رواية اسرت قلبه الفصل السابع والاربعون
"عناق للمرة الأخيرة"
رمش بصدمة وهو ينظر إليها...ماذا تقول تلك ...هل فقدت عقلها ؟!!!فتح فمه ليتحدث ولكنه أغلقه مرة أخرى وهو يشعر بالكلمات تهرب من فمه ....من عقله !....
انفجر كل شئ ...وكأن ما أخفته طوال تلك السنين خرج وأنفجر بقوة .....
-تخيل اني اعيش طول حياتي على آمل...أمل اني اكون معاك ...افضل سنين من عمري أحبك ومشوفش غيرك ... وبعد.ده كله انت مش عارف أنا مين أصلا!!بعد ما وقفت حياتي طلعت متجوز !!
قالتها بقهر ...الدموع تحرق عينيها ...تراجع بصدمة وهو ينظر إليها ...
-انا ليه حبيتك ...ليه...
-أخرسي...أخرسي !!!
هدر بها بصدمة ثم أكمل؛
-مش مكسوفة من نفسك ...رايحة تعترفي لراجل غريب أنك بتحبيه ...وراجل متجوز كمان ...طبيعي مش هبصلك أصلا ...واحدة بأخلاقك ملهاش مكان في حياة الناس اللي زيي !!
-بأخلاقي!!
قالتها بصدمة وإنكسار ليرد بعنف:
-ايوة البنت اللي تعترف لشاب متجوز بحبها معندهاش أخلاق ولا دين حتى ...وأنا غلطان اني جيت اعتذر منك...أنتِ تستحقي المعاملة اللي بعاملهالك يا آنسة حورية !!
هرب اللون من وجهها...وانهمرت دموعها بشكل أقوى وهي تنظر إليه ...شعرت أنها اهانت نفسها بطريقة لم تختبرها من قبل ....أطرقت برأسها في خزي ...كانت تشعر بالعار حقاً...نظراته المشمئزة تقتلها ...رغبت في تلك اللحظة ان تنشق الأرض وتبتلعها ....
رمقها والإشمئزاز يتصاعد داخله ...وذكرى اخرى تلمع برأسه ... ذكرى اعتراف نوران بحبها له ...تلك الذكرى مع كلام حورية جعلته ينفجر بشكل غير متوقع .. شعر انه يختنق بالفعل ....
كان ينظر إليها ببرود وهي تنتحب بصمت بينما ما زالت تطرق برأسها أرضا وكأنها غير قادرة على مواجهته وقال:
-احسنلك تبعدي عني..عشان لو فكرتي تقربي تاني ..أنا ههينك فعلياً!!!
ثم استدار وتركها تبكي بمرارة ...ولج الى غرفة تبديل الملابس وهو ينفخ بضيق ...هذا ما كان ينقصه فعلا ..ألا يكفي ما يعيشه مع نوران !!!
جلس على الأريكة بينما يهز رأسه بتعب ...
....
منذ ان تركها وهي تسير في حديقة المشفى بينما الدموع تنهمر من عينيها دون توقف ...النظارات المتعجبة كانت تلاحقها ولكنها لم تكن لتهتم...كان قلبها ممزق بسبب كلماته السامة...جلست على أقرب مقعد وهي تضع كفها على قلبها بينما تحاول تهدئة وتيرة أنفاسها ...حسناً هي المخطئة ...كيف تتجرأ وتذهب لتعترف بحبها لرجل متزوج ...فيما كانت تفكر حقاً مهمًا يقوله ومهما يفكر به هو محق تماماً...لن تلومه لانها هي المخطئة في تلك الحالة !!!
مسحت الدموع التي انهمرت من عينيها وهي تأخذ قرارها ....يكفي حب من طرف واحد...هو لم يحبها يوماً...لم يراها حتى ...واي حركة منها لكي تجذب انتباهه سوف يكون رخص منها وتلك ليست صفاتها ....
.......
-مالك يا معلم قاعد هنا لوحدك ليه ؟!
