رواية ليتك كنت سندي الجزء التانى الفصل الثالث بقلم اسماء عبد الهادى
عندما تظلم أحدهم، فاستعد لسلسال طويل من الهم يحوم حول قلبك ...
عندما استمع لما قاله الطبيب، أغمض أعينه في أسى لا يدري أيفرح بما فعله ابنه أم يحزن لأجله ...أخذ نفسا عميقا يخرج مع هواء الزفير كل الوجع الذي يعتلي صدره مرددا الحوقلة
_لا حول ولا قوة إلا بالله... استرها معانا يارب
استعد خاله "إبراهيم " ليذهب معه لحتى يقف جوار ابن اخته في شدته عله يستطيع أن يخرجه منها
_أنا جاي معاك يا ماهر
ليهتف والده بينما ينهض من كرسيه
_وأنا كمان جاي معاك يا ابني ...مش هنسيبك لوحدك
هتف هو بأعين ثابتة متحدثا بحدة، كي يمنعهم من الذهاب معه
_لا...مش عايز حد معايا ..أنا هروح معاهم لوحدي
قالها ثم نظر لأخته بغير القلب الذي كان هو عليه معها دائما، لتفر منه دمعة متمردة
_مكنتش عايز أمشي قبل ما استسمحك يا قطتي البريئة ،ااه إنتي قطتي البريئة فعلا ماجد كان معاه حق لما سماكي قطته .. أنا مش عارف إزاي كنت أعمى للدرجة دي
قبل رأسها بحنان بالغ وكأنها مولود خرج من بطن أمه للتو
_سامحيني يا حبيبي..أنا جيت عليكي بالقوي...يمكن السجن يكون عقاب ليا على اللي عملته معاكي وبكدا أكون انتقمتلك من حسن الكلب ده ومن نفسي كمان.
في تلك الأثناء ...استمعوا لصوت طرقات على الباب ليدلف منه الشرطي
_ماهر فهمي موجود هنا!!!
انتصب ماهر واقفا مجيبا بهدوء
_ايوة أنا يا حضرت الظابط
_طيب اتفضل معانا ..إنت مطلوب في القسم
إزدرد فمي وابراهيم ريقهم من الخوف على ماهر وما ستؤول إليه أمورهم
بينما تقدم ماهر بجمود شديد نحو الضابط
_ حاضر .
نادى الضابط العسكري الذي يقف بالخارج
_ياعسكري خده على البوكس يلا.
ليتقدم منه العسكري واضعا الكلبشات في يده، لتصرخ سناء بعويل
_ياااالهوتي.
ليرمقها ماهر بحدة قبل أن يغادر مع العسكري لأسفل
_ششش... بتعملي إيه ... إياكي تصوتي..مش عايز أسمع نفس حد فيكم بيصوت لا هنا ولا ف البيت ووصي أمي بكده.
ابصرته يرحل مبتعدا عن المكان مع رجال البوليس...فتنفست براحة وكأن وجوده يسحب الهواء التي تتنفسه
_اااووف..أخيرا أرتحت منه.
عرفت أنها فرصتها للتقرب من ماجد مرة أخرى فتقدمت نحوه قائلة بصوت جعلته مائعا غير مناسب للموقف البتة
_ازيك يا ماجد .. محتاج حاجة اعملهالك
ليرمقها ماجد بازدراء فما كان ينقصه وجود تلك الفتاة السمجة" ملك"
لذا هتف متجاهلا ما قالته مديرا وجهه تجاه والده وخاله وكأنها لا تقف جواره من الأساس
_بابا... اتفضل روح ارتاح انت وخالي واطمنوا على ماما.. وأنا هفضل هنا مع رهف
أراد فهمي أن يبقى جوار ابنته فلا يتركها في حالتها تلك لذا هتف
_أنا هخليني معاك هنا يا ماجد.. مش هسيب بنتي في حالتها دي واروح
_يابابا أنا معاها متقلقش.. وبعدين حضرتك تعبان ومحتاج ترتاح.. علشان بكرة تروح تطمن على ماهر وتقومله محامي وتشوفوا الدنيا هتمشي معاه إزاي هناك ربنا يسترها ويعدي منها .
هتف ابراهيم واضعا يده على كتف زوج أخته
_ماجد معاه حق ... ورهف كدا كدا نايمة ومش حاسة بينا ربنا يقومها بالسلامة يارب ...تعالى نروح علشان نشوف هنعمل
إليه في المشكلة اللي ماهر ابنك وقع نفسه فيها
لم يجد فهمي بد من أن يعود مع إخوة زوجته إلى المنزل ..حتى يتسنى له التفكير في حل لمشكلة ابنه الشائكة.
هتفت ملك التي لم تبرح مكانها بجوار ماجد بعد والتي لم ينتبه ماجد أنها مازالت واقفة جواره
_إيه رأيك أفضل معاك هنا يا ماجد .. علشان اطمن على رهف وأكون جنبها لو احتاجت أي حاجة
ليرمقها ماجد بنظرة صارمة
_روحي معاهم يا ملك..أنا مش محتاج حد معايا ..أنا اعرف كويس أخد بالي من أختي.
