رواية تؤام روح الفصل الخامس و العشرون 25 والاخير بقلم يارا سمير

 

رواية تؤام روح الفصل الخامس و العشرون والاخير بقلم يارا سمير

 
في اليوم التالي قرر زين السفر الى القاهرة لينهي ارتباطه مع بسنت .. فى تلك اللحظة كانت مريم ارسلت رسالة واعتذرت لايهاب عن العرض واخبرته برفضها .. حين وصل زين الى منزل بسنت رن الجرس وفتحت بسنت الباب وملامحها مضطربه :
_ الحقني يا زين .. ماما مبتردش عليا .
سريعًاا دخل زين الى الداخل وطلب الاسعاف وذهبوا الى المشفي .. دخلت غرفة الطواري وبسنت جالسة تبكي وزين يحاول يطمئنها :
_ هتبقى بخير يا بسنت متقلقيش .
_ انا خايفة يا زين ..
_ لا متخافيش .. انا معاكي والدكتور هيخرج يطمنا دلواقتي ..
بعد لحظات خرج الطبيب وطمئنهم عليها .. دخلوا اليها كانت نائمة .. غادر زين مع بسنت وجلسوا فى الكافتيريا ليشربا شئ حتى تهدأ :
_ الدكتور طمنا قال غيبوبة سكر وهما ظبطوا الدنيا .
_ انا كنت هموت يا زين .
_ بعد الشر عنك وعنها .. هتتحسن وهتبقى زي الفل
كان زين يضع يده على يدها ليربت عليها بلطف فوضعت بسنت يدها على يده وقالت :
_ بجد يا زين مش عارفه من غيرك كنت هعمل ايه .. انا مبقاش ليا حد بعد بابا وسامح .. مبقاش ليا حد .. ربنا بعتك ليا .. ربنا يخليك ليا .
صدم زين من كلماتها :
_ اهدى يا بسنت ممكن .. ماما هتبقى كويسة ربنا يخليكي ليها .
_ ويخليك لينا .. ماما بتحبك اوي يا زين ..احنا من غيرك هنتوه .
كانت كلمات بسنت وبكائها وضعفها أصعب المهمة التى جاء اليها زين وهو فتح موضوع الانفصال .. وزاد الامر سوء وتعقيد حين استيقظت والدة بسنت وطلبت ان تتحدث مع زين على انفراد وخرجت بسنت من الغرفة :
_ الف سلامة عليكي يا جميل بتتدلعي علينا كدا .
_ دلع ايه يا زين ..العمر فيه اد ايه ندلع به .
_ متقوليش كدا دا انتى اصغر من بسنت تيجي اسيب بسنت واخطبك انتى .
قالها زين كمزاح .. نظرت اليه والدة بسنت ومسكت يده وقبضت عليها بقوة ودموعها تنساب من عينيها :
_ ممكن اطلب منك طلب يا زين
_ اتفضلي وبلاش بكا كدا ..
_ اتجوزوا .. اتجوزوا انت وبسنت فى حياة عيني افرح بيها عشان لو مت اموت وانا مطمنة انها مش لوحدها ,بسنت ملهاش حد غيرك دلواقتي .. انا لو حصلي حاجة هتبقى لوحدها ..
شعر زين بالصدمة والاختناق ، ليس لانه لا يريد أن يكون وفيًا ولكن قلبه يريد مريم فقط .. اصرار والدة بسنت ومرضها دفع زين الى اعطائها الوعد التى تريده :
_ شدي حيلك انتى بس وربنا يسهل .
_ اخرج وترتبوا جوازكم..مش عاوزني اجاى اسكندرية هاجي على شرط على بيتك مع بسنت .
ابتسم ابتسامة لطيفة لها ولكنه من الداخل تمزق من المسئولية التى اترمت على عاتقه تجاة بسنت ووالدتها وبين مشاعره التى تجره بقوة نحو مريم .. دخلت بسنت الغرفة وملامحها حزينة أثقلت الوضع اكثر ..

كانت مريم فى المطعم تشع بهجة كأن شئ كان مطفى بداخلها ثم عاد ليتوهج من جديد .. ابتسامتها كانت تسبق خطواتها ، تمشي بين الطاولات وتمزح مع الزبائن والعاملين كأنها تنثر نورًا فى المكان .. كل من حولها لاحظ ذلك التحول الساحر .. كأن مريم القديمة عادت بكامل حضورها ودفئها ، تنبض بالحياة بنظراتها الواثقة وروحها التى لا تهدأ .. اقتربت اليها ملك :
_ قال ايه الموضوع ميما ؟
_ موضوع ايه ؟
_ موضوع ان المطعم لا يساع اجنحاتك .. طايرة بترفرفي بتخبطي فينا .. في حاجة احنا منعرفهاش ؟
_ حاجة.. حاجة ايه ..مفيش حاجة .. هو لازم فى حاجة عادي صاحية من النوم رايقة بلاش ؟
_ لا مش بلاش بس كل حاجة وليها سبب .
_ لا مفيش سبب رباني ..
_ رباني .. طيب يارب دايما ..
تركتها مريم وصادفت كريم وهو يدخل من الباب ولاحظ هو ايضا تغيرها وجلس برفقة ملك ينظر الى مريم وابتهاجها وابتسامتها المنتشرة :
_ هي مالها مريم ؟
تنظر اليها ملك بتركيز:
_ هي بتقول مفيش لكن اقطع ايدي ان فى حاجة هي مخبيها .
_ مش هى قالت انها اعتذرت عن عرض ايهاب مختار ؟
_ ايوه .. هو ممكن يكون فاتحها فى رجوع مثلًا ؟ اصلك مشوفتهاش لما شافته ارتبكت وحاجات كتير كدا ؟
_ وانتى ليه مبترتبكيش يا ملك ؟
- ارتبك ليه ؟
_ عشاني .. عشان شوفتيني مثلًا .
_ كريم .. احنا قولنا ايه ؟
_ خلاص متتحوليش .. انا هرتبك كفاية .. سيبك من مريم كدا كدا هيتعرف لو فى حاجة العيلة دي مبيتخباش سر فيهم ربع ساعة .. قوليهم ع الفطار لاني مستعجل فى شغل كتير والاستاذ زين طلبت معاه يروح لبسنت انهاردة ..

