رواية احتلال محرم الفصل العشرون بقلم مريم نصار
من وقت ما مختار حدد كتب كتابه على سعاد يوم الخميس وهى مبسوطه و مستنيه اليوم ده هى و ولادها بفارغ الصبر، جه يوم الخميس والزغاريد خارجه من بيتها والحمد لله خلاص اتكتب كتابها النهارده على مختار اللي ربنا اختاره ليها بعد صبرها وحفاظها على نفسها وعلى بيتها واولادها وده عوض ربنا ليها بعد صبرها،سيد كان فرحان لأن أخته خلاص اتجوزت ومش هيكون قلقان عليها بعد كده وهى مع مختار لأنه راجل يعتمد عليه، راح يسلم عليه ويباركله واتكلم ببهجة:- ألف مبروك يا أستاذ مختار.
مكنش مصدق نفسه أنه خلاص هيبقى ليه بيت وعيله وأولاد حتى لو هما مش أولاده لكن مكتفي بحبه ليهم وحبهم ليه، وفاق على صوت سيد ورد بإبتسامة وفرحه:-الله يبارك فيك وعقبال أولادك.
وكمل بتساؤل:- بس ليه كلمة أستاذ يا سيد؟! احنا بقينا عيله واحده خلاص يا ريت تقولي مختار على طول.
سيد بضحكه:- خلاص مختار على طول،ونشيل التكليف خالص.
وكمل بعرفان:- أنت ونعم الأخ يامختار وربنا يعلم غلاوتك عندنا كلنا قد ايه!.
وقفوا يتكلموا مع بعض واحمد راح عند أخته وسلم عليها بسعادة وقالها:- مبروك يا سعاد الف مبروك يا حبيبتي، فرحتي اليوم ده فرحتين والله.
سعاد بإحراج:-الله يبارك فيك ياحمد ويفرحك دايماً.
أمال والدتها جت هي كمان واتكلمت بفرحه:- وسع يا واد ياحمد لما بارك لاختك، أنت سادد الطريق كده ليه؟.
أحمد بضحكه:- نفتحلك الطريق ياست الحبايب.
أمال بصت لبنتها و ضمتها لحضنها بقلب أم:- الف مبروك يا سعاد يا بنتي؛ مبروك يا نور عيني ربنا عوضك عن تعب وشقى السنين.
سعاد مغمضه عينيها في حضن والدتها وردت بابتسامة رضا:- الله يبارك فيكي يا ماما ربنا ما يحرمناش منك أبدا.
خرجتها من حضنها وقالت بسعاده:- والله يا بنتي انا ما حدش فرحان قدي، مختار طيب وحنين قوي ربنا يسعدكم ويسعد ايامك معاه يا رب.
مختار جه من وراها وآمّن على كلامها ورد بمزاح:- آمين؛ آمين يا رب يا حماتي والله فعلاً انا طيب وحنين قوي حتى اسألي عني يوسف وإيمان.
أمال ضحكت وسعاد ابتسمت بخجل وردت عليه والدتها بتأكيد:- من غير ما أسأل يا مختار يابني الكتاب بيبان من عنوانه وربنا يطرح فيك البركه؛ الف مبروك ربنا يتمم لكم بخير.
مختار باحترام:- الله يبارك في حضرتك وربنا يستجيب منك، ورفع عينيه لسعاد وكان محرج يقرب منها وقالها بحنين:- مبروك يا سعاد.
بلعت ريقها بتوتر وردت بكسوف:- الله يبارك فيك
قاطعت حديثهم عبير:- تعال يا استاذ مختار تعالي يا سعاد، اقعدوا شويه في الانتريه قبل ما تمشوا خلينا نهيص شوية، وانا هجيب لكم الشربات.
قعدوا مع بعض والعيله كلها معاهم بيباركوا ليهم ويهنوا وبعد شويه مختار أخد سعاد وودعوا العيله ويوسف وإيمان، وسافروا يقضوا شهر العسل ونقولهم مبروك.
عدى اليوم بحلوه ومُره على الكل والنهار بيشقشق، مختار نايم في الجناح بتاعهم في الفندق وفتح عينيه مع ابتسامه باينه على ملامحه وبص جمبه يشوف حبيبته لكن مالقهاش نايمه! بص حواليه ؛شافها واقفه في البلكونه بتبص على البحر قام وراح عندها وقالها بتفاؤل:- صباح الخير
انتبهت وبصتله بابتسامه رقيقه:- صباح الخير.
وبصت على الستاره وكملت بحرج:- يا ريت ما تكونش صحيت بسببي لاني فتحت الستاره.
أبتسم وباس أيدها وقال:- يا روحي أنتي تعملي اللي أنتي عايزاه، بس تعرفي أنا ما صحتش من الستاره ولا حاجه ،وكمان عايز اقولك حاجه مهمه، انا عادي بنام في الضلمه والنور وفي اي مكان وزمان يعني ما تشيليش هم حاجه زي دي.
ضحكت وقالت:- معقول! في حد بينام والدنيا حواليه نور كده؟ انا بقى عاكسك خالص ما بحبش انام وفي اي ضوء في الاوضه لازم تكون ضلمه كُحل.
مختار بتمثيل التعجب:- يا ستير يا رب ضلمه كُحل ليه يا بنتي؟ احنا لسه متجوزين وده اول يوم لينا المفروض كده ناخدها تدريجياً، يعني النهارده نور، بكره نور نص نص، بعد كده واحده واحده ندخل في الضلمه اللي أنتي بتقولي عليها دي، ولو اني إن شاء الله ناوي نخلي حياتنا كلها نور في نور.
كانت مستغربه نفسها، إزاي في يوم وليله كده حياتها اتغيرت بالشكل ده، موجود قدامها راجل مكانتش تحلم بيه، أدب واخلاق وحنان ورجوله وشهامه وكل الصفات الجميله موجوده فيه، ابتسمت على تفكيرها وبصتله بتنهيده وقالت:- تعرف يا مختار انا عمري ما كنت اتخيل او اصدق اللي انا فيه دلوقتي
مختار باستفسار:- إزاي ؟
ردت بتنهيده:- يعني فكرة جوازي كانت فكره مستحيله واني احب واتحب بجد دي ما كانتش على بالي خالص،انا كنت خلاص ساستمت حياتي اني اعيش لولادي وبس، لكن بعد ما شفتك وعرفتك! كل حاجه جوايا اتغيرت؛ قلبي ومشاعري حتى قراراتي كل حاجه اتغيرت.
بيسمعها ومبسوط كأنه حلم جميل واتحقق ،ابتسم هو وسألها:- ويا ترى التغيير ده للاحسن؟!
ردت بإبتسامة ومسكت ايده بين أيديها وسألته:- انت شايف إيه؟!
حط ايده التانيه على خدها وقال بحب:- انا شايف السعاده كلها قدامي وشايف انك تنسي الماضي كله بالحلو اللي فيه قبل الوحش، عايزك صفحه بيضا و تعيشي معايا انا وبس وعايزك تتأكدي إن ربنا سبحانه وتعالى كاتب مختار لسعاد وسعاد لمختار.
ضحكه وقالت:- ما تنساش يوسف وإيمان.
ضحك هو كمان وقال:- لا يوسف وإيمان دول حاجه تانيه خالص دول ولادي وحته من قلبي وبتمنى من ربنا يقدرني واقدر اربيهم واعلمهم كويس ونرسم مستقبلهم انا وانتي بريشة حبنا.
حطت راسها على كتفه وقالت بتمني:- إن شاء الله طول ما انت جمبنا ومعانا، تعرف؟ انا ما بقتش خايفه من بكره، ربنا يخليك ليا يا مختار.
مختار:-ويخليكي ليا ياحياة مختار.
عدا الوقت وندى راجعه من بره وشافت باباها ومامتها قاعدين بيتفرجوا على التلفزيون ،شمس قاعده على السفره وماسكه كتاب بتقرآ فيه، قربت لعندهم وحطت شنطتها على الكنبه وقعدت:- مساء الخير يا جماعه.
فهمي بإبتسامة حنونه:- مساء الخير يا ندى يا حبيبتي.
مشيره:- مساء الخير يا ندوش ما تأخرتيش يعني عند اخوكي؟ جيتي بسرعه.
ندى بهدوء:- بصراحه كنت هقعد اكتر من كده؛ بس الولاد عاملين دوشة وما قدرتش اتحمل صريخهم، قولت لأ أرجع البيت أحسن.
مشيرة بتفهم:- انت هتقوليلي،دول مش عيال أبدا ربنا يهديهم ويعين أمهم وابوهم على تربيتهم، المهم يا نور عيني؛ اتغديتي ولا لسه؟
ابتسمت وردت:- أيوه يا حبيبتي، رامز رفض اني انزل من غير ما نتغدى كلنا مع بعض، ده حتى هو اللي وصلني وكان عايز يطلع يسلم عليكم بس مستعجل لأنه عنده شغل.
مشيره:- الله يسلمه من كل سوء ،ربنا يسعد قلبه يا رب.
وبصتلها بفرحه وكملت:- اسكتي يا ندى؛ عارفه مين اللي اتصل علينا من شوية؟
كشرت عينيها لفرحتها وسألتها بإستفسار:- مين يا ماما؟
جاوبتها بسعاده:- مازن العريس.
ابتسامتها اختفت، وقلبها اتقبض، كل ما يقرب الوقت و أنه مستعجل علشان ياخد الموافقه قلقها يزيد، سألتها بتوجس:- و، والله؛ أحم خير يا ماما كان عايز حاجه؟
مشيره بصت لفهمي بضحكة:-كمل انت بقى يا ابو رامز وقولها على اللي تم وحصل.
فهمي بضحكة:-اقولها إيه بس يا مشيره؟ ما هي اكيد عارفه هو يعني في حاجه بتستخبى اليومين دول؟ تلاقي حماتها والدة مازن كلمتها وبلغتها مش كده ولا ايه يا ندى؟
ضمة حواجبها واستغربت كلمة حماتها! كلمه محبتهاش وخصوصاً أن الحد ده غريب عن روحها وسرحت مع نفسها:- يعني كده ردوا عليه بالموافقه فعلاً!! لأ لأ ياندى انتي بس بتكبري المواضيع، بصتلهم وسألتهم بتوجس:- وهي طنط هتكلمني ليه يا بابا؟ يا ريت يا جماعه تقولوا إيه اللي حصل بالظبط؟ انا مش فاهمه حاجه!
فهمي فهم توتر بنته ده على أنه كسوف وخجل، قفل التليفزيون بجهاز التحكم ورد عليها بتروي:- طيب يا ستي انا هقولك؛ مازن أتصل وكان عايز ياخد الرد؛ ويعرف موافقين عليه ولا لأ! وطبعاً أنا اديتله البشاره؛ وبصراحه يا بنتي كان طاير من الفرحه؛ وعايز يجي علشان يحدد ميعاد الخطوبه وكمان اقترح عليا أنها تبقى أول الشهر اللي جاي بإذن الله لأنه مستعجل، وأنا قولتله نتكل على الله و مفيش أي مانع للتأجيل أو التأخير، الف مبروك يا حبيبتي.
بلعت ريقها بغصه، حست بالصدمه دلوقتي، حست بحجم الكارثة اللي دخلت نفسها فيها، هى كده مابتعاقبش حد غير نفسها، هى كده مابتجنيش على حد غيرها، هزت راسها بالرفض وإن خلاص كده معقول كل حاجه انتهت!! شافت رفض أمير ليها بشتى الطرق،غمضت عينيها بضياع؛ هتعملي ايه يا ندى أنتي اللي مشيتي في طريق ولازم تكملي فيه للنهايه؛ مش يمكن مازن يعوضك وينسيكي مرار تعلقك بشخص مش حاسس بيكي! مش يمكن يقدر يحيي كل اللي ما.ت جوايا؟هزت راسها ليهم وردت بوجع متداري:- الله يبارك فيكم.
شمس كانت سامعه كل حاجه ومش راضيه تماماً عن كل حاجه بتحصل قدامها، نفسها تصرخ في وشها وتقولها انتي أضعف مما كانت تتخيل،قفلت الكتاب بعصبيه وبصت لندى بيأس من سلبيتها، سابتهم ودخلت اوضتها وقفلت الباب جامد، مشيره استغربت تصرفها وقالت:- اللاه! مالها البنت دي؟
فهمي بتفهم:- تلاقيها بس زعلانه علشان أختها هتسيبها وتمشي.
مشيره:- ياخويا كل واحده مسيرها لبيتها، بكره تتعود، وهى كمان يدوبك هتخلص دراستها من هنا وهتقول فينك ياجواز، والدور والباقي علينا إحنا البيت هيفضى علينا.
رد عليها يواسيها:- دي سنة الحياة يامشيره وبعدين أنتي أكتر واحده مستعجله على جوازهم.
ردت مشيرة بصدمه:- أنا يافهمي؟
:- أيوة أنتي يامشيره؛ مالك مستغربه ليه؟
قعدوا يتكلموا مع بعض وندى قصادهم تايهه في دنيا تانيه، دنيا كلها ضباب مش قادرة تشوف قدامها اي أمل أو نور تقدر تشوف بيه المستقبل اللي جاي.
منزل وليد برهامي
وليد كان في نقاش مع زوجته ماجده بخصوص أمير ومعاملتها ليه في الفترة الأخيرة، وطلب منها تحسن اسلوبها اللي مش لطيف معاه و وصل النقاش لصوت حاد من وليد واتكلم بصرامه:- وبعدين يا ماجده قولتلك ألف مرة بلاش تضغطي على إبنك بالطريقه دي.
ردت عليه بنفس النبرة:- أنا يا وليد؟ أنا بضغط على أمير؟ بالعكس أنا اكتر واحده متساهله مع أولادك وخصوصاً أمير، و لو بضغط عليه زي ما اتهمتني دلوقتي؟ كنت جوزتله ندى غصب عنه ومن زمان كمان، ومحدش كان هيقدر يقف قصاد قراراتي.
وليد بغلظه:-زمن العبوديه انتهى ياست ماجده،ما فيش حاجه اسمها جواز بالغصب دلوقتي، وانتي غلطانه تماماً لأني أنا اللي كنت هاقفلك مادام دي مش رغبة ابني ولا في صالحه،بلاش تستغلي حب أمير ليكي وتقسي عليه، كفايه اللي حصله بعلاقته اللي فشلت مع البنت دي.
ردت عليه باتهام:- ومين السبب في العلاقه دي! مش أنت ياوليد؟
فتح عينيه بدهشه من اتهامها المباشر ليه:- أنا ياماجده؟
ردت بقلب أم مقهور:- ايوه أنت، أنت اللي دخلت أمير بأيديك لجُحر الأفعى دي هى وابوها ،لو كنت بعيد عن صلاح الورداني مكانش إبنك اتقابل مع اللي متتسماش أنجي ولا اتوجع قلبه بسببها.
وكملت بدموع:- قلبي عليه أمير ابني ماشفش يوم حلو من يوم ما طعنته في قلبه بسـ.ـكينه تلمه قدام الكل، منها لله.
أخد نفس عميق وحاول أنه يهدى لأنه عارف إن الاتهام ده بدافع حبها لأولادها واتكلم بهدوء:- ده في الأول وف الآخر نصيب ياماجده، كان لازم هيحصل وبعدين إحنا مش هنغير القدر ولا اللي حصل وكان وارد جداً يقابلها في أي مكان تاني لأنه من نصيبه أنه يقابلها، وكمان عايزك تتأكدي وتعرفي أنها لما طعنت إبنك! زي ما بتقولي! هو اللي ردلها القلم اضعافه وموافقش على شروطها ورفضها قدام الكل، هى اللي اتكسرت مش إبنك، إبنك راجل ياماجده وعارف قوي هو بيعمل ايه، بس بطلب منك إنك تسيبي مساحه لأمير علشان يقدر يفكر ويكمل في طريقه، واللي ليه نصيب فيه هيحصل من غير تدخل البشر بس انتي قولي يارب..
عدت فترة وطول الفتره دي مروان يروح لليله في السر على السطوح و هي الدنيا مش سايعاها من الفرحه وعايشه في الاحلام وعلى طول مبسوطه لانها شافت من وجهة نظرها إن الدنيا بدأت تضحكلها من جديد، واحلامها هتتحقق بعد عناء سنين من الوجع، مش مهم أنه بيجيلها في السر ،مشهم إن علاقتها من وجهة نظرها غير شرعية، المهم أنها عايشه مع اللي بتحبه وحاسة بالأمان حتى لو شوية صغيره،ابتسمت لنفسها على تفكيرها وجه ميعاد شغلها خرجت من اوضتها، نزلت المحل وكانت بتبيع للناس بخفه ونشاط كأن صحتها ردت فيها من تاني ولا كأنها حامل وضحكتها على وشها واضحه للكل، حتى ساميه لاحظت انبساطها وابتسامتها المستمره وسألتها بفضول:- ايه يا ليله شايفاكي يعني بقالك مده مبسوطه وفرحانه، وعلى طول ضحكتك على وشك خير يا بنتي ما تفرحينا معاكي.
وكملت بسخرية:-ولا احنا بس على رأي المثل، في الهم مادعيين والفرح منسيين!
ارتبكت ليله لأن ملامحها فضحاها واترددت وخافت انها تقول لساميه حاجه زي دي، وإن مروان جه لحد عندها، هي مش معقول تقولها كلمه واحده:- هتقوليلها إيه يا ليله؟ طليقك بيجيلك في السر وعايش معاكي بطرق غير شرعية !! ولا هتقوليلها إنك نسيتي كل حاجه عملها فيكي وناويه ترجعيله؟لا لا ساميه مش هتسمح بحاجه زي دي أبدا، وممكن تطردني من المكان الوحيد اللي أواني بعد الذل اللي شوفته.
مسحت جبينها بتوتر ومش عارفه ترد تقولها إيه!! ساميه شافت حيرتها و كشرت عينيها بتعجب واتكلمت تاني:- اللاه؟! في ايه يا ليله يا بنتي!! هو انا سألتك سؤال صعب ولا حاجه؟! ما تتكلمي وانطقي وقولي مالك ولا هو سر؟
جاوبتها بتلعثم:- أحم، أبدا أبدا يا خالتي ما فيش سر ولا حاجه، اء،ابدًا كل الحكايه إني....!
وسكتت لثواني تفكر وابتسمت وجاوبتها:- اني مبسوطه علشان خلاص دخلت في الشهر السابع وهانت كلها شهرين وهشوف ابني قدام عيني بذمتك يا خالتي مش دي حاجه تفرح؟
اتنهدت ساميه ومصمصت شفايفها وقالت بحنين:- آه والله يا بت يا ليله؛ حاجه تفرح بصحيح وبالذات اول مولود تشوفه عنيكي، ده انا افتكر يوم ما ولدت الواد محمد ابني اسم الله عليه، كان اول فرحتي والدنيا كلها ما كانتش سايعاني، و وشه كان وش الخير عليا أبوه فتح المحل ده تاني أسبوع من ولادته والخير نزل علينا، يلا يا بنتي ربنا يجبرك وتولدي وتقومي بالسلامه ويكون وش الخير عليكي.
نفخت ليله بأريحية لانها قدرت تلاقي عذر بسبب فرحتها واللي مش عايزه حد يعرفه وكلمت نفسها بتنبيه:- ربنا ستر المرداي يا ليله وعدت على خير، مين عارف المرة الجاية هيحصل ايه؟ أنتي لازم تكوني هاديه أكتر من كده وعلى طبيعتك والا مسيرك هتكشفي نفسك بنفسك يوم من الأيام. أخدت نفس عميق وخرجته بهدوء وآمنت على كلام ساميه ورجعت لشغلها وبدأت تبيع للناس.
شركة برهامي.
حازم رايح جاي في مكتب أمير وباين عليه الحيره والتفكير المستمر، أمير قاعد على سطح المكتب بيراجع ملف واتكلم من غير ما يبص لأخوه:- هتفضل رايح جاي كده كتير؟ قولتلك أهدى.
حازم بتعجب من برود أعصابه لدرجة أنه صك على أسنانه من الغيظ وقرب منه واتكلم باستنكار:- اهدا؟! اهدا بس؟ ده انا هادي لدرجة مخلية على قلبي مراوح.
أبتسم امير ورد عليه بنفس الهدوء:- امم برافو عليك هو ده حازم برهامي اللي انا أعرفه.
حازم رد بغيظ:- يخربيت برودك يا أخي أنت ايه؟ من امتى وانت ببرود التلج ده؟ أنت ناسي إن في صفقة دهب يا أستاذ؟ والايام بتفوت تجري؟ وأنت عادي ولا على بالك حاجه.
امير قفل الملف وسابه على المكتب وقام،حط ايديه في جيبه واتكلم بعمليه:- لا مش ناسي.
حازم بضحكه مستفزه:- طيب الحمد لله انك مش ناسي؛ انا كنت فاكر ان سيادتك في الباي باي وإن الموضوع من اوله لآخره مش ف دماغك.
رد عليه بابتسامة:- ممكن اعرف انت متعصب ليه؟
حازم بجديه:- انا مش بس متعصب يا أمير ،انا على اخري من كل حاجه ال٣ شهور خلاص على وشك أنهم يخلصوا وباقي شهر واحد والمفروض نمشي في اجراءات الصفقه وانت ساكت ولا بتسأل عن أي حاجة، لأ ومش بس كده سيادتك مخليني انا مع بابا في كل صغيره وكبيره علشان ما يشكش في حاجه، وقولتلي بنفسك ابعد عن الصفقه دي، قولت لنفسي تمام أكيد أمير عارف هو بيعمل إيه! لكن اتفاجئ و اكتشف إنك متصرفتش في اي سيوله وكل اللي موجود معانا من السيوله نص المبلغ بس!! تقدر تقولي في الفتره الجايه دي هنجيب باقي المبلغ 40 مليون منين؟!!
امير بصله بتعجب ورد باستفسار:- انت بتقولي انا الكلام ده؟ هو مين اللي جاب الصفقه لمين؟ مش انت اللي دخلت عليا المكتب ده وقولتلي صفقة العمر يا أمير وب 80 مليون بس!! يعني المفروض انت كرجل اعمال عارف ايه الخارج والداخل من السيوله في شركتك والمصانع وفي البنك كمان.
حازم ضم حواجبه وسأله بتوجس:- يعني إيه الكلام ده يا أمير؟! أفهم من كده إن الصفقه ضاعت وهتروح مننا؟
أمير اتنهد ورد بتفكير:- لأ، إن شاء الله مش هتضيع ولا حاجه وانا قولت الصفقه دي هتبقى بتاعتنا حتى لو اضطريت! هعمل قرض من البنك.
حازم بحيره:- ايوه بس انت عارف ان القروض حرام، وخربت بيتنا قبل كده.
رد عليه بضجر لأنه عارف كلام حازم صح وقال:-خلاص يا حازم ما تكركبش الدنيا جوه دماغي أكتر من كده، سيبني بس كده افكر وارتب لكل حاجه.
وكمل بجدية:-وياريت تفصل شوية عن موضوع الصفقه دي دلوقتي ،إحنا عندنا اجتماع مهم ولازم نركز في شغلنا أكتر من كده،مش هنسيب اللي ورانا ونقعد نفكر في صفقه لسه عليها ٤٥ يوم.
حازم خاف من اللي جاي و قعد على كرسي المكتب بتهالك وقال بتوجس:- ربنا يستر.
طبعا جمال كان بيتنصت عليهم وسمع كل كلمه اتقالت في المكتب وانتهز فرصة انشغالهم وخرج واتصل على أنجي وردت عليه بكبرياء:- في اي جديد عندك؟!
جمال بتشفي:- احلى خبر يا هانم ممكن تسمعيه.
أنجي انتبهت ليه وردت بفضول:- انطق أتكلم إيه هو الخبر؟
جمال بخبث:- أمير وحازم كانوا قاعدين في المكتب دلوقتي و لا حول لهم ولا قوة.
سألته بإستفسار:- إزاي؟
جمال:- الفكر ياهانم؛ الفكر مالي دماغهم مش عارفين يكملوا فلوس الصفقه منين؟
حازم بيقول فاضل 40 مليون على تمن الصفقه دي علشان تتم، وامير كان عايز يعمل قرض بس حازم قاله ان القرض حرام، وامير لما اتزنق ومعرفش يتصرف؟ زعقله وقاله خلاص لسه ٤٥ يوم على الصفقه خلينا نشوف اللي ورانا أحسن.
بتسمع جمال وكل كلمة بتدخل قلبها بتشفي غل كبير جواها ،وضحكت بشماته لإن خطتها أكيد هى اللي هتنجح وتاخد الصفقه لصالحها وتقدر تكسر أنف أمير وقتها،ضحكت أكتر بفرحة ملت قلبها وقالت:- تمام يا جمال خلي عينك عليهم واي جديد بلغني بيه.
قفلت المكالمه ولفت بكرسي المكتب من فرحتها وقالت بنظرة شر:- ههه ٤٥ يوم؟ مسكين يا ميرو متعرفش إن كلها أسبوعين والصفقه تبقى ملكي، وأنت!!
وبصت قدامها بشر واضح في عينيها وكملت:- وأنت هتتنهي،بكره تقع وتكون تحت ايدي يا امير بيه برهامي.
في نفس الوقت جمال رجع المكتب وقابل شمس عند الباب بالصدفه لكن هو مايعرفهاش رحب بيها وقال:- اهلا أي خدمه؟!
شمس بخنقه:- ايوه امير بيه موجود؟
جمال:- ايوه يا فندم موجود.
شمس:- اوكيه أقدر أقابله؟
جمال:- في معاد سابق مع حضرتك؟
شمس طلعت كارت خطوبة اختها ندى ومدت ايدها ليه وقالت:- لا ما فيش ميعاد ولا حاجه ومش مهم اقابله، بس ممكن بعد اذنك توصل الظرف ده لأمير بيه ضروري؟
جمال كشر عينيه وقال:- ظرف ايه ده حضرتك! لاني ماقدرش ابعت حاجه من غير ما يكون عندي علم بيها.
حطت أيدها في جمبها وردت بتريقه:- ليه حضرتك هو انت ظابط ولا محامي؟! ولا رئيس مجلس الاداره؟
رد بابتسامة:- لا ده ولا ده لكن ده شغلي وممكن اتجازى عليه لو عملت حاجه أمير بيه معندوش علم بيها.
ردت بإيجاز:- اوكية وعلى كُلِ ده كارت دعوة لحفله، مهواش حاجه فظيعه يعني ويا ريت ممكن تودي الكارت قدامي ولا اروح انا بنفسي؟
جمال هز كتفه:-خلاص تمام بس اقوله مين علشان لو سالني أكون اخليت مسؤوليتي.
ضحكت بتهكم:-مسؤوليتك!! ادائك رهيب بصراحه، على العموم قوله فاعل خير بعد أذنك.
أمير في مكتبه و وصله كارت الدعوه ، سأل جمال وهو بيفتح الظرف:- مقالتش هى مين ياجمال؟
جمال:- لأ يافندم كل اللي قالته لما سألتها أنها فاعل خير.
بص ف الكارت وهز راسه بتفهم وسكت ومعلقش.
عند ليله في المحل.
طبعاً محمد مراقب ليله من آخر موقف شافها فيه مع عشيقها وبيفكر إزاي يفضح ليله، رجع من شغله على غير ميعاده و وقف قدام المحل وبص عليها من فوق لتحت بشهوه لكن قال لنفسه:- معقوله الوش البريء ده يطلع منه كل ده؟ مش باين عليكي يا ليله بس أنا بقى هوري للناس كلها وشك الحقيقي اصبري عليا.
