رواية إنما للورد عشاق الفصل الثالث عشر 13 بقلم ماهي عاطف


رواية إنما للورد عشاق الفصل الثالث عشر  بقلم ماهي عاطف



جلس في غرفة المعيشة ينفث دخان سيجارته بشرود استحوذ عليه منذ مجيئه، وكان عقله في دوامة من التفكير العميق، غير واعٍ لنظرات والدته المصوبة نحوه وهي تهبط الدرج.


تحركت نحو المطبخ وخرجت بعد دقائق تحمل بين يديها طبقًا مليئًا بحبات العنب المجمدة، توجهت نحوه ومدت يدها به ليأخذه منها علىٰ مضض ثم تحدث بنبرةٍ ساخرة: أنتِ منزلاني القاهرة علشان أكل عنب متلج؟


تجاهلت حديثه معقبة بحدة: منزلاك علشان لازم نتكلم


أمسك بحبة العنب يمضغها بتلذذ ثم رمقها بتساؤل يحثها على استكمال حديثها، فتابعت بمكر أنثوي: طبعًا أنت عارف إن في طراطيش كلام كدا مننا إنك لازم تتجوز ورد علشان اللي في بطنها، صح؟


نظر لها بدهشة قبل أن يعقب بنبرة ساخرة وتعجب: اتجوز ورد إزاي؟ هي علشان خلصت من فريد هتلبسيها فيا؟


_" يا حبيبي افهم، أنت كدا كدا مش بتخلف يعني محدش هيرضي بيك أصلًا ولو حصل هتتطلق منك، وبعدين ورد بنت عمك واللي في بطنها ابن أخوك. "


كلماتها كانت كافية لتولّد جراحًا قد التئمت والآن عادت تنزف من جديد !!


ابتلع غصّة مريرة تشكلت في حلقه قائلًا بمرارة: أنتِ بتعايريني يا ماما؟


تنهدت بيأس ثم تحدثت بنفاذ صبر: مش القصد يا ماجد، أنا بقول لك اللي المفروض تعمله


رمقها شزرًا فقال بنبرة قوية: عارفة أنا هوافق أتجوزها علشان حاجة واحدة بس. 


أرسلت له نظرة استفهام متوجسة؛ ليناطحها بقوله الصارم: علشان أعوضها على اللي عمله فيها وتصرفاتك معاها اللي محسساها إنها متسواش، بس ليا شرط


_" قول عايز إيه. "


تنفس بعمق مستطردًا بجدية شديدة: أول ما نكتب الكتاب هخدها وننزل بنى سويف، مش هنقعد هنا ولا هنيجي القاهرة تاني


بشراسة ودموع وهمية أجابت: أنت بتلوى دراعي يعني؟

طب أنا وابوك مافكرتش فينا؟


زفر بعصبية مردفًا بعدوانية: ماما بقول لك إيه، اطلعي من دماغي، أنا سايب شغلي وحالي، فماتخلينيش أندم إني جيت


قللت من حدتها معه ثم تنهدت قائلة بإمتعاض: خلاص، اعمل اللي تعمله بس المهم اخلص من كل دا، وتكون كل حاجة في إيدينا


صوب نحوها نظرات نارية من حديثها الغامض فصاح بها: قصدك إيه بكل حاجة في إيدينا؟


_" اللي بتفكري فيه مستحيل يحصل يا كوثر، عارفة ليه؟ علشان كل حاجة دلوقتي بقت بإسم ورد. "


نظر بعضهم نحو الصوت ليجد "محمود" عاقدًا ذراعيه ببرود فوق صدره؛ لتتسع عينا "كوثر" من هول ما وقع على مسامعها من حديثٍ جعلها تصمت نهائيًا كأنها أُصيبت بالشلل النصفي !!


تجاهل صدمتها تلك موجهًا حديثه نحو ابنه المبتسم بتشفٍ: ماجد، تعال ورايا عايزك


أومأ له بعينيه ثم تحرك خلفه نحو غرفة المكتب، جلس "محمود" فوق المقعد الأمامي يستند بذراعيه فوق سطح المكتب بتنهيدة عميقة وحيرة شديدة، ثم بتر فقاعة الصمت بحديثه الذي يحمل الرجاء: ليا عندك طلب وبتمنى تحققه ليا


بدون تفكير تحدث بلهفة:أكيد يا حبيبي، لو في إيدي مش هتأخر.


_" لو كوثر مكانتش طلبت منك تتجوز ورد، كنت هقول لك تعمل كدا، إنما طلبي هو إنك تكون سند ليها وتعوضها عن كل حزن شافته، لو ليا خاطر عندك "


تنهد مجيبًا بحزن يحمله بين طياته نحوها: من غير ما تطلب يا بابا، كنت هعمل كده، دي مهما كانت بنت عمي الله يرحمه.


ابتسم بارتياح قائلًا بإشادة: ربنا يبارك فيك يا حبيبي ياربّ ويسعد قلبك.


***


لم يشعرَا بأنهما وسط الراقصين، ظلا دقائق محدقين في عيني بعضهما، يتمايلان في عالم غريب نسج خيوطه الفضية حولهما؛ بل هو مَن نسج خيوطًا سحرية حولها، جعلها تعشق قربه المهلك، وتكره بُعده عنها ولو لحظاتٍ؛ فقد اعتادت علىٰ وجوده بجوارها في الآونة الأخيرة، بينما هو متواعد نحو ذاته بنسيان حبه تلك الورد. 


اصطبغ وجهها بحمرة خفيفة من هذا القرب، نبرته الهادئة التي تحتضنها بقوة، يُتقن جيدًا التحول من غضبه العارم إلى طبيعته الساكنة المحببة لها.


لا يمكنها القول سوىٰ إنه جذاب لجعل أي فتاة تُفتن به من أول وهلة !! 


استفاقت من شرودها وتمعّنها به علىٰ يده التي احتضنت خاصتها متحركًا بها نحو الطاولة. 


جلست فوق مقعدها ترتشف عصير الفراولة بتلذذ، فقال بتساؤل مفاجئ: أنتِ مدمنة من أمتى يا فرح؟


لا يأتي في مخيلتها من قبل تساؤله هذا، مما جعلها تبتلع الغصّة المريرة التي في حلقها بصعوبة، فأجابت بنبرةٍ هادئة: من سبع شهور.


_" بدأتي إزاي يعني في الموضوع دا، أو بمعنى أصح مين اللي خلاكِ تدمني هيروين؟ "


أغلقت جفونها لتهدئة ذاتها كي لا تتشاجر معه بعدما أصبحت المناقشة الهادئة تحل محل الحدة بينهم. 


ضغطت على كفها بقوة مغتاظة ثم تحدثت بإمتعاض: كان ليا صحبتي اسمها فريدةخلتني أجرب، وصلتني بفخري، بقى هو اللي بيجيب لي الحاجات دي لما هي سافرت. 


أومأ لها بعينيه، عاقدًا حاجبيه بدهشة ليعقب مستفهمًا: سافرت فين وامتي؟ 


_" عاصي من فضلك، مش حابة أتكلم في الموضوع دا، وبعدين مش علشان أنت دكتور نفسي يبقى هتسوق فيها وتفضل تسحب مني الكلام، والله هسيبك وأمشي "


قهقه عاليًا، ثم همت أن تنهض للمغادرة فقبض على ذراعها قائلًا بدعابة: لأ خلاص، وحياة سيدك اللبلوبي ما أنتِ متحركة من مكانك، هسكت مش هسأل تاني.


ابتسمت له، لفت انتباهها شخصٌ يجثو على ركبتيه يعطي لفتاةٍ شبيهة بعمرها باقة من الورود الحمراء، تجمعت الدموع بمقلتيها، تتمنى أن يعافر شخصٌ لأجلها ولو لمرة، أن يركض خلفها ليحصل على حبها كشيء صعب المنال، أن يفعل الكثير لها دون إخباره بما تريد؛ لكن كل شيء أصبح كالحلم الضائع !! 


استأذن "عاصي" ثم وثب واقفًا وسط دهشتها وهي تراه يغادر المطعم!


جلست نصف ساعة تنتظره ولم يتجلى بعد؛ فأطلقت تنهيدة عميقة بتبرم وتأفف، ثم أمسكت حقيبتها وتحركت نحو الباب بنزق ليصطدم جسدها بصدره العريض، طوقت يداه خصرها وبتلقائية أسندت يدها الصغيرة علىٰ صدره، لفحت أنفاسه الساخنة وجهها، نظرت لعينيه كي تستمتع بتلك اللحظة النادرة بينهم .. 


تلاقت الأعين طويلًا، توقفت عقارب الساعة، تسارعت الأنفاس ببطء بعدما كانت محبوسة، الأعين والنظرات فقط تتحدث، انسجام كامل بينهم كأن لا أحد معهم !!


فكان هو أول من قطع سحر النظرات هامسًا في بحة رجولية: رايحة فين؟


ابتعدت عنه بصعوبة، تتمالك ذاتها من شدة الخجل، فقالت بتلعثم: كـ كنت هروح 


_" وتسيبيني أروح لوحدي؟ "


ربـــاه !!!!! كيف يكون لطيفًا هكذا؟ نبرته الخافتة جعلت القشعريرة تدب في جسدها، لكزها بخفة كي تستفيق، فدبت رعشة قوية بها أخرجتها من شرودها حينما وجدته يحمل باقة كبيرة مليئة بالزهور الحمراء يضعها في يدها.


فقال بنبرةٍ جمعت بين اللطف والجدية: فرح، مش عايزك زعلانة ولا تحسي إنك عبء على حد مهما كان. مش عايزك تتعاملي كشخص غريب بينا علشان بتضايق منك أوي


ليتابع بحزم وإصرار تام في حديثه: أنا هحدد ميعاد لكتب الكتاب ومش عايز اعتراض. لازم كل حاجة تتم علشان الاتفاق وتظبيط المواعيد في المصحة قرب، أنا كلمت دكتور صاحبي واتفقت معاه. مش عايزك تخافي من حاجة، أنا هاكون سند ليكِ وأخوكِ حتى لو مفيش جواز تم، مافيش مشاعر متبادلة آه، بس كله هيجي مع الوقت.


_" أنت إزاي كدا؟ مرة بتقسى عليا ومرة بتحسسني إني جميلة واستاهل الصبر؟ "


تنفس بعمق، يحتضن يدها بين راحتيه قائلًا بنبرةٍ قوية: علشان شايفك زي عنان طايشة. كل ما بتغلط، كل ما يكون رد الفعل صعب عليها ومش بعرف أسيطر على نفسي وقتها. فلما باجي عليكِ، دا علشان خوف مش أكتر 


فاستكمل بدعابة ومشاكسة: فاوعي تستني مني كلمة آسف. حقك عليا لأنهم مش في قاموسي، فاهمة؟


قهقهت بصخب ثم هزت رأسها بيأس وتحركت معه للخارج بسعادة غمرت كلاهما ...


****


بعد شهر، أصبح كل ما يدور في ذهنها هو العمل الذي منحها منظورًا مختلفًا نحو الحياة، افتقدته نتيجة تقيدها الدائم في المنزل. 


لا تعرف عن الحرية شيئًا، فقد سُلب منها كل ما تمنت أن تفعله، كابتسامتها البشوشة، وعينيها البندقيتين اللتين أصبحتا هالتين سوداويتين. 


كل شيء افتقدته حتى الشعور بالأمان !! 


حينما أصبح تحقق الحلم على مشارف اجتيازه، تلاشت سعادتها وباتت تُعيقها عن تحقيق أهدافها التي تصبو إليها من حين لآخر !!


استفاقت من شرودها على طرقات الباب، فحمحمت لتأذن للطارق بالدخول. 


دلف شخص في أوائل الثلاثينيات بوجه بشوش مُعقبًا بحبور: مبسوط جدًا بشغلك يا ورد، حقيقي يعني ما خيبتيش ظني فيكِ ولا ظن عمك 


تنفست بإرتياح قائلة بنبرةٍ هادئة: الحمد لله، دايمًا يا فندم 


_" أنا جيت دلوقتي علشان أبلغك بقرار مهم "


توجست خيفة محاولةً أن تبدو طبيعية، فتابع بمشاكسة: 

متخافيش أوي كدا، دا أنا لسه بمدح فيكِ! 


ابتسمت بتوتر، ثم وثب واقفًا يتفحصها بإعجاب، فاستطرد بتفهم: ورد، أنتِ طلعتي من ضمن الموظفين اللي هيتنقلوا للفرع التاني.


تلألأ بؤبؤا عينيها بالعبرات ولمعت هاتفة بصوت يكاد لا يخرج يغلبه البكاء: ليه يا فندم، هو أنا صدر مني حاجة مش كويسة؟


بادلها نظرة يملؤها الدفء وهو يهمس بشيء من المرح: 

لأ يا ستي، بس كل الحكاية دي حاجة دايمًا بعملها مع الموظفين الجدد، وبعدين متقلقيش خالص، الفرع التاني مش وحش أوي كدا.


تنفست الصعداء ثم أردفت بتساؤل: طب هو فين الفرع التاني؟


_" بني سويف. "


مطت شفتيها المضمومتين بعدم حيلة من أمرها ثم قالت: 

مش عارفة يافندم، هقول لعمي وأبلغ حضرتك بعد بكرة بإذن الله.


****


بعد خمس ساعات، هبطت الدرج بتوتر تبحث عن عمها كي تخبره بما ترغب في الحديث عنه، حديثٍ جعلها شاردة طوال اليوم. 


فهي لم تذهب هناك من قبل، فكيف ستتمكن من العيش بمفردها إذًا؟


خرجت إلى الحديقة لتجد زوجة عمها جالسة تغمض جفونها وبيدها كوب قهوة، فذهبت نحوها لتجلس قبالتها.


شعرت بها، ففتحت عينيها ترمقها بسخط، ثم أردفت بنبرة ساخرة: أهلًا وسهلًا، أخيرًا السنيورة حنت علينا وجاية تقعد معايا 


_"بدور على عمي، مش جاية اشاهد جمالك يعني "


ارتجفت قليلًا من نبرتها الحادة ثم قالت بتلعثم مشيرة نحو غرفتها: فـ فوق في أوضته 


رمقتها بإشمئزاز ثم تحركت إلىٰ الداخل مرةً أخرى كي تصعد إليه.


بعد دقائق، جلست أمامه تفرك يديها بتوتر كأنها تخشى رفضه، فبتر شرودها بقوله الهادئ: طب ما تسافري يا حبيبتي، طالما شغلك طلب ده يبقى لازم تسافري.


_"يا عمي افهمني، الموضوع مش بالبساطة دي."


ربت فوق ذراعها بحنو مسترسلًا برزانة: أنتِ بتصعبيها على نفسك ليه بس، مش كان نفسك تخرجي وتروحي وتيجي، أهي الفرصة جت.


تنهد بحزن ثم قالت بنبرةٍ خافتة: مش عارفة بصراحة، حاسه بصراع جوايا.


تفهم ما تمر به جيدًا فعقب بصبر: طب نتكلم بالعقل شوية؟


أومأت له بعينيها تحثه على التحدث، فقال بإيجاز: أنا عايز جوازك أنتِ وماجد يتم في أسرع وقت و ...


شعرت بإرتجافة جسدها فبترت حديثه بعجالة: عمي بصراحة أنا فكرت في الموضوع ده وكنت عايزة أفاتحك فيه.


رمقها بتساؤل، فتنفست بعمق مُجيبة بإزدراء: أنا مش عايزة اتجوز ماجد، يعني ليه يشيل حاجة غيره السبب كان فيها وكمان هو مش مجبور يوقف حياته علشاني.


انبعثت شرارة الغضب من عينيه ليعقب بنبرةٍ غاضبة: اسكتي يا ورد ماتكمليش، اللي السبب فيه يبقى أخوه الله يرحمه وأنتِ ملكيش دعوة ياحبيبتي، ثم إن ماجد ما ترددش ثانية واحدة في التفكير في الموضوع ده فليه أنتِ متضايقة؟


طأطأت رأسها أرضًا بوجع، وتجمعت الدموع في مقلتيها. ليزفر بعمق قائلًا بتريث: هوني على نفسك يا حبيبتي، الدنيا بتمشي. قلت لك سيبك من التفكير شوية وركزي في حياتك وشغلك. وبعدين ماجد طلب لما تتجوزوا إنكم تقعدوا في بني سويف، فالحمد لله اتحلت اهي.


رمقته بدهشة جلية فوق قسماتها لتتحدث باستفهام حاد:  

بني سويف؟ طب يا عمي، بعد إذنك، ولما ماجد يجي ياريت تبلغه إننا لازم نتكلم شوية.


****


ما زالت الصدمة حليفتها منذ مجيئه قبل قليل وإخباره إياها بأنه يرغب في عقد قرانهما اليوم، فقد جاء رفيقه أمس من الخارج، لذا أراد التعجل في الأمر.


وثبت واقفة ساعة ونصف في الشرفة بهيئة غاضبة، فقد أصبح رأيه أمرًا واقعًا ولم تجلب شيئًا كي ترتديه اليوم!


يوم باتت تحلم به كشيء صعب المنال، والآن تبخر كل شيء أرادت فعله.


صدع هاتفها برسالة جعلتها تقفز من فرط السعادة، تحتوي على:


_"على فكرة، فستانك في الأوضة عندك، مفيش داعي إنك تقلبي وشك في يوم بتحلم بيه كل بنت."


ركضت تبحث عنه بلهفة، شعرت بالسعادة تحل محل الضيق حينما وجدت شيئًا مغلفًا أسفل السرير.


جثت بركبتها تلتقطه ثم وضعت يدها فوق ثغرها بدهشة، فقد جعلت رؤيتها للفستان الدموع تتجمع في مقلتيها.


كان الفستان باللون الأبيض ضيقًا من الصدر، مطرزًا بفصوص فضية، ويتسع من الخصر، جميلًا للغاية.


_" عندنا عروسة قمر هنا "


ابتسمت بحبور نحو "عنان" التي جاءت للتو كي تراها، لاحت نظرات الإعجاب نحو الفستان التي تحمله لتقول بحماس جلي في نبرتها: تحفة فنية بجد، هيكون عليكِ جميل، يلا بسرعة علشان أحط لك الميكب وبعدين ألبسيه. 


أومأت لها بلهفة ثم جلست أمامها على المقعد كي تبدأ في وضع مستحضرات التجميل. 


بعد ثلاث ساعات، وقفت تنظر نحو هيئتها بصدمة من شدة إعجابها بذاتها، فكيف سيكون رد فعله إذن؟


تنفست بعمق شديد ثم تحركت نحو الخارج مع "فرح" التي أصرّت على اصطحابها لأسفل كي ترى ما سيقوله نحو هيئتها الفاتنة تلك. 


هبطت الدرج بخطواتٍ متأنية، مرتجفة من النظرات المصوبة نحوها بتمعن شديد. لم تهتم بأحد سواه، فكيف تنظر في جهة أخرى وهو أمامها ومعها؟


طأطات رأسها أرضًا بخجل من هذا الوضع فقد اقترب منها حتى تلفحت أنفسهم، أغمضت جفونها كي تستمتع بتلك اللحظة فها هو يقبلها فوق جبهتها بنعومة.


أمسك كفيها يجذبها لتتراقص معه على الموسيقى الهادئة، حاوطت عنقه تتحرك معه، واضعة رأسها علىٰ نبضات قلبه مُغمضة جفونها تتمنى ألا تستفيق علىٰ كابوس.


شعر بإرتعاشة يدها فوق كتفه، لم تكن تلامسه بتاتًا، كانت لمسة خفيفة، ربما خوف وتردد من هذا القرب الحميم !!


على الجهة الأخرى، وقف بوجه عبوس لم ترتسم البسمة على شفتيه منذ مجيئه. فهو أراد الزواج من شقيقته، وكلما تحدث معه يغير مجرى الحديث تمامًا، مما جعله يصمت ويكف عن التحدث بهذا الموضوع.


اقتربت منه "عنان" كابحةً قهقهتها على هيئته الطفولية كطفل صغير: مالك بس يا عثمان، زعلان ليه؟


زفر بضيق معقبًا بغيظ مكتوم: اسكتي يا عنان، ما تضيقينيش أكتر، يعني أخوكي فتح موضوع جوازه بقاله أسبوع بس ودلوقتي هيكتب الكتاب؟ دا أنا لو مطلع كيس بانية من الفريزر اقسم بالله ما كان لحق يفك. 


_" سوري يا عثمان مش قادرة، ممكن اضحك؟ " 


رمقها بغضب، لاعنًا إياها بداخله، ثم قال باستخفاف: 

اضحكي ياختي، اضحكي، منكم لله والله على اللي عملينه فيا دا

الفصل الرابع عشر من هنا


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1