رواية نجم الراضي الفصل السادس بقلم فاطمه النعيمي
((تنويه كل الاسماء وهمية واي تطابق بينها وبين الواقع من قبيل الصدفة))
على طاولة الطب الشرعي
لم تكن جثة جانيت مجرد ضحية قتل... لقد تحولت إلى وثيقة إدانة بخطوط الدم والكدمات والبتر والتعذيب التي تحكي قصة وحشية لا تُحتمل
وانها قتلت بمطرقة بعد ان تم تعذيبها بوحشية
وان هناك جرح سببه سحب سلسلة كانت في عنقها
واكد زملائها انها كانت ترتدي صليب ثمين في عنقها دوما
....................
اصاب مقتل جانيت بهذه الوحشية والدموية المجتمع المسيحي بصدمة كبيرة واستوطن الخوف بيوت الناس
اصبحوا يخافون على انفسهم
فكل واحدا منهم قد يصبح غدا قصة يرويها الناس بكثير من الحزن ليس على من مات بل كلن يحزن خوفا على نفسه
لذا هبوا الى القس يستنجدونه ان يفعل اي شيء غير اللجوء للشرطة التي اثبتت فشلها لحد الان
لهذا اتصل القس بشخصيات مهمة في بغداد
لتحريك قضية البحث بشكل جدي وطلب القس ان يكون التحقيق على اعلى مستوى،
في ذلك الزمن اي في التسعينيات
كان للأقليات المسيحية في الموصل صوت يصل لرئيس الدولة بسرعة مذهلة
لهذا
انتدبت الدولة على اثرها احد امهر الضباط في البحث والتحري بل هو الاشد بطشا والذي أثبت خلال سنوات وظيفته القليلة ان لايصمد اي مجرم امامه مهما كان بل انه كان ينتدب في احيان كثيرة حتى للتحقيق في بعض الامور السياسية
وهو الملازم أول (خلدون جابر الأمير) ابن الخامسة والثلاثين عاما ذلك الشاب ذو الهيبة الطاغية لشموخه ولوسامته الشديدة
وما ان وصل بلدة دير العذراء
واطلع على ملفات القضايا والصور التي التقطت لمسارح الجرائم
حتى توصل الى....
ان هناك سفاح عشوائي في المنطقة فالمعروف عن السفاحين انهم يستهدفون فئة معينة مثلا يستهدف النساء فقط او الاطفال فقط
او لهم اسلوب معين متكرر وهذه القضايا يوجد تشابه بينها ببعض التفاصل واختلاف باشياء اخرى كثيرة
واختفاء الدافع في قضية رهيفة
الذي اصاب الملازم بحيرى كبيرة
فما هو دافع مقتل رهيفة لماذا
فهُم لم يسرقوا منها شيء
ولم يعتدوا عليها باثبات الفحص الطبي
رغم ان دافع مقتل جانيت واضح طبعا وهو السرقة
كل جريمة يجب ان يكون لها دافع فماهو دافع مقتل رهيفة
فكر الملازم وقرر ان يذهب الى اهل رهيفة ويستجوبها في بيتها حفظا للعادات والتقاليد العربية
من استنكار دخول فتاة او سيدة لمركز الشرطة
لهذا ذهب بصحبة كاتبه الى بيت اهل رهيفة
ليستكمل التحقيق
فهناك ثغرات كبيرة في التحقيق ويجب الغوص بكل تفصيلة في هذه القضايا
طرق الملازم الباب ......
فخرج والد رهيفة....
ورحب به وادخله ....
وبين الملازم هدف الزيارة ....
وادخله لغرفة الضيوف ...
وبعد قليل جاء الاب يقود ابنته العمياء والتي لم تتعافى بشكل كامل من اصاباتها
كانت فتاة صغيرة جميلة جدا وشاحبة العينين وهناك اثر جرح كبير في جبينها
ورغم قوة قلب الملازم لكنه تنهد حسرة على شبابها ومستقبلها الذي ضاع على يد مجرم ربما لن يكتفي لهذا الحد
اجلسها والدها على الفراش وجلس قربها
وبدأ الملازم يوجه لها الاسالة وكاتبه يكتب
قال الملازم لها
- رهيفة اخبريني بكل صغيرة وكبيرة حصلت معك
ولاتخافي ولاتخجلي من شيء فاي شيء تقوليه قد يساعدني بالامساك بالمجرمين الذين فعلوا هذا بك وانتقم لك منهم اي كلمة اي حرف اي نقطة مهما كانت بسيطة قوليها حتى اذا كنتي تعتقدين انها ليست مهمة
قالت رهيفة
-خرجت ذاك اليوم لرعي الاغنام ريثما ياتي احد اخوتي من المدرسة فيأخذ مكاني وارجع انا للبيت ككل يوم.