قالها مروان لجاسم الذي جالس على الأريكة بغرفة تبديل الملابس يبدو عليه الشرود ...انتبه جاسم لصديقه وقال بهدوء :.
-مفيش حاجة ...أنا أهو قايم....
ثم بالفعل كاد ان ينهض الا ان مروان قال:
-خلي بالك من حورية يا جاسم ؟!
اتجهت ندرات جاسم المذهولة الى صديقه الذي أكمل بنفس الهدوء :
-هي باين عليها ان عينيها منك ومن أول يوم على فكرة. .
-ايه اللي أنت بتقوله ده يا مروان ...أنا متجوز ولا نسيت ....
-عارف يا صاحبي وعشان انت متجوز بقولك تاخد بالك ...البنت حلوة والشيطان شاطر...ابعد عنها مراتك متستاهلش منك كده خالص. ..
تجهم وجه جاسم وهو يفكر بكلمات صديقه ولكنه اقتنع ان هذا هو الصواب...
........
بعد يومين ....
-ممكن اعرف مالك بقالك يومين مش على بعضك ؟!
قالها أمير وهو يلمس كفها برفق بينما تضع طعام الإفطار على الطاولة ....أمسكت دموعها بشق الأنفس وهي تقول :
-مفيش حاجة أنا كويسة ...
عبس وهو ينظر إليها ...لم تبدو بخير أبداً....كان وجهها شاحب ....الدموع محبوسة بعينيها ...تبدو في حالة شرود غريب منذ يومين ....يشعر انها بعيدة عنه وهذا أخافه كثيراً ...إذ ان سما متقلبة المزاج بشكل مُرعب حقاً وهو حاول بشق الأنفاس ان يجعلها تشعر بحبه ...كان يريد ان تثق انه الآن غارق بها ....
تأملها وهي تجلس على الطاولة ....تضع يدها على جبينها بينما هي شاردة ...لم تلمس طعامها حتى وهذا أقلقه...لذلك توقف عن الأكل ونهض ثم أتجه نحوها وقال:
-سما حبيبي قوليلي صدقيني أنا قلقان عليكي ....
رفعت نظراتها إليه ثم وجهتها الى عمر الذي يتناول طعامه بكل هدوء وهمست :
-بعدين هقولك ....
ثم شردت مرة آخرى ...هز أمير رأسه وقال :
-لا لا ...أنا لازم أعرف مالك ...تعالي هنا ،
ثم شدها من كفها لتنهض على قدميها وبهدوء جذبها خلفه قبل ان يعطي اوامر لابنه ألا يتحرك ويتناول طعام فطوره ....
....
-أمير بتعمل ايه بس ...روح ارجع كمل فطارك ...
قالتها بضيق ليتجاهلها هو ويعانق وجهها ...عينيه تأسر عينيها وهو يقول بحنو :
-مالك يا حبيبي...أنا ضايقتك في حاجة تاني ...بقالك فترة غريبة شوية ...قوليلي أنا عملت ايه وضايقك ...
نهربت بعينيها من سجن نظراته وهي تهمس بإرتباك :
-مفيش حاجة يا أمير ...لو سمحت سيبني وروح كمل فطارك...
-طيب عيني في عينك كده ...بصيلي وقولي ان فعلا مفيش أي حاجة ....
خرجت انفاسها مرتعشة ليردد بحنان :
-بصيلي يا سمايا.....
رفعت عينيها نحو ...كانت الدموع محبوسة بهما...لا تسمح لدموعها كي تتحرر وترتاح ...
-سما ...مالك ؟!
قالها أمير بتوتر وقلق وهو يتلمس وجهها ...مئات الافكار تدوي بعقله وهو لا يفهم لماذا هي بهذا الإنهيار....
لم ترد عليه بل مطت شفتيها كالأطفال وهي تنفجر بالبكاء ....
عقد حاجبيه بقوة وهو يعانق وجهها ويقول :
-سما ..مالك يا حبيبي ..مالك ...
ثم اخذ يقبل وجنتيها بالتتابع ...ثم اتجهت سفتيه لعينيها وهو يغمغم ؛
-فيه ايه طيب احكيلي ،...كانت عاجزة عن التحدث وهي تتمسك به ....لا تعرف كيف تخبره بهذا ...رغبتها في البكاء تزداد تشعر وكأن حزن العالم داخلها الآن ...لم يتأفف أمير منها ولو لثانية ...بل ظل يمسك دموعها ويقبل وجهها برقة ...ينتظرها لكي تتكلم ....
ثم برفق قربها لكي يعانقها...بادلته عناقه وهي تبكي دون توقف ...ربت على ظهرها وهو يقول :
,قوليلي من زعلك.بس ...أنا زعلتك طيب ولا حاجة ....
تمسكت به وهي تقول :
؛ابداً....
ثم أبعدها عنه عندما سمع جوابها ....
كانت ما زالت تبكي فقال بجدية :
-طسب ايه اللي حصل.
نظرت إليه مرتبكة وقالت :
_انا حامل !!!
ظهرت الصدمة عليه للحظات الا انها لم تظم إذا ان السعادة سيطرت على ملامحه وابتسامة رائعة تشكلت على محياه....
-أنتِ حامل...حامل بجد!!
قالها. وهو سعيد ..لتعبس وتقول :
-هو انت مش زعلان أنك هتخلف مني !!
-وأزعل ليه يا سما ...هو أنا شاقطك يا بابا...أنت مراتي ...بالعكس انا طاير من الفرحة...
ثم ضعها اليه وهو يرفعها برفق ويدور بها بلطف شديد ويقول :
-حبيبتي...حبيبتي ده أحلى خبر في حياتي ..
ثم انزلها وهو يقبل أنفها بالتتابع وقال :
-ممنوع تشتغلي في البيت ...ممنوع تتعبي نفسك .مفهوم ...الراحة الكاملة ماشي !
هزت رأسها وهي تبتسم بسعادة فقال.
-بحبك يا سمايا. ..
-وأنا كمان
............
وقف سيف في الغرفة وهو يرى تحضر ملابسها ...كان وجهها خالي من المشاعر تماماً ...رغم انها تموت من الداخل ولكنها اصرت ان تكتم مشاعرها عنه ...يجب ألا يعرف شئ ....هي غير مستعدة لتخسره هو أيضاً...لقد خسرت الجميع ...والديها وخالتها ...خسارته سوف تحطمها للأبد وسوف تعيش سنوات عمرها الباقية وضميرها يجلدها؛!!!
انتهت أخيراً من اعداد الحقيبة ثم استدارت ووجدته يقف أمامه ...كان الإنكسار ظاهر على ملامحه ...قلبها تألم وهي تراه بهذا الشكل ...رأيت كثيرا في ان تقترب منه وتضمه ...تعتذر منه !!!ولكن هذا افضل ...يجب أن تبتعد ....
-خلاص هتمشي ...
همس بحزن وهو ينظر إليها ...يبحث عن أي اثر للتردد او الحزن فلم يجد ..
-أيوة همشي !
قالتها ببرود يناقض النيران داخلها فاقترب منها وهو يقول بقهر :
-أنتِ ازاي باردة بالشكل ده يا مياس ....ازاي مش مهارة...أنا بموت وأنا شايفك بتبعدي وأنا مش في إيدي حاجة أعملها. ...مياس أنا عايز اعرف ايه المشكلة ...ايه اللي مخليكي تبعدي بالشكل ده ...
ظلت صامتة وهي تنظر إليه ...كان يتوسلها لنظراته أن تُجيب ....لا تعرف ماذا تقول ....هل تخبره ان هذا لمصلحته هو ...فمن سوء حظها أن وقع في غرامها شخص مختل عقلياً تجرأ على تشويها ..قام بإيذاء زوجها ...مرتين !!!...ولن تتحمل أن يحدث شئ آخر ...
-مياس ...
قالها بعذاب فردت :
-أظن كلامي كان واضح ...أنا فشلت أحبك ...ده مش بإيدي يا سيف ...أنت تستاهل ....
اختنقت نبرتها وهي تحاول السيطرة على اعصابها التي بدأت في الأنهيار ...ان تتمنى أن يكون مع امرأة اخرى هو العذاب بحد ذاته !!!
،ارتعشت نبرتها قليلاً ولكنه كان اكثر يأساً من ان ينتبه وأكملت :
-أنت تستاهل احسن مني .....
-انا مش عايز غيرك ....
قالها بعذاب ...لتبتسم بآسف وهي تردد داخلها:
-وأنا كمان مش عايزة غيرك يا سيف بس للأسف ...للأسف .....
ولكن بدلا من هذا رفعت وجهها وهي تقول بقوة. :
-وأنا مش عايزاك....يالا لو سمحت طلقني دلوقتي د-مياس ...
قالها بتردد لتقول بقوة :
:سيف انت وعدتني...لو سمحت ..مش عايزة الموضوع يدخل في حوار المحاكم ...انت مهما كنت قريبي برضه ...
-قريبك ...
قالها مبتسم بألم لترد وتقول بقسوة :
-أيوة قريبي ...بعد الطلاق من هتكون الا قريبي .......يالا عشان عايزة اخلص ...
كانت حمرة الغضب تغطي وجهها وكم بدت جميلة جدا في تلك اللحظة ...وتلك الجميلة كسرت قلبه ...انها مضت على قرار إعدامه ...ماذا حدث لتذهب فجأة ويبدو ان والده موافق علي الأمر ماذا حدث ليوافق بتلك السهولة هو لن يرتاح حتى يكتشف الحقيقة !!
...
-هطلقك بس بشرط ...
قالها سيف بهدوء فتمعنت هي فيه بقلق وهي تقول :
-ايه هو الشرط....
ابتسم بحزن وقال:
-تحضنيني ...لآخر مرة ....
ارتبكت وهي تقول بغضب :
-ايه اللي انت بتقوله ده ...احضنك ازاي يعني أنا مش ....
-لو سمحتي يا مياس ...انتِ هتمشي ...من غير ما تهتمي بيا ...ولا بقلبي المكسور ولا بأي حاجة ....على الأقل حققيلي امنيتي الأخيرة ...اعتبريني سجانك المحكوم عليه بالإعدام وطلب آخر طلب في حياته وانتِ مفروض تنفذيه ..
كانت تنظر إليه بإرتباك شديد ...لتعانقه وتنهي الأمر ...هي تريد أيضا هذا لن تنكر الأمر...اقتربت منه ببطء وهي تقول بهدوء شديد ....
-أتفضل ....
لف ذراعيه حول خصرها ..يرفعها نحوه ليعانقها بينما وضع كفه الآخرى على رأسها ثم اغمض عينيه وهو يشعر ان قلبه عاد للحياة مجددا....عناقها زرع داخله السعادة....
كانت يضمها بقوة. ...وكأنه يريد ان يزرعها داخله ...لا يريدها أن تذهب ....
-متمشيش يا مياس ... صدقيني مش هقدر اتحمل أنك تمشي ...انتِ بالذات ...
فتحت عينيها وقد خرجت من الحالة الوردية التي تعيش بها وشعرت به يبعدها قليلاً....ثم يعانق وحهها ويبدأ في تقبيل كل أنش به ...حاولت ان تعترض ان تقاوم ولكن كل مرة كانت تقاوم
تفشل...كانت عاطفته أقوى من ان تقاومه ...ولكن فجأة شعرت به يتمادى...هو يحاول التأثير بها عن طريق هذا الأمر....انسلت فجأة من احضانه وهي تتنفس بقوة بينما تعيد تعديل ملابسها وتقول بصوت حاولت اخراجه ثابتاً :
-يالا طلقني !
......
بعد قليل ...
كان يجلس على. المكتب وهو يتذكر ما الذي قاله لرجله الذي أوصل مياس للقاهرة...
....
-تفضل هناك طول ما هي هناك يا كرم .......عايزك تتدخل لو حسيت انها لا قدر الله ممكن تتأذي ...كرم أنا معتمد على ربنا ثم عليك ...حافظ على مياس لو سمحت !!
هز كرم رأسه وهو يقول :
-امرك يا سعادة البيه...
.....
خرج سيف من شروده وهو يعترف انهاومهما فعلت هو لن يتخلى عنها ابداّ....لقد ارتكب هذا الخطأ ولن يرتكبه مجددا!!
.......
كانت بالمطبخ الخاص بها تحضر بعض الحلويات بينما السعادة تسيطر على ملامحها...فوالدتها وأمجد وجيلان قد قاموا بزيارتها اليوم كم افتقدتهم ....حقاً افتقدتهم كثيراً....
-نهلة هاتي الصينية معلش أحط عليها الحاجة ..
قالتها رحيق مبتسمة لتهز نهلة رأسها وهي تذهب لإحضار ما طلبته ولكنها توقفت وهي تجد عاصي قد دخل للمطبخ....
-معلش يا نهلة روحي شوفي الضيوف لو عايزين حاجة....
هزت رأسها بحزن وهي تفهم انه يفعل هذا كي ينفرد بزوجته...هو حقاً يحبها ....
ذهبت نهلة مُسرعة لتقول رحيق ...
-عاصي اطلع برا المطبخ أنا عارفة انت هتعمل ايه ...
ابتسم بعبث لا يليق بشخصيته الجدية ثم اقترب منها وهو يجذبها نحوه يجعلها تستدير وتنظر إليه ليقبلها بخفة وهو يقول بنبرة مشتاقة :
-وحشتيني! ...
ولكنها افلتت منه وهي تم تأخذ كعكة من الكعك الذي اعدته ثم حشرته بفمه وقالت بحماس :
-دوق الكاب كيك اللي أنا عملته ...
نظر إليها بضيق بينما الكعك يذوب بفمه ويقول عابساً :
-مش بطال!
-مش بطال ؟!انت عارف سمعت كام فيديو على اليوتيوب عشان تضبط معايا ...وانت بتقول مش بطال....
ابتسم لها وهو يجذبها إليه مرة أخرى ويقول :
-بصراحة الكاب كيك بتاعك آخر اهتماماتي حالياً!...
همست وهي تبعد كفيه عن خصرها وقالت؛
-يا عاصي ماما وأمجد وجيلان برا ...عيب كده ...سيبني واطلع يالا ..انت معطلني ...
رفع حاجبيه وقال :
-بتطرديني يعني ؟!
هزت رأسها ببساطة وقالت :
-ايوة ...
-ماشي بس اللي ميزعلش في الاخر يا مانجا ...
قالها ثم غمز لها وخرج. ..لتبتسم هي بينما تضع الكعك على الطاولة المعدنية وتخرج لعائلتها ...كان ينقص هذا اليوم نوران ...تنهدت داخلها وهي تفكر ...رباه تتمنى ان تكون نوران بخير ...
.....
خرجت بطاولة الكعك المعدنية وعلى شفتيها ابتسامة رائعة ...كان الجميع متجمع بصالة الفيلا ...زوجها ووالدتها وأمجد وجيلان وأملاك...
وضعت الكعك على المنضدة ثم بدأت بإعطاء كل فرد في طبق خاص به وهي تبتسم بحماس وتقول :
-تقريباً سمعت عشر فيديوهات عشان يطلع معايا الكاب كيك بالجمال ده....أنا يعني طباخة ذاكرة بس معرفش.. ده بالذات مكانش راضي يضبط معايا ...
ضحك الجميع ليتدخل عاصي ويقول :
-رحيقي تعالي اقعدي جنبي ...
رفعت حاجبيها بتوجس وهي تنظر إليه ؟!ماذا يريد هذا ولماذا يهتف بإسمها بتلك النبرة وذلك التدليل ...شعرت بالخجل وخاصة مع نظرات الجميع ليكررها مرة أخرى....
فركت كفيها بإرتباك وهي تنظر إليه لتجد نظرات العبث بعينيه...هذا مستحيل. ..هل ينتقم الآن لانها طردته من المطبخ ....
لم تعارضه بل اتجهت بهدوء إليه وهي تجلس على الأريكة بجواره ولكنها شهقت بخفوت وهو يجذبها من خصرها لتلتصق به اكثر ...
-عاصي ابوس ايديك لا ....
همست بتوسل وهي تحاول إبعاد كفه بينما ترى الابتسامات السرية بين جيلان ووالدتها ...زحف اللون الأحمر لوجهها فبدت رائعة الجمال بسبب اختلاط اللون الأحمر بسمارها الجذاب ..
-حد قالك قبل كده أنك بتبقي حلوة اووي لما تتكسفي وبشرتك تبقى حمرا زي الطماطم ...حقيقي طالعة تجنني ....أنا مستعد اكسفك واحرجك كل يوم عشان اشوف الجمال ده...
ارتعشت بين يديه وهي صامتة تماماً لا تعرف بما ترد بينما اخذ الجميع يتكلم حتى عاصي بد أن بالإنخراط بالحديث ...فقط هي صامتة ولكن عليها يصرخ داخل صدرها ...هي كل يوم تقع بغرامه...ولكن ماذا عنه ؟؛هو لم يخبرها انه يحبها بعد .... فجأة وبخت نفسها وهي تقول انها تطلب الكثير حقاً......نفضت تلك الأفكار عنها وبدأت بالحديث معهم
-........
في الجلسة الثانية من العلاج النفسي كان الوضع أفضل قليلاً ..اصبحت ماريانا تتحدث بصراحة عن ما حدث تلك الليلة ولكنها تلك المرة طلبت من ابرام أن يخرج جورج ورغم الغيرة التي تصاعدت داخله لانه سيترك زوجته معه الا انه رضخ وهو يرى نظرات إبرام المُحذرة له ...لذلك نهض بهدوء وخرج من العيادة والغضب يتصاعد داخله ....لو ماريانا تقصد انها تقتله غيره فهي قد نجحت تماماً فجل ما يرغب به هو أن يحطم وجه ذلك المدعو إبرام ....
.....
كانت ماريانا تجلس على الأريكة المريحة...تريع ذراعيها بينما تنظر للسقف بشرود وتقول :
-حاولت اقنع نفسي اني مش حاسة بأي حاجة ....فضلت اكرر آني مش موجوعة وأني كويسة ....بس أنا حتى نسيت ازاي اضحك افرح ...مشاعري كلها متلخبطة احيانا بحس أن مشاعري متجمدة واحيانا بحس اني بنهار واتمنى ان مشاعري تتجمد تاني ....تعرف يا إبرام أنا مش عايزة افكر في البيبي اللي خسرته...كل لما افكر بيه بشغل عقلي وافكر في حاجة تانية ....مش عايزة اتوجع اكتر ...بس احيانا بفكر ان ده احسن ...أنا مش عايزة حاجة تربطني بجورج اكتر من كده ....
رد ابرام بلطف:
-جورج جوزك ولازم يربط بينكم حاجة ...
هزت رأسها بنفي ودموعها لامعة بفعل الدموع وقالت :
-لا مش عايزة حاجة تربط بيننا ...مش عايزة يكون لينا أي فرصة سوا ...
-لو كنتِ فعلا مش عايزة اي حاجة تربطكم سوا ...مكنتيش رجعتي يا ماريانا .
قالها مبتسماً وهو ينظر إليها ...كان يدفعها للإعتراف ...يجعلها تواجه مشاعرها المضطربة نحو جورج ...
هزت رأسها وهي تقول بثقة :
-أنا رجعت عشان خاطر والدة جورج هي اللي أترجتني عشان ارجع لولا كده مكنتش رجعتله يا ابرام .....
-مظنش يا ماريانا ..
قالها مبتسماً بلطف لتتوسع عينيها بغضب فيقول :
-لو مكنتش عايزة ترجعيله مكنتيش هترجعي حتى لو جالك مين ...لكن انت يا ماريانا كنتي عايز ترجعي ..تعرفي ليه...ببساطة لأنك لحد دلوقتي بتحبيه ...
هزت رأسها برعب والدموع تنهمر من عينيها وهي تقول بعذاب.:
-لا لا مش بحبه...أنا خلاص حبه انتهى من قلبي ...أنا ...أنا ...
ثم انفجرت بالبكاء مجدداً ...نهض إبرام واقترب منها ثم جلس بجوارها وهو يمد محرمة إليها ويقول:
-تجاهل مشاعرنا ومشاكلنا مش حل يا ماريانا ...او حل للمشكلة هو الاعتراف بيها ...يمكن لو ادتيله فرصة هترتاحي اكتر خصوصاً انه باين عليه الندم ...
مسحت دموعها ونظرت إليه ...هو لا يفهم ..لا يفهم أبداً...
._انت مش فاهم حاجة يا إبرام !.
قالتها بإختناق ليرد :
-طيب فهميني ...
قالها ببساطة لترد بإنفعال :
-أنا مبقتش فعلاً أحبه...مش حاسة بالمشاعر القوية دي من ناحيته ...وحاسة اني مرتاحة كده ...أنا مش عايزة حد يقنعني بالعكس ...
صمت إبرام وهو ينظر إليها ...بدت ماريانا وكأنها تحاول اقناع عقلها بكذبة لحماية نفسها ...وهو يجب الأ يضغط عليها الآن لذلك ابتسم بوجهها وقال:
-يمكن عندك حق ....
ابتسمت له بدورها بدت مرتاحة لانه قام بتصديقها فقالت :
-يعني انت مصدقني ...
هز رأسه بهدوء لتتسع ابتسامتها وتضع كفها على كفه بعفوية وهي تقول :
-شكرا ...شكرا لك على كل حاجة .....
فجأة فُتح الباب ووقف جورج متصنماً بينما عينيه مستعرة وهو ينظر الى كف زوجته الذي يغطي كل إبرام والابتسامة على شفتيها !
ابعدت ماريانا كفها عن كف ابرام ونظرت الى زوجها الذي يبدو انه فقد اعصابه ...
...
بعد قليل...
كان يقود السيارة وعينيه الزرقاء تشتعلان غضباً...كلما يتذكر ضحكها معه...لمسه لكفه يشعر بنيران تستعر داخله ...الى متى سوف يتحمل هذا العذاب ؟!!...نظر إليها بغيظ ليجدها تنظر للنافذة دون ان تحاول حتى أن تبرر ...طحن أسنانه بغضب وهو يفكر انه يثق بها كثيراً...ولكنه لا يثق بذلك المدعو إبرام ...بالإضافة الى تلك الغيرة التي تشتعل داخله ..تلك الغيرة التي لا يستطيع أن يسيطر عليها ....هل عانت ماريانا يوماً من غيرة مشابهة...هل احترقت كما يحترق هو الآن ....ولد من سرعة السيارة حتى أصبحت السرعة جنونية ....
نظرت ماريانا إليه برعب وهي تقول بحزم:
-ايه اللي بتعمله ده يا جورج خفف السرعة شوية ...
-ايه خايفة على نفسك !!!
قالها بجفاف لترد بنبرة جافة كنبرته:
-خفف السرعة والا هنزل واخد تاكسي !!
نظر إليها بغيظ ...كان لا يصدق انها تتكلم معه بالطريقة دي بعد ما رأه....
-طيب ماشي ...ماشي ...
قالها وهو يتوعد فنظرت إليه دون اهتمام ...
....
وصلا المنزل أخيراً واتجهت هي الى غرفتها ولكنه أمسك ذراعها وقال:
-استني هنتكلم ...
سحبت ذراعها وقالت ببرود :
-مفيش حاجة نتكلم فيها ...
ثم كادت ان تذهب الا انه شدها إليه مرة أخرى حاولت التحرر منه وهي تدفعه عنها وتقول بغضب :
-أنت بتعمل ايه سيبني !!!
-هي حكايتك مع ابرام ...
نظرت اليه بقرف وقالت:
-أنت مجنون بجد !!!
ثم كادت ان تذهب ولكنه دفعها حتى سقطت على الأريكة ...نظرت إليه بصدمة ثم رأت وجهه قد احمر من الغضب....كانت في تلك اللحظة مرتعبة...
-جورج...
قالتها بتوتر ..ولكنه بدا انه لم يسمعها ثم أخذ يحطم كل ما يراه أمامه ....صرخت برعب ..وانكمشت على نفسها بتوتر وهي تراه كثور هائج ...كان يحطم كل ما يقابله بغضب...عينيه الزرقاء تشتعلان بهما النيران ...ابتلعت ماريانا ريقها وهي تجده فاقد للسيطرة لأول مرة في حياتها ...دوما كان جورج مسيطر على نفسه بشكل يثير أعصابها ولكن الآن هو غاضب ...غاضب بطريقة أخافتها ....
-انا عايز اعرف اعمل ايه تاني ...اعمل ايه تاني عشان تسامحيني وتنسي الماضي ...أنا تعبت يا ماريانا...كنت طول الوقت ده صابر عليكي ...بس انك تدخلي طرف تالت في حياتنا ده مش هقبله أبداً....
-انت مجنون ....إبرام الدكتور النفسي بتاعي وقريبنا ....انت ازاي شايفه طرف تالت
-وخطيبك السابق صح ...فكرتيني مش هعرف مش كده ...
-مكانش خطيبي كان مجرد كلام من الأهل وانا اللي رفضت ..اكيد اللي بلغك مقالش القصة كاملة ....
-بس هو بيحبك ...
قالها بحرقة ...
لم ترد ليقترب منها ثم يجذبها نحوه ...يعانق وجهها بينما يهدر بجنون:
-هنروح لدكتور تاني ...لا دكتورة ...اعرف دكتورة كويسة هتساعدك عشان تعدي المرحلة دي ....بس متتعامليش معاه تاني ....أنتِ بتحبيني يا ماريانا صح ؟!
قال جملته الأخيرة بلهفة وهو يبحث عن أثر العشق بعينيها فلا يجده ليختنق اكتر ....ليكمل :
-مبترديش ليه ؟!بتحبيني يا ماريانا صح ...أنا عايزة اسمعها منك واطمن ....أنا خايف ...مبقتش احس بحبك ليا زي الاول ...ريحيني لو سمحتي وقولي انك بتحبيني ...
انحبست الدموع في عينيها ...كانت تشعر بالأسى عليه حقاً....ولكن ما فعله دمر الحب بقلبها ...وجدت الدموع تسيل من عينيها وهي تقول بأسف :
-اسفة...اسفة.. أنا مش بحبك .....
-لا لا انتِ بتحبيني ...بتكدبي يا ماريانا صح ...عايزة تقهريني ...طيب برافو ...قهرتيني بكلمتك دي ...يالا دلوقتي قولي أنك بتحبيني !!!
-جورج بطل جنان ...
قالتها والدموع تنفجر من عينيها ثم أكملت :
-أنا خلاص بطلت أحبك تقبل الموضوع !!
-آه!!!!
صرخ بعنف لتهرول الى غرفتها وتغلق الباب بينما هو يحطم الأثاث المتبقى في المنزل !!
.....
بعد أسبوع....
سار نحوها ...عينيه تشتعلان بالنيران كان قد قرر لن يتوقف ...بعد ما حدث بالأمس لن يتوقف ...وجد نفسه يقف أمامها ...رفعت عينيها وهي تنظر إليه بتوتر ..كانت بحديقة المشفى كعادتها تتجنبه منذ آخر مرة اهانها فيها ...
وقبل ان تنطق بحرف وجدته يقول ما صدمها ...
--حورية تتجوزيني !!!
.......
كانت متجهة الى منزلها وهي تحمل أشياء البقالة وما كادت ان تلج للبناية حتى سمعت صوت مألوف يقول :
-ليكي وحشة يا مياس ...
نظرت لمصدر الصوت واتسعت عينيها بدهشة وهي تردد :
-عمر!