رواية من بعد خوفهم الفصل التاسع عشر 19 بقلم حمدى صالح

  

 

رواية من بعد خوفهم الفصل التاسع عشر  بقلم حمدى صالح


صمتْ أدهم لدقائقٍ يحاول ترتيب الكلمات في جُملٍ مُتناسقةٍ؛ كي لا ينزعج أُبيِّ.. فكان شعلةً مرتفعةً.. علىٰ مشارف مشاونةٍ حادةٍ معهُ، وقف أمامهُ بهدوءٍ:
-لم أقصد شيئًا سيئًا أبدًا، فقط ترفض الفكرة من الأساس؛ لهذا ثرثرتُ معك لا أكثر، وإن كنتُ تخشى لدن مني فلا تخاف، أعلم أنَّني في مأزق. 

طبطب عليه مُتجهًا لغرفتهِ دون نقاشٍ يُفسد علاقتهما؛ فقد أصبح أُبيِّ عصبيًا، منزعجًا علىٰ كُلِّ كلمةٍ، سرح أدهم في حديث أخيه الواقعي في كُل أمرٍ هامٍ يُخصّه، لمَ لا يُفكر بعقلانية؟ لمَ لا يتمهل؟ 

خرج مِن دوامتهُ على رسالة سُليمان؛ ليرن عليه مُتأسفًـا: 
-نسيتُ هاتف أبي بالغرفةِ يا عم، هل تُريد شيئًا؟! 

انتظر ثانيةً ولم يتلقَ ردًا؛ ليدرك هوية لدن مُلقيًا السلام ثُم أغلق الخط في هدوءٍ تامٍ مُتيقنًا الخير في علاقتهما، زاغ بعينيه للفراغِ يحاول فض نزاعات قلبهُ الثائرة في انشغاله بالتفكير بها، سنواتُ دراستهُ لم ينظر لفتاة من أجلها، كان هاربًا من فتيات الجامعة من حديثهم المعسول عليه أثناء انشغاله بتقديم الأبحاث والسير وراء التّعلم، ها هو الآن يخطو خطوتهُ الأولى منفردًا، يتمَّنى السعادة معها وأن تُتدرك فؤادهُ، يودُّ لوهلةٍ إخبارها بالحقيقة الكامنة بداخلهِ.. لكن الأمرَ معقدٌ وبات مُستحيلًا، هي لن تنسَ.. وهو سيحاول مِن أجلها. 

(خلف البيوت أسرارٌ لا يراها أحدًا إلا أصحابها وكأنهم في صراعاتٍ البارز منها الجيد، ورائها كُتلةٌ مِن الأحجار المُفتتة!). 

جُن جنون عنود وهي تبحث بثيابها عن علبة الدواء الخاصة بها، يومٌ كاملٌ من الفوضى، كتمتْ خوفها أثناء ولوج مؤيد الصامت وضع هاتفهُ، متمتًا : -أتبحثين عن هذا! 

استدارت إليه بتلعثمٍ؛ ليمسكها من يديها بعنفٍ: 
-تتناولين حبوب منع الحمل وأنا أبله معكِ، كيف تفعلين هذا بي! 

-أنا.. أنا لم أقصد.. 

هدر بسخريةٍ: 
-لم تقصدين أخذها في غيابي، أنتِ ضيعتي ثقتي بكِ وبقلبي، لم تناقشين شيئًا حتى، بالطبع.. فأنتِ تشبهين أمكِ! 

غادر بقلبٍ تالفٍ، لم يرَ شيئًا إلا رهف، عاد بذاكرتهِ ليومٍ واحدٍ حينما أخذ نقودهُ من خزانتها السفلية لتسقط العلبة بالأرضِ، هم لا يتناولوا عقاقير وإن مرض أحدهم فالدواء بدرج الطاولة، دثرها بثيابهِ وأرسل اسمها لصديقٍ يعمل بإحدى الصيدليات المجاورة لبيتهِ، لم يفكر بشيءٍ بقدر الاهتمام بها.. وهي طعنتهُ بسكينٍ، تمَّنى لثانيةٍ أنْ يُكْذب الصيدلي ولكنهُ عُلمَ نوعهُ وآثارهُ السلبية، لم يفعل شيئًا بقدر خُذلانها لهُ مجددًا! 

