رواية اسرت قلبه الفصل الواحد والاربعون
"سعادة لم تكتمل"
-ازاي اكيد فيه امل ...يا دكتور اكيد فيه حل...يعني إزاي تقضي على كل أمالي بكلمة واحدة كده ...
قالتها بصوت مختنق وبسرعة وهي تشعر أنها تختنق ...كان نفسها يضيق وهي تتكلم ...شعر سيف بالخوف عليها وهو يراها بتلك الحالة ...اقترب منها وهو يحاول تهدئتها ولكنها بدت في حالة ميئوسة منها ....
-مياس...مياس ممكن تهدي !
قالها وهو يمسك وجهها إلا أن الدموع كانت تغرق وجهها وهي تقول :
-ازاي ...ازاي يقولي مفيش أمل يا سيف ...حرام ..أنا كان عندي امل كبير ...كنت جاية وانا مبسوطة ازاي تكسر فرحتي بالشكل ده !!....اكيد فيه امل ...اكشف تاني لو سمحت ...أنا مستعدة امشي على الخطوات اللي هتقولها ...أنا .....
ثم انفجرت بالبكاء لتلتمع الدموع بعيني سيف وهو يجذبها إليه أمام الطبيب دون احراج ويضمها إليه ويهمس :
-مياس احنا قولنا ايه ...قولي الحمدلله ....
اختنقت وهي تهمس :
-الحمدلله ....
ثم ابتعد عنها وهو يمسك كفها بينما نظرت إلى الطبيب بعينين حمراء من شدة البكاء....كان الطبيب ينظر إليها بشفقة ويقول:
-حر.وقك صعبة يا مدام مياس ...أنا للاسف مقدرش اساعدك ...بس يمكن في يوم دكتور اشطر مني يقدر يساعدك ...انا اسف......
انهمرت الدموع أكثر من عينيها وهي تهز رأسها بيأ.س .....
.....
في السيارة ....
كان يقود سيف سيارته بكل هدوء بينما مياس تسند رأسها على النافذة والدموع تجري على وجهها....كل آمالها تم القضاء عليها ...كيف يمكن أن كلمة واحدة تقلب حياتها لتلك الدرجة ....كيف يمكن أن تنها.ر فجأة وهي التي ظنت أن الأمور كلها سوف تكون على ما يرام ....
شهقة مختنقة أفلتت من بين شفتيها ليوقف سيف السيارة بهدوء ثم ينظر اليها وهو يسحبها إليه ويعانقها ...تمسكت به وهي تنفجر بالبكاء ....شعرت أنها سوف تفقد عقلها في أي وقت ....
-يا حبيبي احنا قولنا اي حاجة هنتقبلها ونقول الحمدلله ...عشان خاطري يا مياس متعيطيش والله قلبي بيوجعني عليكي ...
-أنا كان عندي امل يا سيف...أمل كبير
تنهد وهو يشدد من احتضانها ويقول :
-عارف يا حبيبي بس أمر ربنا مفروض نقول ايه ...
ابتعدت عنه وهي تهمس :
-الحمدلله ...
ابتسم لها وهو يمسح دموعها ويقول :
-برافو عليكي .....
-أنا كان نفسي اكون جميلة عشانك ..
همست بها بإختناق ليعبس ويقول :
-عشاني ازاي يعني؟!
رفعت عينيها وهي تقول بتوتر :
-أنت من حقك تكون مع واحدة جميلة ...من حقك...
وضع كفه على فمها وقال:
-بطلي عناد ...قولتلك ميت مرة انا مش عايز غيرك ...اعمل ايه تاني عشان اثبتلك اني فعلا بحبك يا مياس ...انا بجد تعبت ....
ثم ابتعد عنها وهو ينظر للجهة الأخرى غاضباً....أمسكت ذراعه وهي تقول بلهفة :
-حقك عليا يا سيف بس انا والله مخنو.قة ...انت مش حاسس بيا....
نظر إليه وقال:
-لا حاسس يا مياس وعشان كده انا مش بعلق على اللي بتعمليه ...بس انا بدأت اتعب مش عارف اعمل ايه عشان تقتنعي اني متقبلك بكل احوالك...أنا روحت عشان أنتِ اللي اصريتي على فكرة لكن الموضوع اخر همي ....
تنهدت وهي تقول:
-عارفة يا حبيبي....
رمش وهو ينظر إليها وقال:
-أنتِ قولتي ايه ؟!
