رواية منعطف خطر الفصل الثاني 2 بقلم ملك ابراهيم


 رواية منعطف خطر الفصل الثاني 


أنا كنت رايحه أشتري علبة زبادي... لقيت نفسي بطير، وبجري، وبهرب من ناس معاهم مد افع ! انا اتفه من كده بكتير ومليش في الفرهده دي والله! 

ضحك الشاب وهما بيكملوا جري وسط الزرع.. كان سابقها بخطوات.. والليل حواليهم بيزداد سواد.. والأرض تحت رجليهم كانت بتزداد طراوة بسبب الماية.. وفجأة وقف الشاب مكانه بصدمة لما سمع صوت صرخة ياسمين وراه..

بص عليها لقاها وقعت في بركة مية طين غويطة، حاولت تقوم بس رجليها غرست أكتر، وصرخت وهي بتتألم: رجلي!.. رجلي اتكسرت مش قادرة أتحرك!

الشاب جري عليها بسرعة وراحلها، حاول يمد إيده يساعدها تقوم، لكن هي زعقت فيه: انت كمان عايز تمسك أيدي.. ااه فاكر انك هتستغل الموقف وانا هستسلم وكده.. لاااا تفكيرك ميرحش بعيد. 

الشاب بذهول: انتي مجنونه يا بنتي؟! موقف ايه اللي استغله في الموقف اللي احنا فيه ده احنا هنموت. 

ياسمين بغضب: انت السبب، رجلي اتكسرت بسببك انت.. تقدر تقولي انا بعمل ايه هنا وايه ذنبي في كل ده؟! 

الشاب بص وراه ، سمع صوت العصابة قرب جدًا، كان في صوت كشافات وأصوات غليظه، وقال لها بحدة: اسمعي، دلوقتي مش وقت العناد… لو مسكوكِ مش هيراعوا لا رجلك ولا غيره وهيقتلوكي بجد. 

رفضت انه يساعدها بعناد والشاب قرب منها وقال: مقدميش حل تاني، أنا آسف.
ومد إيده وشالها بالعافية رغم اعتراضها. 
ياسمين: سيبني! أنا هصرّخ. 

الشاب: اصرّخي براحتك عشان يقتلونا واخلص من زنك. 

جري بيها وسط الضلمة، والمية بتترطش حواليهم، وكان واضح إنهم دخلوا طريق مش معروف، كله حفر وطين، وشجر محاوطهم من الجانبين.

ياسمين رغم خوفها، بدأت تهدى شوية وهي بتتنفس بصعوبة، وسألته: إحنا رايحين فين؟ الطريق ده غريب.

قال وهو بيحاول يثبت خطواته: لو حظنا حلو، الطريق ده بيوصل لمخزن قديم… لو عرفنا نوصله، ممكن نستخبى شوية لحد ما نعرف نتصرف.

ياسمين بصتله اوي وهو شايلها وبيجري بيها وسط كل ده. سألت نفسها هو ليه مفكرش يسيبها ويهرب لوحده. 
قالت بصوت خافت وهي بتحاول تتحمل الوجع: أنا مش فاهمة حاجة من كل إللي بيحصل … بس انت شكلك مش مجرم زيهم، على قد ما كنت فاكرة يعني.

ضحك بصوت هادي وقال: دي أكتر حاجة لطيفة اتقالتلي النهارده.

ياسمين اتكسفت من نظرته، وقالت بصوت خجول: نزلني بقى... كفاية كده.

بصّ لها الشاب بعين ثابتة وقال: مش هتقدري تقفي على رجلك.

ردت بعناد رغم الألم: لأ هقدر!

نزلها على الأرض بهدوء، لكن أول ما رجليها لمست الأرض، خرجت منها صرخة مكتومة، دموعها نزلت وهي بتقول بصوت مكسور: انت السبب في كل اللي حصلي ده!

الشاب اتنهد بتعب، وصوته كان فيه مرارة وقال: على فكرة انتي السبب. انتي اللي طلعتي في طريقي ولو كنت سبتك هناك كانوا هيقتلوكي. 

ياسمين انفجرت بغضب، عيونها مليانة تحدي: وأنت! لو مكنتش ظهرت فجأة في وشي، كنت رجعت بيتي، وقابلت العريس اللي وشه فقر عليا ده وخلصت من زنّ ماما! بس انا اللي غلطانه، مكنش لازم ادعي على العريس.. اهي الدعوة جت فيا انا. 

الشاب اتسعت عينه بصدمة، وقال مستنكر: يعني انتي كنتي بتدعي على إنسان بريء! عشان كل ذنبه إن هو عريس ومتقدملك؟! 

ياسمين رفعت حاجبها وقالت بسخرية: بريء إيه؟ ده انا شوفت صورته على الواتساب لابس بدلة لونها أخضر فسفوري! 

الشاب ضحك غصب عنه ووقف يفكر كده وقال: بجد؟! أخضر فسفوري؟ لا كده الموضوع اختلف ومحتاج تفكير فعلا معاكي حق.. 
بس كويس إن الدعوة جت فيكي.. متهيألي اللي انتي فيه دلوقتي احسن من الأخضر الفسفوري بكتير. 

ياسمين حاولت تكتم ضحكتها، بس ما قدرتش، وقالت: آه والله.. بس خلصت من العريس ووقعت في غابة فيها مطاردة وعربيات بتولع! وبعدين هو الطريق ده ملوش نهاية ولا ايه انا تعبت. 

الشاب بص حواليه بتركيز، ولف نظره على مكان بعيد وقال: اللي شاغل تفكيري دلوقتي حاجة أهم .. هو عرف يجيب منين بدلة لونها أخضر فسفوري؟؟

ياسمين بصت له بصدمة وضحكت.. 
عيونها كانت بتلمع تحت ضوء القمر اللي منور السما فوقهم. 
الشاب بص لها بعمق وقال: على فكرة ضحكتك حلوة اوي. 

ياسمين اتكسفت وكحت جامد وقالت بتوتر واضح: ما تشوف يا عم نهاية الطريق ده ايه انا تعبت ومش قادرة اقف علي رجلي اكتر من كده! 

بص لها وضحك وقال: حاضر يا عم هشوف نهاية الطريق ده ايه.. 
مشي كام خطوة قدامها وهو بيلف بنظره علي كل المكان وقال: أنا شايف كوخ هناك... يمكن نلاقي فيه حد يساعدنا أو حتى حاجة تفيدنا. 

بص لياسمين وقال بنبرة حاسمة: استني هنا، أنا هروح أشوفه. 

ياسمين ردت بصوت مرهق: لو لقيت ميّه هناك هاتلي معاك هموت من العطش. بس تكون ميّه نضيفه ومعدنيه. 

ابتسم الشاب ابتسامة خفيفة وهز راسه: ميّه معدنيه؟ طب محتاجة حاجة تاني اجيبها معايا وأنا جاي من السوبر ماركت!

ضحكت ياسمين بهدوء وقالت: كنت جايبه علبة زبادي وكيكه والله عشان اتعشا بيهم بس راحوا في الحادثه.. 
وافتكرت شنطتها وشهقت بصدمة: وتليفوني وشنطتي شكلهم وقعوا في العربية .. يادي المصيبه دي ماما أكيد هتموت عليا من القلق دلوقتي.. روح بسرعه شوف حد يساعدنا انا لازم ارجع البيت عند ماما بسرعه. 

الشاب مشي وبدأ يتحرك ناحية الكوخ، وياسمين قعدت على الأرض بتعب، صدرها بيطلع وينزل من الإرهاق، وهي بتهمس لنفسها: ياترى عملتي ايه يا ماما مع العريس الفقر ده. 
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم. 
في بيت سماح، والدة ياسمين.
كانت سماح رايحة جاية في الصالة، ملامحها متوترة وإيدها مش سايبة الموبايل، بتضغط على زر الاتصال للمرة العشرين، لكن الرد دايمًا واحد:
"هذا الرقم مغلق أو غير متاح"
شهقت بضيق: هتجنن! راحت فين البت دي؟! 