عاد زين الى الاسكندرية بعد يومان بعد أن أطمئن ع والدة بسنت وبسنت .. عاد مثقل القلب يحمل داخله صراعًا لا يعرف له مخرجًا .. كانت مريم تنتظره فى السطح كالعادة حتى يخبرها ب انفصاله عن بسنت ولكنه لم يظهر .. ارسلت اليه رسالة نصية اجاب انه مرهق ويريد ان ينام فتركته على أمل اللقاء به صباحًا يرافقها الى المطعم ويتناولان الفطار سويًا كعادتهم .. ولكن حدث عكس ذلك .. استيقظت مريم وارسلت له رسالة نصية انها تنتظره اجاب عليها بانه غادر باكرًا لانهاء بعض الاعمال الضرورية .. انتظرته فى المطعم فى منتصف اليوم ولم يظهر .. ليلاًا يعودا سويًا لم يظهر ظخل الشك فى قلبها ..

كان زين يتجنب لقاء مريم ، يختفي خلف أعذار العمل والانشغال ، الوعد الذي قطعه واصرار والدة بسنت المريضة على اتمام الزواج قريبًا جعله فى دوامة ولا يعرف ماذا يقول لمريم .. الهروب كان بالنسبة له أسهل من المواجهه حتى يرتب كلماته لكنه كان يعلم جيدًا انه لم يكن مخرجًا وكان يعلم أن لحظة الحقيقة تقترب مهما تأخر عنها .. فى الشركة تفاجئ بظهور مريم امامه بعد ما علمت من كريم بتواجد زين فى الشركة ..:
- مريم ..
_ مالك اتخضيت كدا ليه .. عشان قفشتك صح؟ هو دا الشغل اللى برا الشركة ؟
_ انا لسه داخل وهخرج تاني ..ببعت ايميل وخارج بجد.
_ طيب ايه امشي يعني ؟
صمت زين وهو ينظر اليها واعادت مريم كلماتها :
_ امشي ..
_ امشي دلواقتي وهشوفك بعد الشغل على السطح ؟
_ اكيد ولا هتقلبني زى امبارح ؟
_ لا اكيد ..

غادرت مريم وهي تشعر بوجود خطب ما فى زين .. وزين فى المكتب يشعر بثقل المواجهه .. ليلًا كانت مريم تنتظر ظهور زين فى السطح حتى ظهر اخيرًا .. ارتسمت ابتسامة على وجهها وجلسا :
_ ايه يا المهم هناخد منك مواعيد ولا ايه ؟
_ ليه يعني ؟
_ يعني من بعد ما كنت فى القاهرة ومشفتكتش 3 ايام مختفي خالص دااحنا شقننا قصاد بعض وبنتواصل بالرسائل ..
_ شغل ومضغوط وانتى فاهمة لو حصل تقصير كريم مش هيعتقني .
_ تمام .. قولي بسنت ومامتها عاملين ايه ؟
_ بخير .. بخير
لاحظت مريم تجنب زين فى النظر فى عينيها كما العادة .. امسكت وجهه واستدارته اتجاهها :
_ فى ايه يا زين ؟ ومتقولش مفيش ؟
صمت للحظات بتردد :
_ مريم عاوز اقولك حاجة لكن اتمنى تفهميني .
_ سامعاك ؟
كلما يحاول زين التحدث واخبار مريم لسانه كان معقود وقلبه يرفض أن يكون سببًا فى انكسارها هذه المره .. نظر اليها ووجد تلك النظر التى يعرفها جيدًا انها لم تتركه دون أن يتحدث ويخبرها .. تنهد زين وضع كفه فوق كفها وضغط بخفة وكأنها أخر طوق نجاه له يترجاها ان تتفهم موقفه جيدًا .. :
_ مريم .. انا .
_ انت ايه .. قول ؟
نظر فى عينيها وقال :
_ انا وبسنت هنتجوز كمان أسبوع .
مرت لحظة صامته ، صادمة ، ثقيلة كأنها عمر كامل .. لم ترد مريم ، لم تدمع عينيها بل ظلت تحدق فيه بصمت وكأن عقلها رفض استقبال الكلمات .. واستكمل حديثه :
_ انا عارف ان انا قولتلك هروح انهي موضوعي من بسنت لكن الظروف مشيت عكس اللى حصل ووعدت وعد لازم انفذه ..
_ واحنا .. انا .. ايه ؟
_ احنا زي مااحنا علاقتنا مش هتتغير ولو تقصدى اللى حصل اخر مرة كان غلطة وهتتنسي عادي .
صدمت مريم :
_ غلطة ..
_ يعني مش هتاثر علينا اللى بينا اكبر من كدا ..
شعور بالفراغ سكن ملامحها ، لا صدمة حادة بل خيبة عميقة كأن الروح انسحبت فجأة من الجسد وتركته يتهاوى ببطء .. ابتلعت غصة فى حلقها وشدت على أطراف اصابعها لتمنعها من الارتجاف .. حاولت الابتسامة وكانت ابتسامة مشوهه ..:
_ تمام.. مبروك .. خلاص كدا ولا في حاجة تانيه عاوز تقولها .
_ مريم افهميني انا غصب عني ..
قاطعت حديثه:
_ بتبرري ايه يا زين .. لو في تبرير هيبقى لبسنت مش ليا .. زي ماانت قولت غلطة والغلطة لازم نتحمل مسؤليتها وانا هتحمل مسؤلية غلطتي .. انت ركز فى فرحتك انت وبسنت والف مبروك .. عن أذنك .

عادت مريم الى غرفتها بخطوات متسارعة واغلقت الباب خلفها استندت بظهرها الى الباب وانزلقت الى الارض ببطء حتى وجدت نفسها جالسة ووضعت يدها كأنها تحاول تهدئه قلبها الموجوع المضطرب .. انحنت قليلًا وبدأت دموعها تنساب فى صمت بلا صوت بلا شهقه ، كأن الالم تخطى مرحلة البكاء المرتجف .. زين ظل مكانه ثابت شعر أن الكلمات التي قالها جرحته هو أيضا ..

فى الصباح فى المطعم تبدل حال مريم ، عادت صامته هادئة شاردة بعض الوقت ، اختفت ابتسامتها ومزاحها واصبحت تفضل الجلوس بمفردها .. اخبر زين والده ووالدته بخبر زواجه من بسنت ورحبوا الجميع .. وتم تحديد اليوم .. تواصلت مريم مع ايهاب مختار :
_ انا عارفه ان طلبي غريب لكن هل الفرصة لسه موجوده ولا انتهت .
_ انا كنت مراهن نفسي انك هتكلميني يا مريم وكسبت الرهان .. فرصتك موجوده فى المعهد.
_ انا موافقة .. اسافر امتى ؟
_ يومين هيجهزوا كل حاجة وهبعتلك التذكرة .
_ تمام ..

اتفقت مريم مع ايهاب ع السفر دون اخبار احد .. كان الجميع منشغل فى تجهيز منزل زين لاستقبال بسنت ووالدتها فكان لم يلاحط احد ما تخطط له مريم .. كانت ملك تراقب مريم من بعيد وجلست تحدثت معها وبعد الحاح اخبرتها مريم بقرار سفرها :
_ ومحدش يعرف ؟
_ ولا حد هيعرف .. اهلى بس اللى هيعرفوا يوم سفري وانتى دلواقتي .
_ ليه مخبيه كدا ؟
بنبرة غاضبة :
_ مش عاوزة حد يعرف يا ملك انا حرة ، لو قولتي لحد قبل ما اسافر هيبقى اخر مرة تعرفيني .
كانت مريم نبرتها حادة وغاضبة.. ارسل ايهاب لمريم التذكرة وموعد السفر قبل كتب كتاب زين بيوم ..تحدثت مع والدها ووالدتها واخبرتهم وطلبت منهم الا يخبروا احد وبالفعل لم يخبرا احد ..سافرت مريم وكان ايهاب ينتظرها فى مطار دبي :
_ ويلكم يا مريم ..
_ اهلا بك..
_ الرحلة كانت خفيفة .
_ الرحلة كانت اخف حاجة اعيشها .
لاحظ ايهاب نبرتها المختلفة وشعر بوجود خطب ما ..:
_ يلا بينا نلحق الطيارة وجهزي نفسك رحلة 8 ساعات لسنغافورا
_ جاهزة ...
_ وهناك المدير منتظرنا .
_ وانت معايا كولي أمري ؟
_ ممكن تقولي كده وهبقى مدرسك هناك .
_ بجد..
_ لو مضايقك امشي ..
_ لا ابدا بالعكس اللى نعرفه احسن من اللى منعرفوش .
_ انا قولت كدا .. يلا ..

في الاسكندرية جلست سناء تبكي ورأتها سوسن وعلمت بخبر سفر مريم.. عادت الى المنزل وأخبرت محمود وسمعهم زين وهو خارج من غرفته :
_ انتى بتقولي مريم سافرت .. سافرت فين ؟
_ قبلت عرض ايهاب تدرس برا .
ذهب الى منزل كرم وسناء :
_ ازاى سيبتوها تسافر كدا .. ازاى متقولوش لينا .
_ هي طلبت محدش يعرف انها مسافره .
_ سافرت كندا خلاص
_ لا هي مش فى كندا
تفاجئ زين :
_ اومال فين ؟
_ مقالتش ؟
_ نعم .. مقالتش لاهلها مسافره فين .. ليه ؟
_ قالت مش عاوزة حد يعرف هى راحت فين ولما توصل هتتواصل هي معانا .
ادرك زين انه هو المقصود ب اخفاء مكان سفرها عنه .. عاد الى المنزل غاضب .. دخل غرفته وبدء فى تدمير وتكسير ما يقابله .. دخلت سوسن مذعورا هي ومحمود وجدا دم ينساب من يده :
_ زين انت عملت فى نفسك ايه ؟
_ انا بجد ليه بعمل فى نفسي كدا .. ليه بعمل فى نفسي كدا ؟
نظر الى سوسن واشار عليها :
_ انتى السبب .. انتى سبب كل حاجة والحال اللى وصلتله دلواقتي انا ومريم كان بسببك.
_ انا .. انا عملت ايه ؟
_ ليه خبيتي علينا اننا مش اخوات .. ليه خبيتي علينا وخلتيني اعيش فى عذاب ضمير طول عمري بسبب حاجة حاسسها خارجة عن سيطرتي ، بسببك مريم قبلت تتجوز عشان تهرب من احساس حساه هي كمان مش ب ايدها وعاشت تعيسه.. بسببك فى واحدة تالته اتحكم عليها تعيش تعيسة عشان هتعيش مع انسان تعيس مبيحبهاش .. بسببك خلتييني اوعد وعد نهيت به حياتي كزين حكمت على روحي بالموت ..
تحدث محمود:
_ مالك يا زين فى ايه ؟
دخل كريم من باب المنزل المفتوح وجد بسنت واقفه عند باب غرفة زين وسمعت الحوار كاملًا ووقفت فى ذهول وصدمة ودموعها تنساب من عيناها .. اقترب منها كريم :
_ بسنت انت هنا من امتى ؟
تركته وغادرت المنزل ودخل للغرفة وجدت دم زين ويده المصابه :
_ فى ايه يا جماعة .. وبسنت هنا مالها مشيت بتعيط .
تفاجئ زين بوجود بسنت وتحرك مغادر للخارج لالالحاق بها .. تحدث كريم بعد ما علم ما حدث :
_ ايوه زين بيحب مريم ومن زمان ومن هما صغيرين ولولا كدبة سوسن مكنتش اى حاجة حصلت من جواز مريم ولا خطوبة زين وجوازه اللى مفروض بكره ولا سفر مريم .
جلست سوسن مصدومة :
_ انا اذيتهم بالشكل دا انا ..
جلس محمود فى صدمة يحاول ان يستوعب ما حدث ومدى الالم الذي يشعر به زين ومريم .

