رواية نيران نجع الهوى الفصل الرابع عشر 14 بقلم هدير دودو


رواية نيران نجع الهوى الفصل الرابع عشر بقلم هدير دودو


 “المُحب بصدق لا يُؤذي”
ازداد تمسكها بيد عمران الغاضب ترمق حسن باحتقار وضيق، وهبت واقفة تتحامل على ذاتها مستندة على زوجها المتشنج بجانبها شاعرًا بجمرات من النيران المتوهجة تنبعث منه كافية لإحراق الأخضر واليابس لكنها لم تصمت بل وقفت تدافع عن ذاتها باستماتة تخبره الحقيقة وتؤكد على برائتها:
– انت كداب حِبلة منيك كيف! بلاش حديت ماسخ عمر لا أنت ولا غيرك جربلي أني معيجربليش غير چوزي.
تطلعت داخل أعين عمران مغمغمة تؤكد حديثها بصدق:
– والله يا عمران عيكدب مرتك زينة، ومحدش يجدر يجرب منيها.
تنتظر أن يصدقها وتتمنى أن يدافع منها مثلما يفعل دومًا كانت يفعلها دون أن تطلب لكن اليوم هي مَن تطلب ذلك، تحاول الوصول إلى قلبه العاشق لها عالمة أنه الآن ينزف بغزارة بسببها لكنها تحاول أن تهديه إلى الحقيقة، وجدته يهرب من عينيها كما أنه لا يريد التطلع بداخلهما مثلما كان يفعل، ينفر منها تلك المرة يخبرها بنظراته أنه لا يريدها.
وجدت حسن يقترب منها يجذبها نحوه عنوة، لتلتفت إليه مغمغمًا بمكر:
– وه يا عهد عتنكري اللي حصُل بيناتنا متخافيش يا حبييتي محدش يجدر ياخدك منيّ هتُبجي ليا.
للمرة الأولى التي لا تطيق اقترابه منها شاعرة بالضيق من قبضته، حاولت دفعه عنها بغضب وهي ترمقه بازدراء، لكنها لم تستطع الابتعاد عن قبضته، فصاحت به بغضب حاد:
– بعّد عنيّ وهملني أنت عتكدب، والله يا عمران عمره ما جربلي، ولا يجدر يهوب منيّ أنت خابر أني زينة صُح؟
تطلعت نحوه برجاء تحاول استمالة قلبه نحوها وهي تجاهد أن تحرر قبضتها من يد ذلك الحقير الوغد الذي يحاول أن يشوه صورتها أمام الجميع متخذًا من أذيتها سبيلًا لمخططاته الماكرة دون أن يفكر بها وفيما سيحدث لها بعد ذلك، تعلم أن المُحب لا يؤذي وهو الآن يؤذيها فكيف يحبها؟ هي الآن لا تطيق وجوده واقترابه منها لكنها لم تنجح في ابتعاده..
وجدته يشدد من قبضته حول معصم يدها بقوة مؤلمة ويكرر حديثه متبجحًا بضراوة، ولازال يصر على تأكيد حديثه دون أن يفكر بالعواقب التي ستُلحق بها:
– يا عهد متنكريش اللي بيناتنا أنتي عتحبيني وأني عحبك وعاشجك وجربتلك ودلوك حِبلة منيّ يُبجى ايه لازمة الكدب عاد.
ضربته بقبضة يدها في صدره بقوة عدة مرات صارخة بانهيار، والخوف يهوى بقلبها مسيطرًا عليه:
– أنت اللي عتكدب مش أنيّ، أنت عمرك ما جربتلي ولا هتجربلي، ومين جال أن عحبك أني دلوك جلبي معيكرهش جدك، بعّد عني وملكش صالح بيا أني جلبي مع چوزي ومحدش جربلي غيره.
قبل أن يتحدث ويرد عليها وجد مَن يدفعه بعيد بقوة مشحونة بالغضب، لكمه عدة مرات جعل الدماء تسيل منه مغمغمًا بحدة من بين أسنانه:
– الله في سماه لو يدّك جربت من مرتي لاجطعهالك، وحديتك الماسخ ده عتتحاسب عليه أني واثج في مرتي وخابر أخلاقها زين.
وقفت ترمقه بتشفي شاعرة بالكره يخرج من قلبها الذي كان يكن له بالحب ليتبدل حاله في وهلة واحدة بعدما رأت نواياه الحقيقية وقسوته، شاعرة بالسعادة من حديث عمران الذي يثأر لها ويجعل كبرياءها يعود لترفع رأسها بشموخ على الرغم من علمها أنه لازال لم يصدقها وذلك حقه لكنه يدافع عنها ولم يكسرها أمامهم.
أسرعت فهيمة تتدخل لإنهاء الاشتباك الذي حدث بين ابنائها تحاول أن تسيطر على عمران وتجعله يترك شقيقه مغمغمة بضعف، والدموع اجتمعت داخل عينيها:
– بزياداك يا عمران هتموت أخوك، بزياداك اخوك اللصغير ياولدي أحِب على يدك يا عمران همله..
ابتعد عنه مرغمًا لأجلها، وصدره يعلو ويهبط بعنف يرمقه بغضب لم يشفق على حالته بعد حديثه على زوجته، اقتربت عهد منه واضعة يدها فوق كتفيه بقلق عليه دون أن تعير ذاك الساقط أرضًا اهتمام كما لو أنه لم يعنِها بعدما استطاع هو أن يخرج حبه من قلبها بأفعاله، وسألت بخفوت وقلق:
– عمران أنت مليح؟
لم يجيبها بل أسرع ينفض يدها بعيدًا عنه كما لو أنها حية تلدغه، لم تعقب على فعلته فذلك أقل ما لديه لكنه على الرغم من ذلك لن يترك حقها وهيبته تتردى أرضًا بسبب افعالها الشنيعة، هو الآن يريد قتلها وقادر على فعلها متناسيًا قلبه وقادرًا دعسه بكل سهولة ويعيش بأوجاعه طيلة حياته، لا يعلم لماذا يحب من يعذبه، لا يعلم ماذا يريد قلبه وماذا يرى في ذلك العشق المنهك الذي يميت صاحبه بدلًا من أن يحيه، يسحق الروح ويضني الفؤاد ولازال لم يكرهها ماذا ينتظر منها بعد.
