رواية هجوم عاطفي الفصل السابع 7 بقلم هاجر عبد الحليم

رواية هجوم عاطفي الفصل السابع بقلم هاجر عبد الحليم


في البحر،
صوت الأمواج يغطي على أنفاسهما الثقيلة، وهما يحاولان التمسك بجدار صخري بعيد عن مرمى القناصة.
رودينا (بقلق وهي تتنفس بصعوبة):
"مين دول يا مالك؟"
مالك (ينظر بعيدًا، صوته يحمل وجعًا دفينًا):
"دول... أكيد نهايتي هتكون على إيدهم."
رودينا (بدهشة وجرح خفيف في نبرتها):
"وعشان كده اتهمتني إني معاهم؟"
مالك (ينظر لها نظرة شك):
"ودلوقتي... اتأكدت من شكوكي."
رودينا (بغضب مكبوت):
"صدقني، أنا معرفش أي حاجة عن اللي بتقوله!"
مالك (بصوت حاد):
"بس كنتي عارفة إنهم هيحاولوا يقتلوني، صح؟"
رودينا (تهز رأسها بعصبية):
"ليه؟ أنا بنجم ولا دجالة؟ حد قالك إني شغالة في السحر؟!"
تقترب منه قليلاً رغم البرد والخطر.
رودينا (بحدة):
"أنت شكلك كده دكتور تشريح بني آدمين... ووراك مصيبة سودة، وأنا مش هسيبك غير لما أعرف إيه هي!"
.....
كانت المياه تحيط بهما من كل جانب، يسبحان معًا وسط الظلمة الزاحفة، والهدوء المتوتر يخيّم على المكان. التفتت رودينا إليه، نظراتها مليئة بالأسئلة، وقالت بنبرة حائرة تخترق الصمت:
رودينا (بصوت خافت متردد): "احكي."
تنهد مالك، وقد بدا في عينيه ثقل الأسرار، وقال وهو يواصل السباحة دون أن ينظر إليها:
مالك (بصوت منخفض وحذر): "دول عصابة كبيرة."
عقدت حاجبيها، وسبحت بالقرب منه وكأنها تحاول قراءة وجهه:
رودينا (بلهجة مصدومة): "بيطاردوك ليه؟"
ألقى عليها نظرة سريعة ثم أعاد عينيه إلى الأفق:
مالك (بجديّة): "عشان كشفت أوراق تخصهم."
توقف حركتها قليلًا، كأن الخوف بدأ يزحف إلى قلبها، ثم قالت:
رودينا (بصوت مشكوك فيه): "تجارة أعضاء؟"
استدار نحوها فجأة، نظراته مصدومة:
مالك (باندهاش): "وانتي إيش عرفك؟"
هزت رأسها وهي تتحدث بنبرة فيها خليط من العقلانية والقلق:
رودينا (بجدية): "عشان انت دكتور وشغال في مستشفى... فكرة إنك تكشف ورق هيكون إيه غير ناس شغالة ف إنها تموت أطفال وتستحل أجسامهم؟"
أومأ برأسه في صمت، ثم قال بصوتٍ متهدج:
مالك (بحزن ومرارة): "أيوة، وكان في طفل كان هييجي عليه الدور... بس في شرطية قدرت تنقذه، لكن..."
قطعت حديثه بنظرة فزعة:
رودينا (بقلق): "لكن إيه؟"
نظر للأرض وكأن الذكرى توجع قلبه:
مالك (بأسى): "المستشفى قدرت تجمع أوراق رسمية تبرّأهم... وخرجوا منها زي الشعرة من العجين."
صمتت رودينا لبرهة، ثم نظرت إليه وكأنها تحاول أن تسحب من لسانه الحقيقة:
رودينا (بفضول حذر): "وانت لقيت إيه؟"
زفر بقوة، وبدت عينيه تغوصان في الظلام:
مالك (بغضب مكبوت): "اللي لقيته ميجيش نقطة في بحر وسخ من أعمالهم المشبوهة."
هبت نسمات الليل الباردة، فارتعشت رودينا وهي تحضن جسدها بذراعيها:
رودينا (بأنين خافت): "الليل بدأ يليل، وأنا سقعت أوي."