وكانت امي قد طلبت مني حياكة ليفة للحمام لهذا اخذت كرة خيوط الليف والسنارة معي للمرعى وكنت اراقب الاغنام واحوك الليفة وكرة الخيوط تحت ابطي.
كنت واقفة اراقب اغنامي ترعى في السفح المقابل للبلدة وانا على اعلى التل وخلفي حقول الحنطة الممتدة الى بطن الوادي
بلحظة
لمحت احدى الاغنام تريد دخول حقول الحنطة عن يميني
هذا يعني انها صعدت السفح واتجهت لحقول الحنطة الواقعة خلفي وانا منشغلة بالحياكة
فانحنيت لالتقط حجرة واضربها لترجع فسقطت كرة الخيط من تحت ابطي فضربت النعجة ونهرتها وعادت للقطيع.
ثم استدرت لاعرف اين ذهبت كرة الخيط فرأيتها تتدحرج لبطن الوادي من جهة التل خلفي وركضت كي اجلبها.
وما ان وصلت عند المنحدر وانحنيت لالتقط كرة الخيط التي صغرت كثيرا ورفعت راسي
حتى ظهر امامي شابا ملثما كان يختبيء داخل الاحراش في بطن الوادي على حافة حقول الحنطة
كان لايبعد عني الا عشرة امتار
لم يقل اي شيء غير انه اصدر صوتا بقوله هااااااا
جفلت واردت الرجوع فوجدت اربعة شباب خلفي من اين خرجوا لا اعرف كانوا يقطعون طريق عودتي للتل
ركضت ودخلت حقل الحنطة الواقع على يساري
فالطريق امامي وخلفي مغلق بالشباب والوادي على يميني .
ركضت وانا اصرخ مسافة لابأس بها داخل حقل الحنطة عن وكنت اشعر انهم يركضون خلفي.
وبلحظة شعرت بضربة قوية براسي فسقطت على وجهي وحين التفت وجدتهم قد وصلوني
ورغم اني كنت اشعر بدوار بسبب الحجر الذي ضرب راسي من الخلف وكنت اكاد ان افقد الوعي
توسلت بهم ان يتركوني وهددتهم بقولي
-ابعدوا عني والله إن اهلي سيقطعونكم ويرموكم للكلاب
لم يتكلم احد منهم
كنت اشعر بدوار كبير حاولت الوقوف ولم استطع
وكانوا يقتربون مني
وانا احاول ان انهض معتمدة على يديا
اللتان مزقهما الشوك شر ممزق حاولت ان احبي كي اهرب لم استطع
كنت اترنح اميل مرة لليمين ومرة لليسار
وانا احاول الصراخ
لكن حتى صوتي لم يكن يخرج
وقبل ان افقد الوعي تماما رايت احدهم يمسك حجرا ضخما ويهوي به علي وكانت هذه اخر صورة رايتها.
