رواية ثأر الشيطان الفصل التاسع عشر 19 بقلم سارة بركات


 رواية ثأر الشيطان الفصل التاسع عشر 


في أحد الأيام في المساء:

كانت تقف أمام خزانة ملابسها وهي ترتدي منشفة تغطي أغلب جسدها فقد انتهت من حمامها للتو وكانت حائرةً فيما سترتديه اليوم فهي تريد أن تخرج لتستنشق بعض الهواء قليلًا، لأنها قد سئمت البقاء في المنزل؛ فذلك الشخص المتطفل الذي يُدعى جواد يقوم بتقييد حريتها في منزلها! ومايضايقها أكثر هو صمت عمها وتقبله لما يحدث ولكنها لن تسمح له بذلك مرة أخرى لا تُنكر أن تصرفاته في الآونة الاخيرة معها قد أصبحت لطيفة نوعًا ما ولكن لا لن تنخدع بإبتسامته اللطيفة والجذابة تلك و..... هزت رأسها لعلها تستفيق من موجة المشاعر التي اجتاحتها تلك، ثم تنهدت وانتقت الثوب المناسب لها وارتدته وقامت بتزيين نفسها ثم خرجت من غرفتها اقتربت من باحة القصر وانتبهت لجلوس فيليب مع المدعو جواد في غرفة المكتب .. طالعتهما قليلًا تشعر أنهما يكونان فريق عملٍ ممتاز ثم طالعت جواد كان يبدو تركيزه واضحًا فيما يقوله عمها .. شردت في تفاصيل وجهه إنه وسيم، جذاب .. فكه البارز .. تفاحة آدم البارزة في عنقه .. جسده المليء العضلات القوي وعندما انتبهت أنها شردت به هزت رأسها بسرعة لعلها تستفيق من شرودها ذلك، شعرت بإحمرار وجنتيها وخجلها وعادت تطالعهما وهما يركزان فيما يقولان ولكن لحظة هناك شيءٌ غريب! لماذا يبدوان متشابهين هكذا؟؟ نفسُ الملامح!! أغمضت عينيها وقامت بفتحهما مرة أخرى تحاول أن تصدق ماتري، هي بالطبع تريد أن تقع في حب شخص يشبه عمها أو أباها ولكن ليس لدرجة أن تتخيل جواد يشبه عمها! وضعت يدها على قلبها لأنها شعرت بالحماس فجأة وهي تحاول أن تتعمق في ملامحهما .. لو كان لديها علم أن عمها لديه إبن بالطبع سيكون السيد جواد هو ابنه درجة التشابه بينهما غريبة! الفرق بينهما هو علامات السن على وجه عمها والذي على الرغم من سنه فقد إحتفظ بشبابه وصحته لم يكن مثل باقي الأشخاص في مثل عمره .

- إلى أين تنظرين يافتاة؟!

فُتِحَت عينيها على وسعيهما عندما سمعت صوته والتفتت تطالعه بهدوء شديد كأنها تحاول استيعاب وجوده أمامها .. رجل أنيقٌ في بداية الخمسينيات ووسيمٌ أيضًا ذو جسدٍ منحوت يبدو مثل أخيه تمامًا في بنيته الجسدية ...

- أبي!

أندريه بإبتسامة كبيرة وهو يقوم بفتح ذراعيه لها:

- إلى أحضان أبيكي عزيزتي.

صرخت بحماس وركضت نحوه وقفزت بين ذراعيه وعلى صرختها تلك انتبه فيليب وجواد لما يحدث ..

صوفيا وهي تقبل أندريه من وجنته:

- اشتقت إليك كثيرًا أبي.

- وأنا أيضًا عزيزتي.

خرج جواد قبل فيليب ليرى مايحدث ورأي ذلك المشهد الذي أغاظه كثيرًا وأسرع نحوهما لكي يُبعِدهما .. أمسك بذراعها يُبعدها عن أندريه الذي عقِدَ حاجبيه وهو يطالع من أبعدها عنه لعدة ثوانٍ ثم أردف بذهول..

- يا صاح لم أعرفك!! هل قمت بعملية تجميل؟

وكاد أن يقترب منه ليقوم بضمه ولكنه انتبه لخروج فيليب من غرفة مكتبه وتوقف يتعجب الشبه الذي بين فيليب وذلك الشاب الذي أمامه ..

- أرى أنكَ أتيت أندريه، لدينا الكثير من العمل.