كادت أن تنطق بالحاح لتبقى معه لكن نظراته الصارمة منعتها من التحدث ببنت شفقة واتجهت مغادرة مع أمها بصمت حانق.
___
وصلوا إلى المنزل ليبصروا سوسن مازالت تجلس مكانها لم تتحرك منه وما إن رأتهم يدلفون المنزل حتى هتفت بنبرة جامدة
_خلاص دفنتوها!!
ليحملق بها فهمي باستغراب
_دفنا مين؟؟
ليقترب ابراهيم من أخته محاولا جعلها تصمت ولا تتحدث فقام بنغزها في كتفها
_اسكتي إنتي بتقولي إيه
لتزيح يده بضيق
_ابعد كدا يا ابراهيم... فين عيالي .. فين ماجد وماهر .. اوعوا يكونوا زعلانين عليها.. أهي غارت وأخدت فضيحتها معاها
لم يتحمل ابراهيم ما تقوله فقام بنهرها بصوت عال..بينما فهمي يقف يستمع لما تقوله ولا يفهم عن أي شىء تتحدث
_بس بقى اسكتي مش عايز أسمع صوتك
تحدث فهمي بتيه وكأنه في واد آخر
_سوسن بتتكلم عن إيه
تحدث ابراهيم بابتسامة مزيفة
_ولا حاجة يا جوز اختي .. ادخل انت ارتاح بس وانا هقعد هنا مع إخواتي
لتنهد فهمي بتعب فهو بحاجة الي الراحة فعلا
_ماشي البيت بيتك يا ابراهيم ..هريح ساعة زمن بس وارجعلك
ربت ابراهيم على كتفه
_خد راحتك ...هتفرج أن شاء الله
وما أن ذهب فهمي لينال قسطا من الراحة حتى هب ابراهيم في أخته مؤنبا إياها
_ايه التخاريف اللي بتقوليها دي... رهف مظلومة ومعملتش حاجة من الافترا اللي اتقال عليها ده.
وقال بقص الحقيقة كاملة على مسامعها كما أخبره زوجها أثناء عودتهم من المشفى
لتشهق سوسن مغتاظة من ابنتها
_اااه يابنت الايه يا غبية ..طول عمري بقول عليها عبيطة وهبلة ...يا مين يلايمني عليها دلوقتي
استغرب ابراهيم رد فعلها ورفع حابه بتعجب لصنيع أخته
_انتي بتقولي ايه ياسوسن!!... ده بدل ما تزعلي من اللي عملتيه ف بنتك والاذية اللي هيه اتعرضتها علشان تحميكم
لتهتف سوسن بغضب
_دي بنت عبيطة وتستاهل اللي جرالها...بقى بالزمة في وحدة عاقلة تسكت على اللي بيتقال في حقها ده وكل ده قال إيه علشان تحمي أهلها.. يا شيخ تتوكس الموكوسة..هو في حد يرضى يفضح نفسه بالشكل ده إلا العبط اللي زيها ...طب كانت قالتلنا وإحنا نتصرف ..سكوتها مش منطقي وغايظني ...اااه يا ياني ..حتى بعد ما عرفت الحقيقة فرساني بردو يابنت بطني إنتي عايزة تموتيني بالحيا.
لم يستطع ابراهيم فهم عقلية أخته فهب من مكانه مختنقا من تصرفات اخته
_لا إنتي غريبة أوي يا سوسن ..إنتي إزاي مش فارق معاكي اللي حصل لبنتك.
هتفت سوسن وكأنها لم تسمع ما قاله أخوها فهتفت متسائلة
_الوقتي ماجد لابد لأخته ف المستشفى..أومال ماهر حبيبي فين؟
لتهتف سناء بحسرة
_اسكتي ياختي ماهر راح ف داهية... ابنك قال إيه حب يعمل فيها بطل وراح قتل حسن بسبب اللي عمله ف رهف وودى نفسه لحبل المشنقة ..ويا ميلة بختلك في خطيبك يا ملك يابنتي.
ضربت سوسن على صدرها بفزع
_يالهووووي!! ابني ... ضنايا ..هيروح مني...كان مكتوبلنا ده كله فين ياربي... يا ماهر يا حبيبي ...اااه يا ماهر.
حرك إبراهيم رأسه أسفا على قلب أخته فهي لا تحمل ذرة شفقة على ابنتها المسكينة رهف وما تهتم به فقط هو ابناءها الذكور ،لذا هتف مستاءا لينهرها لتكف عن النواح والعويل
_بس بقا اسكتي... جوزك جوا دخل يرتاح سيبيه ينام شوية ..ده الراجل شوية ويطب ساكت من الزعل بسبب اللي حصل لرهف .
لتهتف سوسن بغضب وغيظ
_كله بسببها ...دايما هي مصدر الهم اللي ف البيت .... أنا هروح اصحيه علشان نطمن على ماهر ابني
هدر بها ابراهيم بغضب عارم
_لا إنتي زودتيها أوي... قسما بالله لو مكنتيش اختي الكبيرة لكنت وريتك شغلك... اقعدي هنا وسيبي الراجل يرتاح وياريت مسمعش صوتك خالص... والله رهف خسارة فيكي يا شيخة
قالها وهو يدلف لشرفة غرفة الضيوف شاعرا بالاختناق من أخته وتصرفاتها القاسية مع رهف... هو ظن أنها تغيرت لكنها كالسابق تعامل ابنتها بقسوة تخلو من الحنية.
ابتسمت ملك بشماتة في رهف فبالرغم من الحقيقة مازالت أمها مغتاظة منها لذا هتفت بلا مبالاة
_ماما أنا تعبت وعايزة أروح يلا نمشي
لتهتف أنها بأعين متسعة
_نمشي نروح فين وخطيبك محبوس!!! نمشي ونسيب خالتك لوحدها ؟ يخص عليكي يا ملك
لوت ملك شفتيها بغيظ وقالت بينما تهم للتوجه لأحد الغرف
_يووه.. طيب أنا هدخل أشوف أي أوضة ارتاح فيها... وبالطبع توجهت لغرفته نعم هو بعينه... توجهت لغرفة ماجد لتنام بها .
____
بينما هو ينظر إلى عينيها المغمضتين بألم والتي يغطيهما السواد من المعاناة التي تعرضت لها ...استمع لها تأن من الألم بينما تحرك جفون أعينها تحاول فتحهما بصعوبة ومع كل حركة من جفنها يزداد صوت ألمها...
هب من مكانه فزعا وأمسك بيدها باشفاق شديد وكأن كل أهة تصدرها أخته سوطا ينخر في ظهره فيدميه بشدة
_رهف حبيبتي...مالك...حاسة بإية
لم يجد إجابة بل استمرارها بالتوجع والألم فما كان منه الا أن ضغط زر استدعاء الممرضة التي أتت في الحال
_خير في حاجة يا أستاذ .. الأنسة رهف فاقت
ليتحدث ماجد بخوف مشيرا إلى أخته
_من فضلك استدعي الدكتور آدم بسرعة.. رهف شكلها بتتألم أوي
لتهتف هي بهدوء
_يبقى الظاهر مفعول المسكن خلص.. حالا هحط لها مسكن تاني متقلقش
لكن قلق ماجد لم يزول وأصر عليها أن تحضر الطبيب والذي أدى على الفور ليطمئن على رهف والتي أصبحت حالتها جُل اهتمامه فهو يتعاطف معها كثيرا
أتى وعلى وجهه آمارات القلق من أجلها، لينطلق نحوها بسرعة ليفحصها ومن ثم يتنهد براحة
_الحمد لله ..مفيش حاجة تقلق ..هية بس مفعول المسكن انتهى
قالها وهو يلتفت للممرضة
_عطيها مسكن تاني في الكينولا!
_ايوة يا دكتور قبل ما أنادي لحضرتك
_طيب اسمعي كل ٤ساعات تعطي لها واحد مش عايز أشوفها تتوجع تاني ..تمام!!
_حاضر يا دكتور تحت أمرك.
أقترب منها وبيده منديلا مبللا يمسح به حبات العرق التي تجمعت على جبينها من الألم الذي كان يداهمها...بينما يهتف ناظرا لها
_أنا آسف إني خليتك تشعري بالألم ...ألف سلامة عليكي
انتبه آدم إلى حاله وأنه يهتم لأمر تلك المريضة كثيرا فخشي أن يفهمه أخوها بأسلوب خاطىء ..فتحنح بجدية وناول ماجد الذي كان ينظر لأخته بأعين دامعة حزينا على ما تمر به
_اتفضل يا ماجد المناديل دي... أمسح بيها لأنسة رهف حوالين رقبتها وجبينها ..ودقايق ومفعول المسكن يشتغل ومش هتحس بأي ألم.
ليهتف ماجد بألم
_هيه هتفضل نايمة كدا كتير
_النوم أفضل ليها لحد على الأقل الكدمات والكسور اللي ف جسمها تخف شوية.
أخذ ماجد نفسا طويلا واخرجه بألم مرددا
_حسبنا الله ونعم الوكيل في عمل فيها كدا.
____
دلفت غرفته بانتشاء كبير...تنظر لكل شبر فيها بسعادة عارمة .. تبصر أشياءه وملابسه المعلقة بنظرات حالمة وكأنها تتخيله فيها ..جلست على فراشه تتحسسه بيدها ومن ثم ارتمت بظهرها عليه وعلى وجهها تنفرج ابتسامة تكبر رويدا رويدا فالطريق أمام قلب ماجد بات سالكا الآن .
بعد برهة من الزمن فاقت من غفلتها على فراش ماجد مستغلة عدم وجوده بالمنزل ...وقفت تتحدث في الهاتف في إحدى جروبات الماسنجر الجماعية على الفيس بوك ..في شرفة الغرفة
استمعت لصوت أفزعها يأتيها من خلفها ...صوت أرعبها حتى كاد يسقط منها الهاتف أرضا
_بتعملي إيه ...ده إنتي وقعتك سودا!!!
التفت برأسها تزدري ريقها وتهتف بارتياع شديد مصحوبا بصدمة
_مم... مما.....