اقتربت فهيمة من ابنها المُلقَى أرضًا في حالة هزيلة يرثى لها، تحتضنه بقوة تطالع عمران بسخط وعدم رضا:
– عتعمل كل ده لچل بِت الحوامدية الخاطية هتجبض روح أخوك عشان عيجول الحجيجة.
صاح بها غاضبًا ينهي حديثها:
– أمّا…بت الحوامدية اللي عتتحدتي عنيها كنها غريبة عنينا تُبجى مرتي ومهياش خاطية، واللي عيچيب سيرتها مهسكتلوش، كرامة مرتي لازمن تتصان لأنها من كرامتي يمّا ولا مخابراش عاد.
وقفت هي قبالته تلك المرة متطلعة داخل عينيه بضيق،وعادت حديثها بقوة:
– لاه مرتك خاطية يا عمران وحِبلة من غيرك، أخوك معيكدبش جوليله يا نعمة اللي شوفتيه جوليلي وفتحي عينيه المعمية بسحرها.
تطلع نحو عمته التي كانت تشاهد كل ذلك بصمت لكن الآن آتى دورها لتتحدث، وتستكمل المخطط السام بمكر:
– ايوه يا ولدي أمك واخوك معيكدبوش أني شوفت مرتك جبل سابج مع أخوك عيتحدتوا برة وهو مجرب منيها بطريجة عفشة، وكمان كذا مرة بشوفها خارچة من أوضته او هو خارچ من عنديها والتنين في وضع عِفش.
صاحت عهد من جديد، وارتفع صوتها بنبرة يملأها القهر والرعب من نظراته النارية التي صوبت نحوها:
– والله ما حصُل عمر حسن ما دخلي ولا أني دخلتله حرام عليكم، أني معِملتش إكده والله ما حصُل أني معكدبش يا عمران.
مصمصت نعمة شفتيها ساخرة وأجابتها بتهكم:
– يعني كلياتنا عنكدبوا وإنتي الصادجة ياخيتي لساتك فيكي نفس ومعتختشيش، عينك جوية فالغلط وبكسة.
قبل أن يتحدث عمران أعتلى صوتها بحدة تحضر العاملات في المنزل:
– بِدور بت يا بِدور صفية أنتي يابت تعالي أنتي كُمان.
جاء كل منهما بسرعة مهرولين نحوها مهمهمين باحترام:
– ايوه يا ست نعمة.
تطلعت نحو بدور وغمغمت بدغل وخداع:
– جولي لسيدك عمران اللي شوفتيه عن عهد.
ارتبكت ملامح وجهها بخوف من نظراته المرعبة التي تطلعت نحوهاؤ فتمتمت بخفوت:
– أ… أني شوفت الست عهد وهي في اوضة سي حسن وهو كمان كان عياچي اوضتها وكمان شوفتهم مرة عند الشچرة الكَبيرة اللي برة وكان مجرب منيها بطريجة عِفشة.
رمقته بانتصار عندما لاحظت الغضب الذي ظهر في عين عمران وشحوب وجه تلك المسكينة التي علمت أنها سقطت فريسة لمخطط حقير ماكر يُنفذ ببراعة لكن تلك المخادعة الدسيسة لم تكتفِ بذلك أكملت بكره كبير :
– بلاها بِدور عشان عتحبني، وأني اللي مشغلاها إهنيه جولي يا صفية اللي شوفتيه أنتي كُمان.
تطلعت عهد بصدمة نحو صفية ولم تصدق أنها مشتركة معهم هي الأخرى، كانت ترمقها بضيق تحتقرها والأخرى تتطلع أرضًا مغمغمة بتلعثم خوفًا عليها مما سيحدث لها:
– أني جبل سابج شوفت الست عهد وهي عتجف مع سي حسن عند الشچرة لكن مشوفتش حاچة تاني والله يا سي عمران.
اومأت برأسها تؤكد حديث صفية الصادق من بين الكذب والمكر الذي يحدث لها:
– ايوه صفية عتجول الحجيجة والله يا عمران أني موجفتش معاه غير المرة ديه بس وهو اللي چه يتحدت معايّ، لكن غير إكده والله ما حصُل ولا عمره جربلي.
وقف مشتتًا تائة لا يعلم ماذا يفعل عقله يكذبها ويرشده لقتلها لعودة هيبته، وقلبه يصدقها ويخبره أن لا ذنب لها فيما يحدث، لا يعلم أين الحقيقة لكنه يعلم أنه سيستكمل ما بدأه وينفي ذلك الحديث من أجل الحفاظ على هيئته أمام العائلة وحتى لا ينتشر الخبر خارج المنزل وتهتز صورتهما بين أهل النجع، حتى إن كان سيقتلها سيفعلها وهما بمفردهما ربما تُقتل أو تُدفن حية لا يعلم ماذا سيفعل إلى الآن، اعتدل في وقفته بهيبة كبيرة صائحًا بحدة وحزم:
– بزياداكم حديت ماسخ اني جولت جبل سابج وهجول تانيّ أني واثج في مرتي وخابر أخلاقها زين، و الله في سماه اللي هيجول الحديت دِه حتى لو بينه وبين نفسيه هجتله وهتاويه بيدّي وما حد هيعرفله طريج بعد إكده، عهد مرتيّ زينة ستات النچع كلياته واللي هيچيب سيرتها هجطع لسانه حديتي خُلص على إكده وحديتكم الكدب تمحوه من عجلكم، وكل واحد إهنيه ليه حساب واعر.
لم يلتف إلى أحد منهم سواها التي ابتسمت من بين دموعها لا تعلم كيف إلى الآن يدافع عنها ترمق ذلك الوغد باحتقار نادمة على حبها لشخص حقير مثله يخادعها، أسرع عمران قابضًا فوق ذراعها يسحبها منه دون أن تتحدث بغضب ضاري مندلع داخل عقله الذي كاد يتوقف لم تستطع ملاحقة خطواته كادت أن تسقط فوق الدرج لولا قبضته القوية التي منعتها، تسير معه بجهل لا تعلم ماذا سيفعل بها لكن عليها أن تفعل شيء قبل أن تقع أسيرة لموجة غضبه المرتفعة التي ستدفعها إلى الهلاك وهي بريئة..
دفعها بقوة داخل الغرفة صافعًا الباب خلفه بعنف التفت نحوها بنظرات مشتعلة كالجمرات المتوهجة، ولكن قبل أن يفعل بها شيء وجدها تزيل ثيابها عنها في صمت ودموعها تنهمر فوق وجنتيها بقوة بدأت بعبائتها السوداء الواسعة وخلفها تلك العباءة المنزلية الضيقة التي تبرز مفاتنها بوضوح ثم بقيت أمامه بقميص قصير ذو حمالات رفيعة يكشف جسدها ويصل إلى منتصف ساقيها، قبل أن يتحدث ليفهم ماذا تفعل، تحدثت هي بقهر وقلب مجروح تسيل دمائه:
– بعد اللي حسن عِمله وطعنه في شرفيّ وكدبه، أَني بجولك انه راح من جلبي ومرايداهوش واصل ولا عمري عفكر فيه بعد إكده.
التقطت أنفاسها بصعداء من بين شهقاتها المرتفعة، وتمتمت بخفوت وضعف وهي منكسرة:
– مرتك زينة يا عمران كيف ما جولت، والله ما حد جربلي لا هو ولا غيره، أني موافجة تجربلي وهبجى معاك بجلبي الخالي جبل چسميّ.
وقف يطالعها مترددًا لم يستطع أن يحدد مشاعره وموقفه تقف أمامه بثقة تتطلع داخل عينيه بقي واقفًا مكانه في حيرة، فأومأت برأسها إلى الأمام وتمتمت بخفوت وقهر تحثه على الاقتراب:
– جرب يا عمران متترددش أني موافجة نتممُ چوازنا جرب عشان تُبجى واثج من حديتك واثج أن مرتك زينة ومحدش جربلها عتصون شرفك واسمك عشان تبجى متوكد من براءة مرتك، أني خابرة أنك لازمن تشك بعد كدبهم كلياتهم، وجربك عيخليك تتوكد.
كان يرى الإنكسار والقهر داخل عينيها المتطلعة أرضًا تقف تنتظر أن يقترب منها ليتأكد من برائتها، نعم هي أخرجت حسن من قلبها لكن بداخلها حزن كبير عن اختيارها الخاطئ، ماذا لو كانت أصبحت زوجته رعشة قوية أصابت جسدها المرتجف وهي تحمد ربها أنه أنقذها منه، بعدما اكتشفت أنه لم يحبها فلو كان يحبها لم يفكر أن يفعل ذلك بها ويؤذيها، فأي محب يؤذي محبيه؟!
وجدته يقترب بخطواته نحوها فتشبتت أقدامها أرضًا حتى لا تفر هاربة مثلما تفعل دومًا تخبر ذاتها أن هذا حقه ولابد من التأكد ليستطيع الوقوف أمام الجميع بقوة واثقًا من برائتها، لكنها تفاجأت به يحتضنها بضراوة مشددًا عليها يحاول أن يداوي جراحها متناسيًا جروحه الغائرة التي تنزف بغزارة، هامسًا داخل أذنيها بحنان:
– وأني واثج من مرتي يا عهد من غير ما اجرب جلبي عيجولي أنك متعمليهاش ارفعي راسك لفوج متختشيش بعد إكده چوزك واثج منيكي ومعاوزش حاچة غير سعادتك يا عهد الـ..
كان سيردف بلقبها المُحبب لقلبه لكنه أسرع يحاول السيطرة على ذاته بصعوبة طابعًا قبلة حانية أعلى رأسها، لم تستطع الصمود أكثر من ذلك فانفجرت باكية متشبثة بثيابه بقوة وانهارت داخل أحضانه، لأول مرة تجد من تبكي بين يديه، التقطت أنفاسها بصعوبة مغمغمة بتلعثم:
– و… وللله يا عمران ما عِملت حاچة والله ما اتحدت وياه غير مرة واحدة كيف ما جالت صفية بس البجية عيكدبوا والله، أني زيـ…
وضع يده بحنان فوق شفتيها يمنعها من تكملة حديثها، وأردف بهدوء بنبرة مغرمة لا مثيل لها:
من- أنيّ مصدجك بلاش نتحدت في الحديت دِه تعالي ارتاحي دلوك.
سار بها نحو الفراش وضعها عليه برفق وظل بجانبها إلى أن غَفت بسهولة لتهرب مما عاشته اليوم مستندة رأسها فوق صدره تاركة إياه جالسًا يفكر طوال الليل لا يعلم ابتعاده عنها كان صحيح أم لا؟ لكنه شعر أن اقترابه وهي بتلك الحالة سيرهق روحها، يقسو على قلبها ليتأكد لكنه أيضًا سيخبرها بوضوح أنه غير واثق بها، هو ليس أبله وقوفها أمامه وثقتها وهي تدعوه للاقتراب دون أن تهتز بخوف يؤكد له أنها لم تفعلها، أخلاقها الواثق منها تجبره على تصديقها والوقوف معها، قلبه استطاع السيطرة عليه وترويض عقله المتمرد عليه يغزوه الغضب الجامح.
استيقظ في الصباح وجدها لازالت قابعة داخل أحضانه لكنها مستيقظة تتطلع نحو ملامح وجهه بتمعن كما أنها لم ترَه من قبل، رجولته الطاغية وملامحه القوية التي تجعله يزداد شموخًا لأول مرة تراه بتلك النظرة المختلفة،
لا تعلم كيف كانت غبية وتبتعد عنه تود الفرار تاركة نظراته الحانية الشغوفة المفعمة بالعشق الصادق، أردف بهدوء يمازحها:
– مكنتش خابر أني حلو إكده لدرچة أنك تهملي كل حاچة وتجعدي مبحلجة فيا وفي چمالي.
