رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل الرابع عشر بقلم بتول عبدالرحمن
تيم قام فورًا من مكانه، جري ناحية المطبخ من غير ما حتى يبص لحسام.
دخل بسرعة، لقا فريدة على الأرض، الإزاز مكسور حواليها، بتلمه بسرعه بايديها اللي اتعورت
وشها شاحب، وعنيها مش مركزة غير في الازاز اللي بتلمه بسرعه
قال بقلق واضح
"فريدة!"
قرب بسرعة، ركع جنبها، مسك إيدها بلطف لكنه كان متوتر جدًا، عينيه سابت الإزاز وركزت على كفها اللي اتعور
"إيه اللي حصل؟! إنتي كويسة؟!"
قالها بنبرة فيها خوف مش متعود عليها،
هي كانت بتحاول تتكلم، بس صوتها كان واطي ومبحوح
"الكوبايه وقعت اتكسرت، غصب عني معر..."
قاطعها بحدة
" مش مهم فداكي مش مشكله"
وقف ووقفها ونادي
" محمد، تعالي نضف الأرض بسرعه "
محمد دخل بسرعة وتيم بص له بنبرة حاسمة
"شيل كل ده بسرعة، خلِّي بالك وإنت بتنضف."
بعدين رجع عينيه على فريدة، كانت واقفة بصعوبة، باين عليها إنها مش قادرة تركز.
بصلها وبنبرة هادية بس مليانة اهتمام قال
"تعالي، إقعدي شويه في الجنينة... شكلك مش تمام."
مستناش موافقتها، وخرج بيها من المطبخ ناحية الجنينة.
قعدها على كرسي، وقعد جنبها، إيده لسه ماسكة طرف إيدها التانية.
طلع منديل من جيبه ومسح ايديها براحه وسألها، وصوته كان واطي
"إيه اللي مضايقك؟"
هزت راسها بنفي، وسكتت.
قال بنبرة هادية لكنها ثابتة
"مفيش حاجة تستاهل زعلك ده"
بصلها لحظة، شاف في ملامحها حاجة مش طبيعية... تعب، شرود، كأنها مش هنا.
قال وهو بيعدل قعدته قدامها
"واضح إنك مش تمام."
سكت ثواني، وبعدين كمل
" بس اكيد مش هضغط عليكي"
كانت فريدة باصه له، بس مش عارفة تقول حاجة.
شال عينه عنها، وقال بجملة مختصرة وهو بيقف
"هجيبلك مايه، إقعدي مكانك."
ومشي
رجع من جوا البيت ومعاه إزازة مايّه، بس قبل ما يخرج لقاها قدامه
مشيت ناحيته بخطوات أهدى من أول، وقفوا قصاد بعض لحظة.
قالت بصوت هادي، فيه نبرة امتنان مكبوتة
"أنا كويسة، شكراً على اهتمامك."
سكت ثانية، بصلها من غير ما يرد فورًا، وبعدين قال بنبرة فيها برود
"مش اهتمام... بس ماينفعش أشوفك كده وأسكت."
عدى جنبها بهدوء، ومدّ لها الإزازة
وقال بهدوء
"اشربي."
وسابها وكمل طريقه، كأن ما حصلش حاجة...
فريدة دخلت المطبخ، طلبت من واحد من اللي جوه يحضر طلب يونس.
وقفت لحظات تتابع تحضيره، وبعد ما خلص، شكرته وأخدت الصينية وخرجت.
في الوقت ده، كان تيم رجع لقعدة الشغل.
قعد على الكرسي من غير ما يتكلم، حاول يركز في الورق قدامه.
حسام بصله وسأله
"إيه اللي حصل؟"
رد تيم وهو بيقلب في ورقة قدامه، من غير ما يرفع عينه
" مفيش حاجه مهمه"
سكت حسام لحظة، وبعدين قال وهو موطي صوته
"هي مين دي؟ أول مرّة أشوف واحدة ست هنا أصلاً."
تيم بصله بسرعة، وبنبرة قصيرة قال
"ممرضة يونس... ماما اللي جابتها."
حسام رفع حواجبه باستغراب واضح
"مامتك جابت بنت؟ تدخل البيت؟ مش غريبة دي؟"
تيم ساب الورقة اللي في إيده وقال ببرود
"مش مهم، نركّز في الشغل؟!"
وبص تاني على اللابتوب قدامه، كأن الحوار انتهى تمامًا.
