الروح من الجسد بدون ضجيج، لقد حطمتني بعض الظروف وكسرتني كثيرًا من المواقف، لكنني صمدتُ ووقفتُ أمام تحديات الحياة كمحاربًا تحلى بالشجاعة في مواجة أعتى أعدائهِ ، واجهتُ الصعاب بقوة إيماني وتخطيتها بثباتي ، تجاوزتُ عثراتي ومضيتُ إلى الأمام على أمل حلاوة اللقاء وما سيفعلهُ من إزالة لآهاتي وألامي،كم من المراتِ التي تخيلتُ فراشتي وهي ذائبةٌ بين أحضاني كقطعة من الشيكولاتة الدافئة، ويا لسخرية القدر، فمن بين جموع البشر لم تأتني صفعتي الكبرى إلا على يدك يا من كنتي لي المعني الحرفي للحياة،أرأيتي ما فعلتهِ بقلبي الجريح، بفضلكِ أنا أقف الأن أمام اختيارين لا بديل لهما، إما أن تدفعني تلك الصفعة إلى الأمام لمتابعة طموحاتي وتحقيق نجاحاتي لتتوالى والكل يرى رِفعةُ شأني، أو تدفنني تلك التجربة حيًا لأبكي بجوار إنكساراتي، والآن وجب الإختيار، إما أن أكون، أو لا أكون.» 

"يوسف عمرو البنهاوي"
بقلمي«روز أمين»

داخل القرية التابعة لعائلة ناصف
توجهت السيدة "أزهار" إلى الصيدلية المتواجدة على أرض القرية، تحدث الطبيب متلفهًا حين رأها تهلُ عليه بصحبة نجلها الأصغر: 
-أهلاً وسهلاً يا حاجة أزهار
نطقت المرأة بوجهٍ شاحب: 
-اهلاً بيك يا دكتور فريد 
جاء دور نجلها ليتحدث:
-عاوزين حقنة الفيتامين اللي أمي بتاخدها كل شهر يا دكتور 

-أنا تحت أمر الحاجة... قالها الطبيب ليتوجه سريعًا إلى الداخل وإذ بهِ يخرج سريعًا وبيدهِ أمبول الدواء بلونهِ الأحمر الذي يشبه الدماء، تحدث إليها بعدما دعاها إلى الداخل حتى تكون بعيدة عن أعين المارة: 
-إرفعي كُم العباية علشان تاخدي الحُقنة يا حاجة "أزهار" 

ساعدها نجلها وبدأ الطبيب يحقن الدواء ليسري بالوريد بقلبٍ يخفقُ بسرعة زائدة عن المعتاد، ابتلع لعابهُ لينطق وهو يسحب الإبرة بعدما انتهى من تفريغ محتوى الأنبول بالكامل: 
-كدة خلصنا يا حاجة أزهار
أعادت ثوبها كما كان لتنطق بملامح وجهٍ منكمشة نظرًا لبعض الألام التي سببها لها الحقن: 
-تسلم إيدك يا دكتور 

-متشكر يا حاجة... قالها ليدفع له الشاب تكاليف الدواء وينسحب خارجًا منسحبًا مع والدته، رافقتهما عيني الطبيب حتى استقلا كليهما السيارة وانطلق بها الشاب، هرول يلتقطُ الهاتف لينطق بعدما هاتف أحدهما: 
-ايوا يا باشا، كله تمام، الحاجة أزهار جت أخدت الحقنة وأنا نفذت اللي اتفقنا عليه 
ابتسم واتسعت عينيه بشراهة وهو يستمع للطرف الأخر لينطق من جديد بجشعٍ: 
-تمام يا باشا، أنا في انتظار تحويل المبلغ اللي اتفقنا عليه. 

                ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
داخل أحد المحال الفخمة التي تقوم على تقديم الأطعمة الفاخرة 
تلتفُ عائلة "حُسين البنهاوي" حول أحد الطاولات بصحبة "زينة" و"يوسف" حيثُ قرر الأخير الإحتفال بمنصبهِ الجديد وسط هولاء الذين يعتبرهم عائلته، ابتسمت مروة وهي تتحدث بسعادة صادقة إلى يوسف: 
-أنا فرحت علشانك قوي والله يا ابني، ربنا يعلم أنا بعزك ازاي من وإنتَ لسه عيل صغير 
ابتسم لها بمحبة لتسترسل حديثها من جديد بملاطفة: 
-ما شاء الله عليك، من صغرك وإنتَ ليك هيبة يا يوسف

-يوسف إيه بس يا ماما...قالتها تلك المراهقة"تقى" وهي تنظر إلى إبن عمها بعينين هائمتين لتكمل بصوتٍ ناعم ودلالٍ ظهر بَيِن بنبراتها: 
-إسمه حضرة الظابط، ولا إيه رأيك يا حضرة الظابط؟ 
قالتها وهي تستندُ بفكها ونظراتها الحالمة، لم يرق له نظراتها الهائمة التي تتطلعُ بها عليه، لذا تجنب النظر إليها وتحدث إلى مروة باحترام: 
-طنط مروة تقول اللي هي عوزاه،دي في مقام ماما

رمق أحمد شقيقته بحدة حين لاحظ نظراتها الولهة لابن عمه الشاب فارتعب داخل الفتاة وتخشبت خشيةً من بطش أخيها ذو الطابع الحاد وخصوصًا فيما يخص الأخلاق، هم حُسين بالحديث لينطق على استحياء: 
-ابوك كلمني إمبارح هو وستك وزعلانين منك يا يوسف 
طالعه باستغراب ليسألهُ برغم تيقنهُ من السبب: 
-خير يا عمي،وياترى زعلانين مني ليه؟! 

برغم خجلهِ وعدم اقتناعه بحديث شقيقه ووالدته لكنه استمر بالحديث لنقل وجهة النظر لا أكثر: 
-يعني، علشان شكرت جوز أمك وأهله في المؤتمر وحتى مذكرتش إسم ابوك ولا جدك نصر الله يرحمه
وتابع بنظراتٍ لائمة: 
-اللي كان يسمعك يقول إن ملكش عيلة وإنتَ عيلتك تسد عين الشمس يا يوسف، وإسم جدك نصر البنهاوي كان بيتهز له شنبات 

كان يستمع إليه وعلى وجههِ ابتسامة ساخرة لينطق بعدما انهى الرجل حديثهُ: 
- أنا ذكرت فؤاد علام والباشا الكبير لأنهم أصحاب فضل بعد ربنا في كل اللي أنا وصلت له 
وتابع متسائلاً بما أحرج الرجل: 
-لكن مع احترامي الشديد لحضرتك ومقامك عندي يا عمي،إيه اللي قدمهُ لي عمرو البنهاوي أو إسم البنهاوي ككل؟!

فهم ما يرمي الشاب إليه ومعهُ كامل الحق،فنطق على استحياء:
-أنا فاهم قصدك كويس قوي يا ابني،أنا بنقل لك كلام جدتك وأبوك، ومش عاتب عليك في النقطة دي
وتابع ملامًا:
-بس اللي عاتب عليك فيه بجد،هو عدم ردك عليهم في التليفون،أبوك بلغني إنه بيرن عليك هو وجدتك من يوم المؤتمر وإنتَ مبتردش 

استاء عند استماعه لذكر ذاك الموضوع وتذكر سُباب تلك الشمطاء له ولوالدته فتحدث بحدة بالغة: 
-ياريت ما نتكلمش في الموضوع ده يا عمي ولا نفتحه، لإني مش هود واتواصل مع اللي أذى أمي ودمرها لسنين طويلة، وأظن حضرتك عارف كويس قوي عمرو البنهاوي والحاجة إجلال عملوا إيه في أمي
وتابع باستفاضة: 
-وعلى فكرة، أنا رديت عليها إمبارح بعد إصرار عجيب منها وعشر إتصالات ورى بعض
طالعهُ الجميع باهتمام وبالأخص حُسين ليتابع الآخر بوجهٍ حاد: 
-بمجرد ما فتحت المكالمة لقيت سيل إهانة واتفتح في وشي، يا قليل الأصل يا ناكر الخير والمعروف، يا ابن أمك وكلام كتير وإهانات ليا ولأمي وأهلها يعجز لساني عن إعادة ذكرها قدامكم

اتسعت عيني مروة وهي تقول مستنكرة: 
-يادي العيبة، كل ده قالتهولك جدتك إجلال؟! 
-تخيلي... قالها الشاب مذهولاً ليتابع لعمه: 
-هي دي اللي حضرتك بتلومني علشان مبردش عليها؟! 
المفروض إني أرد كل ما تتصل علشان أسمع لي كل يوم وصلة تهزيق ليا ولأمي وتربيتها الناقصة ليا واللي مش عاجبة إجلال هانم؟! 

تنهد الرجل باستسلام لما استمع إليه وتحدث متأسفًا: 
-حقك عليا أنا يا ابني
وبرغم يقينهُ بفظاظة والدته واسلوبها السئ إلا أنهُ تحدث مجملاً الوضع لتحسين صورة الجدة بأعين الأحفاد: 
-جدتك ست كبيرة في السِن، ومش لازم ناخد كلامها على إنه جد ونزعل منه، فوت يا يوسف
-بص يا عمي، أنا معنديش أي مانع في إني أتحملها واتحمل غضبها وإهانتها ليا، بحكم صلة القرابة والدم اللي بينا
وتابع بحسمٍ لا يقبل المناقشة: 
-بس اللي عمري ما هقبله منها أو من اي مخلوق على وجه الارض هو إهانة أمي
وتابع متوعدًا بأعين حادة:
-إيثار الجوهري هي خطي الاحمر، واللي أمه داعية عليه يقرب منه. 

لم يجد حُسين لديه ما يمكن أن يقال ففضل الصمت ليتحدث أحمد بنبرة مرحة لتغيير مجرى هذا الموضوع المزعج: 
-إحكي لنا بقى يا حضرة الظابط، إمتى فكرة المشروع دي جت لك، وإزاي وصلت لاختراع بالعبقرية دي كلها
ابتسم ببشاشة وبدأ يتبادل الحديث مع نجل عمله لينسجم الجميع وينضم 

لاحظت "جنة" انشغال إبنة عمها التي تعبث في هاتفها بملل فسألتها بغمزة مازحة بعدما اقتحمت هاتف الفتاة بعينيها:
-متقلقيش،ممكن يكون مشغول وهيكلمك لما يفضى
انتفض قلب الفتاة وسألتها هامسة بنبراتٍ مرتجفة وهي تُبعد الهاتف عن أعين تلك المتطفلة:
-إنتِ بتتكلمي عن مين يا جنة؟

أجابتها بفطانة بصوتٍ يكاد أن يُسمع: 
-عن اللي عمالة تفتحي الماسينجر كل شوية وتبص على رسايله،ولما متلاقيش جديد بوزك يتمد شبرين لقدام
وتابعت مستنكرة بمزاحٍ:
-وبعدين مبتتواصلوش واتس ليه، ده حتى مريح في الرسايل عن الماسينجر، ده غير إنه آمان يا هبلة

ازدردت ريقها لتنطق نافية بصوتٍ هلع: 
-إنتِ فاهمة غلط يا جنة، ده أنا مستنية رسالة من واحدة صاحبتي هتقولي فيها عن مواعيد محاضرات بكرة 
بخبثٍ وتركيز ردت عليها الفتاة: 
-وصاحبتك دي اسمها "رامي كمال"وحاطة صورة شاب بمجانس؟! 
تصبغ لون وجهها بالاصفر الكاري بعدما هربت منه الدماء لتكمل الأخرى لائمة: 
-إخص عليكِ يا زينة، وأنا اللي كنت فاكرة إننا إخوات ومبنخبيش حاجة على بعض

ازاحت عينيها عن مرمى بصر الأخرى وهمست على استحياء: 
-هقول لك إيه بس يا جنة، هي الحاجات دي تتحكي إزاي
همست الأخرى بحماسٍ لتشجيع إبنة عمها: 
-طب ده أحلا كلام ممكن يتحكي عن الحاجات دي 
وتابعت بلهفة لمعرفة القصة: 
-هتحكي لي إمتى وتعرفيني على اللي اسمه رامي ده؟ 
ابتسمت بخجل وتحدثت: 
-يوم الخميس هستأذن من يوسف وأجي أبات عندكم، وهكي لك على كل حاجة

-إنتوا عمالين توشوشوا بعض وتقولوا إيه؟!... جملة نطقت بها إبنة السابعة عشر عامًا"تُقى "لتلكزها شقيقتها الكُبرى قائلة: 
-إتلهي وخليكِ في النفخة اللي هتتنفخيها من أحمد لما نروح
طالعتها الصغيرة بعدم استيعاب لتتابع"جنة" مفسرة:
-علشان تبقي تبحلقي لابن عمك وتتنهدي قدام أخوكي يا أوكس إخواتك

ابتلعت لُعابها وتحدثت معللة:
-وهو انا كنت عملت إيه يعني ،انا بتكلم مع ابن عمي عادي يعني

نطقت جنة مستنكرة: 
-الكلام ده إبقي قوليه لاخوكي يا حلوة
____________

عاد يوسف وشقيقتهُ إلى منزلهما بعد قضاء سهرة لطيفة مع عائلة عمه ،توجه للداخل وارتمى فوق الأريكةِ المتواجدة داخل البهو،ألقى برأسهِ للخلف مستندًا على ظهر الاريكة وأغمض عينيه ليحصل على بعضًا من الاسترخاء، جاورته الجلوس لتسألهُ بعدما رأتهُ على هذا الحال: 
-مالك يا يوسف؟ 
ظل على حاله وأجابها بصوتٍ واهن: 
-مفيش يا حبيبتي 

سألته باهتمامٍ: 
-مفيش إزاي، هو أنتَ فاكر إني مش واخدة بالي
وتابعت بتأثرٍ: 
-أنا عارفة إن بيسان متقدم لها عريس 
رفع عينيه يناظرها باستغراب لتتابع مسترسلة بحيرة: 
-بس اللي انا مستغرباه إنها موافقة عليه! 

-وإنتِ مين اللي قال لك الكلام ده؟! 

-"تاج"، كانت مكلماني من كام يوم تطمن عليا، والكلام جاب بعضه 
سألها محولاً مجرى الموضوع: 
-من إمتى إنتِ وتاج بتتكلموا؟! 
بهدوء واستفاضة أجابته: 
-من ساعة ما روحت معاك عندهم لما أبو بيسان عمل معاك مشكلة وانا تعبت هناك، من وقتها وهي متغيرة معايا خالص
وتابعت بابتسامة خجولة: 
-تقريبًا كدة صعبت عليها
ابتسامة هادئة ارتسمت على جانب ثغره لتنطق مستطردة: 
-متغيرش الموضوع يا يوسف

-مفيش موضوع أصلاً علشان أغيره يا زينة...قالها بلامبالاة ليتابع مستشهدًا بحديثها: 
-وأديكي إنتِ بنفسك لسه قايلة إنها موافقة

-يعني كده خلصت... انهى حديثهُ بحركة مسرحية من كفاه
همت بالحديث ليوقفها قائلاً: 
-"زينة"، الموضوع انتهى، مش عاوز أي كلام فيه بعد النهاردة 

-يا يوسف...قالتها بلهفة ليرمقها بنظراتٍ نارية ناطقًا بتحذير: 
-"زينة"
صمتت وأنزلت رأسها تنظر للأسفل فسألها لتغيير الموضوع: 
-عاملة إيه في الجامعة
-الحمدلله... قالتها بهدوء لينطق مستطردًا: 
-فيه حد بيضايقك بسبب الموضوع إياه؟ 
نفت سريعًا: 
-خالص، بالعكس، كل زمايلي متضامنين وفرحانين باللي حصل في العيال الزبالة دي
واكملت وهي تطالعهُ بفخرٍ:
-وبعد ما شافوك في المؤتمر وعرفوا إنك أخويا،الكل بيحاول يتقرب مني وبيعاملوني حلو قوي
سعد بشدة لثقتها التي ازدادت بعدما حدث،عكس ما كان يتوقعُ تمامًا من انتكاسة،لكنهُ تفاجأ بما حدث،ابتسم ونطق يثني عليها وهو يتحسسُ وجنتها بحنانٍ بالغ:
-إنتِ جميلة في كل حاجة يا حبيبتي، وكون إن الناس تحاول تقرب منك ده شيء طبيعي

شعرت بروحها تُحلقُ بالسماء وعززت كلماتهُ ثقتها بنفسها أكثر.
وقف منتصب الظهر وتحدث:
-هقوم أخد شاور يفوقني علشان ورايا مذاكرة كتير

وقفت تقابلهُ لتنطق بمرحًا جديدًا على شخصيتها: 
-إيه رأيك على ما تخلص الشاور بتاعك، أعصر لنا كام برتقالة نشربهم مع بعض في البلكونة 

طالعها مستغربًا التطورات التي طرأت على شخصيتها حديثًا ونطق بحبورٍ ظهر بعينيه: 
-وانا يا ستي موافق
ابتسمت بسعادة لتخطو مهرولة إلى المطبخ تحت نظرات يوسف المشيعة لها. 

بعد مدة كان يحتسي مشروبه بصحبتها داخل أجواء مليئة بالألفة،اخرجه من اندماجه معها بالحديث صدوح رنين هاتفه ليرد بسرعة عندما وجدهُ فؤاد الذي نطق: 
-ازيك يا يوسف

اجابهُ موقرًا: 
-انا بخير يا باشا، طمني عليك وعلى ماما واخواتي

-كلنا تمام يا حبيبي... قالها برزانة ثم صمت لثواني قبل أن يتابع مسترسلاً بسؤال: 
-يوسف، كنت عاوز أسألك عن حاجة، وأتمنى تجاوبني بصراحة 

قطب جبينهُ ليسألهُ متعجبًا: 
-ومن إمتى وانا بكذب عليك يا بابا؟! 

اجابهُ نافيًا: 
-أنا مجبتش سيرة الكذب يا يوسف

نطق الأخر رافعًا عنه الحرج:
- اتفضل حضرتك إسأل وانا هجاوبك زي ما اتعودنا، بمنتهى الصراحة

انسحبت الفتاة للداخل تاركة لشقيقها المجال للتحدث بحرية،نطق فؤاد مستفسرًا: 
-إيه اللي حصل بينك وبين بيسان ووصل الأمور للدرجة اللي تخليها توافق على الجواز من راجل غيرك، بعد ما كانت بانية كل أحلامها على وجودك؟! 

-وحضرتك مسألتهاش هي ليه؟
-سألتها طبعاً 
-ويا ترى قالت لحضرتك إيه؟ 
سؤالاً فضوليًا وجههُ إلى أبيه الروحي ليجيبهُ فؤاد بحيرة: 
-أنكرت وقالت مفيش حاجة حصلت، علشان كده جيت سألتك
تنهد بألم فاسترسل فؤاد: 
-يا ترى إنتَ كمان هتحكي لي، ولا هتنكر زيها
اجابهُ بثقة: 
-لو أعرف حاجة أكيد كنت هقولها لحضرتك 

سألهُ بحدة: 
-معناه إيه كلامك ده يا يوسف؟! 
أجاب الشاب بصوتٍ جاهد ليخرج بتلك النبرة الهادئة: 
-معناه إني معرفش أي حاجة يا بابا، أنا وبيسان شوفنا بعض بالصدفة في مزرعة الخيول من حوالي اسبوعين أو أكتر، وقضينا وقت ولا أروع
وتابع بحسرة لم يستطع تخبأتها: 
-فجأة ماما اتصلت بيا قبل المؤتمر بيوم، وقالت لي على اللي حصل من بيسان والكلام اللي قالته لها 
تألم فؤاد لسماعه لذاك الحديث وبنفس الوقت لم يستطع إلقاء اللوم على زوجته، فهي تخشى على صغيرها وتريد تعزيزه، ليتابع الفتى مسترسلاً: 
-هي دي كل المعلومات اللي عندي، والباقي كله عند بيسان. 

تنهد فؤاد وسألهُ: 
-محاولتش تسألها إيه السبب ورى قرارها المتهور ده؟! 

-خِلصت يا بابا... قالها بنبراتٍ وصل تأثرها إلى فؤاد، أخذ الفتى نفسًا مطولاً ثم تابع حديثهُ: 
-هي قررت واختارت الراجل اللي يناسبها
وتابع بثباتٍ وعزة نفس: 
-وأنا أكيد هلاقي البنت اللي تشتريني وتناسبني
نطق بلومٍ تجلى بحروفهِ: 
-يا خسارة يا يوسف، كنت فاكرك مُحارب

-لو كانت شرياني كنت حاربت الدنيا كلها علشانها...وتابع بغصة وقفت بمنتصف حلقه: 
-لكن أنا إتباعت بالرخيص يا بابا، وأمي اتعايرت بيا من أكتر بنت حبتها وأتمنيتها، وإهانتي منها ومن ماجد كوم
صمت لبرهة وتابع بتحدي وعنفٍ ظهر بصوته: 
-وإن أمي حد يمس كرامتها بكلمة واحدة، دي عندي كوم تاني يا باشا

لم يجد في جوفه ما يسعفه للحديث ففضل الإنسحاب قائلاً بحسرة أخيرة: 
-خلاص يا يوسف، هي فعلاً زي ما أنتَ قولت، خِلصت.
لم يجد كلاهما حديثًا ليتابعاه ففضلا إنهاء الإتصال بهدوء.

                ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
داخل منزل "عمرو البنهاوي "
وصلا والداي "رولا" بعد أن استدعتهما إلى القاهرة لشدة اشتياقها الشديد لهما،وأيضًا ليخلصاها من تلك المصيبة التي حلت على حياتها واستوطنت منزلها، هرولت لترتمي بأحضان والدها قائلة بكثيرًا من الاشتياق: 
-حياتي يا بابا، كتير اشتقت لك

أبعدها قليلاً ليحتوي وجنتيها بكفيه قائلاً باشتياقٍ ظهر بعينيه ونبرات صوته: 
-كيفك يا تؤبريني؟ 
أجابتهُ بحركة نافية من رأسها: 
-ماني منيحة يا بابا، دخيلك تخلصني من هالمصيبة يلي إسمها "ستهم" 
وتابعت بذهولٍ وعدم استيعاب لشخصية تلك المرأة غريبة الأطوار: 
-هيدي المرة كتير بشعة،بعمري ما شفت هيك شخصية
تحدثت والدتها بحدة: 
-ليش مطلبتي من "عمرو" يبعتها عبيتها؟! 

صاحت بحدة: 
-قِلتِلو يا ماما، قالي ما فيني أكحشها من بيتي ، هيدي إِمي وبيتي بيتها

نطقت والدتها بلهجة اعتراضية: 
-وإذا كانت إمه، هيدا ما بيعطيها الحق لحتى تخنق عيشتكُن هيك؟! 

تحدث والدها بتعقلٍ:
- فيكُن تهدوا شوي، أولاً ما فينا نتحكم بالزلمة بقلب بَيته، المرة بتكون إمه

اتسعت عينا "نائلة" لتنطق باعتراضٍ حاد: 
-شوهالحكي يلي عم يطلع من تمك يا سَليم؟! هيدي بنتك يا زلمة ولازم توقف حدها

نطق الرجل متهكمًا: 
-إي بتؤمري "نائلة" خانوم، رح أدخل هلا وأعطيه لچوز بنتك كفين عوشو وواحد عقفاه وبقله توصل إمك عبيتها في الحال وإلا

طالعته زوجته بلومٍ حاد لينطق للتهدئة: 
-دخليكُن لا تزيدوها
في تلك الأثناء أتت الصغيرة من الداخل لتصيح بصرخاتٍ تنمُ عن كم سعادتها الهائلة: 
-جدو وتيتا إجو لعنا
هرولت ليتلقفها سليم يرفعها لتسكن بأحضانه ويقول وهو يضمها ويشم رائحتها العطرة: 
-يا أهلا وسهلا بحبيبة چدو، إشتئتلك كتير يا تؤبريني 

نطقت الصغيرة بنبرة غلبت عليها الحنان: 
-وأنا كمان إشتئتلك چدو
وتساءلت بدلالٍ مفرط: 
-شو چبتلي معك يا چدو؟ 

أجابها وهو يُقبل وجنتها بولهٍ: 
-كل يلي أمرتي فيه چبت لك إياه، برنسس "نور" تؤمر والچدو بنفذ

خرج عمرو حاملاً صغيرهُ لتسرع نحوه "نائلة" تنتشلهُ منه وهي تغمرهُ بحنانها قائلة: 
-حبيب التيتا يلي كبر، يؤبرني چمالو وعيونه الحلوين، كيفه الحلو

اقترب "عمرو" من والد زوجته لينطق بترحابٍ حار: 
-مصر نورت يا "سليم" بيه

-والله مصر منورة بأهلها يا "عمرو"... قالها الرجل وهو يربت على ظهر زوج ابنته الوحيدة لتقترب" نائلة" وهي تطالعهُ ببرودٍ يعود لعدم تقبلها لشخصه،فمنذ طلبه الزواج من ابنتها وهي تبغضهُ وحاربت كثيرًا لتمنع تلك الزيجة لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل لعشق ابنتها الأعمى لذاك الذي طالما رأتهُ أهوجًا وثقيل الظل،مدت كفها لتصافحهُ بابتسامة صفراء: 
-كيفك
رد بذات الطريقة السخيفة لعدم تقبلهُ هو الآخر لها: 
-أنا تمام، نورتي البيت ومصر كلها يا هانم

-ميرسي لئلك... قالتها بوجهٍ عابس لتهرول ابنتها تجاورها الوقوف وتقترب تلكزها بخفة في يدها لتطالعها الأخرى بحدة قابلتها "رولا"بنظراتٍ متوسلة وهي تهمس بجانب أذنها: 
-بليز ماما، متزعليه 
همست المرأة عاتبة على ابنتها: 
-لو بس بعرف شو يلي عاجبك بهالأزعر،كان عقلي بيرتاح وبيهدى  
وتابعت باستياءٍ وملامح وجه مكفهرة وهي تتابع مزاحهُ الثقيل مع" سليم إلياس":
- يا دلي عتِقل دمه
رمقتها ابنتها بغضبٍ ممزوجٍ بلومٍ لتزفر الأخرى متابعة باعتذار مجبر: 
-خلص يا ماما، لا تزعلي حالك، رح حاول أتجنبه بالكام يوم يلي رح نقعدهم بمصر

-كام يوم؟!... جملة نطقتها رولا بانزعاجٍ وهي تقول: 
-شو عمبتقولي يا ماما، البابا خبرني من قَبل وقالي رح تقضوا معنا الصيفية كلها هون

تحدثت المرأة بتأثرٍ: 
-ما فينا يا قلبي، ابوكي عنده شغل لفوق راسه، وأنا مبقدر أترك الأتيليه تبعي كل هالمدة
وتابعت بمزاحٍ كي تخرج ابنتها من حالة الحزن التي تملكت منها: 
-مافيني إترُك نسوان فرنسا بلا موضة، بتعرفي مفيهُن يلبسوا إلا عَذوقي
ضحكت رولا وتحدثت بمزاحٍ مماثل: 
-إي بعرف يا نائلة خانوم ،بس ياريت متكوني نسيتي الكام قطعة يلي وصَيتِك عليهُن

أجابتها بحنانٍ: 
-مافيني أنسى أي شي بيتعلق فيكي ، إنتِ نور عيوني يلي بشوف فيهن يا "رولا" 

احتضنتها "رولا" وتحدثت بسعادة: 
-تؤبري قلبي يا ماما

انتهى عمرو من حديثه المرح مع والد زوجته لينطق موجهًا حديثهُ للجميع:
-اتفضلوا علشان أعرفكم على ماما

-ريتني إقُبرك إنتَ وإمك وبخلص منكن عن قريب... جملة همست بها "نائلة"ليسألها عمرو بفضولٍ: 
-بتقولي حاجة يا حماتي؟! 

ابتسمت بسخافة لتجيبهُ: 
-بدعيلك وللست الوالدة بطيلة العُمر
ثم تابعت بحدة وصرامة: 
-وكام مرة نبهتك ماتقِلي يا حماتي،يا زلمة يلي بيشوفك أصلاً بِفكرك بيي 
قهقه سليم ليحتضن كتفها وهو يقول إرضاءً لها: 
-بهيدي معك كِل الحق حياتي، يلي بيشوفك أصلاً بيفكرك بنتها لـ"رولا "
قالها وهو يغمز لابنته التي نطقت ليتماشى حديثها مع والدها: 
-موهيك بنتي؟ 

-أكيد يا بابا،الماما مافي بجمالها، يا الله شو بتچنن

-ميرسي حياتي... قالتها المرأة برضا وانتشاء تحت نظرات عمرو النارية التي تخترقها ليهمس وهو يقول لحاله:
-ربنا يهدك يا حيزبونة،ولية حرباية 
ولچ الجميع للداخل ليجدوا تلك المرأة السمينة وهي تتوسط الأريكة وتملؤها،رمقت كلاً من سليم ونائلة التي طالعتها بعدم ارتياح لينطق عمرو: 
-أحب أقدم لكم ماما، الحاجة إجلال

قاطعتهُ بحدة وهي تتبادل النظرات المخيفة بين الرجل وزوجته لتقول بصوتٍ غليظ جاد: 
-ستهم، إسمي ستهم

نطق "سليم إلياس" مرحبًا: 
-أهلا وسهلا يا سِتْ سِتهم
لم تعرهُ اهتمامًا بل حولت بصرها ووجهها العابس لتلك المرأة وثيابها الخليعة بالنسبة لها، حيثُ كانت ترتدي كنزة بدون أكمام بفتحة عميقة من الصدر وبنطالًا يصل لتحت الركبة بقليل،قطع تعمقها عمرو الذي نطق ليكمل التعارف: 
-ودي "نائلة" هانم، والدة رولا

مالت المرأة برأسها قليلاً كتحية منها قابلتها الأخرى ببرودٍ زاد من غضب رولا ليتابع عمرو مشيرًا إلى والد زوجته: 
-وده بقى حمايا العزيز وصاحبي كمان، سليم باشا إلياس
ضحك الرجل وربت على كتفه باستحسان يعود لمحبته لشخصه لترد المرأة بفظاظة: 
-أهلاً 

