رواية نيران نجع الهوى الفصل الثاني والعشرون 22 والاخير بقلم هدير دودو

 

رواية نيران نجع الهوى الفصل الثاني والعشرون والاخير بقلم هدير دودو

بقيت على حالتها المضطربة وبكائها المستمر ظنًا منها أنها فقدته بعدما ودعها ورحل، خرج الطبيب من الغرفة ولاحقته عدد من الممرضين خلفه، استطاعت أن تستوقف واحدة منهم بعدما ثارت شفقتها، تحدثت متسائلة بلهفة:
– إيه اللي حصُل لعمران، أحب على يدك طمني جلبي چوزي مليح دلوك.
طالعها بشفقة وحزن لكنها لا تعلم كيف تخبرها بعدما أكد عليهم الطبيب عدم معرفة أحد حتى يأتي الضابط أولًا بالرغم من هتاف عمران باسم زوجته وطلبها بوجودها بجانبه حتى يطمئن قلبها القلق:
– طمني جلبك وأدعيله، ومتقلقيش حالك.
طالعتها بأمل دب داخل أوصالها من جديد:
– يعني هو مليح دلوك صُح.
صمتت ولم تقوَ أن تخبرها فسارت من أمامها صامتة خوفًا على عملها بسبب حديث الطبيب الصارم بإخفاء الأمر عن الجميع، عادت عهد تدعي ربها من جديد بعد أن شعرت بالأمل لحديثها مع الممرضة.
لم يمر طويلًا ووجدت رجال الشرطة يدلفون إلى زوجها، فاتسعت ابتسامتها من بين دموعها المنتحبة وشعرت بعودة أنفاسها من جديد لكن نيران حزنها لم تخمد سوى بعد وجودها داخل أحضانه المحبة لتتوارى خلفها وتنهار حصونها بعد أن حصلت على أمانها.
رأت بعد ذلك خروج الرجال الشرطة بعدما استطاعوا الحصول على أقواله والآن أصبح معهم دليل الإدانة ضد حسن الجبالي ومساعده حمدي ولا يبقَى سوى القبض عليه لمعاقبته ضد جرائمه الشنيعة التي فعلها في النجع منتهزًا سلطته، وهم الآن سيذهبون إليه.
اقترب الطبيب من عهد التي كانت عينيها معلقة على غرفة زوجها وتحدثت بهدوء:
– تقدري دلوك تدخليله لچل ما تطمني عليه، هو فاق ورايدك.
اتسعت ابتسامتها بسعادة من بين دموعها الغزيرة المنهمرة، وهي تحمد ربها وسارت راكضة نحو غرفة زوجها، ولجت وعينيها تلتمع بوميض السعادة ودموع الفرحة التي أصابت فؤادها، اقتربت منه بحذر خوفًا عليه التفتت نحوها الممرضة وتحدثت بعملية:
– بلاها حديت دلوك لچل ما يرتاح.
أومأت برأسها أمامًا بعدما ألقت بصرها نحوه ورأت حالته التي يبدو عليها الوجع والإرهاق، فاقتربت تلقي ذاتها داخل أحضانه وكأنها تؤكد لذاتها أن زوجها أصبح بخير وهو الآن بجانبها وهي تنعم بدفء أحضانه التي كانت تتمناها، شعرت بيده تربت بنحو فوق ظهرها وهي لم تكن تريد سوى ذلك، أجهشت في دوامة مريرة من البكاء بعدما خارت قوتها وبدا ضعفها وهي في حضن مَن أحبت وعشق فؤادها، استمعت إلى أنينه الخافت باسمها:
– عهد..بزياداكي بكا عاد.
كم اشتقات لاستماع اسمها بنبرته المحبة، تطلعت نحوه بأعين تلتمع بوميض العشق الخلاب الذي لم يزدها سوى جمالًا بالرغم من ضعف ملامحها المرهقة بعدما استحوذ عليها الحزن، لكنها سرعان ما تحدثت بلهفة وقلق:
– متتحدتش أنت لچل خاطري عنديك كيف ما جال الدَكتور، وأني مهبكيش واصل طول ما أنت زين، أني مرايداش غير إنك تبجى مليح وأبجى چارك.
ابتسامة عاشقة بدت بوضوح فوق وجهه العاشق كانت كافية لشرح ما بداخله وإظهار حبها المتوغل بفؤاده والذي أحياه، وعادت داخل حضنه من جديد لتستمد أمانها والتزمت الصمت خوفًا عليه، تشعر بالارتياح والسعادة بعدما تحقق ما تمنت ودعت به ربها مترجية بأمل وصدق.
❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈
في نفس الوقت..
داخل منزل الجبالي وقف حسن أمام رجاله بجسد متشنج والغضب يبدو بوضوح فوق وجهه، وصاح بهم بحدة صارمة:
– كل اللي كان واقف امبارح هيتحاسب وحساب واعر كُمان، عهد تُبجى عنديّ غير إكده أني مهرحمش حد.
سار نحو الداخل بغضب وخطى واسعة، تطلع نحو نعمة الجالسة بجانب زوجها، وسألها بجدية:
– عرفتي حاچه عن بت المركوب ديه يا عمة.
حركت رأسها نافية وأجابته بضيق:
– لاه يا حسن، جولتلك نجتلها ونرميها للديابة في الچبل كان زمانا مرتاحين دلوك، أنت اللي كنت رايدها ومچنون عليها بت هنية.
التمعت عينيه بغضب وسيطر الضيق عليه، فاسترسل حديثه بجدية يؤيد حديثها وخطأه:
– حديتك صُح يا عمة، كان لازمن نتخلص منها بس هيحصل والله ليحصُل وأنتي خابرة كلمتيّ زين.
ابتسمت بانتصار بعدما وصلت لما تريدء لم يتبقَ سوى أن تقف وتشاهد موتها بأعين باردة والسعادة تغزو فؤادها، أعلنت عليها الحرب وها هي الآن ترى النتائج الماكرة، ليرتاح قلبها وتهدأ ضغائنه.
تطلع حسن نحو حمدي وسأله بجدية حادة:
– عمران مات ولا لساته ماسك في الدنيا.
هرب من نظراته وأجابه بعدم معرفة:
– مخابرش حاچه عنيه ومفيش مخلوق لحد دلوك جدر يعرف حاچه، أخوك كان متفج ويا الحَكومة وهما دلوك مخليينش حد يجرب منيه.
صدر عنه تنهيدة غاضبة وهو يهمس بينه وبين ذاته بضيق:
– متبت في الدُنيا ومرايدش يهملها ولد أبوي.
تفاجأ بأصوات سيارات الشرطة في الخارج، فأسرع يخرج بصحبة حمدي ونعمة بعد أن سيطر عليهم القلق، رأى حسن انتشار رجال الشرطة في المنزل بالكامل وسيطرتها على جميع رجاله، فلم يستطع المقاومة بعد أن رأى العدد الهائل الذي يقف أمامه، ابتلع ريقه بتوتر وتحدث متسائلاً بجدية:
– وه إيه اللي يا باشا لچل ده كله، جول إنك رايدني وأني أچيلك طوالي.
رمقه باشمئزاز وتحدث بجدية وهو يشير للبعض بالقبض عليه بإحكام:
– چيت عشان شغلي، أقبض عليك وعلى حمدي لچل ما تجولولنا السلاح دخل النچع كيف، هنتعلمُ منيكم.
تفاجأ كل منهم من حديثه وتحدث حسن بتوتر حاول أن يخفيه:
– سلاح إيه يا باشا أحنا منجدرش نعمل إكده، اللي جال إكده كداب.
أشار لرجاله بالذهاب وهما معهم، خرج حسن أمام أهالي النجع بعدما تعالت همهماتهم ولا أحد يفهم شيء مما يحدث، واعتلت صرخات نعمة برعب لما هو قادم عليها، تم القبض على زوجها وحسن بالطبع هناك أدلة قوية ضدهم، وقفت لا تدري ماذا تفعل بعدما حلت عليها الصدمة التي زلزلت قلبها، وجعلتها تشعر بالخوف لما سيحدث في مصيرها القادم في النجع بعدما خططت لأحلامها، هي لا يعنيها سوى مطامعها وأهدافها التي سيتم هدمها بعد ما حدث، لذلك صدر عنها تنهيدة حارقة تبرز ما بداخلها وقررت أن تفعل كل شيء لمساعدتهما، وعودتهما إلى النجع ليسير كما خططت، أمرت جميع الرجال بالحرص التام لما هو قادم، وبدأت في محاولة طلب المساعدة ممَن يعملون معهم.
❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈
بعد مرور يومين…
علم الجميع بأخبار عمران بعد علمهم بشهادته لصالح الشرطة، واعترافه على شقيقه أنه هو مَن حاول قتله وأطلق الطلقة عليه، تهللت أسارير جميع أهالي النجع بسعادة تامة، يعلمون جيدًا أن عودة عمران لصالحهم وصالح النجع بالكامل، بينما نعمة كانت متناقضة معهم بدرجة كبيرة شعرت بالخوف يقبض على قلبها والحقد عاد يلتمع داخل عينيها لعلمها أن القادم عليها هو الأسوأ، خاصة بعد عودة رجال عمران النجع كما أمر مع أكرم وجعلها تحت سيطرتهم وأعينهم إلى أن يعود، وعلمها بصعوبة خروج زوجها وحسن، الغضب يسيطر على عقلها حتى كادت أن تجن من تفكيرها الدائم وخوفها الذي سيطر عليها.
كانت عهد تجلس بجانب زوجها الذي بدأ يتحسن قليلًا، وبيدها الطعام تحاول أن تطعمه بحرص وخوف كما أخبرها الطبيب، تحدثت بدلال:
– لچل خاطري عنديك تكمل وكل، أني رايداك تُبجى زين وتچيب حقي منيهم كلياتهم.
تطلع نحوها بنظرات يسودها القلق وسألها بنبرة حادة لكنه لازال مجهدًا:
– إيه اللي حُصُل وياكي يا عهد، عملوا إيه.
تطلعت نحوه بأعين حزينة بعدما تجمعت دموعها بداخلها من جديد وعقلها يعيد عليها ما حدث معها في تلك الليلة المشؤومة وما رأته على يدهم، حاولت الهرب من نظراته المصوبة نحوها التي كانت غاضبة لعلمه بوجهها الذي بدا عليها، فتمتمت بخفوت:
– متشغلش بالك دلوك نتحدت بعدين لما تُبجى مليح.
حمقاء هي تظن أنه سيصمت حديثها الذي أشعل النيران المضطربة داخل فؤاده واندلعت ثورة من المشاعر الغاضبة تسيطر على عقله، فعاد حديثه بنبرة تزداد صرامة وحدة:
– إيه اللي حُصُل يا عهد، اتحدتي ومتغلبنيش وياكي عاد.
أسرعت تمسك بقبضة يده بهدوء وأردفت بقلق وخوف يعتصر فؤادها:
– حاضر هتحدت بس هدي حالك لچل خاطري عنديك يا عمران، أني مليش غيرك.
