قصة جريمة المكتبة كاملة بقلم فهد حسن و شادي اسماعيل

 



قصة جريمة المكتبة كاملة بقلم فهد حسن و شادي اسماعيل

يوم الاتنين الساعة ٩ وربع الصبح.. كنت قاعد في مكتبي لما جالي تليفون من محمود.. رديت عليه ولقيته بيقولي...

ـ هيثم باشا صباح الفل.. في جريمة قتل حصلت في مكتبة من المكتبات.

- ابعتلي العنوان.

خدت العنوان وقفلت المكالمة.. بعدها نزلت من المكتب في طريقي للمكان.. وصلت هناك بعد ساعة.. دخلت المكتبة ووقتها قابلت محمود.. سلمت عليه وبعدين سألته...

- عندنا ايه النهاردة؟.

- الجريمة حصلت في الدور الأرضي.. جنب الحمامات.. الضحية ناقد معروف.

- تمام خلينا ننزل نشوف مسرح الجريمة.

نزلت البدروم أو الدور الأرضي.. كان الطب الشرعي وافراد المعمل الجنائي بيفحصوا مسرح الجريمة.. بصيت بعيني في المكان.. ولاحظت إن في حمامات تحت.. فسألت صاحب المكتبة اللي كان واقف على جنب...

ـ هو مافيش حمامات فوق؟.

ـ لا يا فندم الحمامات هنا.

هزيت دماغي وبصيت على الجثة.. الضحية كان قاعد على كرسي خشب في مخزن المكتبة.. عينيه مفتوحة ومبرقة وفيه جرح في رقبته لأنه ادبح.. من بطاقتة عرفت إن اسمه كمال عبد الستار.. بصيت لمحمود وسألته...

- عرفت حاجة عنه؟.

- اه يافندم.. ده كاتب ومثقف معروف.. عمره ٥٨ سنة.. وعنده عمود أسبوعي في جريدة من الجرايد.. وفي آخر كتاب له كان بينتقد تيار فكري بيطالب بتحرير النصوص الأدبية من السلطة الأخلاقية.. وكان معمول عليه دوشة.

أول حاجة شدتني هي ورقة في إيده التانية متطبقة على أربعة.. لما فتحتها كان مكتوب فيها بحبر أزرق "وإذا كانت الكلمة تقتل.. فكيف يُلام السكينَ؟" وتحتها توقيع صغير أوي ورمزي شبه الحروف اليونانية القديمة اسمه لامدا..λ .

******

خمنت الحرف كده لأني مهتم بالتاريخ واللغات والقراءة فيها.. رفعت عيني وسألت دكتور الطب الشرعي...

ـ إيه انطباعك المبدئي يا دكتور؟.

ـ واضح إن القاتل قوي جسديًا.. وغالبًا استدرج الضحية لهنا ونفذ الجريمة بحرفية عالية.

بصيت للجثة وبعدين قولتله...

- أو ممكن يكون الضحية كان رايح الحمام.. والقاتل نزل وراه وبعدها سحبه لحد هنا وخلص عليه.. السؤال بقى.. لو ده حصل.. ليه الضحية مقاومش؟.

- هيبان يافندم لما اخلص فحص الجثة.

ـ تقدر تحدد توقيت الوفاة؟.

ـ من 8لـ ١٠ بالليل يافندم.

- تمام.. شكرًا يا دكتور.. كمل شغلك.

سيبته وخرجت برة ومعايا صاحب المكتبة.. مشيت لحد ما وصلت لاخر الطرقة بعيد عن مسرح الجريمة.. وبعدها وقفت وسألته...

ـ اسمك وسنك؟.

ـ أحمد عبد الله.. ٦٠ سنة.

ـ تعرف المجني عليه؟.. ولا أول مرة تشوفه؟.

ـ لا عارفه طبعاً يا فندم.. ده مفكر معروف جدًا.

ـ اكتشفت الجريمة إزاي؟.

ـ أنا من زمان متعود.. اجي أفتح المكتبة بنفي.. وكان معايا طبعاً البنت اللي بتشتغل الصبح.. بس أنا بحب أكون موجود.. المهم فتحنا وبدأت هي ترتب المكتبة فوق.. وانا احتاجت كان كتاب من المخزن.. فنزلت عشان اجيبهم ووقتها لقيت الجثة.. طبعًا اتصدمت من المنظر.. لكن حاولت اهدى وطلعت فوق اتصلت بالشرطة على طول.

ـ الجريمة حصلت إمبارح بالليل.. إزاي ما اكتشفتش ده غير النهاردة الصبح؟.

ـ إحنا كل ليلة تقريبًا عندنا ندوة أو حفل توقيع.. وإمبارح كانت الدنيا زحمة جداً.. لأن كان في عيد ميلاد وندوة لكاتبة مشهورة جدًا.. وبعد ما خلصنا يا دوب الشباب روقوا فوق ومشينا ومانزلناش تحت.. لأن فوق في برضه مكان صغير لتخزين الكتب.. فقولتلهم يسيبوا الكتب اللي كانت موجودة فيه.. وبكرة يبقوا كملوا.

ـ قفلتوا الساعة كام؟.

ـ الساعة واحدة يا فندم.

- انت اللي قفلت؟.. ولا الشباب اللي شغالين معاك؟.

- لا أنا اللي قفلت وكان معايا الـ٣ شباب اللي بيشتغلوا بالليل.

ـ تمام.. عندك كاميرات هنا في المكان كله؟.

ـ اه طبعًا يافندم.. الكاميرات موجودة وكل حاجة متسجلة.

- محتاج اراجعها.

- تحت أمرك يافندم.

طلعنا فوق وقعدنا في الأوضة اللي فيها الشاشة وجهاز التسجيل الخاص بالكاميرات.. ووقتها طلبت من صاحب المكتبة يوريني التسجيلات وتحديداً من الساعة 8 لحد الساعة 10 بالليل.. الوقت اللي قالي عليه دكتور الطب الشرعي.. وفضل يجري لحد ما لاحظت حاجة مهمة جدًا.. الكاميرات فجأة وقفت على صورة ثابتة لحوالي نص ساعة.. من 10 إلا ربع.. لحد 10 وربع.. وبعدين رجعت اشتغلت تاني.. الغريبة إنه قبل ما الكاميرات توقف.. ماكنش فيه حد نزل تحت نهائي غير شخص واحد بس.. الضحية.. كمال عبد الستار هو الوحيد اللي نزل البدروم.. وبعدها بدقيقة الكاميرات ثبتت على نفس المشهد.. وده معناه إن القاتل كان مستنيه ينزل تحت.. وأول ما شافه نازل عطل الكاميرات.. بصيت لمحمود وقولتله...

ـ واضح إننا بنتعامل مع قاتل محترف.. عارف هو بيعمل إيه كويس.. هكر الكاميرا.. ووقفها وقت الجريمة.

- واضح كدة يافندم.

- عايزك تفرغلي كاميرات المحلات اللي حوالين المكتبة.. وتشوف مين من الموجودين هنا خرج بعد الجريمة مباشرة.. كثف تحرياتك ووافيني بالتقارير بسرعة.

- أوامرك يافندم.

بعدها بصيت لصاحب المكتبة وسألته...

- فين البنت اللي كانت معاك وانت بتفتح؟.

- موجودة يافندم.. هي قاعدة برة.

خرجت من الأوضة لقيتها قاعدة على مكتب في الوش.. قربت منها وقعدت قدام المكتب.. كان واضح إنها مخضوضة جدًا.. بصيت لها لثواني وبعدين قولتلها...

ـ اسمك ايه؟.

ـ فريدة.

- خايفة كدة ليه يا فريدة؟.. انتِ لكِ علاقة بالجريمة دي؟.

اتنفضت من مكانها وقالت بتلقائية...

- لا والله.. انا ماعرفش حاجة عن اللي حصل.

- طب اهدي اهدي.. وطالما ماتعرفيش حاجة مخضوضة ليه؟!.. اهدي وماتخافيش.

رجعت بضهرها في الكرسي وهي بتبصلي.. وساعتها سألتها...

ـ تعرفي إيه عن كمال عبد الستار؟.

ـ ماعرفش عنه حاجة غير إنه كاتب.. وعمري ماشوفته حضرتك.. أنا بشتغل هنا من شهر واحد بس.. وأعرف إنه كاتب لأن كتبه موجودة هنا في المكتبة وبتتباع كويس.

- تمام.. انتِ كنتِ موجودة امبارح في الحفلة أو الندوة دي؟.

- لا خالص يافندم.. انا خلصت شغلي ومشيت في ميعادي على الساعة أربعة.

- شكرًا يا فريدة.

سيبتها وقومت.. رجعت البدروم تاني.. كان الطب الشرعي خلص الفحص المبدأي للجثة.. فأمرت بنقلها للمشرحة عشان يتم تشريحها.. بعدها وأول ما رجالة المعمل الجنائي خلصوا شغلهم.. أمرت بتشميع المكتبة بالشمع الأحمر.. وطلبت استدعاء الشباب التلاتة اللي شغالين في المكتبة عشان أخد أقوالهم.. وخدت قايمة باسماء كل اللي كانوا موجودين في الحفلة والندوة.. زائد تسجيل الكاميرات.. بعدها رجعت المكتب تاني.. عدا وقت وانا قاعد براجع التسجيلات وبركز مع تحركات كل الموجودين في الدقايق الأخيرة قبل نزول كمال للبدروم.. وتحركاتهم بعد الجريمة.. تقريبًا كلهم كانوا طبيعين جدًا.. ماحدش فيهم كان بيتصرف بشكل مريب أو ظهرت عليه حاجة ملفتة للنظر.. فوقت على صوت الباب بيخبط.. والعسكري بلغني إن الـ3 شباب موجودين برة.. طلبت منه يدخلهم واحد واحد.. وبعد ثواني دخل أول واحد فيهم.. قولتله يقعد وبعدين سألته...

ـ اسمك وسنك؟.

ـ كريم مصطفى.. ٢٨ سنة.

ـ شغال في المكتبة بقالك قد إيه؟.

ـ داخل على سنتين يا فندم.

ـ كنت موجود في المكتبة إمبارح بالليل؟.

ـ اه كنت موجود.

ـ احكيلي بالظبط اللي حصل من أول ما دخلتوا لحد ما مشيتوا.

ـ دخلنا حوالي الساعة ٤.. وبدأنا نجهز للندوة اللي كانت على الساعة ٨... في ناس بدأت تيجي من ٧ ونص.. الدنيا كانت زحمة جداً.. وماكنتش ندوة وبس ده كمان حفلة عيد ميلاد لنفس الكاتبة.. والقاعة كانت مليانة على اخرها.

ـ مالاحظتش على حد من الحضور حاجة غريبة.. تصرفات مش طبيعية.. حد أختفى فجأة وبعدين ظهر تاني؟.

ـ لا يا فندم خالص.. كل حاجة كانت تمام جدًا وطبيعية.

ـ قفلتوا الساعة كام؟.

ـ تقريبًا واحدة وربع.. لأن بعد ما الناس مشيت روقنا فوق وروّحنا على طول.

ـ نزلتوا المخزن؟.

ـ لا.. ماكنش في سبب إننا ننزل تحت.

- تمام.. تقدر تمشي.

خرج وبعدها العسكري دخل الشاب التاني.. قعد قدامي وسألته...

ـ اسمك وسنك؟.

ـ يوسف مهران.. ٢٣ سنة.

ـ شغال من إمتى في المكتبة؟.

ـ من حوالي ٨ شهور.

ـ كنت موجود هناك إمبارح بالليل؟.

ـ أيوة يا فندم. 

ـ شوفت المجني عليه؟.

ـ لا يا فندم.. أنا مش بركز في شكل حد.. أعرف الأسماء لكن الأشكال لا.

ـ احكيلي الليلة مشيت إزاي؟.

ـ كانت زحمة.. حفلة وندوة في نفس الوقت.. قعدنا ننظم الناس ونبيع كتب ونشيل كراسي.. الدنيا آه كانت زحمة بس ماكنش فيه مشاكل.

ـ نزلت المخزن إمبارح طول الحفلة أو بعدها؟.

ـ لا.. إحنا كنا محضرين كل حاجة من أول ما استلمنا الشيفت.

ـ لاحظت حاجة غريبة على أي حد؟.

ـ آه.. يمكن حاجة بسيطة.

ـ زي إيه؟.

ـ لمحت واحد زي ما يكون كان طالع من ناحية المخزن.. وكان لابس جاكيت طويل لونه غامق.

ـ وايه الغريب في كده.. ما تحت الحمامات ووارد ناس تنزل وناس تطلع؟.

ـ مشيته كده ماكنتش مُريحة بالنسبالي.

ـ مشيته؟.

ـ أيوة يا فندم.

ـ وشوفته الساعة كام تقريبًا؟.

ـ 10 إلا ربع أو ١٠ كده.

ـ قولت لحد من زمايلك؟.

ـ لا يا فندم.

ـ طب ليه ماتأكدتش؟.

ـ كان فيه ناس كتير حوالينا ودوشة.. فـ اتلهيت في الشغل ومع طلبات الناس.

- تمام تقدر تمشي.

خرج وطلبت الشاب اللي بعده يدخل.. وأول ما قعد قدامي سألته...

ـ اسمك وسنك؟.

ـ أحمد سمير.. ٣٠ سنة.

ـ شغال في المكتبة بقالك قد ايه؟.

ـ أكتر من ٣ سنين.

ـ كنت متواجد في المكتبة بالليل؟.

ـ أيوه يا فندم.. إحنا التلاتة كنا شغالين عادي.

ـ وطول الوقت كنت فوق؟.. مانزلتش تحت خالص؟.

ـ تقريبًا.. بس نزلت دقيقتين قبل ما نقفل.

ـ نزلت فين؟.

ـ الحمام.

ـ شوفت الجثة؟.

ـ لا يا فندم.. لأن بين المكان اللي بنخزن فيه وبين الحمام فاصل.. فأنا دخلت الحمام وطلعت على طول.

ـ يوسف قال إنه شاف حد نازل المخزن الساعة 10 إلا ربع أو ١٠ تقريبًا.. إنت كنت فين وقتها؟.

ـ غالبًا كنت واقف على الكاشير.

ـ مين شافك؟.

ـ كريم.. كان جنبي.

ـ حد غيرك نزل تحت؟.

ـ مننا لا يا فندم.. بس أكيد من الحضور في ناس كتير نزلت وطلعت عادي.

سكت لحظة وبعدين سألته...

ـ تعرف المجني عليه؟

ـ شخصيًا لا.. لكن قريتله كذا مرة.. بس عمري ما شوفته.

شكرته وطلبت منه يمشي لحين إشعار آخر.. وطابقت أقوالهم مع بعض ولقيتها مافيهاش أي حاجة مفيدة على الأقل دلوقتي.. حتى الشخص اللي قال عليه يوسف.. لما راجعت تسجيلات الكاميرات لقيت إنه نزل وطلع بسرعة وفعلًا كان في الحمام.. واصلًا كل ده حصل قبل الكاميرات ما تتهكر.. يعني مش هو القاتل.. فضلت مستني تقرير التحريات.. لحد ما تاني يوم جالي محمود المكتب.. قعد قدامي وهو بيقول...

ـ صباح الخير يا هيثم باشا.

ـ صباح الخير يا محمود.. طمني ايه الأخبار؟.

ـ للأسف يا فندم.. مافيش أي حاجة مفيدة.. الكاميرات اللي في المحلات برة جايبة ناس كتير بتدخل وبتخرج من المكتبة.. وبعد توقيت الجريمة ماحدش خرج من المكتبة غير بعد ساعة كاملة.. واللي خرجوا خمس أشخاص مع بعض.. بالإضافة إن كمال عنده خلافات فكرية كتير.. واللي يعرفه.. يعرف إنه  دخل أكتر من مرة في معارك علنية مع كتّاب شباب.. واتشتم على السوشيال ميديا بسبب مقالاته أكتر من مرة.. وخصوصًا مقال كان قال فيه إن الجيل الجديد بيقرأ  ويكتب عشان يظهر.. مش عشان يفهم.

ـ واضح فعلاً إننا قدام قاتل عارف هو بيعمل إيه كويس.. وماسابش أي أثر وراه.

في اللحظة دي الباب خبط.. وكان عسكري بيسلمني تقرير الطب الشرعي.. بعد ما استلمته فتحته وقريته.. وللأسف ماكنش فيه أي حاجة مفيدة.. أما الرمز اللي على الورقة فزي ما أنا خمنت.. رمز لحرف يوناني اسمه لاميدا.. والسؤال هنا... الحرف ده إيه رمزيته في مسرح الجريمة؟.. ده طرف الخيط الوحيد اللي معايا لحد دلوقتي.

فات أسبوع وماكنتش لسه قاد اوصل لأي حاجة تفيدني في القضية.. يومها الساعة كانت داخلة على ٩ بالليل وأنا لسه ماروحتش البيت.. وفجأة جالي تليفون من محمود...

ـ هيثم باشا.. في جريمة تانية حصلت.. وشكلها كدة مرتبطة بجريمة المكتبة.

ـ ايه اللي حصل؟.

ـ صاحبة البنسيون بلغت عن الجريمة.. ولما روحت هناك لقيت الجثة مقتولة بنفس طريقة الذبح ونفس الورقة اللي فيها الرمز.

- قولي العنوان بسرعة.

قفلت معاه واتحركت على هناك فورًا.. وبعد حوالي ساعة كنت وصلت البنسيون..  واللي موجود في شارع جانبي.. البنسيون شكله قديم وشعبي جدًا.. لما دخلت لقيت محمود مستنيني على الباب...

ـ حمد لله على السلامة يا هيثم باشا.. الجريمة حصلت في أوضة ١٤ فوق.. واتحفظنا على النزلاء التلاتة وصاحبة البنسيون.. لحين وصول سيادتك وسؤالهم.

مشيت مع محمود وأنا عمال أفكر لحد ما وصلنا للأوضة.. الأوضة كانت مفتوحة.. والمجني عليه ممدد على السرير.. قربت منه وساعتها لقيت عينيه مبرقة ومفتوحة بنفس الطريقة.. ومدبوح.. لفيت وشي وسألت محمود... 

ـ حد لمس حاجة؟.

ـ لا يا فندم.

قربت من الجثة اكتر وبصيت حوالين السرير.. ولقيت الورقة بنفس الخط.. ونفس الحبر الأزرق.. ونفس الجملة... "وإذا كانت الكلمة تقتل.. فكيف يُلام السكينَ؟." وتحتها.. نفس التوقيع الغريب..λ حرف لاميدا.. سألت محمود...

- عرفت حاجة عن الضحية؟.

- اسمه جلال برعي.. السن ٥٣ سنة.. كاتب حر ومترجم.. وبيكتب في مجلة أدبية إلكترونية.. وله كتب عن الفلسفة المعاصرة.

ابتسمت ابتسامة خفيفة وانا بقوله...

ـ الفلسفة المعاصرة.. لا واضح كدة إنه قاتل متسلسل بيقتل ضحاياه بدقة.

- شكله كدة سعادتك.

ـ مافيش كاميرات هنا؟.

ـ لا مافيش.. لا في البنسيون ولا في الشارع كله.. زي ما حضرتك شوفت وأنت جاي.. البنسيون في زقاق جانبي ضيق وقديم.. والصف التاني اللي قدام البنسيون ضهر بيوت قديمة.

ـ قولتلي إن اللي بلغت صاحبة البنسيون صح؟.

ـ أيوا واسمها عواطف وهي في أوضتها يا فندم.

سيبت الطب الشرعي والمعمل الجنائي يشوفوا شغلهم وخرجت بره.. طلبت من محمود يجيبلي صاحبة البنسيون بره.. وبعد دقيقتين رجع ومعاه الست.. كان شكلها في أواخر الخمسينات.. لابسة عباية سودة ووشها باين عليه الرعب.. طلبت منها تقعد وبعدين سألتها...

ـ اسمك وسنك؟.

ـ عواطف حسين.. ٥٢ سنة

ـ انتِ صاحبة البنسيون؟.. ولا في حد تاني شريك معاكِ؟.

ـ أيوه يا بيه أنا مالكة المكان لوحدي.

ـ المجني عليه كان متعود يجي هنا دايمًا؟.

ـ آه ده أستاذ جلال بيجي هنا من حوالي ٥ سنين.. بيجي على فترات.. وكل مرة يقعدله يومين تلاتة ولا أسبوع وبعدين يمشي.. بيحب يجي هنا عشان يفصل دماغه ويكتب زي ما كان بيقولي.

ـ اكتشفتي الجريمة إزاي؟.

ـ على الساعة ٨ كده كنت بلف على الأوض عشان أقولهم إن العشا جاهز تحت.. ما هو اصل أنا اللي بحضر الأكل بنفسي كل يوم وانده عليهم.. المهم.. لما خبطت عليه ماردش.. فتحت الأوضة بمفتاحي.. لقيته زي ما حضرتك شوفته كدة.. صرخت ونزلت تحت جري.. وبعدها اتصلت بالبوليس.

ـ مافيش حد بيساعدك هنا.. مش غريبة إن مافيش حد بيشتغل معاكِ؟.

ـ لا مش غريبة.. أنا فعلًا اللي بعمل كل حاجة.. البنسيون صغير زي ما حضرتك شايف.. واللي بيجي منه يا دوب يعيشني.. فبعمل كل حاجة بنفسي.. واصلًا أغلب اللي بيجوا هنا أكلهم وشربهم بيبقى بره البنسيون.. أنا بسألهم كل يوم مثلاً تحبوا تتعشوا.. تتغدوا.. والصبح قالوا يحبوا يتعشوا وطلبوا أكل معين فعملته.

ـ البنسيون فيه كام نزيل غير جلال؟.

ـ 3 بس.. واحد منهم طالب جامعة اسمه هاني فؤاد.. والتاني محاسب اسمه سيد جابر.. وحسن الخولي وده بيشتغل في محل دهب.

ـ مالاحظتيش حاجة غريبة قبل الجريمة؟.

ـ لا خالص يافندم.

ـ طب مين دخل أو خرج من البنسيون قبل ما تكتشفي الجريمة؟.

ـ ولا أي حد غريب.. هم التلاتة نزلوا الصبح كل واحد راح لحال سبيله.. وقالوا كلهم على موضوع العشا زي ما بلغت سيادتك.. وكلهم رجعوا في أوقات مختلفة قبل الساعة ٨.. آخرهم كان هاني واللي رجع الساعة ٦.. بس حسن الخولي مانزلش النهاردة.. لأن النهاردة الحد وهو إجازة.

- تمام.. استنيني شوية لحد ما ارجعلك تاني.

قامت مشيت وانا طلبت من محمود يجيبلي أول نزيل.. وبعد دقايق كان واقف قدامي شاب في العشرينات لابس تريننج.. وشكله متوتر.. طلبت منه يقعد وبعدين سألته...

ـ اسمك وسنك؟.

ـ هاني فؤاد.. ٢١ سنة.

ـ بتشتغل إيه؟

ـ انا طالب في كلية تجارة. 

- انت منين يا هاني؟.

- من طنطا يا فندم.

ـ قولي.. كنت فين طول اليوم؟.

ـ انا نزلت الصبح روحت الجامعة.. حضرت محاضراتي ورجعت على الساعة 6 كدة.. بس كنت تعبان فدخلت أوضتي وفضلت قاعد فيها لحد اللي حصل.

ـ شوفت الأستاذ جلال قبل الجريمة؟.

ـ اه.. شوفته وأنا راجع من الجامعة.. كان قاعد بيقرأ كتاب.. سلمت عليه ودخلت أوضتي على طول.

ـ  ماشوفتش حد غريب دخل البنسيون بعدها؟.

ـ لا ماشوفتش حد.

ـ ولا حسيت بأي حاجة غريبة خالص؟.

ـ لا خالص يا فندم.. كل حاجة كانت عادية جدًا.

- ماشي يا هاني.. قوم انت دلوقتي لحد ما ابعتلك تاني.

خرج وبعدها جِه النزيل التاني.. كان شخص طول بعرض.. قعد قدامي وساعتها سألته...

ـ اسمك وسنك؟.

ـ سيد جابر.. ٣٩ سنة.

ـ بتشتغل إيه يا سيد؟.

ـ محاسب في شركة مقاولات.

ـ كنت فين طول اليوم النهاردة؟.

ـ روحت الشغل ورجعت الساعة ٤ في ميعادي.. وقعدت في أوضتي أتفرج قاعد على التلفزيون ونمت وأنا قاعد. وصحيت على موضوع الجريمة ده.

ـ ماسمعتش أي صوت ولا شوفت حاجة غريبة؟

ـ لا يا فندم كنت نايم.. وأنا نومي تقيل حبتين 

ـ كنت تعرف المجني عليه؟

ـ لا يا فندم.. بس اتكلمنا مرتين عن الفلسفة.. وهو راجل مثقف ومحترم.

بصيت لمحمود وعلى وشي علامات اليأس.. مافيش حد بيقول حاجة مفيدة نهائي.. والكل لا شاف ولا حس.. يبقى جن قتله يعني ولا إيه؟

طلبت الشاهد اللي بعده.. ولما قعد قدامي سألته...

ـ اسمك وسنك؟

ـ حسن الخولي.. ٤٥ سنة.

ـ بتشتغل إيه؟.

ـ في محل دهب في الحسين.

ـ كنت فين طول اليوم؟.

ـ في الأوضة.. النهاردة اجازة فقولت انام واريح شوية وماخرجتش.

ـ ماشوفتش المجني عليه خالص؟.

ـ لا.. ماخرجتش من أوضتي طول اليوم.. حتى لما مدام عواطف خبطت تسألني لو أحب اتعشى أكل معين بالليل.. قولتلها أي حاجة ومافتحتش الباب.

- تمام يا حسن قوم انت.

خلصت كلامي مع كل واحد وماوصلتش لأي إجابة مفيدة نهائي.. واضح إن القاتل عنده خطة مدروسة كويس أوي.. وعنده لستة ماشي عليها.. بصيت لمحمود وقولتله...

ـ اللغز ده مش هيتحل بسؤال الشهود.. احنا لازم نتتبع ماضي الضحيتين.. لازم نعرف كانوا بيكتبوا إيه بالظبط.. وتاريخ صراعاتهم الفكرية.. وليه نفس الحرف والجملة بيتكرروا.. القاتل ده مش بيقتل لمجرد القتل.. ده بيوصل رسالة معينة.

- في خلال 48 ساعة كل حاجة عنهم هتكون على مكتب سعادتك ياباشا.

بعد كدة الجثة اتنقلت عشان الطب الشرعي يشرحها.. وانا رجعت مكتبي مرة تانية.. ماكنش قدامي حاجة غير إني استنى التحريات اللي محمود هيعملها عن الضحيتين.. وعدت 24 ساعة بعد الجريمة التانية.. لكن وفي اليوم التاني لقيت محمود بيكلمني...

- مساء الخير يا فندم.. للأسف في جريمة تالتة حصلت.. وبرضه نفس الحرف موجود جنب الضحية.

- العنوان فين؟.

خدت منه العنوان وروحتله على هناك.. أول ما وصلت طلعت العمارة اللي فيها شقة المجني عليه.. دخل الشقة لقيت محمود واقف.. لما شافني قرب مني وسلم عليا وهو بيقول...

- حمدالله على السلامة يا فندم.

- الله يسلمك.. ايه اللي حصل؟.

- المجني عليها تبقى عنايات ابو المجد.. كاتبة معروفة.. عندها 50 سنة.

- مش قولتلك احنا قدام قاتل متسلسل.

- عندك حق يا فندم.

- الجثة فين؟.

- اتفضل معايا.

دخل محمود وانا مشيت وراه لحد ما وصلنا أوضة النوم.. وقتها لقيت جثة عنايات فوق السرير.. ماكنش في دم على السرير.. قربت من الجثة اكتر.. لقيت مادة بيضا نازلة على بوقها من الجنب.. وايديها كانت مقفولة على ورقة ظاهر منها جزء مكتوب فيه نفس الحرف.. لفيت الناحية التانية من السرير.. بعدها طلعت منديل وقربت من الجثة وسحبت الورقة من بين ايديها.. وساعتها شوفت نفس الجملة "وإذا كانت الكلمة تقتل.. فكيف يُلام السكينَ؟." وتحتها.. نفس التوقيع الغريب..λ حرف لاميدا.. رفعت راسي من الورقة وبصيت لمحمود وانا بسأله...

- مين اللي بلغ عن الجثة؟.

- للأسف البلاغ كان من مجهول.

- اعرفلي بيانات الرقم اللي اتصل بسرعة.

- حصل ياباشا وخلال ساعات هيكون معانا كل بياناته.

- هي عايشة لوحدها؟.

- عندها ولدين.. واحد منهم عايش برة مصر.. والتاني متجوز وقاعد في محافظة تانية.. احنا كلمناه وزمانه جاي.

- راجع كاميرات العمارة وشوف هنوصل لإيه؟.

- مع الأسف الكاميرات اللي هنا حصل فيها زي ما حصل في المكتبة بالظبط.. كلها عرضت صورة ثابتة.

- يعني ايه؟!.. مين الواد ده؟!.

قولت الجملة الاخيرة بعصبية بعدها خرجت من الأوضة.. ولعت سيجارة وحاولت اتمالك أعصابي واهدى.. كمال عبدالستار.. جلال برعي.. عنايات أبو المجد.. اللي قتلهم شخص واحد.. والتلاتة كُتاب.. وده معناه إن في رابط بيجمع التلاتة دول ببعض.. بس  هو ايه المكان اللي اتجمعوا فيه؟.. ندهت لمحمود بسرعة وقولتله...

- انا عايزك تعرفلي ايه الحاجة اللي التلاتة دول اشتركوا فيها قبل كدة؟.. جايز جدًا يكون في ضحية رابعة واحنا قاعدين بنتكلم دلوقتي.

- اوامر سعادتك.

استجوبت البواب وابن عنايات لكن زي كل جريمة في القضية دي.. ماقدرتش اطلع بأي معلومة مفيدة.. وبعد ما الطب الشرعي والمعمل الجنائي خلصوا رفع البصمات ونقلوا الجثة.. رجعت المكتب كنت مستني محمود يوصل لأي رابط بين التلاتة.. وتاني يوم لقيته داخل المكتب وفي ايده ملف وبيقولي...

- صباح الخير يا فندم.. عندي اخبار حلوة.

- أخيرًا.. فرحني.

- لقيت الرابط اللي جمع التلاتة مع بعض.

- وايه هو الرابط ده؟.

- من خمس سنين كان في شركة من الشركات التجارية عملت مسابقة للكُتاب.. مين بقى لجنة التحكيم اللي كانت مسؤولة عن التقييم؟.

- كمال وجلال وعنايات.

- ومعاهم اتنين كمان.. سليم فايد.. وحامد العوضي.

- والاتنين دول لسه عايشين؟.

- حامد العوضي مات من سنتين.. أما سليم فعايش لكن حاليًا برة مصر.

- الراجل ده حياته في خطر.. لازم ننبه عليه مايرجعش قبل ما نمسك القاتل.

- هيحصل يا فندم.. لكن خليني اكمل لسعادتك الحكاية.

- قول يا محمود.

- المسابقة دي المفروض إنها كانت للروايات اللي لسه ماتنشرتش.. وكان العدد اللي مقدم فيها كبير جدًا.. وكلهم من الشباب الصاعد.. الفكرة إن لجنة التحكيم في النهاية اختارت 3 فايزين وهنا بقى المشكلة.

- مشكلة ايه؟.

- اللي فاز بالمركز الأول يبقى ابن سليم فايد.. أما اللي فازت بالمركز التاني فكانت خطيبة جلال برعي.. والمركز التالت كان من نصيب شاب اتضح بعد كدة إنه بيشتغل تحت ايد كمال عبد الستار.. وساعات كان بيكتب المقالات اللي كانت بتنزل باسم كمال.

- يعني كانوا مطبخينها سوا.

- بالظبط كدة يا فندم.

- طب وايه علاقة عنايات بالموضوع ده؟!.

- مش عارف لحد دلوقتي يافندم.. بس ممكن تكون شاركت في المسرحية دي.

- معنى كلامك إن القاتل واحد من اللي شاركوا في المسابقة.

- بنسبة كبيرة سعادتك.

- انا عايز قايمة بأسماء كل المشاركين وكمان بالنتايج اللي تم اعلانها.

- انا فعلًا جيبت القوائم معايا.

ناولني الملف اللي كان معاه.. خدته منه وخرجت الورق اللي فيه.. بدأت بقايمة النتائج.. وبعد ما قريتها كلها تقريبُا لاحظت حاجة غريبة.. شاركت محمود ملاحظتي وانا بقوله...

- بص كدة يا محمود.. شايف تقييم الكتاب ده.. الكتاب ده الوحيد اللي تقييمه غريب.. لو بصيت على كل الكتب هتلاقي التقييمات كلها ما بين 5-7 من 10 ما عدا الكتب اللي فازت طبعًا.. أما الكتاب ده فلو بصينا على تقييمه هتلاقي إن عنايات وحامد مقيمينه 10 من 10 اما كمال وجلال وسليم فـ مقيمينه صفر من عشرة.. وده غريب.. لإن ولا واحد من لجنة التحكيم قيم كتاب 10 أو صفر حتى الكتب اللي فازت ماخدتش 10 من 10.. ده الكتاب الوحيد اللي خد التقيمين دول.

- حاجة غريبة فعلًا يا فندم.. بس تفتكر ليه؟.

- لإن بحسبة بسيطة لو الكتاب ده كان خد 5 أو سبعة من التلاتة التانيين مع العشرة اللي سليم وعنايات قيموا بهم الكتاب.. فده معناه إن الكتاب ده كان هياخد جايزة من الجوايز التلاتة.. أو على الأقل هيشاركهم فيها.

- يعني ممكن صاحب الكتاب ده هو القاتل؟.

- مش ممكن.. ده أكيد يا محمود.. تخيل كدة تكتب كتاب ويتقيم 10 من 10 ويجي واحد يديك صفر عشان ابنه ولا قريبته تكسب المسابقة.. شعورك هيكون ايه وقتها؟.

- اكيد هبقى عايز انتقم.. بس الحكاية دي عدى عليها خمس سنين.. اشمعنا انتقم دلوقتي؟.

- ده اللي هنعرفه لما نقبض عليه.

رجعت بضهري في الكرسي وانا ببص للقايمة اللي في ايدي.. وبقول بصوت مسموع الكاتب سيد حليم وقتها خدت بالي من حاجة مهمة.. الكتاب اسمه مكتوب بالحروف اليونانية القديمة.. اتعدلت وقولت لمحمود...

- لازم نوصل للواد ده بسرعة.

- اوامرك يا باشا.. في أسرع وقت هيكون قدام سعادتك.

- وعايز نسخة من الكتاب ده.

- حاضر يا فندم.

قام محمود خرج من المكتب وانا ارتحت بضهري في الكرسي.. أخيرًا قدرت اوصل للقاتل.. قضية صعبة ومرعبة.. فكرة الانتقام الجماعي أخطر من القتل العادي.. لكن الراحة دي انتهت لما لقيت محمود بيكلمني بعد كام ساعة وبيبغلني إنه وصل لعنوان سيد حليم.. لكن  لما راح هناك اكتشف إنه سايب الشقة بقاله شهرين.. وماحدش يعرف عنه أي حاجة.. أصدرت أمر بالقبض عليه ومنعه من السفر.. ونزلنا نشرة بأوصافه في الجرايد والأخبار.. اكتر حاجة كانت مخوفاني هو إنه يقدر يوصل لـ حامد ويقتله.. ماهو اللي زي ده مش هيوقف غير لما يخلص على اللجنة كلها.. الانتقام هو اللي بيحركه.. عيشت أسبوع طويل لحد ما لقيت محمود بيكلمني وبيقولي...

- قدرنا نوصل للقاتل سيد حليم يافندم.

وقفت في مكاني وانا بقوله بهلفة...

- وهو فين دلوقتي؟.

سكت لثواني قبل ما يقول...

- للأسف لقيناه منتحر.

- ايه!.. منتحر؟!.. اومال وصلتوله إزاي؟.

- هو اللي بلغ قبل ما يشنق نفسه.

- قولي العنوان بسرعة.

خدت العنوان واتحركت على هناك.. كان جوايا مشاعر مختلطة.. ليه عمل كدة؟.. ليه قتل  الناس دي كلها؟.. وبرضه ليه قتل نفسه؟!.. وصلت الشقة وأول ما دخلت سألت محمود...

- هو فين؟.

شاورلي بايده ناحية الصالة.. مشيت خطوتين تلاتة وساعتها شوفته.. كان مشنوق في السقف وجسمه متعلق في الهوا.. كنت واقف مصدوم من المشهد.. ليه شاب لسه في أول حياته يعمل في نفسه كدة؟!.. كان ممكن ياخد حقه لو اشتكاهم.. وكان ممكن يفضحهم ويبين غشهم قدام الناس كلها.. وحتى كان ممكن يتغاضى عن كل ده ويعتبرها تجربة واتعلم منها.. خصوصًا إنه لسه في أول الطريق.. لكن سيد اختار أكتر حل دموي وعنيف.. وكإنه حب ينهي حياته بشكل سينمائي زي اللي عاش يكتبه في كتاباته.. فوقت على صوت محمود بيقولي...

- سيد ساب المذكرات دي على الترابيزة قبل ما يموت.

خدتها منه وخرجت من المكان.. كنت حاسس بخنقة رهيبة.. رجعت المكتب تاني.. قعدت على الكرسي وبدأت اقلب في المذكرات.. ووقتها لقيته كاتب كل اللي حصل معاه بالتفصيل وقت المسابقة.. وقد ايه حس بالظلم.. وقال إنه قتل عنايات عشان سكتت عن الظلم اللي حصل وما اتكلمتش واعتبرها شريكة في الجريمة.. وفي اخر صفحة كتب...

"انا عيشت سنين طويلة بحلم أكون كاتب.. ربنا خلقني كدة.. مابعرفش اعمل حاجة في حياتي غير الكتابة.. اتمسكت بحلمي واتشعلقت فيه.. لكن فجأة جت لجنة التحكيم وقررت إنها تقضي على الحلم ده برقم.. رقم مالوش أي قيمة زيهم.. رقم ضيع تعب وسهر وايام طويلة اتعملت فيها.. رقم ضيع سنين من عمري في لحظة.. وكل ده عشان ياخدوا الجاايزة ويدوها لناس مش محتاجينها.. ناس كل اللي فارق معاهم إنهم يتمنظروا بالجايزة قدام اصحابهم.. ناس ماعندهمش الموهبة ولا الشغف الحقيقي للكتابة.. كل اللي يملكوه هو وسطتهم.. عشان كدة كان لازم حد يدفع التمن.. انا عارف إن اللي عملته غلط.. وإن ربنا ممكن مايسامحنيش.. بس للأسف ماكنتش قادر اشوفهم قدامي واسكت."

قفلت المذكرات وقولت بصوت مسموع...

- مستحيل يكون ده فكر كاتب أو مثقف يا سيد.. الكاتب عمره ما كان مجرم.. الكاتب هو صوت الحكمة وقت الفوضى.. والعقل وقت الجنون..  يمكن تكون امتلكت الموهبة لكن عمرك ما امتلكت الإنسانية.


تمت..

انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم



لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1