رواية أسير العشق الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم نور الهادي

 

 


 رواية أسير العشق الفصل الثاني والعشرون بقلم نور الهادي

شمّت أسير ريحته المميزة اللي عرفاها قالت- شربت تاني؟
وكأنها كانت عارفة ومتوقعة ده من قبل.
عاصم: يهمك؟
ما ردّتش عليه، وفجأة جه صوت من وراهم:
عاصم!
بص ناحيتها، وكانت أسير بتتجاهله.
عبير: أسير، كنتِ بتعملي إيه؟
مفيش يا عمتي، كنت باخد حاجة من أوضتي بس.
أوْمَأت لها وطلعت، وعاصم دخل، وأسير بتبص له، ريحته لسه في أنفها، ريحة اتعرفت عليها قبلكده، وكان بنفسه اعترف لها في مرة إنه جرب يشرب، ساعتها كانت شايفاه مثالي، وافتكرت إنها كانت مجرد غلطة، لكن... الواضح إنها كانت عادة، وعاصم مش بيبطل.
حتى المكان اللي شافته فيه قبل كده وهو في الحالة دي، والكلام اللي سمعته من فؤاد، كل ده خلى في عقلها يقين إن عاصم هو السبب في إن آدم يقع في دا، وهو اللي وصله لأول الطريق ده.
ولا لحظة شكّت في آدم، ولا كذّبت إن عاصم ليه يد في اللي حصل، لأن ريحة السهر كانت واضحة منه.
ومع كل ده، ومن حبها، كانت بتتقبله، وبتتمنى إنه يتغير.
أوقات كانت تبص لآدم وتحمد ربنا إنه هو اللي بقى جوزها، مش عاصم...
آدم راجل بحق، بيحبها، وبيخاف ربنا، وما بيعملش حاجة تغضبه..

فى اليوم التانى ادم بيصحى من جنب اسير مش بيلاقيها، خرج لقاها عامله فطار خفيف بتخبط فيه نظرت له قالت
-صحيت.. يلا عشان ناكل
-مش جعان كلى انتى
مشي مسكت ايده قالت-ادم.. انت مكلتش من امبارح
-مش جعان يا اسير
-نا مكلتش من ساعتها
نظر لها قالت- ولو مكلتش مش هاكل
-اسير
-مهمكش؟!
سكت راح قعد معاها اسير بتعقد جنبه كانت هتاكله منعها نظرت له لأنه لاول مره يحرجها
ادم-كلى انتى، تسلم ايدك
سكتت اسير قال- طب انت قاعد معايا تقضيه واجب.. كل اى لقمة يا ادم
-نا قولتلك مش جعان
- انت مكلتش حاجه، هتعفد كده كتير
- اسيييير.. مليش نفس خلاص بقا
- الاكل مش مقاطعه لو عايز تفكر صح لازم تاكل.. عشان خاطرى
 ادم بياكل من بعد جملتها لانه مش عايزها تتحايل عليه كتير، بتاكل اسير معاه وتلاحظ ان اكله بطىء كأنه بيبلع بالعافيه وعينه شارده.. كأنه سابح ف أفكاره
ادم- شايلتك الحمل معايا امبارح
نظرت له قالت- حمل؟! اعتقد احنا متجوزين يعنى حتى الحمل هيكون بالنص..برغم انه مكنش حمل ولا حاجه، لو متكلمتش معايا هتتكلم مع مين
مسك ايده وادم بيقبض عليها وقال
-شكرا

عاصم بيغسل وشه بنعاس وبيفتكر اسير لما شافها امبارح
"لى مصبرتيش كان النجاح هيعم علينا"
اضايق قال- اتمنى متكنش فهمت كلامى
افتكر الشهاده الى شافها ف ايدها

بيعقد اظم فى الصاله لوحده فى ايده ورقه وقلم وكأنه بيفكر هيعمل اى ويخرج من الى هو فيه ازاى، طان بيسجل أرقام وف ايده التليفون
كأنه بيمشي الخسائر او المصاريف الى هيخرجها الشهر ده بيحسب الزنقه الى هو فيها
بيسيب كل حاجه ويمسك راسه الى مضغوطه وممكن ينهار فى اى وقت، كان بيحاول يخفى حزنه
بس اسير كانت واقفه من بعيد وشايفاه وهو بيعانى، رن الحرس راحت فتحت لقيتها عبير
عبير -بقا عامل اى
-كويس الحمدلله
-نا عايزه اعقد معاه، اطمن عليه
-برحتك باعمتو بس معتقدش انه هيتكلم.. تدم مبيتكلمش حتى معايا.. الى فبه مكفيه
تنهدت عبير بحزن قالت- ماشي هجوله وقت تانى.. طمنيني عليه
-حاضر
مشيت عبير واسير بتقفل الباب بترجع لادم قالت
-انت كويس
-كل حاجه غلط.. مفيش حاجه لصالحى... يارتنى مشتريت بالى معايا العيارات دى..
 لو اعرف ان ده هيحصل مكنتش صرفتهم
بتحزن اسير قالت-مالك يا ادم.. احنا ممكن نفتح مشروع صغير مثلا
-مشروع اى اللى بالتلتلاف الى معايا
سكتت لقيته بيجمع قبضته قال- نا لازم الاقى شغل، لازم فى اسرع وقت... اشتغل اى حاجه
بيصعب عليها وبتبص لايدها وتشوف الخاتم بتبص لادم والمحنه الى هو فيها، قلعته فورا منغير متردد قالت
-خد يا ادم
نظر إليها لقاها بتقلعه اتصدم قال- بتعملى اى
مسك ايدها فورا قال- اياكى يا اسير
-خده، أنا مش عايزاه.. هعمل بيه اى وانت محتاج كل جنيه دلوقتى
-اسير، نا مش بتكلم معاكى عشان عينى على الحاجه الوحيده الى ادتيهالك
-انت ادتنى حجات كتير يا ادم، مش خاتم الى هيتقارن بيها
-ده خاتم جوزاك اياكى تفرطى فيه، بدل مجبلك زياده اخده منك
-بكره تجبلى بس احنا فى النهارده.. هعمل بيه يا ادم، نا مش هقدر اشوفك محتاج وف ايدى حاجه تساعدك.. بيعه واعمل بيه اى حاجه انا مش عايزاه
-الخاتم مش هيكون فرق كبير لمشروع يا اسير، خليه معاكى
-عشان خاطرى خده
مسك ايدها جامد واتنهد قال-عشان خاطرى خليه
سكتت نظر لها قال بجديه-متخلنيش اندم انى بتكلم معاكى... الخاتم ده خيفضل ف ايدك وربنا يقدرنى واجبلك غيره... ادعيلي انتى بس
عينها دمعت اومات له قالت- مش عايزنى اعمل اى حاجه ليك
-خليك جنبى ده كفايه... ونا الى هعمل.. أنا إلى لازم اعمل عشانك وعشان حياتنا.. هنزل ادور على شغل،، هتصرف واشتغل شغلنتين... مش هعقد واستنى لحد ما أمد ايدى
-متبهدلش نفسك، لاقى شغلانه واحده كفايه
سكت فهى لاةتعلم شيء عن العمل وراتبه، قال
-الشغل كله بهدله
نظر له اسير ربت على ايدها قال- ممكن تعمليلى قهوه بس
اومات له فورا بابتسامه قالت-حاضر
ابتسم لها ولما مشيت اختفت بيتنهد بعمق قال-ياااارب

