![]() |
رواية ليس لها ذنب الفصل الثامن عشر بقلم ميلي ميس
في صالة القصر
كانت زمرد قاعدة في هدوء، ماسكة رواية "بين تاجين" للكاتبة ميلي ميس، مستغرقة في عالمها الخيالي اللي كله نبوءات وسحر وممالك،
بس فجأة… اتقطعت لحظة الصفاء دي بصوت الباب وهو بيتفتح.
سليم دخل…
لابس بدلة سودة كأنها بتعبر عن العتمة اللي جوا قلبه،
وجنبه سارة، متشيكة وكأنها جاية من فرح،
ماسكة دراعه بقوة،
وعينيها مليانة خبث وانتصار، كأنها لسه خارجة من معركة وكسبتها.
زمرد رفعت عينيها عن الرواية، ورفعت حاجبها باستغراب:
"إنتو كنتوا فين؟ ومع بعض؟ واللبس ده؟"
سارة (بابتسامة فيها سم):
"اتجوّزنا يا مرت عمي، رسمي كده… جواز على سنة الله ورسوله."
الكلام وقع زي الصاعقة…
وفي اللحظة دي، كانت نور نازلة من على السلم،
خطوة… ورا التانية… لحد ما سَمِعِت الكلام…
"اتجوزنا"…
وشها شَحَب،
عينيها تملت دموع،
وقفت مكانها، والدنيا لفت بيها…
سارة (بخبث وهي تبص عليها):
"ما رح تباركينا يا نور؟… أصل صرت ضرتك!"
نور بصّت على سليم… بصّة كلها وجع، وخيبة، وانكسار.
صوتها كان طالع بالعافية،
"مبروك…"
كلمة اتقالت… بس كانت زي السكين في قلبها.
وسابِتْهم…
وطلعت تجري على أوضتها،
فتحت الباب، ورمت نفسها على السرير، والدموع نازلة من غير توقف.
نور (بصوت مخنوق وهي بتكلم نفسها):
"إنت أحقر شخص شُفته في حياتي يا سليم…
ولو ما ندّمتكش على كل لحظة وجعتني فيها… يبقى ما اسميش نور.
أنا اللي كنت شايلة جرحك… وانت جزاتي بالخيانة؟
لو كان في أمل صغير جوايا… انت قتلته."
مسحت دموعها، وعيونها بقت حمرا من القهر…
"هندمك يا سليم… هندمك على كل دمعة نزلت مني."
في الصالة تحت،
زمرد كانت واقفة في مكانها، سكتة، وعينيها على سليم بصة كلها غضب وعتاب…
رغم كل مشاعرها المتناقضة ناحية نور…
إلا إنها مش بالشكل ده…
زمرد (بحدة):
"خرجت مين بفكرة الجواز دي؟!"
قبل ما سليم يرد… صوت جه من فوق السلم:
سمية (بنبرة دفاعية):
"يعني عملوا حاجة حرام؟! اتجوزوا على سنة الله ورسوله…"
زمرد بصتلها بحدة، بنظرة كفيلة تسكت أسد:
"سمية! لما أكون بتكلم مع ابني، إنتي ما تتدخليش!"
سمية (بتحاول تبرر وهي بتحط ابتسامة مصطنعة):
"مش قصدي يا حبيبتي… والله بس كنت بوضح."
زمرد ما ردتش…
لفّت وشها، وراحت على جناحها…
خطواتها تقيلة، بس مليانة كرامة.
وسابتهم واقفين…
والصمت هو اللي بقى سيّد المكان.
فلاش باك – في مكتب سليم بالقصر
كان الجو مشحون، ورائحة القهوة الباردة لسه معلقة في الهوا، وسليم قاعد ووشه باين عليه توتر خفيف، حاسس إن في حاجة مش طبيعية.
سليم (بهدوء):
خير يا مرت عمي… في حاجة؟
سمية (بنبرة مرتبكة):
الموضوع عن سارة.
سليم (برفع حاجبه):
سارة؟ مالها؟
سمية (بسرعة وارتباك):
هي… حامل يا سليم.
سليم حس بكلمة "حامل" كأنها صفعة على وشه، فتح عينه بدهشة وقام واقف:
إيه؟ إزاي يعني؟!
سمية (بحزن وبتحاول تهدي الوضع):
بص، أنا مش جاية أضغط عليك… بس انت لازم تتجوزها وتشيل غلطتك.
