رواية حورية في الجحيم الفصل الثالث 3 بقلم إيمان الشربيني


رواية حورية في الجحيم الفصل الثالث بقلم إيمان الشربيني 



خالد

يراودني شعور غريب منذ أن كنا معًا… شعور يدغدغ روحي، يجعلني آكل باشتِهاء، وأشرب قهوتي بتلذذ، أرى الجميع لطفاء، أتصرف بمرونة في كل أموري، أُلاطِف طلابي، وبعدما كنت أشعر بالملل من روتين حياتي، أصبحت أقضيه بسعادة.
في الصباح مع العائلة، قبّلتُ رأس والدتي، وهي على مائدة الإفطار، تجلس مع أبي وعدي.

– صباح الخير يا حبيبي.
– صباحك جميل مثلك يا أمي.
– ما سرّ السعادة التي تشعّ من وجهك؟

قال عدي:
– بالتأكيد يعيش قصة حب.

لكمته في كتفه بمزاح:
– دائمًا لسانك أطول منك.

قالت أمي:
– تُخفي عن أمك يا خالد؟
– أبدًا.. ولكن لا زلنا في البدايات. عندما يتضح لنا كل شيء، حتمًا ستتقابلان.

كان أبي يتابع الحوار في صمت، حتى قال عدي:
– للعلم، هي مصرية.

هزّ أبي رأسه بوقار:
– خالد، فكّر جيدًا، لا تتسرع.
– راغب، لماذا ننتظر أكثر من ذلك؟ خالد وعدي تخطَّيا السابعة والعشرين من العمر. أريد أن أفرح بهما، وأحمل أحفادي.

قال عدي:
– وأنا مستعد للزواج من الآن.
– اصمت يا ولد! أنت بالأخص سأختار لك عروسك. إنما خالد، أثق في اختياره.

خرج عدي متذمّرًا كعادته، بينما ذهبتُ أنا إلى عملي على أمل اللقاء بها.

رأيتها آتية من بعيد، وابتسامة خفيفة على ثغرها. جلسنا معًا قليلًا قبل أن يأتي باقي الأصدقاء.

– كيف حالك؟
– بخير.
– اشتقتُ إليكِ.
– كيف وأنت تراني كل يوم؟
– أشتاق إليكِ وأنتِ أمامي.
– خالد… تُبالغ!
– ماذا قلتِ؟
– تُبالغ!
– لا، الكلمة التي قبلها.

ابتسمت، وخجلها اللذيذ زرع الورود على وجنتيها.
– آسفة.. أقصد: دكتور خالد.
– لا، أرجوكِ، بدون ألقاب. فنحن نتقدّم خطوة، لا تُرجعينا للوراء. ألم تشتاقي لي؟

– خالد، لقد أتى سعود وسيلا.
قلت بسخرية:
– جاءوا في الوقت المناسب، الحقيقة!

لم يكن ينقصني سوى سعود ومزاحه السخيف.
– لماذا تضحكين؟ فيرجينيا جميلة الجميلات.
– لا شيء يا سعود، اجلس.

جلس بجواري، وجلست سيلا بجوارها.
أكمل سعود مزاحه:
– فريدة، ما لون عينيكِ؟ والله أحتار فيهما.

خفضت عينيها بحرج، بينما كنت أغلي بداخلي. 
– نفد صبري، فحذرته:
– سعود، استحِ. عيب عليك.

بدت عليه علامات الحرج، وقال معتذرًا:
– والله يا دكتور، ما أقصد. فريدة مثل أختي.
– وأنت مثل أخي يا سعود، لا عليك.

تضايقت كثيرًا من غزل سعود المبطن في عيون فريدة. بدأت أشعر بالغيرة… وما كنت أعتقد أني سأغار عليها، وهي فتاة محجبة وسط فتيات فاتنات لا يمتّ لباسهن إلى الحشمة بصلة.

لكنها نادرة الوجود، نقية، تمتلك حياء لا يُوصف.. تمنيت لو أُخفيها عن كل العيون. همست لها:

– ما رأيكِ ترتدين عدسات سوداء؟
ضحكت:
– والله فكرة.
ثم أكملتُ همسي:
– فريدة.
– نعم؟
– أنا وحدي من سيسبح في بحور عينيكِ.

لم تستطع الصمود أمام كلماتي، ففضّلت الانصراف، وعلى وجنتيها تزهر الورود الحمراء.

