رواية اسرت قلبه الفصل الخمسون 50 بقلم سولييه نصار


 رواية اسرت قلبه الفصل الخمسون

"تحطم"

ملامح وجهها المصدومة والمنكسرة جعلته يشعر بالذنب ..حاربت نوران دموعها كي لا تنهمر من عينيها أرادت بشدة سجنهما في عينيها ولكن الألم كان لا يُحتمل ...فقد انسابت دموعها وهي تتراجع لتجلس على الأريكة كي لا تفقد وعيها ...ابتلع ريقه وهو يشعر بالقلق عليها وكاد أن يقترب منها ...يمسح دموعها ويخبرها أنه سيتراجع  ولكن يدا وكأن جسده لا يتبع أوامر عقله !
-أنت عايز تتجوزها ؟!
قالتها بأنفاس مسحوبة ...شعرت أنها سوف تختنق فجأة ...
-أيوة .
وهكذا خرجت الإجابة من فمه ...مُختصرة ...جافة وقاتلة ..
أطرقت برأسها أرضاً وقد انهمرت الدموع من عينيها بينما تفرك كفيها بشدة ...لم تختبر هذا الألم من قبل ...ولكن هل يحق لها الإعتراض ...والإجابة واضحة كوضوح الشمس ...لا ليس لديها الحق بالإعتراض لهذا رفعت وجهها وهي تمسح وجهها من الدموع وقالت :.
-أكيد ده حقك يا جاسم...أتجوزها من بكرة لو عايز ....
-هي مش عايزة تدخل على ضره ...
همس بها والتوتر يغزو ملامحه ...كان يشعر بالذنب وهو ينظر إلى معالم الإنهيار على وجهها ...توجع قلبه من أجلها وهو يفكر في التراجع عن قراره وبالفعل كاد يتكلم إلا أنها قالت بهدوء :
-خلاص يبقى نتطلق وانا هتصرف مع عيلتي صحيح معداش شهرين  على جوازنا بس برضه متشيلش هم أنا اللي هتصرف كتر خيرك انت سترتني وأنا عمري ما هنسى المعروف ده أبدا!
-مفيش داعي هي ممكن تستنى أنا ...
قاطعته وهي تهز رأسها بينما دموعها لا تكف عن الإنهمار وتقول :
-لا يا جاسم متوقفش حياتك عشان خاطري لو سمحت اتجوز ...عيش حياتك انت اتعذبت كتير في حاجة ملكش ذنب فيها ...اهلي أنا هتصرف معاهم ....أنا هكلم أمجد واقول أنا اللي طلبت الطلاق وهنخلص الموضوع بسرعة ...وانت ..انت ...
كانت تتكلم بسرعة وهي تشعر أن أنفاسها تضيق وكأنها سوف تفقد الوعي ....الألم في قلبها كان فوق إحتمالها ...تشعر أنها على صفيح من النار ...تحترق دون رحمة ....
-نوران !
نظر إليها جاسم بشفقة وهو يردد اسمها ...كان يريد أن يتراجع فعلياً وهو يرى حالتها الا أنها نهضت وهي تقول مبتسمة بوجع :
-أنت لازم تتجوزها يا جاسم ...لازم تعيش حياتك ...تعوض اللي فاتك مع واحدة حلوة ومحترمة ...مش زيي أنا ..
قالتها جملتها الأخيرة بنبرة منكسرة ثم أكملت وهي تمسح دموعها  :
-أنا هكلم أمجد هو هينهي الموضوع ...متقلقش مش هيحصل اي مشاكل ...أنا هتصرف ...
-مش لازم...
ولكنها هزت رأسها بعنف ونشيج حار يخرج من بين شفتيها بينما تكمل بكلمات متقطعة :
-ل..لا ...انت لازم تعيش حياتك كفاية كده ...أنا اذيتك كتير ...رغم انك معملتش حاجة الا انك سترتني في وقت أنا كان ممكن اتقتل من اهلي بسبب اللي عملته...أنا عمري ما هنسى معروفك ليا ومش هكون أنانية وهقولك متتجوزش دلوقتي ....انت مفرحتش ولازم تفرح يا جاسم لانك انت معملتش اي غلط ...روح كلمها وامشوا في الإجراءات بلغها أن خلاص مفيش مانع ابدا للجواز ...
ثم كادت أن تتجاوزه إلا أنها شعرت بالدوار وكادت أن تسقط الا أنه امسكها وهو يقول بقلق :
-نوران فيه ايه ؟!
سيطرت على نفسها ووقفت وهي تقول بصوت خافت :
-مفيش حاجة أنا كويسة ...
