رواية كارا الفصل الاول بقلم لبنى دراز
في عمق لا نهاية له، حيث لا ضوء ولا صوت، ينبثق صدى غريب، ليس نغمة، ولا كلمة، بل همس من مكان لا يُرى ولا يُفهم
الزمان يتوقف، العقول ترتجف، شيء يتسلل من العدم،
رسالة بلا مرسل، سر بلا مفتاح، يطرق أبواب الوعي، لكنه لا يدخل.
من أين أتى؟ ولماذا أتى؟ هل هو حلم أم كابوس؟
ومن هنا تبدأ الرحلة، إلى ما لا يُدركه عقل، حيث تتوالى الأسئلة في ظلال مجهولة لا جواب لها بعد.
كارا بقلمي✍️______لبنى دراز
فـ ليلة صيف هادية، وسط بيت بسيط فـ حى شعبي كان نائل شاب فـ أواخر العشرينات، قاعد جوة أوضته ومستمتع بنسمات الهوا اللى داخلة من الشباك، والأنوار الخافتة بتنعكس ع وشه، قدامه اللاب توب مفتوح والضوء الأزرق اللي طالع منه منعكس ع ملامحه، مديها لمحة من الغموض، عينيه بتجري ع الشاشة بكل تركيز، وكأنه مستني حاجة معينة، رسالة خاصة أو يمكن إشارة، فجأة، قطعت تركيزه خبطة خفيفة ع الباب، ولمحه بيتفتح بهدوء، رفع عينه يشوف مين.
ليلى فتحت الباب بشويش ودخلت وهى ماسكة صينية عليها سندوتشات وكوباية عصير قربت من مكتب نائل حطت الصينية وابتسمت: لسة بتشتغل يا حبيبي؟
ابتسم ابتسامة صافية لـ ليلى وبنبرة هادية: لسة شوية يا حبيبتي، عايز أخلص تصميم البرنامج ده قبل السفر لأني مش عارف هغيب قد ايه فـ الرحلة دي.
اتنهدت ليلى بحزن واضح ع ملامحها وبنبرة قلق: انت طالع رحلة قريب يا نائل؟
نائل حس بقلق ليلى وقام وقف قرب منها باس جبينها وإيدها فـ محاولة لإحتواء قلقها: أيوة يا أمي، الوكالة بتحضر رحلة جديدة أخر الشهر، وحددوا مجموعة الرواد اللى طالعين وطبعا أبنك العبد الفقير هو قائد المجموعة.
ابتسمت ليلى بقلق ومسحت ع شعره وهى بتدعيله بلسان وقلب أم فخور وقلقان ع حتة منه: ربنا يحميك يا حبيبي وتحقق كل أحلامك وتفضل دايما القائد، ويرفع ذكرك وأسمك فـ العالم كله، وافرح بيك واشوفك فـ أعلى المراكز.
نائل باسها فـ خدها وأمن ع دعاها ورجع قعد مكانه يكمل شغله ع البرنامج اللى بيصممه، وشرد جواه وهو مبتسم وأفتكر تعب ازاى وعافر قد ايه عشان يحقق حلمه، بسبب شغفه لعلوم الفلك واستكشاف الفضا والكواكب والأجرام السماوية، قدر ينجح ويشتغل رائد فضاء فـ اول وكالة مصرية تهتم بالرحلات الاستكشافية للحياة فـ الفضاء، فاق من شروده ع رنة موبايله بيعلن عن اتصال من رئيسه يبلغه فيه بميعاد الرحلة الجديدة وعليه انه يستعد خلال أسبوعين، وبالفعل مرّت الأيام بسرعة وأخد نائل شنطته وودع والده ووالدته وسافر لمكان انطلاق الرحلة،
وبعد ما خلصت التحضيرات الأخيرة لرحلته، فضل قاعد جوة المكوك الفضائي مستني إشارة الإقلاع من رؤسائه، والوقت بيعدي ببطء، ففتح اللاب توب بتاعه وابتدا يلعب عليه شوية، عشان يكسر الملل ولأنه خبير فـ البرمجة وبيقدر يصمم برامج والعاب مبتكرة خاصة بيه، وبسبب طبيعة شغله، قدر يصمم برنامج جديد بيبعت إشارات مميزة مبنية ع نغمات السلم الموسيقي ممكن توصل لسطح القمر، وأثناء ما هو بيلعب وبيرسل إشاراته المعتادة، حصلت له حاجة غريبة جدا ما كانش متوقعها، فجأة، ظهر ع شاشة الجهاز قدامه ومضات ضوئية وإشارات صوتية جديدة، كانت عكس الإشارات اللى بعتها، وكأن في حد بيرد عليه، عينه وسعت من الذهول، اتجمد مكانه والصدمة شلت تفكيره لحظة، لانه ماكانش متخيل ان ده يحصل ولا حتى جه فـ باله، لكنه استعاد تركيزه بسرعة وبدأ يبعت إشارات تانية يرد بيها ع الاشارة اللى وصلته، ما كملش ثواني وجاله رد جديد ع اشارته، وقف مكانه وبص لـ فريقه بملامح كلها ذهول ونبرة صوته مليانة اندهاش: معقول؟! فى حياة فوق سطح القمر؟!
قرب منه حسن زميله وبص له بحاجب مرفوع ونبرة استغراب: ايه يا ابني الهبل اللي انت بتقوله ده؟! احنا لينا كام سنة من يوم ما اشتغالنا فـ الوكالة دي، كل رحلة نطلع نستكشف وننزل بخيبة أمل، لا بنلاقي حياة ولا يحزنون كله حجارة وضلمة وجو مش مفهوم.
نائل قاطع كلامه بفرحة غريبة ونظرة كلها سعادة: وانا بقولك فى كائنات عايشة فوق يا حسن
رد شاهر من مكانه وهو قاعد يستقبل أمر الأقلاع من الوكالة: عرفت ازاى يا نائل؟
نائل قرب من شاهر وهو بيشاور ع اللاب: انا من شهرين تلاتة كدا، صممت برنامج جديد واشتغلت عليه كويس وقدرت أبعت من خلاله إشارات معينة ودلوقتي وانا برسل نفس الإشارات دي جالى رد عليها.
بص له حسن بنظرة سخرية ورد بتهكم: شوف إزاى!! بقى جالك رد ع إشاراتك من فوق سطح القمر مرة واحدة.
بص له نائل بلا مبالاة: مش عايز تصدق براحتك، كلها مسألة وقت وهتشوف بنفسك.
حسن بص بجدية لـ شاهر وهو بيسأله عن أمر الإقلاع ولف وشه تاني لـ نائل بنبرة تريقة: ده تلاقيه حد بيشتغلك يا معلم.
شاهر رد ع حسن بنبرة مؤكدة: ايوة أستقبلت الأمر، دقايق وهننطلق ان شاء الله.
أما نائل فـ بص لـ حسن بهدوء ونبرة صوته كلها جدية وثقة: مستحيل يا حسن يكون حد بيشتغلني، لأن الاشارات دى مش مفهومة نهائى لأى بني آدم عادي.
عمار قرب منه باندهاش: وايه اللي مخليك واثق اوى كدا يا نائل؟
نائل بابتسامة هادية: لأني ببساطة انا اللى صممتها يا عمار ومافيش حد غيري هيفهمها.
حسن هز كتفه بلا مبالاة: انا مش مقتنع بالكلام ده!
نائل بص لـ حسن بنظرة كلها ثقة وهو بيدوس ع الكيبورد: انا هثبتلك يا حسن.. وبص لـ باقى زمايله بنفس الثقة: طبعا كلنا عارفين إشارات الاستكشاف اللى بنبعتها فـ اى رحلة، صح؟!
عمار: أكيد.
نائل: تمام، انا دلوقتي هبعت قدامكم الإشارات اللى صممتها ومعاها إشارات الاستكشاف، وهتشوفوا بنفسكم.
لحظات عدت، وفجأة ظهر قدام عينيهم ع شاشة المكوك صورة كائن غريب شكله مش مألوف، حواليه ضوء فضي شديد كأن الدنيا نهار، عيونه شبه عيون الأطفال بس فيها لمعة غريبة، وبيرد ع اشارات نائل، صمت تام سيطر ع المكان، والتلاتة وقفوا مصدومين وملامحهم كلها ذهول وعيونهم متعلقة بالشاشة مابتتحركش ومافيش حد فيهم قادر ينطق من قوة الصدمة.
نائل بص للشاشة وبدء يكلم الكائن اللى ظهر قدامه بلغته من خلال الإشارات: انت مين؟
رد الكائن بنفس اللغة وخرج صوته كأنه صدى بيتردد جوة مكان فاضي، طبقته غريبة ما تنتميش لأي جنس بشري: كارا
نائل لف وشه ناحية زمايله، عينه كانت بتلمع بحيرة وفضول، بس بسرعة رجع بص للشاشة، قلبه بيخبط جوة صدره كأنه بقاله ساعات بيجري من غير ما يقف، ونبرة صوته طلعت بتساؤل: عايز ايه يا كارا؟
ثواني مرت، والضوء اللي حوالين الكائن بدأ يلف زي دوامة بطيئة، وبعدين جت الإشارة، بصوت فيه لمسة أنوثة غريبة، متقطعة بس واضحة: كارا، أنثى.
ابتسم نائل ورد بهدوء: عايزة ايه يا كارا؟!
كارا بعتت إشاراتها بصوت اقرب للهمس: نائل.
الشباب التلاتة بصوا لبعض، ورجعوا بصوا لـ نائل، حسن اتكلم باستغراب من شكل الكائن اللى ع الشاشة وبملامح كلها ذهول: انا مش مصدق، هو اللى إحنا شايفينه ده حقيقي؟!
نائل رد بثبات: أيوة حقيقي يا حسن.
شاهر بص لـ نائل بنظرة كلها حماس ونبرة مليانة اندهاش: أما ده هيبقى حتة اكتشاااااف ممكن يغيّر تاريخ البشرية، خصوصا لو رجعنا ومعانا الكائن اللى بيتكلم ده!!
عمار بتأكيد لكلام شاهر: فعلا، الاكتشاف ده لو اتعرف هيقلب الدنيا، وبالأخص اننا وكالة مصرية، وتحديدا نائل، لأنه هيكون اول حد يتواصل مع كائن فضائى من القمر.
نائل بص لهم بملامح هادية وبنبرة جادة: طب يللا منك له نبتدي رحلتنا ولما نوصل بالسلامة نشوف هنعمل ايه!.
انطلقت الرحلة وابتدا المكوك فعلاً يتهز تحت رجليهم بخفة صوت المحركات بيعلى بالتدريج والشباب كل واحد فيهم شايل جواه أمل كبير، منهم اللى بيفكر فـ حلم الشهرة واسمه يتكتب جنب أول اكتشاف حقيقي لحياة فوق سطح القمر، بسبب نائل، ومنهم اللى مستغرب ونفسه يوصل بسرعة عشان يقابل الكائن الفضائي وجهًا لوجه ويلمسه،
فـ نفس الوقت نائل كان فـ حالة تانية خالص، رجع قعد مكانه بهدوء، وسحب اللاب ع رجله عينيه ثابتة ع الشاشة وصوابعه بتتحرك ع الكيبورد كأنه بيعزف لحن رومانسي جميل وهو بيكلم كارا، كل ما كان يضغط إشارة، كانت ترد عليه، وكل رد منها بيحرك جواه إحساس مش مفهوم، مش مجرد فضول علمي، لأ، ده كان أعمق، كأن روحه شايفاها من قبل كدا وقلبه عارف نغماتها، المكوك اتحرك بقوة وخرج برة الغلاف الجوي، وبمجرد خروجه من نطاق الجاذبية كل حاجة اتغيرت واتحركت من مكانها وبقت طايرة فـ الهوا حتى الأربع رواد، الدنيا بقت هادية نوعا ما، وبرة المركبة الفضائية كوكب الأرض بيصغر، واللون الأسود بيبلع كل حاجة، وفجأة،
صوت كارا بقى أوضح، ما بقاش مجرد إشارات بس، لأ، ده بقى إحساس، نغمة بتدخل قلبه قبل ما توصل ودنه، صوتها جه
ناعم وهادي، بس مليان قوة غريبة: كارا، منتظرة، نائل، من، سنين.
نائل حس بحاجة غريبة، حاجة بتشدّه ليها بطريقة عجيبة، قرب أكتر من الشاشة، صباعه بيتحرك ع لوحة المفاتيح، عينه متعلقة بملامحها الغريبة اللي بتوضح قدامه كل ما يقرب يوصل، سألها بنبرة استفهام: كارا، منتظرة نائل ليه؟
كارا غمضت عيونها وابتسمت وبعتت اشارة جديدة: كارا، بتحب، نائل.
استغرب نائل من ردها وسكت ماعرفش يرد عليها من صدمته، وجواه دوامة من الأسئلة: معقول؟! كائن فضائي يحب؟! ويحب مين؟ بشري؟ طب ازاى؟
لكنه سكت واستنى لحظة الوصول بفارغ الصبر.
_____________________
فـ كوكب الأرض
بيت نائل.
ليلى قاعدة قلقانة وبتدعي لـ نائل انه يرجع لها بالسلامة لكن جواها إحساس غريب مش عارفة تفسره.
همام لاحظ شرودها وقرب منها وبص لها بنظرة حنونة وبنبرة صوت دافية: مالك يا ليلى سرحانة فـ ايه؟
ليلى رفعت عينها لـ همام ودموعها بتلمع فيهم: مش عارفة يا همام، قلبي واجعني أوي ع نائل، عندي إحساس غريب اني مش هشوفه تاني.
همام بتنهيدة قلق: استغفري ربنا يا ليلى وبلاش القلق اللى انتى فيه، ابنك طالع رحلة عمل تبع شغله، إدعيله يرجع بالسلامة بدل التوتر اللى بتعيشي وتعيّشي البيت كله فيه.
ليلى بصت له بغيظ وبنبرة كلها عصبية: بتتكلم ع إساس انك مش قلقان انت كمان عليه يا سي همام؟! ولا اساس اني مجنونة وقاصدة اوتركوا واجننكوا معايا؟!.
هز همام راسه بيأس: لا حول ولا قوة إلا بالله، يا ستي مش قصدي، بس كل الموضوع اني خايف عليكي، نائل مش اول مرة يطلع رحلات تبع شغله وانتى اللى بتتعبي وضغطك بيعلى من كتر القلق والتفكير.
قرب وائل توأم نائل من ليلى باس إيدها وقعد جنبها ولف وشه لـ همام وهو بيضحك: ما تبقاش ماما يا بابا حبيبى لو بطلت تفكير، يجرالها حاجة وقتى.
ليلي ضربته ع كتفه بغيظ: انتوا كمان هتحاكموني ع تفكيري فـ ابني؟! عايزني يعني ما اقلقش ع اخوك طول ما هو غايب؟
وائل بضحك: لأ ازاى!! لازم تقلقي وتفضلي رايحة جاية، جاية رايحة، ياترى يا حبيبي بتاكل ازاى؟ ياترى يا ضنايا بتنام ازاى؟ ياترى حاسس بإيه وانت متشقلب فـ السفينة اللى راكبها راسك تحت ورجليك فوق، 100 ياترى وألفين يا هل ترى لحد ما يرجع وبعدها بتنامي فـ سريرك كام يوم بسبب الضغط العالي.
ليلى قامت وقفت وملامحها كلها نرفزة وعصبية: يعنى عايزه يبقى طالع برة الكوكب خالص لا نبقى عارفين عنه حاجة ولا قادرين نطمن عليه لحد ما يرجع واقعد هادية كدا؟ طب انت وابوك باردين ومش فارق معاكم، واتعودتوا زى ما بتقولوا، لكن انا ام وقلبي دايما قلقان عليكم.
همام قرب منها وقعدها تاني جنبه وبنبرة هادية ظاهريا وجواها قلق متداري: يا حبيبتى لازم تتعودي ع غيابه بالشكل ده، دي طبيعة شغله اللى هو أختاره وبيحبه.
ليلى بصت له بدموع: يا همام ازاى بس ما اقلقش ولا افكر فيه؟ إذا كنت بقلق عليكم وانتوا جنبي وقصاد عيني، عايزيني ازاى بس ما اقلقش عليه وهو برة الكوكب خالص وماعرفش عايش ازاى، ولا شايف ايه فـ الفضا اللى طالع له ده.
وائل قعد قدامها ومسك إيديها وباسهم: حقك عليا يا ماما بس لازم تتعودي زى ما بابا قال وماتعمليش حاجة غير انك تدعيله وبس.
قامت ليلى اتوضت ودخلت اوضتها فرشت سجادة الصلاة ووقف بين إيدين ربنا تصلي ركعتين لله، وبعد ما خلصت رفعت إيديها للسما وهمست بالدعاء لربنا ودموعها نازلة بغزارة، عشان يطمنها عليه ويريح قلبها اللى مش بيهدى ويبعد عنها وساوس الشيطان اللى مش سايباها فـ حالها.
______________________
برة الكوكب
فوق سطح القمر
بعد مرور 3 أيام وصل المكوك سطح القمر وخرجوا الأربع رواد فـ طريقهم لمتابعة رحلتهم الاستكشافية، قابلتهم كارا ومعاها كائنات كتير شبهها، كأنهم جايين يستقبلوهم، قربت من نائل بكل هدوء ومدت إيديها تمسكه من ايده بسعادة وابتسمت: نائل، وصل، كارا، سعيدة.
الشباب الأربعة انبهروا بجمالها الملائكي رغم انها كائن فضائي، بس كانت واقفة بشموخ، لكن وقفتها ماتشبهش وقوف البشر، قصيرة وجسمها رشيق، بشرتها رمادي مايلة للفضي كأنها مخلوقة من نور القمر، عيونها واسعة من غير جفون، لونهم زمردي وبيتغير اللون حسب انفعالاتها، مناخيرها صغيرة وناعمة، وبقها صغير، دايمًا مرسوم عليه ابتسامة هادية، أما شعرها كان نازل ع ضهرها لحد وسطها، بس ما كانش شعر عادي، كان خيوط شفافة من نور، بيتلون حسب حالتها، لما تكون فرحانة بينور باللون الأحمر الناري، ولما تغضب بيتحول لأزرق غامق، إيديها كانت طويلة شوية وصوابعها أرفع من الطبيعي، وفـ أطرافهم نور بسيط بيطلع لما تلمس حاجة أو حد، بمجرد ما لمست نائل حس بضربات قلبه بتزيد جواه شعور غريب جدا، لمستها كانت دافية وحنينة كأنها نقلت طاقة قلبها والحب اللى جواها لـ قلبه، فضل واقف قدامها وعينه ثابتة عليها مش بتتحرك، حتى شاهر وعمار، لما شافوها حسّوا براحة غريبة رغم اندهاشهم واستغرابهم، من وجود الكائنات دي عايشة فوق سطح القمر، لكنهم فاقوا ع صوت حسن وهو بيقول: أنا لازم ابلغ الوكالة بالأكتشاف ده بسرعة ونرجع بـ كارا ومعاها كائن ولا اتنين من الكائنات دي.
شاهر رد بنبرة كلها فخر: ياه، يا حسن تخيل كدا لما تنكتب فـ تاريخنا ونبقى اول رواد فضاء يكتشفوا حياة فوق سطح القمر وكمان نرجع ومعانا كائنات تثبت صحة كلامنا ده.
حسن: ونلاقي القنوات المصرية والعالمية ووسائل الإعلام كلها والسوشيال ميديا بيشاوروا علينا، ونتشهر وتكتر الفلوس فـ ايدينا، يااااااه يا شاهر لو ده يحصل!!
شاهر بسرعة: طيب مستني ايه؟! يلا ابعت اشارة وبلغ الوكالة حالا ما تتأخرش.
عمار بهدوء لـ حسن وشاهر: المفروض اللى يبلغ نائل يا شباب لأنه قائد المجموعة وكمان الكائن ده اكتشافه هو، مش احنا.
حسن بص لـ عمار بعصبية وبنبرة كلها غل: بقولك ايه يا عمار، كلنا طلعنا الرحلة دي سوا، يبقى الكائنات دي اكتشافنا كلنا مش اكتشاف نائل لوحده، انت فاهم؟
عمار بهدوء أكتر: لأ، الكائنات دي اكتشاف نائل بس، لأن لولا تصميمه لبرنامج الإشارات اللى عمله ما كناش وصلنا لهم، بدليل اننا دايما كنا بنطلع نستكشف وبننزل من غير نتيجة، الا المرة دي.
شاهر: يا عمار حسن بيتكلم صح، حتى لو نائل كان سبب اننا نكتشف وجود كائنات فضائية عايشة هنا، بس لازم نبلغ باللى شوفناه ويتحسب لتاريخنا كلنا.
عمار بتساؤل: وانتوا هتنسبوا لنفسكم مجهود غيركم؟! هتقبلوا انه يصمم ويتعب لحد ما وصل وانتوا تاخدوا الشهرة ع الجاهز؟! انا شخصيا مش موافق ع كدا.
حسن بعصبية وغل: براحتك، تقبل ترفض انت حر، لكن انا مش هسكت وهبلغ واقول اننا اكتشفنا الكائنات دي، احنا طلعنا كلنا الرحلة فـ نفس المكوك، يبقى مش من العدل ان الاكتشاف ده يتنسب لـ نائل بس، واحنا لأ.
شاهر بيتلفت حواليه وهما بيتكلموا، ما لقاش نائل ولا الكائنات الفضائية، وكانوا هم التلاتة كأنهم واقفين فـ صحرا ضلمة وباردة، بص لهم باستغراب: نائل والكائنات أختفوا!!
حسن ملامحه كلها غضب ونبرته بقت عالية جدا: أختفوا ازاى من غير ما نحسّ بيهم؟! هيكونوا راحوا فين يعني؟!
عمار بص لهم وفضل يضحك بعلو صوته: وروني بقى هتبلغوا الوكالة وترجعوا بالكائنات دي ازاى؟ اهم اختفوا!! دوروا عليهم بقى واكتشفوهم بنفسكم.
حسن بغيظ: عماااااااار، مش ناقصك، ارجع المكوك شوف اللاب بتاع نائل وحاول تبعت منه إشارات جديدة عشان يظهروا تاني... وبص لـ شاهر: يللا نتحرك بسرعة يا شاهر ندور عليهم.
عند نائل
كارا مسكت إيده ومشيت بيه هى وشعبها اللى كان فـ استقباله معاها وخدته لعالم تاني خالص مايشبهش سطح القمر اللى هبط عليه ولا حتى سطح الأرض، نائل مدّ إيده ليها ومشي معاها وهو منبهر بجمالها ومش شايف غير عيونها اللى بتلمع بلون الزمرد الحر، غمض عيونه ثواني وفتحهم لاقى نفسه واقف قدام مدينة غريبة غلافها شفاف كل حاجة فيها باللون الابيض المايل للفضي، الأرض تحت رجله شفافة، وفيها مجرات صغيرة بتتحرك كأنها بترحب بيه، والسما مليانة شهب ونجوم منورة بترقص احتفالا بوصوله.
كارا كانت واقفة جنبه سعيدة وبصت له بهدوء: دي ارضنا نائل، مافيش حد من البشر أكتشفها، انت وبس اللى دخلتها.
نائل كان مبهور جدا بكل حاجة حواليه وباستقبال كارا وشعبها، ابتسم وبنبرة كلها ذهول: ليه أنا كارا؟
فجأة انفعلت كارا ولون عينيها اتغير للون أحمر وشعرها بقى أزرق دليل ع غضبها الواضح من نبرة صوتها: لأنك الوحيد اللى هتقدر تنقذنا نائل.
نائل باستغراب: انا؟! ازاى؟! وانقذكم من ايه؟!