 
عاصم شاف عبير نازلة، فقال:
جه إمتى؟
باين من امبارح بالليل، لما قلت لأسير تنزل تفطر معانا ومتعقدش لوحدها، قالتلي مش هتسيب آدم، وعرفتني إنه رجع... من ساعتها وأنا قلبي ارتاح عليه.

سكت عاصم، وفضل يتساءل... يا ترى أسير قالت له إنها شافته امبارح وهو مش في حالته؟

عاصم:

كويس... طب مش هينزل يتكلم معانا؟

أنا معرفتش أتكلم معاه، حتى أسير كلامها قليل معاه... أكيد مش قادر يتكلم، الله يكون في عونه، مش معروف اللي جواه، بس يا رب...

رن تليفون عاصم، فقالت عبير:

مين؟

ريتاج.

وش السعد علينا! يدوب خَطَبها من هنا، والفجر جت لنا مصيبة... أمال لما يتجوزها هيحصل إيه؟ البيت يولّع؟

عاصم:

متربطيش الخطوبة باللي حصل، ده اسمه تفكير مش منطقي.

مش منطقي؟! من يوم ما دخلت حياتنا ما شفناش حاجة عدلة!

ماما بعد إذنك... خلاص، كل ده عشان ورشة؟! أنا مش فاهم آدم عامل كده ليه في نفسه... يعني كانت بتدخله قد إيه على التعب ده كله؟

كانت بتدخل اللي يعيّشني.

بُصّوا على الصوت، لقوا آدم واقف.
بص له عاصم، وآدم وقف في وشه وقال:

يمكن مرتبي مش زيك يا عاصم، لا مكانة ولا مركز، بس الورشة كانت مخلّياني عايش مرتاح، من غير ما أمد إيدي لحد... مش لازم أكون في شركات، أو في وظيفة كبيرة... كنت عايش والحمد لله، لكن دلوقتي؟ زي ما إنت شايف... الورشة راحت، الورشة اللي بتتريق عليها... دي ورشة أبونا، الله يرحمه.

عاصم:

أنا مقصدش حاجة يا آدم، أنا بس مضايق علشان زعلك عليها... وممكن تشتغل بحاجة تانية بشهادتك.
آدم:

أنا لو لقيت شغل، كنت قلت لأ؟! ده كان شغلي، معرفش غيره... العربيات، والشغل اللي كنت إنت بتتقرف منه.

عاصم:

إنت كده بتخلط الأمور ببعض يا آدم...
-لانك شايف الحياه سهله لمجرد انك فى وظيفه ومتأمن.... أنا عمرى ما ابصلك ف حياتك واتمنى تستمر فيها وتكون فلوسك من حلال يعاصم
نظر له عاصم حين قال ذلك قال -حلال؟! حد قالك انى بشتغل فى الحرا.م.. 
-انت ادرى
-فهمنى كلامك ده اى.. أنا بس فاهم انك مضايق بسبب إلى انت فيه لكن كلامك توضحه يمتتكلمش
-الى انا فيييه، لا انا تمام اوى بس ياريت نسكت.. طالما مش هتقول كلمه كويسه يبقى تسكت لان انا مش ناقص حد... متزودهاش على اخوك
عاصم خد مفاتيحه وقال- عن اذنكم اتاخرت على الشغل
مشي وسابهم قالت عبير- كمل اكلك يعاصم
مردش عليها بصيت لادم بعتاب قالت-لى كده يا ادم
ادم-لى؟!!
-عاصم كان مضايق ليك مش قصده يقلل من حجم الى حصل بس قصده ان حزنك أغلى
-بتبرريله زى عادتك
-انت شايف ان اخوك بيتريق ع زعلك فعلا تبقى غلطان لأنه كان بيفكر فيك امبارح وخرج يشوفك فين وملقكش
-ونا مقولتش حاجه غير إنه يسكت
-مش تزعله وتمشيه...
ادم بغضب- خلاصصص ف ايييه
نظرت له عبير قال ادم- كفايه يا امى.. خلاص مش ناقص
عبير- اطلع ع شقتك يا ادم لان واضح أعصابك تعبانه
-هطلع.. ومش نازل تانى
نظرت له طلع ادم واتخطى اسير إلى كانت واقفه مش عايزه تدخل فيضايق منها، بصيت لعمتها بعتاب قالت
-مش هيبقى انتو والدنيا يعمتو... حرا.م
-انتى مش شايفه ماله
-شيفاكم مش مقدرين ولا بتحاول تفهموه.. وده مش دلوقتى بس ده من زمان
مشيت اسير تلحق بيه

 اسير بتفضل الليل كله متابعه ادم الى كان ساكت وباصص بس ف التليفون والدفتر كانت تتثاوب قالت
-مش هتنام يا ادم
-اقفلك النور
-لا عادى خليك قاعد معايا
اتقلبت وهى عينها عليه راحت ف النوم غصب عنها وكان هو مغلبهوش النوم من كثره الأحمال الى شايلها، قعد الليل كله يكتب فى الدفتر أرقام منقوله من التليفون
بيبص لاسير قام وراح جنبها حسيت بيه فتحت عينها -هتنام
-تعالى
خدها فى حضنه وهى قربت منه بحب وحضنته متعرفش انه عايز حضن يستمع من الطاقه عشان يكمل زى الطفل الى بيستخبى فى حضنها

في اليوم التاني، آدم كان بيسجّل أرقام كاتبها في التليفون، وبيعمل مكالمة، جاله الرد:

ألو... كنت عايز أسأل عن إعلان الوظيفة اللي نزلتوه.

جبنا حد خلاص.
سكت آدم، فالرجل قال له:

لو في وظيفة فاضية، هبلّغ حضرتك.

تمام، شكرًا.

قفل معاه وبدأ يشوف رقم تاني يرن عليه، كان خلّص تقريبًا نص الأرقام اللي كتبها... كلهم قالوا إنهم خلاص جابوا حد ومش محتاجين.

أسير: مش هتاكل يا آدم؟
ما ردّش، وكان باين عليه إنه مشغول.
قالت وهي بتقرب منه:

إيه الأرقام دي؟

دورت على الإنترنت على شغل، ولقيت شوية أرقام وسجّلتهم... بس كلهم استكفوا.

بصت له وهو بيرن على رقم تاني، وعينها متابعاه... كان بيقفل ويكلم اللي بعده من غير ما ياخد نفس، كأن ماعندوش وقت يزعل، ولا يبص وراه.

الوظيفة لسه موجودة؟

أيوه، المرتب بيتحدد في المقابلة.

تمام، إمتى؟ أنا ممكن أجي دلوقتي.

هتلحق توصل في ساعة؟ عشان المدير هيمشي.

تمام، هلحق.

قفل، ودخل يلبس بسرعة.
قالت أسير:

هتروح؟

آه.

طب إنت ماكلتش.

كلي إنتِ، ماتستنيش... عشان ممكن أتأخر.

ليه؟ هو إنت هتستلم الشغل النهاردة؟

لو أمكن، آه.

سكتت وهي شايفاه بيلبس وبيخرج، وقلبها معاه... بتتمنى ما ميرجعش زعلان، أو مجروح.

ادم خارج من العماره لقى اخوه بياخد عربيته وماشي على شغله
عاصم شافه وقبل ما يتحرك قال- رايح فين؟!
-شغل
-شغل؟!! فين
-فمطعم على الطريق العام
-طب متركب نت عارف ان بمشي من هناك.. هنزلك عنده
سكت ادم بص فى الساعه لانه مش عابز يتأخر ولسا هيشوف مواصلا، ركب معاه ومشيو
قال عاصم-لقيت الشغل ده فين
-ونا بدور على النت، جه قدامى
-والنرتب؟! خلى بالك لانهم بيكونو عايزين شباب يرضو بنرتبات قليله
-عارف انا مش عيل... قالى المرتب هيتحدد هناك
نظر له عاصم قال- يبقى مش هيعجبك
-مش هقدر عن دى بس هشتغل اتنين عادى
-اتنين؟! هيبقى عندك وقت
-هشوف الدنيا فيها اى
وقف عاصم عربيته وصل ادم
عاصم- ابقى عرفنى عملت اى
اوما له قال-امشي ع شغلك بدل متتاخر
مشي عاصم وادم دخل المطعم لقى محاسب سأله عن الوظيفه شاورله على جوه لقى واحد قال
-انت إلى كلمتني
-اه
-طب ادخل استاذ محمد جوه
دخل وشاف رجل قال- عندك خبره كتم سنه
-لا نا مشتغلش فى مطاعم كانت عندى ورشه ميكانيكا
-بس الشغل هنا مساعد شيف، هتعرف تتعلم؟!! عندك كان سنه
-٢٨
-متجوز؟!!
-اه
-المرتب٢٥٠٠، سعات ٩... يناسبك
وكانما بيده الاختيار لكن هذا المرتب البغيض لن يكون بحجم وقته الذى يهدر معندوش وقت حتى يشتغل شغلانه تانيه
ادم-شكرا
قام ومشي من هناك ولم يلتحق باي وظيفه، ماشي صامت لكنه مش هيرجع البيت ويده فارغه لازم يكون فى شغل
 شارع مزدحم – منتصف النهار – الجو حار
كان ماشي بخطوة بطيئة، وجبهته باينة فيها العرق، مش بس من الشمس، لكن من التفكير والضغط والهم.

آدم وقف قدام ورقة معلقة على باب محل كبير مكتوب فيها:
"مطلوب مساعد – 12 ساعة عمل – المرتب 1800"
ضحكة يائسة طلعت منه، وقال بصوت واطي:ـ "يعني يومي كله بـ60 جنيه؟ دا حتى المواصلات والعيشة أغلى..."
كمل مشيه، عينه بتدور على أي إعلان، أي باب مفتوح، أي فرصة، لكن كل حاجة كانت يا إما فوق طاقته، يا إما مش مناسبة... يا إما "مطلوب خبرة"، يا إما "لا يزيد السن عن ٢١"، أو "بنات فقط"، أو المرتب قليل أوي كأنهم بيشحتوا منه مجهوده.
فرك وشه بإيده، وقال لنفسه:
ـ "هو أنا قليل؟ ولا الدنيا هي اللي قاسية؟ ولا أنا اللي مش عارف أزق الباب اللي ورا الفرصة؟"
وقف... خد نفس عميق، بص لنفسه في زجاج عربية معدية وقال بصوت مخنوق:
ـ "أنا تايه..."
وبدون ما ياخد قرار، رجله كملت تمشي في الشارع... لا عارف رايح فين، ولا هيلاقي إيه، بس ماشي... يمكن المشي أرحم من الوقوف في نفس المكان اللي مش لاقي فيه غير الخنقة

اسير قاعده فى المساء مستنيه رجوع ادم لكنه بيكون اتاخر بتتسائل لو استقر هناك او اين يكون هو
-ازاى ممكن اساعدك وانت رافض اتدخل ف اى حاجه

بيسير في الشوارع بالليل، دخل كذا محل وكذا مكتب يسأل عن شغل، وماكانش فيه حاجة، ولو فيه، المرتبات قليلة جدًا، وتاخد منه يومه كله.
مش عارف يرجع ويقولها إنه رجع زي ما راح، من غير فايدة.

كان ماشي ساكت، شايل همه، بيعدّي قدام الورشة ووقف عندها...
تخيّل نفسه وهو بيقفلها في وقت زي ده عشان يرجع بيته، أو يقعد مع صاحبه، أو يروح المسجد.

حس بغُصة قوية جواه وهو شايف شغله اللي راح، وبقى بيدور على باب في كل اتجاه، ويتخبط في الحيط.

اتنهّد تنهيدة عميقة كأنها طالع من قلبه لحد الأرض...
بس فجأة استوقفه شيء، رفع إيده وقرّبها من وشه...

ريحة... بنزين؟!

بص للورشة، وجت شادية وقالت:

بنعمل إيه هنا كده؟
بصلها آدم وقال:

مفيش... كنت بس ببُص على الخراب.

قالت له:

-مش هتطلع الحاجات اللي جوه؟ الحديد ده لو جمعته ممكن يجيبلك مبلغ كويس، أو حتى تجدده وتبدأ من جديد، يمكن يرجع أحسن من الأول.
ما ردّش، فبصت لإيده وسألته:

-إيدك فيها إيه؟

-في ريحة بنزين على الأرض.

-طبيعي يكون فيه بنزين، دي ورشة عربيات. تقصد إن البنزين ده حصل من حريقة؟ حد كان ممكن يرمي حاجة؟

-ممكن، بس البنزين جه منين؟ أنا دايمًا كنت حريص جدًا ما يحصلش أي تسريب، ولما بخلص أي عربية كنت بنضف مكانها تمام.

يمكن نسيت؟ أو حد تاني كان ساب عربيته والبنزين فيها سايب؟
سكت آدم، لأنه متأكد إن الغلطة دي مستحيل تحصل منه.
كان دايمًا حريص، وبيتأكد من كل حاجة بنفسه، وبيبعد أي حاجة ممكن تسبب خطر.

افتكر يومها... آخر يوم ليه، وهو بيفتح الورشة، كان حاسس إن في حد بيراقبه، أو ماشي وراه، أو حتى عنيه عليه من بعيد...

شادية:

مالك؟ سرحت في إيه؟

-لا، مفيش...

ربتاج قاعده بتتعشي مع عيلتها ونش باصه غير فى التليفون
شيرين-متسيبى التليفون ده واكليه
 بتحط التليفون بغضب قالت- مبيرددش... مش عارفه ليه
توفيق-عاصم؟!
-اه.. برن عليه من الصبح.. وحتى بليل.. بس مبيردش.. من آخر مكالمه لما نام متكلمنيش تانى.. حتى وقت البريك فى شغله مردش عليا
كانت مضايقروماسك المعلقه بغضب بتبص شيرين لجوزها الى قال
-مش عايزك تدلقى نفسك عليه يا ريتاج
ريتاج-بنقول اى يبابى
-الى سمعتيه، اجنا بنحب الحريه وخليها نيصحه منى.. حساكى متعلقه بيه بزياده
سكتت قالت- وعاصم كمان بتحبنى
-بس بيتقل عشان كده انتى علطول بتفكرى فيه
-انا وعاصم بنحب بعض ومفيش الكلام ده ف علاقتنا
-نا عرفتك واتمنى تهدى شويه.. لأن أعصابك ابتدت تتعب ياحبيبة قلبى
مرداش بس بصيت لوالدتها وتليفونها رن وكان عاصم ابتسمت وبصيت لابوها قال
-قولتلك مفيش مبينا الكلام ده، كان مشغول وبيرن عليا
وريته المكالمه كانها بتثبت وقامت ترد، شيرين
-لى قولت كده
-نا بتكلم معاها عادى وهى فعلا بتحرى وراه.. وهو مين الراجل فيهم
-هما بيحبو بعض ياتوفيق بلاش نتدخل احنا
-دى بنتى يعنى اتدخل ف كل حاجه ف حياتها
سكتت بياكل توفيق بلا مبالاه

عاصم وهو راجع عدى من قدام المطعم بس ملقاش ادم عرف انه متعينش ومشي، روح البيت وهو داخل شافه من بعيد جاي 
ادم شافه استغرب قال- اى الى مرجعك متأخر
-كان عندى ميتنج برا.. انت لقيت شغل ولا
-لا..ملقتش حاجه مناسبه
-والمطعم ده
-قالى الفين ونص
-اى المبلغ الحقير ده، وعدد السعات كام طيب
-بلاش تعرف
بصله عاصم قليلا قال- جربت تشتغل من شهادتك... انا ممكن اشوفلك شغل ك محاسبه.. بنك مثلا
نظر إليه ادم قال- قدامك
-لو لقيت هعرفك علطول وهتتقبل لان شفل البنك واسطه
ابتسم ادم قال- وانت الواسطه
-متستقلش بيا علاقاتى كتير
-عارف حاجه زى دى ومش مستغربها
جه صوت امهم- بما انكم هنا يلا ناكل سوا بدل مبقالى كتير باكل لوحدى
ادم- هاكل مع اسير، مستنياني من المغرب
طلع بصيت عبير لعاصم قالت- بتتكلمو عادى
-هنتخانق يعنى.. انتى عارفانى نا وادم
ابتسمت قالت-ربنا يخليكم لبعض

 الباب بيتفتح بهدوء… آدم دخل بخطوات تقيلة، باين عليه التعب مش بس من المشي، من الدنيا كلها
أسير طلعت له من المطبخ، لابسة حاجة بسيطة، شعرها مربوط، ووشها فيه شوق وقلق، أول ما شافته ابتسمت وقالت بحنان:
ـ "اتأخرت يا آدم… كنت مستنياك…"
قربت منه، حاولت تاخده بالحضن، لكنه بادلها بارهاق بصتله وحسيته مش كويسه
ادم ـ معلش… مش قادر دلوقتي…
أسير بصت له وقلقها زاد، قالت بهدوء وهي بتقفل باب الشقة وراه:
ـ مالك.. انت اشتغلت ولا لا
-لا
-امال اتاخرت لى انا بحسبك هناك
-كنت بدور
 بيقعد على الكنبة، حط وشه في إيده وقال بصوت مبحوح:
ـ "لفيت نص البلد… كل حاجة يا إما مرتبات تكسف، يا إما شغل بـ12 ساعة كأنك عبد… كأنك مش إنسان…"
قربت منه، حطت إيدها على ضهره بحنية وقالت:
ـ "مش مشكله إنت حاولت… وده لوحده يكفي النهاردة
رد بسرعة، صوته فيه نبرة يأس:
ـ "محاولة؟! هحاول تانى بس… هل كل مرة هرجع زي ما أنا… حاسس إني بتكسر حتة حتة… الورشة اللي ولعت خدت مني كل حاجة يا أسير… شغلي… تعبي… حتى كرامتي.
أسير سكتت لحظة، لكنها ما استسلمتش، قربت أكتر، بصت له بعنيها اللى مليانة إيمان وقالت بهدوء:
ـ ربنا بيحبك يا ادم...
نظرت له قال- بيحبك عشان كده بيبتليك وعارف انك قدها... ان الله اذا احب عبدا ابتلاه... ولا اى
بصلها، مستغرب الكلام، وقال بسخرية متعَبة:
ـ ونعم بالله بس الابتلاء صعب يا اسير...بيحبني؟! طب إنتي شايفة دا حب انا بعانى من زمان؟"
مسكت إيده، وضغطت عليها برفق وقالت:
ـ "آه حب بلاش الى حصل يضعف ايمانك… ربنا بيجهزك لحاجة أكبر… بيصقلك… بيقويك… مش بيكسر قلبك، دا بيصلحه… آدم، إنت راجل أنا فخورة بيه… وبكره، لو مش النهاردة، هتلاقي… وهقوم أقولك: شفت؟ ربنا مابينساش."
سكت شوية… وبص لها
ـ "أنا تعبت يا اسير من زمان ونا الدنيا بترمينى لسابع ارض
حضنته، وهو سايب نفسه ليها لأول مرة من مدة… كأن الحضن دا بيجمع كل القطع المكسورة جواه، وهي بتهمس في ودنه:
ـ "وأنا معاكي، لحد ما التعب دا يبقى مجرد ذكرى."

 على السفره كانو بياكلو سوا واسير بتبص لادم من وقت لتانى وده لاحظ ادم وقال
-عايزه تقولى حاجه
-لا
-اسير
مانه عارب ما بها قالت- امبارح نزلت الشهاده بتاعتى وافتكرت صحابى، ممكن اسال منهم الى اشتغل لو ف شغل معاهم
نظر اليها، أسير (بهدوء)
ـ "أنا كنت بفكر… يمكن لو نزلت اشتغلت، أساعدك شويه… يعني… إحنا اتنين، مش لازم كل الحمل عليك لوحدك
آدم بص لها ببطء، صمته كان مرعب أكتر من أي رد… رفع عينه ليها وقال بنبرة مخنوقة وهو بيحاول يثبت نفسه:
ـ "يعني أنا مش مكفي؟"
أسير (بسرعة وبقلق)
ـ "لا! لا طبعًا مش كده! بس أنا…"
ـ "بس إيه؟!"
لقيته الضيق بأن عليه، ادم
ـ "حسيتي إنك ناقصة؟ إني مش راجل كفاية؟
ـ "آدم بلاش تقول كده… أنا بس بفكر فينا! مش ضدك…"
ـ "طب قوليلي معن. كلام اى.. حد قصر معاكي؟ قوليلي يمكن فعلاً أنا مش واخد بالي؟!"
أسير (عينيها بتملى دموع بس بتحاول تبان قوية)
ـ "أنا بساعدك… مش بلومك… ولا في دماغي أي حاجة غير إنك ترتاح شويه…"

آدم (بصوت مكسور لكن فيه قسوة)
ـ "طب ليه دلوقتي؟ لما خلاص الدنيا بقت ضدي؟ تفتحيلي موضوع الشغل وانتى عارفه انى رافضه من زمان، بعد اما اتجوزتك اخليكى تنزلى... الصلح كان خاتم جوازك ودلوقتى شغل... بتخلينى اندم انى بحكيلك حاجه
أسير (بصوت منخفض)ـ "أنا آسفة… بس بلاش تفهمني غلط فيها اى الشغل…"
ـ فيها انى رافض وعايزك تعقدى ف البيت زى الملكه
سكتت اسير كان ادم هيقوم من ع الاكل منعته اسير قالت
-ادم.. انتى لى شخصنت الموضوع
-اسير بعد إذنك
تنهد وقال بهدوء عشان ميتعصبش- الموضوع منهى

أسير خدت نفس عميق دخلت الاوضه لقيته قاعد، راحت ناحيته… بخطوة هادية، قلبها بيقولها: "دا الوقت اللي لازم أكون فيه حضنه مش خصمه".
قعدت جنبه، وحطت إيديها على إيده وهو مش بيبصلها.
أسير (بصوت هادي)
ـ "بصلي…متزعلش منى
-عارفه كويس انى مستحيل ازعل منك
ـ طب لى مفهمتنيش صح.. نا مش بقلل منك… بالعكس، أنا فخورة بيك… كل يوم، وإنت بتقوم وبتحاول، وبتقاتل رغم إنك مكسور… أنا كنت فاكرة إني بدعمك، مش بأذيك… آسفة يا آدم."
ـ "أنا حسيت إني مش كفاية ليكي… حسيت إنك بتدوري على حل غيري…عايز انا بس الى تحتجيلى
أسير (بحنية وهي بتلمس وشه)
ـ "الحل هو إحنا… مش الشغل، ولا الشهادة، ولا أي حاجة. أنا مش عايزة حاجة غيرك… الشغل في فستين داهية انا بحب افضالك انت بس
-انا بحبك.. راحتك هى كل الى تهمنى يا اسير
- عارفه وبحبك اكتر
حضنها أخيرًا… حضن طويل، ساكت… لكنه بيصرخ بكل المشاعر اللي اتكتمت، وبكل اللي اتقال واتفهم، واللي ما اتقالش بس وصل
وهي قالت في ودنه:
ـ "كلنا بنقع، بس طول ما إيدينا في إيدين بعض، هنقوم… وكل باب مقفول، هيتفتح… بإيدك."
بيصدر صوت رن بيلاقيه فؤاد رد-الو
-اى يا ادم، بقولك...ف شغل مندوب بكره تبع ناس اعرفهم
-مندوب
-اه انت عندك خبره من آخر مره
-تمم امتى وفين
-هبعتلك رساله بتفاصيل
-شكرا يافؤاد
-العفو ع اى بس
بينهم المكالمه قال- شغل
اسير-خير انشاءالله

 آدم ماشي في شارع الساعة قرّبت على ١٠ الصبح. ماسك في إيده ورقة عليها عنوان مطعم، رايح على المعاد الى اتفق عليه مع الراجل
فجأة، سمع صوت شاف راجل فى الأربعين بيتكلم ف التليفون
-بقولك مفيش حد هنا قريب والعربيه وقفت معليش حتى اوديها اى معرض... اتصرف ابعتلى اى حد
كان مضايق واقف جنب عربيته واللي باين إنها اتعطلت وبيبص على الطريق يمين وشمال
آدم وقف لحظة، يبص للوقت، بعدين خد نفس عميق وقال لنفسه:
– "المقابلة مش هتطير… الراجل محتاج حد يساعده."

بيقف الراجل ويشوف اى عربيه معميه بيقرب ادم منه وقال:
– "محتاج مساعده؟"
الراجل لفّ عليه وقال بانفعال:
– "العربية وقفت فجأه، ومعرفش ليه… وأنا ورايا مشوار مهم أوي."
آدم قرب من العربية وبص تحت الكابوت وهو بيقول:
– "لو تحب أبصلك عليها،
-مش مشكله هوقف تاكسي وابعت اى مهندس يصلحها بعدين
-متقلقش انا ميكانيكى مش هبوظها
الراجل اتفاجئ شوية وقال:
– "بجد؟ طب والله يا ابني لو تعرف تبص عليها تبقى خدمتني جامد."
آدم لف كمّه، وبدأ يفحص الموتور بحركة خفيفة وسريعة
الراجل- اسمك اى
-آدم
 لمّح سلك مفكوك– دي المشكله
-هى اى؟!
-السلك ده مش راكب مظبوط. لحظة واحدة."
بأطراف صوابعه وباستخدام اصابعه الماهره بصله الراجل قليلا رفع ادم وشه قال
-جرب
-عملتها؟!
شاورله ادم راح قعد وشغلها دارت فورًا.
الراجل اندهش وقال بإعجاب:
-دى اشتغلت... انت دماغ عاليه فعلا بالسرعه دى.. واضح انى استقليت بيك
شريف نزل وهو مبسوط قال بيفتح محفظته:
– إنت ساعدتني جدًا، ووقفت جنبي من غير ما تعرفني… خد دول، أقل حاجه."
مد إيده بمبلغ صغير، آدم بص للفلوس، وبعدين رفع عينه لوش الراجل، وملامحه اتغيرت قال بجديه
– "أنا ساعدتك عشان محتاج مساعده… مش عشان آخد مقابل."
الراجل اتفاجئ، وسحب إيده ببطء، حس كأن تصرفه ضايق آدم. قال
– "أنا آسف... كنت فاكرها لفتة تقدير مش أكتر... مفيش حد بيعمل حاجه بدون مقابل
-حصل خير
الراجل سكت، وشه فيه لمعة احترام.
فضل ساكت ثواني، وبصله كأنه بيشوف فيه حاجة نادرة.. خد باله من ورقة في إيد آدم… كانت مطوية نصين، بس العنوان واضح.
قرب منه وقال بابتسامة:
– "إنت كنت طالب أوردر من المطعم؟"
آدم هزّ راسه وقال بهدوء:
– "لأ… دي ورقة عنوان، كنت رايح أقدّم فيها شغل."
الراجل استغرب وسأله وهو بيقفل كابوت العربية:
– "أمال إنت مش ميكانيكي؟ مش لسه قايللي إنك كنت بتشتغل في ورشة؟"
آدم اتحرج شوية، اتنهد وقال:
– "سابقا... حصل ظروف ومبقاش ف ورشه ف نزلت اقدم أدور على أي شغل، أي حاجه أبدأ منها من تاني."
الراجل بص له باهتمام أكتر، وسأله:
– إنت خريج إيه
– "تجارة
الراجل اتفاجئ، فتح عينه باستغراب وقال:
– "تجارة؟! وإشتغلت ميكانيكي؟!"
ادم ابتسم قال، وقال:
– قليل الى بيشتغلو فى مصر بشهادتهم... ونا كنت واخد مهنه من والدى من زمان وأنا بحب أفك وأركّب.. بس مفيش شغل ف مجالى، وكنت لازم أساعد في البيت، فاشتغلت في ورشة جنبنا، وكنت بحبها بصراحة، حسيت فيها إنى بنجز وبفيد… بس لما الدنيا لخبطت، قلت أبدأ من أول وجديد في أي مكان تانى
-والراتب، يكفيك انت ومراتك وعيلت
-عرفت منين انى متجوز
-الدبله الى ف ايدك
-اه.. المرتبات قليله بس تمشي
بص ف تليفونه لساعه قال– أنا لازم أمشي... عشان متأخرش
لسا هيمشي قال رجل :
– استنى يا ادم
نظر له قال- ممكن رقم تليفونك
-اه بس لى؟!
-هحتاجك فى شغل
نظر ادم إليه سجل رقمه فى تليفون بيرمي الراجل عربيته ويمشي نظر له ادم بيروح على المطعم
فؤاد-اتاخرت ليه
-حصل حاجه ف الطريق
-تمم انا اتفقت معاهن بدالك إنت ادخل استلم الشغل وخلاص.. مندوب وانت اشتغلتها قبل كده والقبض ٥٠٠٠
نظر له ادم قال-١٠سعات
اوما إليها تنهد ادم قال- تمم شكرا يفؤاد
-هتستلم
-اه لحد ما الاقى فرصه احين مس هعقد ل البيت كتير
-ربنا معاك

عاصم واقف مع راجل باين عليه الثراء والقوه كان قاعد فى كمبواند والنادل بيحطله مشروب
راجل- لما عماد قالى ان حد مسك الموضوع معرفش انه شاب قولت حد كبير متمكن
عاصم- الشاب ده عنل حجات كتير وخلصها ف اقل من اسبوع
-يعنى بتقولى اعتمد عليك
-عرفنى غرضك بالظبط
-هو مفهمكش، منطقه سكنيه بيئه عايز احولها لحي سياحى كبير
-وعرضت علبهم فلوس
-ف كتير رفضو بحجه الوفاء الغبى
-تمم انا هخلصلك الموضوع ده بس محتاج راس مالى.. هرواغ السطان ونحط ان مفيش حل غير الفلوس بدل ميخرجو خسر.انين
-فلوسي تحت امرك... بعيدا طبعا عن اتعابك لو خلصت الموضوع
-يبقى اتفقنا
صافحه الرجل بابتسامه وثقه فيه لان باين على عاصم انه مش سهل وده إلى طمنه

ادم بيكون بيوصل اوردرات يوميا، كان من ضمن توصيلاته انه يشوف شغل اضافى بجانب الطلبات
كانت الشمس حاميه فوق رأسه مباشره بيوصل الصبح وبليل اوقات كان بيعق، وقت اضافى غرضا منه لزياده قيمه يوميته
اسير كانت بتنستناه لحد ما يرجع رغم ان ادم كان يأكد عليها انها تأمل وتنام لكن يتفجأ بيها مستنياه
اسير - هسخن الاكل عشان ناكل
كان بيضايق من نفسه انه قعدها ده كله، وهما بياكلو اسير بتساله باهتمام
-عملت اى النهارده...شغلك مشي كويس
-الحمدالله.. اسير
-نعم
-ابقى كلى متستننيش.. بلاش تعقدى ده كله
-انا بحب السهر ثم نا بكون قاعده اليوم كله زهقانه مبعملش حاجه فيها اى استناك... لحظه رجوعك ونس يا ادم ولا انت مبتحبش تاكل معايا
-بستنى ارجع اشوف عينك
مسك ايدها وقبلها بحب احمرت وجنتيها بابتسامه قرب من عينها قال
-بتتكسفى ها
ضحكت عليه بادلها بخفو للحظه هاديه برفقتها

فى يوم اجازة ادم كان فى الورشه واسير معاه، نظرت إليه دخلت هى قبله وشعرت بالحزن على شكل الورشه لطن لم تظهر هذا
قالت- المفروض كنا نلم الحجات دى يومها.. مش هتبقى خساره وخسارة
ادم- هيجيبو كام يعنى
-يجيبو الى يجيبو لكن منسبهاش كده
انحنت وشالت أغراض من على الارض وطلع ادم صندوق محترق واتفتح بالسهوله كان ف معدات حديد، ابتسم اسير لتخفف عنه وحطيت الأشياء فيها
اسير- انت مش ناوى تفتحها تانى
ادم-صعب يا اسير
-لو بقا معاك مش هتفتح تانى
سكت ونظر إليها قال- معتقدش
-طب اى رايك نأجر المكان للوقت الحالى.. يبقى محل تجاري مثلا.. هيتجدد ويرجع احسن من الاول
-ايجار؟!
-اه.. بدل مهتكون فاضيه لا منك بتشتغل فيها ولا فيها نفع
-هشوف كده حاضر
-ادم...
نظر إليها قال باعين تاملها الامل
-اياك تيأس، الدنيا وحشه بس انا شايفه قدام آدم رجل أعمال مشهوووور
ابتسم قال-واى كمان
-مش رجل اعمال خلاص معرض عربيات كبيرر.. عمتا النجاح ياين ف عينك
-انا ناجح بيكى
ابتسمت قالت- اممم بتسكتنى هاا
كملو ما يفعلوه وجمعو أغراض الورشه الصالح والغير ف هناك من يبحث عن معادن كتلك، شالهم ادم وحطهم ع جنب ونظر للورشه الى بقيت خاليه كأنه بيودع كل ركن فيها
خرج وكانت اسير مستنياه روحو سوا قالت-تيجى نسهر مع بعض النهارده
-الشغل بكره بدرى.. للاسف مش هعرف
سكتت فلقد انتظرت يوم إجازته بفارغ الصبر، ادم كان هيتكلم قالت اسير
-صحينى قبل ما تمشي بلاش الوداع الخطفى ده
-ربنا ميجيب وداع
-ادم... لو انا مش معاك هتعمل اى
-اى السؤال ده
-عادى مجرد هرمونات
-هضيع... دى اجابه كافيه
-جدا
ابتسم واكملو سيرهم

في مكان السهر، كان عاصم قاعد مع ريتاج، فقالت بانفعال:

-أوه ماي جاد! اتحرقت كلها؟ إزاي؟

-ماس كهربائي.

-عشان كده مكنتش بترد عليا؟

-ماقدرتش... كان في ضغط كبير في البيت.

-تمام، عادي يا حبيبي، أنا بس كنت قلقانة عليك... وآدم ناوي يعمل إيه دلوقتي؟

-هيشتغل... سألت عماد لو فيه وظيفة فاضية محاسب او بنك بس اتأخر لحد دلوقتى ف الرد
-آدم يشتغل في بنك؟!
-آدم خريج تجارة.
-آه عارفة، بس البنك مش بيقبل أي حد، ده شغل عالي، وآدم كده هيبقى في مكان تاني خالص.
قربت منه وقالت له بنبرة فيها لمحة:
-يعني لما تساعده... هتخليه زيك؟
-زيي؟! دي مجرد وظيفة، عمرها ما تكون في مستواي.
كأنه اتخيل آدم هيبقى في نفس مستواه، وإن أسير تبدأ تشوف فيه حاجة أكتر وأكتر...
عاصم:
-وبعدين... إنتي تقصدي إيه؟
-مفيش، مقصدش حاجة...أنا بس
-اياكى تدخلى ف حاجه بينى وبين اخويا يا ريتاج، لا دلوقتى ولا حتى لما تبقى مراتى
-بتتكلم معايا كده لى يعاصم
- هو محتاج الوظيفة دي، ومش هسيبه محتاج، ادم كان أبويا اللي عمره ما قصّر معايا.
-اعتبرني متكلمتش خلاص
عاصم شرب، متجاهل كلامها، بس كلامها علق في دماغه...
رجعته الذكريات لزمان، وهو صغير، وكان آدم دايمًا بيساعده.
افتكر يوم تقديمه في الكلية، لما كان محتاس، وآدم هو اللي خلص له الورق.
حتى وقت الجيش، ما سبهوش، وكان أول حد يطمنه.
هل النهارده ينكر اللي عمله علشان غيرته من ناحيته؟
علشان عايز أسير تشوفه هو بس، وتفتخر بوظيفته الكبيرة؟
هزّ دماغه، ونفض أفكاره، واتجاهل كل ده.

فى اليوم التالى ادم بيوصل ركضا على المطعم
المدير-اتاخرت لى
-المواصلات
-كنت تنزل بدرى المفروض شغلك يبدأ من نص ساعه المفروض اشيله انا
نظر له ادم من طريقته قال ببرود- انت بتتكلم كده لى.. قولتلك الطريق
-هتعرفنى اتكلم ازاى، مخصوم منك يومين
ابتسم ادم ونظر اليه قال- يومين هو الشهر ف كام يوم... تخصملى بتاع اى، كنت بتدفع حق بنزين بتاعى
جه شاب قال- خلاص يا ادم المدير بس متعصب النهارده
ادم قلع التيشرت وادهوله قال- معاملة العبيد مش معايا
خرج من هناك جمع قبضته ورجع البيت
نظرت اسير إليه من رجوعه قالت- ادم اى الى رجعك بدرى
-سيبينى دلوقتى
سكتت تنهد ادم فهو لا يقبل احد ان يتعالى عليه، هل كان يجب أن يلكمه.. لكنه فى مقام والده واخلاقه لن تسمح له
بيرن تليفون ادم من بقم غريب بيحسبه زميله فى الشغل فاتجاهل لكن بيرن تليفونه تانى.. رد بتنهيده
-أزيك يا ادم
-بخير مين؟!
-انا شريف
-شريف مين؟!!
-اممم خلينى افكرك، العربيه المتعطله فى نص الطريق
استوعب ادم من هذا اومأ إليه قال
-اه افتكرتك معلش بس دماغى
-ولا يهمك
-خير ف حاجه
-فاضى تقابلينى
-لى، ف حاحه يعنى
-اتكلم معاك، ده لو برا معاد شغلك
سكت ادم لانه موريهوش حاه قال
-تمم امتى
-النهارده لو حابب
-تمم ابعتلى العنوان
-دلوقتى... تمام انا فى المصنع خد عنوانه ونتكلم هناك

بيوصل ادم على العنوان نظر إلى ذلك المصنع الى بيعج برائحه اللحام
دخل نظر له رجال الأمن قال- شريف هنا
-استاذ شريف
جه صوت من بعيد قال- تعالى يا ادم
نظر له انه ذات الرجل، دخل سلم عليه شريف قال
-ده اول سلام بينا المره إلى فاتت كنت مستعجل نسيت حتى اعرفك أسمى... شريف رضوان
-اهلا
-تحب تتفرج على المصنع واحنا بنتكلم
-معنديش مانع
-تشرب اى الاول
-قهوه
شاور للعمال قال- قهوه للمهندس
مشيو هما الاتنين سوا بص ادم للعمال بل حدادين، بيلف ويشوف اجزاء سياره لا تغيب عن اعينه انها من اجود انواع السيارات التى تصنع هذا العام
شريف- اعتقد انك عرفت احنا فين.. ده مصنع حداده للعربيات، هنا بنشكل ويتم نقلها للمهندسين تجهيز مع مجموعه مهندسين وتنزل السوق
-المعنى
-شركة عربيات "kfg"
نظر إليه ادم اومأ إليه قال- هى الشركه الام الاجنبيه وده الفرع الى فمصر
اومأ له بتفهم جه العامل اداله القهوه
قال شريف- اشرب قهوتك
ادم- شكرا
-اى رايك يا ادم
-شغل حلو بس سؤال انا مالى
-مش قولتلك هتصل عليك احتاجك لشغل....
نظر له ادم حين قال ذلك
شريف- انت عملت اى ف شغلانتك ف المطعم
سكت بضيق من التذكر قال
-مش مهم
-يعنى تقدر تسيبها وتشتغل معايا
-اشتغل هنا؟! ف المصنع
-مش بالظبط كده... فى فرع المصنع التانى حصل ضغط كبير أو عشان اكون واضح خلل.. ورئيس محتاج حد اداره يشرف هناك ويكون فاهم الدنيا كويس ونا ملقتش غيرك يا ادم
-ف اى بالظبط
-فاهم فى العربيات والميكانيكا وكمان خريج تجاره... بس الاولويه هتشتغل بشهادتك، مدير حسابات هناك مش مع العمال متقلقش
حت. لو قال مع العمال لكان وافق قال
-اشمعنى انا
-عادى دى وظيفه انت مناسب ليها وردا لجميلك معايا يومها.. وعشان اكون صريح معاك ده كان المفروض وظيفة ابنى بس هو رفض وهو بطبيعته لعبى مش عايز اخسر وظيفتى نا كمان بسببه
سكت ادم ونظر اليه والى المكان
شريف- المرتب مجزى وفى تأمينات شخصيه، بلاش تضيع فرصه زى دى
-الفرع التانى ده فين
-دى المشكله الى ممكن تواجهك
-مشكله اي؟!

اسير قاعده مع عمتها عبير قالت- كويس والله الإيجار احسن من قفلتها كده
اسير- باين انه مش مهتم، لو كنتى اتكلمتى معاه انتى كان هيفهم انك الى عايزه
-نا بقولك تدخله اى قرش ينفع...وهو فين دلوقتى
-زمانه جاي، بعتلى رساله انه ف الطريق
اومات بتفهم بصيت عبير قالت- جه
شافت ادم ع الباب نظرت له اسير، دخل راحتله قالت
-روحت فين
-فى مشوار تبع شغل فى شركه كبيره
اندهشت اسير قالت- شركة اى، وعملت اى فيها
-هستلم الشغل بعد بكره، لو جهزت شنطه بدرى
كانت اسير هتبتسم بس قالت باستغراب
-شنطه اى
-هسافر


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1