رواية تحت سماء بعيدة الفصل الخامس 5 بقلم سيليا البحيري


رواية تحت سماء بعيدة الفصل الخامس بقلم سيليا البحيري 


في اليوم اللي بعده، في مطار مانيلا الدولي، إياد وميار واقفين مع بعض في صالة المغادرة، حقايبهم جمبهم، وكل واحد فيهم حاسس بمزيج من الحزن عشان الرحلة خلصت وسعادة بما مستنيهم في المستقبل. ميار كانت بتبص على المسافرين في صمت، وإياد كان بيحاول يكسر الصمت ده بطريقته المعتادة.


إياد (بيبص لميار بابتسامة): باين عليكِ إنكِ فكرك مشغول في حاجة مهمة جدًا. ماتقلقيش، هقول للطيار ما يقلعش غير لما ترتاحي.


ميار (بتبص عليه بتعبير جاد): إياد، بطل هزار.


إياد (مقفل عينيه): باين عليكِ غريبة. دي نفس ميار اللي كانت بتحاربني من أول يوم؟


ميار (بتنهيدة): مش عارفة. يمكن... يمكن مش عايزة أرجع.


إياد (يصمت لحظة، بعدين بيقرب منها): عشان مش عايزة تسيبي الفلبين ولا عشان خايفة من اللي هيحصل لما نرجع؟


ميار (بتبص على الأرض): يمكن شوية من كل حاجة.


إياد (يمسك إيدها برفق): ميار، كل اللي حصل هنا مش مجرد ذكريات. اللي بينا حقيقي، وهيفضل حقيقي حتى لو رجعنا للقاهرة.


ميار (بنبرة خافتة): بس عائلاتنا؟ لو مافهموش اللي بينا؟


إياد (بثقة): بتثقِ فيا؟


ميار (بتبص عليه بتردد): أيوه.


إياد (بيبتسم): يبقى سيبي كل حاجة ليا. هتعامل مع الموضوع، ومش هخلي أي حاجة أو أي حد يفرقنا.


موظف الطيران بينادي على المسافرين اللي رايحين على القاهرة.


ميار (بتنهيدة): شكله وقتنا جه.


إياد (يمسك إيدها وهو بيبتسم): وقت بداية جديدة، مش نهاية.


ماشوا مع بعض باتجاه البوابة، وميار كانت بتبص على إياد وتحس بالاطمئنان لأول مرة من وقت طويل. إياد كان ماسك إيدها بثبات، كأنه بيوعدها إنه مش هيسيبها أبدًا.


ميار (بنبرة خافتة وهي مبتسمة): إياد، أعتقد إني مستعدة لكل حاجة، طالما إنت جنبي.


إياد (بيضحك بخفة): وده اللي كنت مستني أسمعه من أول يوم!


دخلوا الطيارة، والابتسامة مش فارقة وجوشهم، مستعدين لكل حاجة هتيجي في القاهرة

*********************

في فيلا عيلة إياد. كل أفراد العيلة قاعدين في الصالة الكبيرة مستنيين عودة إياد. الجو مليان حماس وترقب، خصوصًا من مريم اللي مش قادره تقعد ثابتة، بينما الجد حسن بيحاول يطمنهم. دخل إياد من الباب الرئيسي شايل حقائبه وابتسامة واسعة على وشه.


مريم (بتجري ناحيته بحماس): إياد! أخيرًا رجعت!


إياد (بيحط الحقائب وبيمد إيديه عشان يستقبلها): مريم الصغيرة! إيه الحماس ده؟ وحشتيني للدرجة دي؟


مريم (وهي بتعانقه): طبعًا وحشتك! البيت كان ممل من غيرك.


رهف (واقفة بخجل وبتبتسم): الحمد لله على سلامتك يا إياد.


إياد (بيتوجه ليها وبيمازحها): رهف، إمتى هتبطلي الخجل ده؟ لازم أسافر تاني علشان تتعودي على غيابي؟


رهف (بتخفض نظرها بخجل): إياد، بطل سخرية!


الجد حسن (بيقرب منه باحترام): الحمد لله على سلامتك يا بني. الرحلة كانت إزاي؟


إياد (واقف باحترام): الحمد لله يا جدي، كانت رحلة مميزة جدًا.


الأب خالد (بجدية): مميزة؟ كنت رايح مؤتمر علمي ولا كنت رايح ترتاح؟


إياد (بيبتسم): لأ، الاتنين يا بابا. لكن متقلقش، كنت ممثل جيد للعيلة.


زين (بيضحك بخفة): ممثل جيد للعيلة؟ ده معناه إنك ما سببتش أي مشكلة؟


إياد (بيمازحه): طبعًا لأ، دكتور زين. على الأقل ما جاليش شكاوي من الفلبين.


سليم (بيتكلم بحدة): المهم إنك رجعت سالم، لكن يا ريت كنت مركّز في شغلك هناك.


إياد (بيرد بابتسامة هادئة): ما تشيلش هم يا سليم، كنت على قد المسؤولية.


الأم سلمى (بتقرب منه وبتحط إيديها على راسه بحنان): الحمد لله إنك رجعت بخير يا ابني. السفر متعب، لكن باين عليك فرحان.


إياد (بيبص لوالدته بحب): علشان رجعت ليكم كلكم. مفيش أحلى من لمّة العيلة.


مريم (بتشد يد إياد): جبتلي هدايا؟


إياد (بيضحك): طبعًا، لكن لازم أرتاح شوية قبل ما أوزعها.


الجد حسن (بحزم مع ابتسامة): لأ يا بني، مش هترتاح لحد ما تشوفنا إيه جبت لنا من الفلبين.


ضحكوا كلهم وإياد بدأ يفتح حقائبه وسط فرحة العيلة وسعادتهم بعودته

**********************

في غرفة الجلوس في فيلا عيلة إياد. إياد بيفتح الحقيبة عشان يبدأ يوزع الهدايا اللي اختارتها ميار. كل الناس قاعدين حواليه بحماس وترقب.


إياد (بيفتح الحقيبة): يلا بينا نبدأ توزيع الهدايا!


مريم (بتقفز بفرح): أنا أولًا! أنا أولًا!


إياد (بيضحك): خلاص، دي ليكي يا مريم. (بيطلع علبة صغيرة ويدّيها ليها).


مريم (بتفتح العلبة بحماس): واو! قلادة جميلة! شكرًا يا إياد. إزاي عرفتي إنني بحب النوع ده؟


إياد (بيمزح): عندي مصادر سرية.


رهف (بخجل): وأنتَ؟ ومش ليّا؟


إياد (بيطلع علبة تانية): دي ليكي يا رهف. حاجة بسيطة تناسب شخصيتك الرقيقة.


رهف (بتفتح العلبة): دي لوحة صغيرة؟ جميلة جدًا يا إياد. شكرًا ليك.


زين (بيمازحه): وأنا؟ ولا الهدايا بس للبنات؟


إياد (بيبتسم): إزاي أنسى الدكتور زين؟ (بيطلع صندوق ويدّيه ليه).


زين (بيفتح الصندوق): ساعة يد شيك! رائع جدًا يا إياد. عندك ذوق رفيع.


سليم (بنبرة جادة): وأنا؟


إياد (بيطلع علبة تانية): أكيد ما ناسيكش. دي ليك يا أخويا الكبير.


سليم (بيفتح العلبة وبيلاقي ربطة عنق فاخرة): ربطة عنق؟ اختيار حلو، بس إزاي عرفتي إنني محتاج واحدة جديدة؟


إياد (بيمزح): علشان القديمة ما بقتش تناسب هيبتك.


الجد حسن (بيبص لإياد بابتسامة): وأنا؟


إياد (بيطلع علبة أنيقة): دي ليك يا جدي العزيز.


الجد حسن (بيفتح العلبة وبيلاقي مسبحة يدوي): مسبحة؟ جميلة جدًا يا بني. شكرًا ليك.


الأب خالد (بيبتسم): والهدايا لينا إحنا الكبار؟


إياد (بيطلع علبة صغيرة): ليك ولأمي، حاجة بسيطة تعبر عن تقديري ليكم.


الأم سلمى (بتفتح العلبة وبتلاقي صندوق فيه قطعة ديكور خشبية مكتوب عليها "أعظم والدين"): دي جميلة جدًا يا إياد. شكرًا ليك.


إياد (بيتنهد): خلاص، دلوقتي بعد ما وزعت الهدايا، عايز أقول لكم على حاجة مهمة.


الجد حسن (رافع حاجبه): حاجة مهمة؟ باينها حاجة جدية.