فريدة كانت طالعة، شايلة صينية فيها الآيس كوفي، وشكلها أهدى شوية من قبل كده، بس ما زال عليها أثر التعب.
تيم رفع عينه ليها لحظة، بس بسرعة رجّع نظره على اللابتوب
حسام قال بصوت وطي فيه هزار
"هاي ميس نيرس."
تيم رفع نظره لحسام، نبرته كانت واطية لكنها قاطعة
" ركز يا حسام في شغلك مش هقولك تاني "
حسام قال بضحكة خفيفة
"ما تعرفني عليها؟ البت حلوة."
تيم بصله بنظرة جامدة، ملامحه مبتتحركش.
نبرة صوته طالعة رخيمة، فيها غيظ مكتوم
"ركز في شغلك، ملكش دعوه بيها"
حسام ضحك وقال بنص جد
"يا عم إهدى، بهزر."
تيم قال ببرود
"وأنا مبهزرش"
فريده دخلت أوضة يونس وهي شايله صنية الايس كوفي، حطتها على الكومود بلُطف.
يونس كان قاعد على الكنبه فارد رجله
قال بهزار
"يا سلام! تسلم ايدك"
فريدة ابتسمت بخفوت
"بالهنا"
فريدة قعدت على الكرسي اللي جنبه، ملامحها كانت هادية بس فيها لمحة شرود خفيف.
يونس لاحظ، وبصلها شوية، وبعدين قال بنبرة أخوية فيها دفء
"أخبارك إيه بقى؟ شكلك مش على بعضك."
فريدة قالت بهروب
"أنا؟ لا عادي... اليوم طويل بس."
يونس قال بهدوء
"طيب بجد لو متضايقه وعايزه تحكي، فأنا هكون مستمع جيد"
فريدة ابتسمت ابتسامة باهتة، وقالت
"مفيش حكايات، يعني مضغوطه اليومين دول شويه"
بونس قال بمزح
"هو أنا اللي مضغوط مش إنتي، بس واضح إني محتاج أتعالج جسديا وانتي محتاجة أجازة."
ضحكت خفيفة خرجت منها غصب عنها، وقالت بنبرة أهدى
"إحنا الاتنين هنحتفل لما نخرج من هنا متقلقش"
يونس قال بابتسامة خفيفة وهو بيبصلها
"يعني انتي بجد هتمشي؟"
فريدة قال بهدوء وابتسامة
"الحمد لله انت بقيت أحسن."
يونس بص قدامه وقال بنبرة شبه تمثيلية
"لا تصدقي... حاسس إني مش قادر أحرّك رجلي... لسه محتاجه شويه وقت"
فريدة ضحكت
"هبقى أجي متقلقش، ده احنا ولاد خاله يعني"
يونس رجع يبصلها
"بس مش هتيجي كل يوم زي دلوقتي"
فريدة سألته
"يعني انت بعد ما تكون احسن هتقعد في بيتكوا بعد الحبسه دي كلها يعني؟!"
يونس قال بضحكة خفيفة
"أكيد لاء... سميرة وحشتني!"
في اللحظة دي موبايل فريدة رن، طلعته وبصت على الاسم، كان مامتها
فضلت تبص عليه كام ثانية، وبعدها قفلت الصوت من غير ما ترد.
يونس لمح اللي حصل، لكنه معلقش.
بعد شوية...
باب أوضة يونس خبط خبطتين خفاف، وبعدها دخل تيم
تيم بص على يونس وسأله بنبرته العملية المعتادة
"عامل إيه؟ محتاج حاجة؟"
يونس هز رأسه بابتسامة بسيطة
"كله تمام"
تيم بص بسرعة ناحية فريدة، كانت قاعدة في نفس الوضع، ملامحها لسه هادية.
عينه فضلت عليها لحظة، وبعدين قال بنبرة أهدى من المعتاد
"بقيتي أحسن؟"
فريدة رفعت عينيها له، وقالت بهدوء
"آه، الحمدلله."
تيم اكتفى بإيماءة
بعدين وجّه كلامه ليونس تاني
" ده دوا بدل اللي قرب يخلص، لسه واصل دلوقتي "
يونس قال
"تمام، شكراً."
تيم كان هيخرج بعد ما حط الكيس، لكن بص على فريدة مرة أخيرة، ومن غير ما يتكلم، وبعدها خرج وقفل الباب وراه
فريدة خرجت من أوضة يونس، وقفت شوية في الطرقة، خدت نفسها، وبعدين طلعت موبايلها وكلمت إسلام
"إسلام...ممكن تيجي تاخدني؟"
صوته كان باين عليه القلق
"حصل حاجة؟"
"لاء، بس... مش قادرة أكمل، تعبت شوية "
"خلاص، جاي حالًا."