كانت أصابع رهيفة ترتجف وهي تلمس عينيها الغائبتين، كأنها تحاول استعادة الصورة الأخيرة التي التقطتها عيناها قبل أن تنطفئ للأبد،
وكان أبوها يبكي بصمت كي لايشعرها بمعاناته
وهو يرى ابنته في تلك اللحظات العصيبة من خلال كلماتها ولايستطيع ان ينقذها
قال الملازم
-هل سمعتي اصواتهم او عندك فكرة عن اشكالهم
قالت رهيفة
-لا ابدا لم ينطقوا بحرف واحد
الا كلمة هااااال والتي يبدوا أنها كانت اشارة ليحيطوا بي
ولم ارى اي شيء يدل عليهم غير انهم شباب صغار في مثل عمري او اكبر قليلا اجسادهم غير ممتلئة
التفت للاب وساله
-هل كانت اغنامكم كاملة ؟
اجاب بعد ان مسح دموعه بطرف غترته وقال
-نعم كاملة لم يسرقوا اي شيء
قال الملازم
-الا يمكن انهم لم يجدوا الفرصة للسرقة
اجابت رهيفة
- بلى كان لديهم كل الوقت فهم هاجموني بعد خروجي للمرعى بنصف ساعة تقريبا بينما عادتا يخرج اخي من المدرسة عند الضهر يعني كان هناك ساعتين ونص او ثلاثةساعات
سال الملازم والد رهيفة
- هل هناك عداوات بينكم وبين احد ما
اجاب الاب
- انا رجل مسالم ونحن عشيرة كبيرة ولنا هيبة بين الناس
وأي خلاف قد يحصل بيننا وبين احد سكان البلدة نجلس جلسة عشائرية ونحلها حل ودي
وعائلتنا من أول العوائل التي سكنت هذه البلدة قبل مايقرب من مائة عام ونحن وكل السكان على ود كبير
بدا على رهيفة انها تذكرت شيء
سالها الملازم
- هل لديك ماتودين قوله
سكتت فترة ثم قالت
-نعم قبل الحادث بشهر تقريبا اعترض طريقي نجم الراضي واسمعني بعض الكلمات فنهرته فتوعدني انه سيفعل بي كذا وكذا (سباب مقذع)
فقلت له لدي اربع اخوة رجال واب واعمام واخوال سيمزقونك ويمزقون اهلك كلهم لو لمست طرف ثوبي
ويفعلوا بك (سباب مقذع)
سالها الملازم
-انتي تعرفين نجم الراضي جيدا؟
اجابت
-نعم طبعا نحن اهل بلدة صغيرة نعرف بعضنا جيدا
سالها الملازم
-هل تشكين مجرد شك ان هيئة احد الشباب كانت تشبه نجم من حيث الملابس او اي علامة فارقة؟
قالت
-لقد كان الموقف مفاجيء وماذكرته لك بالتفصيل حصل في اقل من دقيقة حسب ما اظن لم استطع ان اتبين اي شيء لقد كانوا يلبسون شراول سوداء وقمصان خاكي تقريبا كلهم يلبسون ثياب متشابهة تقريبا
لم استطع ان اميز بالضبط وكانوا ايضا ملثمين بشماغات
فلم ارى فيهم اي علامة ولم اسمع منهم حرف واحد عدا كلمة هاااااا التي نطقها أولهم كأنها كانت اشارة ليظهر البقية من خلفي
لكن.......
"حثها الملازم على الكلام بقوله
-ها قولي اي تفصيلة
اكملت كلامها بقولها
-خلال هذا الشهر رأيت نجم الراضي عدة مرات يمكن اكثر من خمس او ست مرات يقف على دراجته الهوائية على التل المقابل للتل الذي ارعى به وينظر الي
لايتكلم ولا يتصرف باي تصرف مجرد انه يقف وينظر فقط ثم يركب دراجته ويرجع للحقول
قال الاب بحسرة وبشيء من الحدة
وهو يمسك يدها ويضغط عليها
-ولما لم تقولي لي ها لما؟!!