إياد (بابتسامة خفيفة): آه، يا جدي. وأنا في رحلتي للفلبين، اتعرفت على بنت... وطلبت منها الجواز.


الجميع (في دهشة): إيه؟!


الأم سلمى (بقلق): جواز؟ مين هي البنت دي؟


إياد (بهدوء): اسمها ميار. اتعرفت عليها في المؤتمر. هي بنت قوية، ذكية، وعندها شخصية مميزة. حسيت بحاجة مختلفة معاها، حاجة ما حسيتش بيها قبل كده.


زين (بيمازحه): ده معناه إن الفتى المرح إياد وقع في الحب أخيرًا؟


إياد (بيبتسم): آه، يا زين. حبيتها بصدق، وعرضت عليها الجواز هناك.


سليم (بجدية): فكرت كويس في القرار ده؟ الجواز مسؤولية كبيرة.


إياد (بنبرة جادة): فكرت كتير يا سليم. وأنا متأكد إنها البنت الصح ليّ.


الأم سلمى (بحنان): لو إنت سعيد يا بني، إحنا معاك.


الجد حسن (بيحرك راسه بالموافقة): الحب الحقيقي نعمة. لو البنت دي تستحقك، أنا ببارك الجواز ده.


الأب خالد (بيبتسم): بس لازم نتعرف عليها الأول.


إياد (بفرحة): طبعًا، هرتب لقاء قريب. شكرًا ليكم كلكم على دعمكم.


مريم (بحماس): وأخيرًا، هنبقى في عروسة جديدة في العيلة!


رهف (بابتسامة خجولة): يا ريت تكون لطيفة معانا.


ضحكوا كلهم والجو مليان بالسعادة، وابتدوا يتكلموا عن الخطط المستقبلية للزواج

********************

في فيلا عيلة ميار، الكل قاعد في غرفة المعيشة مستنيين ميار ترجع من رحلتها. الأم مها بتحضر العصير، والأب كريم بيقرا الجورنال، ومازن ولينا بيتشاجروا عالتلفزيون، بينما أدهم وسيف بيتكلموا عن الشغل.


مها (بتبص على الباب بتوتر): فين ميار؟ ليه تأخرت كده؟


كريم (بيبتسم): اهدي يا مها، الطيارة وصلت من ساعة بس.


لينا (بحماس): أنا متأكدة إن ميار جابت لي أجمل هدية!


مازن (بيمازح): أكيد جابت لي هدية أحسن منكِ.


سيف (بيضحك): يا جدعان، مش سايبيننا نرتاح شوية من الشجار!


(الباب بيتفتح، وميار بتيجي داخلة، ملامحها متعبة لكن فرحانة، شايلة حقيبتها الصغيرة.)


مها (بتجري ناحيتها): ميار! الحمد لله على سلامتك!


ميار (بتبتسم وبتحضن والدتها): الله يسلمكِ يا ماما. اشتقت لكم كلكم!


كريم (بيوقف وبيبتسم): الحمد لله على سلامتكِ يا بنتي. الرحلة كانت عاملة إزاي؟


ميار (بتقعد على الكنبة): كانت طويلة ومتعبة، لكن مليانة مفاجآت.


لينا (بحماس): يلا، قولي لنا! إيه أخبار الفلبين؟ جبت لي هدية؟


ميار (بتضحك): أيوه، جبت لكل واحد فيكم هدية.


مازن (بيقعد جنبها): بس ده مش المهم. احكي لنا عن المفاجآت!


أدهم (بهدوء): سيبوها تاخد نفسها الأول.


ميار (بتبص عليهم): بصوا... في حاجة مهمة عايزة أقولها لكم.


سيف (برفع حاجبه): حاجة مهمة؟ حصل حاجة في المؤتمر؟


ميار (بتردد): لأ، مش في المؤتمر بس... قابلت شخص هناك.


لينا (بحماس): شخص؟ تقصدين... شاب؟


مازن (بيمازح): وقعتِ في الحب يا ميار؟


ميار (بتحمر خجلًا): ممكن...


مها (بقلق): ميار، بتقولي إيه؟


ميار (بتنهد): وأنا في المطار، اصطدمت بشاب... وبعدها اكتشفنا إننا هنركب نفس الطيارة، ونقيم في نفس الفندق، ونروح نفس المؤتمر.