قرب من الشباك وقال بتريقه متداريه:- ازيك يما؟
ساميه كشرت عينيها بتعجب:- ازيك يا محمد يابني ايه اللي رجعك من شغلك بدري كده؟! أنت خلصت؟
محمد عينيه ما نزلتش على ليله وهي بترص الكراتين جنب بعض وقال:- لا يما مخلصتش شغل ولا حاجه، انا بس خرمااان ،السجاير خلصت ومزاجي مش رايق من غيرها،جيت أخد علبه وراجع على الورشه تاني.
و وجه كلامه لليله:- والنبي يا ليله ناوليني علبة سجاير لاحسن محسوبك خلاص على اخره.
ليله هزت راسها مع ابتسامه خفيفه وقالت بعفوية:- من عينيا حاضر.
جابتها وراحت قصاده وبتمد ايدها ليه:- اتفضل السجاير اهي.
مد ايده ليها ومسك أيدها بغزل بقصد منه وهو بياخد العلبه وبصلها بمغزى:- تسلمي يا ليله من ايد ماعدمهاش أبدا.
اتوترت وجت تسحب أيدها لكن هو ضغط عليها أكتر وما سابهاش، استغربت وبصتله. اتقابلت عينيها في عينيه:- ايدي يا محمد؟! ولا أنت مش واخد بالك؟
فك قبضه ايده وسابها بابتسامة:- معلش أنا صحيح مش واخد بالي.
سحبت ايدها وهزت راسها ليه وردت بضيق:- ولا يهمك.
سابته و وقفت بعيد وهو فتح علبه السجاير وولع سيجاره وحب يلعب على وتر وأعصاب ليله وقال بتلميح:- عرفتي باللي حصل يما في شارع ابو عوف اللي ورانا؟
ساميه:-خير يارب، لأ مسمعتش ايه يا واد اللي حصل؟
محمد بمكر:- الصبح وانا شغال في الورشه سمعت طراطيش كلام كده، بيقولوا في واحده قفشوها مع واحد وهما يعني بيعملوا حاجات كده استغفر الله العظيم
ليله بلعت ريقها بتوتر وافتكرت نفسها هى ومروان، وساميه شهقت وخبطت على صدرها وقالت:-هيييه ينهار عجب؟ستات عديمه الربايه وعملوا فيهم ايه يا واد ؟
كان بيراقب تفاصيل ليله وشاف وشها اللي اتغير وبان عليها التوتر ضحك بسخريه لما اتأكد انها كده ماشيه في طريق الغلط وقال:- هيعملوا ايه يعني يما سلموهم للقسم.
ساميه بتشفي:- احسن علشان يتربوا يستاهلوا اللي هيحصل ليهم ناس واطيه، استغفر الله العظيم.
محمد بتلميح:- يلا ربنا يسترها على ولايانا.
ونده على ليله:- بقولك يا ليله؟!
ليله بتوتر :- ها ايه يا محمد، أنت بتكلمني؟
رد بضحكه:- اه بكلمك، كنت بقولك تاخدي حساب السجاير دلوقتي ولا لما ارجع من الشغل؟
حست بالتوتر من ناحيته وردت بخنقه:- زي ما تحب اصلا المحل بتاعكم وشوف خالتي هتقولك ايه؟
محمد هز راسه ليها وحك دقنه بتفكير:- من حق يما نسيت اقولك اني مسافر يوم الجمعه.
ساميه بإستغراب:- مسافر!! مسافر فين يا واد؟
محمد كل ده بيتكلم وهو عينيه من ليله وبيفكر في اللي شافه في اليوم ده ومش قادر يتخطاه ولا ينساه وجاوبها وقال:-رايح راس البر انا واصحابي نقضي يوم كده وهنرجع طوالي.
ساميه عوجت بقها:- ومن امتى إن شاء الله بتسافر انت واصحابك؟ على طول بنسافر كلنا مع بعض إيه الجديد بقى؟ ولا إحنا ملناش نصيب نسافر إحنا كمان؟
ابتسم بمكر:- هنسافر يما كلنا مع بعض طبعاً ،وكمان هناخد ليله معانا أهو تفك شوية مسكينه يا عيني بتتعب ومحدش مقدر تعبها.
وبص لأمه وكمل:- بس يما دلوقتي اصحابي عمالين يزنوا عليا نسافر يوم صد رد كده، وكمان على حسابهم فقولت ليه لأ؟ اطلع يوم كده اروق عن نفسي وارجع تاني، وبعدين كده كده يوم الجمعه اجازه مش هخسر حاجه ولا انتي شايفه إيه؟
ساميه بتريقه:- ما بقتش بشوف ياروح امك، راحت عليا خلاص، دلوقتي اللي تشوفه الست مراتك بقى يمشي، هو انا بقى ليا رأي؟
محمد بغمزه:- ده أنتي الخير والبركه يا ساميه، يلا أنا راجع على شغلي علشان ما تعطلش
وكمل بمغزى:- وانتي يا ليله حق السجاير هدفعولك خالص مخلص ما تقلقيش وسابهم ومشي.
عينيها عليه وهو ماشي يغني وباين عليه مبسوط وخافت انه يكون يقصدها هي بالكلام ده، وخافت أكتر من طريقته فيها غموض مش قادره تفسره،حطت أيدها على قلبها اللي مش مطمن وبصت قدامها بحيره.
منزل برهامي
ماجده خارجه من اوضتها وسمعت حركة في اوضة أمير، وراحت لعلا المطبخ وسألتها:- علا يا حبيبتي هو أمير رجع من بره؟
علا جاوبتها:- ايوه يا ماما رجع يجي من عشر دقايق تقريباً، وسأل عليكي ، قولتله إنك مريحه شوية في أوضتك.
ماجده هزه راسها:- طيب ماشي جهزي الغدا علشان نتغدا كلنا مع بعض، انتي عارفه أمير دايما مالوش مواعيد وممكن يقولك أنا خارج في أي وقت.
وسابتها ورايحه عند أمير، علا فهمت أنها اكيد هتكلمه في موضوع ندى اللي خطوبتها خلاص بكره ومش حابه إن أمير يضايق اكتر من كده، جريت تلحقها وندهت عليها بلهفه:- ماما ماما لحظه لو سمحتي.
لفت ليها بتساؤل:-خير يا علا في حاجه يا حبيبتي؟
أخدت نفس عميق وخرجته بهدوء ،جمعت قوتها واتكلمت بإهتمام:- ماما، متزعليش مني في اللي هقوله لحضرتك، انا عارفه إن خطوبة ندى بكرة، واكيد ده مضايقك، ومن حقك تزعلي لان ندى خساره كبيره لينا كلنا، وأنا كمان كنت أتمنى أنها تكون لأمير لكن القدر مش عايز وده نصيب،بس ارجوكي لو سمحتي ماتحسسيش أمير بالذنب وكأنه هو إللي جنيَ عليها في الخطوة دي.
ماجده ربعت إيديها وسألتها بمغزى:- ممكن أعرف ليه بتقولي الكلام ده ليا دلوقتي؟
ردت بإحراج:- لاني عارفه انك رايحه دلوقتي عند أمير واكيد هاتلومي عليه في اللي بيحصل لندى زي كل مرة؛ وانه خسرها للأبد كالعادة، وكده أمير بيتحمل فوق طاقته، صدقيني يا ماما أمير بيحبك أوي.
ابتسمت ماجده واتنهدت:- تعرفي يا علا انتي بتفكريني بنفسي زمان كنت ديما أدافع عن فهمي أخويا ومن حبي فيه عمري ف يوم ماشوفته غلطان ابدا، اطمني ياعلا كل مخاوفك دي ملهاش أساس، كل الحكايه أني داخله اطمن على اخوكي مش اكتر.
وكملت بتنهدة استسلام:- والحقيقه بقى إن كلامي ما بقاش ليه لازمه نهائيا، لأن ببساطه ندى خلاص بقى في راجل في حياتها وما ينفعش اتكلم في الموضوع ده اكتر من كده، وأهو على رأي باباكي أمير مش صغير وعارف هو بيعمل ايه كويس، وفي الآخر مش هقول غير هو حر.
سابتها وراحت خبطت على الاوضه ودخلت عنده، شافته واقف قدام المرايا بيسرح شعره وشافها وابتسم ليها وقال:- مين؟ ست الكل.
ضحكت بقلة حيله وقالت:- ايوه ست الكل يسيدي، عامل ايه يا أمير يابني؟
راح وقف قدامها وجاوبها بابتسامه:- انا كويس المهم أنتي طمنيني عليكي، العلاج الأخير جاب نتيجه مع الضغط؟
هزت راسها ليه وقالت برضا:- الحمد لله جاب نتيجه.
وبصتله بنظرة أم نفسها تقوله كلام كتير جواها، عايزه تقوله ما تسيبش ندى يا أمير، ندى بتحبك وبتهتم بيك واهتمامها بيك ده هيخليك في يوم من الايام تحبها، انا لو عارفه ان ندى مش هتسعدك يوم واحد بس!! كان قلبي رفضها قبل عقلي بس هقول ايه يا ابني كل شيء مقدر ومكتوب.
استغرب من انها واقفه ساكته كشر عينيه وسألها بإهتمام:- مالك يا ماما حاسه بحاجه! ولا أنتي عايزه تقولي حاجه؟
طبطبت على خده بإيدها وابتسمت وقالت بحب:- عايزه سلامتك يا حبيبي؛ و عايزه اقولك ما تزعلش مني، لأني بصراحة الفتره اللي فاتت انا عاملتك بقسوة، بس صدقني انت ممكن تشوفها قسوة مني لكن انا شايفاها إني بشد عليك لمصلحتك بس هقولك إيه؟ قلب ام بقى يا سيدي ما تزعلش مني.
جزء من قلبه استريح جداً بعد ماسمع الكلام ده منها، معنى كده إن مفيش ضغط عليه الفتره اللي جايه، ودي أهم فترة ف حياته محتاج يرتب فيها كل أفكاره، ابتسم وباس على ايدها وقال بصدق:- مجنون مين اللي يفكر انه يزعل منك يا ست الكل؟! انا لو زعلت من الدنيا كلها عمري ما ازعل منك.
:- بجد يا أمير بجد مش زعلان مني بعد كل الكلام اللي سمعته مني الأيام اللي فاتت؟
أمير:- أنا عارف إن طريقتك معايا و إن كل اللي قولتيه قبل كده! ده من ورا قلبك، وكمان عارف قد ايه انتي خايفه عليا وعايزه مصلحتي، صدقيني يا أمي انا فاهم جداً شعورك بس..!
سكت لثواني وخرجت منه تنهيدة واتكلم باحتياج:- سيبك من كل اللي فات، عارفه يا أمي انا دلوقتي نفسي في إيه بجد؟
حركت راسها مع ابتسامة خفيفة:- نفسك في ايه يا حبيبي؟
طلب منها بإبتسامة مكسوره على وشه واتكلم بتمني:- نفسي اترمي في حضنك، بجد محتاج حضنك قوي يا امي.
عينيها لمعت وبقلب أم ما ترددتش لحظه، فتحت ايديها واستقبلته في حضنها بكل حب وحنان،حط راسه على كتفها زي الطفل الصغير وغمض عينيه واخد نفس عميق جداً وبيخرجه ببطء وكأن كل الطاقه السلبيه اللي جواه بتتبخر وهو في أامن حضن في الدنيا كلها، شافته ساكت مابيتكلمش قلقت عليه وطبطبت على ضهره وسألته:-انت كويس يا أمير فيك حاجه يابني؟!
رد عليها وهو مغمض:- أنا كويس متقلقيش، كل الحكايه أني مطمن وأنا في حضنك يا أمي.
مختار وسعاد بعد ما خلص شهر العسل بتاعهم راجعين على شقتهم الجديدة ومعاهم يوسف وإيمان، مختار فتح باب الشقه ورحب بيهم:- تعالوا ياولاد أدخلوا برجليكم اليمين تعالوا، وأنتي ياسعاد ادخلي ياحبيبتي.
بصت على الشقه وهى بتدخل ببطء وبتتلفت حواليها وعجبتها جداً،قد إيه بيت جميل ورقيق ودافي، حبته كأنه مألوف ليها من زمان وحلمت بيه قبل كده، يوسف بإعجاب:- الله الشقه حلوه اوي اوي يا بابا مختار.
إيمان بلهفه:- بابا مختار بابا مختار فين الاوضه بتاعتي، أنت قولت ليا اوضه لوحدي عايزه أشوفها.
ضحك وشالها وقالها:- اممم أفهم من كده إنك جايه هنا علشان الاوضه بتاعتك مش علشاني مش كده يا اروبه انتي؟
إيمان ببراءه:- اللاه مش أنت اللي قولت إيمان عروسه وليها اوضه لوحدها يابابا؟ مش كده يا يوسف؟
سعاد ضحكت:- جبته لنفسك يا مختار البت دي طلعت سوسه صح ياصغيره؟
إيمان كشرت عن أنفها بطريقه ضحكتهم كلهم وربعت أيديها باعتراض وقالت:- يعني مفيش اوضه ليا؟ بتكدبوا عليا! هتروحوا النار.
سعاد ابتسمت ومختار رد عليها:- ليه ياستي الطيب أحسن.
وسألها:-عمر بابا مختار كدب عليكي في حاجه قبل كده؟
هزت راسها بالنفي، وكمل هو:- تعالي معايا أنا اخترت ليكي انتي ويوسف أحسن غرفتين في الشقه كلها.
يوسف بفرحه:- يارب يكون في اوضتي بلكونه.
مختار بتأكيد:- وربنا استجاب ليك يابرو، يلا تعالوا معايا.
كان بيوري لكل واحد غرفته وقلبه مش مصدق إنه في يوم وليله بقى حواليه عيله، وعيله حبها أكتر من نفسه، بيشاور لايمان على العابها وسعاد بتراقبه وشافت في عينيه شغف وفرحه وترحاب كبير بيهم، شافته مشغول بيهم وده فرحها أكتر، انسحبت بهدوء وراحت تتفرج على باقي الشقه واتفاجئت قدامها في المكتبه بصوره بحجم متوسط ليهم كعيله واحده، وقفت قدامها ومسكتها وحاولت تفتكر اتصوروها فين، ابتسمت لما افتكرت وكانوا في الصيدليه كلهم مع بعض، مختار خرج وساب الولاد يلعبوا مع بعض وشافها وراح عندها وقالها:- ملقتش أحسن من الصوره دي جمعتنا كلنا مع بعض.