احمر وجهها وهي تقول :
-مقولتش حاجة ...
ابتسم بسعادة وقال:
-لا قولتي ...بس مش مهم هتقوليها كتير الايام اللي جاية يا فراشة ...
ثم أمسك كفها وقبله وهو يقول :
-من النهاردة مش عايزة اشوفك بتبكي ...عايزين نجهز نفسنا عشان هنقل ورقك من الكلية اللي في اسكندرية عشان هتدرسي هنا من السنة اللي جاية ....
هزت رأسها ليمسح بقايا دموعها وهو يقول :
-متعيطيش تاني ماشي ...
هزت رأسها وهي تحاول ألا تبكي ولكن الدموع كانت تنهمر دون إرادة منها ...أخرج محرمة ورقية ثم أخذ يمسح دموعها بلطف وقال؛
-هنروح دلوقتي نرتاح عشان فيه مفاجأة ليكي أنا محضرها ....ومش هقولك هي ايه عشان متقعديش تترجيني كتير ...عشان أنا ضعيف قصادك وممكن اقول عادي ....
ابتسمت ابتسامة حقيقية ليقول براحة :
-ايوة كده خلي الدنيا تبقى حلوة ....
ثم غمز لها وانطلق بالسيارة .....
......
في المنزل ...كان جلال يجلس وهو يتكلم مع شخص ما :
-يعني ايه هرب ؟!ازاي يهرب من السجن ...ازاي قدر يعمل كده .......
وضع جلال كفه على رأسه وهو يشعر بإرتفاع ضغط دمه...جلس على المقعد وهو يضع كفه على صدره بينما يشعر بصعوبة في التنفس ...لقد فعل المستحيل ليزج به للسجن وقد استطاع أن يحرر زوجته عهد منه...تلك المسكينة التي عذ.بها ولم يرحم ضعفها ...والآن بكل بساطة يخبروه أنه هر.ب ...رباه ....
-تمام ...تمام ...اقفل دلوقتي ...
قالها وهو يتنفس بصعوبة ....أغمض عينيه للحظات وهو يحاول أن يهدأ نفسه ...سوف يجدوه..سوف يجدوه ....
فتح عينيه عندما شعر بأحدهما يفتح الباب...كان هذا سيف ومياس ...نهض جلال من مكانه وهو يبتسم لهم ويقول بلطف :
-ها ايه الأخبار؟!
اختفت الابتسامة من وجه مياس ثم تجمعت الدموع بعينيها وفجأة انفـ.جرت بالبكاء ....
-اه ياربي ...
قالها سيف بتعب وهو يمسح على وجهه بينما اقترب جلال بفزع من مياس وهو يقول بلهفة :
-مياس ..حبيبتي مالك ....
لم ترد عليه بل عانقته بقوة وهي تبكي ....ربت على ظهرها وقال:
-خلاص يا حبيبتي خلاص ....
ولكنها لم تتوقف عن البكاء وهي تتمسك به ....
-قالي مفيش أمل ....
تنهد جلال وهو يقول :
-الامل في ربنا وحده يا بنتي ....
-ونعم بالله ...
قالتها مياس بصوت مختنق وهي تمسح دموعها ليقترب منها سيف وهو. يعانق خصرها بكفه ويقول:
-عن اذنك يا بابا ...
ثم نظر إلى مياس وقال:
-اطلعي يالا عشان ترتاحي ....
ثم سار بها وهو يضمها إليه ..كان جلال ينظر إليها بشفقة ...تلك المسكينة عانت بما فيه الكفاية. ..لقد ظن أنه سوف ينتقم من معاذ ولكن هذا الرجل حقير للغاية بالطبع لم يترك مياس وشأنها ...تنهد وهو يفكر أنه يجب أن يتحرك ...لا يجب أن يعرف سيف أو مياس بما حدث !!,
... ...
في غرفة سيف ومياس ...
ساعدها لكي تلج للغرفة ثم اجلسها وجلس بجوارها وهو يمسح دموعها ويقول بلوم :
-مياس احنا قولنا ايه ؟!
هزت رأسها وقالت:
-مش بإيدي والله ...أنا بتعذب يا سيف ...
-عارف يا حبيبي والله عارف ...
قالها وهو يضمها إليه ثم أكمل :
-بس ده قدر وهنتقبله ...
ثم ابعدها وهو يمسح دموعها وقال بحماس :
-يالا بقا يا كسلانة مفيش راحة حضري شنطة صغيرة وخدي فيها لبس ليكي وليا ...
