رواية عشق لا يضاهي الفصل المائتان وخمسة 205 بقلم اسماء حميدة

 

 رواية عشق لا يضاهي الفصل المائتان وخمسة



شعرت سيرين بصدرها يعلو ويهبط كأن قلبها خفق فجأة بجرس قديم نسي في أعماقها وملأ رنينه فضاء الغرفة بسكون مشحون.
ابتعدت خطوات قليلة إلى الوراء وهي تحاول أن تستجمع شتات نفسها وعيناها متوهجتان بما يشبه العتاب الصامت عتاب لم ترد أن تنطق به بل تركت للسكوت أن يقول ما عجزت عنه الكلمات.
نظر إليها ظافر وقد تكسرت ملامحه تحت وطأة نظرتها... تراجع هو الآخر خطوة كأن شيئا داخله هتف فجأة
توقف إنها ليست لك إن لم تختر هي أن تكون.
مرر يده على شعره المشعث ثم قال بصوت خفيض مليء بالندم والتردد
لم أقصد أن أضغط عليك فقط كنت أشتاقك.
أطرقت سيرين تخفض عينيها وصوت أنفاسها يفضح ما تخفيه من ارتجاف داخلي... لم تكن تعرف بماذا تجيب فقد مزقها الصراع بين الحنين والخوف بين الذكرى والألم.
ثم قالت بصوت ناعم كالمطر المتسلل من بين الغيمات
الاشتياق لا يثبت هكذا ظافر ليس بالقوة ولا بالإصرار بل بالاحتواء.
اقترب منها 
فقط مد كفه نحوها لا ليمسك يدها بل كأنه

يطلب إذنا أن يكون حاضرا في عالمها من جديد.
أنا آسف صدقيني كل ما أردته أن أعود إليك لكن تاهت طريقتي.
رفعت رأسها ببطء ووقعت نظرتها على مقلتيه الحائرتين فرأت فيهما صبيا صغيرا أضاع دفء كان يوما له وتعلق بباب أغلق في وجهه ذات مساء.
ظافر... أنا لا أكرهك ولكني أخاف على نفسي معك... وأخافك وأنت تجهل كم تأذيت.
هز رأسه كمن تلقى اعترافا يؤلمه ويمنحه النور في آن واحد ثم قال بصوت مبحوح
إذن فلأمنحك المساحة وأمنح نفسي الوقت ربما نعود ذات يوم دون أن يوجع أحدنا الآخر.
نظرت إليه نظرة دافئة لا وعد فيها ولا قطيعة... فقط سلام مؤقت كنسمة بين فترتين من المطر.
ثم استدارت بهدوء واتجهت نحو النافذة تراقب انسياب قطرات المطر فوق الزجاج كأنها دموع السماء تطهر الأرض من ضجيجها.
أما ظافر فجلس في مقعد قريب يرقبها بصمت وقد شعر لأول مرة أن الحب لا يقاس بكم ما تملكه من الآخر بل بكم ما تمنحه من طمأنينة.
فجأة ارتطم وقع خافت على الباب كأن القدر نفسه أراد أن يوقظ لحظة
كادت تنزلق إلى هاوية لا تليق بهما.
ارتبك ظافر وتجمد للحظة كمن أفزعه صوت داخلي أكثر من الطرق ذاته.
من هناك سأل بنبرة مضطربة.
خلف الباب تقف لين تحاول أن تخفي ارتباكا وغيرة فضحتها وجنتاها المتوردتان وعيونها التي تجنبت النظر المباشر.
تمتمت بصوت خافت وهي تمسح العرق عن جبينها
السيد ظافر... والدك يطلب رؤيتك.
قطب ظافر حاجبيه ثم رد ببرود
فهمت.
التفت بعدها إلى سيرين التي كانت ترتجف منذ قليل بين ذراعيه وكأن ما جرى قد بعثر شيئا ما بداخلها.
نظر إليها نظرة طويلة ثم لف حولها الغطاء بلطف وربت على كتفها بخفة
استريحي الآن... لا شيء يستحق أن يربك سلامك.
ثم وقف ببطء كأن روحه تأبى الابتعاد عنها ورمقها بنظرة عميقة قبل أن يتجه ليبدل ملابسه.
ولم يخرج بعدها فورا بل ظل واقفا أمامها للحظة يتأمل ملامحها المنهكة.
لاحظت سيرين حتى لا تدك دفاعاتها. لكنها رغم ذلك لم تجد في عينيه غضبا... بل دهشة وتفهما وربما شيء من الألم.
مد يده وقال بنبرة خافتة
هل ستبقين هكذا
لا تريدين أن تخبريني بشيء
هزت رأسها ببطء وابتسمت ابتسامة حزينة. ثم همست
هل تشعر بالألم كما شعرت به أنا
نظر إليها وقد امتلأت عيناه بالأسى لا تشبه تلك التي سبقتها... كانت خالية من التسرع نقية مشبعة باعتذار صامت.
ثم استدار بهدوء وغادر.
بقيت سيرين وحدها تغمرها خيبة والجراح. فأغمضت عينيها وكأنها تحاول أن تنأى بنفسها عن كل شيء. تمتم سرا بصوت مكسور
هل شعرت حقا بما أشعر به أم أن قلبي وحده من اعتاد النزف
رفعت يدها تتأمل لا تدري إن كان من حكاياتها المتكسرة.
وفجأة انفتح الباب.
دخلت لين ووقع عينيها اصطدم أولا على الأرض ثم على سيرين المستلقية على السرير.
اتسعت عيناها بغيظ مكبوت وقالت بصوت بارد مغلف بابتسامة صفراء
يبدو أن سنواتك في الخارج لم تذهب سدى... لقد تعلمت فنون جيدا أليس كذلك يا آنسة تهامي
ما الحكاية ناقصة لين بقى
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1