وشاور على الصورة وكمل:- بصي؛ تحسي إن يوسف هنا فيه شبه مني كبير هههه نفس المناخير هههه، وبصي هنا كمان إيمي فيها منك كلها منك بس واخده لون شعري تحسيهم ولادي من دمي مش كده ياسعاد؟
سابت الصوره مكانها ولفت ليه واتكلمت بصدق:- لو على صلة الد.م! فكتير أوي باعوا أي صلة بتربطهم بالد.م وصلة الرحم، لكن الود والمداومة على أننا نكمل ونعافر علشان الاستقرار هو ده اللي بيدوم يامختار، مش شرط خالص إن د.مك يكون مختلط بد.مهم، المهم إن حبك يمشي في وريدهم وهو ده اللي بيخلي كلمة بابا مختار تبقى طالعه من القلب بجد، أنت أبوهم بلا منازع، صديق قريب أوي ليهم بلا شبيه، حقيقي بحسدهم عليك أنهم هيتربوا في حضنك.
حازم بيلبس جاكيت البدله ونده لمراته زينه وقال:- زينه خلصتي ولا لسه! كده هنتأخر على الخطوبه.
دخلت عندو وقالت بتعب:- حاضر يا حازم هلبس حجابي أهو استحملني بس دقيقه كمان.
رد بإبتسامة ومزاح:- استحملك دقيقه؟ يابنتي انا مستحمل كل السنين دي وساكت جت على الدقيقة دي يعني؟ يلا ربنا يكون في عوني.
ابتسمت:- مش هتبطل هزارك ده؟ أنا لولا عارفه إنك بتهزر كنت اتصرفت معاك بطريقتي.
راح عندها وشاور على بطنها وقال:- بذمتك تتصرفي إزاي بالبالونه دي؟ وبعدين هى البت دي مش ناويه تيجي لابوها بقى؟ هتجنن واشوفها.
ردت عليه:- كلها شهر إن شاء الله وتشرف حبيبة أبوها واتركن أنا على الرف.
رد بتأكيد:- الحمدلله إنك عارفه من دلوقتي.
كشرت عينيها بتعجب وهو ضحك وقال:- ومين مجنون يقدر يعيش من غير روحه، انتي مش عارفه غلاوتك عندي ولا ايه بقى؟
ردت بابتسامة:- طبعاً عارفه وأنت تقدر تقول غير كده.
وسكتت لثواني وسألته بتفكير:- حازم هو أمير هيحضر خطوبة ندى؟
هز راسه بتفهم ورد بزعل متداري:- لازم يحضر ماينفعش مايحضرش.
زينه:- طيب وندى؟
حازم:- هتتأقلم على الوضع الجديد أكيد، يلا بقى إحنا كده هنوصل آخر ناس.
زينه:- أنا خلصت يلا ياحبيبي.
مساءاً عند ندى.
كل الحضور تقريباً موجودين و أمير لسه موصلش، مشيره قعدت جمب ماجده وقالت بترحيب:- منورانا يا ماجده ياحبيبتي.
ماجده لحد دلوقتي مش مصدقه إن خلاص حلمها اتبخر وامنيتها الوحيدة متحققتش لكن حاولت تتخطى مش عارفه، موجودة بدون رغبتها كان نفسها تبقى هى ام العريس اللي هيوصل وتكون في انتظاره وفرحتها مالية قلبها اخدت نفس عميق وخرجته بهدوء وردت عليها:- ده نورك يامشيره، وألف مبروك ياحبيبتي، ربنا يتمم فرحتها على خير.
مشيره زي اي أم بتحب ديما تفخم في بناتها وردت بتفخيم:- يارب يختي يارب، طب وحياتك ياماجده البت ندى من امبارح هتطير من الفرحه مش عارفه اعمل ايه ولا إيه من فرحتها، لأ وكمان مازن عريسها طاير من الفرحه هو التاني وكل شوية يتصل علينا كلنا ويسألنا ندى بتحب إيه؟ ندى عايزه إيه؟ ندى نفسها ف إيه؟
أمير!
شمس قالتها من ورا مامتها وماجده ومشيرة بصوا لشمس بزهول على ردها ده! لكن شمس كملت وقالت:- أمير جه هروح أسلم عليه.
كل واحده فيهم حاولت تداري رد الفعل بعد كلمة شمس، ماجده حاولت تهرب من مشيره وقالت:- هروح أسلم على فهمي يامشيره من وقت ما جيت وأنا قاعده هنا مشوفتوش.
ردت بابتسامة مزيفه:- آه وماله البيت بيتك اتفضلي ياحبيبتي.
رامز بيسلم على أمير:- أهلا وسهلا اذيك يا أمير.
كان لابس كلاسيك ومعاه بوكيه ورد من النوع المفضل لندى ومش عارف هو جابه ليه! رد بإبتسامة هاديه:- الله يسلمك يا رامز،مبروك لندى.
رامز:- الله يبارك فيك ياحبيبي وعقبالك، تعالى اتفضل بابا جوه مع الضيوف.
أمير شاف شمس واقفه بعيد شوية وقال :- تمام هسلم على شمس وجاي وراك.
رامز:- على راحتك بعد اذنك هروح هسلم على حمايا.
شاف شمس واقفه ملامحها بتعبر عن اللي جواها قرب منها وسلم عليها بمزاح:- اذيك يا شمس.
عوجت بقها وردت بسخريه:- الله يسلمك.
هو عارف أنها دلوقتي مش طايقاه، وكمان متأكد أنها بتقول اذاي ليك عين تيجي لحد هنا؟ جاي ليه يا أمير! جاي توجعها، جاي تدمر كل حاجه حلوه جواها؟ جيت ليه يا أمير؟ ليه حياتك كلها علامات استفهام مفيش أجابه لأي سؤال أنت عارف إجابته كويس! هتفضل ديما هربان من روحك على طول! طيب حتى أقنع نفسك بأي سبب وقول أنت جيت ليه؟ هتقول بنت خالك!!!
شافت الورد في أيديه واتغاظت من بروده! بجد إنسان بارد لأ وكمان جايبلها الورد اللي بتحبه؟ يعني لا حاسس بيها وكمان عايز يضايقها؟ أكيد ندى هتتضايق وهتزعل لما تشوف الإنسان اللي هتموت عليه جايبلها الورد اللي بتحبه ويوم خطوبتها على واحد تاني، ربعت إيديها وسألته:- حلو الورد ده! جايبه لندى؟
رد على سؤالها بسؤال تاني:- انتي اللي جبتي كارت دعوة الخطوبة ليا في الشركه؟
اتوترت وبلعت ريقها، رجعت شعرها ورا ودنها وردت باستنكار:- ليه يعني بتسأل هو في حاجه؟
أبتسم وقال:- لأ مفيش حاجه يافاعلة الخير، كملي بقى فعل الخير بتاعك وقدمي بوكية الورد ده لندى ممكن؟
صكت على أسنانها بغيظ وردت عليه برفض:- هو حد قالك اني مواصلتيا؟ استنى لما العروسه تخرج تبقى قدمه بنفسك ولا أنت عايز الكل يعمل كل حاجه بدالك؟ ماهو ده اللي مخليك محلك سر كده.
كشر عينيه لهجومها وسألها:- شمس إيه اللي انتي بتقوليه ده؟
نفخت بتوتر وقالت بتبرير:- اء، أبدا ابدا احم أنا اسفه جدا يا أمير أنت عارف مهمة أخت العروسه بقى تعالي ياشمس، هاتي ياشمس لما تعبت من الطلبات الكتير.
وحبت تمشي من قدامه وقالت:- ياخبر دي ماما بتنده عليا هروح اشوفها سلام يا أمير.
وقف مكانه مضايق لأن كل حاجه واضحه قدامه زي الشمس ومش عارف يخرج من ضلمة أنجي لحد دلوقتي.
ندى قاعده قدام التسريحه ولابسه فستان الخطوبه باصه لنفسها في المرايه بضياع ومش قادره تشوف ايه اللي مرسوم ليها، او إيه اللي هي رسمته لحياتها،كل حاجه قدامها فراغ مش حاسه بطعم أي حاجه، الفرحه اللي جواها ما.تت لانها بقرارها ده! خلاص قيدت نفسها بمازن وللابد؛ وندمت إنها وافقت من البداية، فكرت إنها هتنسى أميرها وهتقدر تتخطاه، دموعها نزلت بقهر، غمضت عينيها وحست بإختها شمس اللي دخلت عليها وكانت هى كمان مش مبسوطه، واتكلمت بإحباط:-عريسك وصل يا ندى.
فتحت عيونها وفيها لمعة حزن، حاولت تبتسم، ماجده خبطت على الباب وقالت:- ممكن ادخل ياعروسة؟
قامت مع إبتسامة مزيفه وقالت:- طبعاً يا عمتو اتفضلي.
دخلت ماجده ومعاها علا و زينة وسلموا عليها وباركوا ليها ماجده اتكلمت بواقعية:- ألف مبروك ياحبيبة عمتك، بتمنالك من قلبي كل السعاده.
ندى حبست دموعها واخدت نفس عميق وردت بهدوء مع ابتسامة:- الله يبارك فيكي ياعمتو.
وكملت بصوت مهزوز:- أنا سألت ماما عليكي من بدري وكنت عايزاكي تقوليلي إيه رأيك فيا؟
ربتت على دراعها بحنان وقالت بصدق:- زي القمر ياندى، مش محتاجه حد يقول رائية فيكي ياروحي.
ندى بتنهيدة:- ميرسي يا عمتو.
علا بمزاح:- يا بت ياندى انتي زي القمر بجد، اوبس نسيت أقولك أخويا حازم عايز يدخل هنا يسلم عليكي، بيقول أنه جايبلك هديه إنما إيه؟ همـ.ـوت واشوفها ايه رأيك انادي عليه؟
ردت بحرج:- عادي ياعلا اللي تشوفيه.
علا:- روحي ياشمس نادي على حازم، خرجت شمس وحازم راح معاها وشاف امير واقف بعيد وقال لشمس:- روحي أنتي ياشمس وأنا جاي وراكي.
راح عند اخوه وقال بتريقه:- اللي جابلك يخليلك.
نفخ بخنقه هو كمان وقاله:- إيه ياظريف جابلي إيه؟
شاور على بوكية الورد اللي شايلة في حضنه زي البيبي وقاله:- أهو جابلك بوكية زي القمر مكلبش فيه خايف حد ياخده منك، ياترى هتسمية إيه؟
أمير نفخ بخنقه:- هسمية حازم.
حازم بضحكه:- أصيل طول عمرك ،تعالى تعالى معايا.
أمير:- على فين؟
حازم:- نبارك لندى، بصراحه جايب ليها هديه وهكون محرج وانا بقدمها ليها قدام خطيبها.
وكمل بتساؤل:- أنت جبتلها هديه؟
هز راسه ليه من غير ما يرد عليه.
زينه بتأفف:- هو حازم بيعمل ايه كل ده؟ العريس هيقول خطفوها ولا إيه؟
حازم من على الباب رد على كلام زينه:- دي عروستنا و اختنا الصغيره يعني من حقنا نخطفها ولا إيه يا أمير!!
قلبها دق بقوه وارتبكت، حاولت تكون ثابته شمت ريحته القريبه منها، غمضت عينيها واخدت نفس عميق نفسها توصل ريحته لقلبها وروحها، خلاص هتتحرم منه للأبد، شمس وقفت جمبها لأنها حست بيها وقالت بصوت خافت:- ردي على حازم بيقولك مبروك.
فتحت عينيها لأنها مسمعتوش وردت بإحراج:- الله يبارك فيك يا حازم.
طلع علبه قطيفه وكان فيها أسوره وقال:- بصي بقى ده والله ما زوقي خالص، ده زوق زينه وهى اللي صممت عليه وربنا يستر ويعجبك.
الكل ضحك وزينه ردت بتهكم:- يسلام ماله زوقي بقى ياحازم بيه؟ عاجبك كده ياندى؟ طيب بذمتك إيه رأيك فيها؟زوقي وحش؟
ابتسمت وردت عليها بلطف:- بالعكس يازينه دي جميله ورقيقه جداً،كفايه إنك تعبتي نفسك علشاني واختارتيها، بجد جميله تسلم ايدك.
رفعت عينيها لأمير اللي جه عليه الدور أنه يبارك ليها، خاب أملها للمرة اللي مالهاش عدد لما شافت ابتسامتة، أمير ابتسم برسمية حط بوكية الورد بين أيديها:- مبروك يا ندى.
بادلتة نفس الابتسامه بقوة مضاعفه وردت بثقه:- الله يبارك فيك يا أمير.
متعرفش إيه اللي جرى ليها لما شافت ابتسامتة، يمكن آخر امل جواها اتكسر، ثقتها فيه ماتت للأبد، خيبة أمل لا متناهية، متعرفش الحقيقه إن عقلها في الوقت ده هو اللي قرر أنه يتصرف لأن قلبها ديما ينزلها لتحت، وعقلها أخد القرار أنه يرفعها لفوق، واخدت نفس عميق وزفرته بقوه واخدت منه الورد وبصت في عينيه وكملت بثقه:- ميرسي على الورد؛ و عقبالك.
لبست وخرجت هي كمان للسوق وفي وسط الزحمه وهي بتتكلم مع البياع وبتفاصل معاه سمعت صوت شخص، ما كانتش تتوقع تشوفه تاني أبدا أو تلمحه، أو أنها تسمع صوته تاني لدرجة أنها اتلجمت مكانها لما نده عليها بفضول وصدمه:- ليله؟!
لفت ببطء ولما شافته اتصدمت و كل الخضار اللي في ايدها وقع منها مطوردت بصوت مهزوز وصده:- مـ. مستحيل؛فتحي! ----------
الفصل الواحد والعشرون من هنا