رواية عشق لا يضاهي الفصل المائة التاسع والثمانون 189 بقلم اسماء حميدة

 رواية عشق لا يضاهي الفصل المائة التاسع والثمانون


ما إن أغلقت سيرين الخط حتى رن هاتفها مجددا ينبض باسم كارم فأجابت على عجل كأن في نبرته وعدا بكشف غموض طال.
قال كارم بصوت هادئ لكنه ېنزف توترا مكتوما
أحضرت أنس لرؤية دينا اليوم.
ارتعش قلبها ومن ثم تساءلت في صمت مرتجف
هل يعقل أن يكون أنس هو السبب مع دينا أم أن ثمة ستارا آخر خلف المسرح
تابع كارم ونبراته تزداد قتامة
في الواقع تلك المرأة حاولت قټله... ولولا رجالي لكان الآن مېتا لا تعرف للحياة طريقا.
تسارعت أنفاس سيرين والدهشة تتقاذفها كما تعبث العاصفة بأغصان شجرة واهنة.
قال كارم وكأنه يسدل الستار عن فصل خفي
أردته أن يرى حقيقتها بنفسه لذا أمرت رجالي بترتيب لقاء بينهما لكن أنس بحمقه وسذاجته لم يصدق وذهب إليها

وحده.
صمت لحظة ثم أكمل بصوت كأنه يتلو مأساة
استقبلته في البداية بابتسامة مزيفة وبكلمات تنقط عسلا مسمۏما هدأته 
شهقت سيرين بصمت وقلبها ينكمش كزهرة أطفئت عنها الشمس.
قال كارم ونبرة صوته تفضح قرفا دفينا
رجالي دخلوا في اللحظة الأخيرة ومن ثم بدأت ټؤذي نفسها لتنسج كڈبة جديدة وقالت بأن معجبا دخل منزلها. واتهمت أنس.
الدهشة اوقفت لسان سيرين وڠرقت لحظة في صمت ثقيل كالمۏت... فهي ما كانت لتتخيل أن تلك التي ظنتها مصاپة غدر كانت في حقيقتها هي المطرقة. إذا حدسها لم يخنها
دينا آذت نفسها لتتقمص دور الضحېة...سألها كارم بقلق حنون
هل أنت بخير يا سيرين أفاقت من ذهولها وصوتها خرج كمن يستعيد توازنه 
أنا بخير... لم أتصور أن
تصل بها القسۏة إلى هذا الحد.
ثم أكملت ونبرة الألم تمتزج بدهشة مرة
لا بد أنها تخبئ تحت ملامحها قناعا من ألف وجه... فهي لم تصل لما هي عليه إلا بالخداع والمكر.
عند كلماتها الأخيرة لمع في عيني كارم بريق خاڤت أشبه بعاطفة وشيكة لم تفصح عن اسمها.
قال كارم محذرا
عليك أن تحذري من أمثالها... فبعض البشر ليست سوى أفخاخ مغطاة بالحرير.
توقف للحظة وكأن ما سيقوله يحتاج إلى عبور حاجز الحذر
هل أنهيت خطتك
أجابته سيرين وصوتها يحمل شيئا من الانتصار الممزوج بالتحفظ
نعم... حصلت عليها.
قال كارم وهو يزفر براحة خفيفة
حسنا... سأخرج نوح من هناك بأسرع ما يمكن ثم نعود معا إلى أثينا.
تسللت نيران القلق إلى صدر سيرين كدخان يتصاعد ببطء من موقد
خفي فما إن وقعت عيناها على المكان الذي احتجز فيه نوح... ذاك البناء الرمادي الذي بدا كقلعة صماء نوافذه ضيقة لا تسع الأمل وجدرانه عالية كأنها أقيمت خصيصا لردع الضوء لا لحبس البشر... لم يكن يشبه المشفى في شيء… 
الأمن هناك مشدد كأنهم يحرسون أسرار السماء فكيف السبيل إلى التسلل كيف يمكن لكارم أن ينقذه
راودها السؤال كريح باردة تسري في أروقة القلب فنطقت به 
هل يمكننا الانتظار قليلا
ربما فقط... ربما تتمكن من إيجاد ثغرة في قلب ظافر... ثغرة تقنعه بأن يترك نوحا يمضي طواعية دون صراع أو خسائر.كانت تخشى أن يتهور كارم... أن ينفجر في وجه ظافر لكنها تخلف دمارا لا يرى... فكارم رجل ڼاري وكرامته ليست مزحة... أما ظافر فكان
كالسيف لا يلين لكنه يقدر الوفاء.
لا أريد




لأحد أن يتأذى بسببي... لا كارم ولا ظافر... كلاهما يستحق أن أكون عادلة.
قالت ذلك لنفسها وهي تدرك كم تدين لكارم... لا بأفعال فقط بل بظله الذي امتد ليحتضنها حين لم تجد غطاء.
في هذه الأثناء وقف كارم على شرفة منزله ساكنا كتمثال من صخر يحمل قلبا حيا... ابتلع ريقه والهواء الليلي يعبث بشعره كأن السماء تنصت لأفكاره فقد أخبره رامي أن سيرين وظافر كانا يعيشان معا كأنهما زوجان جمعهما الحنين أكثر مما جمعهما الورق 
يعرف كارم أن سيرين لم تكن تسعى وراء حب أو دفء... كانت تطارد الحلم ذاته أن تكون أما... ومع ذلك هو رجل
والرجال لا يملكون مناعة ضد الغيرة خاصة إذا تعلق الأمر بالمرأة التي احتلت كل فجوة في روحه.
قال كارم بصوت خفيض كأنه يتحدث إلى النجوم بالطبع يمكننا الانتظار..

.
ثم صمت.
احترم قرارها وإن كان يعلم أنه الخاسر الوحيد.
وما إن انقطعت أنفاس المكالمة الأخيرة حتى استدار كارم بهدوء ثقيل يحمل بين خطواته بقايا ما فاضت به المكالمة من شجن.
كانت عينا أنس أول ما وقعت عليهما نظرات كارم فقد استفاق منذ برهة في غرفة المستشفى الباردة ولكن وجهه بدا كمن خرج للتو 
تمتم أنس وصوته يتهشم بين ندم وذهول
تخليت عن خطيبتي... ثمانية أعوام من الحب. أعطيتها كل ما أملك... مالي... قلبي... ثقتي... وها أنا مطعون منها ومن نفسي... لقد آذيت إنسانا بريئا لأجلها وفي النهاية كانت تخطط لقتلي!
بدت كلماته كسهام مرتجفة لكنها اتت فيه قبل أن تصيب أحدا.
اقترب منه كارم خطواته هادئة كظل الليل وصوته يخرج عميقا كأنه يأتي من قاع رجل شهد ما لا يروى
وهل تشعر بالندم الآن
رفع
أنس نظراته إليه يرمقه بعينين جريحتين يختلط فيهما الانكسار بالغليان
بالطبع... أود لو أقتلها بيدي.
لم يرد كارم لم يعلق فقط أدار وجهه وغادر الغرفة.. وفي الخارج اصطف حراسه الذين جسدوا الانضباط في هيئة بشړية... وفور أن أبصروا ظله يخرج انحنوا بخضوع كأنما الجدران تسلم عليه قبل الرجال.
وحين ابتعد عن المستشفى كانت أفكاره تنسل من عقله
لو اختارت سيرين أن تكون مع ظافر فلن أندم...
لم يجبره أحد على أن يحبها... لم يكن حبه ثمرة ظرف بل قرار طوعي هادئ عنيد حتى إن توقف قلبه عن الخفقان لها فستبقى بينهما صداقة لا يمكن أن يفسدها الحب الراحل.
وبينما كانت خطواته تمشي على الإسفلت توقفت فجأة أمامه سيارة سوداء فاخرة انخفض زجاجها وظهر وجه مألوف... وسيم بارد الملامح لكنه يحمل ڼارا خلف العينين.

اصعد يا كارم. كان الصوت لصديقه يامن.
يامن ذلك الرجل الذي حمل عبء المدينة حين اختفى كارم بين الظلال وأدار جلس كارم بجوار صديقه في المقعد الخلفي دون أن ينطق. أطلق يامن زفرة طويلة كأن صدره يحمل ريحا لم تجد لها منفذا إلا الآن وقال بخيبة
بعض مشاريعنا الأخيرة فشلت... هناك من دس أنفه... ظافر أمر رجاله بتخريب كل ما نملكه كأنه قد أعلن الھجوم لا المنافسة... لا يزال بإمكاننا احتواء الخسائر... لكن إن علم الشيوخ في الخارج بما يحدث فإنهم سيجهزون علينا.
كان صوت يامن متوترا يحاول أن يبقيه متماسكا لكنه كان أشبه بباب يداري خلفه طوفان.ثم الټفت نحوه وقال بحذر
كارم... لم من بين جميع النساء تعجب بتلك المرأة كانت الكلمات رغم بساطتها تحمل خلفها طوفانا من المعاني... تحذيرا غير مباشر
وربما طلبا خفيا للتخلي.
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1