ابتسم بسخرية خفيفة، ثم قال وهو يواصل السباحة:
مالك (بهدوء): "أجمّدي شوية، قربنا نوصل."
نظرت للأمام بعينين مليئتين بالريبة:
رودينا (بتوتر): "اللي احنا رايحين له شكله كده مهجور... إنت شايف؟ دي شكلها جزيرة."
أجابها دون أن يوقف سباحته، وصوته مليء بالحنين:
مالك (بلهفة صامتة): "أنا بس عايز أطمن على أهلي."
رفعت حاجبيها وغمغمت:
رودينا (باستغراب): "هما عارفين عنوانك؟"
ضحك ضحكة قصيرة مريرة:
مالك (بسخرية): "إيه الذكاء اللي انتي فيه ده! دول عارفين إني قاعد معاكي في كافيه، مش هيعرفوا يجيبوا عنوان بيتي؟"
هزت كتفيها وقالت بإصرار:
رودينا (بثقة): "بس أكيد الحكومة هتحميك!"
أجابها بنبرة مصممة، ونظراته معلقة بشيء لا تراه:
مالك (بحزم): "مش هرتاح غير لما أسمع صوتهم."
وقفت في مكانها لحظة، ثم سبحت نحوه بخطوات غاضبة:
رودينا (بعناد): "هتروح للمكان برجليك تاني؟"
نظر لها مطولًا، ثم قال:
مالك (بواقعية موجعة): "أيوة، مفيش عندي اختيار تاني... أنا هرجع، ومش هروح للجزيرة دي."
قالت فجأة، وكأن القرار خرج من أعماقها دون تفكير:
رودينا (بحزم مفاجئ): "هاجي معاك."
توقف عن السباحة ونظر لها بحدة:
مالك (بصوت مرتفع مندهش): "تيجي معايا فين؟ أنا أعرفك أصلاً؟ ما تحلي عني بقى!"
أجابته وقد علت وجهها ملامح الجدية:
رودينا (بصلابة): "مليش فيه، أنا اتورطت معاك وخلاص، مش هما شافوني معاك؟"
اقترب منها بقلق:
مالك (بتوتر): "إيه الإشكال يعني؟ مش فاهم؟"
قالت بنبرة منطقية مشوبة بالخوف:
رودينا (بتفكير عميق): "ممكن يفتكروا إنك قولتلي على سرك كله، ويحاولوا يصفوني زيك... فلازم نخلّص منهم، وبعد كده..."
سكتت فجأة، ثم ابتسمت ابتسامة مشاكسة وهي تميل برأسها:
رودينا (بمزاح وخفة دم): "اتجوزك يا جميل."
رمقها بنظرة طويلة، ثم قال ضاحكًا وهو يلوح بيده:
مالك (بضحك مصدوم): "لولا إننا ف عرض البحر، كنت غرقتك يا مجنونة إنتِ!"
قهقهت بخفة:
رودينا (بدلال): "غرقني ف حبك، طيب!"
لوّح بيده كأنه يطردها:
مالك (بتهكم): "غوري من هنا."
قالت بإصرار وهي تسبح بجانبه دون تراجع:
رودينا (بجدية): "لا، مش هسيبك، وده آخر كلام عندي."
نظر لها، وانفرجت شفتاه عن ضحكة صغيرة رغماً عنه. أما هي، فلم تضيع الفرصة:
رودينا (بمرح): "يا فرج الله! ضحك يعني قلبه مال!"
تنهد وقال بنبرة خافتة:
مالك (بقلق حقيقي): "أنا خايف عليكي."
أجابته بثقة، ونظرة فيها عزيمة لا تلين:
رودينا (بابتسامة متحدية): "متخفش، عمر الشقي بَقى... وأنا أشقى خلق الله."
وفي داخله، كان قلبه يدق بعنف. لا مهرب بعد الآن... لقد أصبحت الرحلة معها، ولن يهدأ له بال حتى يضمن سلامتها. لم يعرف من تكون بحق، لكن إحساسه كان واضحًا:
لقد أحبها.
وجد فيها ونيسًا في معركةٍ قد لا يعود منها حيًا، لكنه على الأقل لن يكون وحده.
....
كانت الشمس تميل إلى الغروب، وأشعتها تنساب على أطراف الستائر، تُضيء الغرفة بألوانٍ دافئة كحضن أم. جلست آسيا في زاويتها المعتادة، محاطةً بألعابها المرتبة بعناية مدهشة، كل شيء له مكانه، لا تقبل الفوضى في عالمها الخاص. كانت تهمس لنفسها، ترسم بأطراف أصابعها أشكالًا في الهواء لا يفهمها سواها.
دخلت سيدة، أم مالك، بخطوات واثقة لكنها هادئة، ترتدي عباءتها السوداء وحجابها المطرز بخيوط ذهبية بسيطة. نظرت إلى الصغيرة نظرة طويلة، ثم ابتسمت برفق. اقتربت وجلست على الأرض بجوارها، دون أن تقتحم مساحتها.
سيدة (بصوت حنون ومبحوح بشوق):
"يا عيني يا آسيا... أنتي بترتبي الدنيا على مزاجك، صح؟"
آسيا لم ترد، لكن يدها توقفت للحظة، كأنها التقطت صوتًا يهمّها.
سيدة (وهي تقرّب منها ببطء، تتأمل في عينيها بلهفة المحروم):
"ع أد ما العالم بتاعك مختلف... بس الحلو إنك بتعرفي ترسميه بإيدك، وتختاري ألوانه على مزاجك... يا ريتنا نعرف نعمل زيك."
مدّت يدها ببطء، ترددت لحظة، ثم وضعت كفّها فوق الأرض، بجوار يد آسيا دون أن تلمسها.
آسيا حرّكت رأسها ببطء، نظرت ليد جدتها، ثم لوجهها، نظرة قصيرة، عابرة... لكنها كافية لتوقظ في قلب سيدة رجفة.
سيدة (بهمس خانق بالعبرة):
"ربنا يهون ع أبوكي الطريق... أنا خايفة عليه أوي.
طول عمره جامد، وبيحب يغامر... بس لما أنتي جيتي، بقى بيمشي جنب الحيط.
لكن..."
سكتت لحظة، وتنهدت تنهيدة تقيلة فيها وجع سنين، ثم تمتمت:
"اللي شافه... وجع قلبه، وخلى اللي حاول يمحيه من جواه، رجع يمشي ع السطح من تاني."
رفعت يدها بحذر، ولمست أطراف كف آسيا، تلك اللمسة الخفيفة كأنها تتحسس الحياة في جلد حفيدتها.
سيدة (بابتسامة فيها وجع وحنين):
"ربنا يخليكي ليا، ويهون على أبوكي الطريق... ويرجع لحضنك سليم."
ثم بدأت تقرأ على رأسها آية الكرسي بصوت خافت، تدندنها كأنها تهدهد الألم، وآسيا، لأول مرة، أسندت رأسها على ركبة جدتها.
وفي قلب سيدة، نبت ورد صغير...
ربنا كبير،
......
خرج مالك و رودينا من البحر، وقد ارتجفت أجسادهما من البرد، لكن قلب مالك كان أشد برودة من أي وقت مضى. كان ذهنه مشغولًا بما هو قادم، بينما كانت رودينا تتبع خطواته بحذر، عيونها لا تفارق تعبيراته.
مالك (يأخذ نفسًا عميقًا، ويبدأ في التحرك بسرعة):
"يلا، لازم نتحرك."
رودينا (توقف فجأة وتنظر إليه بعناد، تعبير وجهها يعكس صراعًا داخليًا):
"لا يا مالك، مش هسيبك تروح لوحدك."
مالك (بصوت حازم، دون أن يلتفت إليها):
"وأنا مش هسيبهم للموت. مش هقدر أسيبهم في الوضع ده."
رودينا (بقلق في عيونها، لكن بصوت هادئ):
"يبقى، على الأقل، لو هتروح، خليهم يوصلوا لسكة أمان. خليهم في مكان آمن قبل ما تتورط في أكثر من كده."
