رواية خذلان الماضي الفصل الثالث 3 بقلم دودو محمد


 رواية خذلان الماضي الفصل الثالث 

باليوم التالي…

استيقظت راما من نومها بتكاسل، نهضت بصعوبة من على فراشها المريح، وتوجهت إلى المرحاض. بعد قليل، خرجت وارتدت ملابسها، ثم مشطت شعرها بعناية، وخطت خطوات خفيفة نحو باب غرفتها. لكن بينما كانت تتجه للخارج، استمعت لصوت رجولي يتحدث بلطف. شعرت بالفضول والتساؤل، فتوجهت نحوهم، لتتفاجأ بوجود عمر، الذي يحمل دائمًا معه هالة من الهيبة ووداعة. كان يحادث والدتها بلهجة حانية، لكن راما لم تستطع منع فضولها من دفعها للاستفسار عن الأمر ولماذا جاء في هذا الصباح الباكر. تكلمت بنبرة جادة وقالت:
“السلام عليكم.”
ابتسم لها بلطف وقال بنبرة هادئة:
“وعليكم السلام صباح الخير يا مدام راما.”
نظرت له باستغراب، وبتساؤل في عينيها، سألت:
“خير يا أستاذ عمر جاي من صباح ربنا هنا ليه؟”
تحدثت والدتها بضيق، متسائلة عن أسباب كلام راما:
“عيب يا بنتي، إيه اللي انتي بتقوليه لراجل ده؟”
حركت راما رأسها بضيق، وأجابت بعدم اهتمام:
“قولت إيه يا ماما؟ بسأله عادي.”
ابتسم عمر مرة أخرى، مؤكدًا بنبرة هادئة:
“عادي يا طنط، هي مقالتش حاجة غلط…”
ثم نظر إلى راما وتحدث بتوضيح:
“مامت ياسين طلبت مني أجي أخده معايا النادي علشان هي تعبانه من الحمل، ورامي اليومين دول عنده ضغط شغل، فأنا جيت أخد ياسين وماشي على طول، آسف جدًا على الإزعاج.”
زفرت راما بضيق وتنحنحت بإحراج، قائلة:
“سوري، ما قصدتش، بس ياريت حضرتك متتعبش نفسك بعد كده، وأنا هجيب ياسين التمرين في ميعاده.”
كانت تشعر بحساسية الموقف، خاصةً بسبب وجود والدتها. كان عمر ذات شخصية عميقة، يحظى بتقدير الجميع، لكن راما شعرت بأنها تود أن تكون أكثر استقلالية في قراراتها وتفاصيل حياتها.وفي تلك اللحظة، خرج ياسين من غرفته، وركض نحو راما، محتضنًا إياها بسعادة، وقبلها بحب. ثم اتجه إلى عمر واحتضنه بشغف، قائلاً بفرحة طفولية:
“أنا فرحان أوي يا كابتن أن هروح معاك النهاردة النادي.”
ربت عمر على ظهره بابتسامة، وقبل رأسه بحب، ثم قال:
“وأنا فرحان أكتر منك، بس إيه رأيك لو أمشي وتيجي مع عمته أحسن؟”
تنحنحت بإحراج، وبدت متوترة وهي تقول بصوت مهتز:
“أحم ل ل لا، خلاص تقدر تخده معاك النهاردة مدام جيت الطريق ده كله.”
شعرت ببعض الانزعاج من فكرة الحاجة إلى الاعتماد على عمر بهذه الطريقة، حيث كانت تعي جيدًا أنها لا تزال بحاجة إلى أن تكون قوية ومستقلة.تكلم ياسين بضيق، معبرًا عن إحباطه:
“انتوا هتحدفوني لبعض خلاص، مش عايز أروح.”
اقتربت راما سريعًا، وضعت يدها عليه في نفس الوقت الذي وضع فيه عمر يده، فتلامست أيديهما. انتفضت راما بتوتر، وأبعدت يدها بسرعة، قائلة بتلعثم:
“م م متزعلش يا حبيبي، منقصدش نحدفك لبعض، بس أنا عايزة أوصلك بعد كده علشان عمته بتزهق من القاعدة في البيت لوحدها.”
شعرت بأنها بحاجة إلى توضيح نواياها، خاصة مع وجود عمر الذي قد يساء فهم موقفه إذا فكرت في الأمر بشكل غير دقيق.نظر لها بأسف، وقال:
“ا ا أنا آسف، مقصدتش اللي حصل ده.”
ابتسمت له بتوتر، قائلة:
“ح ح حصل خير، عن إذنكم.”
تحركت من أمامهم، واتجهت إلى غرفة مي. طرقت على الباب بضيق، وبعد ثوانٍ، فتحت لها، فاندفعت إلى الداخل وأغلقت الباب خلفهم بغضب، ثم تحدثت بلهجة حادة:
“أنتي مش هتفكك من الشغل ده؟ أنتي اتصلتي ليه بعمر؟ ما أنا لما بتطلبي مني أودي ابنك النادي بوديه. كلي عيش يا مي واهدي شوية، علشان متروحيش بيت أهلك تشرفي فيه وتولدي عندهم.”
نظرت لها مي بتوتر. قالت:
“ها ق ق قصدك إيه م م مش فاهمة ح ح حاجة؟ ا ا أنا اتصلت بعمر كصديق ليّا أنا ورامي، بس مش أكتر.”
ضغطت راما على أسنانها بغضب، وردت بنفاذ صبر:
“مي، أنا بتكلم بجد، اللي في دماغك مستحيل ده يحصل. أنا مش بفكر في الجواز وموضوع الخاطبه اللي أنتي وماما ماشية فيه ده مش هيمشي معايا. أنا المرادي عدتها، بس أقسم بالله لو حصل ده تاني، هقول لرامي، وهحرق دم صديق العيلة، وهخليه يقطع علاقته بيكم تاني، مفهووووم.”
أنهت حديثها، وخرجت من الغرفة بغضب شديد، متوجهة إلى غرفتها. دفعت الباب بقوة، وجلست على سريرها، وأرجعت شعرها إلى الخلف، وانهمرت دموعها بغزارة، تائهة وسط ذكرياتها. كانت تشعر وكأنها تعيد إحياء مشاعر مختلطة من الارتباك, والغضب، والقلق بشأن مستقبلها، حين كانت تفكر في كل الضغوط التي كانت تفرض عليها.
………………………………………………….
في المساء…

أنهى عمر تمرين ياسين وأوصله إلى منزله، حيث عكست الشمس الغاربة ألوانها الدافئة على الواجهات الزجاجية للمنازل. ثم وقف أمام الباب ورفض الدخول، وكأن هناك حاجزاً غير مرئي يمنعه من عبور تلك العتبة. تكلم رامي بإصرار، قائلاً:
“والله، لتدخل! أنت هتتكسف يا ابني، مافيش حد غريب جوه.”
كان صوت رامي يختلط بنسيم المساء، فيجعل من الموقف أقرب إلى الألفة السابقة التي عاشوها معاً. تنحنح عمر برجولية وظهر عليه بعض التوتر، فقال:
“م م، معلش مرة تانية، مش عايز أزعج حد.”
نظر رامي إليه بعدم فهم وتساءل:
“تزعج مين، يا ابني؟ أنت عبيط! ده من إمتى؟ ده أنت على طول بتيجي وتاكل معانا وتسهر.”
ابتسم عمر له بتوتر وقال بتوضيح:
“م م، مكانش اختك موجودة.”
فهم رامي قصده وأومأ برأسه تفهماً، وقال:
“معلش لو طريقة راما حادة شوية معاك. هي بقت كده من ساعة ما رجعت من السفر، ماما حكت ليا اللي حصل الصبح ما بينكم، وده جاي من ضغط حياتها.”
ابتسم عمر له بلطف ورد بنبرة هادئة:
“أنا مش زعلان منها والله، ولا اضايقت. بس مش حابب أزعجها.”
وفي تلك اللحظة، جاءت مي وتحدثت بمزاح:
“فيه إيه يا عم، ادخل وخلص الأكل برد.”
تعالت ضحكاته الرجولية وقال بمزاح:
“شكلك بقى مسخرة يا مي، أدي اللي أخديه من الجواز والخلفة.”
ردت عليه بمزاح قائلة:
“يارب يا عمر، يا ابن أم عمر، يوعدك بعروسة تعذبك وتطلع عينك علشان تبقى تعرف تضحك على شكلي!”
ابتسم لها وقال بمزاح:
“بعد الشر عليَّا، إن شاء الله جوزك رامي.”
تكلمت بصراخ وعلت نبرتها قائلة:
“بعد الشر! كده يا عمر بتدعي عليا وعايز جوزي يتجوز عليا!”
كانت راما تستمع لهما، وارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها وهي تسمع مزاحهم، لكنها تفاجأت عندما وجدتهم يجلسون أمامها حول طاولة الطعام، ارتسمت الجدية على وجهها وأكملت طعامها بصمت تام، وكأن البهجة تلاشت من المكان.عندما بدأ عمر يتكلم، نظر إلى راما وسأل بتساؤل:
“إنتي مش حابة تنزلي تشتغلي، يا مدام راما؟”
رفعت عينيها عن طبق الطعام الخاص بها، ونظرت إليه باستغراب، قائلة:
“أمم، أنا فعلاً كنت لسه بفكر في موضوع الشغل ده النهاردة، بس حضرتك بتسأل ليه، خير؟”
أجابها بابتسامة لطيفة هادئة قائلاً:
“بسأل لأن عندي في الشركة اللي شغال فيها، محتاجين محاسبين أكفاء. وعلى حد علمي إنك كنتي شغالة محاسبة قبل كده في شركة جوز، أحم أقصد في شركة اليسر.”
تنهدت راما بحزن وأومأت برأسها تأكيداً، قائلة:
“أيوه، كنت شغالة في قسم المحاسبة، بس أنا مش بفكر أشتغل في شركات تاني، أنا بشوف بنك أشتغل فيه. الاحترافية هناك أحسن.”
ابتسم لها وتحدث بنبرة جادة لكنها قاسية:
“على فكرة، الرجالة في كل مكان، سواء في شركة أو بنك، يعني مش هتعرفي تهربي منهم.”
نظرت له بغضب، وضغطت على أسنانها بقوة، وقالت:
“وإنت مالك، حد طلب منك المساعدة؟ خليك في حالك ومتدخلش في اللي ملكش فيه.”
ابتسم لها بهدوء، وسأل:
“هي الحقيقة بتوجع أوي كده!؟ كل واحد فينا لازم يتجاوز شبح الماضي.”
استقامت بجسدها وحركت أصابعها بتحذير، قائلة:
“ايااااك تتكلم معايا بأسلوبك ده تاني! فاااهم؟ وياريت متتكلمش معايا خالص علشان ما أقلش منك.”
استقام هو الآخر بجسده ونظر إليها بتحدي، قائلاً:
“وأنا مش بتهدد، ولا واحدة تقدر تقولي أعمل إيه ومعملش إيه، وأنا عندك، أهو، وريني هتعملي إيه.”
رفعت يدها كي تصفعه، لكنه أمسك بيدها وتحدث بتحذير:
“أياااكي تفكري تعمليها، علشان إنتي لسه متعرفنيش.”
في تلك الأثناء، تحدث والد راما بغضب:
“خلصت انت وهي؟”
ترك عمر يد راما، وتنحنح بإحراج، وقال بأسف:
“أنا آسف يا عمي،ا ا أنا مكنتش أقصد كل ده، أنا كنت عايز أساعدها، مش أكتر.”
تحدثت راما بغضب، قائلة:
“الله والغني عن مساعدتك، مش عايزة منك حاجة.”
رد والدها عليها بغضب شديد، قائلاً بنفاذ صبر:
“ررراما، كفاية كده، عيب الراجل في بيتنا.”
نظرت بغضب شديد إلى عمر، وقالت بصوت مختنق:
“الحمدلله، شبعت، عن إذنكم.”
تركتهم واتجهت نحو غرفتها، تاركة خلفها أجواء مضطربة. شعرت أن كل شيء قد تحطم بين الحضور.نظر عمر بأسف وقال بصوت مختنق:
“أنا آسف والله يا جماعة، مكنتش حابب أسبب ليكم أزعاج، رامي ومي هما اللي أصروا إن أدخل.”
تحدث رامي بأسف، قائلاً:
“أنا آسف يا عمر، راما أعصابها تعبانة أوي الفترة دي، وعلى طول عصبية بالشكل ده.”
ابتسم له بلطف وتحدث بنبرة هادئة:
“حصل خير يا رامي، أنا مش زعلان والله، أتمنى بس مكونش أزعجت مدام راما. أنا لازم أمشي بقى عن إذنكم.”
تحدث والد راما سريعاً، قائلاً:
“أقعد يا عمر، كمل أكلك، انت طول عمرك واحد مننا، مافيش إحراج ما بينا.”
أومأ رأسه بالطاعة وجلس احتراماً له، وتناول الطعام في صمت، كأنه يفكر في ما جرى. كانت الرغبة في استمرار الحوار ما زالت تعصف برأسه، لكنه كان يدرك حدود الموقف.نظرت سامية إلى مي وغمزت لها، تشير إلى سير الخطة كما يريدون، حيث تبدو بصمات السعي لتحقيق الهدف واضحة في عيونهم، رغم كل ما حدث.
………………………………………………….
دلفت راما إلى غرفتها، بينما كانت الدموع حبيسةً داخل عينيها، شعرت باختناق شديد مما حدث خارجاً. لم يكن بوسعها الإحساس بنفسها إلا عندما وضعت الهاتف على أذنيها. لحظات مرت، ثم جاء صوت رجولي يقول لها:
“ألو، مين معايا؟”
تخللت صوت الضحكات النسائية من حوله، ضحكات كانت خليعة ومزعجة، كأنها كانت تتراقص مع آلامها، تزيد من قسوة اللحظة. تحدثت، رغم شهقاتها، بصوت مختنق، كأن كل كلمة كانت تحتاج إلى جهد هائل لتخرج:
“أنا مش قادرة أعيش من غيرك، حياتي واقفة على اللحظة اللي بعدنا عن بعض فيها، أنا بموت يا ياسر.”
رد عليها بغضب شديد، وصراخه كان كالصاعقة التي تصم أذنيها، يخترق كل دفاعاتها:
“أنتي!! عايزة إيه مني؟ أنتي باردة معندكيش دم، قولتلك اللي فيها. أنتي مجرد نزوة عندي، مش أكتر. ياريت تمسحي رقمي ومتتصليش بيا تاني، فاهمة؟”
أنهى كلامه بإغلاق الخط في وجهها، تاركاً خلفه صدى كلمات كالصخور الثقيلة تضغط على صدرها. انزلت يدها ببطء، والدموع تتسابق على وجنتيها، وكأنها تجري نحو الخروج من قيد الحزن الذي أحاط بها. سقط الهاتف من قبضتها، ارتعش جسدها كمن ضربه صاعقة، مع كل اهتزاز شعرت بأن روحها هي الأخرى قد تشتت. تمددت على فراشها، وضمّت قدميها إلى صدرها كطفلة صغيرة تبحث عن الأمان في حضن مألوف، وظلت تنتحب حتى تقطع قلبها، محاولةً في صمت إيصال ألمها إلى الكون، علّ أحداً يسمع أنينها. شعرت برغبة ملحة للهروب من واقعها المرير، كأن الجدران الأربعة تحاصر أنفاسها، فأغمضت عينيها، مستسلمةً لنومها، ذاهبةً إلى عالم خيالي وردي حيث لا مكان للخيبة ولا للألم، بل فقط أشباح لذكريات كانت تجلب لها السعادة، تلك السعادة التي تبددت كسراب.
………………………………………………….
بعد مرور عدة أيام…

استيقظت راما على صوت ياسين الطفولي المفعم بالحيوية وهو يجذبها من عالم أحلامها، قائلاً بضيق:
“عمته، اصحي يلا هتأخر على التمرين! يوووه يا راما، العصر هيأذن، وانتي كل ده نايمه!”
فتحت عينيها بصعوبة، وتدور في ذهنها دوامة من الأفكار، محاولة أن تعي ما يحدث حولها. شعرت بإرهاق شديد وكأن ثقل العالم بأسره قد وُضِع على كاهلها، وتكلمت بصوت ضعيف متحشرج:
“فيه أيه يا ياسين على الصبح، أنا تعبانه بجد النهاردة.”
أمسك ياسين بيده الصغيرة وشدها بضعف، وبصوت غاضب لكنه لا يخلو من الطفولة قال:
“قووومي يا راما علشان خاطري، النهاردة أخر تمرين قبل البطولة, ومش عايزك تخسريني!”
أثارت كلماته حماستها، فرغم التعب الذي ينهش جسدها، إلا أن شعور المسئولية تجاه ياسين ودعمه جعلها تنهدت بضيق وأومأت برأسها بالموافقة، مرددة بصوت خافت:
“خلاص يا ياسين، صحيت… روح اجهز على ما أجهز أنا كمان.”
ركض الطفل بحماس إلى الخارج، كأنما كانت لديه طاقة لا نهائية، بينما نهضت راما بصعوبة من على فراشها. اتجهت إلى المرحاض باحثة عن أي انتعاش يمكن أن يجدد نشاطها، وبعد برهة من الوقت، خرجت من غرفتها متوجهة بهدوء نحو المطبخ. لاحظتها والدتها التي كانت في المطبخ، تقدمت إليها وتكلمت بتساؤل:
“مالك يا راما، شكلك تعبانه؟”
ردت بصوت خافت، وكأن الكلمات تخرج بصعوبة من جعبتها:
“شكلي داخل عليا دور برد، مكنتش قادرة أقوم من على السرير… بس ياسين عنده تمرين مهم جداً، ومقدرتش أقوله لاء علشان ميزعلش.”
تابعت والدتها بقلق، كانت تعرف جيداً مدى أهمية ذلك التمرين بالنسبة لياسين، وكانت تحرص على عدم إزعاجه أو تقليل حماسه. أومأت برأسها بتفهم، وقالت بنبرة حنونة وهي تضع يدها على كتف راما:
“ربنا يجبر بخاطرك يا بنت بطني.”
وفي تلك الأثناء، خرج ياسين من غرفته، وهو يقول بحماس:
“يلا يا عمته، أنا جاهز! مش هكون خسران!”
ابتسمت راما له وأومأت برأسها بالموافقة، ثم تحركوا معاً تجاه الباب، حيث انطلقوا وهبطوا السلم إلى الأسفل. قبل أن يصلوا إلى الباب، شعرت راما بنبض قلبها يسرع بقوة من شدة الإرهاق التي تشعر به. ركبوا سيارة أجرة انطلقت بهم نحو النادي، بينما شغلت ياسين حماسته، ولم تكن راما بعيدة عن ذلك، رغم الشعور بالإرهاق الذي قاومته في أعماقها.وفي هذه الأثناء، توجهت سامية إلى غرفة مي، طرقت الباب برفق حتى فتحت مي الباب ودلفت إلى الداخل. جلست بجوارها على السرير، وقالت بحنان وقلق:
“بت يا مي، اتصلي على عمر وقوليله يخلي باله على راما، لأنها تعبانه أوي. محبَتش تزعل ياسين ودته التمرين، علشان لو احتاجت حاجة، لازم يكون جنبها.”
أومأت مي برأسها بالطاعة، فقالت:
“حاضر يا ماما، هكلم عمر على طول.”
ثم أمسكَت الهاتف وأجرت اتصالاً، منتظرةً الرد لبضع ثوانٍ وهي تشعر بقلق. سمعت صوت عمر يأتي عبر الهاتف وهو يقول:
“خير يا أم كرش متصلة ليه؟”
ابتسمت على كلماته، وردت بمزاح:
“بلاش انت يا أبو طويلة، المهم بقولك، راما جايه عندك مع ياسين علشان تحضر معاه التمرين. خلي بالك منها لأنها نزلت وهي تعبانه أوي، ومحبتش تزعل ابني.”
تنهد عمر بضيق، ورد بصوت مختنق:
“مع إنها مش بترضى تتكلم معايا خالص، بس حاضر هاخد بالي منها. حاجة تاني؟”
ابتسمت بلؤم وقالت بنبرة مازحة:
“خد بالك منها كويس يا حونين، وخليك رويح يا أبا رشدي.”
أطلق ضحكاته الرجولية وتحدث بصعوبة:
“مجنونة والله، الله يكون في عون جوزك منك، سلااام.”
أغلقت الخط مع عمر، ونظرت إلى سامية، وقد غمزت بعينيها وابتسمت، قائلة:
“حصل يا كابيره، والحونين هياخد باله منها.”
تنهدت سامية بارتياح وقالت:
“ربنا يكملها على خير، ويهديكي يا بنت بطني، ويسعدك يارب.”
ثم نهضت، خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها، وهي تدعي ربها أن يلين قلب راما على عمر ويجمعهم على خير.
…………………………………………

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1