كل يوم يمر، أنجذب إلى شيء جديد بها… أصبحت عالمي ومحور حياتي بأكملها. أراها في يومي لأخذ حظي من السعادة، وفي الليل تؤرّق مضجعي، فيجافيني النوم.

أخذت هاتفي، وتحدّثت إليها لساعات دون ملل. أخذنا الحديث حتى طلع الصباح، ولم ننم سوى ساعات قليلة قبل ذهابنا إلى الجامعة.

وعندما تقابلنا، عرضتُ عليها الخروج في نزهة إلى بعض الأماكن السياحية. وبعد إلحاح مني، وافقت بشرط أن تأتي أروى معنا. فسّرتُ هذا على أنها لم تثق بي بعد، وعندما سألتها قالت:

– أثق بك، لكن حتى لا يُسيء أحد الظن بي، فأنا لا أمتلك سوى سمعتي هنا.

يا لكِ من فتاة تزداد في عيني جمالًا!

يوماً بعد يوم، يزداد إيماني بها. خرجنا معًا لأول مرة في نزهة لن أنساها في حياتي. كنت أسير معها في شوارع باريس كأني أراها لأول مرة… بجمالها الفريد. لم يكن اندهاشها بالأماكن ملكًا لها وحدها، كأن الأماكن ازدادت جمالًا بوجودها.

صعدنا إلى برج إيفل. أمسكتْ بذراعي فجأة عندما نظرت أسفل قدميها، فرأت ممشى زجاجيًا ترى من خلاله أسفل البرج. أعلم أنها كانت لمسة عفوية فقط خوفًا من السقوط، لكنها أسعدتني للغاية.

في الحقيقة، لم يُزعجني وجود أروى، كانت تسير معنا، ولكن في عالم خاص بها.

وقفنا نتأمل باريس بأضوائها الساحرة من أعلى البرج، ورأيتها شاردة.
– هل لي أن أسألكِ سؤالًا؟
– بالطبع، تفضل.
– بماذا تشعرين معي؟

نظرت لي طويلًا، كأنها غارقة في بئر أفكار تنتشل منه ما يليق أن يُقال.
– أشعر بالأمان… وراحة غريبة تتملكني.

– وأنا أيقنت أنني لا أستطيع أن أكون مع أي شخص بهذه الطمأنينة والسعادة، إلا عندما أكون معكِ.

دائمًا نشعر بصدق الكلمات حينما تكون نابعة من القلب… وقلب كقلبها، يحمل نقاء الدنيا، لا يستطيع الكذب أو التجمّل، ولا يبوح إلا بما هو راسخ بداخله. وأنا عاهدت نفسي أن أغوص فيه، لأرى ما بأعماقه من لآلئ ودرر ثمينة… لن تكون لرجل سواي.

– فريدة، أتعلمين أنني أعشق الشاعر الدمشقي نزار قباني؟
– غريب، أنا كنت أعتقد أن ثقافتك مختلفة تمامًا.

– أنا متمسك بعروبتي، وأفتخر أني أحمل الجنسية المصرية إلى جانب الفرنسية، كما أني متيّم بالأدب العربي.

رأيت إعجابها، فانتهزت الفرصة لأعبر لها عما أشعر به، وانتقيت بعض الأبيات لنزار:

إنّي عشِقْتُكِ .. واتَّخذْتُ قَراري
فلِمَنْ أُقدِّمُ، يا تُرى، أَعْذاري
لا سلطةً في الحُبِّ .. تعلو سُلطتي
فالرأيُ رأيي .. والخِيارُ خياري
إنْ كانَ لي وَطَنٌ .. فوجهُكِ موطني
أو كانَ لي دارٌ .. فحبُّكِ داري
إني أُحبُّكِ .. دونَ أيِّ تحفُّظٍ
وأعيشُ فيكِ ولادتي .. ودماري.

لطالما أخبرني أصدقائي عن العشق من النظرة الأولى، لكنني لم أكن أؤمن به أبدًا… حتى رأيت فريدة.

رأيت جانبًا من العالم لم أره من قبل، ومشاعر لم تنبت إلا لها. احتلت مكانًا بداخلي لم يصله أحد قبلها… أو ربما لم يحتله لأن أحدًا لم يملك صكّ ملكيته من قبل.