كريم (بيحط الجورنال جنبه): طب اتعرفتي عليه؟


ميار (بهدوء): أيوه، اسمه إياد. بدأنا نتكلم مع بعض، وبعدها...


لينا (بتقطعها بحماس): إيه؟ قولي!


ميار (بتبص لتحت): عرض عليا جواز.


(سكون تام في الأوضة. الكل بيبص لميار باندهاش.)


أدهم (بجدية): جواز؟ بتقولي جدي؟!


سيف (برفع حاجبه): مين ده إياد؟ وأنتي متأكدة إنك تعرفيه كويس؟


مها (بقلق): ميار، فكرتِ كويس؟ الجواز مش قرار سهل.


ميار (بهدوء): عارفة يا ماما. إياد مش شخص عادي. هو طيب، ذكي، وبيحترمني جدًا.


كريم (بيبص ليها بجدية): أنتي متأكدة من مشاعرك نحوه؟


ميار (بتبص لوالدها): أيوه يا بابا. لأول مرة حاسة بحاجة حقيقية.


مازن (بيمازح): بس إحنا لسه ما شوفناش الراجل ده. يمكن لازم يمر باختبار العيلة الأول.


لينا (بتضحك): أيوه، اختبار مازن المخيف!


مها (بتبتسم شوية): لو أنتي مبسوطة، إحنا معاكِ. بس لازم نتعرف عليه الأول.


أدهم (بحزم): مش عايز أي قرارات مستعجلة. لازم نقابله ونتعرف عليه كويس.


ميار (بثقة): هرتب لكم لقاء قريب. بشكركم كلكم على دعمكم.


سيف (بيمازحها): بس تأكدي إنه هيقدر يتحمل عيلتنا الكبيرة.


الكل بيضحك، والتوتر بيخف شوية، وبيبدأوا يتكلموا عن اللقاء الجاي مع إياد

*******************

في غرفة كريم ومها في الليل. مها قعدة على السرير وبتقرأ كتاب، وكريم قاعد على كرسي جنب الشباك، شارب كوب شاي. الجو هادي، لكن في ملامح مها في قلق.


مها (بتبص لكريم): كريم، إنت شايف إن ميار عارفة هي بتعمل إيه؟


كريم (بيحط كوب الشاي على الترابيزة): تقصدي إيه؟


مها (بتنهد): يعني... الجواز ده قرار كبير. وميار لسه صغيرة، وما جربتش حاجات كفاية عشان تعرف إذا كان الراجل ده مناسب ليها ولا لأ.


كريم (بيبتسم بهدوء): ميار مش متهورة يا مها. هي ممكن تكون صغيرة، بس أنا شفت في عينيها النهاردة ثقة ومشاعر حقيقية.


مها (بقلق): بس إحنا مش عارفين الراجل ده، إياد. لو ما كانش قد المسؤولية؟


كريم (بيبص ليها مطمئن): هنعرفه قريبًا يا مها. ومش هسيب ميار تاخد خطوة إلا لما نتأكد إنها كويسة.


مها (بتحط الكتاب جنبها): بس، مش لاحظتِ قد إيه كانت خجولة وهي بتتكلم عنه؟


كريم (بيضحك شوية): أيوه، وكأنها أول مرة تحس بحاجة زي دي.


مها (بتبتسم شوية): أظن إنها حبت الراجل ده.


كريم (بيحك ذقنه): ده واضح. بس متقلقيش، أنا هقعد معاه وأتكلم معاه كرجل لرجل. هاعرف إذا كان يستحق بنتنا ولا لأ.


مها (بتحط يدها على إيده): أنا بس عايزة ميار تكون سعيدة، كريم.


كريم (بيبتسم ليها): وأنا كمان. لو إياد هو الراجل اللي هيخليها سعيدة، أنا هأدعمهم بكل قلبي.


مها (بهدوء): وأنت دايمًا عارف تهدي مخاوفي.


كريم (بيمسك إيدها): ده واجبي. دلوقتي، خلينا نستنى لحد ما نقابله ونشوفه. وبعدها نقدر نحكم.


مها (بتبتسم وبترجع للكتاب): تمام، بس أنا هراقبه عن قرب.


كريم (بيضحك): وأنا معتمد على كده.


(المشهد بيخلص على الزوجين وهم بيبتسموا في جو عائلي دافئ.)

الفصل السادس من هنا

تعليقات



×