مالك (يتنهد، يتوقف للحظة ثم يجيب بصوت منخفض):
"هسافرهم عند أخويا في ألمانيا... وكده هبقى مطمن عليهم."
رودينا (تسأله بتردد، وهي تحاول فهم الموقف أكثر):
"طب وبنتك؟"
مالك (يحرك رأسه بحزن، وعينيه تغلقان كأنهما يحاولان تجاهل الألم):
"أكيد أخويا مش هيرفض يخليها عنده، على الأقل لغاية ما أخلص من اللي أنا فيه."
رودينا (تنظر إليه بوجع، وتخفض رأسها للحظة، ثم ترفع عينيها له):
"أنا ممكن أساعدك."
مالك (ينظر إليها بتركيز، محاولًا استيعاب ما قالته، كأن الكلمات دخلت إلى عقله لكن لم يتوصل بعد إلى كيفية التعامل معها):
"إزاي؟"
رودينا (تتحدث بثقة وتصميم، عيونها متوهجة بإصرار):
"هقولك."
.....
في غرفة العمليات، الإضاءة خافتة والجو مليء بالتوتر. الأطفال على طاولة العمليات، بعضهم نائم تحت تأثير المخدر، والبعض الآخر يبدو عليه التعب والضعف. مجموعة من الأطباء والمساعدين يتحركون بسرعة، بينما الأجهزة الطبية تصدر أصواتًا متواصلة، وكل شيء يبدو على ما يرام من الخارج.
الطبيب الأول (ينظر إلى الطفل على الطاولة، وهو يحاول تهدئة نفسه):
"تمام اوي كدا الطفل جاهز للعملية يلا نبدا شغل بسرعة"
المساعد (يهمس بحذر، وهو يتفحص أوراق الطفل):
"الطفل ده هينفعنا كتير اوي ياباشا. لو العملية مشيّت زي م احنا مخططين ليها تمام هتكون صفقة رابحة اوي لينا."
الممرضة (ترتدي القفازات، وتبدأ في تجهيز الأدوات):
" العملية مش سهلة وعايزة تركيز كفايا كلام."
الطبيب الثاني (يقوم بضبط جهاز التخدير):
"مستوى التخدير مضبوط. هينام عادي ومش هيحس بحاجة."
المساعد (يقترب من الطفل، يتفحصه قليلاً):
"الطفل دخل في مرحلة التخدير."
الطبيب الأول (وهو يستعد للعملية):
"بعد م نخلص هنبدا ف بيع الاعضاء وهنكسب شهد"
الممرضة (تنظر إلى الطبيب، وتبتسم بابتسامة زائفة):
"وإحنا هننقلهم بعد كده؟"
الطبيب الأول (يرد بهدوء وهو يبدأ في العملية):
"هنخلص هنا، وبعدين هننقلهم على المكان التاني."
المساعد (مبتسم وهو يعد الأدوات):
"مش عايز اشوف اي اثر للعملية دي."
الطبيب الأول (وهو يبدأ في إجراء الجراحة):
". ولا كأن حصل حاجة ياباشا"
ثم في لحظة من التوتر بين الأطباء:
المساعد (وهو يلاحظ حالة الطفل المتدهورة):
"إنت غبي!"
الطبيب الأول (يبدو متفاجئًا):
"ليه؟"
المساعد (يشير إلى الطفل، والقلق يظهر على وجهه):
"الطفل كده هيموت!"
الطبيب الأول (يهز رأسه بتوتر):
"ولو مات، اي المشكلة؟"
المساعد (بتعجرف، وهو يحاول إخفاء القلق):
"لا، لازم نخدره بس عشان الأعضاء تشتغل."
الطبيب الأول (وقد تذكر شيئًا هامًا، يتنهد):
"آه، آسف، فاتتني دي."
المساعد (بابتسامة ساخرة، وهو يستعد للمتابعة):
، خلينا نركز "
 كل شيء يتم بهدوء وكأنهم متمرسين في هذا العمل المظلم.
.....
في المكتب:
الرجل المجهول (وهو يضرب الطاولة بيده بعنف، غاضبًا):
"أغبياء! إيه ده؟ مش قادرين تخلصوا منه؟ ده إنسان ضعيف، قادر أفعصه وأعصره تحت رجلي! مش معقول!"