لم تنتبه أنه استيقظ بالرغم أنها تتطلع داخل عينيه السوداء الحالكة وترى نظراتهما، تطلعت نحو الأسفل مسرعة بخجل وأردفت بتلعثم:
– لـ… لاه مش إكده أني بس محبتش اجلج منامك.
يده تتحسس خصرها بتلك الثياب التي تكشف جسدها تغزو قلبه وتدفعه للاقتراب لكنه حاول منع ذاته بصعوبة، فأردف يداعبها بمرح:
– لاه يعني جصدك أن مش حلو يا زينة ستات النچع كلياته.
يحاول أن يعاود ثقتها في ذاتها من جديد بعدما رأى انهيارها بين يديه ليلة أمس، ابتسمت بسعادة لمدحه لها، وتمتمت نافية مسرعة بخجل:
– لـ.. لاه مجصديش إكده أنت حلو جوي.
أسرع يحاوطها بجسده مقتربًا منها أكثرؤ وأردف بشغف صادق مستحوذ على قلبه:
– الله في سماه ما في حد حلو في الدُنيا كلياتها غيرك.
ابتسمت وبادرت هي تلف يديها حول عنقه تقربه منها كأنها دعوة صريحة منها للاقتراب، لم يمانع بل استجابها بغبطةٍ وانهال عليها بقبلاته الشغوفة المتناثرة حول عنقها ووجها، لم يستطع الابتعاد عنها أطبق شفتيه فوق خاصتها بعشق ضاري يضخه قلبه ليسير داخل عروقه، لو أخبره أحد من قبل أنه سيعشق بتلك الطريقة الجنونية لكان سخر منه، لكنه الآن يعيشها، وجدها تبادله قبلته تلك المرة وهي تحاول التحرر من خجلها، هُناك استجابة واضحة منها لم تستسلم وتبكي مثلما كانت تفعل من قبل، ابتعد ليدعها تلتقط أنفاسها التي التقطتها بتثاقل وهناك مشاعر جديدة تسيطر عليها عاد يقبلها من جديد ويده تحررها من ثيابها، لتدلف معه في معركة عاشقة وحكاية جديدة يكتب سطورها بعشقه الضاري الذي أدمى قلبه المغرم بهواها، لم تمانع تاركة ذاتها له ليفعل ما يريده بعشق جارف وعناية وحب كبير لمعشوقته التي أصبحت الآن زوجته قولًا وفعلًا همس داخل أذنيها بشغف عاشق:
– مبروك يا عهد جلبيّ.
دفنت وجهها في عنقه بخجل، هامسة بصوت متلعثم خافت خرج من فاهها بصعوبة:
– الله يبارك فيك.
تطلعت داخل عينيه بوجه يكسوه اللون الأحمر القاني، وأردفت تكرر كلمته لها بخجل:
– عهد جلبك!
اومأ برأسه أمامًا ليؤكد حديثها بهمس شغوف داخل اذنيها:
– عهد جلبي وروحيّ، والله ما في غيرك في جلب عمران الچبالي، كنتي عهد واتكتب عليّ أن لازمن احججه، وعمران معيخلفش عهوده واصل.
سارت رجفة قوية أصابت جسدها بالكامل بين يديه أثر همسه وحديثه الذي يسيطر على القلب ليخضع له، وجدته يقترب منها يقبلها من جديد بقلب ظمآن متلهف للإقتراب من جديد لازال لم يرتوِ بعد، استسلمت بين يديه تبادله لهفة عشقه الجارف بقلب يخفق من جديد متقبل ما يفعله بسعادة، لِمَ لا وهي الآن ملكة متوجة على عرش قلبه عازفة بنيرانه باستمتاع مبتهجة…لتدلف معه معركة أخرى تزداد عشقًا.
جعلها ترى كيف يكون الحب الحقيقي، كم كانت ستندم أن ابتعدت عنه بعدما رأت أن لا أحد من الممكن أن يصبح مثله، جعلها تعمى عن رؤية جميع الرجال لم ترَ سواه، عمران الجبالي زوجها ملكها.
هو مَن يزرع الحب داخل قلبها بقلبه الذي يفيض بعشقها منهمكًا بعدما رأى صعوبة اقترابهما كان قدرهما قاسٍ لكنه أيضًا رحيم، رحمه من العذاب الذي كان سيراه في ابتعادها، جمعه بها بطريقة قاسية عليهما حيثُ كان يضغط على قلبه ويقسو عليه ليخفي حبها وهي الأخرى تتجنبه مبتعدة عنه حتى لا تسقط أسيرة لعشقه لكنهما اجتمعا في النهاية، واكتشف عمران مدى نعيم عشقها واقترابها القادر على إحيائه كما اكتشفت هي الأخرى جانبه المضئ الذي يملأه الحنان.
كانت تستند رأسها فوق صدره العاري تغطي جسدها العاري بشرشف الفراش لتخفيه من أمام عينيه الجائعة برغبة ونيران قوية لم تنطفئ بعد وتمتمت بهدوء:
– اتوكدت اني زينة وأن حديتهم مهواش صُح.
طبع قبلة حانية فوق جبهتها، وأسند ظهره مجيبًا بحنان:
– كنت متوكد من جبل ما أجرب منيكي ياعهد، يمكن في اللول مكنتش متوكد بس بعد ما طلعنا إهنيه اتوكدت، اوعاكي تفكريّ أني جربتلك لچل إكده، أني جربت لأني رايدك وانتي شوفتي دِه ولا رايدة تشوفيه مرة كُمان.
ابتسمت شاعرة بتراقص قلبها لثقته الكبير بها وتمتمت بهدوء، وعينيها تلتمع بالغضب والقسوة عندما تذكرت ما حدث معها ليلة أمس:
– بس أني رايدة حجي يا عمران أني خابرة أنهم اهلك وناسك ومهتجدرش تأذيهم بس أني كُمان رايدة حجي معطلبوش منيك لأنك كبير النچع لاه أني رايدة چوزي وراچلي يعاودلي حجي بعد ما اتجال عنيّ خاطية كلهم عيكدبوا محدش جال الحجيجة غير صفية لأني فعلا موجفتش معاه غير مرة واحدة كيف ما جالت.
اختنق صوتها وعادت دموعها تسيل من جديد، فشدد من احتضانه عليها طابعًا قبلة حانية فوق كفها مردفًا بجدية:
– حجك هيرچع وجطع لسان اللي هيجول عنيكي كلمة واحدة، إنتي زينة ستات نچع العمدة كلياته.
أسندت رأسها فوق صدره، بسعادة متمتمة بخفوت:
– ربنا يخليك ليا يا عمران وتفضل دايما سنديّ وراچلي.
ماذا تريد هي أكثر من ذلك رجل يحبها بل يعشقها لا يهوى سواها، يثق بها، ويبقى بجانبها يدافع عنها أمام الجميع بقوة دون خجل يظهر حبه لها مفتخرًا به هو رجل حقًا بما تحمله الكلمة، ابتسم بسعادة تعكس مدى فرحة قلبه وباغتها بسؤاله الهادئ ليطفئ نيران غيرته:
– إنتي وجفتي ويا حسن ليه صُح؟
تطلعت داخل عينيه بهدوء لترى ثقته التي تفتخر بها وأجابته بهدوء تشرح له الأمر:
– هو اللي چه جعد يتحدت ويايّ وكان رايدني أهملك ونتچوز ووجعت بلساني من غير قصد والله وجولتله أنك لساتك مجربتليش.
شدد من قبضته حول خصرها بغيرة وقد اتضح له الأمر وعلم من أين آتى بذلك الحديث الذي استند عليه وتسبب في تسرب الشك بداخله واشتعال نيرانه المضطرمة.
شعرت باشتداد قبضته حولها، فأسرعت توضح له الأمر بخفوت وتؤكد حديثها بصدق:
– عمران أني والله شيلته من جلبي مرايداهوش، جلبي كرهه ونفر منيه وأني جلبي معيعرفش يحب اللي عيكرهه من تاني، هو وراني جد إيه معرفش يُبجى راچل ولا يجدر يحميني وجد إيه كنت هتظلم وهشوف المرار لو اتچوزته، أني مسلماك جلبيّ خالي أزرع فيه حبك كيف ما بدك.
ابتسم وشدد من احتضانه لها لينعم بدفء اقترابها الذي تمناه لليالي طويلة، ليالي طويلة مضت عليه كالدهر كانت هي بطلة أحلامه والآن تحقق جميع ما كان يريده وليس سوى وجودها، ليدعم عناقه بحديثه الشغوف الذي صدر من فؤاده المتيم بنيران هواها المضطرمة:
– وأني جلبي خالي من أي حاچة ماعدا عشجك يا عهد جلبي.
لم تستطع مجاراة حديثه العاشق لخجلها الشديد الذي يسيطر عليها دفنت وجهها في عنقه من جديد لم يصدر منها سوى همهمات خافتة، وهناك مشاعر جديدة تغزو قلبها وتعيد روحها التي سُحقت منها بعد إهانتها ليلة الأمس، لكنها تنتظر عودة حقها على يده واثقة به بضراوة.. تاركة له قلبها فارغ حقًا ليكتب بداخله عشقه بشغف صادق، ويداعبه بنسيم العشق الحقيقي مع رجل يستحق فؤادها متحررة من جميع مشاعرها لأشباه الرجال بعدما علمت كيف يكون الحب الحقيقي؟
❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈
❈-❈-❈❈-❈-❈
في منتصف اليوم…
اجتمع حسن بصحبة نعمة وحمدي داخل المنزل الخاص بهما والذي لم يبتعد عن المنزل الرئيسي كثيرًا، أردف بسخط وضيق:
– كيف يعني بعد اللي حُصل دِه كلياته معَيصدِجناش برضك يا عمة.
امتعضت ملامح نعمة التي تستمع إليه بغضب، وتمتمت بمكر بعدما فكرت في الأمر:
– ما يمكن يا حسن حاسبها فوج وعيضحك علينا عشان هيبته جدامنا، أنتَ خابر أخوك عمران.
فكر قليلًا بتعقل وأجابها معترضًا بعدم اقتناع:
– لاه يا عمة كنا سمعنا صوت بُكا ولا نواح وبعدين هي حاچة كيف ديه فيها حساب ده أقل حاچة يجتلها ويجطع خبرها، إكده في حاچة وجعت منينا.
صاحت فيه معترضة بغضب، وهي تتذكر ما حدث ليلة أمس مستنكرة من وقوفه بشموخ ودفاعه عنها:
– منينا إيه ده احنا عِملنا كل حاچة هو لو دمه حامي كان جتلها جدامنا مش عيدافع عنيها كيف الخيبان، اجطع دراعي لو ما كانت سحراله بِت هنية وجول عمتك جالت.
بالطبع هناك شيء يُخفى عنهم هو مَن جعل الأمر يفشل، لكنهم ينتظرون رؤية هيئتهما اليوم ليعلما ماذا حدث بينهما، أردف حسن متسائلًا بضيق:
– تفتكري يا عمة عهد عتكرهني دلوك.
لوت شفتيها معترضة ساخرة وزجرته بعنف:
– لاه بجولك إيه اسمع حديتي زين دلوك لا فيه عهد ولا غيرها منتاش عاشجها، واحده وعچبتك كنت هتتچوزها وخلاص لا عتحبها ولا حاچة يُبجى متوجفش حالنا عاد.
أكملت حديثها بكره، بعدما رأت استجابته لحديثها باستحسان:
– دي كُمان وشها شوم عليك يا ولدي دخلت عليك يا حبيبي بالخراب وسچنتك بت المركوب الفجرية، لولا حمدي چوزي ما عِمل ملعوبه وخرچك كان زمان لساتك هناك عتجضي عمرك محبوس هي كت عِملتلك إيه اتچوزت، بلاش خيبة أومال.
تذكر زوجها مفتخرة بابتسامة واسعة بعدما نفذ خطتها الماكرة باحتراف وحذر شديد ليخرج حسن بحيلة ماكرة استطاع فعلها.
وجدت عينيه تلتمع بالمكر والشر بات يوجه تفكيره في جهة أخرى ليفكر في تحقيق رغباته بأنانية متناسيًا جميع ما حوله، سيسعى فقط لتنفيذ ما يريده دون الالتفات لأحدٍ، غمغم بجدية يبرز إعجابه بحديثها:
– إيوه يا عمة معاكي حج لا عهد ولا غيرها ولا أي مَرا عتدخل جلب حسن الچبالي، الحب ديه خيبة لازمن ابعّد عنيها.
توجها معًا داخل المنزل ليروا الأحوال فيه كيف تمر تود هي أن تفرح بعهد لتثأر لذاتها هو يريد أن يرى وجع وكسرة عمران ليشعر بالانتصار عليه.
تفاجأ كل منهما أنهما في الخارج يولجون المنزل بعدهما بلحظات معدودة، دلفت عهد تستند على زوجها مبتسمة بصمت ووقف عمران بشموخ يتطلع نحوها مفتخرًا وفوق وجهه ابتسامة عاشقة مغمغمًا بجدية تهدم آمالهم منتزعًا الانتصار من قلوبهم:
– كنت في المستوصف أني وعهد والدَكتورة جالت أن مرتي مهياش حِبلة، ووالله وعد منيّ لكل اللي جال عن مرتي كلمة واحدة محصُلتش لاجطع خبره وأني هعرف مين اللي جال للدَكتورة اللي چات امبارح أنها تجول إكده.
شحب وجه حسن بخوف من أن يصل إلى الطبيبة فهو مَن هددها وأرغمها على الكذب لنجاح مخططه الماكر، لكنه حاول أن يخفي حقيقة مشاعره مقررًا الذهاب إليها مرة أخرى.
بينما نعمة فقد اهتز جسدها بعنف وظهر الخوف عليها عندما وجدت عهد تقترب منها مبتسمة هي بانتصار تلك المرة، وغمغمت شامتة بها بسعادة:
– الظُلم معيدومش يا نعمة وأني دلوك چوزي مصدجني وخابر أخلاق مرته كيف وواثج منيها وكيف ما خرچتي من السرايا بكرة تخرچي من العيلة كلياتها.
جلست بجانبه حول مائدة الطعام تتناول طعامها بشهية مفتوحة مبتسمة واتسعت ابتسامتها أكثر شاعرة بضربات قلبها تتسارع بداخلها عندما وجدته يضع يدها بين يديه طابعًا فوقها قبلة حانية، ثم نهض مغمغمًا بجدية هادئة:
– كلي زين وبعدها اجعدي فوج في أوضتك، وأني هروح اخلص بجية الشغل.
نهضت تسير معه إلى أن وصل نحو الباب وأردفت بحنان:
– ترچع بالسلامة يا عمران.
احتضنها بحب وهناك مشاعر جياشة تسيطر عليه تجعله ينسى العالم بأكمله مقابل نظرة شغوفة من بنيتيها الساحرتين، هامسًا داخل أذنيها بلهفة واشتياق جارف بعدما تلاعب عشقها بأوتار فؤاده ليعزف ألحانه بمهارة:
– هرچع بسرعة اوعاكي تنامي لأحسن عمران اتوحشك جوي يا عهد الجلب.
ابتسمت بخجل مبتعدة عنه قليلًا بعدما كسا اللون الأحمر القاني وجهها وابتعدت عنه سارت مسرعة نحو غرفتها هاربة من أمام نظراته التي تفترسها بعشق ولوعة شديدة، لكنها توقفت عندما وجدت صفية أمامها وقبل أن تتحدث لم تمهلها فرصة بل أردفت بحدة تحذرها أن تقترب منها مرة أخرى:
– اوعاكي تجربي منيّ تاني، ولا رايداكي تعمليلي حاچة مرايداش اشوفك جدامي يا خاينة العيش والملح ياواكلة ناسك، الغلط عليا عشان عاملتك بالحسنى.
استوقفتها قبل أن تذهب وحاولت الدفاع عن ذاتها بتوتر وحزن:
– والله يا ست عهد ما عِملت حاچة ولا كنت رايدة اتحدت بس الست نعمة هددتني بجطع عيشي لو مجولتش اللي شوفته لسي عمران.
رمقتها بازدراء، وابتعدت عنها مغمغمة بضيق:
– أني معحاسبكيش على حديتك لانك مكدبتيش وجتها، بس كنتي خابرة اللي عيخططوه وساكتة ليه عِملت وياكي إيه لچل ما تعملي فيا إكده، أنتي خابرة كنت عحبك وعتحدتُ وياكي كنك خيتيّ بس غدرتي ملكيش أمان، وملكيش صالح بيا من دلوك.
شرحت لها الأمر مسرعة قبل أن تذهب تحدثت بصدق:
– والله يا ست عهد ماكنت خابرة حاچة هي چت من صباحية ربنا وجالتلي اجول لسي عمران اللي شوفته جبل سابج ولما جولتلها لاه وعارضتها جالتلي اهمل المكان إهنيه وأنها هتسرجني كمان، وملحجتش اجولك حاچة والله يا ست عهد.
التفتت نحوها تطالعها بحزن عندما وجدتها تبكي، وأكملت حديثها بحب:
– والله ياست عهد أنتي عندي أكتر من خيتيّ وربنا خابر أني عحبك جد إيه وعمري ما اتمنالك الأذَى واصل، بس مش بيدّي الست نعمة جاسية وجلبها كيف الحچر جادرة تمشيني وتجطع عيشي وفوج ده كلياته كت هتسرچني وتتبلى عليا كُمان وأني مش جدها والله.
شعرت بالشفقة نحوها بعدما رأت بكاءها واستشفت صدق حديثها عالمة بمدى قسوة نعمة، فأسرعت تحتضنها مربتة فوق ظهرها مردفة بهدوء:
– خلاص بزياداكي بُكا عاد والله هبكي وياكي أني كُمان، ووجتها سيدك عمران هو اللي هيجتلك.
توقفت عن البكاء سريعًا، متراجعة وبدأت تزيل دموعها معاقبة بلهفة:
– لاه لاه خلاص أهو بطلت بُكا.
ابتسمت عهد مربتة فوق كتفها وسارت تستكمل طريقها نحو غرفتها، لكنها استوقفتها مرة أخرى عندما هتفت باسمها في هدوء:
– ست عـهـد..
التفتت نحوها تطالعها متعجبة، فأكملت حديثها بوضوح ومحبة كبيرة:
– كنت رايدة اتوكد منيكي مواخداش على خاطرك منيّ.
ابتسمت بهدوء نافية وهي تحرك رأسها:
– لاه يا صفية جولتلك أنتي كيف خيتيّ.
استكملت طريقها مرة أخرى نحو غرفتها غالقة الباب خلفها بهدوء وبدأت تفكر فيما حدث بينها وبين عمران تستعيد ذكرياتها السعيدة بينهما متناسية أي شيء آخر، تفكر في ذاك العاشق الذي رأته بهيئة مختلفة عما كانت تعتاد، وكأن جميع قسوته وجموده تحولا إلى حنان وعشق، لم تتخيل أن هُناك مَن يحبها بالتلك الطريقة الكبيرة، كان أمامها ليلة أمس عاشق ولهان أنهك قلبه في عشقها، وكاد أن ينهي بروحه وهو لازال عاشق لها..
استطاع أن يداوي جروحه بعشقه الصادق وهواه، جعلها ترى العشق على حق، كيف تعشق الرجال بصدق، عاشت معه ليلة داخل أحضانه بهمساته الصادقة ترى مشاعره، وهي لم تتخيل أن هناك مَن يعشقها بتلك الطريقة.
وقفت أمام المرآة تعد ذاتها في انتظار عودته لتنعم بدفء أحضانه المُحبة، وقع اختيارها فوق قميص أبيض مزخرف باللون الأحمر ذو فتحة طويلة تبرز ساقها بوضوح وحمالات رفيعة، تاركة خصلات شعرها السوداء تنسدل فوق ظهرها، وأنهت هيئتها بوضع اللون الأحمر القاني فوق شفتيها لتزداد جمالًا، وقفت تنظر لانعكاس صورتها في المرآه بإعجاب صارخ وابتسامته السعيدة تعلو ملامح وجهها لتزداد جمالًا ببريقها الخلاب، وتجلس تلك الفاتنة في انتظار عودته لاستقباله بتلك الهيئة التي ستسلب أنفاسه قبل عقله بعدما تأكدت أمس أنها ملكت فؤاده بعشقها الضاري.
لم تنتظر طويلًا ورأته يدلف الغرفة بهيئته الرجولية الشامخة، وعينيه تبحث عنها ليقف متصنمًا بسعادة عندما رأى هيئتها التي استطاعت أن تخطفه تمامًا ليدلف إلى جنة عشقها ويرتوى من نعيمه.
نهضت تقترب منه بسعادة عندما وجدت عينيه تلتمع ورأت بداخلهما ما يرضي كبرياءها الأنثوي، لفت يديها حول عنقه بابتسامة جذابة وتحدثت بدلال:
ـ اتأخرت عليا جوي، كل ده جلبي اتوغوش عليك.
وضع يده فوق شفتيها وتحدث بإعجاب وشغف:
– منورة كيف البدر ليلة تمامه يا عهد الجلب، جلي ميجدرش على ده كله منيكي هيجف فيها.
سندت برأسها فوق صدره وتحدثت بملامة:
– سلامة جلبك متجولش إكده يا عمران والله هاخد على خاطري منيك.
انهارت جميع حصونه أمامها ليلتقط شفتيها في قبلة شغوفة عاشقة يبرز من خلالها حقيقة مشاعره الصادقة لها، وجدها تتجاوب معه بسعادة، فهمس بشغف:
– بحبك جوي يا عهد جلبيّ، ربنا جدر يزرع حبك جوايا.
ابتسمت بسعادة لكنها لم تستطع مجاراة حديثه العاشق الذي يصدر منه بصدق، تشعر أن الغرفة لم تسع سعادتها بعد استماعها إلى حديثه العاشق، ترى كيف يزرع فؤادها بمشاعره ليتبدل حالها معها ويستطيع أن يجعلها تنسى العالم بأكمله في حضرته، كما تفعل به، تشعر معه أنها كالطفلة الصغيرة المدللة يعلمها هو كيف يكون العشق على طريقة عمران الجبالي العاشق.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع..
ولجت نعمة المطبخ مغمغمة بجدية آمرة:
– بِدور رايداكي عنديّ لچل ما توضبيلي كم حاچة هملي اللي في يدّك وتعالي دلوك.
تركت جميع ما كانت تفعله وسارت معها مسرعة بقلق لكنها تفاجأت ما أن ولجت المنزل بحسن الذي يجلس بصحبة حمدي في انتظارها لوت شفتيها بضيق وقد علمت أن هناك مخطط ماكر يحدث وهي ستشترك فيه مثلما فعلت من قبل وكذبت مردفة بحديث رأته والباقي من تأليفهم لكنها نالت مكافأة مالية كبيرة ابتسمت بطمع وتمتمت بجدية:
– إيوه يا ست نعمة رايداني أعملك إيه.
أشارت لها أرضًا لتجلس ففعلت ما تريده مسرعة جالسة أسفل أقدامهم وتحدثت نعمة بمكر سام أقوى من سم الأفعى، بعدما خضع قلبها للكره وولج دائرة الانتقام:
– اجعدي واسمعيي حديتي زين لأن المرة ديه الغلطة بفورى هتجع على دماغ الكل أولها أنتيّ، لكن لو سمعتي حديتي ونفذتيه كيف ما جولت هتعيشي في هَنا وتاخدي اللي عتطلبيه وزيادة حبة كُمان.
ابتسمت بطمع وعقلها يفكر في الأموال التي ستحصل عليها لتجيبها مسرعًا بحماس ولهفة:
– جولي يا ست نعمة وهيتنفذ كيف مانتي رايدة وزيادة.
التمعت عيني نعمة بشر وأخبرتها بما تريده وعقلها يفكر بالاستمتاع لما ستفعله، وقدر الأذى الذي سيصيب عهد من مخططها الماكر:
– رايداكي تمشي تذيعي في النچع كلياته أن عهد مرت عمران الچبالي خاطية، ومعتحافظش على شرف كبيرنا، رايدة الكبير والصغير في النچع يبجى خابر إكده.
فتحت فاهها من الصدمة، وانقبض قلبها يهوى بداخلها خوفًا من أن ينكشف أمرها عالمة أنها ستسقط فريسة لبراثن عمران الجبالي الذي لن يرحمها بل سيقتلها دون تردد فتمتمت معترضة بقلق:
– بـ… بس يا ست نعمة يـ… يعني مـ..
قبل أن تعترض وتستكمل حديثها، قطعتها نعمة بخبث:
– نسيت اجولك هديكي جد اللي خدتيه مرتين تلاتة كُمان جولتي ايه يا بِدور؟
نهضت مسرعة برغبة طامعة، وأسرعت تؤيد حديث نعمة:
– هو حديت بعد حديتك يا ست نعمة هجول إيه الست عهد خاطية ومعتحافظش على شرف چوزها سي عمران النچع كلياته مهيبجاش ليه سيرة ولا حديت غير إكده.
أشارت بيدها بعجرفة سامحة لها بالذهاب ووجهت حديثها نحو حسن مغمغمة بخبث:
– هنشوف كيف عمران هيجدر يكمل وياها بعد إكده بت هنية.
ابتسم الآخر باستحسان يشاركها مخططها الماكر:
– زين ما عِملتي يا عمة.
بقيت تفكر فيما سيحدث بعد الآن تلك الأفعى تهددها أنها ستخرجها من العائلة إذًا ستريها هي، مَن ستخرج وكيف سيستكمل معها حياته ويدافع عنها بعدما ستصبح سيرتها كالمضغة على ألسنة جميع مَن في النجع، ستريها المكر والشر على حق لتجعلها تندم وتعلم مَن هي نعمة الجبالي وكيف تصل لما تريده بكل الطرق الممكنة..
❈-❈-❈
في المساء..
أعدت عهد ذاتها في انتظار عودة زوجها بعدما قررت الاستسلام لعشقه الضاري ومحاولة مجاراته بعدما تأكدت من صدق هواه ومشاعره المغرمة بها حتى وأن كانت لم تحبه بتلك الطريقة الشديدة لكنها ستحاول مقررة أن تعطيه فرصة وتترك ذاتها أسيرة لذلك العشق الذي يغزو قلبها دون استئذان.
قررت أن تعد ذاتها كما اعتادت لتستقبله بهيئة حسنة وابتسامة سعيدة، ارتدت قميص من اللون الأسود الذي يتناسب مع بشرتها البيضاء ويستطيع إبراز جمالها الساحر مطرز عند نهديها يصل إلى كاحليها حيث يغطي جسدها بالكامل بينما يكشف ذراعيها رافعة خصلات شعرها في كعكة متناثرة وعلامات ملكيته ليلة أمس تظهر فوق عنقها باللون الأحمر، ابتسمت بسعادة معجبة بذاتها منتظرة أن ترى ذلك الإعجاب داخل عينيه أيضًا كما اعتادت ليرضي كبرياءها الأنثوي وتشعر بالسعادة تغزو قلبها.
تريد أن ترى موجة عشقه وتستمع إلى حديثه الشغوف الذي يظهر غرامه بها، لم تنتظر كثيرًا ووجدته يدلف الغرفة أغلق الباب مسرعًا عندما لاحظ هيئتها الفاتنة التي خطفت بصره و تثاقلت أنفاسه بينما ضربات قلبه تسارعت بضراوة، ابتسمت عندما رأته يقترب منها متناسيًا كل ما حوله لم يتذكر سواها اقتربت منه فأسرع هو يحاوط خصرها يجذبها منه حتى تلاصق جسدها بجسده المشتعل بلهيب مضطرم وازداد لهيبه عندما همست أمام شفتيه بدلال:
– اتأخرت عليّ اتوحشتك جوي فضلت مستنياك جد إكده كنت هروح في النوم.
همس بنبرة متثاقلة حثيثة يحذرها:
– اوعاكي.. اوعاكي تنامي بعد إكده جبل ما أچي.
كادت أن تتحدث وتجيبه لكنه أسرع ملتقط شفتيها في قبلة عاشقة بشغف وغرام قوي يسيطر عليه، ابتعد سامحًا لها فرصة لتلتقط أنفاسها المكتومة بداخله وبدأ يلثم عنقها بنهم تاركًا ملكيته عليه من جديد، ليريها كم هو يهواها، يخبرها أنها الامرأة الوحيدة القادرة على السيطرة عليه وجعله في تلك الحالة المغرمة التي عليها الآن وهي بين يديه.
كانت تنام داخل أحضانه بسعادة شاعرة بالارتياح لكن فجأة اعتلت صرخات الغفير هاتفًا باسمه في الخارج وبعض الهمهمات التي تصدر في الداخل بالقرب من الغرفة، أسرع يرتدي جلبابه الساقط أرضًا مسرعًا تارك إياها تجلس فوق الفراش بملامح وجه قلقة تدعي ربها ألا يكون هناك شيء سيء، ولج الشرفة مسرعًا مغمغمًا بجدية:
– إيوه يا عوّاد حُصل إيه عاد؟
أخفض بصره أرضًا ولا يدري كيف يخبره لكن لابد أن يعلم، فأجابه متنهدًا بحزن:
– النار مسكت في الأرض اللچديدة حرجتها وحرجت المحصول كلياته يا سي عمران.
بقي عمران يتطلع نحوه بعدم تصديق مغمغمًا بحدة قاسية، والشرر يتطاير من عينيه بغضب:
– طب اسبجني أنت والرچالة هناك وأني چاي شهلوا يلا.
ولج إلى الداخل مسرعًا بينما هي نهضت وبدأت ترتدي ثيابها بعدما استمعت إلى تلك الفاجعة التي حلّت عليه عالمة بمدى حزنه وغضبه الذي ظهر مما حدث ترى النيران منبعثة من عينيه الغاضبتين بضراوة..

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1