رواية خلف قضبان القلوب الفصل التاسع و الثلاثون والاخير بقلم ميمي عوالى
ما ان بدأت السيارة بالتحرك حتى اغمضت عينيها و استندت برأسها الى الخلف ، فقال يونس : انتى كويسة
سوزان بخفوت : ماتقلقش .. انا تمام ، بس حسيت انى محتاجة افصل شوية قبل ماندخل على البيت
يونس : طب تشربى ماية
سوزان : لا شكرا .. انا كده تمام
لتستند برأسها الى النافذة وتعود بذاكرتها الى يوم علمها بخطبة نور ويونس ، فعندما طلبت من عمها ليلا السفر لاستكمال دراستها بالخارج وحصلت اخيرا على موافقته بعد دعم فاطمة وزكريا لها .. عادت الى غرفتها لتفرج اخيرا عن عبراتها لتتفاجئ بنور تدخل عليها الغرفة دون انذار ، وعندما وقع بصرها عليها بتلك الحالة اسرعت اليها تحتضنها ببكاء مماثل وهى تقول
فلاش باك
نور ببكاء : حقك عليا يا سوزى سامحينى ، بس اقسملك انه كان غصب عنى
سوزان وهى تجفف دموعها : هو ايه ده اللى كان غصب عنك
نور ببعض الخجل من وضعها : خطوبتى على يونس ، لما عمى كلمنى قدام يونس ماعرفتش ارفض ، ولا عرفت اتصرف ، سكتت .. وهو اعتقد ان سكوتى ده موافقة ، وماعرفتش اتكلم ولا عرفت اقول لك ولا حتى عرفت اسال حد ،ولحد دلوقتى مش عارفة اعمل ايه
سوزان : ماتعمليش حاجة يا نور
نور ببكاء : ازاى وانا وانتى عارفين ان انتى اللى بتحبى يونس مش انا
سوزان وهى تحتصنها بحب : ويونس بيحبك انتى ومش شايف غيرك انتى
نور بصدمة باكية : انتى عاوزانى اتجوزه وانا عارفة ان انتى بتحبيه
سوزان : انتى كمان لو اديتى نفسك فرصة هتحبيه واكتر منى كمان ، و ماتنكريش ان انتى كمان معجبة بيه من زمان
نور : معجبة بيه كانسان .. كاخ .. كابن عم .. كصديق ، مش كحبيب ولا كزوج ابدا لانى عمرى ما فكرت فيه كده ، ولو استمر الوضع بالشكل ده طول الوقت هبقى حاسة انى شايلة ذنب وجعك ، الرجالة ماخلصتش عشان اخد يونس .. البنى ادم الوحيد اللى انتى حبتيه
سوزان بابتسامة : ومين بس اللى قال انى هفضل موجوعة ، انا خلاص .. قررت انسى كل ده واشيله من دماغى خالص ، و كمان انا لسه صغيرة ومسيرى هقابل حد تانى يحبنى واحبه ويخلينى اضحك لما افتكر كل الكلام ده
وبعدين تفتكرى انك لو رفضتى تتجوزى يونس .. عمى وماما ماكانش ممكن يزعلوا على زعل يونس وصدمته ووجعه منك بعد كل اللى عملوه معانا طول عمرنا ده كله
نور بامتعاض : ما دى اول حاجة ربطت لسانى قدام عمى لما كلمنى ، وخلانى قاعدة قدامه متلخبطة و مش عارفة ارد ، ولما شافنى كده .. فكرنى مكسوفه من الخطوبة
كنت عاوزة اقعد معاه لوحدنا بعيد عن يونس و اصارحه بالحقيقة و اسيبه هو يتصرف
سوزان : وكنتى ترضيهالى .. تخلينى قدامهم بالضعف ده
نور بحيرة : ما ده اللى خلانى ماعرفتش اتكلم ، حسيت انى كده بخونك خيانة اكبر بكتير
طب ماتيجى نطلب من عمى نروح نعيش انا وانتى فى بيت جدى فى البلد ، و اقول له بينى وبينه بعيد عن يونس .. انه يصرف نظر عن موضوع الجواز ده ، حبيبتى انتى اهم عندى من الدنيا كلها
سوزان برفض : وهو يعنى لو عملنا كده مش هيزعلوا ، خلاص يا نور .. اللى حصل حصل يا حبيبتى ، و خلاص بقى امر واقع ، يونس بيحبك و انتى مش صعب ابدا تحبيه نفس الحب اللى بيحبهولك و اكتر كمان
نور بامتعاض : وانتى
سوزان : انا ايه .. انا خلاص ، يونس بالنسبة لى بقى اخويا و هيبقى كمان جوز اختى ، يعنى خرج تماما من جوايا
نور : اومال عاوزة تسافرى وتسيبينى ليه
سوزان : مانا قلتلكم تحت عشان عاوزة اكمل دراستى برة
نور و هى تتجه الى الباب : و اشمعنى دلوقتى بعد اللى حصل ، لا يا سوزى انتى زعلانة منى و عاوزة تبعدى عنى عشان كده ، انا لازم انهى الموضوع ده وهفسخ الخطوبة
لتمنعها سوزان وهى تقول : استنى بس .. انا فعلا زعلانة منك بس مش عشان الخطوبة ، انا زعلانة انك اتعمدتى انك تخبى عليا انا بالذات ، وانى لما عرفت ماعرفتش منك انتى
نور بدموع : ماقدرتش .. حسيت انى موتى اهون من انى اوجعك بحاجة زى كده ، رغم انى كنت محتاجالك جدا عشان تطلعينى من الحر .ب اللى كانت جوايا
سوزان : خلاص يا نور .. ارمى كل ده ورا ضهرك ، وبعدين مهما اتقدملك من عرسان عمر ما هتلاقى حد يحبك ويصونك زى يونس ، يونس هيصونك مرة عشان انتى حبيبته ومرة عشان بنت عمه ، وكمان مرتين عشان خاطر عمى وماما ، حبيبتى صدقينى انا بتمنى لك السعادة من كل قلبى
نور : عمرى ماهبقى سعيدة وانا حاسة انى السبب فى بعدك ، او ان اى حد يعرف او يحس بحبك و يلاقينى كنت عارفة وموافقة عادى ، اهون عليا اموت من ان اى حد يفكرنى وحشة او انى مابصيتش غير لراحتى انا حتى لو كانت على حساب سعادة اختى الوحيدة
سوزان : اولا راحتك هى سعادتى بعينها ، ثانيا بقى .. مين اللى ممكن يحكى حاجة زى دى لاى مخلوق ، انا كمان ما احبش ابدا ان حد يبصلى على انى البنت اللى حبت واحد ماحسش بيها ، لا و كمان الواحد ده هيبقى جوز اختى يعنى اخويا ، و عشان كده الكلام ده مش لازم يطلع برانا ابدا
ايه رايك لو انا وانتى نعمل اتفاق سوا ، ان احنا الاتنين نقطع وعد على نفسنا ان الكلام ده مايطلعش لمخلوق مهما كان هو مين ونفضل مخلصين لبعض طول العمر
نور : اوعدك
سوزان : وانا كمان اوعدك
نور : بس لو انتى مصممة انى برضة اوافق على الكلام ده .. انا عاوزاكى توعدينى بحاجة تانية اهم عندى من كل ده
سوزان : حاجة ايه دى
نور : توعدينى انى افضل دايما فى قلبك وان عمرك ماتكرهينى ، ولو فى يوم لقيتى ان وجودى مع يونس واجعك تقوليلى ، وهتلاقينى خدتك واختفينا عن الدنيا كلها ، لازم تتاكدى وتفضلى فاكرة انك اهم عندى من الدنيا كلها يا سوزى ، انتى فاهمة
سوزان : طبعا فاهمة .. اوعدك
عودة من الفلاش باك
عادت سوزان من ذكرياتها عندما انتبهت الى توقف السيارة لتفتح عينيها لترى واجهة المنزل بعد التجديد بلون قرمزى رائع يعكس اشعة الشمس المتوهجة ببهجة ، ليهبط الجميع من السيارات وهم يستمعان الى صدى صوت الزغاريد العالية التى تبادلتها زينب وبدر وايضا حسنية التى استقبلت الجميع بموجة من الزغاريد المرحة
ليقفوا جميعا أمام المنزل وهم يعاينون التجديدات لتقول بدر بحنين : اكنى واقفة قدام دوار عمى محمود من اربعين سنة