الرجل الأول (يحاول تبرير نفسه، مرتجفًا):
"يا باشا، مكناش نتصور إن البنت هتشوف القناص... وغير كده، مفكروش مرتين، لما نطوا في البحر، الدنيا كانت فوضى بسبب صريخ الناس. كان لازم نهرب قبل ما الوضع يبقى أسوأ."
الرجل المجهول (يصرخ في وجهه):
"الورق اللي معاه ده، هو ده الأهم! لازم نرجع نعمل أي حاجة، نختطف بنته، نقتل أمه... لكن قبل كل ده، أعرفولي مين البت دي!"
الرجل الثاني (يتنهد بحيرة، ثم يقول بتردد):
"عنيها حادة قوي يا باشا، وحاسين إننا شوفناها قبل كده... مش متأكدين بس... شكلها مألوف اوي لينا."
الرجل المجهول (يتمتم بغضب وهو يفكر):
"لو طلعت هي نفس الشرطية اللي جت المستشفى، يبقى إحنا بنلعب في عداد عمرنا! لازم نتحرك فورًا قبل ما تكتشف الحقيقة، لو كانت هي، هيعرفوا كل حاجة!  وساعتها هنكون احنا كبش الفدا بدالهم!
الرجل الأول (يحاول التوضيح):
"ممكن تكون هي فعلاً ياباشا."
الرجل المجهول (بغضب شديد وهو يوجه تعليماته):
"اعرفولي تفاصيل اكتر عن البنت دي، وعن كل حاجة ليها علاقة بيها! وده قبل ما نقرر خطواتنا الجاية. أنا مش عاوز مفاجآت تانية."
الرجل الثاني (يهز رأسه بجدية):
" عايزين وقت ياباشا عشان لو هي هيكون كل حاجة عنها مخفية."
الرجل المجهول (بصوت خافت، ولكن عميق):
"اخلصوا بسرعة من كل حاجة قبل ما تفضحنا يابهايم الناس اللي برة لو عرفو هنفلسع كلنا وهنخسر عمرنا وفلوسنا يلاااااا." الجو مشحون بالتوتر، حيث أصبحت حياتهم مهددة بسبب كل خطوة يتخذونها، ويمتد الشك حول هوية تلك الفتاة التي قد تكون هي مفتاح نهاية اللعبة بالنسبة لهم.
....
في الشارع، كان الجو باردًا، ولكن خطواتهم كانت تبتلع الأرض بسرعة. رودينا كانت تمشي بصعوبة، وكأنها تشعر بكل خطوة، وجعلت من نفسها تُظهر بعض التعب:
رودينا (بصوت ضعيف، تمسك قدمها بشدة):
"رجلي وجعتني أوي."
مالك (ينظر إليها بحذر، وهو يحاول أن يظهر بعض الاطمئنان):
"خلاص، قربنا نوصل."
رودينا (تسأل بحذر، وبصوت متألم):
"بيتك قدامه قد إيه؟"
مالك (يحاول أن يكون مطمئنًا، ولكن نبرته تحمل بعض القلق):
"يعني ساعة."
رودينا (ترد بسرعة، وكأنها مستحيلة، تشعر بأن قدميها لن تتحمل المزيد):
"ساعة مشي؟ أنا رجلي مبقتش شايلاني."
مالك (بتأكيد وحسم، يحاول أن يخفف من قلقها):
"متبقيش خرعة كده، دا إنتي اللي انقذتي حياتنا."
رودينا (بتحدٍ، ابتسمت رغم الألم، وكان واضح في صوتها):
"ليه؟ أنا مش جيمس بوند يعني! الراجل كان غبي، معرفش يخبي نفسه كويس."
مالك (نبرته تغيرت، يظهر جزء من جديته ولكن أيضًا يشير إلى اعتراف غير معلن):
"بس خاطرتي بحياتك عشان أنا أعيش."
رودينا (بصوت أخف، حروفها تحمل نبرة من الغموض والمشاعر المختلطة، تنظر للأمام، مستمرة في المشي):
"يمكن عشان من بعدك، مش هيكون ليّ حياة."