ثم خطت نحو غرفتها وهي تتماسك حتى لا تسقط أرضاً بينما دموعها تنهمر من وجهها ...ماذا ظنت ؟!أنها ستبقى زوجته طوال حياتها ؟ذلك بسببها ..بسبب خطيئتها لتدفع الثمن الآن ...جلست على فراشها وهي تتنفس 
بعنف ....دموعها تتساقط تباعاً ...تمسك مفرش السرير بعنف وهي تحاول ألا تصرخ قهر ...كيف تقنع قلبها أن جاسم ليس لها ...جاسم لن يغفر وهو محق ...لقد ارتكبت في حقه جريمة بشعة ..العقل يتفهم ولكن قلبها لا يفهم ...قلبها فقط يتألم...رفعت كفيها المرتعشين وبدأت بمسح دموعها بقوة ....رفعت عينيها وهي تشعر بقدومه ..كان ينظر إليها وشعور الذنب يظلل عينيه ...هي لا تستحق شفقته ولا شعوره النبيل هذا ...أرادت أن تخبره أن عليه ألا يشعر بالذنب وان من البداية للنهاية هي المخطئة ...هي التي تنازلت حتى خسرت كل شئ ....
-أنتِ كويسة يا نوران ؟!
قالها بإهتمام...اهتمامه يقتلها ...تعرف انها بعد أيام سوف تُحرم منه للابد ...
هزت رأسها وهي تحاول رسم بسمة على شفتيها المرتعشة بينما تقول :
-أنا كويسة يا جاسم ...متقلقش ....
-مش باين ...
قالها بهدوء والحزن يغزوه لتهز رأسها بيأس وتقول :
-هبقى كويسة ...متقلقش...
ثم تسطحت على الفراش وهي تقول بنبرة مخنوقة :
-معلش أنا بس هرتاح شوية ...هنام شوية ...ممكن ...؟
هز رأسه وقال:
-أكيد طبعا ...ارتاحي ....
أغمضت عينيها وبدت وكأنها بالفعل غرقت بالنوم ليتنهد وهو يخرج من الغرفة ...قلبه يتألم من أجلها ...لقد بدت منهارة أكثر من أي وقت ....
....
-بالله عريس ...
قالتها والدة حورية وعينيها تلمع بسعادة تشعر أنها بحلم رائع ...ابنتها بعد سنوات من رفض كل ما تقدم لها حتى بدأت في الدخول في عامها الثلاثين اخيرا قررت أن تتزوج ...
احمر وجه حورية بخجل وهزت رأسها  :
-ايوة يا ماما عريس ...
نهضت والدتها واحتضنتها وهي تقول بينما الدموع تتصاعد بعينيها :
-يا نهار ابيض ...الحمدلله يارب ...الحمدلله سمعت دعائي ...هتتجوزي اخيرا يا حورية ...اخيرا هفرح بيكي ....
ثم قبلت رأس ابنتها وهي تقول ؛
-أنا كنت مستنية اللحظة دي من زمان يا حورية ...ده انا حسيت اني هموت يا بنتي قبل ما تتجوزي ....
هزت حورية رأسها وهي تقبل كف والدتها وتقول :
-بعيد الشر عليكي يا ماما متقوليش كده ...
ثم اخدت تمسح الدموع التي انسابت من عينيها وقالت بصوت مختنق بفعل الإنفعال ؛
-أنا أهو هفرحك أخيراً....
قبلت هي كفها وجه وظهر وقالت:
-الحمدلله يا بنتي ...كان نفسي ابوكي يبقى عايش ويشوف اللحظة دي ...بس الحمدلله على كل حال ...
انسابت الدموع من عيني حورية وهي تقول بصوت خافت :
-وأنا كمان كان نفسي يبقى معايا ..بس الحمدلله ربنا يرحمه ....
جلست والدتها وأمسكت كفها وهي تشد عليه وتقول بلهفة :
-قوليلي بقا مين ابن المحظوظة اللي أمه دعياله بالهنا ...اسمه مين ....هو زميلك صح ...أنا كنت حاسة بيكي والله الايام اللي فاتت....
أطرقت برأسها خجلا وهي تقول اسمه بحب كأنها تتذوق كل حرف من حروفه:
-جاسم ...يبقى دكتور زميلي في المستشفى ...
ابتسمت والدتها وهي تقول :
-عايز يتقدم ...
هزت رأسها مرة أخرى ثم أكملت :
-بس هو مش هينفع يتجوزني دلوقتي يعني ..
عبست والدتها وقالت:
-يعني قصدك ايه ؟!
تنهدت حورية وهي تتذكر ما حدث منذ قليل ....
...
بقلب خافق انتظرت الرد على رسالته ...فجأة انتفضت مكانها وهي تمسك هاتفها وترى الرسالة التي أتتها على تطبيق الواتس آب بلهفة....فجأة عبست وهي تقرأ رسالته ....