خرج صوت نائلة مجبرًا: 
-أهلين فيكي يا سِتهم، كيف صحتك؟ 

-زي البومب...قالتها برخامة لتزفر رولا من ثقالة تلك المراة عديمة الذوق والتي لا تعلم شيئًا عن أصول الترحاب بالزائرين وحُسن استقبالهم،فتحدثت لكي تخرج والديها من ذاك الموقف المحرج:
-شو يا بابا،رح تضلكن واقفين هيك
نطق عمرو سريعًا بعدما انتبه: 
-اتفضلوا ارتاحوا يا جماعة، البيت بيتكم

نطقت رولا بقوة وتأكيد لوضع حدودًا لتلك المرأة السليطة: 
-طبعًا مهيدا بيتي، وهنن البابا والماما، يعني بَيتُن هنن كمان
قالت جملتها الأخيرة وهي تتعمق بعين إجلال بتحدي أثار حفيظة الأخرى حيث رمقتها بسهامٍ نارية ولو النظرات تصيب لفتكت بتلك الرولا وأنهت أمرها في الحال

جلس الجميع وبدأوا بفتح مواضيع مشتركة تحت تبرم إجلال وتسليطها النظرات الحادة على الجميع، تلقت اتصالاً من نجلها البكري "طلعت" فتحدثت بحدة أمام الجميع: 
-توك ما افتكرت أمك يا سي طلعت، طبعاً ما تلاقي الحرباية اللي انتَ اتجوزتها لهياك عن أمك
وتابعت بإسلوبٍ فظ جعل  أعين سليم ونائلة تتسعُ على مصراعيها: 
-وديني لو جيت لقيتها مبهدلة البيت لكون مسودة لك عيشتها 
ابتلع عمرو لعابه خجلاً لتهمس نائلة لابنتها التي تجاورها الجلوس: 
-شو هالمرة يلي معيشتيها بقلب بيتك يا رولا، يا الله عالسم يلي بيطلع من تمها

همست الابنة: 
-منشان تعذريني يا ماما، هيدي المرة منا طبيعية ومكانها الحقيقي بين المچانين

على الجانب الآخر، يجلس طلعت فوق سريره منعمًا على الفراش الحرير يتذوق حبات العنب من يد تلك الفتاة التي تجاورهُ الفراش والتي بالكاد أتمت عامها السابع عشر، فقد تزوجها جميلة صغيرة السِن كي يحرق قلب طليقتهُ "ياسمين"التي تزوجت من رجلٍ غيره فور طلاقها منه و أنجبت ذكرًا وهذا ما أشعل قلب طلعت وتزوج لينجب هو الآخر الذكر الذي لطالما كان يحلم به ،تحدث وهو يلتهم حبات العنب من أصابع تلك الشقية:
-كلام إيه اللي بتقوليه ده بس يا أما، دي حتى نوجا بتحبك وكل شوية تسأل هتيجي إمتى
ابتسمت الفتاة وداعبت صدر زوجها بأصابع يدها ليبتسم كالأبله ولكن سرعان ما اختفت تلك الابتسامة فور سماعه لكلمات والدته الحادة: 
-يا اهبل دي بتسأل علشان تطمن وتاخد راحتها بنت نفيسة
وتابعت مستنكرة بتهكم: 
-وإيه نوجا دي كمان يا سبع البرمبة، هي قوام كلت بعقلك حلاوة وخلتك تدلعها، إنشف يا طلعت وارجع زي زمان، إنتَ مش عاجبني، الكام سنة اللي بعدتهم عن البلد وعني غيروك، خلوك ضعيف ونسوك إنتَ كنت إيه زمان
وتابعت بكبرياء وغرور وهي تتطلع بوجوه الجميع: 
-إنتوا ولاد الحاج" نصر البنهاوي"، اللي كلمة منه كانت بتهز رجالة المركز كله. 

انتهى اليوم وصعد الزوجان إلى غرفتهما كي يغفيا،كانت تجلس فوق مقعدها أمام مرآة الزينة، تضع بعض الكريمات المرطبة لمرفقيها ووجهها فتحدثت إلى عمرو الجالس فوق الفراش ينتظر قدومها: 
-بليز عمرو، ممكن إذا بتسمح تعامل الماما منيح، بلاها التكشيرة يلي معبية وچك كل مبتشوفها قِدامك
هتف مذهولاً من حديثها: 
-أنا، دي هي اللي مبطقنيش يا "رولا" 
وتابع مبررًا: 
-أنا لو عليها وعلى كرهها ليا والله ولا أعبرها ولا أستقبلها في بيتي أصلاً، أنا بحترمها بس علشان خاطرك وخاطر عمي سليم 
احتدت ملامحها وامتلأت بالقسوة لتهتف معترضة بحدة على إهانتهُ بالحديث عن والدتها: 
-إنتَ كيف بتتجرأ وبتحكي هيك عن الماما؟! 
ابتلع لعابهُ من حدتها وسرعان ما نطق مبررًا: 
-مقصدش طبعاً يا حبيبتي، بس إنتِ شايفة معاملتها ونظراتها ليا عاملة إزاي؟ 
نطقت بحدة: 
-إسم الله عمعاملة الست إِمَك، مهي كمان بتعاملني كأني مرته لچوزها مو إبنها، ومع هيك بتعامل معها بكِل احترام، مع إنها مبتطيق تشوف وچي، بس كل واحد بيتعامل بأصله وبحسب تربيته
أزاح عنهُ الغطاء وتوجه إليها ليراضيها، احتوى كتفيها بكفيه ومال بطولهُ ليقبل وجنتها وهو يقول: 
-إنتِ مفيش زيك يا قلبي
اقترب من شفتها ولثمها بنهمٍ جعل الأخرى تذوبُ بين يديه وتنسى إساءته لوالدتها،حملها وتحرق ليُلقي بها فوق الفراش بعنف حرك إثارة الأخرى«ليغيبا سويًا داخل عالمهما الخاص» 
بعد مدة كانت تقبع داخل أحضانه تتنعمُ بحنانه وشعورها بالسعادة التي لم تحصل عليها سوى بحضن ذاك الـ"عمرو"، كعادته استغل تللك الفرصة وقرر اغتنام صفائها لينطق: 
-هو أنا ممكن أطلب طلب من حبيبتي
كانت تلتصقُ بوجنتها على صدره مغمضة العينين باسترخاءٍ تام لتهمس بنبرة هائمة: 
-بتؤمر حياتي،لو بتطلب عيوني مبتأخر 
ابتسم وتنفس منتشيًا متفاخرًا بنفسه من حالة السيطرة التامة على تلك الجميلة البلهاء،مال على وجنتها ليضع قُبلة وتحدث:
-ربنا يخليكي ليا يا "رولا"
وتابع بدهاءٍ يخبرها عن خطته التي خطط لها بخبثٍ كعادته مؤخرًا:
-كنت عاوزك تاخدي "نور" وتروحي ليوسف بكرة قدام جامعته
رفعت رأسها تطالعهُ بجبينٍ مُقطب وهي تسألهُ: 
-لشو؟ 
تنهد بثقلٍ حقيقي يخرج من أعماق قلبه ثم أجابها بحزنٍ صادق: 
-يوسف مش قابلني في حياته يا رولا، مش مديني فرصة أقرب منه، حتى مكالماتي مبيردش عليها
وتابع بلمعة ظهرت بعينيه تأثرًا من عدم تمكنه من لمس نجله الحبيب: 
-نفسي أخده في حضني يا رولا، أعوضه عن سنين الحرمان اللي فاتت وأعوض نفسي معاه، نفسي يصفى من ناحيتي 
هتفت بغلٍ من بين أسنانها تعاطفًا مع الحبيب: 
-وكيف بده ينسى ويصفى وهاديك العقربة يلي اسمها إيثار مسيطرة على عقلاته
هيدي المرة مانا سهلة، ومنصبه لزوجها الاهبل مقوي قلبها، الشاب بيضله معزور يا عمرو
تحدث متلهفًا: 
-علشان كده عاوزك تاخدي نور وتحفظيها كلمتين حلوين تقولهم له علشان يحن ورجله تاخد على هنا علشانها هي وأخوها، يوسف حنين واللي خلاه يتحدى إيثار ويسيب البيت ويروح يعيش مع بنت الحقيرة سمية اللي المفروض خربت بيت أمه زي ما فهمته، يخليه يتنازل وييجي هنا علشان اخواته الصغيرين
أجابتهُ وهي تتحسس ذقنهُ بطمأنة: 
-فهمت عليك حياتي، ماتعتل هم، أنا بحلها 
اعتلت البسمة وجهه ليقبل شفتيها بنهمٍ تعبيرًا عن امتنانهِ وشكره لِمَ تقدمهُ له طيلة الوقت. 
                ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
باليوم التالي 
داخل الحرم الجامعي، تتحرك بيسان على عجالة في طريقها لحضور المحاضرة الأولى، وجدت نبيل يقبل عليها فتوقفت لينطق هو بابتسامة هادئة: 
-إزيك يا بيسان
-إزيك إنتَ يا نبيل...قالتها بملامح وجه منطفية ليسألها ببرودٍ واحباط: 
-لسه بابا مبلغكيش برأيه في موضوعنا؟ 

بنبرة خالية من التعبير تحدثت كالروبوت الفاقد للحِس: 
-بلغني، وهيكلم بباك النهاردة علشان تيجوا عندنا ونتفق على ميعاد وتفاصيل الخطوبة 
وكأن حياتهُ رُدت إليه بكلماتها تلك، فمنذ لقاء والده بعائلتها العريقة فقد الأمل في موافقتهم وخصوصًا أنهم تأخروا في الرد، اتسعت ابتسامته وهو يسألها بلهفة: 
-طب ليه ما اتصلتيش بيا وقولتي لي؟! 

-كان عندي مذاكرة كتير إمبارح ومفضتش يا نبيل... قالتها بعدم اهتمام أصابهُ بالإحباط لكنه تغاضى عن الآمر سريعًا، يعلمُ علم اليقين أنها لم تريدهُ بقلبها، بل كبريائها من دفعها على الموافقة، لكنه لا يهتم، جُل ما يعنيه أنهُ فاز بتلك المعركة وسحق حبها وذاك المغرور يوسف، بالإضافة إلى الاستفادة التي سيحصل عليها معنويًا وماديًا إذا ارتبط اسمه بعائلة علام العريقة، وبهذا سيكون لأولاده شأنًا وعائلة وبتلك الطريقة سيتخلص من عقدة النقص التي تلازمهُ أينما ذهب، كاد أن يتحدث فقاطعتهُ بوجهٍ عابس ذابل: 
-بعد إذنك، عندي سكشن مهم 
لم تنتظر حتى لاستماعها لكلماته وانسحبت مهرولة من أمامهُ، خلع عنه نظارته الشمسية والتف يتابع رحيلها ثم نطق متوعدًا: 
-ماشي يا بنت ماجد، إدللي على كيفك، بكرة هندمك على كل تصرف عملتيه معايا بقلة ذوق، وهخليكي تبوسي رجلي علشان بس أرضى عنك
وتابع بابتسامة مغرورة: 
-بس ده مش هيحصل قبل ما اخليكي تدوبي في غرامي، ولما تدوقي حضن وعشق نبيل السرجاوي اللي مفيش ست قدرت لحد الأن تقاومه، إنتِ اللي هتجري ورايا وتتمني لي الرضا. 

ارتدي نظارته من جديد وتحرك بخطواتٍ واثقة إلى الكافيتريا تحت نظرات "عالية" التي كانت ترمقهُ من بعيد بحزنٍ وألمٍ وحيرة.

             ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
في مكانٍ أخر وجامعةٍ أخرى، خرجت "زينة" بعد انتهاء محاضرتها لتجلس وحيدة داخل كافيتريا الجامعة،تتناول شطيرتها والحزن يسيطرُ على ملامحها البريئة، قلقةً هي وحائرة لعدم تواصل "رامي" معها ليلة الأمس كعادتهِ اليومية، فمنذ أن تقربا وهو يراسلها بشكل يومي للإطمئنان عليها، والامس كان اليوم الأول لتجاهلهُ، انتفض قلبها حين رأته يُقبل عليها بابتسامتهِ البشوشة: 
-صباح الخير، إزيك يا "زينة"

برغم لهفة قلبها عليه إلا أنها تظاهرت بالبرود لتنطق بهدوء عكس ثورة قلبها: 
-صباح النور 
-تسمحي لي أقعد... قالها مشيرًا على المقعد المقابل لتنطق على استحياء فتلك هي المرة الاولى التي يتجرأ ويطلب مجالستها: 
-إتفضل
جلس لينطق بما انهى على صبرها وفخم شعور الخجل لديها: 
-وحشتيني
اتسعت عينيها ذهولاً ممتزجًا بخجلٍ ودهشة ليبتسم على رد فعلها العفوي، ازاحت بصرها بعيدًا ليقهقه متفاخرًا بحاله، سألتهُ كي تخرج من حالة التلبك التي أصابتها إثر كلمته: 
-هو أنتَ مكلمتنيش إمبارح ليه؟ 
أجابها موضحًا بهدوء: 
-ماما تعبت شوية وروحت معاها للدكتور، اتأخرنا هناك ولما رجعنا كان الوقت متأخر،دخلت علشان أكلمك لقيتك أوفلاين. 

-ألف سلامة على ماما،طب هي كويسة؟... قالتها باهتمام وهي تنظر بعينيه ليجيبها: 
-أحسن الحمدلله، شوية رطوبة في العضم والدكتور وصف لها أدوية
استجمعت شجاعتها لتنطق وهي تتعمقُ بعينيه: 
-ممكن لما يكون عندك ظروف زي كده تبقى تطمني حتى برسالة بسيطة
وتابعت بشعورٍ عميق وصل لعمق قلبه وزلزلهُ: 
-أنا قلقت جداً إمبارح عليك

-قلقتي عليا بجد؟... قالها بصوتٍ وعينين هائمين لتهز رأسها بنعم وابتسامة خجلة تزين ثغرها الصغير ليداعبها بكلماتهِ: 
-طب ولما قلقتي، مبعتليش رسالة ليه تطمني عليا؟ 

-إتكسفت... قالتها على استحياء وتابعت متعللة: 
-وبعدين إنتِ كنت أوفلاين، هبعت لك ازاي! 

-كنتي إتصلي بيا
-مش معايا رقمك... نطقت بها وهي تتهربُ بعينيها بعيدًا لينطق مستغلاً كلماتها:
-لا ده كده لازم رقمي يكون معاكِ
طالعتهُ مندهشة ليتابع مفسرًا:
-علشان الطوارئ
ابتسمت ليبسط ذراعهُ مشيرًا لهاتفها:
-إديني تليفونك أسيف لك رقمي

وكأنها منساقة بسحر عينيه أمسكت بهاتفها وناولتهُ إياه ليدون رقمهِ ويتصل برقمه ليدون رقمها لديه هو الآخر،وتحدث وهو يناولها الهاتف:
-شوفتي الموضوع بسيط إزاي

ابتسامة رقيقة شقت ثغرها لينطق بعينين مسحورتين:
-ضحكتك حلوة قوي،كل حاجة فيكي حلوة قوي يا "زينة"
تحمحمت لتهب واقفة وتحدثت وهي تلملم أشيائها بارتباكٍ:
-أنا لازم أمشي
ابتسم وراقب هروبها وهو يداعب ذقنه بأصابع يده مستمتعًا بتلك المشاعر الطارئة عليه. 

             ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
أمام كلية الهندسة جامعة القاهرة 
خرج يوسف من الجامعة وتوجه إلى مكان اصطفاف سيارته ليتفاجأ بتلك التي خرجت سريعًا من سيارتها واقتحمت خطواته لتقطعها تلك المجاورة لها والتي هرولت على شقيقها قائلة بابتسامتها الرائعة: 
-أخي يوسف، كتير إشتئتلك
طالع الصغيرة باندهاشٍ وبدأ يتبادل النظرات بينها وبين تلك الـ"رولا" التي أقبلت عليه بحيوية لتنطق مبتسمة: 
-كيفك يا حضرة الضابط
نطق بعدم استيعاب: 
-أنا بخير الحمدلله 
فاجأتهُ تلك الصغيرة التي بالكاد تصل لركبته لينزل ببصرهِ يطالعها وهي تجذبه من بنطاله كي ينتبه، فنطقت حين تلاقت أعينهما: 
-إحملني لحتى بَوْسَك
ابتسم تلقائيًا ومال بطولهِ الفارع ليحمل تلك التي لفت ساعديها سريعًا حول عنقه لتقترب من وجنته وقامت بوضع قُبلة بثت لهُ مدى اشتياقها مثلما أوصتها والدتها،نظر لعينيها مستغربًا حنانها الزائد برغم عدم لقائهما منذ تلك المرة الأولى ،لتفاجأهُ بقولها وهي تتحسسُ ذقنه: 
-إنتَ ليش مبتحبني أنا وسَليم؟ 
قطب جبينهُ وتحدث متعجبًا: 
-مين اللي قالك إني مبحبكوش؟بالعكس،انا بحبكوا جداً 
قابلت حديثهُ بسؤالٍ ذكي حفظته بتركيزٍ عالي: 
-لكان ليش ماعم تچي لعنا إذا عنچد بتحبنا

-علشان عندي جامعة ومذاكرة كتير
-بس إحنا كتير بنحبك وبنشتئلك ، فيك تيچي ولو لمرّة
وتابعت متوسلة ومازالت تتحسسُ ذقنه النابت: 
-بليز يا چو تچي لحتى يشوفك سَليم، ولحتى أورچيك أوضتي وألعابي يلي چابن چدو والتيتا

اقتربت تلك الحرباء وأكملت خطتها للتأثير على مشاعر الشاب: 
-قد مابعدت مافيك تنكر إخواتك وتبعدهن عن حياتك يا يوسف، حاول تفرق بين خلافاتك مع بيّك وبين إخواتك الزغار ، هدول إلهُن حق عليك
وتابعت بأعين متوسلة: 
-وأنا بدي ولادي يكون إلهن سند بعد بيهُن، إنتَ أخوهن لكبير يا يوسف، ما فيك تتخلى عنهُن وعن مسؤليتك تچاهُن

كاد أن يتحدث لكنه صمت عندما اقتحمت وقفتهم تلك الـ"ساندي" وتحدثت بمرحٍ وهي تتحسسُ وجنة تلك الصغيرة القابعة بأحضان شقيقها: 
-مين البنوتة الحلوة دي يا حضرة الظابط 
تحمحم ليجيب زميلتهُ بهدوء: 
-دي أختي الصغيرة
هتفت مبتسمة: 
-معقولة أختك، إسمك إيه يا جميلة
أجابتها الصغيرة بابتسامة: 
-نور، هيدا بيكون إسمي

سألتها مستغربة لكنتها: 
-إنتِ سورية؟! 
أشار بكفه إلى رولا التي لعنت تلك المتطفلة ولو بيدها الأمر لجذبتها من خصلاتها البنية والقت بها بعيدًا لتكمل خطتها: 
-مدام "رولا"،مامت اختي 
بسطت"ساندي "ذراعها لتفاجأها رولا بحديثها الجاد: 
-انا بكون مَرت بَيه ليوسف، ولبنانية، ماني سورية متل ما توئعتي

-أهلاً وسهلاً بحضرتك، مبسوطة جدًا إني اتعرفت عليكي 

-ميرسي لئلك حياتي...قالتها بابتسامة زائفة، بدأت ساندي بمداعبة الصغيرة التي تعالت ضحكاتها مما أسعد يوسف وابتسم هو الآخر
بدأ الجميع يتبادلون المداعبات والحديث المرح مع الصغيرة، ومن سوء الحظ حضرت بيسان بسيارتها التي صفتها على الرصيف المقابل، لا تعلم ما السبب الذي أتى بها إلى هنا،فقد إشتاقت إليه وغلبها الحنين،فاستمعت لنداء قلبها وانساقت إليه،ولسوء الحظ رأت تلك الصورة التي صدمتها،تلك الفتاة لا غيرها تجاورهُ بالتصاقٍ بحُجة مداعبة الصغيرة،مهلاً مهلاً،من تلك الصغيرة أصلاً؟!
ومن تلك الشقراء التي تجاورهم،لابد أنها شقيقتها وتلك هي ابنة الشقيقة،ضحكت ساخرة من سذاجتها لتهتف بألمٍ يمزق قلبها وهي تدق على طارة السيارة بندمٍ:
-غبية غبية،في عز ما انتِ لسه بتشتاقي له وتسمعي كلام الملعون قلبك،البيه عايش حياته ومبسوط مع حبيبته الجديدة

تابعت بدموعٍ شرخت قلبها قبل العين: 
-لا وكمان عارف عيلتها وشايل بنت أختها زي ما تكون بنته،يظهر إن الموضوع دخل في الجد وحضرة الظابط داخل على مشروع جواز قريب

صرخت لائمة لحالها وهي تشهق من شدة البكاء:
-انا ازاي كنت غبية قوي كدة،إزاي مخدتش بالي من يوم ما بِعد عني واتحجج بمعاملة بابا ليه
طالعة إبتسامتهُ وتقبيلهُ لوجنة الصغيرة لتنطق بقلبٍ يكاد تتوقف دقاتهِ من شدة الألم:
-يا خسارة يا يوسف،يا خسارة الأيام والليالي اللي سهرتها أناجي فيها حبك،يا خسارة سنين عمري اللي ضاعت في هواك الكذاب، يا حقير، يا حقير يا يوسف، ربنا ينتقم لي منك، ربنا ينتقم لقلبي منك
باتت تدق على قلبها بقوة قبضتها وهي تصيح من شدة الوجع: 
-آه، يارب ساعدني إني اقدر أخد حق قلبي اللي انكسر منه، ساعدني أنتقم لكرامتي اللي داس عليها بجزمته. 
باتت تتطلعُ عليه والغل والألم يشطران قلبها لنصفين حتى قررت الرحيل قبل أن تُصاب بذبحة صدرية وهي ترى تلك الصورة المؤلمة. 

             ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
ليلاً بمنزل عالية، ولچت إلى مطبخ مسكنهم المتوسط الحال لترى والدتها تجلس تحتسي كوبًا من الشاي، جلست بمقعدٍ مقابل لتنطق بحيرة: 
-ماما، عاوزة أحكي لك على حاجة حصلت ومنكدة عليا حياتي

-خير يا عالية، قلقتيني... قالتها المرأة بعدما أصابها الذُعر على نجلتها لتقاطعها الأخرى سريعًا: 
-حاجة تخص بيسان صاحبتي
وباتت تقص عليها جل ما حدث من البداية للآن، تنهدت المرأة وتحدثت بتعقل تجنبًا لدخول ابنتها في مشاكل لا دخل لها بها: 
-ملكيش دعوة يا عالية، اللي اسمه نبيل ده شكله واصل وشراني، صاحبتك مش صغيرة وأهلها قد الدنيا، وهو كمان على كلامك ابوه غني وواصل، وإحنا يا بنتي ناس على قد حالنا، 
إحنا إتنين ولايا، ملناش سند ولا راجل يحمينا بعد أبوكِ الله يرحمه، مدخلناش في مشاكل إحنا مش قدها

بعينين لامعتين بغشاوة الدموع تحدثت الفتاة: 
-بس أنا صعبان عليا قوي بيسان ويوسف، ضميري بيأنبني وأنا عارفة الحقيقة وساكتة،حاسة إني خاينة يا ماما

نطقت المرأة مبررة: 
-وهو أنتِ كنتي متأكدة من إن نبيل ده هو اللي دبر مقابلة يوسف وصاحبته دي،دي كلها شكوك عندك يا "عالية"،إنتِ معندكيش دليل مؤكد على إنها لعبة واتعملت على صاحبتك وحبيبها
-يعني إنتِ شايفة إني أسكت؟... سؤالاً طرحتهُ الفتاة بقلبٍ يتمزق حزنًا على حال صديقتها لتهتف المرأة مؤكدة:
-طبعاً تسكتي،والكلام ده تنسيه خالص ولا تفتكريه حتى بينك وبين نفسك
وتابعت متأثرة: 
-إحنا غلابة يا بنتي ومش قد الناس دي،هما كبار في قلب بعضيهم،لكن احنا لو وقعنا في وسطيهم هنتفرم،خلينا مستورين وماشيين زي ما احنا،ده احنا بنقول يا حيط دارينا. 
تنهدت بألم وهزت رأسها بموافقة رغم ضميرها الصارخ. 

                ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بعد مرور يومين 
داخل قصر علام زين الدين
كانت تتدلى من أعلى الدرج ترتدي ثيابًا أنيقة استعدادًا لزيارة نجلها الحبيب، خرجت عزة من المطبخ ووقفت تتعجلها: 
-يلا بقى هنتأخر
تحدثت إيثار بهدوء: 
-خلي البنات يطلعوا الحاجة في شنطة العربية  
اجابتها عزة على عجالة: 
-طلعناها من بدري، رصيت الحلل كلها في الشنطة ورا، والصواني والطواجن حطيتها على الكنبة علشان متتبهدلش، يلا بقى قبل مالك ما ييجي من التمرين ويشبط فينا، انا مش ناقصة فرهدة، مش هيبقى جري وراه هنا وهناك كمان، صحتي معادتش تتحمل يا إيثار

خرجت عصمت من الداخل لتتحدث إلى إيثار: 
-وصلي ليوسف سلامي وقولي له إني مستنياه قريب ييجي يتغدى معانا هو وزينة 
ابتسمت تجيبها: 
-من عيوني يا ماما، خلي بالك من مالك لما يرجع، إنتِ عارفة، كل خطوة منه بكارثة 

نطقت عصمت لطمأنتها: 
-متقلقيش، هيقعد معايا انا وجده برة في الجنينة لحد ما ترجعي بالسلامة

خرج فؤاد من المكتب ليتحرك باتجاه زوجته، احتوى كتفها وهو يقول: 
-هتتأخري عند يوسف يا حبيبي؟ 
طالعتهُ بحنانٍ وهي تقول: 
-هرجع على الساعة عشرة، إنتَ عارف يا قلبي، أنا مش بروح له غير مرة كل إسبوعين، وببقى مشتاقه له جدًا 
تدخلت عصمت باحترام: 
-سيبها ترجع براحتها لما تشبع من ابنها يا فؤاد

اومأ بموافقة رغم خوفه عليها وعدم ارتياحه النفسي وهي خارج المنزل
تحركت بسيارتها تبعتها سيارتي الحراسة، وصلت وبعد مدة كانت تجهز طاولة الطعام هي وزينة وعزة التي تحدثت إلى زينة: 
-روحي خبطي على أخوكِ قبل الأكل ما يبرد، كل ده بيستحمى 
وقبل أن تتحرك قاطعتها إيثار وهي تهم بالحركة: 
-خليكِ يا زينة أنا هنده له

قاطعهما يوسف الذي خرج من غرفته مقبلاً عليهما: 
-لا أنتِ ولا هي، أنا جيت لوحدي أهو

التف الجميع حول الطاولة وبدأت إيثار وعزة بإدخال الطعام جبرًا في فم الشاب تحت ضحكات زينة الخجلة من المنظر، تحدث يوسف في محاولة منه للتملص: 
-يا حبايب قلبي كلوا إنتم، أنا باكل والله 

نطقت عزة وهي تُقرب قطعة الدجاج المشوي من فمه: 
-طب بس خد من إيدي حتة الفرخة دي 
وقبل أن ينطق كانت عزة تدفع بها داخل فمه، أشار بكف يده لتتوقفا كلاهما ووضع الأخر على فمه ليمضغ ما به، وبعد أن انتهى تحدث بصرامة: 
-على فكرة لو مبطلتوش هقوم ومش هكمل أكل

تحدثت إيثار إلى عزة بحزمٍ: 
-خلاص يا عزة، كلي إنتِ وسبيه ياكل براحته
وتابعت وهي تقترب من فم الشاب: 
-خد مني صباع ورق العنب ده دوقه وقولي رأيك فيه

-ماما... قالها بصرامة لتتوقف وتعيدهُ إلى مكانه، تابعوا تناولهم للطعام حتى قطع انسجامهم صوت جرس الباب الذي قرع، توجه يوسف صوبه لتهتف عزة بمداعبة: 
-ده مين اللي حظه حلو وحماته بتحبه ده

نطقت زينة بهدوء: 
-الوقت نعرف يا خالتي

على الطرف الآخر 
يقف فؤاد داخل الحديقة يروي بعض الزهور النادرة باهتمام، استمع لرنين هاتفه فأجاب سريعًا عندما وجد اسم رئيس حراسة إيثار: 
-خير يا منير
نطق الرجل بدون مقدمات لتيقنهُ طبع سيده الذي يكره هذا الفعل: 
-الراجل اللي اسمه "عمرو البنهاوي" يا باشا، لسه طالع حالاً شقة الباشمهندس "يوسف"

-إنتَ متأكد يا "منير"؟...سؤالاً طرحهُ بهدوء ما يسبق العاصفة ليؤكد الرجل عليه: 
-أنا مبلغتكش غير لما اتأكدت بنفسي إنه دخل الشقة يا باشا 
إحتدت ملامحه وامتلئت بالقسوة ليصرخ عاليًا بتوبيخ: 
-ما كنت تستنى لما ياخد واجب ضيافته بالمرة وبعدها تبلغني يا روح أمك

اتسعت أعين الرجل وهو يستمع لإهانته للمرة الاولى على يد سيدهُ الخلوق، ليتابع الأخر بحدة بالغة تنم عن مدى غضبه: 
-تتنيل تقف مكانك ومتتحركش إنتَ والحمير اللي معاك لحد ما اجي لكم

أغلق الهاتف دون إضافة حرفًا واحدًا ليهرول باتجاه السيارة واستقلها، زفر بقوة وهو يدير محرك سيارته التي إندفعت بسرعة جنونية كجنون صاحبها، تحركت خلفهُ سيارة الحراسة، ضغط على زر الإتصال بزوجته لينتهي ولم تُجيب مما أشعل روحه وفخم شعور الغيرة لديه،أعاد الاتصال مرةً أخرى ليصرخ وهو يدق المقود بقوة وعنف: 
-ردي يا هانم، ردي، ده أنتِ وقعتك سودة النهاردة 
لم تجيب هذه المرة أيضًا، اشتعلت عيونه وامتلئت بشرارات الغضب وهو يعاود النظر للأمام هامسًا لذاته: 
-ماشي يا ابن البنهاوي، حفرت قبرك بإيدك النهاردة، وديني ما أنا سايبك غير وإنتَ روحك طالعة في إيدي،يا واطـــي. 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1