رواية لطيفها عاشق الفصل التاسع عشر 19 بقلم سميه راشد

رواية لطيفها عاشق الفصل التاسع عشر بقلم سميه راشد


"ربما حان وقت العيش بين أحضان حنانك"
زقزقة العصافير غمرت المكان حولها حتى عقدت حاجبيها وهي نائمة، أصوات العصافير، رائحتهم بينما صوت عبدالرحمن يتداخل بحلمها ليكون حلمًا جمع الأحبة، ازداد ارتفاع أصوات العصافير وباتت تشعر بلمسات حانية على صفحة وجهها اليمنى، ما هذا! أحلمها رائق إلى هذه الدرجة أم أنها أمُّ الحقيقة!

رمشت عينيها بتساؤل وهي تشعر برائحة عبدالرحمن تختلط برائحة العصافير لتجد الحلم متجسدًا أمامها، وجدته  يناظرها من علو بينما باطن كفه يداعب إحدى وجنتيها برفق وحنان جعل بدنها يقشعر سعادةً، ابتسمت بحياء وابتعدت بنظرها عنه تحاول التهرب من نظراته لينطق بصوت حاني
- مش عايزة تشوفي صحابك الجداد 
عقدت حاجبيها بتساؤل ثم التفتت إليه لتجده يوزع أنظاره بينها وبين الكمود خلفه، شهقت بقوة فور رؤيتها لقفص العصافير الذي يحتوي على أربعة بداخله مختلفي الألوان بهيئة تجذب الأنفاس من فرط جمالهم.

نهضت من فوق الفراش لتقترب منهم تناظرهم عن قرب وسألته وهي تتأملهم بسعادة من تحقق حلمها الذي كان يأبى والدها تحقيقه رغم بساطته
- جبتهم امتى وإزاي.. حلوين أوي 

بادلها النظرات السعيدة بفرحتها ثم أجابها
-  طلبتهم أونلاين ووصيت ييجوا على هنا وبالفعل وصلوا في الوقت المناسب 

طالعته بامتنان قبل أن تلتقط كفه فنظر إليها بتساؤل لتفاجئة برفعها إلى شفتيها وتلثيمها بهدوء وشكر نطقت به نظراتها ثم قالت
- شكرًا على كل حاجة مكنتش أقدر أحلم بيها وأنت حققتها من غير ما أتكلم

تأملته لترى رد فعله على حديثها فشعرت بالتيه من نظراته التي يغمر عينيها بداخلها، لا تدري أهي تحوي على العشق المصفى بداخلها أم تمزج عشقه بحنانٍ لم تحظَ به بالقدر المناسب سوى منه هو، ابتسمت بخجل كلما مرَّ على عقلها أحداث اليوم السابق ورومانسيته المفرطة التي فاجئها بها فوجدته يشير إلى أوراق بيده.

طالعته بعدم فهم فابتسم بهدوء وهو يخبرها بما سيجعل قلبها يتراقص فرحًا
- دي الأوراق اللي هنكمل الإجراءات بتاعتها عشان نطلع عمرة بعد الامتحانات بتاعتك إن شاء الله.

فتحت عينيها على وسعهما ثم وزعت النظرات الراجية  بينه وبين الأوراق تتأكد مما استمعت إليه ليوميء إليها بإيجاب وابتسامته السعيدة تملأ شدقيه فشكرته هذه المرة ليس بتقبيل راحة يده كما فعلت بالمرة الأولى بل عانقته عناق أخبرته كم تزاحمت المشاعر بداخلها حتى باتت عاجزة عن تحديد كنهها.

بعد ساعتان دلف كلًا منهما  إلى بيت العائلة السفلي ليجدا الجميع يجتمعون بينما أصوات ضحكاتهم ترتفع على حديثهم اليومي، ابتسم عبدالرحمن لوالدته التي تعلقت أنظارها القلقة به، فقد أخبرته ذات مرة أنها تشعر بشيء ما غير طبيعي يحدث بينه وبين دنيا فكانت هي أول من هرع إليها بفجر الأمس ليخبرها أنه ودنيا سيختفيان يومًا بليلته يقتنصان قدرًا من السعادة.

عقدت دنيا حاجبيها وهي تطالع مريم، ابنة عمها الوسطى والتي كانت غالبًا ما تتخلف عن الجلسات العائلية بينما الآن تجاور رحمة وتتحدث إليها بسعادة وكأنها كانت تحمل فوق أكتافها أحمالًا من الهمِّ والآن نجحت في التخلي عن معظمها، اقتربت منها لترى ما يشاهدانه على الهاتف فوجدتهما تشاهدان أثواب خاصة بعقد القران لتتذكر على الفور ما حدث بالأمس وثوب الخيال الذي كانت ترتديه لعدة ساعات فالتفت بأنظارها الممتنَّة إلى عبدالرحمن الذي وجدته يتابعها على غير عادته بل وماذا يفعل؟ لما يلتفت حوله وكأنَّه يتلصص هكذا! لتجد الجواب ارتسم على شفتيه وهو يهمس إليها بخفوت 
- ب ح ب ك 

احمرَّ وجهها خجلًا وباتت تفعل مثله هي الأخرى فدارت بعينيها خشية من أن يكون أحدهم التقط ما فعل فلم تجد من ينتبه إليهما، فوالديه ينشغلان بالحديث مع شقيقها الذي يطعم ابنته بينما رقية تنفرد بنفسها في أحد الأركان وبيدها إحدى القطع التي تعمل عليها بملامح شاردة بينما ابنتي عمها لازالتا تشاهدان الهاتف. 

اتسعت ابتسامته على ما فعلت فبادلته الابتسامة لتجده يشير إليها برأسه 

عقدت حاجبيها بعدم فهم فأشار إلى الأعلى ثم نهض واقفًا متجهًا  إلى الدرج فتبعته بهدوء بينما نظرت رقية إلى أثرهما بشرود شاعرة بأن الأمر بينهما ربما تحسن إلى درجة تريح فؤاد ابنة عمها.

تركت رقية قطعة القماش من يدها فور استماعها لرنين الهاتف الذي أخبرها بوصول رسالة على أحد مواقع التواصل، متلهفة لترى ردُّه، فقد أرسلت إليه بضرورة مجيئه إلى بيتهم لرغبتها في محادثته بأمرٍ هام ليتأخر رده وهو يجيبها الآن بعد إرسالها الرسالة بعدة ساعات
- جاي بعد  صلاة العصر 

اقشعر بدنها فور قراءتها لكلماته التي شعرت ببرودها، ربما للمرة الأولى يلسع السقيع قلبها من مجرد رسالة، غير مدركة بأن رغبتها بمجيئه فعلت بقلبه مالايحمد عقباه وأخبرته بأنها النهاية حتى أنه ظل ساعات خائفًا من فتح الرسالة بعدما رآها من الخارج إلى أن عزم أمره وأجابها بما شعرته هي باردًا فحقًا الرسائل المكتوبة كثيرًا ما تثير أفكار لا أساس لها من الصحة بل وتبنى عليها أفكار لا تفعل سوى إيذاء القلب.

هرولت دنيا على الدرج لتلحق بعبدالرحمن إلى أن جاورته بعدما اختفيا عن الأعين بالقرب من شقتهما  فسألته عن مايريد فأخبرتها نظراته قبل أن تهمس شفتاه
- معنديش شغل النهاردة إلا من الساعة اتنين هبدأ من رأيي أنفرد بيكي أحسن.

اتسعت ابتسامتها الخجول ولم تدم ابتسامتها وهي تشعر به ينحني ليحملها بين ذراعيه على غفلة منها فشهقت بخوف إلا أن ضحكاتها ارتفعت وهو يصيح بمرح عقب حمله لها
- باسم الله الله أكبر.
***********

قرأت مريم ورحمة اسم كريم يزين الشاشة برنين تبع ظهور الاسم فتصنعت رحمة الضيق بينما غمزت لها مريم بشقاوة لم تعهدها منها في الأونة الأخيرة، كادت أن تغلق بوجهه كي تثير غضبه كما يفعل دائمًا إلا أن شقيقتها شعرت بحدسها ما ستفعله فابعدت يدها وضغضت هي على الجهة الأخرى الخاصة بالفتح، كزت رحمة على أسنانها ورمت شقيقتها بضيق بابتسمت إليها الأخرى بسماجة لا تقل عن سماجة المتصل قبل أن ترفع الهاتف إلى أذنها وتنهض مبتعدة عن عائلتها كي لا يرونها وهي تنهره.

كادت أن تصيح به إلا أن صوته أوقفها وهو يهمس بصوته الحاني
- غارق أنا بين أبحر عشقك ولا أعرف القدرة على الغوص رغم أني سباح ماهر أتدرين ما السبب؟

صمتت قليلًا لينتهِ مما يقول فأجابته بما فاجئه
- السبب إنك عايز تتلم.. تعرف تتلم؟! 
- رحمة

فاه باسمها بتحذير من تجاوزها الحد معه فابتلعت ريقها بتراجع وانتظرت منه حديثًا آخر فتابع
- أنا جاي عندكوا بعد المغرب إن شاء الله استنيني بقا واعملي لي حاجة حلوة.

كزت على أسنانها من تباسطه وكأنه لم يفعل شيء، وكأنه لم يجبرها على استئناف الخطبة فسألته 
- مش لسة كنت عندنا! 
فأجابها بسماجة جديدة عليه
-ما أنا بقيت بحبكوا وبحب آجي عندكوا.. بحبكوا أوي

قرأت تلميحه من بين كلماته فرسمت الجدية على وجهها وهي تتحدث
-بلاش التجاوز دا يا كريم.. يمكن التجاوز اللي كنا فيه دا السبب في اللي حصل.. خلينا نتقي الله عشان ربنا ييسر أمورنا.

ليسألها بمكر
- وأنتِ عايزة ربنا ييسر أمورنا؟ 

يريد أن يستفزها ويخرج أسوأ ما فيها وتعلم، لتعكس الأمر عليه وهي تجيبه 
- والله من رأيي في كل الحالتين متتجاوزش فإن ربنا قدر إن الخطوبة الإجبارية دي تتم منكونش عملنا حاجة حرام ولو ربنا أراد متتمش مكونش تجاوزت معاك عشان إما أتخطب مكونش أهدرت مشاعري مع حد تاني.. 

انتظرت أن يزجرها فكلما ضايقها أثارت ضيقه لتثأر منه إلا أنه صمت.. فخاب ظنها في استفزازه.. انتظرت أي تعليق منه على ما قالت إلا أنه أيضًا صمت.. لتعقد حاجبيها باندهاش وتنظر إلى الهاتف فوجدته قد أغلقه، فشهقت بغضب قبل أن تردد بتوعد
- يا نهارك مش معدي يا كريم بتقفل في وشي؟!

**************
يؤخر قدم ويقدم الأخرى، ليس بقادرٍ على مواجهة ما أتى لأجله، متيقن من أنها من طلبت مجيئه اليوم إلا لتخبره برغبتها في الانفصال عنه لعدم قدرتها على تقبله، لمَ الحياة قاسية لهذه الدرجة؟ لما تجعلنا نقع بحب أشخاصٍ بينما قلوبهم ليست معلقة بنا، لقد أحبها، يقسم أنه على استعداد تام لفعل أي ما تطلب منه فقط لا تتركه، فمذ الوهلة الأولى التي وقعت عيناه بها في محله وقد عاهد نفسه على أن يجعلها زوجته، ولكن لما الوقع مختلف عن الأحلام ويجبرنا على أن ننكث عهودًا قطعناها على أنفسنا فنسقط من نظر فؤادنا الذي أشعلنا بداخله الأمل..

طرق باب منزلهم ليجدها تفتح له قبل أن ينهي الطرقة، متشحة بالسواد، فستانها، خمارها،نقابها بل وجواربها سوداء، هيئتها جعلته ينقم عليها ويشفق بذات الوقت.

دلف بعدما أشارت إليه بهدوء فأشار إلى والدتها التي رحبت به بابتسامته البشوش، يبدو أن المرأة الطيبة لا تعلم ما تنتوي ابنتها أن ترتكبه بحق قلبه.

جلس على المقعد الذي أشارت عليه ثم جلست هي في مقابلته أمام باب الغرفة ليراهم الرائح والغادي فهي تأبى أن ينفرد بها في خلوة وهذا شيء أوقعه في غرامها أكثر ولكنه الآن يفكر في احتمالية عدم شعورها بالآمان معه فكانت تجلس عند الباب لأجل هذا السبب.

- في كلام بنا لازم نتمنه عشان كل حاجة تبقى واضحة.

القاسية.. كيف تفعل به كل هذا، ولما لا يراودها الضيق من أجله كما يفعل ألم تشعر بذرة إعجاب واحدة تجاهه تبلل جفاف قلبه الذي أحدثته؟!
- وعشان ميحصلش ندم بعد كدا

ارتجف صوتها.. يكاد يجزم أنه شعر بذلك أتشفق عليه لهذه الدرجة؟ 
لتتابع
- أنا عارفة إنك زعلت من اللي قلته وحسيت إني بتخلى عنك بكل سهولة.. 
ولم يمنع نفسه من أن يصيح بسخرية
- حسيت! 

فتجاهلت صيحته وتابعت 
- في حاجات لازم تعرفها عشان تقرر بعدها إذا كنت مستعد تكمل معايا ولا كل واحد يروح لحاله.

ماذا تقول هذه؟ أيعد الأمر راجعًا إليه.. أبكل جبروت جعلته هو من سيتركها أم لا؟ جعلت متابعة الخطبة متوقفًا على رغبته هو؟ قبس من أمل أنار بعض عتمة فؤاده لتتابع
- أنا كنت مخطوبة قبل كدا أظن عارف صح؟ 

أومأ إليها بإيجاب وفكر في أنها ستعرف الآن بأنها مازالت تحمل مشاعر لخاطبها السابق.. إذا هذا السبب، لتتابع
-بس مش عارف التفاصيل ولا عارف إيه اللي حصل.. هو زهق مني بعد ما اتخطبنا.. قالي إني مليش لأزمة وإني شايفة نفسي على الفاضي..قالي إن قلبي أجوف ومبيحسش.. كل دا عشان كنت بعامله بحدود الخطوبة.. 

غبي.. حقًا ذاك الذي وصفها بذالك أعمى القلب والمشاعر.. فهو رغم اتشاحها دائمًا بثوب الالتزام وتحفظها في التعامل معه تيقن من كونها أكثر امرأة عاطفية بالكون.. تيقن من أن هذه المرأة إذا أحبت فسيفيض حبها حتى يغرق صاحبة، ربما لم يستشفِ ذلك من تعاملها معه، بل مع عائلتها وتلك الفتاة الصغيرة.
قطعت تفكيره وهي تتابع
- في حاجة كمان حابة أعرفها لك.. أهلي من صغري وهما دائمًا كانوا بيرددوا إن أنا وأحمد ابن عمي هنتجوز إما نكبر دائمًا في كل قاعدة كانوا بيقولوا كدا كنوع من الهزار يعني.. 

نار اشتعلت بقلبه مما قالت، أحمد!ذاك الذي يتعامل معهم بإريحية جعلته يعتقد أنهم يعاملونه كشقيق؟ أكان يعيش برفقتهم منذ سنوات وكل هذا الكلام يدار؟ 
لتتابع
- بس إما كبرنا أحمد طفش... 

ارتفعت ضحكتها فور إلقائها لعبارتها.. ضحكة تبكي، ليكون السابق الحصري له بأن يرى أحدهم يبكي ويضحك بذات الوقت فتابعت
- سافر عشان شاف إني مش مناسبة ليه بس أنا كنت للأسف اتعلقت بكلامهم.. مش هقول اتعلقت بيه هو.. لأني مع الوقت اكتشفت إن احمد مش مناسب ليا.. أنا اتعلقت بوهم.. بالكلام  بأمل عيلة.. يمكن مكانش قصدهم يعملوا فيا كدا بس هما كسروا قلبي وجرحوني لمجرد إنهم كانوا بيهزروا.. بنوا في قلبي أمل وهو بسفره حطم الأمل دا على دماغي.. 

الحرفة تزداد.. كلما تحدثت يؤلمه قلبه.. أطلبت منه المجيء الآن كي تصف له مشاعرها تجاه آخر؟! صمت  عقله وهي تكمل حديثها
- جه من السفر بعد ما نبذني سنين.. جه ببنته اللي عملتها كأنها بنتي  ومع الوقت اتقدم عشان يخطبني  عشانها فرفضته.. 

عقد حاجبيه بعدم فهم! إن كانت متعلقة به منذ الصغر فلما رفضته إذا؟ أرفضته لكرامتها ثم ندمت الآن بعدما خطبت له فقصت عليه كل هذا ليكون مبررًا لفسح الخطبة؟ 

أنقذته من دوامة تفكيره وهي تكمل 
- اكتشفت إنه مش مناسب ليا.. اكتشفت إني مكنتش متعلقة بأحمد أصلًا وإني كنت متعلقة بالأمل اللي أهلي حطوه في قلبي.. أحمد مش شبهي.. ولا مناسب ليا ولا لأفكاري.. لقيت إنه مش الشخص اللي يستاهل أكمل معاه حياتي.. أنا اتعلقت بالأمل فيه في فترة مراهقتي بس بعد ما جه من السفر اكتشفت إني مكنتش عارفاه أصلا إني كنت واهمة نفسي بحبه بس  شخص فرغت فيه مشاعري عشان هو اللي كان أدامي بس طلع مش مناسب أصلًا للي أنا بحلم بيه.. أنا بنيت أحلامي على شخص وهو طلع شخص تاني..

إلى الآن لم يفهم ماذا تريد منه، فلقد فهم من حديثها أنها لا تحب أحمد فقط كان تعلق وولى إذا لما تريد فسخ الخطبة؟
ليسألها بأول ما راود عقله
- وليه عايزة تفسخي الخطوبة أدام مفيش مشاعر لحد تاني؟ 
لتهز رأسها عدة مرات بالنفي وهي تتابع
- مين قال إني عايزة أفسخ الخطوبة بس لحد دلوقتي مقولتش ليك اللي أنا عايزاه..
عقد حاجبيه بتساؤل يحثها على متابعة حديثها فأطاعته وهي تردف
- أنا  من الموقفين اللي حصلوا دول بقيت دائمًا خايفة ومش متطمنة.. خايفة أي حد أتعلق بيه يسيبني.. ما هو خطيبي الأول سابني وإن كان مفيش مشاعر ليه بس هو اللي سابني.. حتي ابن عمي طفش وسابني.. فبقيت خايفة إنك تسيبني زيهم ودا حقك.. عشان كدا بقيت باخد أي موقف بتحفز وخائفة تتخلى عني .. متعبتش إما الأول سابني عشان مكنتش عايزاه أصلا اللي جرحني بس الكلام اللي اتهمني بيه.. مزعلتش إما رفضت أحمد.. بس أنت لو حصل معاك كدا هيفرق معايا..

أرادت أن تخبره بما في قلبها تجاهه.. أرادت لو قصت له عن مشاعرها التي تولدت بداخل قلبها تجاهه، أرادت أن تخبره بأن فراقه هو يسجعل قلبها يبكي دمًا إلا أن خوفها من الله وضوابط الخطبة حالا بين رغبتها وبينه. 
ليسألها مهند بخطر
- يعني دا كله كان عشان خايفة إني أتخلى عنك زيهم.. يعني أنتِ مش عندك رغبة ولو واحد في المية إنك تسبيني؟

هزت رأسها تؤكد له سؤاله فكز على أسنانه بغضب منها، أفعلت كل هذا وأسكنت الرعب بقلبه لأنها خائفة؟! فهتف 
- يعني عملتي كل دا فيا وخلتيني مش عارف أنام ولا عارف أعمل أي حاجة عشان خايفة إن أنا اللي أسيبك؟ 
أومأت إليه بذعر من نبرته الخطرة المحذرة التي يحدثها بها 
فصاح بغل
- منك لله يا شيخة...أنا عايز أكتب الكتاب ودلوقتي! 

*************
دلف عبدالرحمن إلى شقته متلهفًا لرؤيتها بعدما أنهى عمله، بحث عنها بأرجاء الشقة فلم يجد لها أثرًا، عقد حاجبيه بتساؤل إلى أن استمع إلى صوت باب المرحاض يفتح فالتفت إليها ليجد الألم يتشكل على ملامحها بينما تنحني بألم وذراعها يحتضن بطنها.

أسرع تجاهها يسألها ما بها فأشارت إلى بطنها ثم أجابته بصوت مشبع بالألم 
- بطني بتوجعني

- طب من إيه.. إيه اللي حصل تعالي بس اقعدي 

فاه بكلماته وهو يجذبها ويتأمل وجهها بقلق فاحمرَّ وجهها خجلًا وأشاحت بنظرها إلى الجهة الأخرى، ضيق ما بين حاجبيه يفكر قليلًا إلى أن توصل للسبب، فبالتأكيد هو العذر الشرعي الذي يفعل بالبنات هكذا ويجعلهن غير قادرات على تحمل الألم فسألها
- اللي جه في بالي صح؟ 

أومأت إليه بإيجاب وخجلها يزداد فصاح بقهر جعلها تضحك رغم ألمها
- هو دا وقته! جت الحزينة تفرح.. ملقتش ليها مطرح.

تركها نائمة على الفراش وبعد قليل أتى إليها بكوب من النعناع الدافئ وإحدى الحبوب المدورة الصفراء.

رمقته بامتنان فجلس جوارها قليلًا ثم نهض مرة أخرى إلى أن عاد إليها بشيء ما أزرق بلاستيكي مليء بالمياة الساخنة وجعه على بطنها ليساعد في تخفيف الألم.. 

بعد قليل استكانت وارتسمت الراحة على وجهها إلى أن غلبها النوم، نهض بعدما اطمئن عليها ثم توجه إلى الخارج.. 

بعد قليل أتى محملًا بعدة أكياس بلاستيكية وواحد من القماش فوجدها مازالت نائمة 

خبأ بعضهم ليفاجئها بهم في الأيام التالية ثم وقف أمام الكمود المجاور لها. وأخذ يرص عدة أنواع من الشوكولاتة التي تحبها على شكل قلب وعلى جانبهم الأيمن من الخلف أزال أربعة جوارب من أكياسهم ورصهم برسومات الأطفال التي يعلم أنها ستعجبها ، بعلم أنها تعشق الجوارب والأخمرة فجاد عليها بالأخمرة التي تعشق وعلى الجانب الأيسر أخرج الأخمرة من الصندوق الذي كانت مرصوصة به بألوانها المتقاربة بطريقة تخطف الأنفاس، فلقد رآهم معروضين على إحدى الصفحات على موقع الانستجرام منذ فترة وحجزهم بل وجاءوا إلى البريد منذ فترة وكان يتكاسل  عن الذهاب لأخذهم  وقد حان الوقت.

تعليقات