بكتْ عنود بحرقةٍ، خائفةً، هاربةً مِن قدرها، والدتها الشيء المفزع بحياتها فلم تريد شيئًا بقدر وقتٍ مؤقتٍ؛ لاكتساب ثقتها بنفسها سرًا، أسندت رأسها علىٰ الفراش تبكي بغزارةٍ، لم تنصت لنصيحة والدها وها هي تدفع الثمن علىٰ حساب نفسها ومؤيد! 

سَلكَ طريق أدهم فهو الرفيق الوحيد الذي يأتمن سره عليه؛ ليصطدم الآخر برؤيته:-مُؤيد..ما بك؟

-أريد المكوث بجوارك.. لا تسأل لمَ، ولا تُخبر أحدًا حتى لدن، أفهمت! 

هزّ رأسهُ في صمتٍ تامٍ؛ فالعقرب يشير للواحدة ليلًا ولن يأتي هكذا بدون سببٍ قوي! 
ـــــــــــــــ
استيقظ حسين علىٰ رنين ياسر يخبرهُ بإكمال عملهِ بعد اتفاقهما على العمل بفرع الشركة الآخر سويًا، التقط ساعةً واحدةً فقط ينهي وردهُ وصلاتهُ ثُم بدأ في إنهاء المشروع الخاص بأحد العملاء علىٰ مضضٍ مِن أسلوبهم البشع كما وصفهُ حسين وكأنهُ خادمًا لهم، لم ينزعج كُليًا بقدر إثبات عمله البسيط للشركةِ وأنهُ قادرٌ علىٰ حِمل المسئوليّة عن جدارةٍ وثقةٍ تامةٍ. 

أقبلتْ والدتهُ حاملةً أكواب الشاي؛ ليقبل يديها بحبٍ: 
-كيف حال صِحتك اليوم؟! آراكِ شابة يا أمي! 

ابتسمتْ بلينٍ: 
-الحمد لله على نعمة الصحة والوقوف يا بني، المهم هو دعواتي لك في حياتك وأنْ تصبح يافعًا مثلما أراد والدك، ولكنني أشك بكَ..هل تودُّ قول شيء؟

تنهد حسين بإختناقٍ: 
-نعم، هل تتذكرين الفتاة التي أُحبها وشاركتني أفعالي الماضية؟ 

-بالطبع، أكمل.. 

-والدتها تُجبرها علىٰ الزواج وهي ترفض مِن أجل أشياءٍ كثيرة، تِلك مَن تريد الشهرة بتصميماتها دون ظهور شيئًا منها، يظن والديها أنّها طائشة وهكذا.. تِلك الأمور الزائدة بمجتمعنا، المُهم أنّها ستوافق على أي شاب دون السؤال عليه وأنا رأيتُ أخاها أمسًا وعرضتُ عليه الأمر، فهل يمكنك مساعدتي والتّحدث معها، أقسم لكِ أنَّني لا أفكر في أمور الزواج هذه.. أريد التخرج من الجامعة لا هذه الأشياء، وإن وصل الأمر للطلاق فيمَ بعد لن أحزن وعدًا..بغبائها ستهلك نفسها وأخشى عليها! 

لم تُبدي رغبتها الأولى، تفكر في عوائق الأمر؛ فقد وعدت كريم بألا تخبرهُ، أجابت بحنوٍ : 
-حسنًا، اترك الأمر لله وسأفعل ما بوسعي لها ولك.. ربما يغير الله دربها على يدك وتصلحك أكثر، اليوم عطلة انزل لأصحابك قليلًا واترك مكان شمس بورقة حتى أذهب إليها. 

دوّن الشارع القابعة به ثُم بدل ثيابه مفكرًا في أمـر شمس، هل سترفض وتقع ضحية والديها؟ أزاح الباب تاركًا النقود بحقيبة والدتهُ قبل أن ترفض ثُم نزل مُلقيًا السلام على والدي أُبيِّ جالسًا بجوارهِ: 
-ألم تذهب مع أخيك، لمَ لم تتجهز يا رجل! 

-مؤيد هُنا ولا يصح أن أذهب وأتركهُ وحيدًا، أمي وأبي سيذهبا معهُ. 

انتبهت والدتهُ للحوار ذاهبةً لشقة أدهم المقابلة منها، نائمان في ثباتٍ لا يشعرا بشيءٍ، فتح أدهم عينيه سائرًا على أطرافِ قدميه مهرولًا للمرحاض، جلست بجوارِ مؤيد ناطقةً: 
-أعلم أنَّك مستيقظًا. 

-أبكي بداخلي علىٰ حالي، كنتُ سأخبرها بأنَّني أنهيتُ التدريب وسأبقى معها دائمًا، لكنها طعنتني، تأخذ حبوبًا لعدم الإنجاب يا خالة، لمَ لا أفرح لثانية فقط! 

ضمّتهُ بقوةٍ كابنها وتصنم أدهم علىٰ كلامهِ متواريًا خلف الباب يحاول استيعاب الأمر، يستشعر العجز في دموع خَلِيَلهُ الوحيد، وضع أدهم نفسهُ مكان مؤيد، لن يتحمل هذا الشيء مثله؛ فالرجل يتمّنى طفلًا يلهو معهُ، يكبر بجوارهِ، يصبح صديقهُ، حمحم بهدوءٍ كاذبٍ، جالسًا بجوار خالتهُ: 
-لم تخرجين ثيابي وهذا إهمال! 

-لو تطلعت لغرفتك قليلًا ستجد اثنين بدلًا من واحد، جيد التّصنت يا أدهم؟! عامةً.. ستذهب معنا، تقف بجوار ابنه عمك بشكلٍ طبيعي ولتعلم يا مؤيد أنَّها تحتاج للأمان وإن أخطأت فلتعاقبها بطريقتك، والدتك اعتبرتني من عائلتكم وإن استمعت ورأت حالتك لن تتدخل بمشاكلك، اسمعني يا مؤيد.. الأنثى تحتاج لمصدر أمنٍ، جلستُ منذ زواجكما أيامًا ومِن حقها الخوف، أنا لا أنكر فعلتها وأقف بجوارك. 

حاول أدهم تلطيف الجو: 
-هذا جيد وسيأتي أُبيِّ معي، خالتي أنتِ قطعة سكر، ومِن أجل هذا سأترك طقمًا جديدًا لهُ وآخذ واحدًا، هل ستذهبين الآن.. فهذه جلسة شباب. 

-ما يصبرني عليك هو حسك الفكاهي هذا، رحمه الله على والدتك ورثتُ منها ما يضحكني. 

ضحك وهو يلتقط المنشفة منهُ: 
-لا تنسَ أنّها ابنه عمي وصغيرتي يا صاح! فلتحمد الله على إخباري بكوارثك معها! هلّم فالساعة اقتربت من الخامسة واذهب لمحل الذهب، رُبما تكتم عدوان لدن عليك، أعلم أنَّك تحب ذوقها.. هيا حتى انتهي. 

اتجه للخارج تاركًا إياه لدقائق، يفكر في أمره قبل منهُ مجددًا، أمسك هاتفهُ ثُم ارتدى ملابسهُ سريعًا تاركًا المفتاح علىٰ طرف الفراش، عَلمهُ النقاء فبات نقيًا واثقًا به، لم ينصت لحديثه بل جلس منتظرًا الجميع بعد رفض أُبيِّ في الذهاب، يلهو بالهاتف قليلًا بجوارهِ، داعبهُ قليلًا: 
-أنت رائع ولكن ينقصك العطر؛ لهذا هذه لك..أنت أخي ولكن زواجك لا يخصّني في الزيارات الأولى. 

حاول استيعاب الأمر؛ فالعطر باهظ الثمن ويعلم سعرهُ.. ضمّهُ برفقٍ مغادرًا لغرفتهِ فأصبح أُبيِّ أكثر عقلانية وثبات رغم كل شيء. 

علىٰ الناحية الأخرى.. دارت لدن الشوارع علىٰ فستانٍ رقيقٍ؛ لتفشل في اقتناء شيئًا يخصَّها، لم يُهمها التأخير بقدرِ اقتناء فستانًا يليق بها، يأست مجددًا وهي تدلف آخر محل تتفحص الفساتين سريعًا؛ لتقع يديها علىٰ فستانٍ مزركش بالورود من الأسفل مع تداخل الألوان الزرقاء، أخذتهُ سريعًا ثُم توجهت لشراء خمار جديدًا ، انقضى الوقت عليها مُتطلعةً للساعة بخوفٍ، ركبت مواصلةً سريعةً ثُم هاتفت زوجة عمها. 

هرولت على السُلمِ؛ لتتوارى خلف الباب، والدها جالس برفقة عائلتهُ يتسامرون بالعديد من الأمور، لعنت حظها البائس لتُمسكها من يديها لشقتها: 
-ماذا أفعل معكِ يا لدن؟ النوم أمامكِ دائمًا! 

بكتْ كطفلةٍ خائفة: 
-قمتُ متأخرة، الآن أنا بمأزق.. أريد مياه على رأسي وثيابي البقيّة بالأعلى، حتى أختي لم ترد عليّ. 

-كُفي عن البكاء الآن، سأجلب لكِ ما تحتاجين وانتظري هُنا لا تتحركين. 

ارتعبت بداخلها بعد آذان العشاء؛ لتحمل ثيابها موصدةً الشقة عليها، تتعجل مِن خطواتها، ساعةٌ واحدةٌ؛ لتصبح أميرةً هادئة، لم تضع مساحيق التجميل.. بل اكتفت بلون خمارها الزهري، هدأت نفسها تمحو آثار الدموع مِن تأخرها؛ لتزيح باب الشقة تحت أنظار مؤيد وهو يغمغم بصوتٍ خافتٍ: 
-ما ذلك الكيس! بالله.. كيف لعروسٍ أن تنسَ أشيائها! 

-لا توتر أعصابي أكثر، أغلق الغرفة حتى أضع ثيابي بالغرفةِ. 

شدَّ الكيس يخفيه خلف المقعد مع ابتسامةٍ صفراء من غيظهِ، ولج بالداخل معها بعد أن وضع أكواب القهوة والعصير بطبقٍ مزين بالأحجار، سَلّمت على الجميع ثُم جلست بجوار والدها وهي تفرك يديها تودُّ القيام من هذا الأمر، تحدث زوج خالتهُ بجديةٍ: 
-أنت تعلمنا جيدًا يا سُليمان وتعلم أخلاق أدهم من مؤيد، فما رأيُك في كتب كتابهم بعد أسبوعٍ؛ حتى تعمل لدن في راحةٍ تامةٍ وإن أزعجها تشتكي لي فقط.

ضغطت لدن علىٰ يديها تنظر لأبيها؛ ليقطع أدهم الحديث: 
-هل يمكنني التّحدث معها قليلًا قبل أي شيء؟ 

أخذهم مؤيد للغرفة المجاورة قبل رفضها: 
-أريد الاستماع إليكِ.. 

-الاستماع! أنت لم تترك فرصةً ليِّ وأنت تعلمني جيدًا، إن وافقتُ سيكون من أجل أبيك لا مِن أجلك؛ لأنَّك لم تراعِ الأسرار ولن أؤتمن على نفسي معك، ربما ينزف قلبي لكنني أقوى بإيماني وثقتي بربي، هل أنت ستثبت نفسك في نطاق الحلال.. أم تتوارى خلف الأسوار! 

-ردّي سيكون قريبًا، حينها ستعلمين كل شيء، ما شروطك البقيّة! 

وقفت بقوةٍ: 
-ألا أتوقف عن العمل، وأن تبتعد عن الملل فأنا مُملةٌ وعنيدةٌ! سأخبر أبي بموافقتي ولتتذكر أنَّ أفعالك القادمة هي مَن ستغيرني لأفضل معك، أنت ظلمتني كثيرًا وما سأفعلهُ هو لأجل صاحبك الوفي بك ولأبيك ذي السمعةِ الطيّبة. 

تبسّم ضاحكًا: 
-اجلسي ولا تفعلين المشاكل بملامحك الباكية وكأنّكِ مغصوبةً! 

أخفضت لدن رأسها، تحاول التحكم بلسانها؛ فقد وقف الجميع بجوارهِ، شعرت بالراحةِ وهي تتحدث مع خالته، تِلك مَن ستقف بجوارها دائمًا. 
بينما تفقدت والدة حسين بنية شمس تسأل الرجال عن البيت، بنيّة طويلة الأدوار بجوارها محلات الفاكهة وموصدة بقفلٍ حديدي، أمامها الورود الصناعية، والحارس يتناول طعامهُ، اقتربت منهُ؛ ليصعد المصعد معها فكان شابًا لم يتخطى الرابعة عشر جالسًا بدلًا من أبيه. 

فتحت شمس بإرهاقٍ ترمق السيّدة بقلقٍ: 
-مَن حضرتك؟ 

-هل والديكِ بالداخل؟ 

-لا، ذهبا للتسوق، تفضلي حتى يأتوا فأخي معهم ولا يصح وقفتك هكذا. 

استغربت طريقتها وملامحها المريضة من كثرة البكاء، كيف لم تعلمها بعد وهي مَن تسأل عنها عبر أخيها، فتاةٌ هادئةٌ، قصيرة بعض الشيء تواري جسدها خلف عباءة الصلاة، أفاقت علىٰ صوتها وهي تضع كوب الماء: 
-تفضلي. 

ارتشفت القليل مُتحدثةً: 
-أنا والدة حسين وبالتأكيد تعلمين هويتي من أخيك، جئتُ إلى والديك لأطلبك مِنهم، أنتِ خسارةٌ كبيرةٌ في رجل بأخلاقٍ سيئةٍ يُدمرك كُل ليلةٍ ولا يتذكرك إلا لمتعته متناسيًا أمرك، رُبما ترتجفين بداخلك على أمر زواجك هذا..هو يحبك ويعلم ما يحدث وسيحدث بسبب الانصات لوالديك، ألا تعلمين محاسبة الله على القاء نفسك بتهلكةٍ كبرى؟! كيف لفتاةٍ مثلك الاهمال بنفسها في شتىٰ الأمور، أحلامك تستحق وأنا أعدك بهذا، هو يريدك اكمال مسيرتك وأنتِ في زهرة عمرك. 

-ما فعلتهُ أقوى وأستحق العِقاب. 

-لا تفكرين هكذا، فقط وافقي وسأُنهي الموضوع في غضون أيامٍ، مِن أجلي وأجل نفسك، فكري في أخيكِ إن تلقى كلمةً من الغريب بسببكِ. 

تسلل الخوف لقلبها بعد جرس الباب المستمر؛ لتوافق! وافقت علىٰ أكثر شخصٍ تبغض رؤيتهُ، تمّنت لثانية سؤال والدتها عنهُ، توجهت شمس لحجرتها تدثر نفسها بين الأغطية هاربةً من هواجسها. 
ــــــــــــــــ
رجع مؤيد شقتهُ وهو يطرق الجرس مراتٍ عديدة، نسي الهاتف والمفتاح لأول مرة، دبدب علىٰ الباب مجددًا بلا فائدة ليستأذن جارهُ بالتسلل للشرفةِ لكونها مقاربةً منهم، خاف الرجل قليلًا ومع إصرارهُ وافق، ثياب عنود ملطخةً بالدماء لا تتحرك، خشي عليها بعد هيئتها الضعيفة ملتقطًا هاتفهُ ثُم ألبسها إحدى ثيابها السوداء لأقرب مشفى، الطبيبة تسعفها بهدوءٍ وهو بجوارها وكأنها لا تودُّ الحياة، أفاق على حديث الطبيبة: 
-ضغطها عالٍ؛ لهذا لم تتوخى الحذر في شهرها الأول بالحمل أو رُبما أُرهقت. 

وقت بملامحٍ صادمةٍ: 
-هي تتناول عقاقير تمنع الحمل أيتُها الطبيبة، ما هذا الهذيان! 

-أنا أثق بكلامي، الجميع يتناولها ويحدث حمل طبيعي إن منعت نفسها عنهُ لأيامٍ، أو كما يسمى لم تتوخى حذرها، المهم الاهتمام بصحتها جيدًا؛ فالجنين لم يتكون بعد. 

غادرت الغرفة في هدوءٍ، استدار إليها متمتًا بسرهِ: 
-لمَ تفعلين هذا!

فتحت عينيها على نظراتهِ المنكسرة، لتُمسك يديه بأسفٍ: 
-لم أقصد، عاقبني ولا تهجرني يا مؤيد! 

أجابها بجمودٍ: 
-أنتِ متعبةٌ، نتكلم فيمَ بعد. 

-سأعاقب نفسي! 

ثارت عليه وهي تصرخ؛ ليحاوط يديها بقوةٍ: 
-ما هذا الجنون! أنتِ ستؤذين طفلنا هكذا! أنتِ تحملين جنينًا بداخلك، اهدئي.. لن ابتعد عنكِ! 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1