رواية اوار ( جنية الظلام ) الفصل التاسع 9 بقلم ندى محمود توفيق


 رواية اوار ( جنية الظلام ) الفصل التاسع بقلم ندى محمود توفيق


وصلت راندا في ذلك الوقت حيث كانت تعمل بمكان قريب منه، وكانت في طريقها لأحد المناطق الأخرى داخل المعبد لتكمل هي أيضًا أبحاثها لكنها توقفت أمام المقبرة التي حُبس بها ” عز ” ورأت أدواته الخاصة بالخارج على الأرض، فضيقت عيناها باستغراب وتساءلت في نفسها عن سبب تركه لأدوات عمله الخاصة هنا.. وإلى أين ذهب؟ ، لكنها قررت عدم الاكتراث فغضبها الشديد منه مازال ملتهب في صدرها، فتحركت وأكملت طريقها مبتعدة عنه لكن فضولها أيضًا هزمها.. أو ربما لم يكن فضول بل كان حس داخلي ولم تكن تدركه حيث رأت أحد الموظفين مارًا بالردهة فاوقفته وسألته باهتمام حقيقي:
_متعرفش بشمهندس عز فين وليه سايب حاجته كدا قدام المقبرة
ألقى الشاب نظره على باب المقبرة وأدوات ” عز ” بحيرة وأجابها بنظرة تحمل القلق:
_أنا لسا من خمس دقايق كنت عنده وهو كان جوا المقبرة وكان بيخلص شغل وقالي أنه معاه وقت طويل لغاية ما يخلص، يمكن يكون خلص وطلع وقفل الباب
تجمدت الدماء في عروق راندا ولا تعرف السبب لكن نبضات قلبها تسارعت، فالتفت برأسها للخلف تنظر لأشيائه بتفكير محاولة إسكات تلك الوساوس التي تنهش علقها وتصر على طرح سؤال واحد يزيد من ارتيعادها وهو ” أذا انتهى من عمله وخرج لماذا ترك ادواته.. ربما لأنه لم يخرج من الأساس!!! ” .
هرولت واسرعت إلى المقبرة وهي تحاول فتح الباب وتهتف للشاب:
_ساعدني ازاي بتفتحوا الباب ده؟
أجابها بصوت مضطرب بعدما أدرك سبب رغبتها في فتح الباب:
_الباب مش بيفتح غير بشفرة ميعرفهاش غير المهندسين اللي شغالين فيها
التفتت له وحدقته بصدمة واستحوذ عليها الذهول للحظات حتى فاقت وراحت تضرب على الباب بكل قوتها وتصرخ منادية عليه:
_ عز أنت جوا .. عز رد عليا لو سامعني
كان ” عز ” بالداخل يصارع الموت وشبه يلفظ أنفاسه الأخيرة، وعندما سمع صوتها رجع له الأمل البسيط وحاول الزحف على الأرض حتى وصل للباب، فتح فمه يريد التحدث لكن حتى صوته لا يخرج وكأنه فقد النطق، فرفع يده وحاولت بكل ما تبقى لديه من قوة أن يضرب على الباب علهم يسمعوه، وبالفعل سمعت راندا صوت ضعيف جدًا فاتسعت عيناها برعب والهلع الحقيقي ظهر علي محياها فراحت تصرخ بالشاب منفعلة:
_اتصرف انده أي حد خليه يفتح الباب ده، ” عز “جوا
اسرع الشاب راكضًا ليجد المساعدة من اي مسؤول في المعبد ليفتح الباب بينما راندا فأخذت تتحدث إليه بصوت مضطرب ومفزوع:
_عز أنت كويس ، هيجوا دلوقتي ويفتحوا الباب استحمل عشان خاطري، رد عليا طيب
دقاىق معدودة وكان قد وصل أحد المسؤولين بالمعبد فهتفت راندا له متوسلة:
_افتح الباب بسرعة ابوس ايدك مفيش اكسجين جوا وهو ليه وقت جوا
بدأ يستخدم الشفرة السرية لفتح الباب، بتلك الأثناء كان عز القى برأسه على الأرض يقاوم لأخر لحظة محاولًا البقاء حيًا ولكن أنفاسه انقطعت تمامًا واغلق عينيه مودعًا حياته، بنفس اللحظة التي اغلق فيها عينيه انفتح الباب ودخلت راندا أولهم تجلس بجواره وهي تصرخ بهلع:
_عـــز .. رد عليا عــز
جلس ذلك المسؤول بجواره من الجهة الأخرى وانحنى عليه ثم بدأ جلسة الانعاش الرئوي له محاولًا إنقاذه قبل فوات الآوان، أما راندا فقد تقهقهرت للخلف على الأرض بصدمة وعيناها تذرف الدموع دون توقف، لحظات مرت عليها كالسنين وكانت أنفاسها هي التي تنقطع كلما يحاول ذلك الرجل في انعاشه وهو لا يستيقظ.
أخيرًا بعد محاولات كادت تبات بالفشل ويفقدوا الأمل في إنقاذه فتح ” عز ” عينيه دفعة واحدة ورفع رأسه وهو يسعل بعنف ويلتقط أنفاسه بقوة، فلمعت عيني راندا بدهشة امتزجت بسعادتها الغامرة ولا إراديًا منها ارتمت عليه تعانقه بقوة وهي تبكي، رغم صدمته من الموقف وما يحدث إلا أنه لف ذراعه حولها وهو يتنفس بهدوء دون لفظ أي كلمة، فابتعدت هي عنه ونظرت في وجهه بقلق واهتمام حقيقي تسأله:
_أنت كويس ؟
هز رأسه بالإيجاب ليخرج صوته الضعيف أخيرًا هاتفًا:
_يلا نطلع من المكان ده الأول
هزت رأسها له فور بالطاعة وساعدته على النهوض والخروج من المقبرة، فنظر ” عز ” لذلك المسؤول الذي هتف مبتسمًا:
_حمدلله على سلامتك يابشمهندس الحمدلله ربنا ستر
ابتسم له ” عز ” وقال بامتنان يشكره:
_الله يسلمك يادكتور سامح متشكر جدًا ليك
سأله سامح باستغراب وجدية:
_هو الباب ازاي اتقفل هو مش أنت عارف ومتمكن ومتمرس وعارف ازاي بنفتح المقابر وبنحافظ على أن البيبان تفضل مفتوحة طول الوقت
شرد ” عز ” لثواني متذكرًا من حدث معه بالداخل وتلك الجنية التي كادت تسلب منه روحه، ثم فاق وقال لسامح متصنعًا الجهل:
_مش عارف ازاي ده حصل غالبًا أنا عملت حاجة غلط من غير ما أخد بالي والباب اتقفل عليا
كانت راندا تتمعنه بتدقيق حتى انتهى حواره مع سامح وتركهم وغادر فهتفت بعينان مازالت لامعة من آثار الدموع:
_إزاي تغلط غلطة زي دي ، أنت الحمدلله اتكتبلك عمر جديد ورجعت من الموت، أنت مكنش فيك نفس ياعز
لم يكترث لتوبيخها لها وغضبها فيكفيه سعادة بخوفها عليه واهتمامها به، ودموعها السابحة في عينيها كافية لتنسيه كل شيء حتى الفيلم الرعب الذي عاشه منذ قليل، ابتسم لها بغرام وقال غامزًا:
_لو اعرف أن الموت هيخليني اخد حضن قمر كدا كنت عملت نفسي ميت من زمان أوي
فغرت شفتيها وعيناها بدهشة من رده غير المتوقع وكلماته الجريئة، فراحت تلكزه في كتفه بغضب وهي تنهره بحدة:
_ما تحترم نفسك ياعز في إيه مالك، اتقي الله ده أنت كان زمانك بين ايدين ربك دلوقتي
قهقه بخفة وقال بعبث مكملًا مزاحه اللئيم:
_الحمدلله لسا ساعتي مجاتش، ثم أن ده بدل ما تقوليلي بعد الشر عليك وربنا يخليك ليا
رفعت حاجبها ساخرة من كلماته وقالت باستهزاء منه:
_لا ده أنت شكلك قلة الأكسجين طيرت نافوخك، أنا همشي يابشمهندس
قبض على ذراعها يوقفها وهو يضحك بقوة ويقول بين ضحكاته بجدية:
_خلاص هحترم نفسي واسكت أهو ، وصليني بقى على الأوضة بتاعتنا لاحسن أنا مش قادر اروح وحدي
أدركت أنه يدعي التعب أمامه فزمت شفتيها بقلة حيلة وقالت بغيظ منه:
_اولًا مسمهماش اوضتنا ايه اوضتنا دي أنت عايز تجبلنا شبهة.. اسمها مكتب المفتشين ، ثانيًا أنا عارفة أنك بتدعي التعب وأنت زي الجن بس أنا هروح معاك عشان جبر الخواطر على الله، ثالثا وده الأهم انا لسا مش بكلمك ومنسيتش اللي انت عملته امبارح فاللي حصل من شوية وهيحصل دلوقتي هو بدافع انساني مني مش اكتر
كبح ضحكته بصعوبة وقال يجاريها كما يجاري طفل صغير:
_ماشي ياسفيرة النوايا الحسنة يلا بينا
سارت أمامه وهي تبتسم ورغم قسوتها وحدتها معه إلا أنها في كامل سعادتها وراحتها أن ربنا حفظه ولم يفارقهم وهو بخير الآن ومعها…
***
استيقظت ليلى وفتحت عيناها ببطء ثم رفعت نظرها لوجه فارس النائم وهو يحاوطها بذراعيه ضامًا إياها إلى أحضانه، اطالت التمعن به بمشاعر امتزجت بين القلق والإصرار، فأخذت نفسًا عميقًا وقررت استغلال لحظات نومه لكشف الاسرار التي يخفيها عنها، خلصت جسدها من حصاره بحذر شديد حتى لا توقظه وخرجت من الفراش ثم قادت خطواتها الحذرة إلى خارج الغرفة وسارت نحو غرفة مكتبه الخاصة بعمله.
دخلت الغرفة ووقفت بمنتصفها تتلفت حولها بتفكير كم أين ستبدأ البحث، وكان هدفها الأول مكتبه فأتجهت إليه وبدأت تبحث بالادراج وبين أوراقه الخاصة بالعمل، حتى وجدت البردية فالتقطتها ورفعتها ببطء وهي تتأملها ثم بدأت تقرأ الحروف الهيروغليفية وتترجمها، فهمت أنها تتحدث عن ملك فرعوني تسمع عن اسمه لأول مرة في حياتها، لكنها وقفت عند عبارة مكتوبة بخط غريب تشبه الطلاسم كانت ترجمتها ” لا تحاول ازعاجها فالخطر قد يأتيك من العدم ” ، ضيقت عيناها باستغراب وتساءلت ما الذي يقصده بـ ” ازعاجها ” ومن هي ؟.
سقط نظرها بالصدفة على رسغها فرأت نقطة دماء، ضيقت عيناها بتعجب وحيرة ولم تلبث لتتساءل من أين جاءت الدماء وما الذي جرحها، وجدت نقطة أخرى فوق رسغها سقطت هذه المرة من السقف فتجمدت دمائها في عروقها زعرًا، وتوالي تساقط الدماء بكثر وبشكل مرعب، جمعت شجاعتها بصعوبة ورفعت رأسها للأعلى بارتيعاد شديد، فرأت كائن شيطاني مرعب بأنياب فتاكة عالق بالسقف يقف على قدميه وذراعيه وتتساقط الدماء من أنيابه، ينظر لها مبتسمًا بابتسامة قادرة على إصابتها بنوبة قلبية تقتلها.
جحظت عينان ليلى من هول بشاعة المنظر الذي تراه أمامها وراحت تصرخ بقوة بعدما اشاحت بنظرها عن ذلك الكائن الشيطاني وسقطت في الأرض تخفي وجهها بين كفيها تبكي وتصرخ منادية:
_فـــــارس
استيقظ من النوم مفزوعًا على أثر صراخها وراح يتلفت حوله بحثًا عنها، حتى أدرك أن صوتها قادم من الخارج فوثب من الفراش وهرول نحوها يبحث عنها ويصبح:
_فينك يا ليلى؟
سمع صوتها بكائها ونحبيها العالي منبعث من غرفة مكتبه فركض إليها ودخل فوجدها تجلس على الأرض بجانب مكتبه تضم قدميها إلى صدرها وتخفي وجهها بين كفيها وتنتفض وسط بكائها، فأسرع إليها وجلس أمامها القرفصاء يهتف بقلق حقيقي عليها وهو يحاول جذب كفيها عن وجهها حتى يراها:
_حصل إيه ليا ليلى مالك؟
رفعت وجهها وراحت تنظر لرسغها بزعر شديد وهلع فلم تجد أي شيء، اتسعت عيناها بصدمة ورفعت رأسها للسقف فورًا فلم تجد أي وجود أو أثر لذلك الكائن، عادت تنظر لفارس ببرقة ووجهها ممتلئ بدموعها وصاحت بعدم استيعاب لما يحدث معها:
_كان في كائن غريب في السقف شكله مرعب بيبصلي ويضحك وفي بقه دم ونقط على أيدي كلها لغاية ما كانت كلها دم
اخفض فارس رأسه ليدها فيجدها نظيفة تمامًا لا يوجد بها أي شيء ورفع رأسه للسقف فلم يرى شيء، عاد ينظر لها بتعبيرات وجه كانت تحفظها عن ظهر قلب وتعرف ما الذي سيخرج من شفتيه بعدها فصاحت بانفعال هادر وهستيريا:
_أنا مش مجنونة ومش بتوهم يافارس وأنت عارف كدا كويس، وأنت في حاجة كبيرة مخبيها عليا وأنا لازم افهم إيه اللي بيحصل معانا ده
هي واقفة ثائرة والتقطت البردية ورفعتها أمام وجهه تصرخ بغضب:
_وإيه البردية دي وجبتها ازاي، البردية دي ملعونة يافارس؟
حدقها مندهشًا من كلماتها وسألها بعدم فهم:
_!عرفتي إزاي؟
قالت بنفس نبرتها الغاضبة واهتياجها:
_ده مش خط بردية طبيعية ولا دي الطريقة اللي البرديات بتتكتب بيها ولا دي حروف هيروغليفية طبيعية، أنت ازاي مخدتش بالك من حاجة زي كدا !؟
أخذ نفسًا عميقًا بقلة حيلة بعدما أدرك أنه وصل لطريق مسدود ولا مجال من الكذب عليها أكثر، فقد اكتشفت كل شيء دون حاجتها له، ولذلك كان يخفي عنها تلك البردية لأنه يدرك ذكائها وأنها كانت واحدة من أنجح وأمهر المنقبين عن الآثار وأذا رأت البردية وترجمتها ستدرك فورًا أنها ملعونة.
أجابها فارس بهدوء وثبات تام:
_أخدت بالي وعارف أنها ملعونة
فتحت عيناها بذهول من رده وقالت له بسخط شديد:
_عارف وجايب حاجة زي كدا وسايبها في البيت معانا يافارس، أنت عايز تأذينا ولا إيه
اقترب منها ومسح على ذراعها وشعرها بحنو هامسًا بصوت رخيم ليحاول تهدأتها:
_اهدي بس وتعالي نقعد وأنا هحكيلك كل حاجة من البداية طالما انتي اكتشفتي سر البردية دي خلاص مفيش مجال تاني أني اخبي عليكي اكتر من كدا
اتجهت ليلى معه وجلست على الأريكة بجواره ثم أعارته جميع حواسها وهو يسرد لها كل شيء حدث معه منذ وصولهم الأقصر، كانت تستمع له وتفاعلها يظهر على تعبيراتها المفزوعة.. جاحظة عيناها وفاغرة شفتيها بصدمة في عدم استيعاب، أما هو فانتهى من سرده بعد دقائق وهي كاتمة على فمها بكفها من هول ما يحكيه وهتفت في غضب تعاتبه:
_هو أنت أزاي مخبي عليا حاجة زي كدا، أنت مش واثق فيا ولا إيه يافارس
مط شفتيها بقلة حيلة منها وقال بحزم:
_إيه الهبل اللي بتقوليه ده، أنا خبيت عليكي عشان كنت خايف عليكي وعارف إنك بتخافي وممكن لما تعرفي الحقيقة يبقى وضعك اسوء من وانتي مش عارفة حاجة
أجابت ليلى بقوة:
_ده على أساس أني كدا مرتاحة مثلًا انتي مش شايف اللي بيحصل معايا
اختلس المسافة التي بينهم واقترب منها أكثر ثم التقط كفها واحتضنه بحميمية واهتمام شديد:
_أنا عايزك تاخدي بالك ياليلى واوعى تقعي في أي فخ تعمله ليكي ولا تسمحيلها أنها تسيطر عليكي
همست وهي تنظر له بخوف:
_سيبك مني أنا هعرف اتصرف أن شاء الله ، أنت هتعمل إيه يافارس دي ممكن تأذيك
فارس بثقة وثبات قوي يليق به:
_متقلقيش عليا مش هتقدر تأذيني لو كانت عايزة كانت آذتني من بدري
حدقته بعينان دامعة كلها حب وقلق واهتمام ثم مالت عليه ولفت ذراعيها حول رقبته تعانقه بقوة تحاول مده ببعض القوة الضعيفة من التي تملكها هاتفة بنبرة نابعة من أعماق قلبها:
_أنا معاك ومش هسيبك
ابتسم لها بغرام ولف ذراعه حول ظهرها ضامًا إياها إليه أكثر، لكن لم تدم لحظتهم لأكثر من خمس ثواني حتى ارتفع صوت رنين هاتف فارس واضاءت الشاشة باسم ” عز ” فابتعدت ليلى عنه والتقطت هاتفه وأعطته له متمتمة:
_ده عز شوفه يمكن محتاجك في حاجة
جذب الهاتف من يده وفتح الاتصال ثم وضعه على أذنه وأجاب هاتفًا:
_ايوة ياعز
وصله صوت عز مريبًا وغليظ:
_أنت فين يافارس؟
أجابه فارس مضيقًا عيناه بتعجب من نبرته:
_في البيت
اكمل عز بنفس نبرته السابقة:
_طيب تعالي لازم نتكلم ضروري
خرج صوت فارس رجوليًا قويًا يسأله باهتمام:
_في إيه ياعز حصل حاجة ولا إيه ومال صوتك غريب كدا ليه
ابتسم عز ببساطة وقال ساخرًا محاولًا الظهور غير مباليًا:
_مفيش دي أوار بس حاولت تقتلني ولولا أنهم لحقوني على آخر لحظة كان زمانك بتعزي فيا
فغرت فارس عينيه بصدمة وهتف باستياء بسيط ظنًا أنه يمزح معه:
_أنت بتهزر يا عز هو الكلام ده فيه هزار
عادت نبرة عز الجدية والرجولية الحازمة التي أثبتت لفارس أنه لا يمزح:
_لا مش بهزر تعالي وانا هفهمك كل حاجة، لازم تيجي عشان نشوف حل للعنة اللي أنت طلعتها دي وهتخلص علينا كلنا
هب فارس واقفًا ومتحفزًا بقلق بعدما أدرك جدية صديقه وأخبره بأنه سيأتي له فورًا، بينما ليلى فكانت تتابع تعبيراته وكلماته بهلع وقلق شديد وراحت تسأله باهتمام فور انتهائها من مكالمته:
_في إيه يافارس ماله عز ، حصل إيه؟
أجابها فارس مبتسمًا محاولًا التخفيف من قلقها حتى لا يفزعها وقال ببساطة:
_لا مفيش حاجة دي مشكلة بس في الشغل وهروح اشوفها
هزت رأسها بالموافقة وقد هدأت روعها قليلًا فاستدار هو وقاد خطواته مسرعًا لخارج الغرفة لكن قبل مغادرته توقف فجأة بعدما تذكر كلمات صديقه وهو يخبره أن ” أوار ” حاولت قتله فالتفت تجاه زوجته برأسه وقال لها بنبرة شبه آمرة:
_قومي البس وتعالي معايا متقعديش وحدك
ضيقت عيناها باستغراب وسألته:
_ليه في إيه، لو خايف تسيبني وحدي متقلقش يافارس أنا هعرف اتصرف وأن شاء الله مش هيحصل حاجة
هتف بإصرار وحدة:
_أنا مش هبقى مطمن اسمعي الكلام ياليلى الله يرضى عنك وقومي البسي يلا
أطلقت زفيرًا حارًا بقلة حيلة وأماءت له بالموافقة ثم استقامت واقفة واتجهت نحو غرفتها لترتدي ملابسها كما طلب لتذهب معه.
***
بمكان آخر كانت ” راندا ” جالسة بغرفة الموظفين الخاصة بهم تنتظر “عز ” الذى خرج ليجري اتصال تليفوني بالخارج، وعالق بذهنها الكارثة البشعة التي حدثت.. وكيف بلحظة واحدة كانت ستفقد صديق عمرها، كلما تتذكر شعورها كيف كان بتلك اللحظة يتملكها شعور عجيب بأنها تريد معانقته مرة أخرى أو البقاء بجواره دومًا خوفًا من خسارته،وكأنه طوق النجاة الوحيد لها في الحياة للبقاء صامدة والذي يحميها من عواصف الحياة القاسية.
انفتح الباب ودخل ” عز ” وطالعها مبتسمًا بلطف ثم اقترب منها وجلس بجوارها، فوجدها تتمعن النظر به بتركيز شديد وبنظرات تثير الحيرة فرفع حاجبه وقال مازحًا بضحكة:
_إيه متخافيش ده مش عفريتي، ده أنا مالك مركزة كدا ليه
ابتسمت له برقة ثم اجفلت نظرها أرضًا وقالت بندم وأسف:
_أنا آسفة ياعز أنا عارفة أني كلمتك بأسلوب وحش جدًا وأنت كنت خايف عليا وعايز مصلحتي، بس بعد اللي حصل النهاردة ده حسيت أن مفيش حاجة تستاهل نزعل من بعض ونخسر بعض عشانها
لمعت عيناه بوميض غرامي جميل كله فرح وامتنان واتسعت بسمته المحبة على ثغره مع نظراته التي كانت تسبق لسانه في الكلمات، فأجابها بحنان يذيب القلب:
_وأنا كمان آسف لأني مهما كان مكنش ينفع اكلمك بالطريقة دي كان ممكن اعرفك غلطك وانصحك بأسلوب أفضل وكنت هتتقبلي مني بس أنا انفعلت غصب عني وقتها ومحستش بنفسي
اتسعت بسمتها ومالت عليه بكتفها وراحت تلزكه بكتفها في كتفه وتهتف بضحكة مرحة وهي مستهزئة:
_خلاص صافي يا لبن يابشمهندس، صدقني أنا لولا أني عارفة أنك خايف عليا فعلا كنت شكيت فيك وقولت إنك غيران عليا
اختفت بسمة ” عز ” بلمح البصر وحدقها بغيظ وتقوصت تعابير وجهه بقرف ليجيبها ساخرًا:
_كنتي هتشكي!!!.. مشكتيش أصلًا يعني، لا وأنتي ماشاء الله عليكي ياراندا لماحة أوي بتفهميها وهي طايرة
إجابته بثقة وغرور وهي تبتسم وترفع رأسها للأعلى كدليل قوي على التباهي:
_أمــال أنت فاكرني إيه !!
رمقها مغتاظًا وهو يجز على أسنانه محاولًا الحفاظ على ابتسامته الممتعضة ويقول:
_طبعًا أنتي قنبلة ذكاء متحركة
لم تكترث كثيرًا بعباراته وراحت تحكي له بعض الأحداث الحارة التي حدثت معها وتذكرتها للتو، كانت تسرد له التفاصيل بكل حماس.. لحظة تنفعل عندما تسرد شيء يستدعي الانفعال ويزعجها وتارة تضحك إما بسخرية أو باستمتاع وهي مستمرة في الكلام، وهو إما يتفاعل معاها بابتسامة بسيطة ويعيرها كامل اهتمامه في نظراته أو يرد عليها بكلمات بسيطة معبرًا عن رأيه فيما تسرد.
اندمجوا في الحديث مع بعضهم ولم يشعروا بالوقت الذي مر حتى وصل فارس وليلى، انفتح الباب وظهر فارس من خلفه مزعورًا وهو يبحث بنظره على صديقه فوجده يضحك بكل سعادة ومرح مع راندا، ضيق عينيه باستغراب ونظر له بحنق هاتفًا بلهجة غاضبة:
_امال جايبني على ملا وشي ليه لما الدنيا حلوة وفريش!!
التفت” عز ” برأسه لفارس وحدقه باندهاش من هجومه عليه وكانت نظرات الاندهاش من نصيب ليلى وراندا أيضًا، لكن “عز ” سرعان ما علت ابتسامته فوق صفحة وجهه وأشار لفارس بهدوء تام:
_تعالي بس باشمهندس اقعد وصلي على النبي مالك داخل علينا كدا ليه
تنفس فارس الصعداء بقلة حيلة ثم اتجه إلى أقرب مقعد وجلس عليه وجلست ليلى بجواره بعدما ألقت التحية على كل من راندا و”عز ” ، بدأ الحديث يأخذ منعطف مختلف عن حادثة اليوم مع عز وتحدثوا في أمور عامة، وسط نظرات راندا ومتابعتها لفارس وليلى.. هذه المرة نظراتها كانت ليست كعادتها مفعمة بالحب لفارس بل نظرة تحمل ألف معنى والف سؤال في عقلها، أما ليلى فانحرف نظرها تلقائيًا تجاه زاوية بالغرفة كان يوجد بها كرسي متحرك فوجدته يهتز ببطء دققت النظر به ظنًا أنها تتوهم لكنه لا يتوقف فقررت إزاحة نظرها للجهة الأخرى نحو زوجها وصديقه وراندا، فضولها دفعها للنظر مجددًا بعد خمس ثواني بالضبط فأعادت عيناها للمقعد وليتها لم تفعل، حيث رأت ” أوار ” بنفسها جالسة فوق الفراش تنظر لها بابتسامتها الشيطانية وعيناها المرعبة، كان شكلها قادر على أن يفقد ليلى عقلها من فرط بشاعتها، لحسن الحظ أن الشجاعة تملكتها بتلك اللحظة وتمكنت من البقاء صامدة رغم نظراتها المفزوعة وتعبيراتها المرتعشة إلا أنها ظهرت بإثبات انفعالي غير متوقع.
لاحظ فارس تعبيرات وجه زوجته المفزوعة ونظراتها نحو إحدى زوايا الغرفة، فالتفت فورًا برأسه ينظر إلى من تنظر نحوه فلم يجد شيء، عاد ينظر لها ويقبض على كفها في حنو هامسًا لها بقلق:
_مالك ياليلى أنتي كويسة ياحبيبتي؟
فاقت من صدمتها على صوته فنظرت له بسرعة وأطالت النظر في وجهه وعيناه بتيهان ثم ردت بثبات ليس طبيعي:
_كويسة متقلقش
كانت راندا تتابع تلك اللحظات بتركيز شديد، لاحظت اهتمامه بها وخوفه عليها حتى احتضانه لكفها بكل حنية ونظرته التي لها تتحدث عن بحور العشق الذي تسري في عروقه، عبس وجهها وهي تري ذلك المشهد الدافئ بين زوجين رغم عواصف الحياة القاسية التي أقسمت على تفريقهم إلا أنهم حاربوا كل شيء ومازالوا في طريقهم ممسكين بإيدي بعضهم البعض متحدين كل الظروف التي أرادت تدمير حبهم.
لم يكن عبوسها أمام ذلك المشهد نابع من حقد أو غيرتها بل لأول مرة يكون نابع من حزنها على نفسها وسخريتها من ذاتها الساذجة التي صدقت أوهام وانصاعت خلفها دون عقل، متناسية مبادئها وأخلاقها التي لا تسمح لها بحب رجل متزوج.. وليتها اكتفت بحبه فقط بل كانت تحاول التفريق بينهم ببخ سمها في أذن كل منهم، كانت تنظر لهم وتتساءل في قرارة نفسها بعدم استيعاب ” كيف فعلت وكيف صدقت ؟..والأهم ما تلك السخافة التي فعلتها بنفسي ” .
فاقت من أعماق تأنيبها وتعنفيها لذاتها على صوت فارس وهو يوجه حديث لعز بحزم متمتمًا:
_تعالي ياعز نطلع برا ونتكلم
هز رأسه بالموافقة واستقام واقفًا وسار خلف فارس للخارج حتى يتحدثوا براحة تامة عن ما حدث ويفكروا مليًا في حل لتلك اللعنة التي اُطلقت عليهم.
أما بالداخل فاكنت ليلى تنظر بتشتت حولها في عينان ليست مطمئنة وراحت ليلى تفتح حوار بدأته بسؤالها في ابتسامة لطيفة:
_عاملة إيه ياليلى أنتي وفارس، شايفة أن علاقتكم الحمدلله اتحسنت شوية صح ولا إيه ؟
هزت ليلى رأسها بالإيجار مؤكدة على كلماتها وقالت براحة وسط تعبيراتها الفاقدة للآمان:
_أه الحمدلله رجعنا زي الأول تقريبًا
ابتسمت راندا وقالت باهتمام ونظرة كانت تحمل حسن النية الصادقة:
_يعني خلاص تراجعتوا عن فكرة الطلاق دي
هتفت ليلى بعينان مبتسمة بدلًا من ثغرها وفي ثقة:
_لا مفيش طلاق أن شاء الله احنا الحمدلله بقيت علاقتنا كويسة أوي
اماءت راندا رأسها بتفهم وقالت بود حقيقي:
_الحمدلله، بلاش بقى تفكري في الكلام ده تاني لأن فارس بيحبك فعلا بجد ولو خسرتيه مش هتلاقي راجل زيه أبدًا
غضنت ليلى حاجبيها بحيرة وابتسمت بعدم فهم مجيبة:
_غريبة يعني أنك أنتي اللي بتقولي الكلام ده، دايما بتقوليلى أن فارس مبيحبنيش واني استاهل حد أفضل منه يقدرني ويحبني بجد
أجابتها راندا بكل ثقة وصوت حكيم:
_مكتتش شايفة حبه ليكي بس النهاردة شوفت حبه بجد في عينيه
شردت ليلى في كلماتها تفكر وعلى ثغرها ابتسامة تكشف سعادتها وعشقها له، كان يعصف بعقلها ألف ذكرى وألف مشهد والف كلمة تذكرها به، كيف جمعتهم الظروف الجميلة وكيف أحالت بهم عواصف الحياة إلى الخلافات التي كادت تنهي كل شيء بينهم، أما الآن فقد زاد تعقلها به أضعافًا فمعرفتها بالخطر الذي أصبح يحفظهم من جميع الجوانب يشعرها بمسئولية المحب تجاه حبيبه وهي الوقوف صامدًا معه في وجه أشرس الظروف.
***
بالطريق الصحراوي المؤدي لمدينة الأقصر كان ماهر يقود سيارته وبجواره سمر على المقعد المجاور له، تنظر من الزجاج تراقب الصحراء والرمال الصفراء لكن عقلها شارد، لاحظ ماهر شرودها الطويل فسألها باهتمام وصوت رحولي رخيم:
_سرحانة في إيه كل ده، في حاجة مضيقاكي بتفكري فيها ؟
انتبهت لصوته والتفتت له تنظر مبتسمة بحزن وتجيب على سؤاله:
_لا افتكرت بابا بس الله يرحمه كان بيحب الأقصر جدًا وكان دايما ياخدني معاه أنا وماما ونتفسح فيها
تمتم بهدوء وهو يحيد بنظره عن الطريق لثواني يرمقها بدفء مواسيًا إياها:
_ربنا يرحمه، هو أكيد فخور بيكي ومبسوط أنا فاكر كان نفسه أوي يشوفك وأنتي دكتورة دلوقتي بقيتي دكتورة قد الدنيا ماشاء الله
آماءت له بالإيجاب ثم نظرت له مطولة بابتسامة تخفي الكثير في ثناياها ثم همست بنبرة بلوعة :
_كان بيحبك أوي ياماهر، كان بيطمن عليا لما يعرف انك معايا في أي مكان ودايمًا كان يشكر فيك
ابتسم بود وقال في أسى بصدق:
_والله حتى انا ربنا يعلم معزته عندي ازاي، ربنا يرحمه يارب
رددت خلفه ” يارب ” داعية لأبيها بالرحمة أما هو فأكمل بلهجة مرحة:
_لما نوصل هنقعد في مكان الأول نتغدى مع بعض وبعدين هبقى اوصلك عند خالك
مال ثغرها للجانب ولمعت عيناها بنظرة محبة ثم قالت مهتمة:
_طيب وأنت هتروح تقعد مع فارس ولا هتروح فين
ماهر بحيرة:
_مش عارف والله لما اروح له بس الأول واشوفه بعدين ابقى اشوف بقى هقعد فينلأن كمان ليلى هتكون قاعدة في البيت وحدها لما فارس يطلع فمينفعش اقعد معاها بس دي مش معضلة يعني عادي حتى لو قعدت في فندق، أنا هتصرف متقلقيش
ردت بسرعة في تلقائية وحماس نابع من رغبتها الشديدة في بقائه بجوارها:
_لا طبعًا فندق إيه تيجي تقعد معايا أنا وخالو أنت عارف محدش في البيت غيرنا بيقعد وخالو مش بقى بيطلع من البيت غير قليل بعد التقاعد
رمقها متعجبًا رافعًا حاجبيه ويجيب مبتسم:
_اقعد معاكم!!!.. لا صعب ياسمر ومينفعش طبعًا
هتفت موضحة له الأمر بكل بساطة وهي تلح:
_مينفعش ليه أصلًا خالو هيزعل جدًا لما يعرف أنك جيت معايا ومروحتش تسلم عليه
قهقه بخفة وقال بنبرة رجولية قوية:
_ازاي بقى أكيد هروح اسلم عليه وبعدين ما أنتي عارفة احنا جايين مخصوص عشان خالك وعشان يساعدنا في موضوع فارس
هزت رأسها بتفهم ورمقته بطرف عينها متمتمة بابتسامة مشاكسة:
_ماشي مش هضغط عليك دلوقتي هسيبك تروح تطمن على فارس الأول
مال ثغر ماهر في ابتسامة دافئة وهو معلق نظره على الطريق أما هي فتمعنته للحظات في أعين هائمة، لكن سرعان ما أشاحت بنظرها بعيدًا في إحراج عندما التقت عيناه بعيناها فجأة عندما التفت نحوها، أعاد نظره للطريق مجددًا وهو يبتسم بساحرية مدركًا تمامًا مشاعرها الدفينة…
***
عودة لمقر عمل فارس داخل غرفتهم الخاصة حيث كانت تجلس كل من ليلى رواندا بعدما غادروا الرجال ليتحدثوا بالخارج، ظلت ليلى بمفردها في الغرفة بعدما تركتها راندا وذهبت للحمام، كانت ممسكة بهاتفها تتفحصه بضجر حتى احست بأنفاس تشاركها الغرفة وحركة بطيئة حولها، رفعت نظرها عن الهاتف وأخذت تتلفت حولها بارتيعاد لكنها حاولت الحفاظ على ثباتها الانفعالي، فمنذ قليل ظهرت لها مباشرة على المقعد ونجحت في السيطرة على انفعالاتهاأمام زوجها.
كانت تتلفت حولها ولا ترى شيء حتى تطور الموقف وأصبح همسات مرعبة في أذنها ليست مجرد أنفاس، فاستقامت واقفة فورًا وراحت تدور حول نفسها بحثًا عنها بكل مكان لكن لا أثر لها، فتحركت ليلى باتجاه باب الغرفة وفتحته وغادرت متجهة إلى زوجها، فلم تعد تستطيع البقاء بتلك الغرفة ومواجهة خوفها أكثر من ذلك، رأت فارس يجلس بجوار عز بالخارج كل منهم على مقعد خشبي وثير فاقتربت منهم بتعابير وجه مضطربة.. مهما حاولت إخفائها أمام فارس لا تنجح حيث سألها هو باهتمام وقلق فور رؤيته لوجهها بتلك الملامح:
_!مالك ياليلى في إيه ؟
كان قد استقام واقفًا من مقعده واقترب منه ليقف أمامها مباشرة وينظر في عينيها بقلق فهمست هي برهبة واضحة في صوتها:
_ظهرتلي وشوفتها وبقيت حاسة بوجودها حواليا فمقدرتش اقعد وحدي
حاوطها فارسها بذراعيه فورًا في هلع وهتف يسألها يطمئن عليها:
_أذتك ولا عملتلك حاجة أنتي كويسة؟
هزت ليلى رأسها بالنفي وقالت في هدوء:
_لا أنا كويسة متقلقش أنا بس خايفة اقعد وحدي متسبنيش وحدي يافارس
ضمها لصدره وراح يلثم شعرها بقبلات مغرمة ودافئة هامسًا بصوت رحولي يبعث الآن في نفسها الرقيقة:
_حاضر ياحبيبتي مش هسيبك أبدًا، اوعدك هخلص من أوار للأبد وهقفل باب الشر ده زي ما فتحته
***
توقف ماهر بسيارته أمام منزل شقيقه بالأقصر بتمام الساعة العاشرة مساءًا ونزل منها ثم قام خطواته للداخل نحو الباب وهو متحمسًا برؤية أخيه ومفاجأته بقدومه.
وصل أمام الباب ووضع حقيبة ملابسه على الأرض بجواره ثم رفع يده وراح يضغط على جرس الباب، وانتظر لدقيقة تقريبًا على الباب حتى انفتح الباب وظهر من خلفه فارس الذي ابتسم بدهشة فور رؤيته له!!…….



تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1