عقِدَ أندريه حاجبيه وأردف:

- لقد غبتُ عنك لشهر ثم تخبرني بالعمل بمجرد رؤيتي، ألن تقم بالترحيب بي حتى يا أخي؟؟؟

اقترب فيليب منه يضمه بإبتسامة ثم ابتعد عنه وأردف:

- أُعرِفُك بضيفي .. السيد جواد إنه أحد أهم أعضاء المافيا الروسية.

أندريه بتلقائية وذهول وهو يقوم بإمساك وجنتي جواد:

- يا الله، إنه يشبهك كثيرًا فيليب، كنت أعتقد أنك هو.

أبعده جواد عنه بضيق وأردف فيليب بمأساة:

- عُذرا سيد جواد على تلقائية أخي تلك فهو هكذا مع كل ضيوفي .. أخي الصغير للأسف ويجب أن أتحمله قليلًا.

أخذ نفسًا عميقًا ثم استأنف موجهًا حديثه لأندريه:

- حسنًا كفانا مُزاحًا هناك الكثير من الأشياء أريد التحدث معك بها فلدينا الكثير لنفعله في أيامنا القادمة.

هز أندريه رأسه لفيليب وتقابلت عينيه مع خاصتي جواد الذي يطالعه بهدوء في المقابل .. دخل الإثنان لغرفة مكتب فيليب أما جواد فقد ظل واقفًا أمام شمس ولكنه كان في عالمٍ آخر يفكر في شيءٍ ما.

كانت تقف أمامه تطالعه ولكنها عادت إلى غرفتها في نية منها لتبديل ثيابها والبقاء مع والدها قليلًا، ولكنها توقفت عندما أمسكها جواد من يدها ..

- لماذا ترتدين ذلك الثوب؟ ألم تلاحظي أنه عارٍ قليلًا؟

التفتت إليه تطالعه وأردفت بهدوء:

- ليس من شأنك.

أردف جواد بتنهيدة:

- لقد ظننت أن علاقتنا تحسنت قليلًا آنسة صوفيا.

أردفت بضيق:

- لا لم تتحسن سيد جواد، ثم ليس لي شأنٌ في وجود علاقةٍ بيننا

استأنفت بهمس وهي تقترب منه:

- أم أنني قد أثرت بك؟

كانا يطالعان بعضهما في صمت ثم أردف جواد بهدوء وذكاء:

- ألا تعلمين كم أنتِ جميلة؟

كادت أن تتحدث ولكنه استأنف:

- ألا تخافين من رؤية أحد المجرمين لكِ فيؤذونكِ؟ ألا تخافين على والدكِ أو عمكِ ماذا سيحدث لهما إذا حدث شيئًا لكِ؟

وضع يده على ذراعيها العاريتين:

- أوتعلمين شيئًا؟؛ حتي إذا حدث ذلك فأنا لا أسأم من اللحاق بكِ وسأكون خلفكِ حتى لو ذهبتي لآخرِ العالم سأظل ورائك وسأقتل كل شخصٍ سيفكر فقط أن يلمس خِصلةً من شعرك .. مُجرد التفكير يا صوفيا سأفعلها صِدقًا.

أردفت بعدم استيعاب وهي تطالعه:

- لماذا؟ لماذا أنا؟

تأثرت ملامحه وهو يطالعها:

- ألم تفهمي بعد؟

- لم أفهم ماذا؟

تحدث وهو يتذكر أول يومٍ تقابلا به كان في قصر والدها السيد بهجت:

- منذ أن تقابلنا وأنا أشعر أنني يجب أن أبقى بجانبكِ وأقوم بحمايتكِ ولا أعلم ما السبب أو الدافع في فعل ذلك .. أعلم أنني قد أبدو متطفلاً قليلًا من وجهة نظرك ولكن تلك هي الحقيقة آنسة صوفيا.

أثناء حديثه ذلك كانت تتذكر أول مرة تقابلا بها في الحفل ووقتها شعرت بالأمان وهي بين ذراعيه ولم تكن تدري ما السبب ولماذا تنجذب إليه كثيرًا هكذا كأنها تريد الإختباء بين ذراعيه وألا تخرج منها أبدًا.. تنهدت بعمق وأردفت:

- إنني ألتمس الصِدقَ في حديثك حقًا سيد جواد، إنك مُحِق يجب أن أراعي مشاعر والدي وعمي.

أردف جواد بابتسامة وهو يحيط وجنتيها بيديه:

- ومشاعري أيضًا.

إحمرت وجنتاها وأردفت بتوتر:

- سيد جواد.

- فقط جواد.

ابتعدت عنه بهدوء وكادت أن تعود لغرفتها ولكنه أوقفها ..

- ما رأيك بأن نذهب للعشاء اليوم بالخارج؟

لم ينتظر ردها واستأنف:

- سأنتظركِ هنا أمام القصر في العاشرة مساءًا أي بعد ثلاثِ ساعات من الآن.

ابتسمت وأكملت صعودها إلى غرفتها لكي تقوم بتغيير ثيابها .. كان جواد يتابعها بعينيه وهي تعود لغرفتها ويتذكر جيدًا كلمات فيليب

- البنت بتحب الرجل العقلاني الصريح اللي يبين إهتمامه بيها وهو بيتكلم معاها .. حتى في النظرة واللمسة لازم وانت بتكلمها تكون مسيطر لكل حاجة حواليكم حتى حواسها .. بتخليها تسرح فيك وتفكيرها بيك يزداد وبعد ماتلاقي دماغها لانت استغل الفرصة واعزمها على العشاء.

تنهد جواد بعمق وعاد لغرفة المكتب حيث كان فيليب و أندريه..

كان أندريه شاردًا وغير منتبهًا تمامًا لما يقوله فيليب ..

- أندريه، أخبرني ماذا يُشغِل عقلك؟

أردف أندريه بشرود:

- أوتدري فيليب اعتقدت لوهلة أنه إذا كنتَ قد أنجَبتَ طفلًا من آسيا لكان الآن في نفس عمر ذلك الشاب الذي يُدعى جواد.

صمت فيليب قليلًا وارتسم الحزن على ملامحه لتذكره آسيا .. كأن الألم قد زاد عنده لمجرد التفكير في ذلك الأمر .. إنه حتى لم يبقى معها سوى عدة أشهر ..

-إتأخرت؟

ذلك ما أردف به جواد بالمصرية عندما دخل عليهما الغرفة وكانت ملامحه مبهمة وهو يطالعهما وأردف بوعيد:

- تحذير ليكم إنتوا الإتنين للمرة الأخيرة .. إياك حد فيكم يفكر مجرد تفكير إنه يقرب منها مرة تانية، ماشي؟

تحدث أندريه بصدمة وعدم فهم لما يحدث:

- أفندم؟

تدخل فيليب:

- نسيت أعرفكم على بعض بجد، جواد زوج صوفيا أو بمعنى أصح شمس.

جواد بسخرية:

- من الواضح إن العيلة دي شاطرة في المصري أوي.

أردف أندريه بخبث وهو يطالعه:

- أغلب شغلي كان في مصر.

جواد بابتسامة مصطنعة:

- مش هتفرق كتير، وأظن رسالتي وصلت ومش محتاج أكررها مرة تانية.

- حقك.

ذلك ما تحدث به أندريه وهو يطالع جواد بهدوء .. نفخ فيليب بضيق ..

- مش هنخلص، أظن إننا ورانا شغل مهم جدا محتاج نتكلم فيه أفضل من إننا نرمي لبعض كلمتين ملهومش لازمة، إجتماع زعماء المافيا لازم نحدده في أسرع وقت عشان في حاجات محتاجين نعلن عنها.

لم يفهم جواد مايقول ولكن أندريه هز رأسه وبدأ فيليب بالتحدث .. أما عند صوفيا فقد كان قلبها ينبض بشدة بسبب حديث جواد لها .. ولا تُنكِر أنه قد أثر عليها وعلى مشاعرها اتجاهه هي بالفعل تشعر بالإنجذاب نحوه منذ أن قابلته ولكنها كانت تشعر بالضيق عندما كان يتحكم بتصرفاتها .. ولكن الآن! إنه أصبح مختلفًا تمامًا عن ذي قبل، شخصٌ متفهمٌ كثيرًا يتحدث بعقلانية وهدوء .. هل من الممكن أن يكون هناكَ شيءٌ بينهما فيما بعد؟ وعند ذلك التفكير إحمر وجهها خجلًا.

رواية/ ثأر الشيطان .. بقلم/ سارة بركات

بعد ثلاث ساعات:

كانت تقف أمام مرآتها تنظر لثوبها الأسود الذي ترتديه وتفكر هل من الممكن أن يتضايق جواد بسبب إرتدائها ذلك الثوب؟ أم سيمر الأمر على خير؟، شعرت بالتوتر لأنها ليس من المفترض أن تفكر هكذا فمنذ متى وهي تفكر بمشاعره؟ خرجت من غرفتها وهي تهبط على الدرج وشعرها الأسود يتطاير خلفها وعندما خرجت من القصر وجدته يقف أمامها بجوار سيارته مرتديًا حلة سوداء يبتسم لها اقتربت منه بتردد وقام بفتح باب المقعد الجانبي له .. جلست داخل السيارة وأغلق الباب خلفها ..وجلس بجانبها عند مقعد القيادة. طالعها بابتسامة وأردف:

- تبدين جميلة أكثر من ذي قبل آنسة صوفيا.

قامت بفرك يديها بتوتر في ثوبها ..

- شكرًا لك.

ثم بدأ بالقيادة وبعد مرور عدة دقائق كان الإثنان يجلسان في مطعمٍ راقٍ يشربان مشروبًا باردًا.

- فكرة جيدة لعدم رغبتك في تناول النبيذ.

أردف جواد بهدوء:

- أريد أن نكون واعيين ونحن نتحدث اليوم لذلك أخرجت ذلك الشيء من القائمة، ثم إنني لست من هواة الكحول وهو مُحرمٌ عليّ فلمَ أشربه؟

ابتسمت وأردفت بهدوء:

- أحترم صراحتك تلك.

ابتسم جواد واقترب بجذعه قليلًا نحوها وهو جالسًا أمامها:

- من الجيد أن هناك تفاهمٌ بيننا أوتعلمين شيئًا إن ذلك سيساعدنا قليلًا في المستقبل القريب.

صوفيا باستفسار:

- ماذا تقصد؟

أردف وهو يطالعها في عمق عينيها:

- أنتِ تعلمين مقصدي جيدًا.

وفي تلك الأثناء اقترب نادلٌ نحوهما كان يرتدي قناعًا للوجه مثله مثل غيره وضع النادل مشروبًا إضافيًا ثم رحل تابعه جواد بعينيه ولكن بعد ثوانٍ فقط تحدث جواد بصوتٍ عالٍ ..

- صوفيا اختبأي.

كادت أن تتحدث ولكن تعالت أصوات طلقات النيران حولهما وأخرج جواد عياريه الناريين والتفت لكي يقوم بالتصويب على من يقومون بمهاجمتهما.

مات أغلب الموجودين في المطعم وكانت صوفيا مختبئة أسفل الطاولة تحاول الإتصال بوالدها وعمها، وكان جواد يصوب على من يطلق النيران .. كانوا رجالًا ملثمين .. أوقع جواد البعض أرضًا وتحركت صوفيا بخفاءٍ وأخذت عيارًا ناري يخص أحدهم .. وكانت تساعد جواد حيث تطلق النيران معه .. وبعد أن انتهي جواد كان يتنفس بصعوبة لا يدري متى وكيف أتوا إلى هنا؟ لقد حدث ذلك بلمح البصر .. اقتربت منه صوفيا وهي تتنفس بصعوبة وهي تحمل عيارًا ناريًا بيدها ..

- هل انتهينا منهم؟

ظل يطالعها بهدوء وكاد أن يتحدث ولكن تعالت أصوات طلقات النيران مرة أخرى .. والتصق الإثنين بظهر بعضهما يقومان بالتصويب محاولين أن لا تخترقهما أي رَصاصات.

أردف جواد بصوت عالٍ:

- لما لاتنصتين لي صوفيا؟

أردفت بابتسامة:

- أحب أن أثير غضبك قليلًا.

التفت الإثنان لبعضهما وأردف جواد بغضب:

- أنتِ عنيدة، ستقتلين نفسكِ.

- دعني أجرب تدريبي على الأسلحة .. لقد كان والدي مستمتعًا بتعليمي، والآن أنا أشعر بشعوره ذلك.

- لقد أفسداكِ صوفيا!.

رفعت حاجبيها بعدم فهم ولكن جواد قام بدفعها جانبها وقام بالتصويب على من كان سيصوب على ظهرها، ثم أمسكها من ذراعها وخرجا من المطعم وبدأ بالتحرك بسيارته بأقصى سرعة وهما مُطاردان من فريق كامل من الأشخاص الملثمين .. وبعد عدة دقائق استطاع جواد الابتعاد عنهم ووصل لقصر فيليب وخرج من السيارة بغضب .. ودخل القصر وصوفيا تتبعه بعدم فهم .. دخل جواد مكتب فيليب وأمسكه من تلابيبه متحدثًا بغضب:

- المرة دي كلابك معرفوش يقتلونا زي المرة الأولانية .. أنا هوريك مين هو جواد الجندي.

تعليقات



×