رواية أنا لها شمس الجزء الثانى ( اذناب الماضي ) الفصل السادس و العشرون 26 بقلم روز امين

  

 رواية أنا لها شمس الجزء الثانى ( اذناب الماضي ) الفصل السادس و العشرون بقلم روز امين



كيفَ تَسَلَّلَ عشقك داخلي ومتى تملكُ كل ذرةٍ في كياني ليصبح بكل هذا العمق،كل شيءٍ بدأ عفويًا منذ أن ألتقينا في الصِغر،نظراتنا والارتياح،ضحكاتنا التي كانت تخرج منا لتصل إلى الأفئدة،كُنا نستمعُ إلى صمت كلانا أكثرُ من الكلمات،تشابهنا للحد الذي لم يعد أحدًا يفرقُ بيننا،أصبحنا كصوتانِ خرجتا من نفس الأله لتعزفا اللحن ذاته، والأن فقط أكتشفتُ،أن جُل ما مضى كان تمهيدًا لنصٍ لم يُكتب بعد، لعشقٍ سرمدي بدأ منذ الصغر ليكتمل فينا ونكتمل به. 
بيسان&يوسف
بقلمي روز أمين 
_________________

استمع جميع من بالمنزل إلى صرخات تلك التي صعدت إلى غرفتها بعدما تناولت وجبة الغداء بصحبة العائلة، لم يشعر بحالهِ إلا وهو يركض متخبطًا من غرفة المكتب ليصعد الدرچ وضربات قلبه تقرعُ مثل طبول الحرب من قوتها، وقبل أن يصل لحجرتها ولچت الفتاة تتفقد غالية الروح،ضغطت سريعًا على زر الإضاءة كي تستطيع رؤية والدتها من وسط ذاك الظلام السائد بالغرفة، حيث ستائر الغرفة السوداء مغلقة مما أغرق الغرفة في ذاك الظلام الأسود، تطلعت بارتيابٍ على تلك التي تتوسطُ الفراش بجلوسها القرفصاء والهلعُ والرعبُ يسكنان عينيها، هرولت عليها الفتاة وهي تضمها بذراعيها: 
-مالك يا مامي، في حد عمل لك حاجة؟ 

هزت رأسها بنظراتٍ زائغة تدل على مدى الهلع وهي تحتضن ابنتها بقوة ، اقتحم الغرفة وهو يتفقد كل ركنٍ بتمعنٍ وفزعٍ يعودُ لرعبه على "خليلة الروح"، نطق وهو يهرول عليها ليجاورها الجلوس ويتفقدها بيداه: 
-مالك يا حبيبي، بتصرخي ليه كده؟، إيه اللي حصل؟! 
ازدردت لعابها لتنطق بكلماتٍ متقطعة تنم عن مدى الهلع الساكن بداخلها: 
-كـ كابوس يا فؤاد، كابوس وحش قوي
وتابعت بهزيانٍ وهي تشهق بينما إنسابت دموعِ عينيها بشدة: 
-حلمت إن حد كلمني في التليفون، قالي إنه قتل ولادي
وباتت تخبط على صدرها: 
-ولادي يا فؤاد، ولادي
جذبها لتسكن أحضانه وشدد عليها بقوة لينطق ملمسًا على ظهرها بحنوٍ: 
-إهدي يا بابا، إهدي يا حبيبي، ده كابوس، كابوس يا إيثار
وأشار للفتاة المفزوعة: 
-تاج جنبك أهي وبخير
بالكاد أنهى جملته ليُقبل عليهم «عصمت،تاج، زين الدين،مالك وحتى عزة»التي هتفت بهلعٍ ظهر بينً بعينيها،بينما أسرع الصغير ليجلس فوق ساقاي والدته وبات يلمس على كفها ويقبلهُ بحنانٍ كي تهدأ:
-مالك يا إيثار،بتصوتي ليه؟
وعصمت التي نطقت لتستفسر بفزعٍ: 
-فيه إيه يا فؤاد، مراتك بتصرخ ليه؟! 
أشار بكفه للجميع لينطق وهو يزفر بهدوءٍ بعدما أصابهُ الهلع عليها بحالة شديدة من التوتر: 
-مفيش حاجة يا حبيبتي، إهدوا كلكم
ثم مال على رأسها وقبلها ملمسًا على شعرها بحنانٍ:
-ده مجرد كابوس وعدى على خير الحمدلله

ارتفع صوت تلك المرأة وهي تقول: 
-هو فيه حد ياكل محشي وبط ويدخل ينام، ما لازم الكوابيس تطبق على نفسها

رمقها فؤاد بحدة لتنطق بارتيابٍ تحت شهقات تلك الساكنة أحضان زوجها: 
-هروح أعمل لها كباية ليمون تروق بيها دمها 
هربت سريعًا لتنطق عصمت في محاولة منها لتهدأة زوجة نجلها: 
-إهدي يا حبيبتي، وقومي كده جهزي نفسك علشان مقابلة بالليل

نطق الصبي مستفسرًا: 
-هو إيه اللي هيحصل بالليل يا نانا؟ 
ابتسمت تجيبهُ: 
-يوسف هييجي علشان يخطب بيسان

صفق الصغير بينما نطقت"تاج": 
-أخيرًا هنرتاح
اقترب زين من شقيقته وجاورها الفراش كي يقترب من والدته ثم وضع كفه يحتوي خاصتها وهو يقول بنبرة حنون:
-إنتِ كويسة يا مامي؟
خرجت من أحضان حبيب الروح لتقترب وتضم أنجالها الثلاث،تنفست بعمق تستنشقُ روائحهم العطرة لتقول:
-أنا كويسة طول ما انتم في حضني وبخير.

تنهد فؤاد حزنًا لحالتها وبعد مرور بعض الوقت تحدث لأبنائه التي مازالت تلك المرتعبة تحتضنهم بقوة وكأنها تخشى أن ينتشلهم أحدهم من أحضانها: 
-زين، خد إخواتك وروحوا أوضكم وسيبوا مامي علشان ترتاح شوية

-حاضر يا بابي...قالها الفتى باحترامٍ ثم انصرف بصحبة أشقائه،اعتدل يقابلها لينطق بعدما احتوى وجنتيها بعناية:
-أنا جنبك،وولادنا كويسين،واللي حصل لك ده مجرد كابوس مش لازم تدي له أكتر من حقه
قاطعته:
-أنا شوفت بابا 
سألها بهدوء:
-طب دي حاجة المفروض تفرحك،إنتِ لما كان بابا مبزورش أحلامك كذا اسبوع ورى بعض كنتي بتزعلي،وتقعدي تدعي لربنا كتير علشان ترجعي شوفيه تاني. 
نزلت دموعها لتنطق بشهقاتٍ مرتفعة:
-كان شكله حلو قوي،وضحكته هادية،عيونه بتشع حنان زي ما كان طول عمره،بس كان جاي ياخد حاجة مني،
هزت رأسها بتيهةٍ وتشتت لتتابع:
-مش فاكرة أو قادرة أحدد إيه هي بالظبط الحاجة دي،تقريبًا كانت جوهرة 
وهزت رأسها لتتابع بنفيٍ:
-لا مش جوهرة،أنا مش قادرة أفتكر،بس هي كانت حاجة غالية قوي لأني كنت ماسكة فيها ومتبتة،وهو كان بيشدها مني ويقولي سبيها يا إيثار،هي خلاص،مكانها بقى معايا

برغم عدم اعتقاده بالأحلام إلا أنهُ لا ينكر تأثرهُ بحديثها، نطق بملاطفة كي يخرجها مما هي فيه: 
-إوعي تكوني عاملة الفيلم الهندي ده علشان تغلوشي على إنك كبرتي وبقيتي إم العريس

إبتسامة طفيفة خرجت من جانب ثغرها ليتابع هو بنبرة تنطقُ عِشقًا: 
-قومي يا حبيبي جهزي نفسك، النهارده المفروض أجمل يوم في عمرك، إبننا أخيرًا قلبه هيرتاح ويطمن بقرب حبيبته
تنفست بعمقٍ ثم احتوت وجنته تتلمسُ بكفها شعيرات ذقنه النابت وهي تقول بأعيُن تفيضُ من العشق ما يكفي لدهرٍ: 
-ربنا يخليك لينا يا فؤاد، كملت معايا المشوار لأخره وكنت قد المسؤلية والوعد اللي وعدتهُ لي
وتابعت تذكرهُ:
- لما قولت لي إنتِ وابنك في حمايتي، ويوسف إبني ومش هسيبه غير لما أوصله لبر الأمان
اغرورقت عينيها بالدموع لينطق وهو يحاول النهوض: 
-على فكرة، إنتِ دمك تقيل النهاردة، ويلا بقى بطلي كسل وقومي خدي شاور علشان تصحصحي 

أرادت ان تدللُ خليل روحها فتحدثت بدلالٍ أبدل حالتها: 
-مش حابة أخده لوحدي، ممكن تيجي معايا يا فؤاد
اتسعت عينيه ثم تحدث بعدما سال لعابهِ وهو يراقب نظراتها العاشقة: 
-حبيبة حبيبها تأشر وفؤاد عليه التنفيذ 

مال بجذعهُ يحملها بين يديه لتلف ساعديها حول عنقه وتدفن وجهها داخل ثنايا عنقه لتهمس بكلماتٍ جعلت قلبه يشتعل بغرامه ثم توارى كلاهما خلف باب الحمام ليحيا داخل عالمهما الخاص، "عالم العُشاق". 

    ༺༻༺༻٭༺༻༺༻ 
داخل منزل عمرو البنهاوي
ولچ لداخل غرفتهِ الخاصة يجولُ بعينيه الأركان باحثًا عن زوجته التي تقطنُ بغرفتها منذ أن صعدت قبل حوالي الساعتين دون أن تخبرهُ ،وجدها تستندُ بذراعيها على سور الشرفة الحديدي تتطلعُ للأمام بشرودٍ وملامح وجه حادة،إقترب عليها ليحتضنها من الخلف وتحدث هامسًا بجوار أذنها:
-واقفة لوحدك ليه يا حبيبتي
تبسمت بهدوء وصمتٍ مريب تعجب له الأخر فسألها:
-مالك يا"رولا"؟ 
أخذت نفسًا عميقًا ثم تحدثت ومازالت على حالها: 
-مافيني شي حياتي، شردت شوي في حياتنا مِن قَبِل
ثم اعتدلت تكمل مستطردة بنظرة حالمة: 
-أديش كانت رواق وحلوة كتير، ما تركنا شبر بفرنسا إلا وبرمنا فيه، كِل مكان إلنا معه ذكريات حلوة 
ابتسم لها ثم تحدث: 
-وهنا كمان هنعمل ذكريات حلوة

ابتسمت ساخرة لتنطق: 
-مافي هون غير المشاكل واللصريخ طول الوئت، من وئت ما إجينا لهون والمشاكل عم تلاحقنا متل ضِلنا، ما بتتركنا نتهنى لحظة
وتابعت: 
-وكل هيدا كوم، وإمك وقعدتها هون كوم لحاله، هيدا المرة فظيعة يا عمرو، من أول مرة شافتني فيها وهي مانا طايقتني 

أجابها نافيًا بالزيف ككل حياته: 
-بالعكس يا حبيبتي، دي ماما بتحبك جداً ودايمًا تتكلم عنك كويس
ابتسمت ساخرة لتجيبهُ بتهكم:
-إي مصدقتك حياتي،ما أنا بشوف بعيوني كل شي

شعر بريبة من هدوئها ونظراتها الخالية من التعبير فأراد أن يسحبها لعالمهُ ككل مرةٍ كي يستحوذ على لُبها، مال بجزعهِ عليها وكاد أن يلتقط شفتيها كي تغوص معهُ بعالم الأحلام لكنها باغتتهُ بابتعادها للخلف ولأول مرة بحياتها لم تستجب لرغبته،أمسك رسغها كي يمنعها الرحيل ليسألها متعجبًا: 
-مالك يا "رولا"؟! 

-قِلت لك مافيني شي...نطقت جملتها بهدوء ليسألها من جديد بجبينٍ مُقطب: 
-واللي حصل ده أفسره بإيه؟! 
جذبت يدها من خاصته لتنطق بهدوءٍ: 
-مالي رواق يا عمرو، كتير تعبانة، رح روح شوف نور وسَليم، ئلي فوق الساعتين تاركتهم للماما، والله حرام بيكونوا كتير تعبوها 

نطقت كلماتها وانسحبت للداخل لتترك لهُ الغرفة بأكملها تحت استغراب عمرو الذي امتعضت ملامحه وهو يعاود النظر للأمام هامسًا لذاته: 
-مالها دي كمان! 
______________

داخل غرفة مكتب علام زين الدين تتوسطُ الفتاة تلك الأريكة يجاوراها جديها حيث حضرت بناءًا على طلب من علام الذي تحدث إليها بنبرة حاسمة: 
-من ساعة اللي حصل وأنا مش لاقي الوقت المناسب اللي نقعد فيه ونتكلم 
سألتهُ الفتاة بوجهٍ بشوش يشعُ بالحياة:
- خير يا حبيبي 
نطق بحسمٍ وجدية: 
-للأسف يا بنتي، هو مكنش خير خالص
ضيقت بين عينيها غير مستوعبة حديثهُ المبهم لتنطق عصمت بهدوء: 
-جدو عاوز يكلمك في الغلطة اللي ارتكبتيها في حق نفسك يا بيسان

-دي مش غلطة يا دكتورة... قالها بحزمٍ ليتابع رامقًا الفتاة بحدة: 
-دي جريمة ومن عظائم الذنوب، وكبيرة من الكبائر اللي نهى عنها الله في القرآن الكريم، نسأل الله الغفران
وتابع مستشهدًا بـ آيات الله الحكيم:
- قال الله تعالى في كتابهِ العزيز 
(ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً)

نكست رأسها للأسفل تتوارى بنظراتها خجلاً لتنطق بصوتٍ بالكاد يُسمع: 
-أنا آسفة يا جدو، اللي حصل كان غصب عني، في لحظة حسيت إن الكل محملني ذنب كل حاجة وحشة حصلت معاه
وتابعت بدموعها التي انسابت رُغمًا عنها تأثرًا بالموقف: 
-يوسف اللي عيشت حياتي كلها بتعامل على إني مراته المستقبلية، فجأة يحصل كل ده بينا ويقولي إن خلاص، حكايتنا خلصت

وتابعت بشهقة ونظرة يأس قطعت بها نياط قلبي جديها: 
-حتى بابي مرحمش ضعفي وانهياري، كنت سامعة كل كلامه معاكي يا نانا، فجأة حسيت إن الدنيا كلها إسودت في وشي
اخفضت عصمت بصرها لتتابع الفتاة بقهرٍ:
-قولت لنفسي ياه،للدرجة دي أنا سبب لكل مشاكلكم،للدرجة دي محدش حاسس بيا حتى أبويا وحبيبي
وتابعت باتهامٍ صريح لجديها: 
-حتى إنتَ يا جدو وكمان نانا،كلكم محدش فكر يدعمني ويقف جنبي،محدش فكر يحل لي مشكلتي مع يوسف

نطق يجيبها بلومٍ لطيف: 
-هو حد كان يعرف إن فيه مشكلة أصلاً علشان يحلها لك يا بيسان، إنتِ خبيتي عن الكل وأظهرتي عدوانيتك إتجاه إيثار ويوسف، وحتى أنا عاملتيني كعدو لما سألتك مالك

مالت بيسان برأسها لتصيح بدموعها الغزيرة إلى علام: 
-كنت عاوزني أعمل إيه بعد كل الضغوط اللي إتعرضت لها دي يا جدو؟
وتابعت:
-وتفسير إيه اللي هفسرهولك بعد ما شوفت حبيبي بعيوني وهو بيأكل بنت تانية في بوقها
هتفت عصمت بلومٍ:
-وأهي طلعت خطة معمولة عليكم

-وانا كنت هعرف منين يا نانا؟! 
أجابها علام: 
-مهي دي النقطة اللي بنتكلم فيها يا بوسي، لو جيتي وصارحتيني وقتها كنت جبت يوسف وسألته ومكناش وصلنا لكل ده
وتابع وهو يحرك رأسه مستنكرًا: 
-مش تخبي لا وكمان تروحي ترتكبي معصية كبيرة كانت ممكن لو لا قدر الله محدش أنقذك ترميكِ في الدرك الأسفل من النار 

بكت بغزارة وشهقاتٍ مرتفعة تسرد شعورها: 
-كنت حاسة إني لوحدي، الشيطان إتملك مني وفي لحظة وسوس لي وقال لي، محدش بيحبك، والكل محملك الذنب، فقررت أسيب لكم الدنيا كلها علشان اريحكم، وأرتاح أنا كمان من الضغط النفسي اللي أصبح غير محتمل 

تحدث شارحًا بإبانة: 
-ده والعياذ بالله كُفر وقنوط من رحمة ربنا، الإنسان في وقت الضعف ده لازم يتسلح بقوة إيمانه بالله، يقرب من ربنا أكتر ويرهب الشيطان، يحاول يقرب من حبايبه مش يرفض تدخلاتهم وقربهم زي ما عملتي في الأول 
وتابع جالدًا ذات الفتاة دون رحمة لكي تتعظ وتشعر بعظمة الذنب التي قامت عليه: 
-يا خسارة يا بيسان، خيبتي أملي فيكِ، بقى حفيدة علام زين الدين تكون بالضعف والهوان ده؟! 
أمسكت كفه وتحدثت برجاءٍ: 
-سامحني وأنا هوعدك إنها غلطة ومش هتتكرر

تحدث بجدية: 
-عاوزك توعديني إن عمرك ما هتلجأي للتفكير الضعيف ده تاني،ولا تخلي الشيطان يقدر يتملك منك
وتابع ناصحًا: 
-إقفلي كل الثغرات قدامه بتسلحك بالقُرب من ربنا سبحانه وتعلى، النجاة في القُرب من ربنا وذِكره، وكل الهلاك في البُعد عنه 

حركت رأسها بإيماء عدة مرات ليتابع مسترسلاً: 
-وعاوزك كمان توعديني إن أي حاجة تحصل معاكِ تلجأ لي أنا ونانا، أو خالك وماما
أكدت على حديثهُ ليسحبها داخل أحضانه تحت شهقاتها المرتفعة التي تتزايد وكأنها تغسل قلبها وتُريحه، بات يمسح على ظهرها بحنانٍ بالغ شاركته اللحظة عصمت التي مسحت على رأس الفتاة وباتت تهدأها ببعض الكلمات 

بعد توقف الفتاة عن البكاء نطقت عصمت بصوتٍ متأثر: 
-قومي يا حبيبتي علشان تلحقي تجهزي نفسك قبل يوسف واهله ما ييجم. 
نطقت بنظرات متوسلة إلى علام: 
-جدو، ممكن تطلب من بابا يعامل يوسف واهله كويس. 

أجابها بثقة: 
-أبوكِ مش غبي علشان يتعدي حدود اللباقة والأصول على ضيوف في بيتي يا بيسان
وتابع وهو يربت على كفها: 
-إسمعي كلام نانا وروحي جهزي نفسك، ومش عاوزك تشيلي هم للموضوع ده. 

       ༺༻༺༻٭༺༻༺༻ 
ليلاً 
تهيء الجميع لاستقبال يوسف وشقيقتهُ بالإضافة إلى عمه حُسين وعائلته حيث طلب يوسف منه الذهاب معه كي لا يظهر بدون عائلةٍ أو سندًا له، وطلب من عمه ألا يخبر عمرو بآمر الزيارة، جلس علام برفقة العائلة وماجد ووالديه في انتظار يوسف الذي ولج للتو بصحبة إيثار التي أصرت على انتظار نجلها بالحديقة ومرافقته للداخل، كان اللقاء ودودًا للغاية بين الجميع وخصوصًا علام الذي رحب بحسين كثيرًا، حتى ماجد لم يجرأ على النطق بحرفٍ مؤذي لأي شخصٍ خشيةً غضب علام، وفؤاد الذي ظهر كـ والدًا ليوسف وليس زوجًا لأمه، بدأت نوال حديثها متخطية زوجها وماجد:
-ويا ترى هتقعد بيسان فين بعد الجواز يا حضرة الظابط؟ 

وقبل أن ينطق قاطعهُ صوت إيثار التي نطقت بفخرٍ:
-في الڤيلا اللي بعد قصر الباشا ببيت واحد 
طالعها يوسف باستغرابٍ لتبتسم وهي تجيبهُ:
-دي المفاجأة اللي كنت محضراها لك يا حبيبي، بس لما الامور إتطورت أجلتها لليوم ده

ثم نظرت للفتاة التي انكمشت على حالها خشيةً من مصيرها المجهول، ثم تحدثت بابتسامة صافية كرسالة طمأنة منها: 
-أنا قولت الڤيلا أنسب من الشقة علشان زينة تاخد راحتها معاكم، وكمان تبقى قريبة مننا ويبقى فيه فرص نشوف بعض أكتر

رُدت إليها الروح وابتسمت بشدة لتنطق بيسان التي تشعر وكأن سعادة الكون بأكمله تحوم من حولها: 
-ده أحلى قرار حضرتك أخدتيه يا طنط
وتابعت وهي تنظر للفتاة تحت استياء ماجد ليس من فكرة سكن الفتاة مع ابنته بل ما جن جنونه أن الفكرة خرجت من إيثار التي من الواضح بأنها بدأت بالتحكم في مصير ابنته من الآن على حد تفكيره: 
-أنا مبسوطة قوي يا زينة إن إحنا هنعيش مع بعض 
هتفت تاج الاخرى بسعادة: 
-أنا كمان مبسوطة قوي إن زينة ويوسف هيعيشوا جنبنا، برافوا يا مامي

رأى يوسف السعادة في وجوه الجميع حتى علام وعصمت وفريال الذين أثنوا على الخطوة وشكروا من خلال كلماتهم اللطيفة إيثار، نطق بجدية: 
-متشكر يا حبيبتي إنك فكرتي وتعبتي نفسك، وحقيقي الفكرة حلوة قوي، بس إسمحي لي، أنا اللي هدفع تمنها
بإشارة من عينيه حثه فؤاد على الصمت وهو يقول بحكمة: 
-بعدين يا حضرة الظابط، الكلام في الأمور المالية دي تتم بينك وبين ماما، مش على العلن كده
-عين العقل يا باشا... قالها حسين الذي تابع مسترسلاً: 
-أنا سعيد جدًا إن أنا بين حضراتكم النهارده، واتشرفت إني شوفت حضرتك يا علام باشا 
ابتسم له علام وتحدث: 
-الحقيقة أنا اللي اتشرفت بمقابلتك يا أستاذ حسين، من كتر كلام حبيبي يوسف عنك وعن أخلاقك كان نفسي أشوفك، والحمدلله حصل واتشرفنا كلنا بزيارتك إنتَ والمدام والأولاد. 

ابتسم وشكرهُ لينطق فؤاد بجدية: 
-خلونا ندخل في الجد 
تمعن الجميع لينطق مسترسلاً وهو ينظر إلى ماجد: 
-أنا شايف إننا نكتب كتاب على طول يا ماجد، والفرح في الأجازة، يعني بعد تلات شهور إن شاءالله 
وتابع قاصدًا: 
-منعًا للمشاكل وحماية لبوسي أكتر، أهي تبقى في عصمة راجل وتحت حمايته وبالك يرتاح من ناحيتها لحد ميعاد الفرح

تطلعت بيسان إلى حبيبها الذي شعر بسهم نظراتها العاشقة وهي تخترقَ قلبه ليصلا معًا لأعلى شعورًا بالسعادة، بينما نطق ماجد بريبة: 
-ما كفاية خطوبة في الأول يا سيادة المستشار 

-إسمع مني يا ماجد، كده أحسن للكل... ابتسم يوسف إلى بيسان التي فهمت مقصد خالها بينما فسره ماجد أن فؤاد يخشى من افتعال ماجد لمزيدًا للمشاكل الناتجة عن خروج الحبيبان بشكلٍ مبالغ فيه أو تأخرهما لوقتٍ متأخر بالليل،تطلع يوسف إلى علام طالبًا منه العون فتدخل على الفور لينهي الموقف بقولهِ:
-أنا كمان شايف إن ده أفضل يا ماجد. 
على الفور وافق لتنطلق الزغاريد من العاملات فور الاتفاق على كل شئ يخص عقد القران وتحديد الحفل بعد إسبوعًا من الان تحت نظرات ماجد وإيثار كلاً للأخر كأنهما عدوان. 
      ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
مر الإسبوع على خير بدون أدنى مشاكل تحت احتراق قلبي عمرو وإجلال حيث علم عمرو من خلال رصد رجاله التي يضعها للتجسس على نجله، حيث رصدوا التجهيزات التي يقوم بها الجميع، هتف بغضبٍ وهو يجوب بهو المنزل إيابًا وذهابًا: 
-انا مش قادر أصدق إزاي إبني يعمل فيا كده، إزاي يشمت فيا العدو ويروح يخطب بنتهم، لا وفوق كل ده ميبلغنيش حتى علشان أروح معاه وهو بيخطبها

-هديلي حالك يا عمرو، الزعل والقهرة مبيسووا لئلك يا زلمة...جملة نطقتها رولا ببرودٍ ظهر عليها من خلال جلوسها الشامخ وهى تريح ظهرها للخلف وساقها تعتلي الأخرى، إلتفت يناظرها باستغرابٍ لتحولها الجذري بالفترة الأخيرة، لم يكن هذا حديثها من قبل، نطق متعجبًا حالتها: 
-بتتكلمي وكأن الأمر لا يعني لك، أنا مقهور من تصغير إبني ليا وإنتِ ولا على بالك

-شو بدك أعمُل؟! بروح فچر لك القصر ليُوقع فوق رُسهُن لحتى ترتاح حضرتك؟! 
قالت كلماتها لتنهض منتفضة وهي تقول منسحبة للأعلى: 
-وچعني راسي من كِتر الحكي والنق، رح أطلع لحتى أريح راسي شوي

-خديني معك "رولا"... قالتها" نائلة" لتتابع وهي تتناقل النظرات بين عمرو وتلك الـ إجلال التي تشاهد ما يحدث بصمتٍ مريب: 
-عشوي ورح إختنق من هاديك الأچواء
وتابعت بضجرٍ ظهر بين فوق ملامحها:
- يا الله شو بشتهي نهار واحد يعدي عهالبيت بدون نق وصريخ، يا زلمة كيف متحملين حالكُن بهالطاقة السلبية يلي معبية المكان. 

قررت إجلال الخروج عن صمتها: 
-إتيسري على فوق مع بنتك وورينا جمال خطوتك

لو الأمر بايدي كِنت بترك لك البلد وبروح من وچك... قالتها وصعدت للأعلى بصحبة نجلتها، هتفت إجلال قائلة وهي تشيع خطواتهما: 
-اللي ما اتنصفت في ولا جوازة من جوزاتك التلاتة يا عمرو يا ابني

هتف بحدة أظهرت كم الغضب الكامن بداخله: 
-سيبك من جوازاتي وخلينا في المهم يا ماما
دار حول نفسه بجنون:
- أنا حاسس إن عقلي هيشت لو محضرتش خطوبة يوسف

نطقت بلامبالاة: 
-قوم ألبس وروح واحرق دمهم

أجابها بعقلانية: 
-مش هينفع، الخطوبة بدعوات خاصة، ده غير إن أكيد اللي اسمه فؤاد علام منبه على الحرس بتوعه،ده مش بعيد يكون مديهم أوامر لو شافوني يضربوني بالنار ويقول إني كنت بتهجم علي بيته

-طب هتعمل إيه؟! 

-مش عارف، مش عارف يا ماما... وتابع بسخطٍ ظهر بعينيه: 
-وكله كوم وندالة إبنك حسين معايا كوم تاني

نطقت ساخطة: 
-ده عيل خايب من يومه، خسارة تحطه في بالك

-ماشي يا فؤاد يا علام، ماشي... قالها بتوعدٍ وهو يدور حول نفسه بجنون

_____________

بالأعلى، ولچت نائلة تتفقدُ ابنتها وجدتها تجلس على حافة الفراش، تتطلعُ أمامها بذهنٍ شارد، نطقت باسمها فلم تنتبه فعادت بصوتٍ أعلى لترد عليها بتيهةٍ: 
-إي ماما
-شو بكي حياتي، مانك سامعتيني؟! 

تنهدت لتنطق: 
-متأخذيني، كِنت شاردة 
-بشو شاردة يا تؤبريني؟... قالتها نائلة بحيرة لتتابع مسترسلة: 
-يا ماما ريحيني وقِليلي شو يلي مغيرك؟، إلك كام يوم مانك عَبعضك، دايمًا شاردة وبس أحاكيكِ بلاقي عقلك مانو معك

أجابت رولا بمراوغة: 
-لا تشغلي بالك فيني يا ماما، بتعرفيني مابحب أقعد بمكان البابا مانه فيه

نطقت مشككة بصحة حديثها: 
-البابا سافر ليتابع شِغله بفرنسا وماضل كتير لحتى يرچع، لو بتشوفي حچة غير هيك بيكون أفضل 
نطقت رولا بضجر: 
-قِلت لك لا تشغلي بالك فيني 
هتفت المرأة بحيرة: 
-وبمين أشغل بالي إذا ماشغلته بيكِ يا تؤبريني؟

تابعت بقلقٍ عندما قابل حديثها صمتٍ مريب من ابنتها:
- إصحك تكوني بتفكري بشئ خطة من خططك الخيبانة وتورطي حالك من چديد منشان هالأهبل چوزك 
وتابعت بنظراتٍ نارية:
-إصحك لارا، إصحك

-طمني بالك ماما، مفي شي من يلي براسك... قالتها بهدوءٍ مريب عكس شخصيتها مما جعل المرأة تترقب ملامحها بريبة وقلق. 

      ༺༻༺༻٭༺༻༺༻ 
بدأ الحفل داخل قصر علام زين الدين وكان رائعًا بكل المقاييس، منظمًا من قبل أكبر شركة متخصصة في تنظيم هذا النوع من الحفلات، وما زادهُ رونقًا هو مباشرة إيثار وفريال بالإضافة إلى عصمت لكامل التجهيزات والتدخل بأدق التفاصيل، الجميع في أوج سعادتهم بعقد قران ذاك الثنائي القريب من قلوب الجميع، حضرت "منيرة" و"عزيز" و"وجدي"وعائلة كلاً منهما وأيضًا "أيهم" وزوجتهُ "أميرة" التي نطقت بحديثٍ موجه إلى "منيرة": 
-نورتي القاهرة يا ماما، خليكِ بقى عندنا كام يوم تغيري فيهم جو

أجابتها بهدوءٍ: 
-تسلمي يا بنتي، مبقتش أقدر اقعد برة بيتي بقى خلاص

حاوط أيهم كفها وتحدث: 
-هو بيت إبنك مش بيتك ولا إيه يا أم عزيز 

بيتي وكل حاجة يا حبيبي، بس إنتَ عارفني يا أيهم، من أيام المرحوم أبوك وأنا متعلقة ببيتي ومبحبش الطلوع برة

حضر يوسف برفقة شقيقته وعمه وأولاده لتتحرك إيثار بصحبته نحو الطاولة الكبيرة التي تجمع والدتها وأشقائها الثلاثة، هتف أيهم وهو يقف في استقبال يوسف: 
-أخيرًا العريس وصل 
ابتسم ليحتضن خالهُ العزيز ومنه إلى عزيز الذي ربت على ظهره وهو يقولُ بفخرٍ: 
-والله وبقيت راجل تملى العين يا يوسف، مبروك يا ابني 
تحدث بابتسامة باهتة تعود إلى ما فعلهُ عزيز بوالدته الغالية والتي لم تتوانى عزه في إخباره به: 
-الله يبارك في حضرتك. 
وانتقل للتو إلى وجدي الذي تحدث بسعادة نابعة من القلب: 
-مبروك يا حبيبي، عقبال التمام يا غالي
احتضنه وتحدث بابتسامة عريضة: 
-متشكر يا خالو، عقبال أولاد حضرتك 
جاء دور منيرة ليميل الشاب على كفها يقبلهُ إكرامًا لمكانتها العالية في قلب والدته برغم كل ما حدث بالماضي، لكنها بالنهاية تضل والدتها وقد تركت الماضي خلفها بالفعل، ثم مال على رأسها وهو يقول: 
-نورتي الدنيا كلها يا تيتا 
-مبروك يا حبيبي... قالتها وهي تملسُ على رأسهِ بحنانٍ، لم تكن بصحة جيدة بل بدى عليها الإعياء مما جعل إيثار تسألها وهي تحيط كتفيها بعناية:
-مالك يا ماما،صوتك وشكلك مش عاجبيني

-مفيش يا بنتي،شوية تعب في صدري والدكتور أداني علاج ليهم وهبقى حلوة بإذن الله 
نطقت بإصرار: 
-مينفعش الكلام ده يا ماما، إنتِ تطلعي من هنا على أيهم وأنا هفوت عليكِ بكرة، نروح مستشفى دكتور أحمد الأباصيري يعمل لك فحوصات كاملة علشان اطمن عليكِ

-متشليش همي يا بنتي، بقولك أنا كويسة 
سألها عزيز من باب الفكاهة: 
-أمال الولية اللي إسمها عزة فين كده،مش شايفها،ليكون الباشا طردها لجل لسانها الطويل 

-لساني مهما طول مهيجيش نص لسانك اللي بينقط...وصمتت تلك التي باغتتهم من الخلف ليدخل الجميع في نوبة من الضحك حتى يوسف، واكملت عزة وهي ترمقهم جميعًا بنظراتٍ ازدرائية: 
-منورين
ليقاطعها عزيز بفكاهة جديدة عليه معها: 
-الحق عليا إني مراعي العيش والملح وبطمن عليكِ 
إطمن على نفسك يا اخويا وسيبك مني، أنا قد حالي... ثم تابعت وهي تسأل منيرة: 
-إلا قولي لي يختي، هي الداية لما ولدتك فيه، سحبته من لسانه؟! 
وضعت إيثار يدها على فمها تداري ضحكتها ثم تحدثت بإشارة حازمة من عينيها: 
-عزة، وبعدين
نطق عزيز: 
-سبيها يا إيثار، أنا واخد على طولة لسانها من زمان
أجابتهُ وهي ترمقهُ مستنكرة: 
-اللي يسمعك يفتكر إننا كنا عِشرة عُمر، ده أنا لا كنت بطيق لك ريحة، ولا أنتَ كنت بطيق خلقتي
ثم تابعت وهي تتبادل النظرات بين أيهم ونوارة: 
-أنا من بيت الحاج غانم كله مليش غير أيهم ونوارة حبايبي 
نطقت نوارة بوجهٍ بشوش كعادتها: 
-إن شالله تسلمي يا خالة عزة 
بينما ألقى لها أيهم قُبلة بالهواء قبل أن يأتي فؤاد ويرحب بهم بحرارة ثم تحدث إلى أيهم: 
-"أيهم"، عاوزك

ابتعدا جانبًا وتحرك يوسف إلى طاولة علام ينتظر خروج العروس، تحدث فؤاد إلى أيهم وهو يترقبُ جلوس سميحة بنظراتٍ مبهمة: 
-عملت لي إيه في موضوع سميحة 

بظبط الدنيا بحيث محدش يقدر يثبت علينا أي غلطة يا باشا... قالها لينطق فؤاد مؤكدًا: 
-عاوزك توقعها في غلطة متتغفرش يا أيهم، وعاوز الخسارة تبقى كبيرة علشان العقاب يبقى أكبر

نطق أيهم للأمانة: 
-بس كده الشركة هتتعرض لخسارة مالية كتيرة يا سيادة المستشار 

-مش مهم، المهم أخلص من سميحة بسرعة، لازم ترجع على دبي في أقرب وقت يا أيهم
وتحدث متوعدًا وهو يحك ذقنه: 
-علشان تبقى تلعب مع فؤاد علام بعد كده

نطق أيهم بريبة: 
-إيثار لو عرفت هطربق الشركة واحتمال ترفدني فيها، أختي وأنا عارفها، معندهاش تهاون في الشغل وأكتر حاجة بتكرهها هي المؤامرات وتلفيق التهم للناس

نطق بثباتٍ وثقة: 
-ده مش تلفيق يا أيهم، ده إبعاد أذى، سميحة بلا مخي ولا وعي،حقدها هو اللي بيحركها على حسب الهوى، واللي زي دي يتخاف على الشركة منها، أنا مش هسيب شقى وتعب عيلتي ومراتي في الشركة يضيع على إيد واحدة تافهة زي سميحة
نطق أيهم بعقلانية: 
-كلامك صح يا سيادة المستشار، الباشمهندس بسام على قد كرهه لـ إيثار بس مؤخرٕا شغال من نار في الشركة، وبيسعى ويجتهد لمصلحتها

تذكر حين ذهب إلى الشركة وتحدث مع بسام كإبن عمٍ يخشى على مصلحة العائلة، وطلب منه عدم الانجراف إلى سميحة في مخططاتها وأيضًا ترك الضغينة الساكنة بقلبه تجاة إيثار، وطلب منه العمل مع إيثار لا ضدها لرفعة الشركة، وعدهُ أن يمنحهُ أسهمًا بنسبة خمسة بالمئة مما أرضى بسام وبالفعل بدأ بالعمل مع إيثار بدلاً من شقيقته الغبية التي فتنت إلى عمها على نجله وبهذا التصرف قد كتبت شهادة خروجها الأبدي من شركة الزين. 

جانبًا تقف زينة وجنة التي سألتها بنبرة حماسية: 
-أخبار رامي إيه؟ 

نطقت بنبرة حزينة وقلبٍ يتمزق: 
-مبيكلمنيش ليه كام يوم يا جنة، هتجنن وأعرف السبب

-طب مسالتهوش ليه؟ 

-لا طبعاً، أتكسف
هتفت جنة معترضة: 
-هو أنتِ يا بنتي هتفضلي عبيطة وهبلة كده لحد إمتى، كلميه في التليفون وقولي له مالك، إيه اللي مغيرك
وتابعت مبررة: 
-مش يمكن عملتي حاجة زعلته من غير ما تاخدي بالك؟

-أنا معملتش حاجة والله يا جنة... قالتها بحزنٍ ثم تابعت: 
-وبعدين هو شافني في الجامعة مرتين، وكل مرة بيعمل نفسه مش شايفني ويتدارى مني، وأنا كرامتي غالية عندي قوي، مش هسمح لحد يدوس لي عليها حتى لو كان بإسم الحب
قاطع حديثهما انضمام يوسف الذي حضر بهيأته الخاطفة للأنفاس ليحتوي كتف شقيقته وهو يقول لابنة عمه: 
-عقبالك يا جنة 

بابتسامة واسعة أجابته: 
-متشكرة يا يوسف، مبروك
اومأ لها ثم أمسك كف شقيقته وبدأ يحثها على الاستدارة حول نفسها لينطق منبهرًا بثوبها:
-ده إيه الجمال والشياكة دي كلها يا قلبي،طب ينفع كده تخطفي الأنظار من عروستي

برغم ما يسكنها من حزنٍ إلا أن ذاك الشقيق الغالي باستطاعته إخراجها من جميع أحزانها، بالفعل ابتسمت وتحدثت إليه: 
-وأنا مهما لبست واتشيكت هاجي إيه في جمال بيسان 

نطق بأعين صادقة لبث الثقة بداخلها: 
-إنتِ أجمل بنت في الدنيا كلها 
أشارت له فريال فانسحب مستأذنًا ليصل إلى فريال التي قالت له: 
-إنتَ فين يا يوسف، عمالة دور عليك من بدري

-موجود يا حبيبتي 

-بيسان بتقول لك إستناها هنا علشان تاخدها من إيد ماجد لحد ترابيزة المأذون
نطق معترضًا: 
-مينفعش يا عمتي، أنا لسه مليش صفة علشان أخدها من أبوها، ده "بروتوكول" خاص بالفرح
انضمت إليهما إيثار فتحدثت فريال بتفهمٍ: 
-أنا عارفة إن كلامك ده هو الصح وحاولت أقنعها بيها، بس عروستك بتدلل علينا يا سيدي، عاوزاك تمسك إيدها وتمشي بيها قدام كل الناس
وتابعت متأثرة: 
-بيسان بتعوض كل اللي فاتكم يا يوسف

تحدثت إيثار خشيةً على إبنها: 
-سيبك من دلع البنات ده يا فريال، ماجد هيزعل من الحركة وهيحط ابني في دماغه أكتر

ابتسمت بدلالٍ وهي تنطق متفاخرة بحالها: 
-لو على ماجد إنسي، من يوم كلامي معاه في المستشفى وهو ماشي زي الألف،الكلمة اللي بقولها بتتنفذ
ضحكت إيثار بنعومة وتحدثت كنوعٍ من الملاطفة:
-كان لازم يشوف العين الحمرة علشان يتضبط يعني

عادت السؤال على يوسف الذي رفض الأمر لينضم فؤاد متسائلاً عما يدور بين الثلاثي فقصت عليه إيثار ما حدث لينطق مؤكدًا على حديث الشاب:
-يوسف معاه حق يا فيري،روحي خلي جوزك يطلع بنتك وقولي لها تبطل دلع،المأذون هنا من ربع ساعة

تحركت فريال لتستدعي زوجها بينما وقف فؤاد أمام الفتى يعدل له ربطة عنقه ليسأله يوسف بارتباكٍ:
-شكلي حلو يا بابا
-زي القمر يا قلب أبوك...من شدة صدقه عندما نطق بهما تأثرت إيثار وكادت أن تبكي ليتابع فؤاد:
-تعالى يا حبيبي نقف عند تربيزة المأذون نستنى ماجد 
تحرك بجانب كلاهما ليميل هو على أذن حبيبته هامسًا:
-النهارده مش هتنازل عن الچاكوزي
ضحكت بدلالٍ ليتابع وهو يتأملها بنظراتٍ هائمةً في العشق:
-مش هينفع منختمش الليلة في الچاكوزي بعد جمالك ده كله

همست بملاطفة:
-إتلم يا فؤاد الولد يسمعنا 

ضحك بقوة ليجيبها بمشاكسة: 
-ده على أساس إنه بريء وكده، ده مش بعيد البيه يسبقنا على هناك هو وبنت ماجد بعد كتب الكتاب

همست بملاطفة: 
-الولد طالع لك يا باشا 
ابتسم بغمزة من عينيه ووصل الثلاثة إلى الطاولة ليقف يوسف بالمنتصف لتجاورهُ وهي تتمسكُ بكفه: 
-مبروك يا حبيبي
-الله يبارك فيكِ يا ماما. 
هرول مالك إلى شقيقه يتشبثُ بساقيه وهو يقول: 
-عارف يا يوسف بيسان هتتجوزك ليه؟ 

أجاب شقيقهُ بملاطفة: 
-ليه يا مالك باشا
رفع ذراعيه يستعرض بهما وهو يقول: 
-علشان إنتَ سوبر هيرو، البطل اللي أنقذها وصحاها بعد ما كانت ميتة 
-ماشي يا عم اللمض

حضرت أيضًا زينة وتاج وزين الدين مما جعل فؤاد يطلب من المصور إلتقاط بعض الصور العائلية للاحتفاظ بتلك المناسبة السعيدة

انتفض قلب يوسف حين رأى شمسهُ تُشرقُ لتملؤ دنياهُ نورًا وحياتهُ سرورًا وتدخل الدفيء على قلبهِ البارد ليشتعل بنار الهوى، تسمرت عينيه على تلك الجميلة التي خرجت لتوها من البوابة الداخلية متأبطة يد والدها الذي وبرغم عدم تقبلهُ لشخص يوسف كونه إبن إيثار التي اتخذها عدوة، إلا أنهُ كان سعيدًا حينما رأى سعادة ابنته المبالغ بها، فتلك المرة الأولى التي يراها سعيدة لهذه الدرجة، فقد كان الحبورُ يسكنُ عينيها ويفيضُ، تصفيقٍ حار من الحضور كان معها بكل خطواتها وأصوات الشباب الصاخبة المهللين بظهور العروس، كانت تتحركُ بثوبها الزهري الأشبهُ بأثواب الأميرات، تطلعت على فارسها بقلبٍ يدق كطبول الحرب، أسرتها طلته المهلكة لقلبها العاشق، فقد كان جذابًا للحد الذي جعل الهيامُ يتملكُ من كل ذرةٍ بها وبات جسدها منتفضًا، ودت لو أن لها الحق لهرولت ترتمي بأحضانه كي تتذوق طعم حنانه للمرة الأولى، تحمحمت وتحركت حتى وصلت إلى الطاولة، سحب يوسف لها المقعد ثم اتخذ مكانهُ بجوار المأذون، بالجهة الأخرى جلس ماجد وبعينيه دموعًا وهو يشاهد نجلته تستعد لأن تكون ملكًا لرجلاً غريبًا عنها سيخطتفها من بين أحضانه، انضم للطاولة علام، حُسين وفؤاد ،شرع المأذون الشرعي في إتمام إجراءات عقد القران حتى وصل لجملتهِ الشهيرة التي تمناها كلاهما وانتظراها لأعوامٍ«بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما بخير، أسأل الله لكما التوفيق وان يرزقكما بالذرية الصالحة» 
انطلقت الزغاريد من الجميع وأسرعت كلاً من فريال وإيثار بتهئة أبنائهما لتتحدث إيثار بملاطفة: 
-عارفة متزعلي إبني هعمل فيكِ إيه؟ 
ضحكت وتحدثت: 
-ولا هتعملي أي حاجة، إنتِ بُق يا إيثو 

بينما أحتضن فؤاد يوسف وربت عليه بقوة وتحدث: 
-مبروك يا حبيبي 
-الله يبارك فيك يا بابا
أحتضن يوسف أيضاً حُسين الذي هنأهُ بحفاوة وصدق، اقترب يوسف من عروسه لتنطق فريال التي أقبلت عليه لتتحسس ظهر الفتى: 
-مبروك يا حبيبي، خلي بالك من بوسي يا يوسف 
ثبت عينيه بمقلتي حبيبتهُ وتحدث بنبرة أظهرت مدى عشقه: 
-مكانها جوة قلبي يا عمتى 
ارتعش جسد الفتاة ومازاد من انتفاضته هو إقترابه منها ليُمسك كفيها ويميل ليضع فوقهُ قُبلاً أثبتت عشقهُ العظيم، وبدون مقدمات ضمها لصدرهِ وقام بالتشديد عليها مما جعلها تشعر وكأنها فراشة تطيرُ بأجنحتها الملونة وتنطلقُ كي تستمتع بأجواء الربيع، همس بجانب أذنها ليُنهي على ما تبقى من صبرها في عشقهِ: 
-مبروك يا حبيبي، وأخيرًا بقيتي مِلك لحُضني
ابتلعت ريقها لتهمس هي الأخرى: 
-مبروك يا يوسف 
أبعدها قليلاً ليحتوي وجهها بكفيه ثم مال يُقبل وجنتيها بنعومةٍ أسارت كلاهما لدرجة جعلتها تشعر بعدم الاستطاعة بالتنفس بشكلٍ طبيعي من شدة إحراجها، إقترب فؤاد منهما حين رأى ماجد يخرج نارًا من أذنه من شدة الغضب والغيرة فتحدث: 
-إتلم يا حبيبي ومتنساش إنكم واقفين وسط الناس
وتابع بمشاكسة: 
-ماجد على تكة وهيخرج التنين اللي جواه عليك
تحمحم قبل أن ينطق: 
-أنا آسف يا بابا،نسيت نفسي من الفرحة 

-إفتكرها تاني وخاف على نفسك من ماجد، الراجل لو افترسك مش هعرف أحوشه عنك. 

إلتف الجميع حول العروسين للتهيئة وبعد مدة استمعا لصوت المسؤول عن الموسيقى يستدعي العروسان ليفتتحا الرقصة، صعدا إلى المكان المخصص لهما ليقربها منه وبدأ أولى خطواتهما يرقصان على كلمات أغنية «في عيونك» غناء إليسا، كانا يتراقصان على كلمات الأغنية، همست تتغنى وهي تتمعن بعيناه: أنا ممكن أضيّع عمري وأضيّع روحي و أضيع في 
في عيونك
حسّيت بأمان
في عيونك
قلبي أنا غرقان
على كيفك ودّيني
على كيفك و ناديني
و إرميني و خلّيني في عيونك
لو حدّ عايزني في حاجة بجد يحلفني بعيونك

تنهد وضمها إليه بقوة لتنطق هي مع كلمات الغنوة: 
-
آه، تعالى أتصالح على نفسي وأنا ويّاك
و أعيش جوّا سلام إيدك وأموت و أنا بهواك
تعالى أتصالح على نفسي وأنا ويّاك وأنا ويّاك
و أعيش جوّا سلام إيدك وأموت و أنا بهواك
و الحياة في هواك تبقى حياة
في عيونك
الشرق وليله وسحره
في عيونك
الغرب نسيمه و بحره
بتغرّب في بلاد و أجمع كل ورود بغداد
علشان عندي الليلة معاد جوّا عيونك
تيجي نسمة من بيروت على خدّي تفوت توحشني عيونك
في عيونك
وطني وبلادي
في عيونك
أرضي و ميلادي
و حياتك دفيني وفي ذاتك خبيني
من العالم و إحميني في عيونك
و على ورقة ياسمين أكتب أسامينا حروفها بلونك
آه، تعالى أتصالح على نفسي وأنا ويّاك
و أعيش جوّا سلام إيدك وأموت و أنا بهواك
تعالى أتصالح على نفسي وأنا ويّاك وأنا ويّاك
و أعيش جوّا سلام إيدك وأموت و أنا بهواك
و الحياة في هواك تبقى حياة
في عيونك
إنتهت الغنوة ليضمها تسكن أحضانه وبلحظة رفعها وبات يلف بها ليتطاير فستانها كفراشةٍ منطلقة وسط الزهور، كانت سعيد للحد الذي جعلها تتيقن أنها لم تكن تحيا قبل اليوم،ستعلنها أمام الجميع أن اليوم هو بداية مولدها الحقيقي، بينما هو فـ الفرحة لم تسع قلبهُ، فاليوم قد حقق حُلم حياتهُ الذي تمناهُ بصحوهِ ومنامه
صعد زملائهم وشباب العائلة كي يشاركوهم الفرحة والرقصات الشبابية حيث انطلق يوسف ليعبر لحبيبته عن سعادته. 

جلست إيثار بجوار والدتها لتنطق منيرة بما فاجأ إيثار: 
-عايزة أطلب منك طلب يا بنتي

نطقت بلهفة وهي تشدد من احتضان كفها: 
-عيوني ليكِ يا ماما، أؤمري يا حبيبتي
نطقت والندمُ بعينيها:
-عوزاكي تسامحيني،إغفري لي أي حاجة وحشة عملتها فيكِ
ابتسمت تجيبها ببشاشة وجه وصدق:
-أنا سامحتك من زمان قوي يا ماما،من يوم ما زورتك أنا وفؤاد وكل واحدة قالت اللي في قلبها وأنا سامحتك
طلبت بهدوء: 
-جددي العهد تاني بالمسامحة

-مسمحاكي يا ماما...قالتها إيثار لتبتسم منيرة وربتت على يد ابنتها بحنانٍ، اقتحم مالك هدوئهما ليهتف: 
-مامي هو أنتوا مش هتفتحوا البوفيه، ولا هتستنوا لما الخطوبة تبوظ زي بتاعت الراجل التخين، والأكل يترمي تاني

هتفت تعنفه: 
-يا ستار،إقفل بقك وبطل نق خلي اليوم يعدي على خير 
مط شفتيه للامام لتسحبهُ منيرة وهي تقول: 
-تعالي يا مالك متزعلش

سألها الصغير: 
-نانا، هو أنتِ هتقعدي معانا هنا زي يوسف وزينة

نطقت بهدوءٍ: 
-لا يا حبيبي، أنا هروح بقى، كفاية عليا كده

نبهت عصمت عن افتتاح البوفية وتحرك الجميع ليأكوا من قائمة الأصناف العديدة التي أعدتها عصمت وإيثار وانتهى اليوم على خير، ولچ يوسف مع بيسان بعدما استأذن من علام وطلب منه الإنفراد بحبيبته التي أصبحت زوجتهُ شرعًا ليقترب عليها فور إغلاقه للباب، إلتصق بجسدها ثم تعلقت الأعين لتذوب وهي تتنقلُ بين النظراتٍ والتطلع للشفاة المرتعشة من شدة الاشتياق، وبلحظة مال عليها ليلتقط كريزتيها ويذوب كلاهما بتذوق أول قُبلة لهما. 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1