رواية حورية العمران الفصل الواحد والعشرون بقلم أروي عبد المعبود
وقف في المطار وهو بيودعهم، بيودع والده ووالدته وأخوه، إبتسملهم وقال بهدوء:
- خلي بالكم على نفسكم!!
قربت منه خديجة وقالت بدموع:
- أرجوك أبقى طمنا عليك يا عمران وعلى سليم!
هز عمران راسه بإبتسامة وبص لحازم وقال:
- خلي بالك من الشركة!!
رد عليها حازم بإبتسامة حزينة وقال:
- حاضر يا عمران، هتوحشني والله ياخويا!
إبتسم عمران وقبل ما يتكلم لاقى الطايرة هتستعد لطلوع، بصلهم كلهم وقال بتنهيدة:
- سلام، هتوحشوني!!
قال كلامه ومسك إيد سليم وبإيده التانية الشُنط وبدأو يقدموا من خطواتهم، بص للكل بنظرة أخيرة وشاورلهم وطلع هو وسليم... إتكلمت خديجة ببُكاء:
- هيوحشوني أوي!
إبتسم شريف بحزن وقال:
- ربنا يوصلهم بالسلامة ويرجعهم بالسلامة..
إتنهد حازم بحزن، وبص على الطيارة اللي إبتدت تتحرك....
غمض عمران عينه في اللحظة دي وبص من الشباك وهو مش متخيل خلاص إنه هيسافر، فتح عينه على لمسة من سليم، رفع حاجبه بإستفسار وقال:
- في حاجة ياحبيبي؟؟
عقد حواجبه ورد عليه:
- جميلة مش هشوفها تاني يا بابا؟
إبتسم عمران وطبطب على كتفه وقال بهدوء:
- هتشوفها يا سليم بس لما نرجع...
في القسم "
كانوا واقفين التلاتة قُدامه، بصلهم كلهم بـ كره واشمئزاز، بص لسعاد اللي كانت أقل ما يُقال عنها جثة من كتر شحابة وشها وجسمها اللي بقى ضعيف والكدمات العنيفة اللي موجودة في جميع أنحاء جسمها، رجع بص تاني لثريا اللي مكنتش حتى قادرة تقف وقاعدة على ركبتها على الأرض، بص لسيد وهنا إتحولت ملامحه للغضب والقسوة وهو مش مُتخيل إنه أذاها!! قام وقف وقرب منه وبدون مقدمات كان بينهال عليه بالضرب المُبرح لدرجة إنه كان بيصرخ من كتر الوجع، بدأ يلكمه بعنف في وشه لحد ما مناخيره وشفايفه نزفوا، بِعد عنه وبصلهم بإستحقار وقال:
- أنتوا أوسخ تلاتة شوفتهم في حياتي!!! مستحيل أرحمكم!!!
بكت سعاد وقالت بضعف:
- أرجوك كفاية يا بيه، أنا مابقتش قادرة والله العظيم من اللي بيحصلي من الستات اللي جوا!! أنا والله معتش هعمل كده تاني... بس كفاااية ونبي أنا تعبت!!!
حط جلال إيده في جيبه وقال بقرف:
- لولا إني مش بمد إيدي على حريم كنت وريتك شغلك أنتِ وأمك!
رجع لمكتبه تاني وقعد عليه وكمل وهو بيبص على سعاد وسيد:
- أوعدكم مش هتطلعوا من السجن ده غير على قبركم أما ثريا بقى... فـ أنتِ إعدام!!
وقعت ثريا على الأرض مغمى عليها....
ومرت الأيام
في بيت اليزيد "
كانت قافلة على نفسها الأوضة وهي بتبكي بإنهيار، من ساعة خبر موت والدتها لحد سفر عمران وهي مش قادرة تعمل حاجة غير إنها تبكي وبس... سمعت صوت خبطات على الباب فـ ردت بتعب:
- أيوة...
إتكلم محمد بحزن:
- يابنتي متوجعيش قلبي أكتر ماهو موجوع، تعالي كلي أنتِ ماكلتيش حاجة بقالك يومين... يلا يابنتي علشان اللي في بطنك ملهوش ذنب!! وكمان ماسة مستنياكي بره!
قامت وقفت ولكنها سندت بسرعة على الحيطة لما حست بدوار شديد، قربت من الباب بصعوبة وفتحته، إتصدم محمد من وشها الشاحب وشكلها الضعيف وعيونها الوارمة، حط إيده على كتفها وقال بحنان:
- شوفتي شكلك بقى عامل ازاي!! يلا كلي أي حاجة علشان اللي في بطنك، لو حصله حاجة أنتِ اللي هتتحاسبي عليه!
في لحظة كانت مرمية في حضنه وبتبكي بقوة وصوت شهقاتها عليت، إتنهد محمد بحزن وبدأ يملس على شعرها وقال بحنان:
- ششش إهدي يا حبيبتي... إهدي!
بدأ يقرأ عليها بعض الآيات لحد ما بُكاءها خف ومبقاش واضح غير شهقاتها الخفيفة، ملس على ضهرها برفق وبعدها شوية عنه وقال بإبتسامة حزينة:
- يلا علشان تاكلي بقى ومتزعلنيش منك!
هزت راسها بهدوء وراحت معاه، قعدوا على السُفرة فـ إتكلمت ماسة بحزن:
- ماما!
بصتلها حورية وملست على خدها بهدوء.... وإبتدوا ياكلوا بدون شهية، بص محمد على الكرسي اللي كانت زينة دايمًا بتقعد عليه جمبه.. ودمعة من عيونه نزلت، لكنه مسحها بسرعة، بصلها وإتكلم بهدوء:
- عمران سافر صح؟
قلبها دق بقوة وهمست:
-آ.اه
شهقت ماسة وقالت بحزن:
- بابا سافر؟؟ يعني مش هشوفه تاني!!
بصتلها حورية وقالت بإبتسامة هادية:
- هتشوفيه يا عيوني لما يرجع بالسلامة..
رفع حاجبه بشك وقال:
- هو ايه اللي حصل مابينكم؟؟ أنتِ محكتليش غير إنك عرفتي منه إن بنت الكلب هي اللي عملت كده وهو جاب حق زينة..
بلعت ريقها بحزن وردت عليه:
- عمران طلقني.
إتسعت عينيه بصدمة وعقد حواجبه بغضب وقال:
- طلقك؟؟ ليييه!! أنتِ غلطتي في ايه؟! هو كان يتمنى أصلاً إنه يتجوزك!!
ردت بدفاع:
- لا يا بابا عمران معمليش حاجة وحشة، أنا اللي طلبت منه الطلاق وهددته إنه لو مطلقنيش هقتل نفسي..
إتصدم محمد للمره تانية وقال بعدم تصديق:
- تقتلي نفسك؟؟ *بصلها بآلم وكمل* هو أنا ناقص يابنتي أوجاع على وجعي؟! ده أنا كنت أموت وراكي والله يا حورية!
ملست على كتفه بحنان:
- بعد الشر عليك يا حبيبي!
إبتسملها بحب أبوي...
مرت الأيام والشهور على نفس الحال...
في إيطاليا "
كان ماسك اللابتوب بتاعه وهو بيحاول يدور على شغل ولكن كل الشغل المُتاح هنا هو الشغل في المطعم، زفر بضيق وقفل اللاب وقال:
- من حلاوة الأكل اللي أنا بعمله يعني!!
مسك تليفونه وبدأ يبعت رسايل لحازم:
"عاملين ايه؟"
"أخبار الشركة وأخبارك أنت والعيلة؟"
"تابع مع جلال القضايا بتاعت الكلاب يا حازم أوعي تنسى!"
بعت الرسايل وكان لسه هيقفل تليفونه ولكن بص لرقمها، إبتسم بإشتياق ومقدرش يمسك نفسه أكتر من كده وبص لثواني لزر الإتصال ولكنه حسم أمره وبدأ يرن عليها...
إستغربت من الرقم اللي مكنش مصري وفتحت وهي مستنية حد يرد، فـ إتكلم بشوق:
- حورية..
إزدات نبضات قلبها بقوة لدرجة إنها حست إنه هيطلع من مكانه، بصت لوالدها بإبتسامة وإديتله هو التليفون، إبتسملها محمد بفخر وبدأ يتكلم:
- خير؟؟
إتفاجئ عمران، لكنه رد بإبتسامة:
- إزيك يا عمي، أخبار حضرتك ايه؟
إتنهد محمد وقال بهدوء:
- كويس يا عمران، خير بتتصل بحورية ليه؟ مش أنت خلاص طلقتها!!
قلبه إتكسر مليون حتة بالكلمة دي "طلقتها!!" دمعة خاينة نزلت من عيونه فـ مسحها ورد عليه بنبرة حزينة:
- حابب أطمن عليها وعلى اللي في بطنها مش أكتر..
زفر محمد بضيق وقال:
- وهما كويسين وأديك إطمنت، تؤمر بحاجة تانية؟؟
إتكلم بإشتياق:
- عايز أسمع صوتها، أرجوك يا عمي!!
بص لحورية اللي كانت بتسمع كلامه وعينيها فضحاها بإشتياقها ليه، إبتسم محمد ورد بهدوء:
- ماشي يا عمران...
بصت حورية لإيده الممدودة بالتليفون فـ أخدته منه بإيدين مُرتعشة، قام محمد وطلع من الأوضة وقفل الباب وراه، فـ إتكلم عمران بحب:
- حورية!
حاولت إنها تخفي توترها، لكنها ماقدرتش:
- أ.أي.أيوة.
قلبه دق بسعادة ورد عليها بإشتياق:
- وحشتيني!! وحشتيني أوي والله العظيم مانا قادر أتحمل بُعدك عني!! قوليلي بس وحشتني يا عمران وأنا أقسم بالله ههد الدنيا باللي فيها وأرّجعك دلوقتي حالاً ياروح عمران.
دموعها نزلت بوجع وهمست:
- احنا أطلقنا يا عمران خلا...
قاطعها بحدة:
- لااا يا حورية مش خلاص!! أنا عمري ما كنت هفكر في لحظة إني أسيبك أو... أطلقك!! بس أنتِ اللي أصريتي! أنا مش عارف إزاي قدرت أقولها بس كل اللي أنا عارفُه إني مبقتش قادر على بُعدك وطالما أنتِ لسه مولدتيش يبقى عادي أرّجعك من غير عقد جديد ولا حاجة..
إتنهدت بحزن وقالت:
- سيبني أفكر يا عمران!
عقد حواجبه بضيق وقال:
- أنتِ في الشهر السادس دلوقتي مش كده؟
همهمت بالإيجاب فـ إبتسم بفرحة وقال:
- طب عرفتي نوع الجنين ايه؟
ردت بإبتسامة:
- ولد!
إبتسم بسعادة كبيرة أوي وقال بحب:
- مُبارك يا حبيبي
إبتسمت بهدوء وماردتش عليه، نفخ بغيظ وقال:
- لسه مفكرتيش بقى يا حورية!!
كانت لسه هتعترض ولكنه قاطعها:
- ماتعنديش!!
- لا يا عمران مش هرجع..
قالتها بحزن وبتتمنى جواها مليون مره إنه يرجّعها، قلبه إتكسر وعقله مش قادر يصورله إنها رفضته!! فـ قال بهدوء:
- تمام إبقي سلميلي على ماسة وأنا كل فترة هتصل أطمن عليكم... سلام!
قال كلامه وأنهى المكالمة وقلبه بيتعصر من الوجع، إتنهدت حورية بحزن وهمست:
- أنا بحبك أوي... بس مش هقدر!
مرت الأيام وعمران بيحاول يدور على شغل لحد ما قرر إنه خلاص يشتغل في مطعم، وفعلاً راح قَدم وإتقبل... وإنهاردة أول يوم ليه في الشغل..
كان بيعمل الأكل المطلوب منه فـ قربت منه بنت من اللي شغالين معاه وقالت بإبتسامة:
- هاي اا.. عمران مش كده؟
رفع حاجبه وقال:
- الزعيم! وبعدين أنتِ بتتكلمي عربي؟؟
هزت راسها وقالت بإبتسامة إعجاب:
- وأنا روجين، بابا من أصول مصرية وماما إيطالية فـ كان بابا يعلمني مصري لأني Lo amavo "أحببته"
إبتسم عمران وقال وهو بيحط البيتزا في الفرن:
- طب ده كويس جدًا على فكرة!
ردت بخجل:
- ميرسي زعيم..
بدأت هي تساعده في الواجبات المطلوبة وبعد ما خلصوا بدأو يقدموها بره، قرب عمران من طاولة كان موجود عليها بنت وشاب، حط الأكل قدامهم وقال باللغة الإيطالية:
- هذه باستا بالوايت صوص، هل تريدون أي إضافات؟!
بصتله البنت وقالت بإعجاب:
- أشكرك لا نريد، فقط نريد بعض الماء لو لديكم!
إبتسم عمران وقال:
- نعم لدينا، لحظات وسيكون الماء هُنا
دخل عمران لجوا وجاب إزازة ماية وطلع إديهالهم، فـ إبتسمت البنت وقالت:
- هل لديك إنستجرام؟
بصلها بسخرية وسابها ومشي، إتحرجت وقالت في سرها:
- ياله من أحمق، كيف لم يجاوبني!!
رد عليها الشاب بضيق:
- كيف أنتِ تطلبين منه شيء هكذا!! هل تسخرين مني أو ماذا!!
إبتسمتله بهدوء وردت:
- لا أنا أحبُك!
هز راسه وبدأ ياكل بلامبالاة
جوا "
قربت منه روجين وقالت بإبتسامة:
- الشغل هنا عاجبك ولا مش حلو؟
إبتسم وقال:
- هو مش وحش بس أنا مش متعود على الطبخ!
إبتسمت وهزت راسها بتفهم:
- وأنا كمان كنت زيك كده بس حاولت اتقألم!
ضحك عمران وقال مصححًا:
- اتأقلم!
ضحكت روجين برقة وردت عليه:
- الكلمة دي مش بعرف أنطقها شوية غريبة!
إبتسم وبدأ يتابع شغله بهدوء.....
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم