![]() |
رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل السادس بقلم دينا جمال
أنْتهت رحلة الثبات أيُها المُدّعي بِذلِكَ، فَالقلب أنهمر حُزنًا
أصبح لا ينبض سوىٰ الألم
فَما فعلت بعد أول صدمة تعرضتُ لها؟
أدعيتُ بِالثباتِ مِن جَديد أم الثبات أدعىٰ لكَ بِذلك؟
سَتتّهربُ مِن الأسئلةِ فَالإجابةِ لم تأتي حتىٰ الأن،
كأس حُزن البشر شرِبتهُ لِوحدي ولم يُقاسمني البشر بِهْ
ثمانية وعشرون حرفًا لم أُعد قادرًا على اللفظِ بِهم أمام العالَم
كأننّي سجين وهربتُ وخائف مِن أن يراهُ أحد أو عاشق كذاب أدعىٰ الحُب وهو ليس لديهِ قلب ليُحِب
أو طفل هارب مِنَ الكُتابِ لِأنهُ لم يُدون واجِباتهُ
أو شيخ لم يعُد قادرًا على السيرِ
ام انني كل هؤلاء أو لا أعلم مَن أنا بعد اليوم لكننّي صمدتُ لِلحُزنِ ولم أتعثر مُنذُ الصغر
أصبح السؤال الوحيد الّذي أطرحهُ على نفسي كُلّ يومٍ مَن أنا؟
أنا ديسمبر الحُلو في بدايتهِ، أم أنا نهاية ديسمبر؟
أنا اليوم الثلاثين مِن فُبراير؟
ولكننّي إن كُنتُ يوم الثلاثين لَضحكتُ لأنه لن يأتي أبدًا
ليتني الثلاثين، ليتني لم أأتي على هذا الزمنِ، أصبحتُ حزين، وحيد بينَ الناس، مُنكسِر أمام المرآةِ
أصبحتُ أشكل الكلماتِ بِالكسرِ
فَهل لِأحد أن يضُم كلماتي لِقلبهِ لأُصبح بخير ولو لِمرة.
_________________
تعلن شركة مصر للطيران عن قدوم الرحلة 507 القادمة من مطار دبي الدولي ... صدح ذلك الصوت في أرجاء مطار القاهرة الدولي .. هبطت الطيارة بسلاسة علي أرض المحروسة ... أحضر العمال السلم الضخم ..ليفتح الباب وتودع المضيفة الزوار للخارج ... تقدم ناحية باب الطيارة لينحني بجسده قليلا ... خرج من باب الطيارة ينظر حوله لترتسم علي شفتيه ابتسامة صغيرة .. نزع نظارته السوداء لتظهر عينيه الخضراء كغابات الزيتون ... عقد زر سترة حلته السوداء ليتقدم متجها الي أسفل ... لحق به شاب يافع الطول جسد عريض متناسق عينان سوداء قاتمة ملامح حادة نظرات ثابتة ... تمشي بجواره فتاة في أوائل العشرينات جميلة شعرها أشقر قصير يصل لمنتصف رقبتها عينيها خضراء كعيني والدها .. تبتسم بمرح تتحرك بسرعة تنظر هنا وهناك كأنها طفلة صغيرة ليزجرها ذلك الفتي قائلا برفق :
- مايا وبعدين معاكي أنتي مش عيلة صغيرة
عبست بضيق تمط شفتيها للأمام كأنها طفلة صغيرة اقتربت من والدها تتعلق بذراعه تهمس بغيظ :
- بابي أدهم عمال يزعقلي
ضحك بخفوت يبعثر شعرها برفق ليوجه نظره للفتي قائلا بصرامة :
- ما تزعقش لأختك يا أدهم
حرك أدهم رأسه إيجابا دون كلام .. ينظر لها بضيق لتنظر لأسفل بحزن يبدو أنه بات غاضبا منها ... أخذ أدهم جوازات السفر منهم متمتا باقتضاب :
- أنا هخلص الإجراءات ... مش هتأخر
حرك حمزة رأسه إيجابا يربط علي ذراعه ليتركهم أدهم متجها ناحية المكتب المسؤول عن إجراءات وصول الركاب ... بينما جلس حمزة جوار مايا متجاورين في الاستراحة ...
هبت مايا واقفة تنظر لحمزة تهمس بخفوت :
- بابي هروح الحمام
حرك رأسه ايجابا ... لتتركه تسأل عن مكان المرحاض ظل يتابعها بعينيه الي أن اختفت من أمامه تماما ... ليخرج تنهيدة حزينة بائسة من بين خلجات قلبه الحزين يغمغم مع نفسه بحزن :
- الله يرحمك يا مايا !!
انهي إجراءات الوصول ليستلم جوازات السفر من الموظف المسؤول ... وضعهم في جيبه ليتجه ناحيتهم اتسعت عينيه بقلق يبحث عنها حين وجد أبيه يجلس وحيدا علي طاولتهم ... اقترب منه سريعا يسأله بقلق :
- هي مايا فين
رفع حمزة وجهه يبتسم في وجه ابنه بهدوء مغمغا :
- في الحمام .. خلصت
حرك رأسه ايجابا ... عينيه لا تتوقفان عن البحث عنها في كل مكان :
- ايوة والشنط راحت علي العربية ... هي فين
تنهد يزفر براحة حينما رآها قادمة تمشي نحوهم بسرعة .. ابتسمت في وجهه بمرح لتسرع تتعلق بذراعه تتمتم بوداعة :
- دومي أنت زعلان مني
نزع ذراعه من بين يديها بضيق يرمقها بنظرات حانقة ... ليتقدم أمامهم متجها الي السيارة وقف حمزة جوار ابنته يلف ذراعه حول كتفها يحثها علي التقدم لتنظر له تمتم بعبوس :
- بابي دومي كل شوية يزعل مني
ضحك حمزة برفق يتقدم معها الي السيارة يغمغم بمرح :
- هشدلك ودانه دومي اللي بيزعل دا
ضغط أدهم علي زامور السيارة عدة مرات لينظر حمزة لابنته بذعر مصطنع :
- اركبي قبل ما اخوكي ينزل يأكلنا
« أدهم حمزة محمود السويسي ... او بمعني اصح ادهم وحيد سليمان ... ابن حمزة بالتبني .. جميع الأوراق الرسمية تقول أنه أدهم حمزة السويسي ... يبلغ من العمر 28 عاما ... ذراع حمزة الأيمن .. فتي طويل القامة ذكي سريع البديهة ... به الكثير من المميزات لشاب في سنة ... ولكن للأسف لديه عقدة واحدة فقط وهي ..»
___________________
في فيلا خالد السويسي يقف في منتصف الحديقة يشرف علي العمال تارة وعلي طاقم الحرس تارة .. ولينا في الداخل تشرف علي تحضيرات الطعام ...
توجه الي رئيس العمال يشير الي جزء كبير في الحديقة :
- بعد ما تخلصوا هنا ... اقفلوا الجزء دا بستارة سودا تغطيه خالص
حرك الرجل رأسه إيجابا يهتف سريعا :
- حاضر يا باشا
اشرقت ملامحه بفرح حينما سمع ذلك الصوت يأتي من خلفه :
- لاء شغل عالي ... عالي مش عايز مساعدة
التفت في لحظة خلفه لتتسع ابتسامته تشق شفتيه ... ينظر لتؤامه نصف روحه الآخر حتي لو اختلافا في الشكل تترابط أرواحهم برابطة خاصة لا يعلم عنها أحد شيئا ..في لحظة تلاحما بعناق اخوي حاد ... ليتمتم حمزة بصوت خفيض :
- هفضل اقولهالك كل مرة بشوفك فيها ... مسماحني يا اخويا
ضربه خالد بخفة علي رأسه يبتسم برفق :
- وأنا هفضل اقولك مسامحك يا ابن أمي وأبويا
ابتعد حمزة عن خالد لتندفع مايا تلقي بنفسها بين ذراعي خالد تصيح بمرح :
- عمو خالد ... شوهالحلاوة يا عمو ... مز المزز يا عمو
ضحك خالد عاليا بصخب ... بينما نظر لها أدهم بحدة علي طريقتها في الحديث ... قرص خالد وجنتها برفق يغمغم من بين ضحكاته :
- يا بت بطلي نصب طالعة لابوكي وعمك .. اجري يلا علي جوا طنط لينا مستنياكي وعملالك الكيكة اللي بتحبيها
لمعت عينيها بسعادة تصفق بحماس لتنطلق راكضة ناحية باب الفيلا تصيح بسعادة :
- كيكتي حبيبتي ... قصدي انطتي حبيبتي
« مايا حمزة السويسي ... في العشرين من العمر ... مرحة طفولية بعض الشئ .. مدللة ابيها .. فبعد موت والدتها ... باتت اهتمام حمزة الأول وشغله الشاغل فقط تعويضها وإسعادها بأي شكل كان »
اقترب أدهم من خالد يصافحه باحترام :
- إزاي حضرتك يا عمي
ضحك خالد بمرح ينظر للشاب أمامه :
- عمي ايه بقي دا أنا بقيت اطول مني .. ايه يا دومي
أبتسم أدهم بهدوء ... لينظر حمزة لخالد يسأله :
- اومال البت لوليتا فين ...
نظر خالد لساعته يغمغم بهدوء :
- في الجامعة محضرتها هتخلص كمان 10 دقايق
تطوع أدهم يشاركهم الحديث :
- تحب حضرتك اروح أجيبها
أبتسم خالد في وجهه بامتنان يحرك رأسه نفيا :
- معاها العربية والحرس ... اطلع أوضتك ارتاح انتوا جايين من السفر ..
استآذنهم بآدب متجها الي داخل المنزل ... ما إن خطي للداخل سمع صوت ضحكات مايا العالية قادمة من ناحية المطبخ ... لتتحرك قدميه ناحية المطبخ وجد مايا تقف جوار كعكعة كبيرة تملئ فمها علي آخره ولينا تهتف فيها بفزع :
- براحة يا بنتي مش هتعرفي تبلعي
نظرت مايا لها بخديها المنتفخين من كثرة ما في فمها من طعام لتضحك لينا عليها بخفوت تعطيها كوب عصير ترتشف منه عله يساعدها قليلا علي بلع ما في فمها
تنهد بحرارة يبتسم بألم ... ليترك المكان متجها الي أعلي الي غرفته ... جاهزة نظيفة مرتبة في انتظاره .. دخل اليها صافعا الباب خلفه كور قبضته يصدم بها الحائط جواره بعنف يزجر نفسه بعنف :
- غلط ... غلط اللي إنت بتفكر فيه دا غلط
نظر للفراغ بغضب صدره يعلو ويهبط بجنون ليجفل علي صوت دقات علي باب الغرفة نظر للباب ليهتف بحدة من بين أسنانه :
- ميين
سمع صوتها الرقيق من خلف الباب المغلق :
- أنا مايا يا أدهم ممكن ادخل
اتجه ناحية الباب يوصده جيدا بالمفتاح ..قبل أن يفتحه هو يصيح فيها بحدة :
- لاء مش ممكن ... واتفضلي امشي أنا عايز أنام
تلك المرة سمع نبرتها الحزينة تمتم بخفوت :
- حاضر يا أدهم ... أنا كنت عايزة اقولك أنا آسفة لو كنت زعلتك في المطار
وقف خلف الباب المغلق يكور قبضته بعنف يشد عليها يمنع نفسه بصعوبة من فتح الباب المغلق ... أنفاسه تغلي كلهيب نار
____________
في الجامعة
ابتعدت سهيلة عنهم تجلس في مقعد آخر ترمق معاذ شرزا .. تنظر للينا بغيظ فذلك الأحمق كما تلقبه يقدر فقط بكلمتين علي استيلاب عقلها وهي تمشي خلفه في كل ما يقول كالمغيبة
بينما استمر همس معاذ العاشق لها يحكي لها عن تفاصيل حياتهم معا حينما يصبحا زوجين ولينا تستمع له بسعادة كبيرة تبتسم بعشق فقط تحرك رأسها إيجابا .. صمتت الأصوات فجاءة حينما دخل الاستاذ المحاضر ... نظرت لينا لمعاذ تهمس له سريعا :
- معاذ الدكتور جه قوم امشي بسرعة
حرك رأسه نفيا يبتسم بحب جارف رفع يدها يقبلها خفية غمز لها بطرف عينيه يهمس بعبث :
- تؤ هحضر مع خطيبتي حبيبتي المحاضرة بتاعتها
اضطربت أنفاسها بعنف وخاصة وهو يحتضن يدها بتلك الطريقة طوال المحاضرة لم يترك يدها ولو لثانية يخفي كفها الصغير داخل كف يده يهمس لها كل حين وحين خفية بكلامته المعسولة التي تزيد دقاتها انفجارا
اخيرا انتهت المحاضرة في خارج المدرج كان ينتظرها حرس والدها لذلك تتصرف خارج المدرج كأنها لا تعرفه ... وجهت له نظرة سريعة تبتسم بسعادة ... لتعاود النظر لسهيلة سريعا تهتف بفرح :
- سهيلة ما تتأخريش
حركت سهيلة رأسها إيجابا تنظر لمعاذ الذي يقف بعيدا يعبث في هاتفه باندماج .. لتوجهه نظرها للينا :
- هجيب فستاني واحصلك
اتجهت لينا مع حرس والدها الي سيارتها متجهه الي منزلها تاركة خلفها نظرات تشتعل حقدا وغضبا
________
في منزل عمر ... منذ ايام منذ آخر مشادة بينهما وهي تتجنب الحديث معه وهو لم يحاول حتي مصالحتها لم يكن يهمه الأمر كثيرا ... ولكن اليوم يجب أن يذهبوا جميعا الي منزل أخيه ... تنهد يمسح وجهه بعنف عقله لا يتوقف عن التفكير في تلك السيدة التي خطفت مشاعره من لقاء واحد فقط ... حرك رأسه نفيا يستعيذ بالله من الشيطان ... حينما اقتحمت تلك السيدة خياله .. في صورة هو نفسه لم يقبلها ... هب سريعا متجها لخارج الغرفة ليجد تالا تقف في صالة المنزل .. جميلة هي دائما جميلة .. بفستانها الاسود الهادئ وحجابها البسيط الذي يلتف حول وجهها برفق ... تصيح في البنات بسرعة :
- يا بنات .. يا سارة يا سارين اللي خلصت لبس تجيلي بسرعة
اقترب منها برفق بهدوء يحتضنها من الخلف برفق .. ليتصلب جسدها بين يديه لتسمعه يهمس بشغف :
- طب ما ينفعش عمر
تلوت بين يديه تحاول الابتعاد عنه وضعت يديها فوق يديه تحاول إزاحة يديه تهمس بضيق :
- لو سمحت يا عمر ابعد اللي بتعمله دا ما يصحش ...
وضع يديه فوق يديها يحتضنها بشوق مغمغا بلهفة :
- هو ايه اللي ما يصحش ... وحشتيني يا تالا حاسس أننا بقينا أغراب من كتر ما احنا بعاد عن بعض ... أنا ما وحشتكيش
منعت نفسها بصعوبة من التأثر بكلماته الحانية التي داعبت برفق أوتار أنوثتها ... لتتذكر جفاءه بعده طريقته القاسية التي باتت تلازمه مؤخرا ... انتزعت نفسها من بين يديه بعنف تنظر له بشراسه تهمس بغيظ :
- لا يا عمر ما وحشتنيش ... عشان أنت مش عمر اللي حبيته واتجوزته .. إنت واحد تاني أناني ما بيفكرش غير في نفسه وبس
اشتعلت عينيه غضبا ليقبض علي رسغ يديها يصيح بحدة :
- أنا أناني يا هانم .. واللي انتي بتعمليه دا مش قمة الأنانية .. مخلياني علي هامش حياتك من ساعة ما خلفتي وأنا حاسس أن وجودي في البيت من عدمه ما يفرقش معاكي غير عشان الفلوس ... فلوس النادي .. فلوس الدروس .. فلوس المدارس ... أنا فين من كل دا.
نزعت يدها من يده بعنف تصرخ في وجهه بقهر :
- والفلوس دي أنا باخدها احطها في البنك باسمي ... بديها لأهلي ولا بصرفها علي البيت وعلي البنات ... أنا ما اهملتكش يا عمر .. بس أنا بني آدمه .. عندي طاقة وبتخلص مش بعد تعب ومرمطة طول النهار ... هبقي عروس بيروت بليل .. إنت اللي أناني ما يفرقش معاك غير نفسك ومزاجك وبس
رمقها بنظرات استخفاف ساخرة دس يديه في جيبي بنطاله يتشدق متهكما :
- نفسي ومزاجي ... تعرفي لولا اننا خارجين كنت دفعت تمن الكلمتين دول ... اخلصي يا هانم عشان ما اتأخرش علي اخويا
تركها متجها الي غرفته يكمل ارتداء ملابسه ... لتنهار هي علي أحد المقاعد رغما عنها انسابت دموعها لتخفي وجهها بين كفيها تجهش في بكاء مرير تشعرب بالقهر ... رفعت وجهها تنظر لابنتيها حينما سمعت سارة تهمس لسارين :
- تعرفي كان نفسي عمو خالد وطنط لينا هما اللي يبقوا بابا وماما علي الأقل مش بيتخانقوا خالص
_______________
في منزل علي ولبني
وقفت لبني أمام مرآتها تضع احمر الشفاه الخاص به ابتسمت ساخرة تنظر لعلي من خلال مرآه الزينة تمتم بتهكم :
- أنا مش فاهمة ... خالد دا بيفكر ازاي .. كل سنة يعمل حفلة كبيرة تكلفه قد كدة عشان يقول لبنته كل سنة وانتي طيبة
زفر علي بحنق ليلتقط سترة حلته يرتديها يغلق ازرارها :
- يا ستي وانتي مالك هو بياخد الفلوس دي من جيبك هو حر ... ماله يعمل فيه اللي هو عايزه
اقتربت لبني منه تمشي بغنج ثقة دلال ...اقتربت منه تلتقط رابطة عنقه السوداء
طوقت عنقه بها تعقدها ببطئ تبتسم في وجهه بدلال :
- خلاص يا علوة ولا تزعل نفسك ...
ربطت علي رابطة عنقه برفق تهمس بنعومة :
- مز يا اخواتي ما بتكبرش ابدااا يا علوة
ابتسم بهدوء يربط علي وجنتها ... ليبتعد عنها متجها الي المرآه يعدل من وضع رابطة عنقه نظر لها يغمغم بهدوء :
- المحروس ابنك جهز ولا لسه
زفرت بضيق هي حقا لا تود الشجار معه وخاصة حينما يتعلق الأمر بطفلها المدلل الوحيد ... ابتسمت باصفرار تحرك رأسها إيجابا :
- اه يا حبيبي جهز ومستنينا تحت في العربية .. عشان تعرف بس إن عثمان مطيع وبيسمع الكلام
انثني جانب فمه بابتسامة ساخرة يتشدق بتهكم :
- آه ما أنا عارف طبعا انتي هتقوليلي
_________________
في فيلا زيدان الحديدي
وقف امام مرآته يعدل من وضع رابطة عنقه يضع عطره المفضل بغزارة يمشط شعره بطريقة جذابة منقمة
نظر الي نفسه في المرآه ليبتسم بزهو وسيم وهو يعرف ذلك .. لكنها دائما ما تشعره بأنها أبشع رجال العالم من شدة نفورها منه
تنهد يشجع نفسه اليوم ستتحقق غايته بعد انتظار طال كثيرا ... اخذ علبة المجوهرات ملتقطا .. هاتفه ومفاتيح سيارته خرج متجها الي منزل صديقه
_______________
في منزل حسام
وقف أمام مرآته يمشط شعره الاسود الكثيف القي نظرة أخيرة علي حلته الزرقاء ذات اللون القاتم ويعدل من وضعيه قميصه الأبيض ورابطة عنقه الزرقاء حين دخلت والدته التي ابتسمت باتساع ما أن رأته :
- بسم الله ما شاء الله .. احلي قمر يا حبيبي ... مش ناوي انت كمان تفرح قلبي بقي وتتجوز
التفت حسام لوالدته يضحك بمرح ليقترب منها يقبل كف يدها مغمغما بمرح :
- اتجوز ... واجبلك ضرة تضايقك يا عسل انتي .. لاء انا كدة حلو أوي
قرصت والدته خده برفق تضحك بسعادة:
- يا سيدي مالكش دعوة أنا عاوزة ضرة ... بس أنت أتجوز
ربط حسام علي رأس والدته برفق يتنهد بهدوء مغمغما برفق :
- كل شئ باوانه يا أمي .... ايه رأيك تيجي معايا ، أهو تغيري جو ...أنت ما خرجتيش من البيت خالص من ساعة ما بابا الله يرحمه مات
ابتسمت والدته لتخبو لمعة عينيها حزنا ربطت علي يده تقول بحنان :
- بلاش انا يا حبيبي معلش ما تضغطش عليا روح إنت واتبسط وابقي باركلي للواد زيدان لما تشوفه
تنهد يعرف والدته يعرف والدته لا تعود في كلمتها حرك رأسه ايجابا ليميل مقبلا جبينها ودعها متجها الي سيارة صديقه التي تنتظره أسفل المنزل ... ابتسم باتساع ما أن رآه يكاد يحرقه بنظراته الغاضبة ... فتح باب السيارة الامامي يجلس جواره
التفت زيدان له يهتف من بين أسنانه بغيظ :
- سواق البيه انا عشان افضل مستني سيداتك علي ما تنزل ...دا انا العريس
ضحك حسام ينظر له بعبث يلاعب حاجبيه بسخرية :
- طب يلا يا عتريس عشان ما نتأخرش علي فؤاده
نظر زيدان له بغيظ ليشد مكابح السيارة بعنف لتنطلق بقوة تشق غبار الرصيف ... ليضحك حسام عاليا يقلد صوت انثوي مائع :
- يا مجنون بعشق جنونك
_________________________
في فيلا خالد السويسي
قامت التحضيرات علي قدم وساق الي ان أصبحت الحديقة في غاية الجمال بعد الإشراف الكامل علي العمال وكل كبيرة وصغيرة بمساعدة حمزة .. صعد كل منهما الي غرفته ليبدل ملابسه استعدادا لاستقبال الضيوف
ارتدي خالد حلة سوداء بقميص رمادي فاتم اللون ... وارتدي حمزة المثل
علي مقربة منهم في غرفة لينا ابنه خالد حيث تجمع الفتيات في غرفتها يتضاحكن ويمزحن
ارتدت لينا الابنه فستان وردي باكمام طويلة ينزل باتساع من أسفل
أما الزوجة فارتدت فستان من اللون السماوي يليق مع لون عينيه وحجاب يتماشي معه
سهلية ارتدت فستان ازرق قاتم باكمام ضيق من الاعلي ويبدأ في الاتساع من عند الخصر
مايا المدللة ارتدت فستان احمر قاني .. تغطي اكمامه ربع كتفها فقط يصل لما بعد ركبتيها بقليل
وقفت الفتيات يتنافسن من منهن أجمل بينما لينا تقف خلفهم تنظر لهم تبتسم بسعادة وداخلها شعور يتضاخم قلقة مما سيحدث اليوم ... تنظر لابنتها بقلق .. ولمايا بحزن فالصغيرة لم تتمتع بحنان والدتها ولو ليوم واحد ماتت مايا بعد ولادتها مباشرة
اجفلت من شرودها علي صوت دقات خالد يستأذن الدخول :
- يا بنات ادخل
اتجهت لينا ناحية الباب تفتحه له تنظر له تبتسم بعشق :
- ادخل يا حبيبي
دخل خالد الي الغرفة يبتسم لهم لتسرع ابنته إليه التفت حول نفسها بالفستان تصيح بسعادة :
- بابا أنا احلي ولا سهلية ولا مايا
قرص خالد وجنتها برفق يغمغم بمرح :
- انتوا التلاتة احلي من بعض ... هنوقف رجالة العيلة النهاردة بالسلاح يحرسكوا
نظر ناحية زوجته ما ان وقعت عينيه عليها غامت بسحابة من العشق طال النظر لها ليتحرك لسانه بعشق :
- بس لينا احلي من القمر نفسه
اتسعت عينيها تنفجر وجنتيها خجلا لتخرج من الغرفة تهرول لأسفل ... لتتسع ابتسامته يود فقط لو يعرف متي ستتوقف عن الخجل منه
نظر للفتيات يبتسم برفق :
- قمرات يا اخواتي هيخطفوكوا مننا ... يلا خلصوا لبس وانزلوا
اتجه ناحية ابنته قبل أن يغادر ليميل مقبلا جبينها تنهد يهتف بهدوء :
- لوليتا عايزك تعرفي ان أنا اي حاجة بعملها بتبقي عشان مصلحتك انتي وبس أنا ما عنديش اغلي منك في الدنيا ماشي يا حبيبتي
قطبت حاجبيها تنظر له بحذر صحيح لم تفهم لما يقول ذلك الكلام لكنها ايدته فحركت رأسها إيجابا بابتسامة صغيرة ليربط علي وجهها برفق ومن ثم تركهم متجها الي أسفل ونزل لأسفل يبحث عن زوجته هنا وهناك الي ان وجدها في المطبخ تشرف علي تحضريات الطعام ... دون كلمة واحدة أمسك يدها امسك يدها يجذبها خلفه من المطبخ الي حجرة المكتب .. بينما هي تصيح فيه بذهول :
- يا خالد ... إنت يا ابني .. واخدني فين طيب ... يا عم حمدي الوزير أنت
ادخلها الي المكتب نظر حوله ليغلق الباب عليهم ... لتتسع عينيها بذهول تتمتم :
- إنت بتعمل ايه يا استاذ أنت
اقترب منها يبتسم بمكر تلك الابتسامة التي تحتل شفتي الفهد قبل ان ينقض علي فريسته .. خطوة له لامام تقابها خطوة منها الي الخلف الي ان وقعت في فخ الصياد باتت بين المطرقة والسندان هو امامها وباب المكتب خلفها نظرت له بدهشة لتري ابتسامته الخبيثة تزداد اتساعا يتمتم بمكر :
- فاكرة لما كنا واقفين هنا في عيد ميلاد لوليتا والحفلة كلها شافتنا واحنا......
وضعت يدها علي فمها اتسعت عينيها بصدمة لتهتف سريعا تقاطعه :
- فاكرة والله فاكرة
صدحت ضحكاته المجلجلة ليغمز لها بطرف عينيه يغمغم بمكر :-
شوفتي بقي يا ستي اديني غيرت الإزاز عشان خاطر عيونك وعملته عازل ... احنا نشوف الي برة لكن الي برة ما يشوفناش
نظرت له بغيظ تحاول دفعه قليلا بعيدا عنها تهمس بحنق :
- يا ابني هو لو بقيت محترم هيقولوا اللي ما قلش ادبه أهو .. ممكن تسيبني أروح اتأكد أن كل حاجة تمام قبل ما الحفلة تبدأ
انقبض قلبها بقلق رفعت وجهها تنظر له بقلق تغمغم :
- أنا خايفة أوي يا خالد ...قلبي مقبوض
ابتسم برفق يحاول طمأنتها صحيح أن قلبه ينبض بعنف هو ليس فقط قلق هو خائف ولكنه أبدا لن يظهر خوفه :
- ما تقلقيش بإذن الله خير
في الخارج
وقفت سيارة عمر في الجراش الخاص بالفيلا لينزل عمر منها دون كلام صمت مطبق من جميع الاطراف ... نزلت تالا وسارة وسارين متجهين معا الي داخل المنزل ... استقبلهم حمزة نيابة عن خالد بترحاب حار .. يعانق الصغيرات بشوق .. وقف يربط علي كتف أخيه يبتسم بسعادة :
- وحشتني ياض
ابتسم عمر يعانق اخيه بشوق مغمغا في مرح :
- وأنت كمان يا ابو أدهم .. ما هو أنا ما ينفعش اقولك يا ابيه وأنت شكلك أصغر مني أساسا
جاء خالد اليهم يشاركهم في الحديث ...
علي صعيد آخر وصل زيدان بصحبة حسام الي منزل خالد ... اطلق حسام صفيرا طويلا بإعجاب ... ينظر حوله بانبهار مغمغا :
- إيه يا عم الفخامة دي ... ناس عايشة في العز وناس بتزغط وز
ضحك زيدان ينظر لصديقه بيأس ليصدمه علي رأسه بعنف يتمتم بغيظ :
- يخربيت عينيك اللي تفلق الحجر ... تعالا يالا اعرفك علي خالي
اتجه بصحبته الي حيث يقف الاخوة الثلاثة ليقترب خالد منه ينظر له بحدة :
- ما بدري يا بيه
اشار لحسام سريعا يهتف مبررا يدافع عن نفسه :
- والله حسام اللي اخرني
حدقه حسام بنظرات نارية مغتاظة يهمس له بشر :
- تبيع صاحبك يا ابو نسمة
نظر لخالد يبتسم باتساع ليرمقه خالد بنظرة حازمة شاملة .. نظر لزيدان يتمتم ساخرا :
- هو دا بقي حسام .... اللي قرفتني بيه
حرك زيدان رأسه إيجابا يبتسم باتساع ... ليتوجه خالد ناحية حسام مد يده ليصافحه :
- خالد السويسي
اتسعت عيني حسام بانبهار نبرة صوت الرجل بمفردها لها حضور طاغي مخيف .. ابتسم بتوتر يمد يده سريعا يصافحه بحرارة :
- غني عن التعريف يا افندم طبعا .. حسام مختار دكتور نسا
رد خالد قائلا بهدوء :
- شرفت يا حسام ... اعتبر البيت بيتك
لكز زيدان حسام في كتفه يغمز له مغمغما بمرح :
- ايوة يا عم ... وصلت للبوص الكبير بنفسه وبيرحب بيك
في تلك اللحظة جاءت لينا إليهم بابتسامتها الصافية المعهودة ... اتجه زيدان ناحيتها سريعا يقبل كف يدها :
- مساء الورد علي احلي وردة في المكان كله
امسكه خالد مم تلابيب ملابسه من الخلف كالمجرمين ينظر له بحدة :
- إنت بتعمل ايه يا حبيب أبوك
عدل زيدان تلابيب حلته من الأمام يجمع بقايا كرامته رفع رأسه بكبرياء تبعثر يغمغم بحسرة :
- ربنا علي الظالم والمفتري
ترك خالد تلابيب ملابسه يربط علي وجهه بعنف يبتسم متوعدا بشر :
- مين دا يا حبيبي اللي ظالم ومفتري
اشار زيدان سريعا ناحية حسام سريعا يبتسم باتساع :
- قصدي حسام طبعا ...اصل الكشف بتاعه غالي مفتري اوي ما بيعريش الناس الغلابة
هتفت لينا ضاحكة تقاطع مشاجرتهم المضحكة
:- بس بطلوا خناق انتوا الاتنين ... فضحوتنا قدام الأجانب
ضحك زيدان قائلا :
- لاء دا مش أجانب دا حسام
نظرت لينا لحسام تبتسم بود :
- اهلا ازيك يا حسام
ابتسم حسام بأدب يمد يده يود مصافحتها .. ليسرع زيدان يصافحه بقوة يهمس بذعر :
- حبيب قلبي يا حس أبوس ما تمدش ايدك أنت دكتور ومحتاجها في الكشف ...
وجهت لينا انظارها لحسام تنظر له بتمعن ذلك الفتي ملامحه مآلوفه ... ملامح تعرفها ولكن أين ... أين رأته من قبل .. يشبه أحدهم ...شخص تعرفه رأته لا تعلم ولكن ذلك الفتي بالفعل تعرفه ... اجفلت علي صوت خالد يسألها بقلق :
- انتي كويسة يا حبيبتي
ابتسمت تحرك رأسها إيجابا ... تنظر لحسام بقلق التقت عينيها مصادفة مع عيني حمزة لتجده هو الآخر ينظر لحسام بتعجب
__________________
تقف في شرفة غرفتها الضخمة تطل مباشرة علي الحديقة المضيئة ليلا بفعل تلك الأضواء التي تراقصت بتناغم لتعطي جو هادئ خلاب
زفرت بضيق تبحث بعينيها عنه هنا وهناك ... لتتسع بؤبؤ عينيها بسعادة ترتسم ابتسامة حالمة خلابة علي شفتيها حينما رأته يدخل الي الحفلة بطوله الفارع ...جسده الرياضي الرشيق المتناسق ... خصلات شعره السوداء الكثيفة ...حلته السوداء لأول مرة تراه يرتدي ملابس كلاسيك رسمية ... خرجت منها تنهيدة حالمة تنظر لقسمات وجهه عينيه السوداء .. ملامحه الوسيمة الحادة قليلة ... فاقت من شرودها علي صوت مايا فهي الاخري تعرف بأمر معاذ ولكن علي عكس سهيلة تراها قصة حب حالمة ... صدح صوت مايا تشير الي احد الشباب :
- لينا مش دا معاذ اللي ورتيلي صورته
اشارت اليه وكأن تلك الحالمة لم تراه وهل كانت تهيم بغيره ... اتجهت ناحية غرفتها تنظر لانعاكسها في المراءة بابتسامة صغيرة خجولة لتتجه بخطي سريعة مهرولة الي الحديقة وقفت للحظات تبحث عنه بلهفة ليهدر قلبها بعنف ما أن وقعت عينيها عليه يقف بعيدا في أحد الأركان البعيدة ممسكا بكأس عصير يستند بمرفقه علي الطاولة جواره ... اتجهت ناحيته تتحرك بخطي سريعة متلهفة ... تنظر حولها بحذر تتمني الا يراها احد ما ... من الجيد أن الجميع منشغل في الحفل ... الجميع عداه هو ... كان يبحث عنها بين الحضور الي أن وقعت عينيه عليها تتحرك خطوات تحاول جعلها طبيعية حتي لا يشك أحد في امرها ...
ضيق عينيه يرمقها بنظرات شك غاضبة خاصة حينما رأي نظراتها المصوبة تجاه ذلك الشاب انسحب بهدوء من وسط الجمع الصغير يمشي ناحيتها
وقفت لينا أمام معاذ تنظر له بسعادة تتراقص في مقلتيها ابتسامة واسعة لم تستطع إخفائها عن شفتيها حركت يديها تهتف بابتسامة واسعة
:
-معاذ مبسوطة أنك جيت كنت فكراك مش هتيجي لما اتأخرت اوي كدة
ارتسمت ابتسامة صغيرة تحمل مزيج خاص بين العشق والثقة علي شفتي ليتلقط أحد كفيها رفعه امامه فمه يلثمه بقلبه لطيفة حانية :
- ازاي عيزاني افوت فرصة ممكن أشوفك فيها
وبعدين انتي ناسية أنا جاي ليه
اشتعلت وجنتيها خجلا تنظر له بهيام عينيها علي وشك إخراج قلوب حمراء نابضة تهتف بعشقه ... بينما اشتعلت عيني الواقف قريبا منهم غضبا وحقدا يشعر بالدماء تفور في رأسه اتجه ناحيتهم .... لا ينوي خيرا ابداا