رواية نبض مشترك الفصل الثالث بقلم هاجر عزالدين
أحمد لمح هاجر من بعيد.
أحمد: شباب، استأذن ثواني.
وراح عند هاجر، اللي كانت قاعدة بتشرب قهوتها وباصّة من الشباك.
أحمد بتوتر: إزيك يا هاجر، عاش من شافك.
هاجر بنظرة هادئة: بخير الحمد لله.
ورجعت تبص ناحية الشباك مرة تانية.
أحمد كمل: إيه؟ مش ناوية تقومي تتكلمي معانا؟ إحنا مش وحشناكي ولا إيه؟ دول أربع سنين!
هاجر بنفس الهدوء: ياااه، تصدق؟ مكنتش واخدة بالي... ولا مش وحشتوني الصراحة.
وكملت بنظرة استحقار.
أحمد بتوتر وهو بيحاول يضحك: إنتي لسه زعلانة يا هاجر؟
أنا عارف إن اللي حصل مكنش سهل أبدًا، بس إحنا كنا صغيرين...
هاجر وهي بتحط القهوة ببرود وسكينة من غير صوت: آه، كنا صغيرين، بس كنت وقتها عبيطة... وحبيتك.
وقال إيه كنا هنتجوز!
وحضرتك تسيبني قبل كتب الكتاب بيومين؟
(بدأ صوتها يعلى)
إنت مشوفتش كسرة أمي، ولا إني كنت رهان كنت بتتراهنه مع صحابك!
إنت أناني يا أحمد!
أحمد: بس أنا اتغيرت...
هاجر وهي بتقوم: وأنا كمان اتغيرت، ومفيش حد بيفضل على حاله.
وسابته ومشيت. وهي خارجة، أخدت بالها منه، مع إن وشه مش باين...
بس هي حاسة إنها شافته قبل كده... من عنيه.
وبعدين خرجت.
ومريم خرجت وراها.
مريم بصوت عالي: هاجر، استني!
هاجر: عايزة إيه يا مريم؟ سيبيني في حالي!
جبّتيني هنا، إنتي عايزة إيه؟
ارتاحتي كده؟
وركبت تاكسي.
مريم ركبت وراها التاكسي.
مريم: المعادي لو سمحت.
هاجر بدأت عينها تدمع، وافتكرت اللي حصل.
هاجر: أنا كنت بدأت أنسى كل حاجة... ليه يا مريم تفكريني تاني؟
مريم: أنا آسفة والله، وحاسة بيكي...
بس إنتي عارفة إني عملت كده علشان مصلحتك.
علشان تتخطي الألم ده... علشان تنسي كل حاجة.
علشان تبدأي تعيشي حياتك من جديد.
هو إنتي مش عارفة إني كنت حاسة بيكي؟
وقد إيه إنتي تعبانة وبتعاني؟
مهما حاولتي متبينيش، كنت أنا حاسة بيكي.
السواق: أنا آسف يا بنتي، منك ليها، بس اللي حصل مش نزعل عليه.
هو أكيد مش مقدّر النعمة اللي كانت في إيده.
إنتي متزعليش على حد راح من إيدك.
إنتي تحمدي ربنا وتشكريه إنك مكمّلتيش معاه.
تخيلي لو كنتي كمّلتي معاه وهو مكنش بيحبك؟
كنتي هتفضّلي في نفس الدوامة دي.
يا بنتي، وبعدين إنتي في سن بنتي.
لازم تعيشي حياتك وتفكّي من كل حاجة.
عيشي علشان نفسك.
بصّت له هاجر في المراية، كأنها بتشكره، بس مكنتش قادرة تنطق.
بصّ ليها العم بنفس الابتسامة وهو بيكمّل:
عارفة؟ أنا شايف بنت قوية جدًا.
عنّيها قوية... حد اتوجع.
بس لما نتوجع، لازم نحكي لحد... حتى لو مش هنحكي.
عارفة؟ بلاش تحكي للعباد... احكي لرب العباد.
عمره ما هيكون في حد أحن من الرب على عبده.
صلي... وصدقيني هترتاحي.
أنا، يعتبر، مريت بتجربة شبه كده... صدقيني، كل حاجة بتتحل.
مريم كانت ماسكة إيدها، وهي مش بتتكلم، بس كانت بتطمنها.
في مكان تاني في الكافيه...
كان أحمد واقف بيهزر مع صحابه.
بس كان في شخص باصص مكان ما هي خرجت، كأنه لسه شايفها...
وخرج تليفونه وفتح الصور، وطلع صورة ليها وهي في الجامعة.
هو: آسف إني مكنتش معاكي في الوقت ده...
بس صدقيني، أنا هقف في ضهرك وهكون معاكي.
عند هاجر، اللي وصلت وشكرت السواق، وودّعت مريم، وطلعت البيت.
فتحت ودخلت، لقت مامتها بتصلي.
افتكرت هاجر إنها آخر مرة صلت كانت من فترة بعيدة.