-أظن أني وضحت أن ممنوع التواصل لحد ما يبقى فيه شئ رسمي بيننا ...جو انك تبعتيلي رسايل على الواتس ده ممنوع ..مبحبش البنات اللي بتتصرف بالطريقة دي بيشوف أنهم معندهومش حياء ...أنا مش عايز أغير فكرتي عنك يا  آنسة حورية بعد اذنك ..فعشان كده متبعتيش حاجة ...اللي هتعمليه دلوقتي لاني مبحبش اعمل حاجة في السر انك هتقولي لوالدتك اني هاجي واتقدم بس بعد ما أطلق مراتي...الموضوع ممكن ياخد فترة ..بس ضروري تقولي لوالدتك كل حاجة ...ولحد ما اضبط أموري وأطلق مراتي ياريت متتواصليش معايا وانا هعملك بلوك من عندي عشان أسهل عليكي الأمور....
وبالفعل وجدت أن صورته الرائعة قد اختفت ...لقد قام بحظرها...
عادت من شرودها ووالدتها تتكلم وتقول :
-ما تنطقي يا حورية وقولي ليه مش هينفع دلوقتي .....
فركت هي كفيها وقالت:
-هو بس مستني يضبظ أموره مع مراته ويطلقها عشان نتجوز ....
توسعت عيني والدتها بصدمة وقالت؛
-بتقولي ايه ؟!
-بقولك الحقيقة يا ماما ...جاسم متجوز ...هو بس يطلق مراته هيتجوزني!!
تبخرت سعادة والدتها للحظات وهي تنظر الى ابنتها. ..تبحث عن أي أثر للمُزاح فلا تجد ....
-بنتي انتِ بتقولي ايه ؟!
قالتها بوجه شاحب ...ملامح أم انكسرت فرحتها ...لتفرك حورية كفيها بتوتر وتقول :
-اللي سمعتيه يا ماما ...جاسم متجوز ....
-متجوز يا حورية هتتجوزي واحد متجوز ...هو ده اخرتك ...ده اللي بتطمحي ليه ؟!
-يا ماما ممكن تسمعيني بس ...
قالتها حورية بإختناق ثم أكملت :
-أنا بحب جاسم ...
نهضت والدتها بغضب وهي تصرخ بها :
-بتحبي ايه ...ده راجل متجوز ...أنتِ عايزة تدخلي بيت وتخربيه ؟!انتِ معندكيش عقل ؟!!ده أنتِ حتى دكتورة ....
-يا ماما بحبه ...!
قالتها بيأس ثم أكملت ؛
-كان حلمي في الكلية حبيته اكتر من حياتي ...بس هو مكانش بيبص في وشي حتى ...مهما حاولت اعمل مكانش شايفني ...حتى لما اشتغلت معاه مشافنيش ...لحد ما عرض عليا الجواز ..حسيت احلامي بتتحقق ..تخيلي تحلمي بالمستحيل وتلاقيه بيتحقق بعد كده ...أنا مقدرش ارفض ...كأني كده بقتل نفسي بالحيا...بدمر حلمي !!!
-حلمك وسعادتك على حساب واحدة تاني ...هي دي تربيتي ...
قالتها والدتها بحزم لترد وهي تبرر تهرب من جرمها:
-هيطلقها يا ماما ...انا اصلا مطلبتش منه كده ...هو قالي بينهم مشاكل مش متفاهمين ....
ونظرات اللوم في عيني والدتها لا تهدأ بينما تقول :
-البيت اللي بيتبني على تعاسة واحدة ست مبيعمرش يا حورية ...
والأم تهاجم من جديد ...تحاول إيقاظ ضمير ابنتها من ثباته ولكن الحلم المستحيل يتحقق وحورية لم تكن ترى إلا حلمها ولتذهب اي عواقب آخرى إلى الجحيم ...
-أما جاسم أو مفيش ...مش هدخل اي راجل حياتي غيرة ...
والابنة العاشقة تسدل الستار أخيراً بكلماتها وتضع كلمة النهاية لهذا الحوار المنهك !!
-براحتك يا بنت بطني...بس عايزاكي تعرفي وأنتِ بتحققي حلمك المستحيل ...انك مكنتيش الإختيار الاول ...ويا خوفي متكونيش اختيار أصلا!!!
ابتلعت حورية ريقها وهي تحاول التماسك وتقول :
-أنا اختياره المرة دي انا متأكدة ...
شبح ابتسامة احتلت ملامح والدتها رغم الحزن بعينيها وهي تقول:
-نفسي يا بنتي والله  بس للاسف اللي أنتِ بتعمليه ده غلط ...وانا عارفة ايه اخرتها ...اخرتها كسرة قلبك ...حرقة روحك....أنتِ اللي هتخسري نفسك بعدين يا حورية  ويا خوفي تفوقي بعد فوات الأوان ...
هزت رأسها وهي ترفض استقبال أي كلمة تخبرها أنها مخطئة ...فقط لتعيش حلمها بسعادة...
.............

-ايه اللي أنت بتعمله ده ؟!
قالتها ماجدة وهي لا تستطيع السيطرة على ضحكاتها ليوسف الذي بجواره محمد وكان يقوم بطلاء الغرفة ....
نظر إليها يوسف وابتسم قائلاً:
-دي اوضة فاضية قولت استغلها وألونها عشان البنوتة اللي هنجيبها إن شاء الله ....
ضحكت بقوة وهي تقول :
-أنا مش حامل لسه يا يوسف ايه اللي بتعمله ده ..

-يا ستي نتفائل خير ...
قالها مبتسماً...لتهز رأسها وهي تنظر إليه بحب ...لقد أعطاها الكثير من السعادة وهو يستحق أن تحقق له كل ما يريده ....فجأة بهتت السعادة داخلها قليلاً وهي تنظر إلى ابنها المسكين ...ذلك الذي لم ينعم بحنان الأب ولا حمايته ...والآن وجد يوسف الذي أعطاه كل شىء ...عامله افضل من والده الحقيقي ...أعطاه الحب والحنان والحماية ...أنها ترى ابنها سعيد للمرة الأولى ولكن السؤال الذي كان يقف كالشوكة بحلقها كان هل سيعامل يوسف ابنها بتلك الطريقة لو انجب منها طفل آخر،...يبدوانه متحمس كثيراً بشأن إنجاب طفلة ...يخاف أن بسبب حماسه هذا يهمل محمد ابنها ...ليس من العدل أن يحصل ابنها على كل هذا الحب والاهتمام ثم بعدها يُهمل ...سوف ينكسر قلبه ....كان القلق ظاهر بقوة على ملامح وجهها الشاردة بشكل جعل يوسف يعبس قليلا وهو يفكر ما الذي يقلقها مجددا.....وضع الفرشاة في إناء الطلاء وهو يمسح كفه ويقول لمحمد :
-هناخد بريك يا بطل ........معلش يا ماجدة ممكن تعمليلنا ساندويتش صغير أنا ومحمد ..
أخرجت ماجد من شرودها ورسمت ابتسامة باهتة على شفتيها وهي تقول:
-حاضر من عيوني ..
بادلها الابتسام ثم تجاوزها   ليغسل كفه ....
..
بعد قليل...
كانت ماجدة قد أعدت شطائر للجميع. ..
جلس ابنها يأكل وهو يشاهد أحدى برامج الأطفال بينما مدت  كفها ليوسف بالشطيرة وهي تقول بلطف :
-اتفضل يا حبيبي ....
نظر إليها مبتسماً ثم أمسك الشطيرة بيد  وجذبها إليه باليد الأخرى حتى سقطت على  قدمه ...احمر وجهها بخجل وهي تقول بإحراج:
-يوسف الولد ...
-متقلقيش هو مش باصص علينا أصلاً ...
قالها مبتسماً  ثم نظر إليه بجدية وهو يقول :
-مالك يا حبيبي ...حاسك مش كويسة...وشك بهت فجأة...يا ترى ايه اللي شاغل عقلك ....
هزت رأسها وكادت أن تنكر الا أنه رد بهدوء وقال:
-يالا يا حبيبي قولي ايه المشكلة ...أنتِ عارفة انك متقدريش تكدبي عليا ...
ابتسمت وهي تنظر  إليه وقالت :
-ازاي بتفهمني بالشكل ده .؟!
--عشان نسبة الذكاء عندي عالية ...يالا قولي متضايقة ليه ؟...
ضحكت وقالت :
-ياربي على التواضع ...
ثم تنهدت وهي تفرك كفيها ...احمر وجهها من الإحراج وهي تقول :
-أنا مش عارفة أبدأ من فين ؟!
-من النقطة اللي أنتِ عايزاها ... قوليلي ايه اللي شاغل عقلك يا ماجدة ؟...
تنهدت وهي تقول بتردد :
-أنا بحبك يا يوسف ...ونفسي احققلك اللي انت عايزه ...بس موضوع اني احمل تاني صعب عليا ...القصة مش قصة اني كبيرة بس انا خايفة محمد يتظلم ....
نظر إليها دون فهم لتكمل :
-احنا من اول ما اتجوزنا وانت بتعامل محمد زي ابنك دي شهادة حق مني ...حاجة مقدرش انكرها بس خايفة لو حصل وجيبنا طفل تاني انت تنسى محمد ...ده مش عدل بعد ما داق حنان الاب يتحرم منه ...
نظر إليها بلوم وقال ؛
-هو أنا كده برضه يا ماجدة ...ايه اللي عملته أوحى ليكي اني ظالم !
هزت رأسها مُسرعة وقالت:
-لا أبداً والله عمرك ما كنت ظالم ....أنا بس بقول ...
أغمضت عينيها وقالت بصوت خافت ؛
-مهما كان محمد مش إبنك ...
-ليه مش ابني يا ماجدة ؟هو عشان مش من دمي يبقى مش ابني ...يعلم ربنا من وقت ما اسمك اتكتب على اسمي وانا خلاص محمد بقا ابني ...هو حسسني بالأبوة اللي كنت مفتقدها...أنا كان نفسي ابقى اب من زمان ومحمد اللي حقق الحلم ده ...بس انا كمان من ضمن أحلامي أن يكون عندي بنت ومتقلقيش عمري أبداً ما أفرق بينهم !
ابتسمت له ليقبل رأسها ويقول :
-اوعي في يوم تشكي فيا تاني مفهوم ؟
هزت رأسها والدموع محتجزة بعينيها ثم عانقته وهي تتمتم :
-أنا اسفة يا حبيبي..
-
..........

-سيف ...
قالها والده بصوت مرتجف ...كان يشعر بالتوتر يغزوه والنيران تتصاعد بعيني ابنه ...
-سيف !!
اقترب سيف منه كان يشعر بالخيانة وهو ينظر إلى والده ...
-ممكن تتكلم دلوقتي وتقولي الحقيقة...اتكلم يا بابا لاني مش ههدى الا لما اعرفها ...اللي فهمته ده صح ؟!انت ...
اختنقت نبرته وهو ينظر إليه بصدمة كأنه ينظر إلى شخص غريب ...ليس هذا هو والده ..
-سيف ابني أنا عملت كده عشانك  ....
بدأ جلال بالتبرير وهو يشعر بالخجل ...
-عشاني ...عشاني ...انت قتلتني ...وهي كمان ....أنا قاعد هنا بموت بفكر ايه اللي خلى مياس تسيبني وعقلي هيشت مني ...بفكر وبفكر ...أنت شايفني متدمر وساكت !!!مش هقدر الا لما تقولي كل حاجة ...أنا فهمت انك عارف مياس بعدت ليه...ممكن بقا تقولي ايه السبب ...ايه السبب اللي يخليها تشوفني بموت وتمشي !!!
رفع والده كفه بإستسلام وقال:
-هقولك كل حاجة ..بس اهدى...ابوس ايديك يا بني أهدى...يمكن لما تسمع تعرف أنا عملت كده ليه!,...
جلس سيف وهو ينظر إلى والده ينتظر ما سيقوله بفارغ الصبر ...هو انتظر هذا ...انتظر أن يعرف الحقيقة ...يعرف لماذا تركته مياس؟!...اخيراً سوف يجد حل لهذا اللغز !!
ربع يديه وقال:
-أنا مستني اسمعك وافهم انت عملت ايه لمصلحتي ...اصلك انك تبعدني عنها ده ميتحطش في بند مصلحتي بأي شكل من الأشكال!
أغمض جلال الحسيني عينيه وهو يجمع كلماته ...لا مفر الآن ولا سبيل للكذب يجب أن يخبر ابنه الحقيقة كاملة ...دون أي كذب!!!
بدأ جلال بالتحدث اخبره كل شئ عن معاذ كيف أنه السبب في تشوه مياس ...وانه دمر حياتها ...وكيف أنه حاول قتله مرتين ...أخبره أنه من أخبر مياس بشأنه لذلك هي فضلت الأبتعاد ..فهي لا يمكنها أبداً أن تتسبب في إنهاء حياة من أحبت !!!...
بعد أن انتهى بالكامل من كل شئ ...نهض سيف ...عينيه متسعة ...يتنفس بعنف بينما حريق هائل داخله ....كان يشعر بالغضب من والده ...غضب شديد لا يستطيع أن يتحكم به....
فجأة امسك الحاسوب من على مكتب والده وقام بكسره على الأرض.....
أغمض جلال عينيه وهو ينتظر انفجار اكبر من هذا ...هو يعرف ابنه حين يغضب ...أخذ سيف يسير في المكتب ذهاباً وإياباً وهو يشد شعره بقوة ....الدموع محتجزة بعينيه وهو يتخيل كم الرعب الذي عاشته مياس ....
-أنت ...انت ازاي كده ...ازاي...ازاي تتخلى عنها للمرة التانية ؟!ازاي ترميها وتخليها تواجه مصيرها هناك وهي لوحدها !!!...
-كنت خايف عليك !
قالها بيأس والدموع بعينيه ...كان يشعر بالخجل مما فعله ليصرخ بإستهجان :
-طيب وهي تولع يعني؟!احنا اتخلينا عنها للمرة التانية ...المرة الأولى اذاها وشوهها المرة دي مفكرتش هيعمل فيها ايه ؟؟!
جلس على المقعد وهو يشعر بالإنهاك ..انسابت دموعه وهو يشعر بثقل على قلبه ...لقد تخلى عنها المرة الأولى ...لم يكلف نفسه ويسأل عنها...أخرجها من حياته كأنها لم تكن صديقته يوماً...لم تكن قريبته يوماً...لقد تخلى عنها مرة ...وللمرة الثانية تخلى عنها حتى لو لم يكن يعلم ...ما كان عليه أن يتركها بمفردها...كان عليه أن يذهب خلفها كان عليه أن يعرف أن مياس لن تفعل هذا أبداً به...كان يجب أن يعرف انها أحبته ...
-احنا ظلمناها مرتين ...
نظر إليه والده وملامحه تحمل الخجل ليهز سيف رأسه ويقول :
-ده صحيح للاسف ...صحيح ...أنا وأنت ظلمناها مرتين ...اتخلينا عنها مرتين ...خليناها تواجه واحد سايكو زي ده مرتين ....تخيل انت عشان تحميني سايبها هناك معاه ...تخيل قهرتي ومراتي ...الست اللي محبتش قدها لوحدها هناك بتعيش الرعب عشان حضرتك بس خايف على ابنك ...أنا لا هقدر اسامحك ولا هسامح نفسي ....
ثم نهض وأكمل:
-بس أنا مش هكمل ظلم فيها ...مش هعمل كده تاني ....
-رايح فين ؟!
سأله والده بوجه مبهوت ليرد :
-رايح لها. يا بابا أنا مش هسيبها ابدا ....أنا هفضل جنب مياس ...هحميها من اي حاجة تأذيها ...عمري ما هفلت ايديها مرة تانية ابداً
-سيف متعملش كده يا بني ..استنى ...معاذ مهما كان مش هيأذي مياس عشان بيحبها بس انت ...
ضرب على المكتب بعنف وصرخ :
-متقولش أنه بيحبها...متقولش إنه مش هيأذيها هو سبق واذاها ...شوهها ...كسرها وشوه نفسيتها ...هو الأذية تعريفها ايه بالنسبالك...انت خايف من الصعلوك ده ....خايف يأذيني ...بس لا انا المرة دي اللي هقتله...متتخيلش قد ايه كان نفسي اعرف مين اللي عمل كده في مياس عشان اقتله واخد حقها منه !!!
.......
-يا جيلان أنا حتى شغلى مروحتهوش عشان خاطرك...قاعد جنبك من امبارح هنا وانتِ حتى رافضة تبصي عليا ....
قالها أمجد وهو ينظر إليها ...كانت تشيح بوجهها عنه ...ترفض أن تنظر إليه وهذا ما جعله يتألم ...نظر لوجهها جيداً كانت كانت بقعة حمراء بسبب ضربه لها ...تألم قلبه مجدداً...هو ابدا ابدا لن يفعل هذا بها مجدداً ...مد كفه وأمسك ذقنها ثم إدارها إليه ..كانت الدموع تنهمر من عينيها دون توقف ...هاله الآمر وأصبح يمسح دموعها برفق شديد وهو يتمتم ؛
-أنا اسف ...اسف ... 
شهقت مطالبة للهواء وهي تقول بآسى شديد ؛.
-أنا بالنسبالك ولا حاجة ...انت عمرك ما حبتني !!...
-متقوليش كده انا محبتش غيرك ...والله بحبك يا جيلان ومعرفش غضبي ازاي اتحكم فيا ....
أطرقت بوجهها ودموعها تنهمر مرة أخرى ثم قالت بلوم :
-أنت مكنتش هتعامل اريام ابدا بالشكل ده ...بالعكس كنت هتحترمها ...لكن أنا ..أنا عشان مليش حد فمش مهم .....
قربها منه وهو يعانق وجهها بينما يهز رأسه بقوة ويقول :
:لا لا خالص  ده مش صح يا جيلان .اياكي تقولي أن ملكيش حد ...انا عيلتك ...وماما كمان واخواتي .. أنتِ مش لوحدك ....أنا عارف اني غلطان واستاهل  اي حاجة تقوليها ...بس متقوليش أن ملكيش حد ...اوعدك مهما حصل مش همد ايدي عليكي تاني ...أنا آسف يا جيلان ...اسف ....
ثم بدأ يقبل رأسها بينما الدموع تنهمر من عينيها ...مسح دموعها برفق وقال :
-أنا هعوضك عن ده كله وعد...
كانت تنظر إليه ...نظراتها تظللها عدم الثقة وهذا أوجع قلبه ...ولكن الخطأ الذي اقترفه بحقها كبير ...
مسح دموعها مجددا وقال:
-ايه رايك نروح الغردقة عند نوران  وجاسم ونغير جو ؟ 
.........
كانت تضحك بقوة من قلبها وهي تنظر إلى زوجها من التراس وهو يلعب مع ابنته كان يحملها وهو يدور بها بينما فتح النافورة التي بالحديقة  لتغرقهما بالمياه وضحكاتهما تتعالى...كانت سعيدة للغاية وهي ترى عاصي بمنظور اخر...اب حنون يحاول أن يسعد ابنته ...يفعل المستحيل من أجل أن يسعد ابنته ويسعدها ...هي الآن اسعد امرأة على وجه الارض ...لا يعكر صفو سعادتها الا معاناة نوران ...هي قلقة عليه ...تتذكر أن اخر مرة كلمتها بالأمس وأخبرتها أن  كل شئ على ما يرام ..ولكن لا صوت شقيقتها كان مختنق ...مستحيل أن يكون كل شىء على ما يرام...شقيقتها تعاني وهي تعرف...أغمضت عينيها وهي تدعو الله داخلها أن تكون نوران بخير ...أن تسعد بحياتها...وان يتقبل الله توبتها ويجعل قلب جاسم يرق ويسامحها  ويكمل حياته معها ...هي تعرف أن نوران تحب جاسم كما هو يحبها ربما فرصة أخرى سوف تكون مناسبة لهم 
فجأة رن هاتفها لتبتسم وهي ترى أن المتصلة هي نوران ...لقد كانت تفكر بها وها هي تتصل ....
فتحت الهاتف وهي تقول بلطف :
-بنت حلال مصفي.  كنت لسه هتصل بيكي ....
عبست رحيق وهي تسمع أنفاس ثقيلة من الناحية الأخرى ...لشخص بدا أنه يعاني ...تجمعت الدموع بعينيها وهي تقول بقلق:
-نوران !!
أخذت نوران تتنفس بعنف ...لقد استيقظت اخيرا لم تنم كثيراً .ربنا بضع دقائق أو نصف ساعة ...استيقظت ولم تجده بالمنزل ...وقتها شعرت  وكأن شئ ما يخنقها ...وكأن العالم لم يعد يرحب بها ....شعرت رحيق بالقلق عليها وهي تردد اسمها مرة أخرى ....فجأة شهقت بعنف وهي تنفجر بالبكاء ....تألم قلب رحيق من أجل شقيقتها وهي تقول :
-بس يا حبيبتي بس ....
-رحيق ...رحيق أنا بموت ....مش قادرة اتنفس ....
كانت تقولها بكلمات متقطعة وهي تشعر بشئ ثقيل يقبع على قلبها ...نهضت رحيق بتوتر وهي تقول ؛
-قوليلي فيه ايه ...حصل ايه يا نوران ...أنا هاجي و....
-خلاص هنتطلق . .
قالتها نوران بصوت منهار ثم أكملت:
-خلاص هيتجوز واحدة تانية. ....
بهتت رحيق بينما أكملت نوران :
-عارفة اني مش من حقي اتضايق يا نوران ....بس اعمل ايه في قلبي ...قلبي مكسور من اول ما قالي الخبر. . .حاسة أن الدنيا بتلف بيا ...الأرض مش ثابتة خالص ...
-هجيلك. .
قالتها بخفوت لتهز نوران رأسها وتقول :
-لا لا مفيش داعي أنا خلاص موضوعي انتهى ....
صمتت قليلا وهي تنتحب ...صوت بكائها كان يمزق قلب رحيق ...
-رحيق ممكن طلب ...
قالتها من بين شهقاتها ...
-أكيد يا حبيبتي....
قالتها بسرعة لترد هي :
-ممكن تدعيلي...ادعيلي أن ربنا يجبر بخاطري وان يطبطب على قلبي ....أنا عارفة اني استحق اي حاجة وحشة تحصلي  ...بس العقاب المرة دي صعب .... قلبي مش قادر يتقبله رغم أن عقلي شايف اني استاهله ...بس انا فعلا قلبي واجعني...واجعني اوووي....
انهمرت الدموع من عيني رحيق ...كانت تتألم من أجل نوران وقالت:
-متزعليش ...بكرة ربنا هيعوضك وهتشوفي....
-انا مش عايزة غير أن قلبي يبطل يوجعني ...عايزة الخنقة دي تروح .....ادعيلي أن ربنا يديني القوة ابعد عنه عشان هو كمان من حقه يشوف حياته...
تنهدت وقالت منهية حديثها :
-أنا هكلم أمجد دلوقتي عشان ننهي الموضوع ....
-نوران استني ...
هزت نوران رأسها والدموع تنهمر من عينيها دون توقف وقالت:
-لا يا رحيق ...كفاية كده هو لازم يعيش حياته ...ايه ذنبه ؟!من البداية مكانتش مضطر يستحمل بس هو استحمل وسترني...وانا دلوقتي لازم اردله الجميل بأني اطلع بسرعة من حياته عشان يشوف غيري ....
-أنا مش عارفة اقول ايه ؟!
قالتها رحيق بآسى لترد نوران بإبتسامة وسط ملامحها الحزينة وتقول :
-متقوليش ادعيلي وبس....سلام ...
ثم أغلقت الهاتف ....

تنهدت نوران بتوتر وهي تمسح دموعها ...كانت عينيها تؤلمها بسبب شدة البكاء....أخرجت رقم شقيقها وهي تقرر الإتصال به ...وضعت الهاتف على أذنها وهي تنتظر أن يرد ...لحظات وأتاه صوته وهو يقول :
-حبيبتي وحشتيني ....
ابتسمت بحزن وكادت أن ترد عليه فقال:
-بنت حلال مصفي حقيقي كنت دلوقتي لسه هكلمك عشان اقولك أننا بعد يومين جايين عندكم !!!
....
في المساء ....
العالم توقف من حوله منذ غادرت حياته ...حتى عمله تركه مرة أخرى. ..فقط يجلس على الأرض أمام صورهما وهو يتلمسها بينما الدموع تنهمر من عينيه ...كيف يفعل هذا بها...بعد أن عادت وبدأت في العلاج أعادها لنقطة الصفر بسبب غيرته وفقدانه السيطرة على نفسه. ..لقد غادرت وغادر كل شئ جميل معها ...شهق مطالباً للهواء وهي يشعر أن العالم يضيق به أراد أن يذهب إليها ويتوسل إليها أن تعود لا الحياة من دونها ليس لها أي فائدة ...ليس لها لون ...ولكنه عرف أن تلك المرة خسرها للأبد ....
انتفض قليلا ورنين جرس المنزل يخترق أفكاره ...نهض وهو يشعر أنه سوف يسقط في أي لحظة وكأن الأرض تهتز من تحته ...فتح الباب ليرى أمامه ابرام الذي ابتسم بلطفه المعتاد وقال:
-هتخليني ادخل ولا هتضربني ؟!...
افسح له جورج الطريق ليدخل ...
....
بعد قليل ...
كان جورج كان قد احضر له كوب من القهوة ...كان إبرام ينظر حوله لحالة المنزل البائسة ليقول جورج بخجل :
-مش قادر والله ارتب البيت ....
هو عامة وجودنا من غير ست في البيت قادر يحول البيت لكارثة أنا لو نانسي سابت البيت يومين بيبقى زريبة حرفياً...
ابتسم جورج بحزن وقال:
-من اول ما مشيت ماريانا وأنا حاسس ان الحياة واقفة. .حاسس اني موت ....
ارتشف إبرام من قهوته وقال:
-وانت خلاص استسلمت ؟
رفع عينيه لإبرام ...كان اليأس يسكن بهما وقال :
-هي بطلت تحبني !
-وانت صدقت كلامها.!؛
-مش كلامها بس أفعالها ...
قالها جورج بيأس ليرد إبرام.:
-ماريانا اتصدمت صدمة كبيرة يا جورج ...هي متلغبطة حاليا ...بتحاول تحمي نفسها ...واول حاجة حابة تعملها أنها تحمي نفسها من حبك ....لكن الاكيد انها لسه بتحبك ...وانت مش لازم تستلم بكل سهولة كده ...خليك وراها لحد ما ترجع. ..اقف جنب مراتك في علاجها ...حسسها أنها مش لوحدها ...واعذرني يا جورج حتى انت محتاج علاج نفسي ....
ابتسم جورج وهو ينظر إليه وقال:
-ايه يا دكتور هبقى مريضك التاني ولا ايه ؟!
ابتسم إبرام بتسلية وقال:
-معنديش مانع وصدقني هعملك discount محترم ....
ثم انفجرا بالضحك هما الأثنين ...

...................

تجمد جسدها بالكامل وهي ترى من على الباب ...فتحت الباب وهي تردد بصدمة وشوق :
-سيف ....
لم يتحمل هو وجذبها إليه ليقبلها !

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1