ليتك قلتي فقط ليتك قلتي
اطرقت براسها وهي تبكي وقالت بخجل
-خفت ان تشعر اني ربما شجعته على فعله ذاك خفت ان يفهم اي واحدا منكم اني انا السبب فالناس دوما يضعون الذنب برقبة الانثى
خفت ان تمنعني من الخروج من البيت وانا سلوتي كانت برعي الاغنام
نهض الاب بغضب ونهض الملازم وهو يقول
-اياك ان تتصرف اي تصرف رهيفة ابنة الدولة والدولة هي من ستاخذ حقها من المجرمين
وقال لكاتبه هيا بنا
- لقد وجدنا الدافع ووجدنا سبب عدم لمس رهيفة بسوء هيا بنا
وخرج هو وكاتبه
وبنفس اليوم تم القبض على نجم الراضي ورفاقه
الاربعة في حقول تربية العجول التي تقع شمال البلدة وتبعد عن مكان الحادث تقريبا ربع ساعة
وتمت مداهمة بيت ابو نجم وتفتيشه ولم يجدوا اي شي فنجم فعلياً لا يقيم في بيت ابيه بشكل دائم يذهب فقط عندما يعلم يقينا ان ابوه موجود يأكل و يشرب ويرى والده واخوته ويخرج الى اصدقائه الذين يقيمون كحراس في احد حقول تربية العجول في نواحي دير العذراء
وداهمت الشرطة غرفتهم في الحقول ورغم قذارة الغرفة قاموا بتفتيشها جيدا
ولم يجدوا اي شيء مطلقا
وحين دخل الملازم لغرفة التحقيق وجلس امام نجم. ساله
-ماهي علاقتك بهذه الجرائم
قال بصمود عجيب
- ليس لي اي علاقة
قال له
- لكنك هددت رهيفة قبل الهجوم عليها بشهر
قال
-لانها شتمتني وليس كل من يهدد يفعل
قال الملازم
- شتمتك لانك تحرشت بها ثم اردف الملازم
بقوله
- لقد ضربت محمد وشرعت بقتله وهو صديقك لماذا
سكت طويلا فصرخ به الملازم وهو يضرب الطاولة امامه بيده وقال له
- اجب عن سؤالي كي لا اضطر الى التعامل معك بطريقة اخرى والله يانجم اني قد اخفيت لك عذاب لم تسمع به ابدا اخبرني بكل شيء لانك ستخبرني رغم انفك
هنا بكى نجم الراضي بكاءً مرا
سكت الملازم حتى افرغ نجم مافي جوفه من حزن ثم اعاد الملازم السؤال
قال له نجم
-ياسيدي الم اعاقب على جريمتي هذه؟
وسجنت بسببها ثلاث سنوات ودفعوا اهلي دية محمد فهلا اعفيتني من الاجابة
قال له الملازم بحزم وبنبرة تهديد وغضب
- بل ستجيبني عن اي سؤال اسالك اياه وانت صاغر
قال له نجم
-حسنا
انا والله احببت محمد كثيرا كنت اعتبره اخي الصغير رغم اني لا اكبره الا بعام واحد حيث رسبت في الصف الاول قبل ان يدخل محمد المدرسة
وحين طلب مني الاستاذ حماية محمد كنت سعيد جدا بهذا
وكان محمد واهله يحسنون لي كثيرا
لكن في ذلك اليوم
كنت جائع جدا وذهبت لبيت اهلي فافتعلت زوجة ابي مشكلة معي لتضربني كنت صغيرا وجائعا لقد ضربتني كثيرا ........
ودخل في نوبة بكاء واختلطت دموعه بمخاطه ولعابه وهو يقول
-لقد ضربتني بخرطوم الماء فاحرقت جلد ضهري وخرجت لا اعرف الى اين اذهب....
وانا حافي وجائع ومهان ......
ملابسي ممزقة وقذرة.....
وكنت ابكي حين رأيت محمد مرتاح شعره مرتب ويرتدي ملابس منظمة حقدت عليه....
وقلت لنفسي لما لست مثله......؟!!!!!
لما هو يعيش بشكل طبيعي وانا لا.....
وحين قال لي تعال معي لنأكل سوية...
شعرت كم انا حقير ولاقيمة لي خطر ببالي ان اضربه، لكني ضربت راسي كي اخرج هذه الفكرة من راسي ثم غلبني حقدي وألمي...
و خطر ببالي ان اقتله لشدة غيضي منه لعدم احساسه بي.....
كرهت ان اراه بخير وانا في شر وعذاب
ففعلتها رغم اني لم استطع ان اضربه بالحجرة الا مرة واحدة حين سقط حاولت ان اقتله ان استمر بضربه اضربه واضربه لكن ......
هناك شيء في قلبي منعني فسحبته للقصطل والقيته فيه وتركته ومضيت....
وجلست امام باب بيتنا حتى رجع والدي واخبرته بما فعلت زوجته فادخلني وسبها وضربها وقدم لي الطعام
في تلك الليلة......
كنت اريد ان اذهب الى محمد واخرجه....
لكني......
لكني خفت.....
خفت ان يتكلم.....وقد تحصل مشكلة كبيرة واتعرض للضرب من والدي الذي ليس لي غره
قلت لنفسي...
لعله يموت فيظن الناس انه سقط سهوا في القسطل لم اكن اتوقع ابدا انه سيخرج
وهذه هي الحكاية
ساله الملازم
- والحاجة سعادة؟
اطرق نجم براسه وسكت
قال الملازم
-اخبرني بكل شيء وانا اعدك اني ساساعدك بتخفيف الحكم عنك
رفض الكلام وصمت
كرر عليه السؤال عدة مرات لكنه رفض
أمر الملازم احد الرجال ان يستخرجوا من نجم الاعتراف باي وسيلة
فاخذوه واشبعوه ضربا
وكان الملازم بهذه الاثناء يحقق مع بقية رفاقه
ولم يحصل منهم على اي اعتراف
حتى حين لجأ الملازم الى الايقاع بينهم وقال لهم لقد اعترف نجم عليكم
قالوا هو يكذب
وطلب اعادة نجم له
جاء نجم وقد اصبح كخرقة بالية متورم الوجه
والدماء تغطي وجهه
قال له الملازم برفق
-يانجم اخبرني بالحقيقة اقسم لك انك لن تخرج من هنا ابدا لكنك لو اخبرتني استطيع ان اساعدك بتخفيف الحكم
عليك اخبرني لماذا فعلتم بالعجوز سعادة مافعلتم ؟
نحن نعلم انكم انتم الجناة
لقد قالت كانو خمس شباب
ورهيفة قالت كانوا خمس شباب
وانتم خمسة ونحن متأكدون انكم انتم خلف هذه القضايا
اخبرني بكل شيء وانا اعدك وعد رجال اني سأساعدك بتخفيف الحكم عليك واعتبرك شاهدا
صمت
نجم قليلا وهو ينظر للملازم بعينه الدامية وهو منكسر
ثم تنهد واعتدل بجلسته وقال
-ياسيدي والله لم تكن فكرتي انما هي فكرة صديقي طه
وايضا كنا سكارى
في تلك الليلة دعانا حنا صديق طه على مشروب
وذهبنا سوية وشربنا واكلنا واستمتعنا بوقتنا معه وحين خرجنا من عنده بعد منتصف الليل
كنا بنصف وعي مررنا من امام بيتها.....
بيت الحاجة سعادة
وقال طه لنا
-اتعرفون بيت من هذا؟
قلنا له
- بيت الحاجة سعادة
قال
- نعم ثم وقف امام البيت
ونحن مراهقين وانت تعلم كانت صيد سهل لنا ولم يكن هدفنا الا شيء واحد........
قال الملازم لكنكم ضربتوها وكسرتم أطرافها وهي بالكاد تستطيع المشي
قال والله ياسيدي ليس انا انما هو طه وطه اكبرنا سنا وهو قائد مجموعتنا وقد
قال طه
-كانت الحاجة سعادة تسب امي حين كانت امي صغيرة وكانت ام طه تكره سعادة نحن لم نضربها لكن طه ضربها وكنا ندافع عنها لكننا كنا سكارى بالكاد نستطيع المشي
قال الملازم
-اخبرني الان لماذا هاجمت رهيفة
قال له
- ياسيدي انا ورفاقي كنا بالحقول وقد شهد صاحب الحقل على وجودنا في حقله ساعة الهجوم عليها
قال الملازم
- صاحب الحقل شهد على ساعة اكتشاف الجريمة وليس علي ساعة تنفيذها
وحقول تربية العجول لاتبعد عن مكان الهجوم على رهيفة اكثر من عشر دقائق على الدراجة وانتم الخمسة عندكم دراجات
وقد كنت تراقبها خلال ذلك الشهر لقد رأتك رهيفة عدة مرات
فلاتتصور اني احمق ولا اعرف لماذا هاجمت رهيفة
اريد منك تفاصل
قال نجم نعم
- لقد شتمتني وقررت ان القنها درسا
حين ضربتها كنت انوي قتلها فقط
لهذا ضربتها بالصخرة عدة مرات لم اكن اتوقع انها بقيت على قيد الحياة
لكني حميت جثتها من اصحابي
كانوا يريدون ان يغتصبوها لكني رفضت
صرخ به الملازم قائلا
- لم تمنعهم شرفا منك ياعديم الشرف
لكنك منعتهم لانك تعلم لو انك لمستها
وانكشف امركم