فاطمة بتأكيد : والله عفارم عليك يا سعداوى ، رجع البيت اكنه لسه بعزه
سعداوى بمرح : ماحنا مش اى اى برضة يا ستنا
زهرة : البيت شكله حلو اوى
سعداوى : اصبروا اما تدخلوا جوة وتتفرجوا على الباقى
زكريا : خلصتوا جوة كمان
سعداوى : كنا شغالين فى الدور التحتانى مع الشغل اللى برة ، و اما الست مريم مشيت .. سرحت على فوق كمان
يونس بتشجيع : طب والله برافو عليك بجد ، الاوض فوق برضة كانت عاوزة ترويقة حلوة
سعداوى بفخر : و انا روقتهالك اخر ترويق عشان تقعدوا على نضافة ومن غير كركبة وبهدلة
فاطمة : طب ياللا يا اولاد على جوة وشوفوا حد يدخل الحاجة
ثم التفتت الى زهرة وسوزان قائلة : و انتو يا بنات .. عينيكم على الحاجة وهى نازلة من العربيات وعرفوهم كل شنطة رايحة على انهى حتة بالظبط
بدر : ادخلى انتى يا فاطمة عشان رجلك ماتوجعكيش وانا هفضل معاهم هنا انا وزينب
زينب : ايوة روحى انتى ياللا وخلى نفسك معانا وانتى جوة
وبعد ان استقر بهم الحال قضوا سويا يوما مليئا بالعمل ، فكل منهم كان من نصيبه عملا مطولا اسندته إليهم فاطمة ، ليظلوا منهمكين كل فيما وكل اليه حتى اجتمعوا اخيرا على مائدة الغداء العامرة التى اعدتها لهم حسنية وكانوا جميعهم فى غاية الاجهاد .. فتقول فاطمة : معلش تعبتوا .. بس لو ماكانتش كل حاجة اترتبت فى ساعتها ماكانتش هتترتب عدل بعد كده بسهولة
لتقول زينب بامتعاض : ليه يعنى .. كانت هتتعوج ، الله يسامحك الواحد هلك
سوزان : حقك علينا يا دادة ، انا هكمل معاكى حاجتك لو لسه ماخلصتيس
زينب بحب : الهى مانحرم من لسانك اللى زى المرهم ده ابدا ، طول عمرك وانتى النسمة الحلوة اللى بترطب على قلبى
يونس : اللا .. سوزى بس اللى لسانها مرهم
زينب ضاحكة : كلكم يا حبيبى ، بس سوزى المرهم بتاعها مستورد ومفعوله بيشتغل وقتى 😂
فاطمة لسعداوى : عرفت الولاد على كل حاجة خلاص يا سعداوى
سعداوى : كله تمام يا ستنا ، ويوم الاربع ان شاء الله هنزل السوق واشترى باقى الدبا. يح كلها
بدر : طب وليه السوق .. ماتسال اهل البلد لو عندهم حاجة عاوزين يبيعوها هم اولى
سعداوى : مانا فعلا عملت كده .. وعربنت اللى موجود و هكمل من السوق
فاطمة : على خير يارب
وبعد مضى بعض الوقت قرر زكريا ويونس الانصراف ، فقال يونس لسوزان : محتاجة منى اى حاجة قبل ما امشى
سوزان : عاوزة سلامتك ، ابقى طمننى عليكم اما توصلوا بالسلامة
يونس : حاضر ، وانتى كمان ابقى حاولى تكلمينى كل ما تلاقى فرصة ، ولو احتاجتى اى حاجة فى اى وقت كلمينى على طول .. اتفقنا
سوزان : اتفقنا
اما زكريا .. فقال لزهرة : لو احتاجتى انتى واللا اى حد اى حاجة قوليلى ابعتهالكم
زهرة : هتيجوا امتى
زكريا بمرح : لو هوحشك ممكن افضل معاكى وما امشيش اصلا
زهرة بخجل : و بعدين معاك
زكريا ضاحكا : و بعدين معاكى انتى .. كسوفك ده اللى هيخلينى الزقلكم هنا وما اتعتعش ثانية واحدة
زهرة و هى تتركه و تعود الى الداخل : مع السلامة وابقى طمننا عليكم لما توصلوا بالسلامة
