رواية مكتوب أن أراك الفصل الثاني بقلم شروق فتحي
بينما شروق كانت تحاول تهرب من سؤال شقيقتها، تدخل والدها بنبرة هادئة:
_بالمناسبة يا "شروق"...(إلتفت إلية بإنتباه،وقد إرتبكت للحظة ) الشاب اللي خد منك تليفون إنهارده كلمني، تخيلى طلب مني ايه!
شروق وهي تبتلع ريقها بتوتر، وكأن أرتباكًا اجتاح شفتيها المرتجفتين،وهمست بخفوت:
_أحم كلمك!؟ كلمك ليه؟!
ابتسم والدها بهدوء،فقد شعر بتوترها الذي تملكها :
_طالب أيدك مني!
وهي تضحك بتوتر يمتزجهُ الخجل:
_مستحيل...إزاى ايه الواد الغريب ده؟!
شقيقتها وهي مازالت تُصر على أحراجها:
_يا ستي قولي لينا بس...كان حلو؟
وهي تضع يدها خلف رأسها بإحراج، ولسانها يشعر بثقل فيه:
_مش عارفه!
شقيقتها وهي تنظر لها بخبث، وهي ترفع احد حاجبيها:
_يا سلام...يعنى كان طويل؟ قصير؟...أبيض؟ أسمر؟....ايه الصعوبه في كده يعنى؟!
وهي تتذكر ملامحهُ بدقة، وكأنه أمام ناظريها، تلك التفاصيل التى حفرت مكانها في قلبها ولم تبرحه، ولكن كأن الخجل عقد لسانها، فصار الكلام ثقيلًا على شفتيها:
_هو طويل...وليه دقن وشعره تقيل...(لتحاول الهروب) ايه ده هروح أشوف صاحبتي أصل بترن عليا!
لتتجه إلى غرفتها سريعًا تهربًا من نظرات والدها التي كانت تلاحقها بابتسامة لم تُخفَ عنها، وما إن أغلقت الباب خلفها، حتى وضعت يدها على صدرها، وكأنها تحاول تهدئة قلبها الذي كاد صوته أن يُسمع من شدّة اضطرابه، كانت تلك النبضات، لأوّل مرة... ليست عادية.
لتذهب وتقف أمام المرأه، وهي تتحدث بحروف مبعثرة من توترها:
_هو أنا ايه اللي حصلي...وبعدين هو إزاى شافنى مره واحده يروح يطلب إيدى(لتجد نفسها تبتسم بدون وعي) غريب بس قمر.
لتمر الأيام حيث كانت شروق تحاول أن تتحاشي الجلوس مع والدها بسبب خجلها، حتى أتى يوم الخميس، كان جالس عمر مع والد شروق.
شقيقة شروق وهي تغمز لها:
_ايه ده يا "شروق" هو ده بجد...هو حقيقى مستحيل ده يركب في عربية مواصلات...ده لازم يركب طياره على الأقل!
لتضع شروق يدها على فمها تحاول كبح ضحكاتها:
_بصراحه حتى انا يا "حنين" مستغربة...مش معقول شخص يكون حلو كده من غير غلطه(لتضع يدها على فمها بقلق) ليكون متجوز!
لتنفجر حنين من ضحك بسبب كلمات شقيقتها:
_بصراحه ممكن يكون عندك حق!
وفي الجهة الأخرى، كان "عُمر" يحاول السيطرة على ارتباكه، لكنه شعر أن قلبه يضرب أسرع من المعتاد، ثم قال بهدوء:
_أنا يا عمي... شغّال في بنك
🥰✨🖋بقلم شروق فتحي🖋✨🥰 .
نظر والد شروق إليه باهتمام وهو يُصغي اليه، ثم سأل بنبرة هادئة لكنها مباشرة:
— طيب يا "عمر"، احكيلي عن نفسك شوية... شغلك، عيلتك، نيتك إيه؟
ليحاول أن يحرّر لسانه من قيده، يلتقط أنفاسه الثقيلة قبل أن يبدأ، ثم قال بصوت فيه رهبة وصدق:
_أنا يا عمي شغال في بنك من خمس سنين...خريج كلية تجارة...حالتي المادية كويسه الحمدلله...إن شاء الله بابا وماما هيجوا معايا مره الجاية بس حبيت أجي لوحدي في الأول علشان أعرف نفسي لحضرتك الأول...(ثم يأخذ نفسًا عميقًا، وعيناه تلمعان بالصدق) ونيتي خير إن شاء الله بنت حضرتك أي حد يتمناها وأنا هكون سعيد جدا لو حضرتك وافقت!
ليتسلل الصدق من كلمات عمر إلى قلب والد شروق، لترتسم على وجههُ ابتسامة دافئة، بينما كان يشعر بأن هذا الشاب ربما يكون القادر على حماية أغلى ما يملك:
_وأنتَ باين عليك شخص محترم...ونيتك خير...(ثم تابع بابتسامة أوسع) وفوق كل ده دخلت البيت من بابهُ.....
في جهة الأخر، كانت شروق تقف خلف الباب تحاول أن تختلس السمع، وكانت حنين تضحك عليها:
_يا بنتي هتقعي...وهيكون شكلك وحش أوي!
وهي تعاود النظر لشقيقتها:
_موضوع في إن يا بنتي...ده وظيفه وشكل وحالة مادية كويسه...(وهي تضع يدها على ذقنها وتحركها، بتفكير) هيكون في ايه بقى؟!
وهي تنظر بنظرة ساخرة، همست وهي ترفع حاجبها بسخرية خفيفة:
_بطلي شغل المحققين اللي جواكي ده...هو أنتِ مش بيعجبك حاجه أصلًا؟!
وقبل ان ترد شروق، لتأتي والدتهم من خلفهم، وقالت بنبرة ساخرة ممزوجة بالحب:
_هي عيلة فقر من يومها...
لتسمع شروق صوت الباب يغلق، لتنظر سريعًا:
_ايه ده مشي...هو مش مفروض كنت أطلع والجو ده؟!
والدتها بسخرية وهي تتجه نحو الباب:
_وبنقول بتتكسف...دانتي طلعتى ممثلة قد الدنيا...بس عامة انتِ مش تطلعي علشان هو جاي يقدم نفسه الأول لبابكي...لما مامته تيجي وبابا تطلعي!
لتسمع شروق والدها يناديها، لتخرج بخطوات ثقيلة، نحو الصالة، وكلّ خطوة كانت تدقّ على قلبها وكأنها طبول صغيرة تُعلن بداية شيء جديد:
_نعم يا بابا!
والدها وهو يشير لها بالجلوس، والابتسامة مرتسمة على وجههُ:
_بصراحه الراجل محترم وذوق...ما شاء الله ربنا مدى جمال وأى حاجه بنت تتمناها، بس في الأول وفي الأخر...قرار قرارك!
لتبتلع ريقها، ورفّت عيناها في قلق، ثم تمتمت وهي تحاول تجميع شتات نفسها:
_أنا يا بابا!!!!!!!