رواية قدر القلوب ( كامله جميع الفصول) بقلم آيه طه



 رواية قدر القلوب الفصل الاول بقلم آيه طه


في قلب الدار، على المصطبة الحجر قدام البيت، قعدت هنية جنب أمها تفرك في طرف جلابيتها بعصبية، وهي سامعة صوت جوز النخيل اللي بيتهز مع الهوا. الحرب جاية، بس مش سيوف ورماح… دي حرب قلوب ونفوس!


ناديه: (وهي داخلها البيت بفخر) يا راجح… احنا جينا للواجب، وجايين نطلب البت حنان لياسين!


راجح: (رافع حاجبه) لحنان؟!


حربوءة: (مبطّطة وشها بمكر) أيوه، وحياة النبي، الولد قال عاوزها، وإحنا ناس غرضنا الستر واللي فيه الخير!


هنية: (حاسّة بحرقة في قلبها، مستنية رد أبوها)


أم هنية: (بصوت خافت) بس هنية لسه في البيت، ما حدش جالها نصيبها لحد دلوقت.


ناديه: (بسرعة) والنبي، يا أم هنية، ده الزمن اتغير، وبعدين إحنا ما نلوموش، القلوب مش بالإيد، والولد اختار!


راجح: (ساكت، بيفرك كفّه) هنية، قومي هاتي الشاي…


هنية: (بتقوم بعيون مكسورة، ومابتقدرش تبص في وش ياسين اللي واقف برّه مع أبوه)


أم هنية: (همس لراجح) وإحنا نقبل اكديه؟ الكبيره تقعد والصغيرة تتجوز؟ ما يصحش الكلام ديه.


راجح: (متنهّد) وانا عارف يا وليه، بس الناس ما بترحمش، ولو رفضنا دلوقت، حنان ممكن تقعد هي التانيه.


ناديه: (بابتسامة جانبية) والنبي كلام مظبوط، وهنية ربنا يرزقها، لسه نصيبها ما جاش!


هنية: (بترجّ الشاي في الصينية بإيد بتترعش، دموعها بتنقط في الكوبايات وهي بتقول بصوت متكسر) نصيبي؟! هو أنا ماليش قلب ولا ماليش حق أختار؟


ياسين: (واقف برّه، حاسس إنه بين نارين، بص لهنية للحظة، وبعدها حوّل وشّه، كأنه هرب من نظرتها)


راجح: (بعد ما شرب الشاي) أنا ماحبش حد يطلع من بيتي مكسور، بس الحق حق… يا ياسين، انت ليه ما جلتش إنك عاوز حنان من الأول؟


ياسين: (بيبلع ريقه) كنت… كنت مستني الظروف، و…


هنية: (قاطعت كلامه بصوت واجع) مستني الظروف، ولا كنت عارف اللي في قلبي وساكت؟!


أم هنية: (بصوت حزين) كفاية يا بنتي…


ناديه: (بسرعة قبل ما الكلام يتطور) خلاص، إحنا ناس جينا للخير، وهنستنى ردّكم… بس يا راجح، ماتنساش، الفرصه ما تتفوتش!


راجح: (بيغمض عينيه، كأنه شايف العاصفة جاية) هفكر واردّ عليكوا…


ياسين: (بيتحرك عشان يطلع، وقبل ما يعدّي من جنب هنية، همس ليها) سامحيني…


هنية: (بنبرة مهزوزة) ربنا يسامحك…


الليل كان تقيل… هنية كانت قاعدة على العتبة، عينها متعلقة في السما، وحاسّة إن روحها بتتسحب منها حتة حتة.


أم هنية: (طالعة من جوه وهي تلف طرحتها على كتفها) تعالي جوه يا بتي، الهوى برد.


هنية: (بابتسامة حزينة) البرد في القلب يا أمه… مش في الهوا.


أم هنية: (بتقعد جنبها) يا بتي، إحنا ما لناش غير الصبر… وربنا كاتب الخير لكل واحد فينا.


هنية: (بصوت مخنوق) أمه، هو أنا وحشة؟


أم هنية: (بدهشة) إيه الكلام ديه يا بتي؟! ده إنتي القمر في نص السما.


هنية: (بمرارة) أمال ليه محدش جالي، وليه اللي بحبه راح خطب أختي؟!


أم هنية: (متنهّدة) يمكن نصيبك في حتة تانية…


هنية: (بدموع غلبتها) بس ليه ياما؟! ليه هو؟!


قبل ما ترد أم هنية، كان فيه صوت خطوات تقيلة جاية من ناحية الجرن.


فيصل: (واقف على باب الدار، صوته جاد) السلام عليكم.


أم هنية: (بقوة) وعليكم السلام، ادخل يا ولدي.


هنية رفعت عينها وشافته… فيصل، ابن عمهم التاني، اللي عمره ما كان بيبص لها غير بعين الأخ الكبير. لكنه الليلة… عينه كانت غير.


فيصل: (بهدوء) عمي راجح موجود؟


أم هنية: (قامت) موجود، استنى اهنيه وانا أناديه.


هنية: (بصوت ضعيف) عاوز إيه يا فيصل؟


فيصل: (بيطالعها بنظرة طويلة) جايلك، وجاي أكلم عمّي.


هنية: (باندهاش) جايلنا؟!


فيصل: (بثقة) أنا جاي أخطبك، يا هنية.


القلب وقع… والدمعة وقفت في نص الطريق.


هنية: (بصدمة) إنت بتقول إيه؟!


فيصل: (بهدوء) اللي سمعتيه… أنا مش هسيبك للوجع ديه، ولا هسيبهم يلعبوا فيكي زي ما مرات عمي ناديه عاوزة.


أم هنية: (راجعة ومعاها راجح) في إيه يا فيصل؟ خير يا ولدي؟


فيصل: (رافع راسه) عمي، أنا جاي اطلب هنية… عاوزها تبقى مراتي!


راجح: (بصدمة) إنت بتقول إيه يا ولد؟!


أم هنية: (مصدومة لكن في قلبها فرحة) فيصل… انت بتتكلم جد؟!


هنية: (بتهمس وهي مش مصدقة) ليه يا فيصل؟ ليه؟


فيصل: (بصوت واثق) عشان تستاهلي حد يحبك بجد… مش حد يخبيكي في قلبه ويسيبك تكسري!


الدار كلها سكتت… إلا قلب هنية اللي كان بيدق أسرع من أي وقت.


الدنيا لفت… والكلام وقف في حلق هنية زي الجمرة، مش عارفة تتكلم ولا تفهم. فيصل واقف قدامها، بعينه الساكنة اللي فيها كلام كتير، وراجح شاخص ليه كأنه مش مستوعب.


راجح: (بصوت تقيل) انت عارف انت بتقول إيه، يا فيصل؟


فيصل: (بهدوء) عارف، وعارف كمان إني ما هسيبش هنية تبات والدمعة في عينها.


أم هنية: (بحذر) وانت كنت مخبي الكلام ده في قلبك من إمتى؟


فيصل: (بصوت واضح) من زمان، بس كنت ساكت، سايب النصيب ياخد مجراه… بس بعد اللي حصول النهارده، مفيش سكوت تاني!


هنية: (بتتكلم لأول مرة، ودمعتها بتلمع) وإنت بقى كنت هتفضل ساكت لحد إمتى؟! كنت مستني ياسين يتجوزني ولا إيه؟!


فيصل: (بيسيب نفسُه وبيقول بصراحة) كنت مستني اللحظة اللي قلبك يكون فيها مستعد ليا… بس لما شُفتك مكسورة النهارده، قلت خلاص، السكوت مش هيفيد!


راجح: (متنهّد) فيصل، يا ولدي، انت راجل وابن عيلة، بس الجوازة دي لازمها تفكير.


فيصل: (بحزم) طب فكر، بس أنا مش هغير كلامي، وهفضل مستني ردكم!


وفي اللحظة دي، الباب اندفش واتفتح بعنف… ناديه واقفة وهي نافخة زي القِرْبة المليانة ميّه سخنة.


ناديه: (بعصبية) إيه اللي أنا سمعاه دا يا راجح؟! فيصل عاوز يخطُب هنية؟!


راجح: (متضايق) وانتي مالك، يا وليّه؟ الجواز رزق، وإحنا ما قررناش حاجة!


ناديه (بخبث): بلاش هبل، يا راجح… يعني إنت هتخلّي ياسين يتجوز الصغيرة، وهنية الكبيرة تتجوز التاني؟! الناس هتقول علينا إيه؟!


أم هنية: (بحدة) الناس تقول اللي تقولُه، إحنا مالناش صالح!


ناديه: (بضحكة جانبية) لا يا حبيبة قلبي، ليها صالح ونُص، وبعدين هنية كانت بتحب ياسين، مش اكديه؟!


هنية: (بحدة لأول مرة) وإنتي مالك؟! مش يمكن قلبي اختار غيره؟!


فيصل: (واقف قدامها وكأنه سندها) وإحنا خلاص قررنا، يامرات عمي… وأي كلام مالوش لازمة، وفريه لنفسك!


ناديه: (بعصبية وخبث) طيب يا فيصل، خلي بالك… الحرب لسه ما بدأتش!


وسابتهم وخرجت وهي متوعدة، والدنيا سكتت تاني… بس كان واضح، العاصفة لسه ما هدأتش.

الفصل الثاني من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1