قصة جريمة سامة كاملة بقلم فهد حسن

قصة جريمة سامة كاملة بقلم فهد حسن 


الساعة ٢ الضهر استقبلت بلاغ من الظابط علاء، بيقولي إن فيه جريمة قتل حصلت في إمبابة في منطقة مدينة العمال.. قفلت معاه المكالمة واتحركت على طول لمسرح الجريمة.


بعد مدة بسيطة كنت وصلت مسرح الجريمة.. استقبلني الظابط علاء وقالي:

ـ حمد لله على السلامة يا صالح باشا.

ـ الله يسلمك يا علاء بيه، قولي بقى التفاصيل.

ـ جالنا بلاغ من عاملة في محل عبايات حريمي، قالت في البلاغ إن صاحبة الشغل اتأخرت في نزولها المحل، لما رنت عليها لقت تليفونها مقفول، ولما قلقت طلعت شقتها عشان تشوفها منزلتش ليه، فضلت تخبط محدش فتحلها، فلمت الجيران وكسروا باب الشقة، فلقوا الست ميتة في الصالة.. وكمان الشقة مسروقة.


سمعت كلام علاء، وطلعت معاه العمارة اللي حصلت فيها الجريمة، وقولتله:

ـ كمل يا علاء باقي التفاصيل.

ـ  المجني عليها اسمها سوسن متولي، ٥٥ سنة، أرملة، صاحبة محل عبايات زي ما بلغت سيادتك، ليها ابن واحد وأخت.

دخلنا شقة في الدور الأول، وجوه الشقة لقيت المجني عليها ميتة في وضع الجلوس على كرسي الصالون وقصادها كباية ماية. ودكتور حامد بيفحص الجثة، فقولتله:

ـ إزيك يا دكتور حامد.. إيه تصورك المبدئي؟

ـ صالح باشا مساء الفل، المجني عليها واضح إنها ماتت بحالة تسمم.. لكن في أثر خنق على رقبتها، وفيه جزء صغير من ضفر صباعها مكسور، وده دليل على المقاومة.

ـ وتوقيت الوفاة؟

ـ حوالي الساعة ٨ بليل.


نزلت اتحركت للمحل، وهناك كانوا العاملات كلهم موجودين.. كان باين عليهم كلهم القلق والخوف والتوتر.. قعدت وطلبت من واحد من الامنا يجيبلي شاي، ولما الشاي جه بدأت بأول واحدة من اللي شغالين في المحل وسألتها:

ـ اسمك وسنك.

ـ فاطمة وائل.. ٢٥ سنة.

ـ شغالة هنا بقالك قد إيه؟

ـ سنتين وكام شهر.

ـ آخر مرة شوفتي فيها المجني عليها كان امتى؟

ـ أول إمبارح الساعة ٦ المغرب، لأني استأذنت اليوم ده بدري عشان خطوبة بنت خالتي.

ـ لاحظتي أي حاجة غريبة مؤخرًا على المجني عليها؟

ـ حاجة غريبة زي إيه يا باشا؟

ـ اتخانقت مع حد مثلاً، عليها ديون مش عارفة تسددها، أو ليها فلوس بره مش عارفة تاخدها؟

ـ لا يا باشا خالص، هي دايما هادية وكانت مديانا حقوقنا وزيادة، دي الست سوسن كانت والله طيبة وكريمة معانا كلنا.. بس موضوع الشغل مع العملا بره والتجار مش معايا، فأنا معرفش تفاصيل غير البيع والشرا في المحل وبس.


بعدها سألت العاملة التانية:

ـ اسمك وسنك؟

ـ مديحة عبد الهادي.. ٣١ سنة.

شغالة هنا بقالك قد إيه؟

ـ ٤ سنين.

آخر مرة شوفتي فيها المجني عليها كان امتى؟

ـ أول إمبارح الساعة ٩ بليل قبل ما نقفل بساعة، لأنها حست بصداع فقالت إنها هتطلع ترتاح.

ـ لاحظتي أي حاجة غريبة مؤخرًا على المجني عليها؟

ـ هي جالها تليفون على الساعة ٨ ونص كده، وخرجت بره عشان تتكلم، ولاحظت عليها لما دخلت إنها متعصبة ومتضايقة، وقعدت حوالي ١٠ دقايق كده وبعدين قامت مشيت زي ما قولت لحضرتك.

ـ تعرفي كانت بتكلم مين؟ أو ده اتكرر آخر فترة، إنها تتكلم في التليفون وتتعصب، أو هي عصبية على طول؟

ـ هي أول إمبارح كانت برضو متعصبة كده، بس مامشيتش، هي متعودة تمشي معانا وقت ما بنقفل المحل الساعة ١٠ بليل عادي.

ـ عندك معلومة كانت بتكلم مين؟

ـ لا حضرتك.. بس هي طبعها هادي جداً، مايعصبهاش كده إلا حاجة كبيرة.


. بعد كده سألت العاملة التالتة:

ـ اسمك وسنك؟

ـ نجلاء محمد.. ٢٧ سنة

شغالة هنا بقالك قد إيه؟

ـ ٧ شهور حضرتك.

آخر مرة شوفتي فيها المجني عليها كان إمتى؟

ـ أول إمبارح بليل الساعة ٩ تقريبًا.

ـ لاحظتي عليها حاجة غريبة؟

ـ قالت إنها مصدعة وتعبانة وقامت مشيت روحت البيت. بعد ما دخلت من بره وكانت بتتكلم في التليفون.

ـ تعرفي كانت بتكلم مين؟ أو سمعتيها مثلاً؟

ـ أنا كنت بره بحاسب بتاع دليفري جايبلي حاجة وهي كانت بتتكلم بره، سمعتها متعصبة وبتقول: هو أنت مش ناوي تبطل اللي بتهببه ده.. هي دي بس الجملة اللي سمعتها، لأنها كانت بتتحرك وهي بتتكلم وبعدها بعدت عني شوية، وأنا ركزت مع بتاع الدليفري.


لاحظت إن كل العاملات تقريبًا كانوا بيقولوا نفس الكلام ، لكن في نفس الوقت كل واحدة عندها جملة واحدة مختلفة عن التانية، وفي الحالات دي الكلمة الواحدة ممكن تبقى مفتاح اللغز ومعرفة الحقيقة الكاملة.


سألت العاملة الرابعة:

اسمك وسنك؟

ـ مريم حسين.. ٢٣ سنة.

شغالة هنا بقالك قد إيه؟

ـ سنة وشهرين.

ـ لاحظتي عليها حاجة غريبة على المجني عليها مؤخرًا؟

ـ من يجي ٤ أيام كده يا باشا، أختها جاتلها هنا المحل، فخدتها وطلعوا بره ووقفوا قُرب المحل، وبعد يجي نص ساعة كده، مدام هالة مديرة المحل ندهتلي لأن أنا الوحيدة اللي كنت واقفة وممعيش زبونة، وادتني ظرف أبيض مقفول وقالتي اديه لمدام سوسن بره.. ولما طلعت بره اديهولها كان باين على  عنيها إنها معيطة.. وأنا اديتلها الظرف ومشيت على طول.


مكنش فاضل إلا هالة مديرة المحل، وأكيد هي عندها كل التفاصيل وأهمها.. وطلبت من العاملات واحدة منهم تجيبلها كوباية ماية عشان كانت منهارة من العياط، وبعد ما شربت بدأت أسئلها:

ـ اسمك وسنك.

ـ هالة رمضان.. ٤٢ سنة.

شغالة هنا من إمتى؟

٨ سنين.. من يوم ما المحل ده اتفتح.

ـ تعرفي إيه عن سوسن المجني عليها، بينها وبين حد مشاكل كبيرة، وايه حجم علاقتها بأختها وابنها، وليه عايشة لوحدها؟

ـ هي زوجها مات من ١٥ سنة. وسابلها ورث كبير كتبه باسمها هي وابنهم الوحيد.. وبعدها ب٥ سنين ابنها سابها ومبقاش عايش معاها.. ومن ٨ سنين تقريبًا هي فتحت المحل ده، وأنا كنت من أول الناس اللي اشتغلوا هنا وفضلت مكملة.

ـ وأختها؟

ـ أختها دي أسمها نجوى وبيقولولها أم عامر.. أكبر منها يجي بسنتين كده.. واللي أعرفه من مدام سوسن إن أختها دي دايما طمعانة فيها وبتاخد منها فلوس كتير، ولما مابترضاش تديها، بتيجي هنا أو البيت تتخانق معاها وتزعق وتعلي صوتها، فمدام سوسن بقت تخاف على سمعتها وشكلها في وسط الناس وتديها اللي بتطلبه عشان تخلص من قلة أدبها.. حتى ساعات كان بيبقى معاها بنتها ويتخانقوا معاها ويشتموها، بس ده في الأول، وبعد كده لما بقت تديها الفلوس مابقيتش تيجي إلا قليل أوي.

ـ وابنها، اسمه إيه وعنده كام سنة وبيشتغل إيه وقاعد فين؟

ـ ابنها ده اسمه كريم.. الي أعرفه إن عنده ٣٠ سنة، وشوفته ٣ مرات.. وكانت مدام سوسن قايلالي إنه مدمن، اتعرف على شلة فاسدة بوظوه، ولما أمه عرفت اتخانق معاها وسابلها البيت ومشي، وضيع كل فلوس ورثه من أبوه على المخدرات.. ولما فلوسه خلصت بدأ يظهر ويطلب منها فلوس، وطبعاً كانت بتديله.. بس من شهرين كده قررت ماتدلوش فلوس تاني، وأول إمبارح هي كانت بتكلمه في التليفون بره واضايقت، وده اللي خلاها تطلع بيتها.

ـ وايه حصل يوم الجريمة.. اكتشفتي الموضوع إزاي؟

ـ بعد يوم الإجازة أنا متعودة أفتح المحل وهي معايا، ولو حصل وده نادر واتأخرت في نزولها أي يوم الصبح، فمستحيل تتأخر أول يوم شغل في الأسبوع.. أنا كنت بكلمها وأنا في الطريق وتليفونها مقفول.. فتحنا الساعة ١٠ الصبح.. عدت ساعة، ساعتين، تلاتة، وبرضو تليفونها مقفول.. فقومت روحتلها البيت، فضلت أخبط محدش فتح، قلقت واتخضيت، فضلت ارزع على الباب فالجيران في العمارة خرجوا على الصوت، ولما قولتلهم اتجمعوا وكسروا باب الشقة ولقيتها..


هالة رجعت عيطت تاني.. فهديتها عشان تكمل، فقالت بعد دقيقة:

ـ بلغت بعدها على طول، الست سوسن كانت طيبة وكريمة وعمري ماشوفت منها أي حاجة وحشة خالص والله.. ولا كان بينها وبين حد أي مشاكل خالص، حتى مع ابنها وأختها كانت بتبعد عن المشاكل وتديهم الفلوس اللي بيطلبوها عشان يبعدوا عنها.

ـ هي متعودة تشيل فلوسها في البيت؟

ـ أيوا حضرتك.. كل فلوسها ودهبها بتشيلهم في البيت.


*******


بعد ما خلصت كلامي مع العاملات، رجعت تاني لمسرح الجريمة، كنت محتاج أراجع كل حاجة بنفسي قبل ما ننقل الجثة.

دخلت الشقة ووقفت دقيقة أبص على وضع الجثة وكل حاجة حواليا.. وسألت علاء:

ـ في أي كسور في الأبواب أو أي حاجة غريبة؟

ـ لا يا صالح باشا.. بس موبايل المجني عليها مش موجود.. فواضح إنه اتسرق.

ـ مفيش كاميرات طبعاً.

ـ لا يا فندم مفيش أي كاميرات على باب العمارة أو السلم.

طلبت من البحث الجنائي يرفعوا البصمات من مكان الشبهات، أوضة النوم، المطبخ، الصالة.

وبعد حوالي ساعة قضيتها وأنا قاعد بفكر، علاء قالي:

 ـ تمام يا صالح باشا، كده إحنا خلصنا المعاينة الأولية، والمعمل الجنائي رفع البصمات من كل مكان.

ـ, تمام.. انقلوا الجثة عشان الطب الشرعي يشوف شغله.. وشمع المكان بالشمع الأحمر وسيب عليها اتنين من رجالتك.


نزلت من فوق وأنا بقول لعلاء:

ـ اللي عمل كده واضح إنه كان عارف المجني عليها كويس.. ودخل البيت وخرج وهو متطمن.

ـ شاكك في حد معين يا باشا؟

ـ لسه بفكر وبربط الخيوط ببعضها.. كمل تحرياتك عن ابن المجني عليها وأختها وجوزها.


رجعت البيت بعد يوم طويل.. خلعت الجاكيت ورميت نفسي على الكنبة، وأنا حاسس إن دماغي هتنفجر من كتر التفكير. قعدت ساكت في الضلمة، مفيش غير صوت المروحة، وعيني سرحانة في السقف.

بعد حوالي أربع ساعات التليفون رن.. بصيت على الاسم وكان دكتور حامد اللي بتجمعني بيه علاقة كبيرة وقديمة فرديت بسرعة: 

ـ أيوه يا دكتور، خير؟

فقال بصوته الهادي اللي متعود عليه: 

ـ مساء الخير يا صالح، أنا حبيت أبلّغك بنتيجة تحليل الدم اللي عملناه للمجني عليها.

اتعدلّت في قعدتي:

 ـ ها؟ طلع إيه؟

ـ المجني عليها ماتت بحباية غلة يا باشا.

سكت لحظة، وقولتله: 

ـ يعني انتحار؟

رد بسرعة:

 ـ مستبعد تمامًا.. لأن في أثر خنق على رقبتها زي ما بلغتك، وكمان موضوع كسر ضفرها، غالبًا حصل بسبب مقاومة..

ـ يعني تقصد إن حد إدالها الحباية غصب عنها مثلاً، أو هي مكنتش تعرف إنها حباية غلة؟

ـ غالبًا يا صالح بيه، ودي حاجة هستنتجها بدقة لما أكمل الفحص.. أنا شغال دلوقتي على فحص المعدة والأنسجة الداخلية، ولو فيه أي حاجة تانية هتظهرلي كمان شوية مع الوقت.

ـ تمام يا دكتور، أول ما توصل لحاجة جديدة بلغني فورًا.


قفلت معاه المكالمة وقومت من على الكنبة، حسيت إن القضية بتقفل حواليها من كل ناحية، وإن اللي قتلها كان مرتب لكده وعارف هو بيعمل إيه كويس.. عملت حاجة آكلها بما إني عايش لوحدي الفترة دي وشربت الشاي ودخلت نمت.


وتاني يوم في النيابة وصلت مكتبي على الساعة 

١٠ الصبح، وكنت متحفز أبدأ الاستجواب. أول واحد طلبت استدعاؤه كان كريم ابن المجني عليها..

دخل عليا شاب في التلاتينات، شكله مرهق وهدومه مش مهندمة، وعينه فيها نظرات مش مريحة.

قولتله:

 ـ اسمك وسنك وشغلك؟

ـ كريم عبد التواب.. ٣٠ سنة.. مش شغال حاليًا.

ـ آخر مرة شوفت والدتك إمتى؟

ـ من أسبوع تقريبًا.. كنت عايز منها فلوس وهي رفضت.

ـ وكنت محتاج الفلوس ليه؟

ـ مصاريفي، أكل وشرب.. حضرتك عارف الدنيا ماشية إزاي.

ـ سوسن متولي كانت طيبة، وبتصرف عليك رغم إنك سايب البيت من زمان، مش كده؟

سكت لحظات وبعدها قال:

ـ آه.. بس مؤخرًا مابتدنيش أي حاجة ومقفلاها معايا، وكل شوية تقوللي شوفلك شغلانة تصرف بيها على نفسك، وأنا مش لاقي شغل.

ـ سمعت إنك كنت بتكلمها ليلة الجريمة في التليفون.

ـ آه كلمتها عشان أقولها إن معيش إيجار الشقة اللي ساكن فيها وإني محتاج أدفع الإيجار، فزعقت وقالتلي مش هدفعلك ولا مليم تاني.

ـ والمكالمة خلصت على كده؟

ـ أيوا، أنا قفلت في وشها وأنا متعصب.


فضلت أبصله وحسيت إنه متوتر، وساعتها فضل يبص في الأرض، ولاحظت إنه ولا فارقله، مكنش باين عليه أي حزن.. فسألته:

ـ كنت فين إمبارح بليل على الساعة ٨ كده؟

ـ كنت في البيت نايم.

حسيت إنه بيكدب.. بس رجعت قولتله:

ـ طيب تمام يا كريم، ممكن تمشي دلوقتي.


بعد ما خرج، طلبت استدعاء أخت المجني عليها نجوى (أم عامر)، وجوزها عبد الحميد سواق التاكسي.. أول ما دخلت قالت:

ـ إحنا مصدومين والله..

قاطعتها بحزم:

- متتكلميش من غير ما أقولك.

ـ حاضر يا باشا 

ـ اسمك وسنك.

ـ نجوى متولي.. ٥٨ سنة. 

ـ لاحظتي أي حاجة غريبة على أختك آخر أسبوع قبل موتها؟

ـ كنت حاسة إنها غريبة أيوا يا باشا.. وإنها مخبية عننا حاجات كتير.

ـ زي إيه؟

ـ معرفش.. بس كانت بتتهرب مننا وتقول مشغولة، ومرات ماتردش على التليفون، ودي مش عوايدها.

ـ بس أنتي روحتلها من حوالي ٤ أيام وهي وقفت معاكي بره، وبعدها اتدلك ظرف أبيض، وعرفت إنكم اتخانقتوا وهي كانت معيطة.

ـ أيوا أنا روحتلها عشان هي متعودة تديني مبلغ كده كل أسبوع واتأخرت عليا، فروحتلها.. بس متخانقناش يا باشا، هي كانت معيطة بسبب ضغوطات الشغل وعمايل كريم فيها.

ـ بس أنتي وبنتك كنتوا في أوقات تانية بتتخانقوا معاها.

ـ يا باشا مصارين البطن بتتعارك.. والاخوات برضو. بس في الأول والآخر بنفضل اخوات..


طلبت دخول عبد الحميد جوزها.. وكل ما أسأله عن حاجة يقولي:

ـ  معرفش، أصل هما أخوات، أنا مبدخلش مابينهم، أنا بنزل من ٦ الصبح أشتغل على التاكس وأرجع بعد العشا آكل لقمة وانام.


بعد كده طلبت ولاد أختها التلاتة، مريم ومحمد ومحمود.. وكلهم اتفقوا على حاجة واحدة: إن آخر فترة المجني عليها كانت متغيرة ومش بترد على حد.

بعد ما مشيوا كلهم، قعدت في مكتبي، شربت سيجارة وبصيت في الورق اللي قدامي.


كريم هو أكتر واحد مش مريحني.. هو أكتر واحد عنده دافع، وكان موجود في المكالمة الأخيرة، وبيكذب في حاجات بسيطة.

أختها كانت طماعة، بس مكنتش آخر حد اتخانقت مع المجني عليها.

كريم كان عنده سبب إنه محتاج فلوس وإنه مدمن زي ما هالة قالت.. حتى بأقواله إنه محتاج فلوس وهي رفضت.


******


رجعت للمحل تاني بعد ما خلصت استجواب كريم وأخت المجني عليها وعيلتها، وكان كل حاجة جوايا بتقولي إن فيه حاجة مش مظبوطة، وإن هالة تحديدًا ممكن تكون عندها مفتاح حل لغز القضية.

دخلت المحل وكانت هالة موجودة، قاعدة على المكتب بتقلب في دفاتر قديمة ووشها باين عليه الحزن.

قربت منها وقولتلها بنبرة هادية: 

ـ إزيك يا هالة؟

رفعت وشها بسرعة وقالت: 

ـ الحمد لله يا باشا.. الحمد لله، بس تعبانة نفسيًا أوي ومش مصدقة اللي حصل.


قعدت على الكرسي قدامها وقولتلها:

ـ  أنا عايزك تركزي معايا النهاردة في كل سؤال هسأله، وهنتكلم بتفصيل أكتر من المرة اللي فاتت. إحنا بندور على الحقيقة، وكل معلومة عندك ممكن تفرق.

هالة هزت راسها بالإيجاب وقالت:

ـ تحت أمرك يا باشا.

ـ كريم كلمك؟

ـ أيوا يا فندم إمبارح بليل.. وقالي إنه هيباشر الشغل بعد كده، وإني أفتح المحل عادي جداً واشتغل.

ـ طيب أنا عايزك تشرحيلي بالتفصيل، من غير ما تنسي حاجة، معاملات مدام سوسن آخر أسبوع. أي فلوس دخلت، خرجت، اتكلمت مع مين، راحت فين، قابلت مين.

هالة خدت نفس طويل وقالت: 

ـ حاضر يا باشا.. يوم السبت اللي فات، أول يوم شغل في الأسبوع، وصلتنا طلبية من تاجر اسمه رمضان البدري بقيمة ٧٠ ألف جنيه اتدفعت كاش.. الطلبية مكنتش عبايات كانت قماش جديدة، مدام سوسن قالتلي إنها طالباه منه مخصوص، بعد ما شافت تصميمات على النت فقررت تنفذها.

– الإنترنت؟ كانت بتتصفح إيه؟ فيسبوك؟ إنستجرام؟ مواقع متخصصة ولا حد كلمها وعرض عليها تصميمات، وهل هي كانت متعودة تتعامل مع مصممين عبايات وملابس قبل كده؟

ـ أيوا عادي بس على فترات كبيرة.. وكانت بتستخدم كل حاجة عشان تسوق الشغل، وكانت ساعات بتوريني التصميمات وتاخد رأيي.. ومن أسبوع كده وريتني تصميمات جديدة قالت إنها من بنت مصممة عبايات اسمها نوران.

ـ كملي.

ـ  كانت بتكلمها على الواتساب، لأن مدام سوسن ورتني الصور على الواتساب وأنا قاعدة جمبها.. وكمان مدام سوسن كانت مبسوطة بيها، وقالتلي: البنت دي أفكارها جديدة.. لو عرفنا نشتغل معاها هنبقى سبقنا السوق.

ـ وهل قابلتها شخصيًا؟

ـ أيوا من ٦ أيام بالظبط، البنت دي جات المحل هنا، قعدت مع مدام سوسن جوه في المكتب حوالي نص ساعة.

ـ سمعتي كلامهم؟

ـ  لا، كانوا قافلين الباب، بس لما خرجت كانت مدام سوسن مبتسمة ومبسوطة وقالتلي: اتفقت مع البنت على تصميم حصري لينا وهنطبع منه كمية وننزله في آخر رمضان على العيد.

ـ يعني كان فيه شغل جاي مهم؟

ـ جدًا.. وكانت متحمسة، وطلبت مني أجهز كشف بأسماء التجار اللي ممكن نوردلهم التصميم الجديد.

ـ وده حصل؟

ـ أيوه، عملت الكشف وسلمته ليها بعد يومين، وقالتلي إنها هتراجع عليه وتكلمهم بنفسها.

ـ  والمكالمة اللي حصلت يوم الحادثة.. لما كانت بره متعصبة، تعرفي كانت بتكلم مين؟

ـ في اليوم اللي مشيت فيه قبل ما تقفلوا المحل، كان معاها شنطة أو فلوس؟

– لا.. بس أنا بعد ما قفلت طلعتلها البيت، واديتلها إيراد الأسبوع كالعادة.

ـ كام تقريبًا؟

ـ ٤٥٠ ألف جنيه.

ـ وطبعًا هي بتسيب الفلوس في البيت؟

ـ أيوا يا فندم

ـ طب احكيلي أكتر عن علاقتها بالتجار.

ـ فيه تاجر اسمه مجدي شيحة، كانت دايمًا بتاخد منه خامات غالية. وفيه طارق صادق بتاع الطباعة.. وده كان بيطبع لها تصميمات خاصة.

وآخر أسبوع حصلت مشكلة صغيرة، لأن طارق اتأخر في تسليم طبعة خاصة كانت طالبة منها ٥٠ قطعة. مدام سوسن كانت متضايقة، وقالتلي: الراجل ده مش أول مرة يأخرنا، أنا مش هتعامل معاه تاني.

ـ طب هو عليه فلوس ليها؟

ـ لا، هو اللي كان ليه نص الفلوس.

ـ  في تعاملات تانية؟

ـ أيوه، فيه اتنين تجار جداد من بورسعيد، كانوا عايزين ياخدوا كميات من العبايات الجديدة.. وعملنا معاهم اجتماع فيديو أونلاين، وكانوا مبسوطين جدًا من الشغل.

ـ مدام سوسن اتفقت معاهم على حاجة؟

ـ  قالتلي إنها هتستنى تشوف التصميم الجديد اللي البنت نوران هتقدمه، ولو طلع بالمستوى اللي شافته، هتبدأ تاخد منهم عرابين شغل.

ـ كويس.. طيب شوفيلي أي حاجة عندك بخصوص روان، رقمها، حسابها على إنستجرام أو فيسبوك أو أي حاجة.


هالة فتحت الموبايل وجابتلي الرسايل بتاعت صفحة المحل نفسها على فيسبوك وقالت:

ـ هو ده يا باشا.. اسمها نوران ديزاين.. ورقم الواتساب أهو في الرسايل هي كانت بعتاه لمدام سوسن.. أنا أدمن في كل السوشيال بس مش مهتمة بيه، مدام سوسن اللي كانت مسؤولة عن كل ده.


أخدت الرقم وسجلته ورجعت سألت هالة:

ـ سوسن كانت خايفة من حد؟ قالتلك مرة إنها حاسة بخطر مثلاً؟


هالة سكتت لحظة وبعدين قالت:

ـ لا خالص يا فندم.

قومت وقفت وقولتلها:

ـ  تمام يا هالة، شكراً على صراحتك، ولو افتكرتي أي حاجة تانية مهما كانت بسيطة، كلميني فورًا.

ـ حاضر يا باشا.. بس أرجوكوا تجيبوا حقها، مدام سوسن كانت ست طيبة أوي والله، وتعبت كتير عشان شغلها ومتستاهلش تموت كده.. حسبي الله ونعم الوكيل في اللي عمل كده.


خرجت من المحل اللي كان مليان زباين وأنا معايا خيط جديد في القضية.. وواضح إن نوران دي عندها حاجة مهمة هتفيدنا جداً في حل اللغز.

وفورًا اتواصلت مع مباحث الاتصالات والانترنت، وطلبت منهم تتبع الرقم وحساب الفيسبوك اللي صورته بتليفوني من شاشة تليفون هالة..


****


بعد مرور كام ساعة وكنت في المكتب وطلبت أكل ومستني أي تطورات جديدة في قضية مدام سوسن، جاني تليفون من مباحث الاتصالات، وقالوا إن الرقم ده باسم واحد اسمه راشد عمران، وإنه ماتعملش منه مكالمات من حوالي سنة.. وراشد عمران ده عنوانه في أسيوط..

قفلت معاهم، وبمجرد ما قفلت جالي اتصال من مباحث الإنترنت، وقالوا إن الأكونت ده متقفلش لسه، وإنه كان بيتفتح من مناطق مختلفة، بس كلها في محيط أرض اللواء وبولاق الدكرور. فطلبت منهم يكلموا الصفحات اللي الأكونت ده مشترك فيها ليها علاقة بالملابس وخصوصًا العبايات.. هل الأكونت ده بعتلهم رسايل بتصميمات عشان شغل ولا لا..


قفلت المكالمة وحسيت إن القصة بدأت تتشابك أكتر، فقررت إني أركز على نوران دي، اللي أكيد طبعاً ماسمهاش نوران.. أكيد ليها علاقة مباشرة بالحادثة.


تاني يوم العصر جاني الخبر اليقين.. عنوان بيت في أرض اللواء.. كان الأكونت ده سجل دخول منه.. بالاضافة إن جاني تقرير مكتوب فيه أن

تم التواصل مع عدد من الصفحات اللي أكونت نوران اتكلمت معاهم.. وقالوا إن التصميمات اللي اتبعتتلهم مسروقة، وأنهم اتنصب عليهم ومعرفوش يوصلوا للبنت اللي نصبت عليهم.. فبسرعة اتحركت للعنوان اللي في أرض اللواء.. ووأنا في الطريق كلمت ظابط المباحث المسؤول هناك وطلبت منه تحري سريع عن العنوان ده، واللي كان قريب جداً من القسم.. ولما وصلت كان بيكلمني وقالي إن في واحدة في الدور التالت اسمها سلمى محمد.. وكانت متحرر ضدها كذا محضر نصب بس مكنش في دليل ضدها.. طلعت بسرعة الدور التالت اللي على شقة واحدة ولما خبطت فتحتلي بنت سنها مايعديش ٢٥ سنة، ولما شافتني لاحظت إنها اتخضت، بس مش خضة حد شاف نيابة، خضة حد عامل عاملة.. دخلت من غير مقدمات وقعدت على كنبة في صالة صغيرة وسألتها:

ـ اسمك نوران ولا سلمى؟

ـ اسمي سلمى حضرتك.

ـ أومال مين روان اللي عاملة صفحتك باسمها دي؟

ـ دي بنتي اللي ماتت من ٤ سنين. أنا كنت متجوزة واتطلقت. وبنتي ماتت بعد ولادتها ب٤ شهور.

ـ  إيه علاقتك بالضحية سوسن متولي.

ـ علاقتي بسوسن علاقة شغل عادية. أنا كنت متفقة معاها إني هنفذلها تصميمات لشغل العبايات اللي هي بتبيعها.

ـ وايه بتستعملي رقم مش بتاعك على الواتساب؟

ـ ده كان رقمي بس الشركة خدته لأني مش بشحنه، والواتساب عليه عادي.

ـ بس أنتي متحرر ضدك محاضر نصب.

ـ عادي يا فندم، كل شغل وفيه مشاكله.. وأنا معنديش حاجة أخاف منها، ثم إن المحاضر دي القضايا أنا أخدت فيهم براءة.


حسيت إن إجابات سلمى مش مقنعة رغم إنها في ظاهرها مقنعة وطبيعية، فقررت ابينلها إني مقدرتش أوصل معاها لأي نتيجة وإني اطمنها.. فقومت عشان أمشي وقولتلها:

ـ طيب يا سلمى.. بس هحتاجك تاني لو حد جديد.. لأن مدام سوسن اتقتلت يوم الجمعة بليل..

ـ يالهوي، اتقتلت؟ أنا بحسب موضوع سرقة ولا حاجة.


مردتش عليها وسيبتها ونزلت، واتصلت بظابط المباحث عشان يحط عينه عليها وعلى تحركاتها.  ورجعت البيت خدت دش وعملت أكل عشان أكل.. ووأنا قاعد باكل جاني تليفون من رقم غريب.. لما رديت لقيتها هالة وقالت:

ـ السلام عليكم يا صالح باشا.. أنا هالة.. أنا آسفة لو بتصل بحضرتك، بس افتكرت حاجة مهمة قولت لازم اقولها لحضرتك.

ـ قولي يا هالة أنا سامعك.

ـ يوم الإجازة على الساعة ٦ ونص كده كنت بكلم مدام سوسن في التليفون.. ولما كنت بكلمها قالتلي اصبري هرد على نوران لأنها على الوايت.. وبعد دقيقتين رجعتلي تاني وقالتلي طيب هكلمك تاني يا هالة لأن روان جتلي توريني تصميم مهم.. هخلص واكلمك.

قومت من مكاني من الخبر المهم ده وقولتلها:

ـ هايل جداً يا هالة.. بقى دي معلومة تتنسي برضو؟

ـ والله بس الموقف يربك، وأول ما افتكرت قولت أبلغ سيادتك على طول..

  - شكراً يا هالة.. لو احتاجتك هبعتلك.


كده يبقى مش فاضل إلا حاجة واحدة بس، لو تقرير الطب الشرعي بس يديني دليل بسيط أخير، القضية هتخلص في لحظة..


اليوم عدى.. وتاني يوم لما روحت مكتبي كان تقرير الطب الشرعي على مكتبي، ومفادة بيقول إن تم إيجاد جزء بسيط من جلد شخص تحت ضفر الضحية..

فأمرت فوراً بتحليل الحمض النووي لكافة المشتبه فيهم، كريم ابن المجني عليه وأختها وجوزها وولادها، والعاملات ال٥، وروان اللي طلعت سلمى..


اتصلت بدكتور حامد وقولتله:

ـ حلوة أوي النتيجة دي.. ده تأكيد إن سوسن كانت بتقاوم.. وإن الموضوع كله مكنش انتحار أبدًا.

ـ طبعاً، ده دليل قوي على أن الضحية كانت بتحاول تقاوم القاتل.

ـ أنا طلبتةفحص الحمض النووي للجميع. ده هيساعدنا نعرف مين بالضبط اللي قتل المجني عليها.


قفلت معاه المكالمة.. واستنيت كام يوم لحد ما نتيحة الحمض النووي تظهر.. ولما النتيجة وصلتني كان معاها المفاجأة.. تم تطابق الحمض النووي مع نوران أو سلمى، وده اثبات مباشر إنها الجاني.. وبناء عليه أمرت بالقبض عليها واستجوابها وتوجيه التهمة ليها..

ولما جت وقعدت قدامي قولتلها:

ـ أنتي متهمة في جريمة قتل سوسن متولي. عندك فرصة تشرحي لنا موقفك.. احكيلي عن علاقتك بسوسن. وليه وصلت للقتل؟

ـ أنا مقتلتهاش ومعرفش حاجة عن اللي حضرتك بتقوله ده.

ـ الحمض النووي لعينة الجلد تحت ضفر الضحية تطابقت مع عين الحمض النووي بتاعتك..

ـ ما يمكن التحليل غلط عادي.

ـ يوم الجريمة اتصلتي بمدام سوسن.

ـ محصلش.

ـ بس في شاهد إنك كلمتيها وروحتلها قبل الجريمة بساعة ونص.

ـ بقول لحضرتك لا.

ـ الانكار مش هيفيدك يا سلمى، القضية لبساكي خلاص.


فضلت اضغط على سلمى أو نوران، لحد ما بدأت تعترف تدريجيًا.. وقالت:

ـ أنا كنت مراقبة مدام سوسن لفترة طويلة جدًا. وكنت بروح عند المحل اراقب من بعيد.. وكنت ببعت حد يسأل عنها.. وعرفت إنها عايشة لوحدها.. وإن فيه مشاكل مع ابنها وإنه مدمن.. وهنا بدأت أظهر في الصورة وابعتلها التصميمات.. اللي مش بتاعتي.. التصميمات عجبتها وقابلتها واستدرجتها في الكلام.. وعرفت منها إنها مش بتورد فلوسها البنك.. وفي اللحظة دي أنا كنت خلاص قررت هعمل إيه.. وفي يوم الإجازة قررت أروح عندها البيت وأنا عارفة إنها لوحدها ومفيش بواب ولا كاميرات.. اتصلت بيها وقولتلها أنا تحت المحل وجيتلك افرجك تصميم مهم لازم يتنفذ بسرعة، وهي كانت مهتمة جداً بالشغل ومبهورة بيه، فقالت إنها إجازة وقالتلي على البيت فطلغتها.. وده اللي أنا خططتله بالحرف.. دخلت وقعدنا وحسيت إنها معيطة.. لما سألتها قالتلي متخانقة مع ابني وإنها مصدعة.. وأنا كنت عارفة وعاملة حسابي كويس.. والقدر كمان وقف في صفي.. بعد ربع ساعة وريتها التصميم، ضغطت عليها تديني عربون.. فقامت دخلت اوصتها ورجعت معاها ١٥ ألف جنيه ادتهوملي.. فاتأكدت إن الفلوس في البيت.. وهنا سألتها إن كانت لسه مصدعة.  فقالت أيوا.. خرجتلها من شنطتي حباية غلة وادتهالها على إنها مسكن، فقامت جابت كوباية ماية وشربتها وقعدت قصادي على الكنبة.. وبعد ربع ساعة بدأت تحس بهبوط ودوخة وبؤقها يغرغر.. حست إني ادتها حاجةؤ مسكت تليفونها وكانت هتكلم حد، لكن أنا كنت أسرع وخدته منها وفضلت اخنقها فماتت.. وأنا كنت لابسة جوانتي وعاملة حسابي كويس.. وقومت فتحت الدولاب لقيت الفلوس ودهب فأخدتهم، ومسحت كل حاجة ممكن أكون سيبت عليها أي أثر بأي طريقة واخدت تليفونها قفلته ومشيت..

ـ مين ساعدك في الجريمة؟

ـ مفيش حد.. أنا عملت كده لوحدي..


بعد اعتراف سلمى مكنش في أي حاجة تتعمل إلا الإجراء الأخير عشان العدالة تتحقق وتاخد جزاها.. وهنا كمان دوري انتهى باكتشاف الجاني.. ولما خدوها من قدامي اتنفست بالانتصار إن القضية اتحلت..


تمت..


انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم



لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1