في تلك اللحظة، كان قلبه يدق بعنف في صدره، وأحس بشيء ثقيل يجثم على صدره، وكأنه يريد أن يتوقف عن الحركة. لكنه استمر في المشي بجانبها، دون أن ينطق بكلمة إضافية.
...
في الشارع أمام منزل مالك...
وقف مالك للحظة، ينظر إلى المنزل الذي أمامه. قلبه ينبض بسرعة، ولكن قراره كان حازمًا. هذه اللحظة هي الفصل الحاسم.
مالك:
"ده البيت."
أخذ نفسًا عميقًا، ثم نظر إلى رودينا، التي كانت تقف بجواره، مترددة بين القلق والرغبة في المساعدة.
رودينا (بتوتر):
"طيب، يلا روح هات البنت."
مالك نظر إليها بعينيه الحادتين، وكأنها تنتظر إشاراته أو ربما تطمئن إليه قبل أن يقرر المضي قدمًا.
مالك (بتأكيد):
"خليكي هنا، أنا مش هتأخر."
رغم حرصه على ألا يدعها تشعر بالخوف أو القلق، كان هناك نوع من التأكيد في صوته.
رودينا (بتطمين):
"تمام، حاضر."
أومأت برأسها، مع أنها كانت تعرف أن الأمور قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة، لكنها كانت مستعدة لتقديم المساعدة في الوقت المناسب.
....
في منزل مالك...
الباب خُبط بعنف، كان الصوت قاسيًا سيدة، التي كانت في الداخل، اندفعت نحو الباب فورًا، فتحته ووجدت مالك يقف أمامها، ملامح وجهه مليئة بالإرهاق والقلق.
سيدة (تنفست الصعداء، وعينيها تدمع من الفرح):
"مالك... الحمد لله، ربنا ردك لينا بسلامة."
مالك (احتضنها بقوة، صوته مشوش من القلق):
"هاتي أسيا وتعالي معايا."
سيدة (بقلق، تتردد قليلاً):
"حاضر... بس هنروح فين في الوقت ده؟"
مالك (يحاول تهدئتها، لكن قلقه واضح في نبراته):
"الناس اللي كشفوني أكيد هيأذوني فيكم... لازم نروح مكان آمن، مكان هتكوني مرتاحة فيه أكتر من هنا. أبوس إيدك، يا أمي، اتحركي بسرعة."
دخل مالك إلى الداخل، أخذ ابنته أسيا بين ذراعيه، وتوجه نحو الباب بسرعة. كانت خطواته سريعة، يرافقه الإحساس بالضغط العصبي. بينما هو يخطو نحو الخارج، سيدة توقفت فجأة، تذكرت شيئًا هامًا.
سيدة (بلهفة، متجهمة وجهها):
"نسيت دبلة أبوك."
مالك (محاولًا تهدئتها بعصبية، وقد بدت عليه علامات الإرهاق):
"يا أمي، ملهاش لازمة دلوقتي، هجيبلك واحدة جديدة والله."
سيدة (بإصرار، عينيها مليئة بالعاطفة):
"لا، مش هتحرك من غيرها. دي من ريحة الغالي، ولا يمكن أفرط فيها أبدًا."
عيني مالك كانت تتابعها بحيرة وهو يراها تعود إلى الداخل بسرعة، غير قادر على إيقافها.
وفي اللحظة التي دخلت فيها سيدة إلى داخل المنزل، حدث ما لم يتوقعه أحد. البيت كله اشتعل بالنيران في لحظة، وكأن جحيمًا انفجر من الداخل.
مالك (أصابته الصدمة، عيناه تفتح على مصراعيها، لا يصدق ما يحدث، وحمل ابنته على صدره وهو يصرخ):
"أمااااااااااااي!!!"
في تلك اللحظة، كانت رودينا بجواره قد سقطت على الأرض نتيجة قوة الانفجار، الدخان يغلف المكان، وكل شيء في محيطه كان ينهار. مالك، رغم الألم، ظل يصرخ محاولًا حماية ابنته التي كانت في أحضانه، بينما كان الإحساس بالعجز يسكنه، وكل شيء من حوله يتحطم.
تعليقات