لو مازن عرف بالحمل، رح يقتلها… انت عارف أخوها وعارف طبعه.
وأنا عارفة إن الدنيا فرقتكم، بس من زمان وأنا شايفة إنك هتكون جوز بنتي.
من وإنت صغير، كنت دايمًا بتلعبوا سوا… وسارة كبرت وهي بتحبك، وانت كنت كل حياتها.
موت أبوك، وحكاية الانتقام، وزواجك من نور… كل دا فرّق بينكم،
بس يا سليم… الحب ما بيروحش، وسارة لسه شايفاك دنيتها.
سليم رجع قعد على الكرسي، وحط إيده على وشه… مشاعر متضاربة، ندم، صدمة، حيرة، كلها لفت حوليه في دوامة.
ماكانش عارف يرد، ولا حتى ياخد القرار… لكنه كان عارف إن أي خطوة جاية… هتغير كل حاجة.
باك
سليم كان راجع جناحه، ماشي بخطوات تقيلة، عايز يبعد عن كل اللي حصل… عن صدمة نور، عن كلام زمرد، عن وش سارة اللي محسش فيه بأي فرحة.
لكن قبل ما يوصل لباب جناحه، جه صوت من وراه…
صوت ناعم بس مليان إلحاح…
سارة (بدلع):
"رايح فين؟! انت لازم تقعد معايا دلوقتي!
مش ده اليوم اللي حلمنا بيه من وإحنا صغيرين؟!"
سليم لف لها، وعينيه كانت نار.
سليم (بجمود):
"حلم؟! أنهي حلم يا سارة؟
أنا كنت واضح معاكي من زمان…
قلتلك مليون مرة… إني عمري ما حبيتك!"
سارة حاولت تمسك إيده، لكنه سحبها بعنف.
سليم (بحزم):
"آه، كنت معاك، بس ده ما كانش حب،
وانتي اللي رميتي نفسك عليا، وانتي عارفة ده.
والجواز ده؟!
مش علشانك،
علشان اللي فبطنك… وبس."
سارة ابتدت عينها تدمع، بس سليم ما كانش باصص،
كان خلص كلام… وخلص مشاعره.
سابها وفتح باب جناحه.
ولما دخل…
اتجمّد في مكانه.
نور كانت واقفة، لابسة عباية سودة شيك، شنطتها على كتفها، وشعرها ملموم بإتقان.
شكلها مش بيقول إنها خارجة… شكلها بيقول إنها ماشية ومش راجعة.
سليم (بتوتر):
"نور… انتي رايحة فين؟
لازم نتكلم!"
نور لفت له ببطء…
وبصّت له بنظرة ولا فيها دمعة… ولا فيها حزن…
بس فيها حاجة أخطر: الهدوء البارد.
نور (بصوت هادي):
"سليم… ممكن تأجل كلامك؟
أنا رايحة أطمن على إخواتي… وبالذات لينا."
سليم حس قلبه وقع،
البنت اللي كانت من كام يوم بتنهار من كلمة منه…
دلوقتي بتتكلم كأن مفيش حاجة بتوجعها.
سليم (بصوت واطي):
"انتي… هتروحي لوحدك؟"
نور (بنظرة قوية):
"أنا مش لوحدي يا سليم…
أنا مع نفسي… وده كفاية أوي دلوقتي."
وراحت ناحية الباب، فتحت بهدوء…
نور كانت ماسكة مقبض الباب… على وشّها ملامح واحدة خلاص خلصت، خلاص تعبت…
لكن فجأة، إيده مسكتها بعنف من دراعها، جذَبها ناحيته كأنه بيشدها من على طرف الحياة.
سليم (بصوته العالي اللي فيه وجع وغضب):
"فاكرة نفسك رايحة فين لوحدك؟!
فاكرة إنك خلاص حرّة؟
كأنك ما عندكش حد يلمك؟
كأنك ما بقاش ليكي جوز؟!"
نور بصّت له بعين فيها وجع عمره شهور، بس المرة دي… مفيش دمعة نزلت.
المرة دي كانت قوية، واقفة على رجليها… مش زي الأول.
نور (بصوت هادي بس فيه نار):
"أنا رايحة لوحدي مش علشان ما عنديش اللي يلمّني،
لاء…
أنا ماشية علشان اللي المفروض يلمّني… اللي المفروض يكون سندي…
طلع حدا حقير،
قلبه حجر،
اتجوزني مش علشان يحبني…
اتجوزني علشان يكسرني."
سليم اتجمد مكانه، كأنه اتصفع بكلمة.
نور (كملت بصوتها المكسور اللي فيه قوة غريبة):
"بس ما تخافش…
قلبي اللي كان لين ليك مرة، عمره ما هيرجع زي زمان.
أنا مش نور اللي كنت بتتحمل تعذيبك وسكوتك…
ومع ذلك كانت بتحبك!
لأ…
النهارده، أنا نور الجديدة، اللي ما بقتش تهمها.
حابب تكمل انتقامك؟
كمل.
رجّعني خدامة، دُوس على كرامتي تاني…
بس خليك عارف…
أنا هحول انتقامك لنار،
نار هتحرقك يا سليم،
وهتندم…
هتندم على كل دقيقة كسرتني فيها."
نور شدت إيدها من قبضته، وفتحت الباب…
وسابت وراها سليم واقف زي التمثال، مش قادر يرد،
كأنه لأول مرة يحس بخوف حقيقي…
خوف من إنه خسرها…
ويمكن للأبد.
في الحديقة الخلفية للقصر…
كانت الشمس بدأِت تميل، والدنيا ساكتة إلا من صوت خطوات نور اللي كانت ماشية بسرعة ووجها مليان غضب.
وصلت لباب القصر الكبير، ووقفت قدام الحارس اللي واقف زي الحيطة.
نور (بحدة):
"افتح الباب يا عم… أنا ماشية!"
الحارس (بتوتر):
"أسفة يا مدام، عندي أوامر… ماينفعش تخرجي."
نور (صوتها علي ووشها احمر):
"قلتلك افتح الباب!!!"
وفجأة…
دخلت عربية فخمة من البوابة التانية حيث يركنون السيارات ، ووقفت قدامهم.
اتفتحت الإزازة، وكان سليم سايق. عينه عليها… ببرود غريب.
سليم (بصوت هادي بس فيه أمر):
"اركبي."
نور (رافضة ومشدودة):
"مش هاركب معاك!
وقول لزلمتك يفتحلي الباب، أنا ماشية لوحدي."
سليم (ابتسامة باااردة):
"اركبي… خلّصيني، أنا هوصلك."
نور (بغضب وعيونها فيها دمعة مكبوتة):
"قلتلك مش هاركب!
أنا هاروح لوحدي!"
سليم (وهو بيشد نفسه من ضيقه):
"هو إنتي حتى عارفة عنوان البيت اللي رايحة له؟
ولا فاكرة الدنيا وردي زي رواية "بين تاجين" اللي كانت أمي بتقراها الصبح؟"
نور اتجمدت في مكانها…
هي فعلاً مش عارفة العنوان.
كل اللي كانت بتعمله إنها كانت بتكلم نرمين في التليفون…
بس عمرها ما سألتها عن المكان!
طلعت الموبايل بسرعة، دارت على اسم نرمين واتصلت…
مرة…
مرتين…
تلاتة…
مفيش رد.
سليم (وهو بيقفل الإزاز):
"اركبي… أو اقعدي هنا استني الليل ييجي، وممكن كمان الحارس يطلبلك بطانية."
نور بصت له بحقد، بس الحقيقة كانت مرة…
هي مش عارفة تروح فين.
ومفيش حَد تاني غيره دلوقتي.
اتنهدت، ومسحت دمعة نزلت من على خدها من غير ما تحس…
وفتحت باب العربية ودخلت.
بعد شوية
العربية وقفت قدام عمارة متوسطة في حي هادي،
سليم طفى العربية ونزل من غير ما يقول ولا كلمة.
نور (ببرود وهي بتفتح الباب):
"قوليلي الشقة، أنا هاطلع لوحدي…
ومش ضروري تتعب نفسك، روح شوف شغلك، وأنا هرجع بنفسي."
سليم ما بصّش عليها حتى، لف وراح ناحية الأسنسير بخطوات تقيلة،
لكن قبل ما الباب يتقفل، كانت نور لحقت نفسها ودخلت وراه.
وقفوا جنب بعض في الأسنسير…
الصمت تقيل جدًا، كأن الهوى نفسه وقف من التوتر.
لما وصلوا للدور، سليم طبطب على باب شقة ناعمة أبوابها لونها بيج فاتح.
الباب اتفتح بسرعة، وطلّت نرمين بوجهها البشوش،
بس أول ما شافت نور وسليم سوا، اتبدلت ملامحها لتوتر واضح.
نرمين (بابتسامة وهي تحضن نور):
"نور! أهلين حبيبتي، وحشتيني أوي!"
بعدين نظرت لسليم وقالت بتحفظ:
نرمين:
"أهلاً أستاذ سليم."
سليم هز راسه كتحية سريعة،
وبعدين بص لنور بنظرة سريعة وقال ببرود:
سليم:
"المسا هاجي آخدك…
وإنتِ يا آنسة نرمين، خدي أجازة النهاردة، ما تجيش الشركة."
نرمين (بدهشة خفيفة):
"شكرًا لحضرتك…"
سليم ما علقش، لَف ومشي من غير ما يزيد كلمة،
ونزل بسرعة كأن المكان بيخنقه.
دخلت نور الشقة وسابت الباب يتقفل وراها ببطء…
لكن في قلبها، كانت ضوضاء مش بتسكت.
نرمين وهي ماسكة إيدها:
"إيه اللي حصل؟ إنتي كويسة؟ تعالي… تعالي احكيلي كل حاجة."
قعدت على الكنبة، ونرمين جابتلها كوباية ميّة، لكن نور ما مدتش إيدها،
كانت عينيها مليانة دموع، وشفايفها بترتعش من وجع مش قادرة تخبيه أكتر.
نور (بصوت مخنوق):
"طلع كل حاجة كذب يا نرمين…
قاللي ننسى اللي فات، ونبدأ من جديد…
قاللي إنه حبني… وإنه مش ناوي ينتقم تاني…
بس كله كان تمثيل، تمثيل وسيناريو مرسوم بدقة…"
نرمين (بحنية وهي تحاول تهديها):
"هشش، اهدي يا نور، اهدي حبيبتي… قوليلي إيه اللي حصل؟"
نور (دموعها بتنزل واحدة ورا التانية):
"عرفتي ليه؟ علشان أصدق… وأقع في حبه… وأتعلق بيه…
وبعد ما حصل… كسرني بأبشع طريقة…
اتجوز سارة… بنت عمّه… سارة اللي طول عمرها بتحبه…
سارة اللي كانت بتكرهني من أول يوم…
وهو؟ هو اختارها… ومسك إيديها، ومشي معاها في القصر كإنه بينتصر عليا."
نور شدت نفسها بحزن:
"أنا… أنا كنت غبية… صدقت نظراته… صدقت حضنه…
بس من النهاردة؟ خلاص يا نرمين…
لو فضلي جوايا ذرة أمل، فهو قتلها بإيده…
وسليم؟ هخليه يندم… على كل ثانية وجعني فيها."
نرمين :
"وأنا معاكي… وهقف في ضهرك مهما حصل…"
نرمين (وهيا بتعدّل جلستها بنظرة كلها حماس وانتقام):
"سارة؟ خليها عليّا يا نور، أصل عندي معاها حساب قديم ولسه ما تصفاش!"
نور (باستغراب):
"هو إنتي تعرفيها؟"
نرمين (بضحكة فيها سُم):
"عزيزتي… أنا كنت من الطبقة المخملية، قبل جوزك يلطّفنا عالأرض.
وكنت في نفس الأكاديمية مع الشامبانزي دي!"
نور (مش قادرة تمسك ضحكتها):
"شامبانزي؟! هو ده اسم الدلع؟"
نرمين (بتفكر شوية وبضحكة شريرة):
"فاكرة يوم في الثانوي… كنت ناقص أعمل فيها مقلب رمضان.
حبستها في الحمّام وقعدت جوّه ساعتين لحد ما خلص اليوم الدراسي،
وساعتها لقوها منهارة وبتعيّط زي العيل الصغير! شعرها منفوش وكحلها سايح!"
نور (بضحكة من القلب وسط دموعها):
"ليه كده يا مجرمة؟ عملتِ فيها كده ليه؟"
نرمين (وهي بتضحك):
"كانت فاكرة نفسها ملكة الأكاديمية!
كل شوية: أنا سارة الأسيوطي، وأنا مش زيكم…
وأنا صوتي أحلى، وده فستاني من باريس!
جت مسابقة الغنا… قلتلها: يلا يا عسل غني من جوّه الحمّام!"
نور (بتضحك وهي تمسح دموعها):
"يا شيخة إنتي بطلة والله…
بس إوعي تكوني ناوية تعيدي نفس السيناريو دلوقتي!"
نرمين (بغمزة):
"أنا دلوقتي مش ناوية أحبسها…
أنا ناوية أدوّقها طعم القهر اللي دوقتنا ليه زمان… بس بستايل راقـي!" 😏
في الشركة،
كان سليم قاعد في مكتبه، مافيش غير صوت تكوير الورق ورميه في سلة القمامة اللي جنب الباب. ملامحه كانت مشدودة، وعيونه بتلمع من كتر التفكير.
دخل معتز، كالعادة بضحكته وصوته العالي:
معتز:
"السلام عليكم يا نسيبي العزيز!"
سليم (من غير ما يبص له):
"معتز… مش وقته. وبالمرة… ليه شايفك كتير هنا في المدينة؟
ناوي تسيب أختي لوحدها في مرسى مطروح ولا إيه؟!
لو ناوي تقعد هنا، شوفلك سكن قريب، أو ارجعوا القصر بدل اللف ده!"
معتز (وهو بيقفل الباب وبيقرب):
"والله عندك حق، السفر كل شوية بقى متعب.
قلت لليلى ننتقل خلاص ونستقر هنا، وأنا بدور فعلاً على بيت كويس."
سليم ما ردش، كمل في تكوير الورق ورماه بعصبية.
معتز (بدهشة):
"هو إيه؟! مالك مش شايل نفسك كده ليه؟ شكلك متضايق على الآخر…"
سليم (ببرود):
"اتجوزت."
معتز (بضحكة وهو قاعد):
"عنـجد؟! ما كنتش أعرف خالص…!
ده أنا عارف من قبل ما تكتب الكتاب أصلاً يا عم!"
سليم (رفع عينه وبصله بنظرة جامدة):
"اتجوزت سارة."
معتز (وشه اتجمد):
"ننـنعـمم؟!"
سليم (بص له بثبات):
"زي ما سمعت… وسارة حامل."
معتز سكت لحظة، وبعدين رفع حاجبه بدهشة وقعد على أقرب كرسي.
معتز:
"يعني… يعني انت دلوقتي متجوز اتنين؟
واتنينهم حوامل؟!"
معتز قعد على الكرسي وهو حاطط إيده على راسه كأنه بيحاول يستوعب المعلومة، وبعدين فجأة انفجر ضحك:
معتز (بضحكة عالية):
"يا عم انت عملتلي ميكس دراما رمضان كله!
يعني اتنين زوجات… واتنين بطون؟!
دي مش حياة… دي مسابقة ميني ماراثون أولاد الأسيوطي!" 😂
سليم (بنفَس عميق):
"الموضوع مش بسيط يا معتز، ووالله ما كنت ناويها كده.
بس الظروف خدتني غصب عني."
معتز (بص له بنص عين):
"ظروف إيه دي اللي بتخليك تتجوز ضرتين وتحبلهم في نفس الوقت؟!
ده انت لو في مسلسل هندي كانوا عملولك نهاية مأساوية من الحلقة 5!"
سليم (مغمض عينه بحسرة):
"أنا... كنت فاكر إني بأصلح اللي حصل…
بس واضح إن كل خطوة باخدها ببوّظ بيها أكتر."
معتز (واقف فجأة):
"عارف أنا شايف إيه؟
إنك محتاج خيمة في الجنينة وقعدتين شاي،
واحدة مع نور وواحدة مع سارة، وتقعد تشرح،
وتقول: (أنا آسف يا ست هانم... كنت مضغوط شوية فاتجوزت على غفلة)." 😅
سليم (بص له بضيق):
"معتز! مش وقت نُكتك السخيفة."
معتز (وهو بيضحك ولسه واقف):
"ماهو لو ما هزرتش دلوقتي، هعيط من اللي أنا سمعته!
بس ربنا يعينك يا نسيبي…
ودي دعوة من القلب:
يا رب تمر الشهور على خير،
وما تقومش معركة الحوامل فالقصر!" 🤲😂
سليم (متمتم):
"أمين يا رب… أمين."
في القصر،
في أوضة سارة، كانت قاعدة على السرير، بتلمس بطنها بإيد فيها غُرور وابتسامة باينة على شفايفها،
سارة (بهمس لنفسها):
"يُفضلك يا بابا… سليم اتجوزني.
وصدقني، هيحبني… ومش هيقدر يبعد عني تاني أبداً."
لتضحك ضحكة صغيرة فيها خبث وانتصار وهي بتكلم بطنها:
"وإنت كمان، يا حبّي الصغير… هتربطني بيه للأبد."
وفجأة الباب بيتفتح بعصبية وبتدخل سمية وهي متوترة، باين عليها القلق من ملامحها.
سمية (بصوت عالي):
"اقعدي يا مصيبتي! أنا بقالي من الصبح باتصل بأخوك وما بيردش!"
سارة (ببرود وهي بتعدل خصلتها):
"يمكن يكون مشغول في الشغل يعني، طبيعي..."
سمية (بتمشي في الأوضة وهي بتفرك في إيديها):
"مشغول!؟ وإنتِ يا ست العرايس…
إزاي هنقول لـ أخوكي إنك اتجوزتي سليم؟!
ده لو عرف، يا سارة… الله أعلم هيعمل إيه!" 😩
سارة (وهي بتتنهد وتتكلم بثقة):
"هيفهم... مازن بيحبني، يمكن يزعل في الأول…
بس لما يعرف إن سليم اختارني، وحبني، وحاملي كمان…
مش هيقدر يعمل حاجة!"
سمية (بصوت متوتر):
"يا رب بس تمر من غير مصيبة،
أنا قلبي مش مطمّن…"
في شقة نرمين
كانوا قاعدين في الصالون، الجو هادي بس فيه لمسة دفء، ونور بدأت تهدى شوية من كل اللي حصل،
لحد ما خرجت لينا من أوضتها، لابسة بيجامة صغيرة وشعرها منكوش، ولسه آثار النوم على وشها.
لينا (بابتسامة واسعة):
"نووور! أهلين!"
نور (وهي بتقوم بسرعة وتفتح ذراعيها):
"إيييييييه يا بطلة! تعالي في حضني بقى، وحشتيني!"
حضنتها بقوة، وباستها على خدها كأنها بتحاول تمسح بيها كل الزعل.
نور:
"عاملة إيه يا قمر؟ وصحتك أخبارها إيه؟"
لينا (بضحكة صغيرة وهي تبص لنرمين):
"صحتي تمام… بس هي – (وأشارت على نرمين) – مش شايفاني كده،
وعمّالة تمنعني أعمل أي حاجة!"
نرمين (بحزم مصحوب بحنية):
"لأني عارفة شقاوتك، ومش هسيبك تتعبي تاني…
وما تنسيش إن الدكتور قال ترتاحي شوية، صح يا نور؟"
نور (بابتسامة دافية):
"صح جدًا… بس برضو لينا بطلتنا، وشاطرة، ولو عايزة تساعد نخلّيها تساعدنا بحاجات خفيفة…
إيه رأيك نعمل كيك مع بعض؟"
لينا (بحماس):
"آآآآآآه نعمل كيك بالشوكولاتة؟"
نور:
"أحلى كيك بالشوكولاتة، عشان نحتفل إنك أحسن، ونفرح شوية، ماشي؟"
وهم واقفين في المطبخ، لينا بتكسر البيض ونور بتحرك في العجينة، الجو كان فيه خفة وضحك وحب بسيط.
نرمين (وهي بتقلب الشوكولاتة على النار):
"نور، هو انتي تعرفي حد اسمه سيف؟ بيكون قريب سليم؟"
نور (بصت لها بسرعة وهي بتحاول تتذكر الاسم):
"آه آه... بكون ابن خالة الشامبوزي..."
وضربت ضحكة مكتومة وهي بتكمّل:
"قصدي سارة."
نرمين (رفعت حاجبها بسخرية):
"مش غريبة بيتشابهوا... 🐒🐵
الظاهر الشبه وراسي!"
نور (بضحكة من قلبها):
"انتي كارثة يا نرمين… بس ليه بتسألي؟"
نرمين (رجعت تبص في الطاسة وهي عاملة نفسها عادية):
"بس يعني... سألت.
هو طلع أستاذي في الجامعة، وشوفتُه مرة قبل كده في الشركة…
فاستغربت يعني، حسيت وشه مش غريب عليا."
نور (وهي بتضربها بكف العجين بخفة):
"هو بس؟ ولا في حاجة تانية؟"
نرمين (بتمثل الجدية):
"أنا؟ لا طبعًا! ده أنا مابحبش الرجالة أصلاً!"
وبعدها ضحكوا هما الاتنين ولينا داخلة وسطهم:
"يلا بقى خلصوا الكيك، أنا جعانة!"
نور:
"خلص يا بطة، كمان شوية وهندخل نحتفل… وننسى كل الغلا! 🍫🎂"
مر الوقت بسرعة، وفي المساء…
سليم راح جاب نور من عند نرمين،
وكانوا ساكتين طول الطريق، كل واحد فيهم حابس وجعه جواه.
وصلوا القصر، لقوا الكل مجتمع على العشا.
نور قعدت جنب زمرد، ساكتة، وعيونها مش بتفارق سليم…
اللي كان عامل نفسه بياكل وهو بالكاد بيبلع اللقمة.
سارة كانت قاعده متوترة، عينيها بتجري على كل الموجودين.
رن جرس الباب فجأة.
نسرين قامت تفتح، وبعد لحظات، دخل مازن.
زمرد بابتسامة مصطنعة:
"إيه يا أستاذ مازن، صار لازم نعمل فيزا ولا طلب رسمي عشان نشوفك؟"
مازن وهو باين عليه التعب:
"كان عندي شغل مهم يا مرت عمي… نقل الشركات من ألمانيا لمصر مش لعبة، تعب على الآخر."
قعد على الكرسي، وبدأ يلاحظ التوتر المنتشر حوالينه…
سمية بتبص في الطبق ومش قادرة ترفع وشها،
سارة باين عليها هتقوم تجري من كتر الارتباك.
مازن بصوت مش فاهم:
"في إيه؟ خير؟"
سمية حاولت تهوّن:
"يا ابني… النهاردة حصل حاجة مهمة…"
مازن:
"إيه يعني؟ حد مات؟!"
سارة بصوتها المنخفض المرتعش:
"أنا… أنا اتجوزت… سليم."
الدنيا سكتت فجأة…
مافيش صوت غير صوت شوكة وقعت على الأرض.
مازن وقف فجأة، عينه بتتسع:
"إنتو بتهزروا؟! دا هزار سخيف جدًا…"
سمية:
"اهدى يا ابني… ده ابن عمها، أهو أحسن من الغريب!"
مازن بصوت عالي وغاضب:
"يعني إيه؟!
يعني أختي تتجوز واحد كان لسه متجوز ومش طايق مراته؟
ده إنتو بتهينوا اسم العيلة!"
وقبل ما حد يلحق يتكلم،
مازن مد إيده وشد سليم من قميصه،
وسددله بوكس مباشر في وشه خلاه يتراجع خطوتين.
سليم اتحسس مكان الضربة وهو ساكت،
لكن في ثانية، اتنفض عليه و نط فوقه زي الأسد،
وابتدت خناقة حامية بين الاتنين.
الكرسي اتقلب، الملاعق طارت،
زمرد صرخت: "كفاية! هتقتلوا بعض!"
سارة جريت تبعدهم وهي بتبكي:
"أرجوك يا مازن سيبه! سيبه بلاش كده!"
مازن دفعها بعيد بصوت مبحوح من الغضب:
"إنتي! إنتي اللي خنتي العيلة…
لو ما طلقتيش الراجل ده، أنا مش أخوكي،
واعتبري نفسك متبرية مني!"
سارة بدموعها:
"أنا بحبه…"
مازن بص لها بضحكة كلها سخرية:
"آه بتحبيه؟
آدي آخرته الحب…
كنت فاكر عودتي هتفرّق… طلعت غلطتي إني رجعت أصلاً."
وبص لـسليم نظرة كلها تهديد:
"حسابك عندي كبير يا ابن الأسيوطي…
وهحاسبك قريب… وقريب جدًا."
وبص لـالدادة فاطمة:
"يا دادة… نزلّي شنطتي، أنا هبات برا النهاردة."
سمية جريت وراه:
"مازن! مازن ابني، استنى! ما صدقت رجعت لينا، هتمشي تاني؟!"
مازن فتح الباب، ووقف لحظة، من غير ما يبصلها:
"لما أكون غريب في بيت كنت فاكرو بيتي…
مايستحقش حتى السلام."
وخرج…
وساب وراه قلوب مكسورة، وعيلة على وشك الانفجار.