قفلت وهي بتحاول تتماسك
دخلت قعدت جنب يونس، ساكتة.
يونس كان بيهرّج كعادته، بيحاول يضحّكها، بس لما سكتت فجأة، وبصّتله من غير ولا كلمة، فهم انها مش في المود
بصلها شوية، وبعدين قال بهدوء
"مالك؟"
هزت راسها وقالت بصوت واطي، وهي بتحاول متبانش متضايقة
"مش هقدر أكمل اليوم... عايزه امشي."
سكت، بصّلها لحظة، وبعدين ابتسم ابتسامة خفيفة وقال
"تمام، مفيش مشكلة... واضح إنك محتاجة ترتاحي."
بصتله وهي بتحاول ترد الضحكة اللي اختفت منها من بدري، بس طلعت ابتسامة خفيفة جدًا.
بعد شويه فونها رن وكان اسلام، قالها أنه خلاص قرب، قفلت معاه وضحكت ضحكة صغيرة ليونس وقالتله
"هشوفك بكره...لو احتجت حاجة، كلمني."
هز راسه، وبص للسقف وهو بيقول
"خلي بالك على نفسك."
ابتمست وخرجت من الأوضة بخطوات هادية.
نزلت تحت واستنت، دقيقة وظهر إسلام، أول ما شافته، جريت عليه، حضنته بقوة كأنها بتدور على أمانها، هو حاوطها من غير كلام، ووشه باين عليه إنه حاسس إنها مكسورة.
قال بهدوء وهو بيطبطب عليه
"مالِك يا فريدة؟"
"مفيش بس كنت محتاجة الحضن ده."
وفي اللحظة دي، تيم كان واقف في أوضته، جنب الشباك، وعينه فضلت متعلقة بيهم... متأكد انها مش كويسه بس ملهوش أنه يتدخل
بعد ثواني، سمعها بتقول بصوت مبحوح مخنوق
" اسلام...أنا مش قادرة... مش قادرة أكتم أكتر من كده."
سحبها من حضنه وهو ماسك كتفها بإيده، وبص في عينيها بتوتر
"فريدة! مالك؟ في إيه؟!"
هزت راسها ببطء، وعنيها كانت مليانة دموع محبوسة وقالت بصوت واطي
"مش قادرة."
"طيب... اركبي، تعالي نروح أي مكان هادي"
ركبوا العربيه، وهو فضل يبصلها كل شوية، كانت ساكتة ووشها متغير.
بس محبش يضغط عليها.
بعد حوالي تلت ساعة، وصلوا عند مكان هادي.
ركن العربية، وفتح الباب، وخرج...استناها تخرج، وهي فعلاً فتحت الباب وخرجت ووقفت جنبه، ساكتة.
بصلها وقال
"تعالي نقعد هنا، وقوليلي ايه مضايقك اوي كده"
دخلوا قعدوا جوا، سكتت شويه وهو محبش يضغط عليها، سألها براحتها، بس مستناش اكتر وسألها ووشه مليان قلق
"فريدة، قوليلي في إيه؟ مالك؟ شكلك مش طبيعي خالص."
نزلت عينيها، كانت بتشد في كمها بتوتر، بتدوّر على أي صيغة تهوّن بيها الكلام، بس لقت نفسها بتنهار من جوه أكتر.
قالت بصوت مهزوز
"مش عارفة أبدأ منين... مش عارفة حتى أقولك إزاي."
قالها بتشجيع
"متخافيش، قولي اللي جواكي وطلعيه، يمكن ترتاحي."
بصّتله، وفي عنيها نظرة مخلوطة بين الخوف والحزن والكسرة
"الموضوع كبير... وأنا مش عارفه أستوعبه حتى، ومش عايزه أكون غلطانة... بس..."
سكتت، خدت نفس طويل، وكملت بصوت مكسور "بس أنا شفت حاجه… حاجه كسرتني…"
قالها بقلق
"فريدة ركزي معايا، قوليلي إيه اللي حصل من غير مقدمات"
دمعة نزلت على خدها، بصّت في الأرض وقالت بنبرة مكسورة
"ماما…"
لفت وشها بسرعة وهو بصلها باستغراب
"ماما؟! مالها؟"
"ماما بتخون بابا يا إسلام...."
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم