رواية المطارد الفصل السابع 7 بقلم امل نصر


رواية المطارد الفصل السابع بقلم امل نصر


  
بداخل الغرفة الصغيرة وهو مستريح بجذعه على الفراش وعقله يسبح في اَلام الماضي وما اوصله الى هذه النتيجة الاَن، شخص بائس ذو مستقبل مظلم، لا يملك الحق بالعيش بكرامة أو كبقية البشر العادية، بعد أن كان سيد مكانه والدنيا كانت فاتحة اليه  ذراعيها على وسعها، يراجع نفسه للمرة المليون، هل كان الخطأ من جانبه حينما تطوع للخدمة بالتجنيد بإرادته رغم انه معفي عنها بحكم انه الوحيد لوالدته، أم لغباءه وثقته الزائدة حينما ترك والدته وشقيقته في يد من خان الثقة وغدر به، في كلتا الحالتين لا يمكن أن يرحم نفسه من عذاب التأنيب؛ حتى بعد أن تمكن اَخيرًا من الأخذ بثأره ممن ظلمه وادخله السجن بتهمة ملفقة كي يخسر معها الجميع كما خسر قبلها اعز الأحباب والدته وشقيقته، أجفل منتبهًا فجأة على دفعة قوية للباب ومرور هذا الصبي المشاغب كي يدلف لداخل الغرفة :
- واه ، هو انت لسة برضوا قاعد مكانك ماقومتش ؟
اردف بها الصغير بعفويته المحببة، اثارت ابتسامة مستترة من صالح وهو يجيبه:
- ايوة يامحمد لسة قاعد مكاني ومش قادر اتحرك، حكم راسي لساها وجعاني وتقيلة عليا.
كشر محمد عن وجهه قائلًا :
- وراسك التقيلة دي مش ناوية تخف واصل اياك ؟ انا زهقت من نوم الكنبة وعايز ارجع اؤضتي .
حدته في توجيه الكلمات جعلت صالح يضغط على نفسه بصعوبة حتى لاينفجر في الضحك وتزداد بعد ذلك الام رأسه مثل كل مرة فقال:
- ياولدي انا مش قدك والنعمة ولا قد دمك الخفيف ده، طب بقولك ايه، ماتيجي تساعدني عشان اقوم، يمكن اخف لما اتحرك عشان امشي، واسيبلك الأوضة.
- ماشي، هاساعدك بس عشان تسيبلي الأوضة وتمشي .
قالها محمد ثم خطا اليه يمد كفه نحوه بعقله الصغير، معتقدًا انها تصلح كي يلتقطها ويستند عليها صالح الذي ضغط باليد الأخرى على قائم السرير بصعوبة كي يستطيع الوقوف رغم هذا الدوار الذي لف رأسه بمجرد ان وطئت قدماه الأرض، ولكن مع ذلك تنفس بسعادة انه تمكن من السير عدة خطوات صغيرة بصحبة محمد قبل ان يتمكن منه الألم فسقط على اقرب أريكة وجدها أمامه، هتفت عليه محمد بسخط:
- ايه ياعم انت، دول يدوبك خطوتين مش قادر تكمل ؟
تكلم صالح من بين صوت أنفاسه العالية مع هذا الإجهاد الشديد الذي انتابه:
- معلش يامحمد، خليني اريح شوية، لاحسن راسي وجعتني قوي .
- يووووه، انت لسة هاتقعد وتريح دا حاجة متشجعش خالص.
تابع محمد وهو يصعد ليعتلي الاَريكة بأقدامه  :
- وسع كدة شوية خليني افتح الشباك اللي وراك ده .
ادار صالح رأسه للخلف قليلًا، ليفاجأ بدفعة هواء قوية على وجهه وقد فتحت نافذة خشبية كبيرة على مصراعيها فظهر امامه حقلٍ صغير ممتلئ بأنواع عدة من الخضروات المزرعة فيه، بالأضافة الى عدد من شجيرات الفاكهة، منظر خلاب يبعث بالبهجة على صدره فقال:
-  الله يامحمد عالجمال، بتاعة مين الجنينة دي ؟
رد محمد بتفاخر:
- يعني هاتكون بتاعة مين يعني؟ بتاعتنا طبعًا، دا انا اللي زارع بيدي حوض البصل اللي هناك ده مع ابويا، دا غير الفاكهة اللي بفتح عليها حنفية المية واسقيها كل يوم مع بقية الخضرة اللي زارعناها قبل كدة، يعني انا اللي مراعيها.في الأصل.
- برافوا عليك يامحمد، وربنا يخليلك ابوك، الجنينة شكلها يفرح صح، باين عليكم مزارعين أبًا عند جد.
- ايوة امال ايه، احنا نملك خمس قراريط طين ورث عن جدي، ومأجرين فدان كمان في الجبل، بنزرعه قمح وطماطم وبرسيم لبهايمنا اللي في الحوش التاني من البيت، حكم احنا بيتنا كبير قوي
قال صالح بابتسامة متسعة مع انبهاره :
- ماشاء الله يامحمد، انا كنت اسمع من زمان عن البيوت الكبيرة واللي بيسموها اهل البلد بيوت الزرع لكن اول مرة اشوف بعيني .
- اول مرة تشوف بعينك! ليه امال ؟ هو انت من فين ؟
سأل محمد بعفوية كعادته، أربك صالح الذي تجاهل الجواب عن سؤاله :
- بقولك ايه يامحمد، انا نفسي ادخل الجنينة دي وادوق من التين الطازة الطارح على شجرته ده، يرضى ابوك يامحمد .
اهتزت كتفيه واجابه بحيرة:
- معرفش والله، بس ممكن اسالك ابويا.
اعترض سريعًا :
- لا يامحمد ماتقولش لابوك، انا كفاية عليا الفرجة من هنا، دي كدة رضا قوي، مش عايز ازود على الراجل اكتر من كدة، كفاية انه متحملني في بيته اساسًا.
غمغم بكلماته الأخيرة بصوتٍ منخفض لا يصل الى الطفل الصغير، فيكفيه هذا الشعور القاتل بالحرج من موقفه المخزي امام هذه الأسرة الكريمة، وتحملهم لشخصٍ بغيض مثله.
.......................

وبداخل المنزل وتحديدًا بغرفة الفتيات، كانت ندى تهتف على والدتها باعتراض :
- يعني  ايه ترفضوه ياما؟ كان عفش بقى هو ولا انتوا سمعتوا عنيه حاجة شينة عن اخلاقه ولا سمعته؟
اجابت نجية وهي ترتب في فراش التخت بعدم اكتراث :
- لا شوفنا انه عفش ولا حتى سألنا عشان نعرف حاجة عن سمعته ولا أخلاقه.
- طب ولما هو كدة، رفضتوه ليه من الباب للطاق؟ ولا انتوا مش هاممكم سعادة بنتكم ولا راحتها؟
صاحت بها ندى لدرجة ازعجت والدتها التي تركت ما بيدها واللتفت اليها قائلة:
- في ايه يابت؟ هو انت طارت على جوازك ؟ مش لما تخلصي سنتك في التعليم الأول. 
- ايوة ياما بس انا مش صغيرة، وكل البنات زميلاتي بيتخطبوا والعرسان بيستنوهم على مايخلصوا السنة الاَخيرة عشان يتجوزا .
- وافرضي ياختي، برضوا احنا مش موافقين نجوزك لواحد غريب عن البلد .
- وليه ماتقوليش ياما، انكم رافضين مخصوص عشان حبيبتك بنتك المحروسة يمنى، مش عايزة تجوزيني قبليها انتي وابويا .
صرخت بها ندى توقف والدتها قبل أن تخرج مغادرة الغرفة، فهتفت نجية هي الأخرى بغضب:
- ايوة ياندى، ابوكي رفض عشان مايجوزكيش قبل اختك الكبيرة، عندك اعتراض بقى؟
دبت أقدامها على الأرض بعصبية:
- ايوة عندي ياما، عشان انتوا كدة بتظلموني وتوقفوا حالي، واختي مش هاممها حاجة خالص، بترفض في العرسان وعايشة فيها دور الملاك البريء، انا مالي انا ومالها؟

- وانا ماليش دعوة ياندى، ومانيش ملاك ولا برئ ياستي ولا حاجة؟
التفت الأثنتان نحو مصدر الصوت، ليجدوا يمنى على باب الغرفة بملامح متجهمة ويبدوا انها سمعت اَخر الحديث، تسمروا مكانهم  بصمت يراقبونها وهي تخطوا إليهم بداخل الغرفة، ثم تابعت موجهة خطابها لشقيقتها بنبرة معاتبة:
- على فكرة بقى ياست البنات، انا زنيت على ابوكي عشان يوافق وموقفش حالك زي ما بتقولي، بس ابوكي أصر على قراره ونفذ اللي في مخه وأسألي أمك عشان تتأكدي
ردت ندى بخزي وهي تتهرب منها بعيناها:
- انا مش قصدي اجيب اللوم عليكي، بس كمان انا مش قادرة اتحمل ان تضيع مني فرصة زينة زي دي، بسبب بس انهم مش عايزين يجوزني قبلك.
تكتفت يمنى تواجه والدتها بغضب :
- عاجبك كدة يا أمي؟ انا كنت عارفة ان هو دا اللي هايحصل .
ردت نجية بهدوء رغم العواصف الدائرة حولها:
- وما يحصل اللي يحصل انتِ مالك؟ ماهو جواز لاختك الصغيرة قبلك مش هايحصل ياست يمنى، إلا بقى لو وافقتي تتخطبي لواد خالك، ساعتها ممكن نوافق نخطبكم مع بعض.
فغرت يمنى فاهاها من رد والدتها العجيب لتفاجأ بنظرة شقيقتها وكأنها تترجاها لتوافق ، همت لترد ولكن ثبات والدتها وتلهف شقيقتها لسماع أجابة تريحها، جعلها على شفا الانهيار، فلم تجد أمامها سوى أن تهتف بقلة حيلة :
- طب والله حرام عليكم، والله حرام عليكم .
ثم خرجت من أمامهم منهارة كي تجد ركنٍ لها وحدها تفرغ فيه حزنها بعيدًا عن الجميع.
.......................

بغرفته صالح وهو جالس أمام النافذة الخشب والمفتوحة على مصراعيها امام الخضرة الجميلة التي أنعشت روحه المنطفئة بعد ان حرم من رؤيتها ورؤية كل شئ محبب اليه منذ زمنٍ طويل،  عاد الى شروده ليتذكر الأيام الجميلة حينما كان يركض بحصانه  الأسود على طول الشريط الأخضر بين الحقول الممتدة  على مرمى البصر ملك عائلة والدته، التي تمتلك معظم مساحة القرية المشهورة بين القرى المجاورة باسم العائلة ايضًا نظرًا لتاريخها العريق والممتد للأسرة المالكة، ابتسم بسخرية مريرة وهو يتذكر حاله سابقًا، حينما كان شابًا انيق الملبس وجميل الهيئة، يأمر فيطاع، يصله الشئ بمجرد أن يشير اليه بيده، ثم انقلاب كل هذا بغمضة عين ، بلعبة شيطانية دنيئة جعلته منبوذ من الجميع،  ثم الزج به في غياهب السجن وهو المظلوم وصاحب الحق ايضًا، ولكن من يعلم، وقد اصابه الخرس في الدفاع عن نفسه، من أجل الأ يجرح أعز أحبايه بإفشاء المستور!  تنهد بألم يمسح بكفيه على صفحة وجهه، يحاول ان يستفيق مما به، وهو يذكر نفسه انه استعاد ثأره اخيرًا، فهو الاَن لو انقضى عمره الاَن لن يندم على مافعله.
أجفل من شروده على صوت بكاءٍ مكتوم يصدر من جهة قريبة، قرب رأسه أكثر من النافذة لينظر في اتجاه الصوت، وجدها جالسة على صخرة حجرية ومستندة بجذعها على شجرة الجميز، تبكي بحرقة غافلة عن مراقبته لها، ظل يراقبها لعدة لحظات، لا يريد قطع خصوصيتها واختلائها بنفسها عن الجميع، ولكنه لم يتحمل كم الوجع البادى من بكائها، فتكلم :
- لدرجادي انتِ تعبانة؟
انتفضت مفزوعة في جلستها قبل أن تنتبه اليه واضعة يدها على صدرها من الخوف:
- بسم الله الرحمن الرحيم، مش تنحنح ياجدع انت ولا تعمل أي حركة تخليني اَخد بالي .
هز رأسه ببرود غير مبالي، فاأكملت هي :
- ثم انت بالظبط من اداك الحق عشان تفتح شباك الأوضة وتبص على الجنينة كدة وتخلعني كمان؟
تبسم ببرود قائلًا:
- محدش اداني الحق ولا انا نفسي حتى فتحت الشباك،  بس اخوكي محمد الله يكرمه هو اللي فتحه عشان اشم هوا منه ، بدل  الكتمة اللي كنت قاعد فيها ليل ونهار، وحكاية اني خضيتك، فانا متهيألي كدة انه في المصلحة، بعد مافوقتك من وصله البكاء اللي مرضياش تهدى بقالها ساعة دي.
مسحت بطرف كمها اثار الدموع العالقة على وجنتيها  تردف بخجل وهي تشيح بعيناها عنه:
- وانتٍ مالك؟ ابكي ولا اقطع نفسي من البكا حتى، دي حاحة متخصكاش. 
رد بخبث:
- اممم هي أي نعم متخصنيش، بس بصراحة خوفت عليكِ وانتِ مندجمة في وصلة البكا دي لاتتلبسي وتحصلك حاجة في الحتة الخلا دي وزي ما انتِ عارفة المنطقة هنا مقربة من الجبل يعني مش مضمونة
- في إيه ياجدع انت؟ هو انت عايز تخوفني من بيتنا بالعافية ؟ ولا فاكريني هاصدق كلامك الفاضي دا كمان!
قالت بإنكار، رغم الخوف الذي بدا على ملامح وجهها ونظراتها التي تشتت يمينًا ويسارًا، فأردف هو :
- والله انتِ حرة بس انا اسمع من زمان الحديت ده وعلى العموم لو مش مصدقة استمري مع نفسك وانا ياستي هاقفل الشباك خالص عشان مازعجكيش وجربي .
- لا وعلى أيه؟ انا أساسًا نفسي اتقفلت، سايبهالك وقايمة.
قالت بصوتٍ مهتز وهي تنهض عن صخرتها واقفة، فاستغل هو هفوتها ليشاكسها : 
- نفسك اتقفلت عن البكا! ليه هو أكل هههه؟
انطلقت ضحكاته المكتومة مع الحذر من ألم رأسه، فا أثار غيظها وهي تضرب على الأرض بأقدامها لتغادر من امامه وهي تغمغم متأففة من سماجته كما تصفه دائمًا، نظر هو في أثرها وتوقفت ضحكاته متسائلًا مع نفسه بحيرة:
- وبعدين بقى معاكي يايمنى؟ هاتوصليني معاكي لحد فين بس؟ هو انا ناقص وجع تاني، فوق الهموم اللي شايلها فوق ضهري ! 
...............................