طبعت قبلة حانية فوق كفه تحدثت بتوتر تسرد عليه جميع ما حدث لها أثناء غيابه، تتحدث بقهر وحزن ضاري كاد أن ينهي حياتها لولا أملها الكبير في ربها أنه سيعيدها إلى أحضان زوجها، كذبت جميع الأحاديث التي كانت تصل إليها عمدًا ولم تصدق سوى إحساسها وثقتها في ربها الذي أنزل طمأنينته على فؤادها فجعلها قادرة على المواصلة، كانت تتابع انفعالاته الغاضبة والقادرة على حرق الدنيا بأكملها، صمتت بقلق خوفًا عليه بعدما انتهت من سرد ما مضى عليها بمفردها بعد أن اشتدت عليها ظلمة الليل الحالكة وبرودته التي كانت تجعلها ترتجف خوفًا عليه، رأت غضبه الضاري بعد استماعه لحديثها ويمرر يده بحنان فوق وجهها متمتمًا بضيق:
– الله في سماه يا عهد حقك هيرچع غصب عنيهم كلياتهم.
اتسعت ابتسامتها العاشقة بسعادة:
– حقي رچعلي برچوعي في حضنك اللي مبجتش أجدر تجعد براه وأهمله دقيقة واحدة.
جذبها داخل أحضانه فاقتربت بحذر تستمع إلى نبضات قلبه لتحيي روحها وتجعلها تتأكد أنه حقًا بجانبها، تحدثت هامسة بفرحة:
– أني بحبك يا عمران، عشجتك والله والجلب مبجاش ينبض غير بشوفتك جدامه، مخابراش عملت فيا إيه يا ولد الچبالي.
ابتسم هو الآخر وإلى الآن عقله لم يصدق أنها هي مَن تخبره ذلك الحديث وتتفوه به بإرادتها هو لا يتمنى ولم يريد سوى استماعه منها برضا كما شعر الآن، يشكر ربه أنه استطاع زرع عشقه في فؤادها، استرسل حديثه بجيبها بشغف بعدما طبع قبلة حانية فوق جبهتها:
– الله في سماه ولد الچبالي معشجش غيرك ولا تتعذب جد ما اتعذب على يدّك ويد عنيكي اللي عملوا فيا إكده، هيمان ومحاسسش بروحي وأني وياكي يا عهد الجلب.
ابتسمت وشعرت إن حديثه كالدواء يداري جميع جراحها ويمحي ندبات أوجاعها، كما كان حزنها عليه الداء الذي حطم قلبها هو سيعيده الآن بعشقه الجارف الذي دومًا يشعرها به، بادلته حديثه العاشق بحب:
– جلب وروح عهد الجلب ونن عيونها التنين كُمان، روحي تروح فداك يا عمران،بس مهتبجاش روحي لوحديّ لاه.
السعادة تبدو بوضوح فوق ملامح وجهه، لكنه طالعها بعدم فهم ونظرات متسائلة لكن قبل أن يتحدث كانت أجابت هي بتأكيد وابتسامة واسعة تذيب فؤاده:
– إيوه مش هبجى لوحديّ لاه هروح أني وولدك يا عمران.
هناك وميض جعل عينيه تلتمع بعدما تحققت أصعب أمانيه ولازال عقله لم يصدق ما تفوهت به، فأردف متسائل بصدمة سيطرت عليه وبدا ارتعاش حديثه من فرط الفرحة التي شعر بها:
– إنتيّ جصدك إيه، إنتي حبلى يا عهد؟
دقات قلبه تتسارع بعدم انتظام لشعوره بسعادة لا توصف، ولهفة يطالعها بها، فأومأت برأسها مؤكدة وهي تتحدث بهدوء وتمسك بكف يده لتضعه فوق بطنها:
– إيوه يا عمران أني حبلة مش جولتلك جبل الليلة المشؤومة أنى رايدك ترچع بدري لچل ما أجولك.
اتسعت ابتسامته وهو يحمد ربه ويشمره لفضله الواسع عليه، فقد عوض صبره بحبها والآن سيحصل على طفله منها كما كان يريد، بدأ يمرر يده فوق بطنها بسعادة وعدم تصديق إلى الآن، كانت تشاركه فرحته بفرحة مماثلة هي الأخرى، بعد أن انتصر عشقه الذي غزا قلبها وجعله يُجبر على مبادلته بعشق مماثل، جعلها تعلم كيف يكون العشق، وما هو عشق الرجال الحقيق، كانت تعنيه هو الذي غمرها بحنانه وعشقه دون أن ينتظر مقابل منها، هو فقط يثبت أنه يعشقها دون أم يقصد ذلك، بعدما انتصر عليه فؤاده وجعله يظهر عشقه المكنون داخله أمام الجميع دون خجل، جعلها تعلم أنه السند والأمان، المحب الحقيقي الذي تستند عليه دون أن تميل بثقة تامة، وهي لا تريد سوى ذلك.
❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين..
نجح عمران في استعادة صحته وقوته من جديد، واليوم سيعود إلى نجع علم بما حدث لشقيقه وزوج عمته كما كان يعلم بكل ما يدور في النجع منذُ حدوثه، هندم هيئته وهي تطالعه بابتسامة عاشقة تزيد جمالها، وإلى الآن لم تصدق أنها معه اقتربت بجانبه وهو يسير، بادلها ابتسامتها بأخرى عاشقة وهو يتمعن ملامحها بشغف، فاتسعت بسماها وهي ترى جمالها الخلاب الذي ينعكس عليه، ترى ذاتها بعينيه أنها الأنثى الوحيدة التي خُلقت في العالم، ترى لمعة عينيه عندما ينظر إليها وتشعر بغرورها وكبريائها الأنثوي، بعدما أظهر سحرها الذي بعثر روحه وسحق فؤاده مرغمًا منذُ أن رأى عيناها الفاتنة.
ولج عمران بصحبتها داخل منزل الجبالي من جديد وتعالت هتاف رجاله باسمه بفخر وسعادة مرحبين بعودته تحت ابتسامتها الواسعة وذكرها لربها الدائم على عودته داخل أحضانها، تطلع نحو أكرم واقترب هامسًا بحدة وجدية:
– رايد اتحدت مع أهل النچع كلياتهم چمعلي إياهم، هطلع ارتاح دلوك.
همهم يجيبه باحترام وعلى الفور سيفعل ما قاله عمران، سار عمران إلى الداخل وتعالت زغاريد جميع مَن في المنزل عدا نعمة التي انقبض فؤادها برعب وتعلم أن ما سيفعله معها ليس هين، وقفت عهد معهم تشاركهم تلك الفرحة التي جعلت السعادة تدخل حياتها من جديد، والأمان يحيطها بوجوده.
اقترب عمران من والدته التي كانت عينيها معلقة عليه بأمل وابتسامة واسعة لكنها إلى الآن لم تستطع التحدث أو الوقوف على قدميها من جديد، اقترب يحتضنها بحنان، طابعًا قبلة حانية فوق كفها وجبهتها وتحدث بهدوء:
– متقلقيش حالك أني زين أهو جدامك يا ست النچع.
ابتسمت من بين دموعها المستمرة بسعادة، بينما هو شدد على احتضانه لها، وهو يرى سعادتها الواضحة التي أشرقت وجهها الشاحب، تحمد ربها أنه بخير كانت لم تسامح ذاتها إذا حدث له شيء فكل ماحدث ويحدث إلى الآن بسبب دلالها لصغيرها الذي غدر بها أولًا ثم بشقيقه وكان سيستمر في شره ومخططه الفاسد لولا ظهور الحقيقة والقبض عليه لمعاقبته.
صعد عمران نحو غرفته وهي خلفه، أسرعت تحمل قفطانه عنه وتساعده في نزع جلبابه ثم أردفت بحنان:
– ريح حالك وأني هچيبلك الوكل لحد عنديك.
جلس فوق الفراش كما أشارت وتمسك بيدها مسرعًا يمنعها من الذهاب معقبًا بشغف:
– رايدك يا چاري يا عهد إنتيّ وولدي.
عادت تجلس نحوه مبتسمة وهي تستند برأسها بحذر فوق كتفه وتحدثت بعشق صادق توغل داخل قلبها عنوة نتيجة لأفعاله وحبه:
– من عينيا التنين يا من عهد وجلبها كُمان.
شعرت بيده الحنونة تحيط خصرها ليجعلها تقترب أكثر حتى تلامست أجسادهما وشعر بدفء اقترابها، بينما عينيه تتطلع برغبة نحو شفتيها وهي مستسلمة بين يديه بعشق جارف بعدما استطاع عزف سيمفونيته العاشقة على أوتار فؤادها، اشتعلت النيران بجسده ولم يستطع السيطرة عليها سوى بعد أن التقط شفتيها بين خاصتيه بشغف ولهفة وهي تبادله مشاعره العاشقة بأخرى مماثلة، لكنه نيرانه لم تخمد إلى الآن هو يريد أن ينعم بوجودها معه بعدما اشتاق إليها، لكنها حاولت السيطرة على ذاتها مسرعة وابتعدت وهي تلتقط أنفاسها بصعداء وتحدثت متلعثمة بتوتر وهي تبتعد:
– مينفعش إكده أنت لساتك تعبان ولازمن ترتاح كيف ما جال الدَكتور، هچهز الوكل وأچي طوالي.
أسرعت تضع وشاحها من جديد وخرجت من الغرفة بخطوات واسعة مسرعة، وهي تضع يدها فوق قلبها الذي يدق بعنف مطالب باقترابه، لكنها تعلم أنه لم يتعافَ تمامًا فتخشى أن يصيبه شيء، حاولت أن تهدأ وتسيطر على
ثورة مشاعرها التي اندلعت بداخلها، ثم سارت إلى الأسفل تأمرهم بإعداد الطعام مسرعًا لأجله، وعادت إليه من جديد لتبقى معه وتتنعم بنعيم حضنه الدافئ الشغوف، ومشاعره العاشقة الذي يغمرها بها دومًا.
عاد عمران يرتدي ثيابه لينزل إلى الأسفل بعدما علم أن أكرم فعل ما طلبه، واجتمع بأهالي نجع العمدة من جديد، يرى الفرحة على وجوه الجميع والسعادة لعودته إليهم من جديد، أخبرهم أن كل شيء سيعود كما كان والنجع خاص بأهله ليس خاصه به فقط، يحقق العدل ويسود الأمان بوجوده لذلك رحب جميع أهل النجع بحديثه وعودته بقلب مطمئن.
بعدما انتهى من اجتماعه بأهل النجع ومباركتهم وتهانيهم له، اقترب من أكرم وتحدث بهدوء:
– أني مخابرش اشكرك كيف على وقفتك معايّ وچار مرتيّ اللي وصلتها لحد عندي بأمان، أنت عِملت اللي أخويّ معملوش يا أكرم.
ربت أكرم فوق كتفه بهدوء وأجابه بابتسامة واسعة:
– متقولش إكده يا كَبير إنت صدجتني في الوقت اللي اتسرجت فيه ولدتني فرصة لچل ما اجف على رچلي من تاني وأوكل عياليّ، أني مرايداش منك غير إنك تشد حيلك وتبجى زين لچل ما تيجي معايٌ وتچوزنيّ.
طالعه عمران بابتسامة واسعة وهتف متسائلًا بفرحة:
– وه رايد تتچوز مين العروسة بجى على إكده.
اتسعت ابتسامة أكرم هو الآخر والتمعت عينيه بوميض عاشق وهو يجيبه بسعادة:
– أني رائد اتچوز إيمان بت عم مصيلحي.
أجابه بهدوء هو الآخر:
ـ يا زين ما أختارت مهتلاجيش أحسن منيها تبجى مرتك وأم عيالك اللصغار، شوف رايد نروح ميتى عشان نچوزهالك.
تحدث مسرعًا بلهفة:
– في أقرب وقت أول ما تشد حيلك بس يا كَبير.
تعالت ضحكة عمران بعدما بدت له مشاعره واضحة وتحدث بمرح:
– خابر أني زين الحب بيعمل إيه في الراچل، بس من عينيا التنين.
شاركه أكرم ضحكاته وهو يؤكد على حديثه بعدما تأكد من مشاعره واستطاع أن يفسرها، نعم هو يحبها ولا يريد سواها في حياته، هو اختارها حبيبة له ومَن ستشاركه حياته قبل أن تكون أم لطفليه.
بينما في الداخل كانت عهد في بهو المنزل بعدما أعدت ذاتها وارتدت عباءة منزلية من اللون الأحمر مطرزة باللون الذهبي وتضع وشاحها فوق خصلات شعرها وتجلس بثقة،
تطلعت نحو نعمة بنظرات حادة وتحدثت بتعالي وكبرياء:
– عرفتي مقامك ولا لسة يا نعمة، عرفتي زين مين هي ست النچع، ملي عينيك واتوكدي وخليكي خابرة زين إن اللي عملتيه مهيعديش لو فيها موتيّ يا نعمة.
تطلعت نحوها بشماتة وابتسامة ماكرة وهي تراها جالسة بصمت وعينيها أرضًا لا تقوى الحديث أو الرد عليها خوفًا من رد فعل عمران المتوعد لها، فاسترسلت عهد حديثها من جديد:
– أني مرت الكَبير، لكن إنتيّ يا حسرة چوزك محبوس دلوك وربنا ما يفك سچنه أبدًا، وعلى فكرة ده اللي هيحصُل چوزك وحسن الخسيس مهيخرچوش منيه واصل.
تعالت ضحكاتها الشامتة وهي ترى تلك التي امتقع وجهها بالغضب لكنها بقيت صامتة، ولا تجد ما تتفوه به تعلم أنها محقة في حديثها فهم لن يعودوا مرة أخرى، لكن هي الآن تفكر في حالها وهي فريسة بين براثن عمران وبالطبع سينتقم منها عما فعلته معه ومع زوجته، تفكر كيف ستمضي حياتها القادمة بعدما فقدت كل شيء، هناك العديد من التساؤولات المسيطرة على عقلها وتفكر بها حتى كادت أن تجن بسببها لكنها تنتظر دخول عمران لتفهم ما هو مصيرها خاصة أنه هو مَن طالب بحضور الجميع.
نهضت عهد تقترب نحو صفية بابتسامة هادئة واحتضنتها بحنان:
– مخابراش أجولك إيه على وجفتك معايّ بس إنتي يا صفية خيتيّ اللي مچابتهاش أما الله يرحمها وأكتر كُمان.
بادلتها صفية مشاعرها وأجابتها بهدوء:
– متجوليش إكده يا ست عهد الحمدلله على سلامة سي عمران وسلامتك، والله الروح ردت فيكيّ من تاني.
تعالت ضحكة عهد وهي تتحدث بسعادة:
– وه لازمن ترد مش بجيت چار چوزي وجلبي اتطمن عليه.
قاطع حديثها دخول عمران الذي جلس يطالع الجميع بنظرات غامضة فأسرعت عهد مقاربة نحوه تقف بجانبه في صمت تام يسود الأجواء، حتى قطعه هو بصرامة محتدمة مماثلة بنظراته الحادة بغضب:
– دلوك كل شي إهنيه لازمن ينتهيّ.
تطلع نحو نوارة واسترسلت حديثه من جديد:
– نوارة هترچعي لچوزك اللي رايدك وشاريكي بلاش تخربي على نفسك وعلى بيتك بسبب حديت عمتك الخايب، أني مليش غير مرتيّ ومرايدش غيرها مفهوم يا نوارة.
تهللت أسارير تلك الواقفة بسعادة وتراقص قلبها بداخلها، هي كانت واثقة في مشاعره لكنها أنثى تغار على زوجها ولا تريد أن يشاركها أحد فيه، وكانت تعلم نواياها جيدًا، بينما نوارة فأومأت برأسها أمامًا في صمت.
تطلع عمران نحو نعمة بنظرات يملأها الغضب وتحدث بصرامة:
– وإنتي يا عمة لولا أني متربي كنت عملت كيف ما كنتي رايدة تعملي في مرتي ورميتك للديابة ينهشوا في لحمك الرخيص ويخلصونا منيكيّ بس أني معملش إكده، إنتيّ هتجعدي في البيت اللي كنتي جاعدة فيه بعد ما أمنته بنفسيّ وبجى چاهز لجعادك والوكل هيبجى يدخلك لكن ملكيش خروچ منيه.
أنهى حديثه وسحبها بعنف من ذراعها وسار بها نحوه يدفعها بداخله بقوة تحت صرخاتها المرتفعة وهي تترجاه أن يتركها وسترحل، لكنه لم يفعلها أغلق بالباب عليها بعدما جرد المنزل من كل شيء أصبح مكان فارغ، جلست أرضًا تبكي وتصرخ بعنف حتى يجعلها تخرج لكنه لم يفعلها، سار كما لو أنه لا يستمع إليها وعاد نحو الداخل من جديد، اقترب يحتضن والدته المبتسمة برضا لما فعله، ثم وضع يده فوق خصر عهد يسحبها معه وتوجه داخل غرفته يحتضنها بعشق ويشدد من وجودها داخل أحضانه، هامسًا داخل أذنيها بحنان:
– جلبي خاليّ من كل حاچه ماعدا عشجك يا عهد الجلب، عشجك اللي حياه من تانيّ.
ابتسمت بسعادة شاعرة بتراقص قلبها الذي كان يدق بعنف نتيجة اقترابه وتحدثت بشغف هي الأخرى تبادله حديثه المحب:
– وعهد الجلب مرايداش غيرك يا عمران من الدنيا كلياتها والله، وطلبها ملكك زرعت فيه حبك ومبجاش يملاه راچل غيرك يا ولد الچبالي.
طبع قبلة حنونة فوق كفها وشعرت بالراحة والأمان داخل أحضانه مما جعلها تنسى العالم بالكامل وتذهب معه داخل رحلته العاشقة المليئة بالمشاعر الصادقة من قلبين تعلقا بحبال الهوى وروابطه المتينة التي تمنع الافتراق.
❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين…
تم الحكم على حسن وحمدي بالسجن المؤبد بعد إثبات الأدلة عليهم وشهادة عمران التي أفادت كثيرًا ليعاقب المخطئ ويسود العدل والأمن داخل النجع.
والآن سوف يتم نقلهم داخل سيارات الشرطة، اقترب حسن بجانب حمدي وتحدث هامسًا:
– فكرت في حديتيّ ولا لساتك رايد نموتُ ونتعفن إهنيه.
تطلع حمدي نحو الجهة الأخرى هاربًا من نظراته نحوه وتحدث برفض وإصرار:
– لاه يا حسن أني عند حديتي، وأنت كُمان لازمن تعقل وبزياداك لحد إكده احنا خلاص دي نهايتنا، اللي ياما جولت عليها ليك ولعمتك.
قابل حديثه بالرفض القاطع وهو يزجره بعنف:
– لاه دي نهايتك لوحديك أني هعمل كيف ما جولتلك، مهقعش بالساهل إكده واسيب عمران يتهنى في العز، عمران اللي چه وجالي وهو فرحان وشمتان إن السچن رحمني منيه ومن اللي كان هيعمله لچل مرته لما يخرچ، عمران اللي رچع الكَبير كيف ما كان.
كان الغل والحقد يسيطران على ملامح وجهه كما يملأن قلبه الحاقد، والشر ينبعث من عينيه الغاضبة، طالعه حمدي مندهشًا وتحدث ساخرًا:
– وهو ميتى عمران مكانش الكَبير يا حسن، دول هما يومين جدروا ينسوك حكمه في النچع سنين بالساهل إكده.
استرسل حديثه متوعدًا بغضب:
– والله ما هخليه يتهنى يوم واحد من اللي چاي، لا هو ولا مرته حتى لو هموت بعديها.
تطلع نحوه بجدية وأردف بصرامة:
– كيف ما جولتلك أنت متعرفش عني حاچه مهما حصُل، وجدام الكل هيشهدوا إننا اتعاركنا في السچن، طالما مرايدش تاچي معايّ.
اومأ برأسه أمامًا في صمت فابتعد حسن نحو الباب الخاص بالسيارة ليعد ذاته لتنفيذ مخططه، تم حصار سيارة الشرطة المتواجد بداخلها بعدة سيارات أخرى مفاجأة جعلت السائق يشعر بالارتباك وبدأوا يطلقون الطلقات النارية نحو السائق والضابط المتواجد بجانبه حتى نجحوا في قتلهما أو إصابتهما، لا أحد يدرى وتم أخذ حسن الجبالي معهم ثم انطلقوا مختفيين بسرعة.
تحدث قائد السيارة بعدما وقف في مكان بعيد متطرف عن النجع:
– أني إكده نفذت مهمتي، لكن معنديش أمر بخروچك لمصر وأنت خابر إن الوضع مهيتمش بالساهل إكده زمانهم مستنيينك عالطريق.
كان حسن متفهم حديثه جيدًا، فنزل من السيارة في صمت التي اختفت عندما نزل منها، ووقف يفكر إلى أين سيذهب الآن، لابد أن يهدأ ويفكر ماذا سيفعل هو الآن نال على حريته لكنه يريد الحفاظ عليها، يعلم أن خروجه الآن هو أمر مستحيل كما أن بقاءه هكذا سيسهل كشفه وإعادته كما كان، يفكر إلى أين ممكن أن يذهب ليتخفى عنده، طال تفكيره طويلًا حتى توصل إلى الإجابة وعلم مقصده وأين سيختفي تلك اليومين إلى حين خروجه وذهابه خارج النجع والبلد بالكامل.
علم عمران بهروب شقيقه فبدأ يشدد حمايته للمنزل وهو على أتم استعداد لمواجهته، كانت عهد تدعي ربها أن يمر الأمر على زوجها بسلام، تخشى أن تفقده مرة أخرى، حيث سيطر الخوف على قلبها المضطرب، وهناك غصة قوية تسيطر عليها لكنها لم تتوقف عن الدعاء بحماية زوجها.
في ظلمة الليل الحالكة بعدما أسدل ستاره على النجع بالكامل استطاع حسن أن يتخفى بمهارة وسار يقصد طريقه وليس سوى منزل بدور الذي طالت غدره أيضًا لكنه ليس له مكان سوى ذلك، ولا أحد يدرى علاقتهما فبالطبع لا أحد من الممكن أن يفكر أنه في منزلها، هذا هو المكان الآمن له إلى أن يخرج من النجع والبلد بالكامل.
تعالت دقات خافتة فوق باب منزل بدور مما جعلها تستيقظ وهي تشعر بقبضة قوية تعتصر قلبها، تمتمت بقلق متسائلة:
– مين اللي چاي؟
أجابها بخفوت وهو يلتفت حوله بحذر خوفًا من أن يراه أحد:
– أني يا بدور افتحي يا بت.
شعرت بالصدمة تسيطر عليها وفتحت الباب مسرعة لتتأكد مما شعرت به لكنها لم تفتحه بالكامل، وقفت تطالعه بعدم تصديق ولا تدري كيف هو يقف أمامها، فمن الشائع في النجع أنه تم القبض عليه، كما علمت بصعوبة خروجه واستحالتها فكيف هو أمامها الآن؟
وجدته يدفع الباب مسرعًا وولج ثم أغلقع خلفه وهو يطالعها ببرود كما لو أنه لم يفعل شيء بها، بقيت تطالعه بذهول وتجمعت جميع ذكرياتها السيئة وما فعله بها، كيف قتل طفلها غدرًا ودمر أحلامها الوردية، انتهز طمعها واستطاع اللعب لصالحه في النهاية، تذكرت صرخاتها المرتفعة قهرًا مستنجدة به ومطالبة منه عدم الذهاب وتركها وحدها، لكنه لم يستمع إليها وفي النهاية بقيت غارقة في دمائها بعد أن فقدت طفلها القادم، الآن أمامها مَن دمر حياتها دون رحمة، مَن مزق روحها دون شفقة.
طال صمتها وهو أمامها وعقلها يستعيد جميع ذكرياتها معه، وجدته يجلس فوق المقعد ببرود يطالع نظراتها بتفهم، تحدثت بصدمة متسائلة:
– وه إنت كيف خرچت يا حسن؟
ابتسم ببرود وهو يحبها بلا مبالاه:
– هربت يا بدور…هربت وهنزل على مصر بس الدنيا في النچع والبلد تهدى عليّ شويّ، ومفيش مكان أروحه غير إهنيه وجصاد إكده هتاخدي اللي يغنيك وزيادة كُمان.
لازال يتحدث معها منتهزًا طمعها لكن هي الآن ماذا ستفعل بالمال بعد تدمير حياتها، تطلعت نحوه بكره حاولت أن تخفيه وهي تتحدث بهدوء:
– طالما هاخد اللي يغنيني يبجى الدار دارك يا حسن ومنورة بوچودك، هچهزلك الوكل لچل ما ترم عضمك.
تطلع نحوها بابتسامة واومأ برأسه أمامًا في صمت، ذهبت إلى المطبخ تعد له الطعام بعد أن ضربت تلك الفكرة في رأسها وستنتقم لفعلتها، أخرجت الزجاجة الصغيرة من ثيابها وليس سوى سم قاتل كانت تحاول أن تقتل ذاتها لتخفي ما حدث معها لكنها الآن ستقتله هو وانتقم لذاتها وأطفالها بعد أن أعماها نيران الانتقام المضطرمة، وضعت له عدة نقاط بحقد ملأ قلبها وسيطر عليه ثم خرجت تحمل الطعام، وضعته أمامه بهدوء:
– كل يا حسن أحلى وكل من يدّي.
شرع يتناول طعامه تحت أنظارها المبتسمة بانتصار، وجلست تشاهد نتيجة فعلتها بابتسامة واسعة عندما رأت ملامح وجهه الشاحبة وكيف يلتقط أنفاسه المتثاقلة بصعوبة، رأته يتطلع نحوها مغمغمًا بتعب:
– بت يا بدور الحقيني روحي مجادرش.
اقتربت منه بابتسامة واسعة وأردفت شامتة بسعادة:
– موت يا حسن، موت لچل ما ينتهي ظلمك، أني جتلتك كيف ما جتلتني جبل سابج أني وولدك، حقه رچع دلوك.
طالعها بنظرات غاضبة وحاول النهوض لكنه لم يستطع، فتعالى صوته غاضبًا:
– هجتلك يا بدور، هجتلك يا بت المركوب.
تعالت ضحكاتها عندما رأت ضعفه الواضح ووقفت تشاهده بأعين متسعة منتصرة دون شفقة لحالته، تراه وهو يصارع الموت ويطلب منها المساعدة لكنها لم تتأثر كما فعل معها من قبل، ظلت على حالتها حتى انتهت حياته ورحل عن العالم بالكامل لينال عقابه عند ربه على جميع أفعاله.
وهي قامت بالاتصال على الشرطة لتخبرهم كل شيء، فأتت رجال الشرطة وتم القبض عليها، كما آتى عمران الذي تطلع نحو جثمان شقيقه بحزن، هو مات بسبب أفعاله وطغيانه على الجميع، كان لا يفكر سوى بذاته، سيطر عليه غضبه ليجعله يفعل أفعاله الشيطانية دون ندم، والآن هو سينال عقابه أضعاف، حاول السيطرة على ذاته ليخفي مشاعره بداخله ويسيطر على حزنه حتى لا يبرز ضعفه أمام الجميع، كان يتمنى لو أن يحظى على حب شقيقه ويتعاون معه في مصلحة النجع، يبقى معه ويساعده دومًا، لكنه لم يفعل ذلك على الرغم من محاولاته معه المتكررة لكن حسن كان يفكر في ذاته فقط.
❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈
بعد مرور شهر…
أصاب الجنون نعمة لتفكيرها الزائد فيما هو قادم عليها، كما عدم تقبل عقلها لهزيمتها الساحقة وفقدان كل شيء، وتم نقلها إلى مستشفى الأحوال العقلية لتمضي الباقي من عمرها هناك بعد أن عاشته في مكر وخبث للجميع، كان شرها يسيطر عليها ويجعلها تخوض حروب حتى تصل إلى ما تريده بأي طريقة ممكنة دون النظر العواقب والآن هي نالت عقابها.
توصل عمران إلى الطبيبة تلك الكاذبة التي أخبرت الجميع من قبل أن زوجته حامل، لتساعدهم في مخططهم تم كشف أمرها أمام النجع بالكامل ليعود حق زوجته بالكامل وطردها خارجه.
اليوم عقد قران أكرم وإيمان بعد أن وافقت أن تعطيه فرصة حثتها عليها عهد لأنها تستحق أن ترى الحياة بصورة أفضل وتعيشها كما تستحق بعد أن عانت طويلًا على يد أخيها، لكن الآن هو مَن يعاني بعد زواجه مع زوجته التي تشبهه كثيرًا، وهذا المتوقع فلا دوام للظلم.
كانت إيمان ترتدي عباءة من اللون الأبيض مزينة وتتطلع نحوه بخجل وعهد تجلس بجانبها بابتسامة واسعة إلى أن تم عقد القران فتعالت الزغاريد بفرحة، واحتضنتها عهد متمتمة بسعادة:
– مبارك يا خيتيّ تستاهلي الفرح والهنا كلياته يا حبيبتيّ.
ابتسمت لفرحتها الواضحة وأجابتها بهدوء:
– الله يبارك في عمرك وولدك يا عهد.
ولج أكرم للداخل فسارت عهد تقف جانب زوجها، اقترب منها ليفعل ما تمناه منذُ أن رآها وسكنت قلبه، جذبها داخل أحضانه الحنونة فشعرت بسعادة واسعة لحنانه عليها، فهي كانت تفتقده، طبع قبلة حانية فوق جبهتها وتحدث هامسًا بعشق:
– مبارك عليّ، الحمد لله يا إيمان إنك بجيتي من نصيبي وربنا قبل دعايّ، أني اختارتك بجلبي مرتيّ وحبيبتيّ جبل ما تيجي أم لصغاري.
ابتسمت بخجل ولم تستطع مجاراته، فجميع المشاعر جديدة عليها لم تشعر بها من قبل، لكنها علمت بحبه لها بأفعاله وخوفه عليها.
سارت معه نحو أطفاله رأت ولده الذي يشبهه كثيرًا وصغيرته التي كانت تحملها والدته فحملتها عنها، وهنا انهارت جميع مشاعرها عندما خارت قوتها لحملها لتلك الصغيرة واستماعها لصوت بكائها، شعرت بدقات قلبها تتعالى مع استمتعنا لصوت تلك الصغيرة، اقترب يحتضنها فابتسمت بسعادة واستندت برأسها عليه وهي تحمل الصغيرة، وتشكر ربها على عوضه الكبير لها، أعطاها زوج حنون يحبها وأطفال صغيرة لتشعر بأمومتها من جديد، وجود أكرم أعطاها حياة كاملة كانت تريدها وتتمناهاؤ ذهبت معه منزله لتبدأ حياتها السعيدة معه وابتسامتها التي ستظل باقية على وجهها.
❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈-❈
في الغرفة الخاصة بعمران الجبالي، كانت عهد تنتظر عودته، تقف أمام المرآه تعد ذاتها بابتسامة واسعة، تعشق نظراته المحبة لها والتي تبرز عشقه الضاري لتلك الفاتنة التي أفقدته صوابه، تعشق مشاعره الفياضة الذي يغمرها بها قلبه، كانت ترتدي فستان من اللون الأبيض يصل إلى كاحليها ذو حمالات رفيعة لينعكس لون بشرتها بوضوح، وتضع بعض اللمسات الساحرة فوق وجهها، ثم تركت خصلات شعرها تنسدل فوق ظهرها والبعض يتناثر فوق عنقها، التفت الى ول ذاتها بإعجاب غرسه داخلها زوجها، جعلها ترى ذاتها كما يراها الأنثى الأجمل في العالم، اتسعت ابتسامتها عندما وجدته يدلف الغرفة بطلته المعتادة التي تخطف أنفاسها وتجعل ضربات قلبها تتسارع لرؤية مَن أحب، تابعت خطواته من انعكاس المرآة ورأته وهو يقترب نحوها ليضمها داخل أحضانه بحنان، طابعًا قبلة شغوفة فوق عنقها هامسًا بلوعة:
– بزياداكي چمال إكده، جلبي مبجاش جادر ولا روحي جادرة تتحمل چمالك، أني هيمان في عشجك لعنته چت في جلبي سحرتني.
التفت نحوه لتبقى داخل أحضانه وهي تمرر يدها فوق وجهه ببطء وتمت بدلال:
– وه يا عمران لو متبجاش هيمان في سحر مرتك هتعمل إيه عاد.
اتسعت ابتسامته وعينيه مثبتة فوق شفتيها تتابع حركتها المدللة فلم يستطع منع ذاته من التقاطهما بين خاصتيه بنهم وعشق جارف بعد أن استطاعت العزف على أوتاره بمهارة، ليتمتم بخفوت عاشق بجيبها وهو لازال أسفل تأثير سحرها على فؤاده:
– مهجدرش غير أني أحبك من چديد واتعذب من اللول في بعادك يا عهد الجلب.
احتضنته بضراوة واتسعت ابتسامتها وهي تهتف بلهفة:
– وأني ميرضينيش عذابك، أني دلوك مرتك اللي معتشوفش غيرك ولا جلبها يملكه حد غيرك.
هناك سحر خاص بحديثها بدأ يظهر بوضوح فوق ملامح وجهه السعيدة، ثم مرر يده فوق بطنها البارزة هامسًا بعشق:
– وأني بعشجك يا عهد الجلب بعشجك يا أم يوسف.
شدد من احتضانه عليها وهي الأخرى استسلمت لسيل عشقه الجارف الذي يغمرها به، ومشاعره التي تبرز هواه الواضح لها، هو استطاع أن يكتب عشقه ويدونه داخل فؤادها إلى النهاية، كما فعلت هي معه دون أن تدرى، ليأتي عوض ربه لعذابه في نيران الهوى ويجعلها تبادله مشاعره العاشقة، وامتلأت قلوبهما بالهوى الصادق، فأصبح لا يريد أي منهما سوى البقاء بجانب الآخر، والابتعاد عن الفراق ونيرانه المضطرمة، بعد أن نال الجميع نصيبهم وكان الغرام نصيبهما…

تمت بحمد الله 
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1