زكريا : بقى كده برضة .. يعنى مش عاوزة تعرفى هنيجى امتى
زهرة دون ان تلتفت له : هعرف من مراة عمى
اما باسبانيا .. فكانت مريم تجلس باحد الفنادق وامامها ماجى التى كانت تقول : هو لسه ماحدش رد عليكى
مريم : لسه .. مكتب المحاماة بيقولوا ان الاجراءات دى بتاخد وقت
ماجى : طب واحنا ليه قاعدين مستنيين هنا
مريم : لان هنا اقرب مكان للاماكن اللى فيها الفلوس و اول مانلاقى مكان الدنيا خلصت فيه نطير على هناك على طول ، و زى ما قلتلك وجودنا هنا ارخص بكتير من اى مكان تانى و انا لازم اعمل حساب كل قرش بيندفع ، ماتنسيش ان انا بس اللى بصرف دلوقتى
ماجى بامتعاض : وبتقيدى كل قرش بينصرف عشان احاسبك عليه اول ما نعرف ناخد الفلوس ده انتى بتحسبى تمن ازاة الماية ، و ماتنسيش ان انا اللى دفعت كل مليم اتصرف فى مصر قبل ما نخرج منها
مريم : اصل الحقيقة حسابك تقل ، ده كفاية الفلوس اللى اندفعت فى مصر عشان نلغى بيها موضوع طلاق سامى ليكى و اللا نسيتى ان لولا الحكاية دى ماكانش ينفع تاخدى مليم واحد من فلوسه
ماجى : و ماتنسيش ان انا اللى دفعت الفلوس اللى اندفعت دى كلها انتى مادفعتيليش ولا مليم فى الكلام ده ، يعنى كتير قليل بقى .. فلوسى
مريم : ما طبيعى ان انتى اللى تصرفى ، و بعدين هو انتى من غيرى كنتى تقدرى ترجعى مليم من الفلوس اللى سامى سابها
ماجى : طب ما الفلوس اللى سامى سابها دى تبقى فلوسى انا كمان و اللا نسيتى انه سرقنى و انه اتعمل فيا نفس اللى اتعمل فيكى
مريم : و اهم الاتنين اخدوا جزائهم اللى يستاهلوه
ماجى : طب يعنى قدامنا هنا كده حوالى اد ايه
مريم : ممكن اسبوعين او تلاتة كده .. اول ما الفلوس تبقى جاهزة هنطير تستلمها ونرجع على مصر ، و بعد كده .. يا ويلهم كلهم منى
لتمر الايام سريعا حتى يأتى موعد عقد القران و الذى كان يمتلئ بالبهجة والسعادة على الجميع
فمنذ الصباح الباكر و كانت رائحة الخبز الطازج والطعام والحلويات تملأ المكان
لكن البهجة هى ماكانت تظلل على منزل الخياط باكمله بين سماع الاغانى الريفية الجميلة من صديقات بدر القدامى الذين تجمعوا ببهو المنزل ينشدون تراثهم ببهجة صافية وهم يدقون الدفوف ويطلقون الزغاريد العالية بين الوقت الاخر
و كانت سوزان وزهرة تجلسان بينهن يصفقن ويغنين بمرح معهن وهما تراقبان الصغار المندمجين بسعادة مع ما يحدث من حولهم
ليستمعوا الى اصوات ابواق عالية ليعلمن بوصول يونس وزكريا الذى صاحب وصولهما العديد من التهليل والترحيب من رجال البلدة المتجمعين بالساحة ويقومون بتعليق الزينة والانوار وصف المقاعد وخلافه
ليصل يونس و زكريا اخيرا الى بهو المنزل و يقع بصرهم على الجمع الموجود فيلقيان السلام بصوت مسموع و مرح .. لترد عليه النسوة باغنية ترحاب قائلين بمرح شديد
اهو جالك يا بت .. اهو جالك يا بت
بكرة يأستك الاساتك
بالدهب تملى دراعاتك
ويعوض كل اللى فاتك
واهو جالك يا بت ... ريح بالك يا بت
الاش اش اكل الشعرية
يا ما ناس منكادة ومهرية
والاش اش اكل البسبوسة
ياما ناس متغاظة ومفروسة
واهو جالك يا بت .. ريح بالك يا بت
خدى بالك منه وهنيه
واللى يعوزه قوام اديه
واما يموت هاتورثيه😂
واهو جالك يا بت .. ريح بالك يا بت
اطبخيله الصبح بطة
واطبخيله العصر بطة
كتريله يا بت الشطة
واهو جالك يا بت .. ريح بالك يا بت
اهو جالك من بعيد
جابلك الفستان جديد
همى ياللا إعملى المحشى
يسقط فيها ما يطلعشى
واهو جالك يا بت .... ريح بالك يابت😂😂😂
كان يونس و زكريا كل منهما عيناه على من تسكن قلبه و يبادلها النظرات المرحة الباسمة ، لتتقدم منهما فاطمة و بدر و تتلقفاهما بين احضانهما تهنئانهما بحب و سعادة طاغية ، و يتجهون معا الى الاعلى و بغرفة فاطمة قالت لهما : قولولى .. جعانين اخليهم يبعتوا لكم اكل
يونس : انا فعلا جعان جدا
زكريا : هو انتو اكلتوا
بدر : من بدرى يا ابنى ، و حتى لو هناكل اكيد هناكل تحت وسط الستات ماينفعش نسيبهم و ناكل احنا لوحدنا بعد كل اللى عاملينه معانا ده
زكريا : خلاص اللى تشوفوه
فاطمة : سعداوى قاللى ان المأذون هييجى بعد صلاة العصر بساعة كده ، يعنى لازم تجهزوا من قبلها
يونس : عم سعداوى قاللكم على الزفة بتاعتنا
فاطمة ببهجة : قاللنا و انبسطنا اوى رغم ان كان نفسنا نتفرج
زكريا : انا هدى كاميرة الفيديو بتاعتى لمحمد يصورنا اول ما نطلع من البيت
بدر : طب و انتو هتلبسوا هنا و اللا هناك
يونس : عم سعداوى خلى محمد ودى الشنط بتاعتى انا و يونس على عنده فى البيت ، و قال ان طالما الزفة بتاعتنا هتطلع من هناك يبقى نلبس هناك ، و الصراحة احسن .. كمان عشان البنات ياخدوا راحتهم
و بالفعل .. بعد صلاة العصر مباشرة .. خرج يونس و زكريا من منزل سعداوى و هما بكامل هيئتهما ليستقبلهم اهالى البلدة بالتهليل و بصوت الدفوف و الغناء ليصلوا فى موكب مبهج الى منزل الخياط و الذى قد امتلات الساحة من امامه بالكثير من الموائد و المقاعد المصفوفة بعناية ليتقدم العريسان الى احدى الموائد الرئيسية و التى كانت تقف عندها سوزان و زهرة صحبة فاطمة و بدر و بعد تبادل السلام تقدم منهم القاضى الشرعى و جلس بينهم و قال : ها يا عرسان .. هنبتدى بمين
لتقول زهرة : سوزى و يونس الاول
القاضى لسوزان : مين وكيلك يا عروسة
سوزان بخجل : زكريا
القاضى : بطاقة الوكيل و الشهود
ليقبل زكريا الوكالة و يقوم سعداوى و محمد بالشهادة
ليتكرر المشهد و لكن فى تلك المرة يصبح يونس وكيل زهرة و سعداوى و محمد ايضا شاهدان
ليتبادل اهالى البلدة التهنئة و يقضون وقتا طيبا جميلا بين الغناء و تناول الطعام و المشروبات
حتى انقضت الامسية بدعوات الجميع لهم بالسعادة و الهناء و الرفاء و البنين و البنات
و فى ظهيرة اليوم التالى كان زكريا يصطحب زهرة فى سيارته و يونس يصطحب سوزان بسيارته و يتجهوا جميعا الى شرم الشيخ لقضاء ايام عسلهم
و باخر يوم قبل عودتهم .. كان يونس يحاول ايقاظ سوزان الغار .قة فى نومها و هو يقول : حبيبتى كفاية نوم كده و اللا ايه
سوزان بنعاس : ماتسيبنى نايمة شوية كمان .. نص ساعة بس
يونس : ياحبيبتى احنا خلاص مسافرين بكرة ، قومى ياللا خلينا نقضى يوم حلو كده قبل مايضيع مننا ، و كمان انا جوعت
لتفتح سوزان عينيها و تقول بترصد : انت بجد جعان و اللا بتشتغلنى زى كل يوم عشان اصحى
يونس ضاحكا : ايه ده انتى قفشتينى
سوزان و هى تدير ظهرها إليه لتكمل نومها : ماهو اصل نفس الحجة كل يوم و بعد كده مابتاكلش اصلا يبقى تشوفلك فيلم تانى
ليميل عليها مقبلا وجنتها و يقول و هو يحيط كتفيها بذراعه : طب لو قلتلك اصحى بقى عشان وحشتينى .. هتقومى
لتنظر اليه سوزان بأمل قائلة : وحشتك بجد
يونس : هو انتى يا بت انتى مش حاسة انتى عملتى فيا ايه
سوزان : عملت ايه
يونس بابتسامة : سرقتى قلبى يا حرامية ، و طول مانتى مغمضة عينيكى ببقى قاعد من غير قلب
لتنقل سوزان عينيها بين عينيه و كأنها تثبر اغواره ليقول يونس : ايه .. انتى مش مصدقانى
سوزان بابتسامة : مصدقاك
يونس : يعنى هتقومى و اللا هتكملى نوم
سوزان بسعادة : هقوم
اما زهرة فكانت تجلس بشرفة غرفتها و هى تراقب البحر حين دخل عليها زكريا و هو يناولها فنجانا من القهوة و يقول : دى القهوة اللى مش عارف رقمها كام و مش عارف برضة اوزن دماغى ، عاوز ارجع القاهرة بس عشان تعمليلى فنجان قهوة من ايديكى ، نفسى اعرف كنتى بتعمليها ازاى ، ثم اكمل بمرح .. اوعى تكونى كنتى بتحطيلى فيها حاجة
زهرة ضاحكة : هحطلك فيها ايه يعنى .. زى ما كانت عدلات بتحط لعادل امام
زكريا ضاحكا : انا عارفلك بقى ، بس اشمعنى صحيح
زهرة : عشان كنت بعملهالك بحب
زكريا بصخب : الله اكبر ، و الله و نطقنا ، قولى كمان و سمعينى
لتضحك زهرة بشدة و تقول : هتفضحنا .. انا غلطانة ، و اخر مرة هقول لك حاجة
زكريا : ليه بس .. ده انا حتى بقيت جوزك حبيبك ، ماتبخليش عليا بحاجة
زهرة : مانا مش هبخل عليك و لما نرجع بالسلامة ان شاء الله هبقى اعمل لك القهوة زى مابتحبها
زكريا : بحب؟
زهرة : بحب ☺️
و بعد عودتهم الى القاهرة .. اصرت فاطمة و بدر ان يبقى الصغار تحت رعايتهما بمنزل ابراهيم و استقل كل من زكريا و زهرة بمنزل زكريا ، و يونس و سوزان بمنزل يونس و لكنهم كانوا يتجمعون جميعا على الغداء بمتزل ابراهيم و يقضون بعض الوقت صحبة الصغار حتى لا يشعر أحدهم بالوحدة
حتى مر شهران على زواجهم ، و كان مساء الخميس حين التف الجميع فى منزل ابراهيم و هم يتابعون لعب الصغار و مرحهم و كانت فاطمة تقول بحبور : هتباتوا معانا النهاردة زى ماوعدتونا و اللا هتخلوا بينا زى النوبة اللى فاتت
زهرة : انا عن نفسى هبات ان شاء الله
زكريا : طب و انا
بدر ضاحكة : قالك بلدك فين يا جحا قال اللى فيها مراتى
زكريا : عشان خاطرك انتى بس يا خالتى
فاطمة : و انت يا يونس
يونس ضاحكا : طب مش اما اعرف بلد مراتى الاول هتبقى فين
سوزان : هبات طبعا ، بس عاوزين نشرب حاجة سخنة الدنيا ابتدت تبرد
و اثناء سهرتهم يسمع زكريا صوت رنين هاتفه ليجيب المكالمة و يظل يستمع الى المتحدث فى حالة من الجمود حتى انهى المكالمة و هو ينظر الى الجميع بنظرات حزينة واجمة ، فتقول زهرة : فى ايه يا زكريا .. مين كان بيكلمك
زكريا : ياريت الولاد يطلعوا على فوق
لتقول زهرة للصغار : طب يا حبايبى .. ممكن تطلعوا على اوضكم عشان تستعدوا بقى للنوم .. الوقت اتاخر و الدنيا بردت
و بعد ان ذهب الصغار كل الى مكانه .. نظر يونس الى زكريا و قال بقلق : ماتقول يا زكريا مين اللى كلمك و قال لك ايه
زكريا بتردد : كان فى طيارة طالعة من المكسيك من اسبوع بالليل و اختفت من على الرادار و اكتشفوا بعد كده انها غرقت فى المحيط
زهرة : ايوة فعلا .. انا شفتها فى التليفزيون
يونس بترصد : ايوة يعنى و بعدين
زكريا و هو ينظر لفاطمة بتوتر : الطيارة دى كان عليها …
فاطمة ببهوت : مريم 😟
زكريا : و ماجى
فاطمة و هى تضم وجهها بكفيها و تستند على قدميها : انا لله و انا اليه راجعون ، انا لله و انا اليه راجعون
بدر بحزن : ربنا يصبر قلبك يا حبيبتى و يرحمها و يغفر لها
سوزان : طب هو مين اللى بلغك الكلام ده يا زكريا
زكريا : حد من العلاقات العامة فى الخارجية
يونس : يعنى هم اتاكدوا من الكلام ده
زكريا : المفروض
لتقترب سوزان الباكية من فاطمة و تضمها بين ذراعيها و تقول : شدى حيلك يا ماما و ادعيلها يا حبيبتى
فاطمة ببكاء حزين : كان نفسى ترجع لربنا و هى ندمانة و تايبة عن عمايلها ، كان نفسى تتوب قبل ماتقابله و تقف بين ايديه و هى كده .. استفدتى ايه بس يا بنتى من كل اللى عملتيه .. استفدتى ايه من كل اللى كنتى بتجرى وراه ، فادتك فى ايه يا ضنايا
زهرة و هى تجلس تحت اقدامها : ادعيلها يا حبيبتى يمكن دعاكى يشفع لها
فاطمة : توبتها هى اللى كانت هتشفعلها يا زهرة ، بس هى ماتابتش ، سابت الدنيا و هى عاصية و ذنوبها على ضهرها شيلة كبيرة اوى ، فضلت لاخر لحظة بتسعى ورا الحرام و هى متغمية و سادة ودانها و ساجنة قلبها
زهرة : حبيبتى افتكرى ان ربنا غفور رحيم ، بس احنا نقدر نساعدها ، ندعيها و نتصدق على روحها ، نعملها صدقة جارية تشفع لها ان شاء الله ، و لازم الكل يسامحها ، و كل واحد فينا كان زعلان منها ينسى كل ده و يسامحها
لترفع فاطمة عينيها الى زكريا و يونس لتجد اعينهم تفيض دموعا حزنا على شقيقتهما برغم كل ماحدث منها على مر الاوقات ، ليقول زكريا بحزن : انا عن نفسى مسامحها على كل حاجة و بدعى ربنا بكل صدق انه يسامحها و يغفر لها
يونس : انا هكلم عم سعداوى اخليه يشوفلى خمس ارامل فى البلد يكونوا بيربوا يتامى ، و هخليه يشترى لكل أرملة فيهم جاموسة ، سمعت انها بتبقى صدقة جارية حلوة
زكريا : و انا هزرع لها كام نخلة و هوهب انتاجها لله
بدر : و سعداوى كان بيقول ان فى كام بيت مادخلهوش ماية و لا صرف لسه بسبب ان الاهالى يعنى على اد حالهم
فاطمة : انا ادخل لهم
زهرة : ماشاء الله فكرة كويسة اوى ، ربنا يتقبل منكم جميعا يارب و يجعله كله تخفيف عنها
سوزان : طب و رامى .. و تولى و اياد هنقول لهم و اللا ايه
زهرة : لازم يعرفوا .. احسنلهم يعرفوا انهم محرومين منهم بسبب موتهم مش بسبب انشغالهم او عدم اهتمامهم او رغبتهم فيهم
