رواية هجوم عاطفي الفصل الثالث 3 بقلم هاجر عبد الحليم


رواية هجوم عاطفي الفصل الثالث بقلم هاجر عبد الحليم


كانت رودينا تسمعه بوضوح تام، لكنها قررت التمادي، فاستسلمت لوضعها وكأنها فقدت الوعي تمامًا، دون أدنى حركة. اقترب منها مالك بتوتر، وقد بدا عليه الارتباك الشديد، ثم هتف بصوت مضطرب: "مالك: مالك... يا آنسة! آنسة إنتي اسمك إيه؟ ولا طلعتيلي منين؟! يا بنتي أبوس إيدك فوقي، إحنا في مكان عام وزحمة، هيقولوا عليّا خطفتك كده!" 
أخذ يتلفت حوله بقلق متزايد، يحاول إيجاد طريقة لإفاقتها أو الهروب من الموقف
. "مالك (يهمس): طيب أعمل إيه؟ أفوّقها إزاي؟ واشمعنا أنا اللي دخلتلي من بين كل العربيات؟! إيه الحظ ده؟"
 وقبل أن يتخذ أي خطوة، جاءه صوت خافت تبعه خبطٌ خفيف على زجاج السيارة. التفت سريعًا، ليرى شرطيًا واقفًا يرمقه بنظراتٍ حادة. "
مالك (بصوت خافت ومذهول): أوبا... اهي كملت!
.........
 اقترب الشرطي من نافذة السيارة، يقطب حاجبيه وقد ارتسم الشك في ملامحه: الشرطي: البنت مغمي عليها ليه؟ إنت خاطفها؟
 ابتلع مالك ريقه بصعوبة، وأشار برعشة خفيفة نحو رودينا الممددة بجانبه
: مالك (مرتبك): والله يا حضرة الظابط، أنا ماشي في أمان الله، لقيتها بتفتح الباب وترمي نفسها عندي، وفجأة لقيتها كده! 
تأمله الشرطي بريبة، ثم انحنى قليلًا ليرى وجه رودينا، التي واصلت تمثيل دور الفتاة المغشي عليها ببراعة تستحق جائزة الأوسكار. 
الشرطي: طيب اسمها إيه؟ مالك: أنا حتى مش عارف اسمها! هي فجأة ظهرتلي! أقسم بالله حسّيت إني داخل فيلم خيال علمي مش شارع عام! اقترب الشرطي أكثر وطرق بأصابعه على الزجاج المجاور لرودينا:
 الشرطي: آنسة؟ آنسة فوقي كده معايا! 
حرّكت رودينا حاجبها بخفة، ثم أطلقت تنهيدة طويلة، وكأن روحها عادت من رحلة بعيدة، قبل أن تفتح عينيها ببطء. رودينا (بصوت ضعيف): ماما...؟ 
مالك (يهمس وهو يتلفت): ماما إيه بس؟ فوقي وحيات أبوكي احنا في مصيبة! 
الشرطي (بقلق): آنسة، إنتي كويسة؟ الراجل بيقول إنك دخلتله العربية فجأة، ممكن أفهم ليه؟
 رفّت رودينا بعينيها وتمسّكت بذراع مالك وهي تتحدث بصوت متهدّج
: رودينا: اطمن يا باشا، دا جوزي... بس إحنا متخانقين، عشان كده بيقولك كده... مش كده يا بيبي؟
 تجمّد مالك في مكانه، ينظر لها بذهول، كأن الزمن توقف، وعقله بيحاول يستوعب الكارثة اللي نزلت عليه
 أخذ الشرطي يحدّق فيهما بنظراتٍ متوجّسة، ثم قال بصوتٍ حازم:
 الشرطي: شكلكم مش مريحني خالص، وأنا ظابط ذكي قوي... وبشم ريحة الكدب من على بعد. لو فاكرين إني هبلع التمثيلية البايخة دي، تبقوا غلطانين! معاكم قسيمة جواز كإثبات؟ ولا تحبوا أشربكم شاي في القسم؟
 ارتبك مالك، وأشار بيده بقلق: مالك: إثبات إيه يا حضرة الظابط؟ هو حضرتك أي واحد ماشي مع مراته لازم يبقى شايل قسيمة جواز في جيبه؟
 رفع الشرطي حاجبيه بتحدي: الشرطي: أنا شايفها بعنيا وهي داخلة عربيتك!
 لوى مالك فمه بدهشة
: مالك: أومال ليه بتقول إني خاطفها؟ 
تدخّلت رودينا بسرعة، وقد بدا عليها التوتر لكنها حاولت السيطرة على الموقف:
 رودينا: حضرتك... أنا كنت بعمل فيه مقلب علشان أصالحه. متصورتش إن الموضوع هيزيد كده، ويبقى عايز يسلّمني للحكومة بالكذب! بس خلاص، صافِي يا لبن... سيينا نروح بقى عند حماتي، أصلها تعبانة قوي. أخذ الشرطي نفسًا عميقًا ثم قال بجدية:
 الشرطي: طيب، البطاقة؟ رودينا: كانت في الشنطة... وقعت مني لما نزلت ف الشارع. أشار الشرطي نحو الرصيف: الشرطي: انزلي ندور عليها.
 نزلت رودينا من السيارة، تبعها مالك بتردد، والشرطي يتقدّمهم بخطوات واثقة. كان قلب مالك يخفق بسرعة، وبينما يسير بجانبها، مالت نحوه وهمست في أذنه: 
رودينا (بهمس): جاريني... وهقولك على كل حاجة. 
رمقها مالك بنظرة جانبية، وهمس بنبرة تهديد: 
مالك: ولو فضحتك؟ 
بتسمت بخفة وقالت بثقة: رودينا: ساعتها... إنت اللي هتلبس في الآخر.
......
 تقدّم الشرطي بخطوتين للأمام، عينيه تمسحان المكان كصقر يتحرّى طريدته. صمته كان أثقل من التهمة، قبل أن ينطق بصرامة: 
الشرطي: مفيش حاجة ف الشارع... فين البطاقة؟ 
ترددت رودينا، نظراتها مشتتة كأنها تبحث عن مخرج وهمي، ثم قالت
: رودينا: شكلها طارت ف الهوا.
 لم يتحمل صبره أكثر، صرخ في وجهها بعصبية:
 الشرطي: انتي هتستعبطي عليا يابت؟!
 رفعت حاجبيها بتظاهر بالبراءة: رودينا: أبدًا يا باشا...
 تدخّل مالك سريعًا، يحاول إنقاذ الموقف قبل أن يتعقد أكثر: مالك: خلاص يا باشا، دي مهما كان... جماعتي.
 نظر إليهما الشرطي بعيون لا تصدق، ثم قال بلهجة تنذر بالخطر:
 الشرطي: أنا هعديها المرادي، رغم إني مش حاسسكم أصلًا. بس لو شوفتكم تاني، هطلع عليكم القديم كله. هزّ مالك رأسه بإذعان، 
وقال معتذرًا:
  تسلم يا باشا، آسفين على الإزعاج
. ثم مد يده فجأة، شدّ رودينا بعنف للداخل، وأغلق باب السيارة بقوة. انطلق كالرصاصة، وعيناه مشتعلة بالغضب. لم يلتفت نحوها، صوته كان باردًا كحد السكين:
 مالك: إنتي مين؟ وعايزة مني إيه؟
 ردّت بلا تردد، وكأنها كانت تنتظر هذا السؤال:
: إنت اتورطت معايا خلاص. 
ضحك بسخرية، عيونه تنذر بالخطر:
 مالك: يا سلام؟ طب مانا ممكن أوقعك من العربية وأقتلك. صدمها بكلماته، لكنها تماسكت: رودينا: تقتلني؟!
 انحرف بفمه بابتسامة مريبة: مالك: خوفتي كده ليه؟ هو اللي زيك يعرف يخاف
 رمقته بثبات غريب، ثم همست بثقة:
 رودينا: إنت مش هتقدر تعمللي حاجة أصلاً. رفع حاجبه بتحدي: مالك: متأكدة؟
 وفجأة، دون إنذار، مد يده وفتح باب السيارة بعنف، وزقّها بقوة للخارج. صرخت رودينا، صوتها مزّق الهواء،
..............
 زَجَّ مالك بها فجأة، فصرخت رودينا، وجسدها مال ناحية الباب. قبل أن تقع، شدَّها من يدها وأرجعها داخل السيارة، والباب أغلق بقوة بينما كانت تنهج بصعوبة.
 قال مالك بنبرة تهديد ومكر: "شوفتي بقى إني مش بتاع كلام؟" 
أجابته رودينا بزعيق، وهي تحاول استعادة توازنها: "أنت مجنون! كنت هتوقعني!"
 رد مالك بحدة: "أجن من جنسك كله بت! قولي ع طول، أنا صبري قرب يخلص! اتكلمي بدل ما أوديكي القسم!" 
قالت رودينا بصوت منخفض: "هتكلم بس بشرط."
قال مالك بقسوة: "هتحايل عليكي ولا إيه؟"
 أجابته رودينا بثقة: "هتنفذه غصب عنك."
 شَدَّ مالك يدها بعنف، وتلاقت عيناه بعينيها، كان الشرر يتطاير بينهما
. قال مالك بنبرة غاضبة: "لو مستحملك عشان حاجة واحدة بس."
 نظرت رودينا إلى ملامحه بهيام، ثم قالت بهدوء: "إيه بقى الحاجة دي؟"
 بصَّ مالك إليها بعينين مليئتين بالهوس، بينما حاولت هي أن تجمد نفسها، لكنه دفعها مرة أخرى حتى لا يظهر عليه الضعف. ثم قال بنبرة متوترة: "شرط إيه اللي عايزاه؟"
 أجابته رودينا بتوتر: "تكتب عليا دلوقتي عند المأذون الشرعي؟"
 صُدم مالك للحظة، ثم فاجأها بجوابه: "نعم! اكتب اييييي ياختي!"
تعليقات