رواية سدفة ج2 (عن تراض) الخاتمة بقلم أيه شاكر


رواية سدفة ج2 (عن تراض) الخاتمة بقلم أيه شاكر 

بعد مرور عام... 

في بيت دياب، حيث طالما تعالت الأصوات، وامتلأت الزوايا بالحكايات، خيّم اليوم سكون ناعم، لا يشبه الصمت بل يشبه السلام.

وفي شقة عامر

كانت شيرين تجلس على الأريكة الواسعة، وذراعاها تحتضنان رضيعًا نائمًا، يعلو صدره الصغير ويهبط بإيقاع هادئ كأن قلبه ينسجم مع نبض الحياة من حوله.

إلى جوارها، جلس عامر، يتأمل وجه الرضيع الثاني بين يديه...

أما نداء، فكانت تحمل الرضيع الثالث وكانت أنثى، تضحك نداء كلما تحركت ملامحها أو أطلقت همهمة غامضة كأنها كلمة سرّ لا يفهمها إلا الأطفال.

ثلاثة توائم... وضعتهم تُقى قبل أيام.

ثلاثة قلوب جديدة، تنبض باسم الحياة، وتغزل خيوط الغد في بيت طالما عاش على حافة الأسى، ثم عاد أخيرًا إلى الإستقرار.

قالت نداء وهي تتأمل وجه الرضيعة:

-الواحد اشتاق للأطفال يا ماما، شكلي كده هفكر في الموضوع تاني.

ردت شيرين مؤيدة:

-ومالو توكلي على الله، الأولاد دول رزق وأحلى حاجه في الدنيا، انا لو رجع بيا الزمن هخلف تاني.


تدخل عامر:

-كنتي عايزه تخلفي أكتر من ٦ يا ماما حرام عليكي نفسك...

ارتفع صوت بكاء طفلة أخرى مستلقية على الأريكة، فقالت نداء:

-أهي شمس صحيت...

قال عامر بضجر مصطنع:

-هي سراب راحت البيوتي سنتر ليه؟ ما كانت تخلي البنات ييجوا هنا وتمكيجهم وتاخد بالها من بنتها...

وفجأة ارتفع صوت بكاء الثلاث رضع أثر صوت الطفلة، فاعطت نداء الرضيعة لشيرين وقالت:

-هروح أعمل رضعات ليهم كلهم....

ثم هرولت للمطبخ...

******

كانت تُقى لا تزال في غرفتها، تنام قليلًا... ترتاح أخيرًا بعد سنوات من الدعوات الصادقة لم تكل ولم تمل خلالها بل استمرت ترفع يدها وتدعو وهي على يقين أن الله لن يردها خائبة.


فتحت تقى عينيها على صوت بكاء أطفالها وأخذت تنادي عامر، الذي دخل مسرعًا يحمل الرضيع، قالت بوهن:

-هات واحد أرضعه.

سلمها الرضيع بلطف وهو يقول:

-خدي بسم الله...

ثم جلس قبالتها وقال:

-بنت سراب وعمرو الزنانه هي اللي عيطت فصحيتهم.

-هي سراب جت؟ مش كان عندها شغل النهارده... فرح مريم ورغده ورحمه! 

-أيوه... سراب مش هنا، دي شمس كانت نايمه وصحيت تعيط.

-مشمشه تعمل اللي هي عايزاه... 

قالتها تقى بابتسامة، فضحك عامر وأخذ يتأمل ابنه بحب، وهو يحمد الله الذي جبر قلبه وقلب زوجته.

استغفروا 🌸 

ـــــــــــــــــــــــ

في الطابق العلوي من الجيم الذي يملكه «عمرو»، حيث افتتحت «سراب» البيوتي سنتر الخاص بها، كان الحرّ لا يُطاق...

المروحة المعلقة في السقف تدور ببطء وتصدر صوتًا يشبه الأنين، وكأنها تحتضر تحت وطأة القيظ... والمكان يعبق برائحة خفيفة للعطور والمكياج.


جلست العرايس الثلاث _مريم، ورغدة، ورحمة_ على صف من الكراسي البلاستيكية، بفساتين الزفاف، وجباههن تلمع من الحر، بينما وقفت «سراب» أمامهن تتحدث بثقة وابتسامة واسعة.


قالت «سراب» وهي تلوّح بفرشاة بلا استخدام:

-أهمّ حاجة الطاعة يا بنات... الطاعة ثم الطاعة ثم الطاعة... إياكم والعند والجدال.


نظرت الثلاث لبعضهن، ثم انفجرن بالضحك دفعة واحدة.

قالت «سراب»، رافعة حاجبيها بتصنّع:

-أيوه، زيي كده... مطيعة جدًا!


ضحكت «,رغدة» وهي ترفع حاجبها بتحدٍ:

-اللي مسمعه بينا الشارع والشارع اللي وراه بسبب إنها عنيدة ومش بتبطل جدال.


-لا، لا... أنا حالة خاصة، عمرو بيستفزني أصلًا! إنما بدر ونادر وآدم... دول هاديين، مش هوصّيكم عليهم يا بنات.

قالتها سراب، فقالت «رحمة» وهي تلوّح بمنديل على وجهها:

-بقولك إيه يا سراب... ماتقومي تمكيجينا بقى! المغرب أذّن وإحنا لسه قاعدين بنسمع نصايحك!


ضحكت «سراب» ووضعت يدها على قلبها: 

-ما هي دي النصيحة الجاية! بصراحة كده... إنتو زي القمر ومش محتاجين مكياج.


قالت «مريم» بنبرة جادة وهي تشير لوجهها:

-ملكيش دعوة، أنا محتاجة...


قالت «رغدة» وهي تمسك المروحة اليدوية:

-أومال جايين من العصر قاعدين في المكان الحر ده ليه؟! عشان نسمع نصايحك؟ قومي شوفي شغلك عايزين نلمّع ونتزغرف...


ضحكن جميعًا، ثم تنهدت «سراب» ونهضت، وبدأت في تجهيزهن واحدة تلو الأخرى...

يدها تمشي بخفة بين الوجوه، والضحك لا يفارق الجلسة....

وحين انتهت من آخر لمسة، تراجعت خطوة للخلف، وابتسمت بفخر قائلة:

-بجد تسلم ايدي... يلا كل واحده تتصل على عريسها.

صلوا على خير الأنام🌸

                     ★★★★★★

في الطابق السفلي، كان باب الجيم مغلقًا من الداخل وعليه لافتة مكتوبة بخط يدوي: "مغلق الآن – تمرين خاص".

الحر لم يرحم المكان رغم المكيف الصغير الذي يئن في الزاوية، ورائحة العرق المختلطة بالجل العطري تعلن أن شيئًا استثنائيًا يجري.


وقف عمرو ينهي آخر لمسات الحلاقة على رأس آدم، يمسك الماكينة بثقة مدهشة، وقال وهو يميل قليلًا ليتفحص الزاوية الخلفية:

-شوفت بقى إني بعرف أحلق؟ بجد تسلم ايدي.


ابتسم آدم، وهو ينظر للمرآة ويتحسس رأسه بعناية:

-تسلم إيدك يا كابتن، تمام التمام.


في لحظة، قفز «بدر» من على الدكة الخشبية وقال متحمّسًا:

-وأنا يا عمرو، الله يكرمك... ظبّطلي شعري وشنبي بس خلي بالك الليلة مش ناقصة كوارث.


نظر له «عمرو» وقال بثقة:

-يلا تعالى... بس أهم حاجه متتحركش ولو اتحركت، ما تلومش غير نفسك.


وبينما كان يقص شعر بدر، قال عمرو وهو يركز:

-بصراحة كده... إحنا حسابنا عندكم تقيل... مراتي فوق بتظبط العرايس، وأنا تحت بظبط الرجالة، يعني رسمي كده إحنا معزومين عندكم أسبوع... أسبوع كامل مراتي مش هتطبخ، وكل يوم تغدونا، مفهوم؟


ضحك نادر وهو يخرج من المرحاض، يرتدي حلته السوداء ببطء، ويلف منديلًا حول عنقه وهو يتأمل نفسه في المرآة:

-أم محمود تعبت معانا... بس إن شاء الله نتعبلها في فرح محمود ومشمشة!


تجمّدت يد عمرو في الهواء للحظة، ثم وضع المقص جانبًا، واتجه ناحية نادر بخطوات محسوبة، يحدّق فيه بنظرات حادّة جدًا، وقال بنبرة جدّية مصطنعة:

-شمس... بنتي اسمها شمس، مش مشمشة، ومش مسموح لأي راجل يدلعها غيري... واضح يا نادر؟


تظاهر نادر بالارتباك، يرفع يديه في استسلام ساخر:

-واضح جدًا يا كابتن... شمس اسمها شمس.


انفجر الثلاثة بالضحك، وامتلأ الجو بخفة لحظة مؤقتة، قبل أن يقول بدر مازحًا وهو يشير لساعته:

-يلا بقى يا عمرو كملي، العرايس فوق جاهزين... وإحنا لسه بنقصقص هنا!

قال عمرو وهو يلوّح بالمقص في يده، مبتسمًا بثقة مفتعلة:

-اطمن يا عريس... إنت في إيد أمينة!


ثم تناول ماكينة الحلاقة، وبدأ يمررها على جانب رأس بدر بينما يتحدث بحماس مع البقية.

كانت ضحكته عالية، وانتباهه مشتتًا.