في الصالون.
العريس قاعد على الكنبة، لابس بدلة لونها برتقالي، بيبص في ساعة إيده بملل واضح، وإيده التانية بتخبط بخفة على ركبته. مامته قاعدة جنبه، ملامحها مش عاجباها القعدة ولا الناس، وبصّت لجارة سماح، الست "أم حسين"، وقالت بنبرة فيها استنكار مموّه بلطافة مصطنعة: العروسة فين يا حبيبتي؟ بقالنا أكتر من ساعة قاعدين والست امها قالت هتطلع تناديها ومارجعتش من ساعتها!

أم حسين حاولت تلطف الجو، وقالت بابتسامة مش ثابتة: معلش يا أختي، أصل العروسة كانت في شغلها، وهي بترجع متأخر شوية.

العريس لف راسه ناحية مامته وقال بهدوء، بس صوته فيه نبرة تساؤل حقيقي: هي العروسة بتشتغل إيه بالظبط؟

أم حسين ردّت بسرعة، بتحاول تحافظ على الموقف: دي مدّرسة، بس لسه التعيين مجاش... فبتدي دروس خصوصية في سنتر كبير ومحترم هنا.

مامت العريس ردّت بسخرية خفيفة، وهي بتقلب شفايفها وبتبص للمكان كأنها بتحكم عليه: آه... وهو في سنتر كبير ومحترم بيفضل فاتح لحد دلوقتي؟

أم حسين ردّت بثقة وابتسامة فيها فخر: أيوه يا أختي، السنتر ده شغال فترتين... صباحي ومسائي، وياسمين ربنا يحرسها بتشتغل في الفترتين. وبتدي دروس خصوصية عشان تقدر تواجه صعوبة المعيشة، ربنا يعينها ويوفقها.

مامت العريس رفعت حاجبها وقالت بنبرة مش عاجبها الكلام: هو إيه اللي يجبرها تشتغل فترتين؟!

أم حسين اتنهدت بحزن: أصل ياسمين أبوها مات من سبع سنين... ومن يومها، وهي شايلة البيت لوحدها. بتصرف على أمها، وأخوها الصغير أحمد... عنده عشر سنين دلوقتي، في سنه خامسه ابتدائي. 

العريس بص لوالدته، ونظراته كانت فيها شيء من القلق أو عدم ارتياح.
ومامته بصّت لأم حسين بنبرة باردة وقالت: طب لو سمحتي، شوفي أم العروسة... اسأليها، هي العروسة رجعت ولا لسه؟

أم حسين قامت من مكانها، بخطوات هادية لكنها حاسة بالضغط، وخرجت من الصالون.
أول ما اختفت، قرب العريس من أمه وهمس بصوت منخفض، بس نبرته كانت واضحة: إيه يا ماما... البنت دي مش هتنفع معايا. 

مامته بصّت له، فكمّل هو كلامه وهو متضايق: بتقولك بتشتغل فترتين عشان تصرف على أمها وأخوها؟! يعني لو اتجوزتها مرتبها كله هيروح لبيتهم... وحتى لو قلتلها تسيب الشغل، أكيد هترفض. يعني إيه؟ تعيش في بيتي تاكل من خيرنا، وتروح تصرف على امها واخوها؟!

مامت العريس بصّت لقدّام وهي بتتكلم بصوت هادي، لكن كل كلمة كانت محسوبة وبتفكر فيها بصوت عالي: وكمان موضوع أخوها الصغير ده... مش مطمّني خالص! يعني لو أمها جرالها حاجة النهاردة قبل بكره، هتقولك: 'أخويا، لازم أشيله'... وتشيلك هم فوق همك.

العريس نفخ بقلة صبر وقال: الموضوع ده مش نافع خالص. خلينا نقوم ونمشي.

أمه بصّت له بنظرة فيها حكمة ومكر، وردّت بنبرة هادية ومحسوبة: اهدى يا حبيبي، اقعد بس... نستنى شوية كمان. لو العروسة اتأخرت أكتر من كده، هيبقى معانا حجة قدامهم.
ولو جت؟ بسيطة... أقولهم إنها معجبتكش، ونقوم نمشي واحنا رافعين راسنا.

العريس هز راسه بنفَس طويل، لكن واضح إنه مقتنع بخطة مامته، وساب نفسه يغرق تاني في ملل الانتظار...

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1