فامتلكته هي… وسكنتْ، بكل طمأنينة
*
فريدة

كل خطوة أخطوها معه كان شعورًا جديدًا يولد بداخلي، شعرتُ بالطمأنينة والسكينة، ولو سافرتُ إلى آخر العالم معه.

حاولتُ إخفاء نظرات إعجابي به وبثقافته. ما كان يقلقني كثيرًا هو اختلاف الثقافات بيننا، وكيف سأتعامل بتديّني مع تحرّره. ففتاة مثلي لن تتنازل عن مبادئها، لكنني وجدتُ فيه بذرة التديّن، وسوف أُصبُّ عليها اهتمامي حتى تكبر.

وجدنا أرضًا صلبة محايدة نقف عليها، أعتقد أننا متفاهمان إلى حدٍّ كبير، وهذا ما جعل عقلي يرفع راية التسليم له في قناعة كاملة. شعرتُ بالدوار للحظات عندما كنا في أعلى البرج، وحينها تمسكت بذراعه، شعرتُ بأنه رجُلي، من يستطيع حمايتي من أخطار العالم، ومعه هو فقط لن يمسّني سوء.

لمس يدي بقلق وسألني:
_فريدة، ما بكِ؟
_شعرتُ لوهلة بأنني سوف أسقط.
_أتخافين وأنا معكِ؟
هززتُ رأسي نافية، وعيناي غارقتان في بحر عينيه تتحدثان بالكثير.
إن قلتُ إنني أحبّه الآن، أيظنّني متسرعة؟ وأنا التي لم أجرّب الحب يومًا؟
قلتها في نفسي، وأظنّه رآها بعيني.

فما الحب إلا وليد لحظة.. تشعر بمن تحب يسكن قلبك.
ألقى بعض أشعار نزار التي أحبها أيضًا.
قالها بعينيه وقلبه قبل لسانه. شعرتُ بكل كلمة وكأنها كُتبت لي، فهمتُ مقصده.
طريقته في التعبير عن ما بداخله لامست شغاف قلبي. بات كل شيء واضحًا في هذا اليوم.
سرنا بخطوات ثابتة نحو الوقوع في العشق.

عدنا يومها إلى المنزل بسيارته، ودّعني بابتسامة تشرق الصباح في عيني قبل ضياء الفجر؛ ابتسامة لطالما عشقتها.
مهلًا، وهل يوجد شيء حتى الآن لم أعشقه به؟
قررتُ أن أشارك ما أشعر به من سعادة أحبّ الناس إلى قلبي؛
اتصلتُ بوالدتي التي انشغلتُ عنها اليوم بأكمله، ليأتيني صوتها الحنون معاتبًا:

_فيري، قلقتُ عليكِ.
_أعتذر يا أمي، كنت بالخارج مع أصدقائي.
_تخرجين مع أصدقائك وتنسين أمك؟ من هؤلاء؟
قلت ممازحةً وكي أراوغ أيضًا:
_لم يُخلق بعد من يُنسيني أحنّ أم في هذا العالم.
قالت بإصرار:
_لم تُجيبي على سؤالي!!

إذًا لا مفر من الاعتراف:
_كنت مع أروى وخالد يا أمي.
صمتت طويلًا. وأنا أعلم فيما تفكّر، فقد أخبرتها من قبل عمّا حدث في القطار، وعن تصرف خالد.

_فريدة؟
علمتُ أن أمي شعرت بالقلق، فهي لا تناديني باسمي كاملًا إلا عندما يشغلها أمر ما أو تغضب.
_نعم؟
_أنتِ لستِ صغيرة حتى أملي عليكِ ما تفعلين، على الرغم من أنه حقي.
أنا أعلم أنكِ فتاة مسؤولة وتحافظين على نفسك جيدًا، لذلك وافقتُ على سفرك، لكن ما يقلقني أن تُعلّقي نفسك بوهم فتُجرحي.
_أمي، قبل أن تُكملي، أنا وخالد منجذبان لبعض، وأنا أراه شابًا على خُلق وبه الكثير من المميزات.
_فريدة، أنتِ لم تمري بتجارب في حياتك حتى تُحسني الحكم على الناس.
_أمي، رجاءً. أنا متوسّمة فيه خيرًا، وأشعر أن خالد قدري.. قدري الذي جاء بي إلى هنا حتى أقابله.
_ أنا قلقة عليكِ.
_صدقيني يا أمي، خالد سيحافظ علي، لا داعي لقلقكِ، واطمئني، أنا على العهد ومتمسكة بمبادئي التي تربيتُ عليها.

أنهيتُ الاتصال مع أمي، ولا أعلم كيف أتتني الشجاعة لأتحدث هكذا، ولكن هي أمي من ربتني دائمًا على الصراحة والوضوح مهما كانت الظروف.

مرّت بضعة أشهر، وبذرة عشقنا تنمو وتكبر حتى وصلت إلى حدود الشغف،
الذي ملأ قلبي وقلبه ولهًا وعشقًا.
فلم نعد باستطاعتنا إخفاء حبنا عن الجميع، فكل تصرفاتنا كانت تشي بنا.
قرر دعوتي أنا وأصدقائي للعشاء، وأخبرني أن أخاه عدي سيكون حاضرًا حتى أتعرف عليه.
تحمستُ كثيرًا أن أرى شقيقه التوأم، لطالما حدثني عنه.

بدأتُ أنا والفتيات الاستعداد. ارتديتُ سروالًا أزرق وقميصًا أسود.
شهقت سيلا عندما رأتني:
_أجُنِنتِ يا فتاة! ما هذا الذي ترتدينه؟ ذاهبة أنتِ للنادي أم لمقابلة من تحبين؟
_سيلا، لا أحب التصنّع.
تدخلت أروى:
_سيلا محقة يا فيري، ثيابك غير لائقة.
_سأذهب وأحضر لكِ فستانًا يليق بالمناسبة.
تعجبتُ من قولها: _أي مناسبة يا سيلا؟
تلعثمت: _أقصد حفل العشاء، لا بد أن تكوني أنيقة.

ذهبت إلى غرفتها، وانتظرتُ مع أروى التي تضع حجابها ولمسات خفيفة من مساحيق التجميل.

عادت سيلا بفستان قطيفة من ماركة مشهورة، بسيط لكنه في منتهى الرقة.
عندما ارتديته، نال إعجابهنّ بشدة، لكنني عندما نظرتُ إلى المرآة، وجدته يُظهر منحنيات جسدي بشكل ملفت.
_لا، لن أخرج هكذا.
قالت سيلا بحزم: _بل ستخرجين! ألا ترين الفتيات من حولكِ ماذا يرتدين! هيا، ارتدي حجابكِ لنخرج. سأنتظركِ بسيارتي، لا تتأخري.

كان شيء بداخلي يقنعني أنها على حق. استسلمت وخرجت معهن، كنتُ أشعر لأول مرة أنني أنثى ناضجة.
وصلنا إلى مطعم كلاسيكي ذو تصميم هندسي رائع، وقفتُ أنا والفتيات منبهرات، لكن ما شدّني هي طَلّته الجذابة التي طغت على جمال المكان.

تقدّم نحوي بباقة ورود حمراء رائعة، وكلما اقترب خطوة، ازداد خفقان قلبي كأنه سيقفز من صدري.
ما أروعك، حبيبي! ما كنتُ أظن يومًا أني سأمرّ بذلك الشعور.
ركع على ركبته أمامي وقدّم لي الورود، وبصوته الرخيم أذابني:

_Je t’aime, Farida
_أحبك يا فريدة.

أخذتُ منه باقة الورود واحتضنتها، ففرّت دمعة هاربة على وجنتي، جففها بأنامله.
_Je t’aime mon chéri
_أحبك، حبيبي.

فوجئت بتصفيق حار، وهناك من يهتف:
_l’embrasser
_قبّلها!

اتّسعت عيناي عندما رأيتُ نظراته مسلطة على شفتيّ ويقترب.
نظرتُ إليه بتحذير، فتوقّف عندما تراجعتُ خطوة للوراء.
ابتسم وقال بصوت مرتفع:
_Comment je souhaite l’embrasser, mais je sais très bien que ma copine n’acceptera pas et je ne veux pas gâcher ce moment.
_كم أتمنى، لكني أعلم جيدًا أن حبيبتي لن تقبل، ولا أريد إفساد هذه اللحظة.
_كم أنا محظوظة بك.