عبست وهي تنظر إليه وتقول :
-وده ليه ....
نقر على أنفها بإصبعه وقال:
-هتعرفي بعدين يالا جهزي الشنطة عقبال ما اطلب منهم يعملوا لينا اكل عشان أنا هموت من الجوع ...
هزت رأسها وهي تتجه للخزانة لتفعل ما يريد بينما خرج هو
........................
-شوفت الدكتورة الجديدة اللي جات المستشفى ....بنت قمر ...قمر ...
قالها مروان صديقه بغرفة الملابس ...رفع جاسم عينيه وتأفف وقال:
:يا أخي اتقى الله انت متعرفش تغض بصرك ابداً؟!وبعدين انت ترضى حد يتغزل في أختك او مراتك ...عيب يا مروان ...
حك مروان رأسه وقال:
-نفسي أكون والله زيك يا جاسم ...انت انسان محترم ومتدين ...يا بخت مراتك بيك ...أنا مراتي والله كويسة بس انا مطلع عينيها ...
غامت عيني جاسم للحظات وشعر وكأن أحدهما لكمه بقوة في معدته ...هو الرجل المحترم التقى الذي لم يطلق نظره على فتاة لا تحل له ...ظل متقياً الله منتظرا مكافأته في حب حياته ليُخذ.ل بتلك الطريقة ويكتشف أن من أحبها وأعطاها حياته كلها ليست فتاة شريفة ...بل فتاة أعطت جسدها لرجل آخر قبله ...ومراد من يفعل ما يحلو له حصل على امرأة شريفة كزوجته !!!كان يشعر بالقـ.هر والغضـ.ب ولكن فجأة أغمض عينيه وهو يستغفر الله في سره ويقول :
-اللهم لا إعتراض ...اللهم لا إعتراض ...سامحني يارب عشان اعترضت حتى في تفكيري...سامحني اني خليت الشيطا.ن يسيطر عليا للحظات ...يارب ده ابتلاء وانا راضي بيه ومش زعلان عشان عارف انك هتعوضني عن اللي عشته ...عارف انك هطبط على قلبي...يارب اديني القوة عشان اقدر اعدي المحنة دي على خير ....خلي الشهور دي تعدي على خير لحد ما أطلقها وتمشي ...يارب ساعدني انساها ...شيل حبها من قلبي ..يارب ريح قلبي ....
فتح عينيه مجددا ووجد مروان ينظر إليه بحيرة تنهد جاسم وهو يشيح بعينيه عنه فقال مروان :
-هو أنا ليه حاسس انك مش مبسوط ...يا عم ده انت عريس جديد حتى ...
-عريس ...
قالها بنبرة فيها سخرية ليرفع مروان حاجبيه ويقول :
-فيه حاجة يا جاسم ...
سحب جاسم المعطف الابيض الطبي وهو يرتديه بينما يقول بهدوء :
-مفيش حاجة ....
ثم خرج من الغرفة ....
ولج لغرفة الطوارئ وهو يمسك السماعة الطبية ...فجأة وقف وهو يرى فتاة غريبة ...ملامحها للوهلة الأولى بدت مألوفة ...عينيها بنية وشعرها اسود طول. ...ترتدي قميص ابيض اللون أسفله بنطال جينز اسود يعلوه المعطف الطبي ...على نحره يستقر سلسال دهبي مكتوب عليه حورية .......اجفل قليلا عندما نظرت إليه فأطرق برأسه وهو يشعر بالخجل من نفسه ...كيف ينظر لفتاة غريبة بتلك الطريقة ...ألم يوبخ مروان من أجل هذا !!!
-جاسم ...
قالتها الغريبة وابتسامة تتشكل على شفتيها المصبوغة بلون شفاه احمر ...ثم اقتربت منه وهي تمد كفها وتقول :
-بقالي كتير مشوفتكش ..
رفع عينيه بحيرة وقال:
-أنتِ تعرفيني ؟!
كست خيبة الأمل وجهها وقالت بلوم :
-طيب سلم الأول....
-أنا اسف مبسلمش على ستات ....
سحبت كفها بإحراج وهي تنظر حولها وحمدت ربنا ان الأطباء مشغولين بالحالات .....
-عن اذنك أنا ورايا شغل ...
قالها وهو يهرب نحو العمل وهو يحاول تذكر هذا الفتاة ....