بدر بتعاطف : و مين بس اللى هيقدر يبلغهم خبر زى ده يا بنتى ، مش سهل عليهم ابدا يا حبة عينى
لينظر الجميع الى زهرة فتقول بتسليم : حاضر .. بس بلاش دلوقتى .. خلوها الصبح ان شاء الله عشان مايناموش على خبر زى ده
لتمر بعض السنوات لتصبح مريم و ماجى ذكرى منسية ، فقد تم الحكم على ابيها مجدى و اخويها بالاعد. ام و اصبحوا جميعهم نسيا منسيا
اما مريم فلا يذكرها احد الا فاطمة التى لم تكل يوما من الدعاء لها و التصدق من اجلها ، و لكنها كانت تحرص على ان تفعل ذلك خفية عن الجميع حتى لا تثير ذكرى قد تعكر بذكرها صفو القلوب و الأذهان
اما زكريا و زهرة فقد رزقهم الله بإبراهيم لتصر زهرة على ان تعود تولين و اياد إلى منزل زكريا حتى يألفا الحياة مع اخيهما الجديد بحب ، و كانت تحرص على ان يقضوا جميعا جزءا من اجازتهم الصيفية بمتزل الخياط ببلدتهم حتى يتذكروا دائما جذورهم الطيبة
اما سوزان فكانت تشعر بحب يونس لها و هو يكبر يوما بعد يوم ليعوضها السنين العجاف التى قاست مرارتها ، لتتوج سعادتها عندما رزقها الله بتوأمتين كالبدر لتسمى احداهما فاطمة و تسمى الاخرى بدر ، لتصر فاطمة و بدر على ان تظل سوزان بابنائها و همس صحبتهم بمنزل ابراهيم ، ليرضخ لهم يونس حتى ينال رضاء الجميع
اما بدر .. فبعد ان اصبح لديها هى الاخرى مصدرا ماليا من الشركة و الارض .. قررت ان تقوم بعمل صدقة جارية لحامد و لامانى اللذان سخرهما لها الله كى يشتد عودها و صغيرتها وقت تيهها و وحدتها
وكانت كلما تذكرت ما مرت به من سنوات و احداث الا و تحمد الله على كل ما كان و هى تقول برضاء تام : الحمدلله يارب على عوضك الجميل 😍
💥💥💥💥💥💥💥
لكل قلب قضبان يخفى ورائها اغواره ، و لكن ليست كل القضبان متشابهة ، فليست كلها من معدن واحد و بريق واحد
فهناك قضبان صدئة مظلمة تضم خلفها قلوب نتنة عفنة يملؤها الصديد و يفوح منها رائحة كرائحة الموت .. رائحة الاحقاد و الكراهية فتكسو وجوه أصحابها ملامح مهما زاد جمالها و حسنها الا انها لا تستطيع التغلغل الى قلوب الأتقياء ، و كيف تفعل ذلك و هى تتبع شيطانها فى كل ما يغضب الله و عندما يلقى الله غضبه على عباده يزرع عدم رضاه فى قلوب من حولهم
و هناك قضبان كالاغلال الحريرية الناعمة التى تلتف حول قلوب كالبلور النقى الشفاف ، و الذى تفوح منه رائحة الحب و البراءة لتطفو على وجوه اصحابها المحبة التى تتغلغل الى قلوب من حولهم بيسر فهم يزرعون الخير فيزرع الله فى قلوب عباده محبتهم
و هناك قضبان من فضة طيعة تلتف حول قلوب لينة عاقلة ، تحنو على ما بداخلها و تتعاطف مع خفاياه المدفونة و تزن و تكيل كل بما يناسبه بميزان عدل محسوس و محسوب
فمن خلف قضبان القلوب .. قلوب عليها اقفالها ، و قلوب بضة يأ .سرك بريق نقائها
انتهت احداث الرواية نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار أراؤكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
للمزيد من الروايات الحصريه زورو قناتنا على التلجرام من هنا