قابلتُ عدي للمرة الأولى. كم هو شاب لطيف! وتبدو عليه الطيبة أيضًا، لكنه لا يشبه خالد كما كنتُ أتوقّع.
تبادلنا الحديث، وأخبرنا عن عمله الناجح جدًا في شركات والده.
على الرغم من أنه لم يتجاوز الثلاثين عامًا، إلا أنه يدير مجموعة شركات كبرى بإشراف من والده.

لم يخبرني خالد من قبل أنه رفض العمل مع والده واتجه للتدريس لحبّه الكبير للعلم.
ولم تخلُ السهرة بالتأكيد من مزاح سعود، لكن هذه المرة بعيدًا كل البعد عن عينيّ.

قال عدي:
_حكى لي خالد عنكِ كثيرًا، لكنه لم يخبرني أنكِ بهذا الجمال.
أخفضتُ رأسي خجلًا.
فتنحنح خالد محذرًا: _عدي!
_ما بك يا خالد؟ إنه مدح، وليس غزلًا.

تدخل سعود قائلًا:
_يا سيدي، لا تمدح ولا تُغازل، أنت لا تعلم كم يغار!

قالت سيلا:
_هنيئًا لكِ يا فريدة، تستحقين.
أروى: _حقًا، تُشبهان بعضكما كثيرًا.
عدي: _ربما إخوة ونحن لا ندري!
خالد: _سمعت كثيرًا أن المحبين يُصبحون أكثر شبهًا مع العشرة. وأنا لا أحبها فقط، أنا عشقتها.

هلّل سعود وعدي على كلماته، مما زادني خجلًا.
رأيتُ سيدةً عجوزًا بأنف كبير وعينين غامضتين، كانت تتابعنا منذ أن جلسنا. اقتربت مني وسألت:
_هل أنتما عاشقان؟
فأجابها خالد: _نعم.
أمسكتْ يدي وكأنها ستقرأ كفّي، فسحبتها:
_لماذا خفتِ؟
_فقط، لا أريد.

أعطاها خالد كفه وقال: _سأجرب أولًا.
مسحت كفه بمنديل، وبدأت تتأمله.
قالت وهي تنظر إلينا نظرات غامضة لم أحبّها أبدًا:
_ستتحدى الجميع كي تحظى بها، وربما ستدفع حياتك ثمنًا لقربها.

لاحظ خالد توتري، فهمس لي:
_حبيبتي، نحن نتسلى فقط. فلتُجربي.

مددتُ يدي لها بتوجس، ففعلت كما فعلت بكف خالد، لكنها أطالت النظر في كفّي فأقلقتني أكثر.
نقلتُ نظراتي منها إلى خالد، والعكس، حتى تكلمت أخيرًا:

_هناك رابط خفي يربطكما.
سيؤلمك القدر، ويحول بينك وبينه.
كما آلمتِ قلبًا يعشقكِ بصدق، فلتطلبي منه الصفح، بعدها ربما تسعدين مع من تحبين.

جادلتها:
_قولي من هو إن كنتِ حقًا تعرفين.
ابتسمت بخبث وقالت بنبرة العارف الواثق:
_تعرفينه جيدًا يا فتاة.

طلب منها عدي أن تقرأ كفّه.
نظرت إلى كفّه، ثم نقلت نظرها إليّ وابتسمت،
ثم عاودت النظر إلى كفه. لم أفهم تلك السيدة، ولا ما تحدثت عنه، لكني خفتُ منها وانقبض قلبي.
لماذا أتت إلينا وتفعل ما تفعل وبدون مقابل؟!
رفعت رأسها وقالت لعدي
_ستجد حبك الأبدي في رحلة البحث عن جزءك المفقود فلتبدأ من الآن ففراقه محتوم
_ما يعني هذا؟!
تركتنا السيده وأنصرفت 
كأنها كانت في مهمة محددة إختفت بعدما أتمتها
قالي لي خالد بعدما رأي قلقي
_ حبيبتي هذة مجرد تسليه فقط لا تأخذيها علي محمل الجد 
_كلامها غير مريح وعيناها حادتان كعيون الصقر ولكنها أكثر قتامة علي مايبدو أنها مشعوذة.
الأيام لا تمضي كما نشاء دائماً، تتقلب بنا كأمواج البحر، هادئة على إيقاع متناغم أحياناً، وفي أحايين كثيرة تكون عاتية تكتسح كل مايقف أمامها وتغرقه في بحر ليس له قرار.

stories
stories
تعليقات