بينما هي وقفت مكانها وهي تهضم إهانته بينما توبخ نفسه وتهمس :
-ايه الغباء اللي انتِ فيه ده يا حورية ...ما طبيعي مش هيفتكرك ...هو اصلا مكانش بيبص عليكي...وبعدين عارفة أنه متدين اووي كان لازم تمدي ايديك وتحرجي نفسك ...بجد غبية ...غبية ...
خرجت من غرفة الطوارئ وهي تحرك كفها يمين ويسار
..رؤيته بعد كل تلك السنوات أحضرت مشاعر عنيفة لقلبها ...مشاعر ظنت انها نستها ولكن الآن اكتشفت انها لم تنساه ابدا ...لقد رفضت كل من تقدموا لها وكانت تنتظره هو ...هو فقط جاسم !!
أغمضت عينيها وهي تتنهد لتنتفض قليلا وشاب وسيم نوعاً ما يقف أمامها ويقول :
-نورتينا ...
رمشت وهي تنظر لذلك الذي ينظر إليها بإبتسامة مهذبة ...هزت رأسها وهي تقول بصوتها الناعم :
-ميرسي ...
مد كفه وقال؛
-أنا مروان اتشرفت بحضرتك يا دكتورة ...
ولكنها قاطعته بإبتسامة وهي تقول :
-سوري بس مبسلمش ...عن اذنك يا دكتور مروان ...
ثم ذهبت وتركته...نظر إليها بحيرة وقال:
- مع أن مش باين عليك التدين ده يعني ....
.......
-تمام أنا كده كتبت كل الخطوات بتاعة طبخة الغدا ...والله الحمدلله أن جاسم سابلي الموبايل عشان أكلمك على الأقل يا رحيق ...
من الجهة الأخرى زفرت رحيق بضيق وقالت:
-هو مش مفروض يعاملك بالطريقة دي ...شايل منك التليفون ...بتكلمينا بالقطارة ...حابسك في البيت ...ده موت مش حياة !!
أغمضت نوران عينيها بآسى وقالت:
-كفاية يا رحيق لو سمحتي ...أنا راضية بكل اللي بيعمله....
-نوران دي ...
-مش حياة أنا عارفة بس انا استحق ده ...أنا غلطت في حقه ...مهما حاولنا ننكر ده ..بس ده انسان دخل البيت من بابه ...حافظ عليا من النظرة الحرام حتى ...لما اتخطبتله مفكرش حتى يمسك ايدي ....كان بيعاملني كأني جوهرة ...غصب عنه اتصدم يا رحيق ....
تنهدت رحيق وهي لا تدري ماذا تقول ...هي تشفق على شقيقتها بسبب ما تعيشه ...تشعر أنها أخطأت التقدير عندما طلبت منها الصمت وعدم الاعتراف له ...ولكن بدا أن هذا هو الصواب...كان الأولى أن تستر على نفسها ...حكت جبينها بتعب وقالت:
-أنا مش عارفة اقولك ايه تاني ...
ابتسمت نوران وقالت:
-متقوليش ومتقلقيش أنا كويسة ...أنا قولتلك اللي قاله هو خلاص مش هيأذيني ...خلينا نقفل على السيرة دي ...أنا راضية بكل حاجة ...اهم حاجة اني اتسترت وانا عمري ما هنسى ليه المعروف ده ابدا!!...المهم اهتمي بنفسك أنتِ وسيبك مني ...اخبار عاصي معاكي ايه ...
كسا الحزن وجه رحيق وهي تتذكر معاملته الباردة لها ...معاملة أوجعت قلبها...لقد ظنت أنهما انسجما أخيراً ولكن البرود أصبح مسيطراً على علاقتهما بشكل انهكها وأوجع قلبها ولكنها بالطبع لن تخيؤ شقيقتها بالأمر فالجميع يظن أن هذا هو زواج حقيقي ...ولن تخبر نوران بالأخص فيكفي ما تعانيه !
لذلك ابتسمت وهي تظهر السعادة بصوتها وقالت ؛
-زي الفل انا مبسوطة اووي ...
ابتسمت نوران وقالت:
-عشان انتِ واحدة طيبة يا رحيق تستاهلي ده كله ...سلام يا حبيبتي ....
-سلام يا نوران هتصل بيكي تاني. ...
.ثم أغلقت معها ...
ما أن أغلقت معها حتى تنهدت نوران بحزن وهي تتجه للحمام ..قررت أن تصلي وتقرأ وردها ثم تبدأ في إعداد الطعام ....
.............