دخلت تغير، ودخلت الحمّام.
فتحت الحنفية، وهي مترددة.
بس أكيد... ربي عمره ما هيسيبني.
أنا بعيدة عنه بقالى كتير...
بس كان في صوت جواها بيقول: "إنتي لازم تعملي كده."
وفعلًا، هاجر اتوضّت، ولبست الإسدال، وبدأت تصلي.
وأول ما سجدت... بدأت تعيط، وتشكي همها لربها.
وخلصت صلاتها، وبدأت تدعي إن ربنا يريح قلبها، ويطمنها.
دخلت عليها والدتها.
الأم: إنتي وصلتي، الحمد لله على السلامة.
هاجر بابتسامة: أيوه يا أمي، الحمد لله.
الأم: طب الحمد لله إنك بخير... تتعشي؟
هاجر: أي حاجة خفيفة يا أمي... الساعة ١٠:٣٠.
الأم بابتسامة: حاضر يا قلبي.
وقامت.
هاجر بتردد: هو ربك بيقبل التوبة لأي شخص؟
الأم رجعت تاني، وقعدت جنبها، وقالت:
ربك بيقبل التوبة لأي شخص، لأي ذنب إنتي أذنبتيه...
بس لازم نكون صادقين في التوبة.
هاجر بأريحية: شكرًا يا أمي، بس ياريت الأكل بقى.
الأم وهي بتسيبها وبتخرج: دايمًا همّك على بطنك كده ما شاء الله!
خرجت الأم.
وقامت هاجر، مسكت تليفونها، وبعتت لمريم: "وصلتي بالسلامة؟"
مريم ردّت: "وصلت الحمد لله، إنتي بخير دلوقتي؟"
هاجر بعتت: "الحمد لله، بخير... حسيت إن كلام عمّه صح،
وإنّي لازم أكون أقوى من كده، وإنه ميستاهلش دمعتي ولا حزني عليه.
وأنا آسفة لو كنت زعقت فيكي، وآسفة إني بعدت عنك فترة طويلة... آسفة."
مريم بفرحة: "طب الحمد لله يا قلبي ❤️ صافي يا لبن؟"
هاجر بعتت: "حليب يا قشطة 🐄💛"
وقفلت هاجر التليفون، وفتحت اللاب، وبدأت تشتغل على التاسكات.
دخلت عليها مامتها بالأكل.
هاجر: تسلمي يا ست الكل، ما تيجي تنامي معايا النهاردة؟
الأم بفرحة: حاضر يا قلبي، كلي يلا بألف هنا.
هاجر: حاضر، وأكلت، ونامت.
صحيت هاجر على الساعة ٦ الصبح، صلّت، وفطرت، وبدأت تشتغل تاني...
لغاية لما جت ٧:٣٠، ولبست علشان تنزل شغلها.
هاجر: عايزة حاجة يا أمي؟
الأم: عايزة سلامتك.
نزلت علشان تركب تاكسي، ملقتهوش.
لقيت اللي واقف قدامها بعربيته.
إسلام: اركبي.
هاجر: إنت مين علشان أركب معاك؟
إسلام: حضرتك متأخرة على الجامعة، وأنا طالب عندك... اركبي يلا.
وفعلًا، هاجر كانت متأخرة، فاضطرت تركب.
ركبت جنبه، وكانت ساكتة، بصّة من الشباك، وإيدها ماسكة شنطتها بقوة.
إسلام بطرف عينه وهو سايق: متقلقيش، مش هكلّمك لو مش حابة.
هاجر بصوت هادي، بس فيه نبرة حذر: مش موضوع خوف، بس مش متعودة أركب مع حد معرفوش.
إسلام بابتسامة بسيطة: حقك... بس صدقيني، مفيش حاجة تخوّف مني.
أنا بس شفتك واقفة ومفيش تاكسي، وقلت أساعد.
سكتوا شوية، والجو بقى في هدوء.
هاجر بدأت تبص عليه من طرف عينها، حسّت بشيء غريب...
نفس النظرة اللي شافتها في الكافيه.
قلبها بدأ يدق بسرعة، بس عقلها بيحاول يقنعها إنها بتتوهم.
هاجر قطعت الصمت: إنت قلت اسمك إيه؟
إسلام: إسلام... إسلام شريف.
هاجر بشوية تردد: شكلك مش غريب عليا.
إسلام وهو بيضحك: دايمًا بيتقالّي كده.
بس ضحكته كانت فيها شيء غامض... حاجة متخبّية ورا العيون دي.
وصلوا قدام الجامعة.
إسلام: وصلنا، أتمنى يومك يعدي على خير يا دكتورة.
هاجر وهي بتفتح الباب: شكرًا، وربنا يوفقك.
ونزلت من العربية، بس وهي ماشية، كانت حاسة إن في حاجة مش مفهومة...
حاجة ناقصة... إحساس غريب... كأنها لسه مش عارفة كل الحقيقة.
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم