رواية لغز نغمة في الظلام الفصل الرابع بقلم أجاثا كريستي
المقام الأخير
هبت الرياح كأنها تصرخ، والسماء انفتحت فوق هيذرسبيرغ كأنها تبكي سِرًّا قديماً...
كانت الآنسة ماربل تجلس إلى طاولة صغيرة في غرفة الاستقبال، أمامها دفتر اعترافات القس بنويت، وحولها أوراق بعثرها الماضي.
دقّ الباب بقوة.
دخل المفتش برامويل، وجهه مشدود، ويده ترتجف وهي تحمل صورة قديمة.
– "وجدناها في أرشيف الكنيسة… عام 1929. هذه صورة الجوقة… هنا القس بنويت، وهذا… توماس ميريديث. لكن انظري جيدًا."
نظرت ماربل.
ثم شهقت همسًا.
– "هذا ليس توماس… هذا جيمس هاريس... والد الشرطي هاريس."
**
في تلك اللحظة، انقطع التيار الكهربائي عن القرية بأكملها.
وفي العتمة، سُمع عزف الهارمونيوم… لكنه مختلف هذه المرة.
نغمة متقطعة، متوترة، كأن اليد التي تعزف ترتجف.
قالت ماربل:
– "القاتل لا يعزف فقط… إنه يعترف."
**
هرعت ماربل والمفتش إلى الكنيسة.
كانت الأبواب مفتوحة، والنور الوحيد يأتي من شمعة صغيرة وُضعت بجوار التابوت المفتوح.
وفي الداخل…
كان الشرطي هاريس جاثيًا على ركبتيه، يعزف.
**
رفع رأسه ببطء وقال:
– "لم أقتله. فقط… كنت هناك."
قال المفتش بصوت هادئ:
– "أنت ابن جيمس هاريس. كنت طفلًا حين طُرد توماس ميريديث ظلمًا، بسبب والدك."
هاريس همس:
– "أبي كان من عشق تلك الفتاة… لكنهم حمّلوا ميريديث الذنب، لأن القس لم يشأ أن يفضح واحدًا من أهل القرية."
ماربل اقتربت وقالت:
– "ولهذا نبشت قبر ميريديث. لأن الجثة لم تكن له، أليس كذلك؟"
– "نعم… توماس لم يُدفن أبدًا. بل… عاد إلى الكنيسة، كل ليلة، ليعزف ما لم يسمح له الزمان أن يقوله."
**
قال المفتش برامويل:
– "ومن هو القتيل إذًا؟"
أجابت ماربل بنظرة باردة:
– "القاتل الحقيقي… هو من صمت خمسين سنة. أما الضحية… فهو ذلك الطفل الصغير، الذي كبر وسط الكذب."
**
أغلقت ماربل الدفتر، ونظرت للشمعة:
– "النغمة الأخيرة لا تأتي من آلة... بل من ضمير يُستيقظ أخيرًا."