رواية اوجاع الماضي الفصل الحادي عشر
يخرج عبدالرحيم الطبنجة بتاعته ويصرخ:
"أي حد هيجربلي هغربله! وسّع يا اد، وهوّه من طريقي! مش عبدالرحيم المحمدي اللي يتلمس له كرامة!"
عز يحاول يهديه:
"اهدى شوية ياخويا!"
عبدالرحيم بانفعال:
"مش جيت ولعتها، عاوزين إيه تاني؟"
الأب بصوت عالي:
"انت رافع الطبنجة في وشي؟!"
عبدالرحيم:
"أمال إيه؟ عاوز الغُفر يجروني زي البهيمة؟! طلااااق تلاته لأبندج الكل!"
شمس يدخل بسرعة:
"خلاص يا أبوي، ميصحش كده!"
عبدالرحيم:
"أمال إيه اللي يصح؟ أبوك يتجر، وانت واقف تتفرج؟!"
شمس بهدوء:
"بعد إذنك يا جدي، ميتفرجش علينا حد."
الجد بصوت حاسم:
"اطلعوا برا يا رجالة!"
عز:
"خلاص يا أخويا، هم خرجوا."
عبدالرحيم ببصة كلها غضب:
"قولتلك ليكش صالح انت!… أنا خارج، بس هربيكم كلكم، وأولكم انت يا عز… يا وش الخراب!"
شمس:
"حجّك على راسي يا عمي."
عز:
"ولا حج ولا حاجة يا ابني، ربنا يهديه."
الأب بحزن:
"أنا خلاص تعبت منه… طول عمري فرع معووج في شجرتي."
عز:
"خلاص يا أبوي، متزعلش نفسك."
الأب:
"والله الواد ده هيقصف عمري."
بعد ما خرج عبدالرحيم، اتصل بعجور:
"فينك يا واد خالتي؟"
عجور:
"نازل عند واحد صاحبي."
عبدالرحيم:
"أنا عاوز أقعد معاك."
عجور:
"خير؟"
عبدالرحيم:
"لسه متعرك مع أبوي وعز، عشان جابوا سيرتك، ولما زعقت معاهم، أبوي لم الغفر وكانوا هيحبسوني في المخزن!"
عجور:
"أخوك موراهمش غير المصايب… قابلني أول البلد."
عبدالرحيم:
"حاضر يا أخويا."
وساعتها عبدالرحيم قال لنفسه:
"والله لأوجعكم كلكم ف بعض… وأخلص منكم."
يتصل عجور بعياش:
"أنا جاي، ومعايا واد خالتي عبدالرحيم المحمدي."
عياش فرح:
"بيتك ومطرحك يا غالي."
وبصوت عالي لمراته:
"فضيله! عاوزك توضّبي غدا زين، حاجة تشرّف كده… وخلي بنتك تلبس لبس شيك وتطلع تخدم ع الضيوف!"
فضيله:
"من عيني."
وتدخل الغرفة على بنتها:
"يا ملك، عمك عياش جاي له ضيوف تقال أوي… عاوزاكي تلبسي أحلى حاجة عندك وتخدمي على الضيوف."
ملك بتأفف:
"حاضر… يا رب أمتى أتخرج وأغور من هنا!"
فضيله:
"يا أختي، ماهو لولا عمك كنا شحاتين في مصر!"
ملك:
"ما قولنا حاضر!"
فضيله:
"افردي وش أمك ده!"
ملك:
"حاضر حاضر."
فضيله:
"خلي عمك عياش يرضى عنك."
في بيت الحج حامد…
شمس:
"أنا طالع يا جدي أريح فوجي، عن إذنكم."
الجد:
"اذنك معاك."
يصعد شمس لجناحه، يلاقي روضه قاعدة حزينة.
شمس:
"مالك يا روضه؟"
روضه:
"سلامتك يا شمش… ما فيش، انت اللي مالك؟ شايل الهم ليه؟"
شمس:
"والله تعبت… أبوي زوّدها ومشاكله بقت كتير، وجدي طهق منه خلاص."
روضه:
"ربنا يهديه."
شمس:
"افردي رجلك، عاوز أنعس عليها."
روضه تبتسم:
"تعالى يا نظري."
شمس:
"تعرفي يا روضه، شمش مبيلاقيش راحته غير معاكي، بنسى هموم الدنيا، جارك انتي نور قلبي."
روضه:
"انعس… وأنا هرجيك."
شمس:
"ربنا يحفظك ليا، يا روح قلبي."
روضه:
"هو أنا لو مُتّ، هتحزن عليا؟"
شمس:
"اسم الله عليكي، ربنا يجعل يومي قبل يومك، أوعي تقولي كده تاني!"
روضه:
"بتحبني قوي كده يا شمش؟"
شمس:
"ولا عمر قلبي دخل فيه غيرك، يا حب العمر كله!"
روضه:
"تعرف؟ أنا حبيت حياتي عشانك."
شمس:
"انتي حياتي كلها."
روضه:
"جميلة بنت عمك مخطوبة، صح؟"
شمس:
"آه، مخطوبة لظابط كبير، وأبوه وزير الداخلية."
روضه:
"باين عليها طيبة."
شمس:
"طيبة ومهبّلة كمان."
روضه:
"ربنا يسعدها."
شمس:
"ويسعدك يا نور قلبي… همليني أنعس بقى."
روضه:
"انعس يا قلبي."
في جناح عابد والهام…
عابد:
"أعاوزك اليومين دول تخففي الدوا اللي بتديه لروضه… خليها فايقة."
الهام:
"ليه يعني؟"
عابد:
"عشان الضيوف اللي هنا… وعيال عمك متعلمين، ومعاوزش حد يشك، ويقولوا يودوها لحكيم، ولعبتنا تتكشف!"
الهام:
"كلامك صح."
عابد:
"وكمان، ماتروحيش للحكيمة، متعرفيش نوع العيل."
الهام:
"ليه بجا؟"
عابد:
"معاوزش نعرفه دلوقتي… خليها مفاجأة وقت الولادة."
الهام:
"حاضر."
في الدور اللي تحت…
الأب:
"تليفونك بيرن يا عز."
عز:
"ده حماه، جميله… سيادة الوزير!"
يرد عز:
"أيوه يا عصّار؟"
عصّار:
"عاوزين نيجي الأسبوع الجاي عشان الخطوبة."
عز لوالده:
"عاوزين يجوا يا أبا."
الأب:
"يشرفوا وينوروا يا ولدي."
عز:
"هشرفك، وهبعتلك اللوكيشن عشان متتوهش… سلام يا غالي."
عز:
"وبالمرة يا أبا، عاوزك تعلّق الكتافات بتاعة حامد."
الأب:
"والله انت وعيالك تشرفوا بلد بزيكم."
عز:
"كتر خيرك يا أبا."
تنزل جميلة ومعاها البنات:
جميلة:
"جدو، الجميل هيعملنا فرح كبير!"
الجد:
"طبعًا يا حبيبة جدك!"
نسمه:
"وهتجيب ناس تغني، يا جدو؟"
الجد:
"حاضر يا ستي."
نزار:
"جدو، عاوز أخطب عشج."
عشق تتكسف.
جميلة:
"وهي موافقة يا جدو!"
نسمه:
"عيني عليا، كلهم هيتخطبوا إلا أنا!"
أدهم:
"أنا مستعد أكسب فيكي ثواب واخطبك!"
نسمه بفرحة:
"بجد؟ أنا موافقة!"
جميلة:
"يا بت انتي مدلوقة كده ليه؟"
نسمه:
"ما هو أنا ماحدش عبرني قبل كده… بس بجولك، هتخطبني من جدي حامد؟"
الجد:
"كيف بس؟ وأخوكي؟"
نسمه:
"جول انت بس موافق، وأخويا مهيصدق يخلص مني!"
الجد:
"على خير الله."
عز:
"مش ناقص غير حامد ولدي!"
نسمه تزغرد:
الجدّة:
"جميلة، الزغاريد ديه عندنا!"
إكرام:
"باين كده يا أما!"
الأم:
"تعالوا ننزل نشوف فيه إيه… صافيه، تعالي يا مرت عمي، نفسنا في فرحة!"
ينزلوا الأم، صافيه، وإكرام.
إكرام:
"خير؟ فيه إيه؟"
نسمه:
"خير يا عمه، أدهم خطبني!"