في وقت لاحق وبعد أن الامته عظامه من الجلسة امام النافذة،  وازدادت اَلام رأسه من الوجع المتكرر بها، عزم للعودة ليريح جسده المتعب على التخت، تحامل بصعوبة لينهض بمفرده دون  طلب المساعدة من أحد، ولكنه بمجرد أن لمست اقدامه الأرض وخطا خطوتين فقط، سقط بثقله على الاريكة التي كادت ان تقع به لولا أن سند نفسه عليها، يتأوه بألم وهو يحاوط رأسه بكفيه، ليكبح صرخة من الوجع القاتل بها، ظل على وضعه لعدة لحظات حتى ارتفعت عيناه تلاقائيًا نحو الباب الذي دفع ليدلف منه سالم بعد طرقة واحدة على الباب،
- بسم الله الرحمن الرحيم، انت قاعد كدة كيف؟ وفاتح ليه الشباك على اَخره؟
قال سالم موجهًا كلماته بجزع نحو صالح الذي رد بارتباك:
- انا مافتحتش حاجة ياعم سالم لوحدي ، دا محمد هو اللي ساعدني اقوم من مكاني وفتحلي الشباك .
تمتم سالم ببعض السباب على ابنه وهو يتناول المقعد الخشب ليجلس أمام صالح وقد تغضنت ملامح وجهه بالغضب .
شعر صالح بقلق الرجل فهم ليريحه ببعض الكلمات :
- ماتقلقش مني ياعم سالم، انا عمري ما اعض الإيد اللي اتمدتلي، ولو على قطع راسي  
- تقصد ايه بالظبط، انا مش فاهم ؟
سأل سالم متصنعًا عدم الفهم فأردف صالح :
- ياعم سالم انا عارف انك خوفت وقلقت عشان محمد كشف البيت قدامي ، واكيد مخك جابلك اني ممكن في يوم اهجم واسرقك مدام عرفت حوش البهايم والمداخل والمخارج لبيتك، دا بصفتي ان هجام ولا حرامي حسب ما تتوقع .
تحمحم سالم بحرج وقد قرأ صالح افكاره فقال :
- اديك قولت بنفسك، حسب توقعاتي، ودا شئ طبيعي مدام انا معرفلكش اصل من فصل ولا اعرف انتِ مين ولا صفتك ايه؟ 

- أنا مش حرامي ولا هجام ياعم سالم، انا ابن ناس وعيلة امي اسمها مسمع في الصعيد كله، دا غير ان ابويا الله يرحمه كمان كان شهيد في الحرب.
قال صالح فضيق سالم عينيه ناظرًا اليه بتفكير قبل أن يسأله:
- ازاي يعني تكون ابن ناس ودا شكلك ودي حالتك؟
اطرق برأسه صامتًا لبعض الوقت قبل ان يرفع عيناه الى سالم قائلًا :
- انا شكلي المبهدل ده عشان يدوبك طالع من السجن بقالي اسبوعين !
هم ليرد سالم ولكن صالح أوقفه :
- مش عشان غلطت ولا عملت حاجة عفشة، لا ياعم سالم، انا اتحبست ظلم وبقضية ملفقة.
صمت سالم يستمع اليه بتركيز فاأكمل صالح :
-  قبل ما احكيلك عن اي شئ عايز اقولك على اسم عيلة امي، واسم ابويا الشهيد، عشان اديك فكرة عن أصلي من البداية،  قبل  مااقولك على سري بعد كدة .

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1