كانت بسنت فى منزل الزوجية تجمع أغراضها بعصبية يغلبها الحزن ، يديها ترتجفان بين الحقائب ودموعها تنساب بصمت .. وهي مغادرة صادفت زين امامها .. توقفا ونظرت اليه وملامح وجهها تنزف وجعًا .. تحاول ان تغادر وامسك زين يدها ودخل المنزل واغلق الباب :
_ بسنت حقيقي انا اسف ..
تنظر اليه ودموعها تنساب بغزارة :
_ أسف على ايه .. أسف انك محبتنيش .. طيبب كنت هتتجوزني ليه، انت فاهم كان ايه هيحصل هنتجوز .. هنتجوز وانت عارف ان انا هعيش تعيسه وانت هتكون تعيس .. ليه كنت هتعمل فينا كدا .. هل انا استحق دا ..انا عملتلك ايه .
_ صدقيني غصب عني .. انا كنت هتكلم معاكي لكن انتى ومامتك وتمسككم بيا واحساسي انى مش عاوزة اتخلى عنكم ربطني ..مكنش ينفع اقول لمامتك وهي مريضة بالشكل دا لا .
_ لا تقول يا زن.. تقول .. تقولها بنتك تستحق تعيش سعيدة وانا مش هقدر احققلها السعادة دي .. تقولها لو وافقت هعيش تعيس وهي كمان ودي مش هتكون حياة ..
_ مقدرتش .. انا اسف بجد.
وقفت بسنت تستجمع قوتها
_ الحمد لله ان كل حاجة اتعرفت دلواقتي احسن كتير ما تتعرف بعدين نكون أذينا بعض وشوهنا نفسنا بعلاقة مشوهه ملهاش اساس .. عارف انا من البداية كنت شاكة ان في حاجة غير طبيعية بينكم وانكم اخوات كانت بتسكتني ولما اتعرف الحقيقة الشك فضل ملازمني لكن معاملتك معايا كانت بتكذب احساسي .. بتعاملني كويس وبتهتم بيا مفيش حاجة عملتها حسيت بعكس كدا .. برافو يا زين برافو ..
_ الموضوع مش سهل زي ماانتي فاكرة .. لغبطة حصلت واجبرت اساير الواقع .. بسنت من حقك تكرهيني وتذميني وتعملي اللى عاوزاه انا مش هتكلم لانه حقك .
_ مش هعرف اكرهك يا زين كنت هكرهك لو كنا اتجوزنا لانك كنت هتوصلني اكره نفسي .. الحمدلله على كدا .. انا هاخد ماما من الفندق وهرجع القاهرة وهعرفها كل حاجة واعتبر الموضوع منتهي .. اتمنالك السعادة اللى عاوزها فى حياتك مع مريم ..
سحبت حقائبها وهي تشعر بالجرح ولكن ليس من زين ولكن مجروجة من الحلم الذي انهار ، من الحب الذي طنته متبادلًا .. وغادرت المنزل ووقف زين فى مكانه عاجزًا ..

توجه زين الى المرسم وبحث في كل ركن فيه على الدفتر لمعرفة العنوان ، لم يجده . حاول ان يتذكر أسم الاكاديمية لكن ذاكرته خانته .. اتصل ب إيهاب لانه الطرف الوحيد الذي يصل الى مريم واكتشف ان الرقم أغلق .. احس بضياع مضاعف مريم بعيدة وكل الخيوط مقطوعة ..

مرت الايام ببطء و زين يعيش على حافة القلق والانتظار شهر ونصف ، كان السبيل الوحيد مكالمة هاتفية من مريم لاهلها يعرف من خلالها اى بلد .. بعد شهر ونصف رن هاتف كرم ليلًا وهو فى المنزل وكان الرقم محجوب فتح الخط فجأءه صوت مريم :
_ وحشتيني ياابو الكرم ..
_ مريم .. مريم حبيببتي .طمنينا عليكي
_ انا بخير متقلقوش عليا .. سناء فين وحشتني ..
تحدثت معهم قليلًا على وعد بأتصال اخر .. فى الصباح قبل ان يذهب زين الى العمل لمح كرم يغادر المنزل واقترب نحوه يسأل عن مريم وعلم ب اتصالها ليلًا :
_ قالت هي فين ؟
_ لا .. لكن قالتلي متقلقوش عليا انا بخير وهتكلمنا تاني .
_ فين الرقم ؟
اخرج كرم الهاتف وتفاجأ زين ان الرقم محجوب وعلم ان مريم اهتمت بتفاصيل الصغيرة حتى لا يستطيع زين الوصول اليها .. تنهد تنهيدة قوية وتبدلت ملامحه لغضب وغادر الى الشركة وجلس فى حاله من الغضب والشرود المستمر .. دخل كريم المكتب تحدث ولم ينتبه زين وقال :
_ لا يا زين ركز معايا الشغل دا مهم ..
_ كريم انا عاوز اجازة
_ هتعمل بيها ايه ؟ هتروح الساحل ولا هتصيف فى اوروبا تغير جو .. ع الاقل الشغل هيليهك .. بطل كلام عبيط ركز فى مستقبلك وشغلك .
_ مش عارف .. مش عارف اركز فى اى حاجة وانا مش عارف اوصل لمريم .
_ مش هي طمنت كرم وسناء وهما قالوا ان صوتها كان كويس وبخير .. احنا محتاجين ايه غير اننا نطمن عليها واطمنا .
_ انتم دا اللى محتاجينه لكن انا محتاج اشوفها وهي قطعت كل الخيوط اللى ممكن توصلني ليها .
_ وهي مش عاوزة تشوفك .. دا اختيارها وقرارها .. انا معرفش ايه سبب القلبه الغريبة دي اللى محصلتش فى عمركم بس انا متأكد ان سببها قوي يخليها تبعد كدا .. عمومًا هي كدا كدا هترجع احنا اهلها وهنا بيتها ومريم متقدرتش تعيش بعيد عن هنا .. اقعد كدا واهدى واشتغل وصدقني فى يوم هتلاقيها داخله علينا بالزيطة بتاعتها ..

كلمات كريم لم تهدأ زين ولكنها اشعلته غضبًا .. بعد مرور 7 شهور لم يستطيع زين تخمين وقت محدد لاتصال مريم لانها كانت تتصل فى أوقات عشوائية وهذا مما أثار غضبه بقوة .. طلب كريم منه السفر الى دبي لحضور اجتماع عمل كنوع من التشتيت ووافق زين ..

سافر زين دبي لحضور اجتماع عمل .. فى زواية مطعم في دبي كان زين يجلس على طاولة أنيقة يشارك فى عشاء عمل رسمي مع مجموعة من العملاء المهمين ، وفجأة وبينما يستمع زين لكلمة أحد الحضور التفت لا شعوريًا ببصره الى الطاولات المجاورة .. تجمد للحظة ..هناك على بعد خطوات كان يجلس ايهاب مختار تحيط به مجموعة من الاشخاص يبدو فى اجتماع خاص اة لقاء مع اصدقائه .. لم يستطيع زين التجاهل ، الاهتمام بالاجتماع بدأ يتلاشى .. أستأذن بلطف من عملائه وثم نهض متوجها بخطوات ثابتة نحو طاولة ايهاب .. عيناه لم تفارقا إيهاب وقلبه ينبض بسرعة .. مزيج من التوتر والأمل كان يدرك أن هذة لحظة حاسمة وربما الوحيدة لمعرفة مكان مريم ..

تفاجئ إيهاب بوجود زين وبعد تبادل التحيات اتفقا ان يتقابلان بعد انتهاء اجتماعهم مع الاخريين .. انهى زين اجتماعه سريعًا ، بالكاد كان حاضر الذهن طوال الوقت ..كان يلقي نظرات خاطفة نحو طاولة ايهاب يراقبه بصمت .. وبمجرد أن صافح الحضور مودعًا اتجه نحو ايهاب الذي كان جالسًا وحده :
_ تشرب ايه ..
_ انا مش قاعد عشان عاوز اشرب شكرًا لكن عاوز منك حاجة تانية
_ لو اقدر اكيد مش هتأخر .
_ مريم .. مريم فين ؟ فى اى بلد ؟ عنوان المعهد اللى راحته ايه ؟
ابتسم ايهاب :
_ ليه بتسأل ؟
تفاجئ زين :
_ نعم .. ليه بسأل ؟
_ ايوه.. لان ع حسب معلوماتي من مريم.. انها معرفتش حد مكانها ودا يبقى رغبتها ومن الادب والاخلاف احافظ على رغبتها صح .
يحاول زين التماسك وان يهدأ:
_ دكتور ايهاب .. انا لازم اعرف مكان مريم ضروري ومفيش غيرك اللى هيقدر يقولي بعد أذنك لو سمحت قولي مريم فين ؟
_ ولو قولتلك هتعمل ايه هتروحلها ؟
_ ميخصش حد .. اقصد اعمل اللى اعمله .
_ ولو هي اضايقت وخدت موقف مني ايه الحل ؟
_ انا هقولها ضغطت عليك .. هددتك .. اى حاجة كانت سبب انك تقول .
ضحك ايهاب وقال :
_ انتم الاتنين اغرب اتنين شوفتهم فى حياتي حقيقي .. متقدروش تبعدوا عن بعض ومع ذلك بتبعدوا عن بعض .. عناد فى نفسكم ولا عناد فى القدر حقيقي اعرب علاقة شوفتها .
_ علاقتنا محدش فاهمها زينا .. ف انا محتاج اقابل مريم ممكن .
تنهد تنهيدة قصيرة وقال ايهاب :
_ تمام.. انا هوديك لعند مريم لكن اللى بعد كدا يخصك لوحدك .. قدرت ترجعها تمام مقدرتش وهي رفضت انا هدخل وزي ما دخلت الاكاديمية دي سهل جدًا اخدها ونروح مكان تاني محدش يعرف يوصلها ..
_ دا تهديد ..
_ لا انذار اخير لان اللى بتعملوا فى بعض مش طبيعي وغير صحيح .. المرة اللى فاتت مريم انا سيبتها رغم مشاعري اتجاهها .. سبيتها ترجعلك لانها محبتش فى حياتها غيرك ولا في مجال ولا مكان لاى حد تاني .. سبتها ترجعلك وكنت متوقع انك هتحافظ عليها لكن اتفاجئت بالعكس .
تفاجئ زين :
_ طلاقك انت ومريم كان بسببي انا ؟
_ هي مريم مقالتش السبب ؟
_ لا مقالتش اسباب ..
_ عمومًا اللى حصل حصل ولتاني مرة هديلك فرصة ترجعها لو فشلت صدقني مش هسمحلك بفرصة 3 ..اتفقنا .
_ اتفقنا .. مريم فين ؟
_ سنغافوره ..

بالفعل سافر زين مع ايهاب الى سنغافوره من المطار توجها الى الاكاديمية .. وقف زين وايهاب بعيدًا وأشار ايهاب الى مريم كانت تجلس وسط الحديقة امامها لوحة ترسم ..غارقة فى عالمها وفي تركيزها .. ثبت زين مكانه ولكن قلبه يرتجف ..عيناه لم تفارق مريم وكأنها أمامه للمرة الاولى ..اقتربت زميلتها منها وهمست بشئ فضحكت مريم ثم أمالت راسها للخلف وهي مازالت تضحك تلك الضحكة التى يعرفها زين جيدًا وأشتاق اليها .. ضحكة تنبع من القلب .. وقف زين عاجزًا حزينًا وهو ينظر اليها .. الشوق ملأ عينيه وشئ من الندم غلف ملامحه ، اراد ان يدخل اليها ولكن امسك يده ايهاب :
_ استنى مش دلواقتي هقولك امتى ..
وقف زين وعاد النظر اليها كل ما استطاع فعله فى تلك اللحظة هو ان يظل واقفًا ينظر اليها ، يتنفس حضورها من بعيد ويشعر بذلك الثقل فى صدره لانه ادرك أن المسافة الحقيقية بينهما لم تكن أبدًا بالكيلومترات بل بالقرارات التى فرقتهما ..

قام ايهاب بدعوة مريم لتناول الطعام خارج الاكاديمية .. وافقت مريم وذهبت برفقته الى أحدى المطاعم ..كانا يتحدثان ويتبادلان الاخبار .. تتابع مريم حديث إيهاب بتركيز وتحرك رأسها بين الحين والاخر بابتسامة خفيفة .. :
_ ضيفك هيتاخر انت قولت فى ضيف جاي
_ مشغولة ؟
_ متفقة مع البنات هنروح مكان فمش عاوزة اتاخر عليهم .
_ لا متقلقيش مش هتتأخري .. الضيف قرب يوصل ..
كانت الاجواء لطيفة هادئة كأصدقاء خالية من التوقعات حتى تبدلت اللحظة فجأة بظهور زين .. اقترب زين بخطوات ثابتة لكن عينيه كانتا تخفيان عاصفة مشاعر وعندما وصل الى الطاولة سحب الكرسي بهدوء وجلس أمام مريم مباشرة دون أن ينطق كلمة .. رفعت مريم عينيها وبين طرفة عين والاخرى اتسعت نظرتها بدهشة ، شهقت بصوت خافت وهي تحدق فى وجهه كانها لا تصدق ما تراه .. ارتجفت يدها للحظة وتاهت نظراتها بين زين وايهاب وتحدث ايهاب :
_ الضيف .. واعتقد انه مش ضيف اوي ولا ايه يا مريم ؟
احست مريم بشئ يشبه العاصفة يمر فى صدرها ، قلبها يخفق بسرعة وجسدها متجمد من المفاجأة ..كل اللحظات التى حاولت دفنها ، كل الاشتياق الذي أخفته خلف ابتسامات هادئة .. الالم الذي شعرت به وتذكرت كلمته (غلطة) ..عاد فجأة دفعة واحدة .. عاد مع حضور زين ونظرته .. ظل زين يحدق فيها بنظرة طويلة .. نظرة لم تحمل عتابًا بل أشتياقًا خالصًا وحزنًا وحنينًا لم يغادره منذ لحظة الفراق .. تمالكت مريم وقالت :
_ ازيك يا زين ..
_ الحمد لله وانتى ؟
_ الحمدلله زالفل .. مفاجأة لطيفة يا دكتور
ابتسم ايهاب وقال :
_ انتى اللى هتقوليلي بجد مفاجأة لطيفة ولا ؟
_ اكيد.. ( نظرت الى الساعة ) هستأذن انا عندى موعد .. نورت سنغافوره يا زين .
تركته وغادرت المطعم سريعًا نظر اليه ايهاب وتحرك زين ليلحق بها وركض خلفها ووقف امامها :
_ مريم استنى ..
_ خير ..فى حاجة ؟
_ ممكن نتكلم ؟
_ مفيش حاجة هنتكلم عليها ..
_ لا في وفي كتير ..
_ وانا مش عاوزة اسمع .. عن أذنك
قالتها بنبرة حادة وغادرت المطعم وعاد الى ايهاب وتحدث ايهاب وقال :
_ المحاولة الاولي فشلت .. قدامك محاولتين كمان لو فشلوا منصحكش تكمل محاولات .
نظر زين اليه بغضب وقال :
_ انا مش هرجع غير ومريم معايا .. دا اخر كلامي .
ابتسم ايهاب حين رأى رغبة حقيقية لاستعاد مريم وادرك أصرار زين ..بدأ زين محاولاته بشغف لم يكن يملك خطة سوى قلبه .. توجه الى الاكاديمية مكان تجلس فيه مريم لترسم واقترب منها وحين قال اسمها تجاهلت وجوده لم تعرف نظرها جمعت اغراضها وتركته وغادرت دون أن تنطق كلمة تاركة زين خلفها.. لاحقا علم بمكان تجمع مريم مع اصدقائها فى احدى المقاهي كانت تجلس تضحك وتتحدث معهم ظن أنها قد تسمح للحديث معها ..اقترب مجددًا وبنفس البرود تركته وغادرت .. لم يتراجع وذهب الى الاكاديمية مرة اخرى وكان يمتلأ بالاصرار والرغبة ان يتحدث معها أن يبرر لها أن يطلب فرصة .. سمعت صوته مريم ووقفت تغادر امسك يدها وانزعجت ودفعت يده بعيدًا :
_ انت بتعمل ايه ؟
_ مريم.. نتكلم ممكن ؟
_ انا قولتلك مفيش كلام بينا خلاص .. وكفاية وجودك فى كل مكان ..
_ انا اسف على اللى عملته .. اسف على اى حاجة ضاايقتك .
_ضايقتني .. هو انت خبطتنى من غير قصد ..
_ انا متجوزتش بسنت الموضوع اتفشكل .
قاطعت حديثه:
_ معقول انت فاكر ان انا بعدت بسبب جوازكم .. انت بجد فاكر كدا .. افكرك لان واضح انك نسيت .. الغلطة .. الغلطة اللى كان لازم تتنسي .. سمعت كلامك وبعدت عشان انسى الغلطة .
_ انا اسف مكنتش اقصد الكلمة انا كنت مضغوط وفي موقف صعب و..
قاطعت حديثه :
_ مش عاوزة اسمع تبرير .. مش عاوز اسمع كلام خلاص .. انا تحملت مسؤولية غلطتي وبس .. ارجع لحياتك ولشغلك وسيبني لحياتي ممكن ..
اقترب نحوها وامسك يدها .فجأة ندهت على موظفى الامن واقتبروا وطلبت منهم اخراجه وتفاجئ زي من تصرفها وقالت لهم باللغة الانجليزية انه غير مرغوب بتواجده ولن حصل ودخل هتقدم فيهم شكوى .. صدم زين من رد فعلها وكلماتها وهى تنظر اليه بغضب والامن يرافقه للخارج .. حاول مرة اخري ولكن لم يسمح له بالدخول ...علم ايهاب بتصرفها ودخل الى قاعة الرسم كانت تجلس امام لوحة تنظر اليها بشرود.. القى نظره على اللوحة وقال :
_ انا كمان بقول في حاجة ناقصة .. ياتري تكون ايه ؟
انتبهت مريم :
_ دكتور ايهاب ..
_ اتفقنا لوحدنا ايهاب احنا اصدقاء صح
_ صح.. كنت بتقول اللوحة ناقصها ايه ؟
_ انتى اللى هتقوليلي اللوحة ناقصها ايه ؟
نظرت اليها للحظات تتمعن تفاصيلها :
_ مش عارفة ..
_ لا عارفه لكن بتنكري ..
_ عارفه ايه ؟
_ عارفة انك بتحبي زين .. عارفة ان مشاعرك بتكون مكتملة بوجود زين .. عارفة ان اى لوحة بترسميها بتكون فيها جزء من حبك لزين .. رغم كدا بتقاوحي .. بتقاومي.. بترفضي .. لذلك كل لوحاتك اللى رسمتيها وقت ما جيتي كانت ناقصها حاجة .. ناقصها روحك اللى مع زين .
_ انا ..
_ انا مش عاوز اسمع اسباب ولا اعرف حاجة لانى واثق ومتاكد مهما حصل ف اللى بينكم اكبر بكتير منه .. ومهما زين عمل بيكون بعيد كل البعد عن حقيقة مشاعره .. هو أخطأ وانتى حاسبتيه ( نظرت اليه بشده) ايوه حاسبتيه وخلتيه يدفع ثمن اللى عمله ببعدك عنه .. ببعدك عن زين سحبتي روحه يا مريم .. ببعدكم عن بعض سحبتوا ارواحكم وعيشتوها فى عزلة .. انتم الاتنين روح واحدة فى جسدين .. مينفعش تكونوا بعاد عن بعض اكتر من كدا .. الحياة .. حياتكم غير مكتملة ببعدكم عن بعض .. فرصة اسمحيله بفرصة وسامحيه رغم انى متأكد ان قلبه سامحه لكن عقلك بيقاوح.. اسمعي لقلبك يا مريم المرادي ..
_ لما سمعت اتوجعت .. اسمع عشان اتوجع تاني .. وجع بوجع كدا احسن .
_ بالعكس وجع بوجع ترجعي لزين .. انتم بتحبوا بعض يا مريم حب اتزرع بينكم من اول يوم لكم فى الدنيا .. مستحيل مستحيل تنفصلوا ..القدر اختباركم واتاكدتوا انكم لبعض .. انتم الاتنين تؤام روح .. مبتعرفوش تتنفسوا وانتم بعاد.. كفاية ..كفاية ..

كامات مريم لمست حقيقة مشاعر مريم ومحاولة هروبها .. اتفق ايهاب مع زين لتدبير لقاء مع مريم بموافقتها .. ذهبت الى حديقة بجانب الاكاديمة وكان زين ينتظرها .. وقفت مريم أمام زين عيناها ثابتة عليه تحمل نظراتها قسوة لم يعتدها منها .. لم تتحدث كانت نظراتها تتحدث بكل ما لم تقله منذ رحلت .. زين كان واقفًا أمامها بصمت ثقيل عيناه تفيض بندم صادق ونظراته تنطق برجاء خافت .. كانت عيناه تترجاها وتطلب منها الغفران .. اللحظة كانت مشحونة بين الاعتذار الصامت والغضب المختبئ خلف ملامحها قال زين :
_ اسف .. اسف بكل لغات العالم.. اسف على كل حاجة عملتها غير مقصودة .. انا أذيت نفسي بكلامي قبل اذيتك يا مريم.. مهما قولت بجد مش هقدر اوصفلك اللى حاسه .. لما سافرتي روحي اتسحبت مني مكنتش حاسس بأى حاجة .. ولو ع الكلمة اللى قولتها انا حمار .. بعترف قدامك انى حمار ودبش كلام .
_ دا اعتراف دا
_ لو عاوزة نروح حديقة حيوان اخد استمارة انى من عائلة الحج المخطط هعملها
لم تسطع مريم اخفاء ضحكتها وابتسمت وقال زين :
_ افهم من كدا ع راى عمرو دياب ضحكتك يبقى قلبها مال .
_ لا مش بسهولة كدا ..
_ اللى انتى عاوزاه .. اللى انتى عاوزاه مهما يكون .
_ انا مش هرجع معاك
تفاجئ :
_ ايه ؟
_ ايوه.. انا لسه قدامي سنه وشهرين .. عندك اعتراض ؟
_ لا لا خالص دا مستقبلك واكيد هدعمك فيه .
_ كويس ..
_ بس هتكوني مع ايهاب توفيق المده دى لوحدكم ، انا عرفت انكم بتناموا فى الاكاديمية جوه.. يعني انتى وهو في مكان واحد .
نظرت اليه بغضب :
_ تانى .. بتخبط فى الكلام تانى من غير تفكير ايه بتناموا فى الاكاديمية دى .
_ ماهو دا اللى عرفته ؟
_ اسمه سكن الاكاديمية .. زين انت متتكلمش خالص .
_ خالص ..
_ ايوه خالص ممكن ..
_ طيب اغني ممكن وحشك صوتي صح .
_ هتغني ايه ؟
_ مر فى حينا فيل صغنن بزلومه ظريف .. قال لى برفق ليس هنالك ما يخيف لان زيزو موجود ..
انفجرت مريم بالضحك على افساده الاغنية ، كانت ضحكة خرجت من اعماقها كأنها تنهى فصلًا طويلًا من الحزن ، كانت ضحكتها ناعمة وصافية .. وفي لحظة مد زين ذراعيه وضمها اليه بقوة العاشق الذي كاد يفقد حبيببته الى الابد .. احتضنها كأن العالم كله توقف وكأن لا شئ يهم سواها .. شعرت مريم يدراعيه حولها .. شعرت بالامان الذي اشتاقت اليه وبالدفء الذي افتقدته .. اقترب منها وهمس فى اذنها بصوت منخفض :
_ بحبك ..
ف اغمضت عينيها وكأن هذا الهمس وحده كاف ليعيد قلبها الى مكانه ويملأ المسافة التى فصلت بينهما طويلًا .. كانت لحظة خالصة لا يشوبها شئ سوى الحب ..

بعد مرور 4 أعوام ..
مريم فى مرسمها فى السطح الغارق بألوان والهدوء .. كانت تجلس على مقعد خشبي تضع اللمسات الاخيرة على لوحة .. وبالخارج زين يلهو مع طفلهما الصغير ذو العامين .. ضحاكتهما تتعالى وتملأ المكان دفئًا .. وفجأة شعرت مريم بانقباض حاد باغتها كالصاعقة .. تلاحقت بعدها الألأم كأمواج عاتية .. وضعت يدها على بطنها المنتفخة وصرخت منادية :
_ زين .. الحقني يا زين ؟
ركض زين مفزوعًا ..هرع اليها :
_ فى ايه مالك ؟
_ حاسة انى بولد.. الحقني ..
_ قولتلك بلاش تطلعي وتكملي اللوحة مش لازم .
_ لا لازم انا وعدت ايهاب هتخلص وهبعتهاله عشان يعرضها فى المعرض .
_ اهو هنعرض عرض مباشرة ولادة ..
_ مش وقته هزار يلا المستشفى ..

فى المستشفى الجميع يقف بترقب ، سناء وهي تحمل طفل زين الصغير وبجانبها كرم .. ومحمود الذي يقرأ القرآن وبجانبه سوسن التى تحمل طفل كريم الصغير .. وكريم وملك الذان يحاولان تطمئنه بعض وزين الذي يتجول بخطواته اتجاه غرفة الولادة ذهاب آياب من القلق .. وفجأة صدح صوت طفلة جديدة للحياة .. خرجت الممرضة واخبرتهم بولادة طفلة تشبهه القمر .. خرجت مريم ودخلت غرفة وبعد قليل جاءت الممرضة وهى تحمل الطفلة الصغيرة وحملها زين وتحدث كرم لمحمود:
_ بص حواليك يا حودا .. الحلم اللى حلمناه اتحقق خلاص وعيلتنا كبرت .. كريم وملك وابنهم وزين ومريم وولادهم.. احنا بدأنا الحكاية اتنين وانتهت بعيلة كبيرة تفرح القلب ..
ابتسم محمود وقال :
_ وهتكبر لسه ياابو الكرم .. هتكبر كمان وكمان ..
زين يحمل الطفلة ولم يرغب فى اعطائها لمريم :
_ هاتها بقى متبقاش رخم
_ مبقاش .. انا اسمي الحقيقي رخم محمود صح يا حودا
ضحكوا وقال كريم :
_ جت يا مريم اللى هتقضي على علاقتك بزين.. شوفتوا عشتوا اد ايه ومفيش حاجة قدرت تفصلكم.. اهى جت اللى هتفصلكم ..
قالت ملك:
_ ايوه ماهي البنت حبيبة ابوها ..
تحدثت سناء :
_ شدى حيلك وهاتي انتى كمان بنوته مع ابنك يا ملك ..
تحدث كريم:
_ انا مواقق موافقه يا ملك .. موافقة حد ياخد حبي منك .
قالت ملك:
_ انت عاوز تحب حد اكتر منى براحتك براحتك
_ ولا اقدر داانتى الحب الاولاني
ضحك الجميع وقال محمود:
_ هتسموها ايه ..
نظر زين الى مريم وابتسم وقال :
_ مريم ..
_ مش كفاية ابنك سميته زين هيبقى البنت كمان .
_ ايوه عشان يكونوا اخوات حقيقي مش كدا وكدا ..
ضحكوا الجميع واقترب زين بالطفلة الى مريم واحتضنتها بين ذراعيها وطبع قبله اعلى رأس مريم وقال للطفلة :
_ اهلا بيكي يا ميما فى حياتنا ..

تمت..

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1