ان خلفها عشيرة كبيرة سيمزقون اهلك شر ممزق وقد لايتوقف الامر عند اهلك بل وعشيرتك ايضا
انت بلا شرف يانجم فلو كان عندك ذرة شرف لما اقدمت على اغتصاب سيدة عجوز مثل سعادة
لكنك تعرف تماما ان سعادة وحيدة وليس لها اهل لكنك لاتعرف ان الدولة اهل لكل ساكنيها ومواطنيها
الان يانجم اخبرني لماذا قتلتم جانيت
هنا انتفض نجم وهب واقفا وقال
- ابدا ابدا لم نقترب من جانيت وليس لنا علاقة بها ابدا
بل اننا ذهلنا لمقتلها مثل الجميع
قال له
- لكننا وجدنا ادلة تدينكم
هنا سكت نجم الراضي
ساله الملازم وقال له
- اخبرني الحقيقة
قال نجم
-ياسيدي انا ليس لي اي علاقة بالموضوع
قال الملازم
- وصديقك طه. ؟
اطرق نجم براسه وصمت وعض على شفتيه
قال له الملازم
- اريد منك كلمة واحدة فقط تدين طه
لم ينطق نجم
قال الملازم بنبرة وعيد
-هل تظن اني لن استطيع انتزاع الاعتراف منك يانجم انا فقط اريد ان يكون الاعتراف برضاك
انت لم ترى من وسائلي الا الصفع والركل
اخبرني الحقيقة الان لاني ساحصل عليها سواء اردت ام لا
قال له
- والله ياسيدي انا لم اكن موجود اصلا لا انا ولا رفاقي
وتعثر بقوله رفاقي
فقال الملازم
-وطه؟
سكت نجم الراضي واطرق براسه
نادى الملازم على الشرطي الواقف بالباب وقال له
-خذ نجم للحجز
وهات لي طه
وجاء طه كان شاب في العشرين من عمره مفتول العضلات رغم صغر حجمه كانه كان يعمل منذ طفولته
جلس امام المحقق ومباشرةً ساله المحقق
-لماذا قتلت جانيت؟
رد بسرعة قائلا
-لا لا لا ياسيدي لم اقتلها ولم اقترب من قتل احد نحن نسرق وقد نتحرش اما القتل فهذه لن نفعلها ابدا
قال الملازم
- لقد اعترف عليك نجم كيف قتلت سعادة لانها كانت تسب أمك
واعترف بما فعلته انت بجانيت
كانت عينا طه تتحركان بسرعة كفأر في مصيدة، لكن المصيدة هذه المرة كانت من صنع ذنوبه،
قال طه
- يستحيل ان يعترف علي بشيء لم افعله
قال الملازم
- بلى لقد قال كنا انا ومروان واسعد ومبروك
في غرفتنا بالحقول وطه هو من قام بهذه العملية وحده
هنا بدا على طه الأرتياح وابتسم
وقال لاسيدي لم اقترب من جانيت لا انا ولا اي من رفاقي اساسا نحن لم نكن في دير العذراء يومها وبأمكانك ان تسأل اي واحد في البلدة واذا اعترف نجم علي بقضية جانت فهو واهم
قال الملازم
- وقضية سعادة؟
صمت طه
ورغم كل الضرب والتحقيق لم يحصل الملازم من المتهمين الخمسة على اي شيء اكثر مما قالوا
وبعد التحري ثبت للملازم فعليا ان المجرمين الخمسة لم يكونوا في البلدة اصلا ايام مقتل جانيت
وتم تقديمهم للمحاكمة بقضية سعادة وقضية رهف
ورغم تدخل العشائر لحل الموضوع ودي
لكن الدولة حكمت على طه واسعد بالاعدام لانهما تسببا بمقتل سعادة والمؤبد على نجم والبقية بقضية رهيفة وقضية الاعتداء على السيدة سعادة
وانتهت قصة رهيفة وسعادة
وتم قفل الملفات كلها
الا ملف جانيت بقي مفتوحا ورغم كل التحقيقات لم يتوصلوا لاي شيء
شعر الملازم أن الثقب الأسود في البلدة ما زال يبتلع ضحايا جدد... وأن جثة جانيت لن تكون الأخيرة
........؟
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم