قصة المصور كاملة بقلم فهد حسن

 

قصة المصور كاملة بقلم فهد حسن

هواية حياتي هي التصوير، من وأنا صغير وأنا بحب أصور كل حاجة: الناس، الطبيعة، الشوارع، الحيوانات، وأي حاجة توقع تحت عيني.. ومع الوقت الهواية دي بقت شغلي وبقيت مصور محترف، بشتغل في استوديو كبير بصور أفراح ومناسبات.

وفي يوم من الأيام صاحبي أحمد جابلي هدية.. كانت كاميرا قديمة جدًا موديل نادر من الخمسينات، وقالي إنه لقاها في محل أنتيكات، وأول ما شافها افتكرني على طول.. الكاميرا كانت حالتها حلوة.. كان مكتوب عليها اسم غريب بلغة مش عربي ولا إنجليزي، وكان فيها علامات ورموز غريبة محفورة على جنبها.

شكرت أحمد على الهدية وقررت إني أجربها، مع إن الكاميرا كانت قديمة بس شغالة كويس.. جبت فيلم مناسب ليها، وبدأت أصور بيها في الشارع.. كنت متحمس جداً لأن الكاميرات القديمة دي بتدي طابع خاص للصور ومختلف عن الكاميرات الديجيتال الحديثة.

بعد ما خلصت الفيلم روحت أحمضه في المعمل، ولما استلمت الصور قعدت أبص عليها واحدة واحدة..
الصور كانت حلوة فعلًا، وفيها الطابع القديم اللي كنت بدور عليه.. بس الصور فيها حاجة غريبة.
في كل صورة باين إن فيه ظل أو شبح لشخص مش موجود في المكان وقت التصوير، في صورة في  الشارع مثلاً، ظاهر فيها ظل راجل واقف جنب عمود النور، مع إني متأكد إن المكان كان فاضي وقت ما صورتها.. وفي صورة لجنينة ظاهر فيا شبح طفل صغير قاعد على المرجيحة مع إن المرجيحة كانت فاضية.

في الأول افتكرت إن ده عيب في الفيلم، أو في عملية التحميض.. فقررت إني أجرب تاني وأصور فيلم جديد. المرة دي صورت وأنا مركز أكتر على المكان قبل ما أصور، عشان أتأكد إنه فاضي تماماً.

لما حمضت الفيلم التاني، نفس الحاجة حصلت! كل صورة كان فيها شبح أو ظل لشخص مش موجود في المكان وقت التصوير، بس المرة دي الأشباح كانت أوضح، وكأنها قربت أكتر من العدسة.. في صورة في بيتي كام فيه شبح ست واقفة في نص الصالة، وفي صورة في الشارع، كان فيه شبح راجل عجوز ماشي ناحيتي.

بدأت أحس بالقلق والخوف.. إيه الكاميرا الغريبة دي؟ وإيه الأشباح اللي بتظهر في الصور دي؟ قررت إني أسأل أحمد عن مصدر الكاميرا دي بالظبط.. اتصلت بيه وسألته عن محل الأنتيكات اللي اشترى منه الكاميرا.

أحمد قالي إن المحل ده في منطقة قديمة في وسط البلد، وإن صاحب المحل كان راجل عجوز غريب، وإنه قاله إن الكاميرا دي ليها تاريخ طويل وغامض.
وقالي كمان إن الراجل العجوز حذره من استخدام الكاميرا كتير، وقاله إنها مش كاميرا عادية. بس أحمد افتكر إن الراجل بيهرج أو بيحاول يزود من قيمة الكاميرا عشان السعر يعني.

قررت إني أروح للمحل ده بنفسي وأقابل الراجل العجوز. خدت العنوان من أحمد وفضلت أدور، لحد م لقيت المحل بصعوبة، كان في حارة ضيقة ومضلمة كده. المحل كان صغير ومليان بالأنتيكات والتحف القديمة. صاحب المحل كان راجل عجوز فعلاً، شكله غريب، وعينيه فيها نظرة عميقة وحكيمة.
لما سألته عن الكاميرا وشه اتغير، وبان عليه القلق. 
قالي إن الكاميرا دي مش كاميرا عادية، دي كاميرا روحانية، صنعها ساحر ألماني قديم في الأربعينات. الكاميرا دي مش بتصور بس اللي موجود في المكان، دي بتصور كمان الأرواح والأشباح اللي عايشة في العالم التاني، واللي عادة مبنشوفهاش بالعين المجردة.
قالي كمان إن الكاميرا دي خطيرة، لأنها مش بس بتصور الأشباح، دي كمان بتجذبهم، كل ما تصور بيها أكتر، كل ما الأشباح بتقرب منك أكتر، وبتبقى أوضح في الصور، لغاية ما في الآخر بتقدر تخرج من عالمها وتدخل عالمنا.
كلام الراجل العجوز خوفني جداً، بس في نفس الوقت زود فضولي.. وسألت نفسي: هل الكلام ده حقيقي ولا الراجل بيألف قصص عشان يخوفني ومارجعش الكاميرا؟ فقررت إني أختبر الموضوع ده بنفسي.

رجعت البيت وقررت إني أعمل تجربة تانية.. هصور فيلم كامل في البيت بتاعي، وأشوف إيه اللي هيحصل.
 بدأت أصور كل ركن في البيت: الصالة، المطبخ، أوضة النوم، الحمام، كل حتة. وبعدين روحت أحمض الفيلم.
النتيجة كانت مرعبة، الصور كلها كان فيها أشباح، وكانت المرة دي واضحة جداً، في صورة الصالة كان فيه شبح راجل قاعد على الكنبة.. وفي صورة المطبخ كان فيه شبح لست واقفة جنب البوتاجاز.. وفي صورة أوضة النوم كان فيه شبح طفل صغير واقف جنب السرير.
بس المرعب أكتر؛ إن الأشباح دي كانت باصة على الكاميرا مباشرة كأنهم عارفين وشايفين إني بصورهم، وكان باين على وشوشهم تعبيرات مختلفة؛ فيه اللي بان عليه الحزن، وفيه اللي بان عليه الغضب، وفيه اللي بان إنه بيبتسم ابتسامة مخيفة.
بدأت أحس إن البيت بتاعي مليان بالأشباح دي، أنا آه مش شايفهم بس هما موجودين حواليا، بدأت أسمع أصوات غريبة في البيت: خطوات، همسات، ضحكات خفيفة.
الخوف بدأ يسيطر عليا، فوقررت إني أتخلص من الكاميرا دي.. روحت للراجل العجوز تاني وطلبت منه ياخد الكاميرا ويرجعلي الفلوس.. بس الراجل رفض، وقالي إن الكاميرا دي مبقتش ملكه، وإنها اختارتني أنا بالذات.. وقالي إن الأشباح اللي ظهرت في الصور دي بقت مرتبطة بيا أنا شخصياً، وإنها مش هتسيبني حتى لو اتخلصت من الكاميرا.
رجعت البيت وأنا مش عارف أعمل إيه؟. حاولت أكسر الكاميرا بس مقدرتش.. كل ما أحاول أكسرها، كل ما أحس بألم شديد في جسمي كأن الكاميرا بقت جزء مني.

وفي ليلة صحيت من النوم على صوت الكاميرا وهي بتصور، الكاميرا كانت على الكومودينو جنب السرير وبتصور لوحدها، سمعت صوت الشاتر بيتفتح ويتقفل والفلاش بيضرب في الضلمة.
قومت بسرعة وشغلت النور، ولما مسكت الكاميرا لقيت إن الفيلم اتصور كله، روحت بسرعة أحمضه عشان أشوف إيه اللي اتصور.
الصور كانت كلها ليا وأنا نايم، الكاميرا صورتني وأنا نايم من زوايا مختلفة، كأن حد كان ماسكها وبيتحرك حواليا، وفي كل صورة ظاهر شبح مختلف واقف جنبي، مرة راجل، ست، طفل، عجوز، كلهم واقفين حوالين سريري وبيبصوا عليا وأنا نايم.
الصورة الأخيرة أكتر واحدة رعبتني، صورة ليا وأنا نايم زي الباقيين بس فوقي بالظبط فيه وش شبح كبير، قريب جداً من وشي.
في اللحظة دي عرفت إن الراجل العجوز كان بيقول الحقيقة.. الكاميرا دي فعلاً بتجذب الأشباح، وخلتهم يدخلوا بيتي وحياتي.
قررت إني أواجه الموقف ده.. وفي الليلة اللي بعدها حطيت الكاميرا قدامي على الترابيزة، وقعدت أكلم الأشباح كأنهم موجودين قدامي.. قولتلهم إني مش عايز أأذيهم ولا يأذوني، أنا بس عايز أعرف هما عايزين مني إيه؟

فجأة الكاميرا اشتغلت لوحدها تاني، الفلاش ضرب في وشي مرة واحدة،  بعدها حسيت بهوا بارد جداً في الأوضة، وسمعت همسات كتير حواليا.. ساعتها حسيت إن جسمي اتشل ومابقيتش قادر أتحرك.
وحسيت إن فيه حد بيدخل جسمي، حسيت بوجود غريب جوايا زي ما تكون في روح تانية بتندمج مع روحي، حاولت أقاوم بس مكنتش قادر.. دوخت وبدأت أفقد الوعي ومبقيتش قادر أسيطر على نفسي وجسمي.

صحيت بعدها بيومين لقيت نفسي على سرير في مستشفى.. أصحابي قالولي إنهم لقوني مغمى عليا في البيت، وإني كنت بهذي وبتكلم بصوت مش صوتي، وبلغة غريبة مش عربي ولا إنجليزي حتى.. الدكاترة قالوا لي إني اتعرضت لصدمة عصبية شديدة ولازم لي راحة وعلاج نفسي.

بس أنا عارف الحقيقة.. الأشباح اللي جذبتهم الكاميرا حاولت تسيطر عليا، وتستخدم جسمي عشان ترجع للحياة.. ولولا إن أصحابي لقوني في الوقت المناسب، كان زماني دلوقتي مجرد جسم بروح غريبة.
الكاميرا اختفت من بيتي، ومحدش عارف راحت فين. وأنا مش عايز أعرف أصلاً.. كل اللي أنا متأكد منه؛ إن الكاميرا دي مكنتش مجرد آلة تصوير، دي بوابة لعالم تاني.
ومن يومها، بقيت بخاف من التصوير، وبخاف من الكاميرات كلها، حتى بقيت بخاف أبص في أي صورة أو أتصور.. وبقيت بتابع مع دكتور نفسي يمكن حالتي تتحسن لأني خسرت كمان شغلي وشغفي.

تمت..

انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم



لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1