إكرام:
"يا مرك! يا واد أخويا، ملجيتش إلا المجنونة دي؟!"
نسمه:
"كده برضك يا عمه؟! لما أعضّك دلوقتي!"
إكرام:
"له خلاص!"
نزار:
"باركيلي يا أما، أنا خطبت عشج!"
صافيه:
"ألف مبروك! عشج زينة البنات!"
عشج:
"تسلمي يا خاله."
جميلة:
"ونسيتوني أنا!"
الجدّة:
"له، ده كله إلا انتي! جيتي وجيبتي الفرح كله معاكي يا قلب جدتك!"
الجد:
"شوفت يا عز، جيت وجبت الفرح كله معاك إزاي؟"
عز:
"ربنا يخليك لينا يا أبوي."
وفي أول البلد، يتقابل عبدالرحيم مع عجور.
عبدالرحيم:
"هنروح فين؟"
عجور:
"عند عياش… صاحبي."
عبدالرحيم، وهو مش مرتاح:
"صاحبك ده؟!"
عجور يطمنه:
"متجلجش… ده صاحبي وأخويا، من أيام الزمن الصعب."
وبعد نص ساعة، يوصلوا عجور وعبدالرحيم لبيت عياش.
عياش يفتح الباب وهو فرحان:
"أهلًا وسهلًا بالغاليين! نورتوني يا رجالة!"
عجور:
"بنورك يا صاحبي!"
عياش يمد إيده لعبدالرحيم:
"عبدالرحيم بيه بنفسه عندنا!"
عياش ينادي:
"يا ملك! الشاي للضيوف!"
ملك من جوه:
"حاضر!"
تجهز الشاي وتخرج عليهم.
عبدالرحيم أول ما يشوفها، يبصلها باندهاش:
"الله أكبر… مين الجَمَر ديه؟!"
عياش، وهو بيضحك:
"ديه ملك، بنت مراتي."
عبدالرحيم من غير تفكير:
"أنا مستعد أتجوزها… وهدفع المهر اللي تقول عليه!"
بعد ما عبدالرحيم شاف ملك واندَهش من جمالها، حصل اللي محدش كان متوقّعه.
عبدالرحيم، وهو بيقول بطَفاسة وعينه ما زالت على ملك:
"البت حلوة جوي!"
عجور ضربه بكوع خفيف وقال:
"اهدى يا واد خالتي! مش وجتها الكلام ديتي!"
عياش لاحظ اللي بيحصل، ورفع صوته:
"يا ملك! روحي حضّري الغدا مع أمك، يلا يا بت!"
خرجت ملك من المكان، ولسه عبدالرحيم مش قادر يشيل عينه من وراها.
عياش قرب منهم وسأله وهو بيضحك بمكر:
"كنت بتقول إيه يا بيه؟"
عجور دخل في الكلام وقال:
"خليك معايا أنا، يا عياش، ملك ديه ليها دور مرسوم ف دماغي."
عبدالرحيم استغرب وبص له بحدّة:
"أوعى تكون ناوي تتجوزها انت!"
ثم أضاف بنبرة غيورة:
"ده أنا أخسرك فيها يا واد خالتي!"
عجور حط إيده على كتفه وقال بهدوء:
"اهدى على نفسك كده… واسمعني زين."
"عز… عنده واد ظابط… وظابط كبير. وإحنا مش هنسيبه بسهولة. الخطة إن ملك تتعرف عليه، وتوقعه في شباكها، وتخليه يحبها."
عبدالرحيم قاطعهم بحدة:
"له! أنا اللي هتجوزها!"
عجور بكل هدوء وثقة:
"هجوزوهالك… بس بعد ما ننتقم من عز!"
عبدالرحيم رمقه بنظرة كلها حسم:
"وعد؟"
عجور:
"انته عارف كلمتي زين."
عبدالرحيم:
"خلاص، وأنا موافج."
عياش دخل على الخط وقال:
"طيب، بس الموضوع ديتي محتاج مصاريف كتير!"
عبدالرحيم مد إيده في جيبه وقال بثقة:
"بُكره يكون عندك خمسين ألف جنيه… بس ملك تبجا بتاعتي بعد كده!"
عجور ضحك وقال:
"ما جولنا؟ هنجوزوهالك!"