وفجأة، توقف الصوت... صوت الماكينة..

حدق عمرو في الرأس أمامه، وعيناه اتسعتا تدريجيًا، ثم شهق:

-يا نهار أزرق... يا بدر!


تجمد بدر في مكانه، ثم رفع يده يتحسس موضع الحلاقة، ليكتشف أن جانب رأسه أصبح كالصحراء القاحلة... خالٍ تمامًا من الشعر.

نظر إلى عمرو بذهول، وصرخ:

-إيد أمينه!!! إيه اللي عملته ده عمرو؟!


ازدرد عمرو لعابه وانحنى مرتبكًا ياخد من الشعر المتساقط ويحاول لصقه على رأس بدر، فهدر بدر:

-هو إنت بتعمل ايه؟ 

بينما كان نادر وآدم يضحكان بأعلى صوتهما، فصرخ بينهما بدر:

-اسكتوا..

وبعد فترة خرجوا من الچيم كلٌ يكبح ابتسامته وهو ينظر لبدر الذي يرتدي قلنسوة على رأسه وكأنهم في الشتاء.

                   ★★★★

صعدوا للأعلى ليلتقي كل عريس بزوجته...

في لحظة هادئة لكنها مُشبعة بالتوتر الجميل، التقت العيون.


نظر آدم لمريم كأنه يراها للمرة الأولى، وعيناه تقول: "هبدأ بيكي حياتي".

وابتسمت مريم بخجل، كأنها تسلّمه قلبها بدون كلمة.


حين رأى بدر رغدة، تنهد كأن شيئًا ثقيلاً سقط عنه، وهمس:

-أخيرًا...

لكن رغدة لم يجذب انتباهها إلا ما يرتديه على رأسه، سألته:

-ليه لابس على راسك كده؟ مش لائقه على للبدلة.

حاولت جذب القلنسوة عن رأسه لكنه عاد برأسه للخلف، وقال:

-لأ سيبيها أنا مرتاح كده... وخديها نصيحه مني يا رغوده ألبسي اللي يريحك مش اللي يعجب الناس.


طالعته رغده في استغراب، لكنه جذب يدها وقال:

-يلا بينا...

وعلى حين غفلة منه جذبت القلنسوة عن رأسه، وشهقت بصدمة حين رأت رأسه أصلع بالكامل، فحمحم وهو يلمس رأسه وقال بابتسامة متوترة:

-آآ... أصل أنا قررت أبدأ حياتي على نضيف.


وأمام سيارته

وقف نادر يترقّب رحمة كأنها جائزة حصل عليها،

فلما اقتربت منه، لم يقل شيئًا، فقط ابتسم،

فابتسمت هي الأخرى... فغمز لها...

لم يكن يظهر سوى عينها، فلم يكشف عن وجهها فقط، قال بخفوت وهو يفتح لها باب السيارة:

-وقعتيني من غير ما أشوف...


ثم انطلقت زفة السيارات، أبواقها تتناغم، والناس يلوّحون من الشرفات، وأضواء الزينة تومض فوق كل بيت عريس، في وداع بهيج لحكاية بدأت بصخب... وانتهت بهدوء القلب.

استغفروا🍀

                     **********

مشهد النهاية

وبعد مرور قرابة ٦ أعوام

بعد منتصف الليل، هدأت الأصوات في الشارع، إلا سطح بيت دياب كان لا يزال نابضًا بالحياة.


كان هناك فرشة كبيرة مفروشة على الأرض، فوقها وسائد ملونة وصواني شاي وبواقي جاتوه، والكل يضحك...


اجتمع السيدات في زاوية والرجال في زاوية، والأطفال مع سراب في زاوية أخرى كانت سراب تمسك بمروحة ورقية بعدما ساعدت الأولاد في صنعها...


وكان عمرو يحاول منع آدم من التصوير، وهو يقول:

-بطل تصوير بقا...

-يا عم توثيق للحظة... محدش عارف هنتجمع تاني امته!

قال بدر وهو يتثاءب:

-أنا هقوم أمشي عايز أنام.

قال عمرو:

-تمشي فين! السهرة لسه هتبدأ... الحفلة لحد الصبح... احنا مش هتنزل من هنا إلا لما نشوف الشروق مع بعض.

-شروق ايه؟ أنا لحد دلوقتي مش فاهم إيه مناسبة الحفلة دي؟ جايبينا من القاهرة وسايبين شغلنا عشان ايه؟

قالها بدر بضجر، فرد عامر: 

-عشان نتجمع، يا عم وحشتونا... الشغل نساكم أصحابكم.

-هنعمل ايه بس يا عامر... الحياة كده نسأل الله العون.

قالها بدر، واقترب يجلس جوار يحيى الذي كان يتحدث عن الله كالمعتاد، كان يحيى يتأمل وجوه الرجال من حوله دياب ورائد ومحمد وعمرو وعامر وبدر وضياء، وقال:

-والله مهما فعلنا فلن نوفي ولن نعبده حق عبادته... احمدوا الله يا جماعه إحنا في نعم والله مش حاسين بيها عشان ألفناها... 


ومن ناحية أخرى

كانت مريم تتابع ابنها صاحب الخمسة أعوام وهو يلعب مع ابن رغدة وابنة رحمة اللذين من نفس عمره، وتقى تتابع صرخات أبنائها وقفزهم فرحًا بعدما أنهت سراب الطائرة الورقية...


عادت سراب تجلس جوارهن تستند على كتف شيرين بحب وسألتها:

-إيه رأيك فيا يا مامتي؟


رمقت شيرين فاطمة التي ابتسمت وأطرقت، فابتسمت شيرين لأنها لم تعد ترى نظرات الحقد والغيرة في عيني تلك السيدة...

نظرت شيرين حولها لزوجات أبنائها وبناتها هيام ووئام، وضحكاتهن الخافتة وكلامهن المرح، ثم تمتمت:

-الحمد لله.

حين أذّن الفجر، نهض الجميع ليتوضأ، ثم صلّوا جماعة على سطح المنزل.

كان الليل يطوى بين حديثٍ جاد أحيانًا، وضحكاتٍ خفيفة أحيانًا أخرى، حتى تنفّست السماء إشراقها، وتسللت أولى خيوط الشمس.


انتهت الصلاة، وبدأ الأطفال يتقافزون على الدرج، يهبطون مع دياب وشيرين وفاطمة وضياء ، يملأون البيت حياة.

بينما على سطح البيت وقف كل رجل إلى جوار زوجته، كأن شيئًا ما استقرّ في القلب أخيرًا.

تنهد عمرو وهو ينظر إلى السماء وقال بابتسامة مشوبة بالعاطفة:

-الحمد لله... كنت دايمًا بحلم نجتمع ونشوف اللحظة دي سوا.

لكزته سراب بخفة في ذراعه وهمست:

-بس إحنا شوفناه كتير... إنت ناسي ولا إيه؟

همس لها:

-مش ناسي بس اسكتي متقوليش لحد، هنتحسد يا بنتي.

أطبقت سراب يدها على فمها وهي تضحك بخفوت.


ومن ناحية أخرى

ضحك نادر وقال وهو يرمق يحيى بنظرة مشاكسة:

-وبالمناسبة دي يا شيخ يحيى، هنعمل مقطع ريلز تافه سوا، وأتمنى ما ترفضش طلبي التافه ده.


ابتسم يحيى وهو يهز رأسه، وأخذ يعتذر، لكن الجدال بينه وبين نادر خطف أنظار الجميع.

وقبل أن يُحسم الموقف، قرر رائد أن ينقذ الموقف وقال ضاحكًا:

-خلاص، أنا اللي هقوم بالدور بدل الشيخ يحيى!


أومأ نادر مستسلمًا وبدأ عمرو التصوير، وجلس رائد جوار نادر وهو يمثّل المشهد ببساطة، قال رائد:

-جميل الغروب.

-دا شروق!

-معلش... أصل أنا مش من هنا... جميل الشروق.


انفجر الجميع ضحكًا، ومالت تقى على سراب، تهمس لها وهي تراقب المشهد:

-يا ترى... خلصت الحكاية؟


ابتسمت سراب، نظرت بعيدًا ثم قالت بهدوء:

-أعتقد لسه المشوار طويل.


ارتفع صوت من نافذة عالية كانت قد فتحت لتوها، كان صوت «سعيدة» وهي تلوّح لهم:

-صباح الخير يا متواضعين!


ضحك الجميع، وجلسوا على الأرض في سرعة، وردد الشباب بصوت واحد:

-آه يا شوية متكبرين!

وكان ذلك تزامنًا مع نطق سعيدة لنفس الجملة قبل أن تغلق النافذة بحدة.

*********

طافت «تقى» بنظراتها تتأمل وجوه الجميع، والضحك المعلق في الهواء، وكان ضوء الشمس يتسلل إلى الأرواح قبل النوافذ...


حدثت نفسها أن الحكاية لم تكن يومًا عن صوابٍ أو خطأ، عن ماضٍ أو مستقبل، بل كانت عن قدرتهم على أن يبدؤا من جديد بعد ما مر عليهم، وإن ينهضوا بعد كل سقوط، حين يرضوا.. ويتصالحوا مع واقعهم.


ابتسمت، كأنها أخيرًا... فهمت الحياة.


نظرت نحو السماء، وهمست:

"عن تراضٍ... بدأت الحكاية، وعن تراضٍ... تنتهي."


لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1