رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم بتول عبدالرحمن

 

 

 

 

رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل التاسع والعشرون بقلم بتول عبدالرحمن

" أنا موافقه"
لثواني حسام سكت كأن نفسه اتقطع، وبعدين ضحك والضحكه كانت طالعه من قلبه، قال بصوت عالي
"إنتي قولتي إيه؟! فريده، قولتي إيه؟!"
فريده ابتسمت ابتسامه صغيره وقالت بهدوء
"قولت إني موافقه يا حسام."
ضحك تاني وقال بصوت فيه فرحه حقيقيه
"إنتي بتتكلمي بجد؟! موافقه فعلًا؟!"
قالت بهدوء
"أيوه يا حسام، بقولك إني موافقه، مش هعيد تاني."
قال بلهفه طفوليه
"يا بنتي إنتي مش متخيله أنا فرحان قد إيه دلوقتي... والله العظيم إنتي مش متخيله"
ضحكت وقالت
" طيب يارب دايما، عايز حاجه؟!"
قال بسرعه
"لا لا لا، استني كده... إنتي فين دلوقتي؟ مش هشوفك؟"
قالت بهدوء
"بكره بعد الشغل إن شاء الله."
اتنهد وقال بصوت فيه لهفه
"هو أنا لسه هستنى لبكره؟! ده أنا هموت وأشوفك دلوقتي"
قالت بهدوء 
" معلش، هشوفك بكره"
قال وهو بيتنهد
"ماشي يا ستّي... ماشي... بكره إن شاء الله... باي يا أجمل حاجه حصلتلي."
قالت بابتسامه
"باي يا حسام"
قفل المكالمه وهي فضلت ماسكه الموبايل لحظه، قلبها كان بيدق بسرعه، لأول مره من فتره طويله حست إن فيه حد مستنيها بصدق وبيحبها بصدق، رمت الموبايل على السرير بخفه، وقفت عند الشباك، فتحت الإزاز ووقفت كعادتها، وبالرغم من الهوا البارد اللي لفح وشها بس كانت حاسّه إن صدرها مكتوم، وإن فيه حاجه جواها هتنفجر ومش قادره تحدد هيا إيه.

رن فونها، بصت عليه كانت يسر، اخدت نفس وردّت بسرعه وهي بتحاول تثبت صوتها
"ألو"
يسر قالت بتساؤل
"إنتي فين يا بنتي؟ اتأخرتي أوي النهارده"
فريده قالت بصوت واطي وهي بتحاول تبان عاديه
"مش هقدر أجي النهارده يا يسور، آسفه، خليكي مكاني معلش"
يسر سكتت لحظه وقالت بقلق
"ليه؟ فيه إيه؟ تعبانه؟ أجيلك؟"
فريده قالت وهي بتحاول تبتسم
"لاء يا يسر متقلقيش، أنا كويسه بس... مش قادره أكمل اليوم، محتاجه أريح شويه"
يسر قالت بصوت فيه حنيه
"طيب يا فريده... لو احتاجتي أي حاجة قوليلي، وهكلمك لما أوصل البيت، ماشي؟"
فريده قالت بسرعه
"ماشي، شكراً يا يسور... سلام."
قفلت المكالمه واتنهدت، مش عارفه اللي بتعمله ده صح ولا غلط، بس حاسه انها بتعمل حاجات غصب عنها، يمكن مش مقتنعه بيها بس لازم تاخد القرارات دي

اخر اليوم
يسر خرجت من المستشفى، كانت ماشيه بسرعه، عايزه تروح قبل ما دماغها تنفجر من ضغط اليوم.
مره واحده، صوت فرامل موتوسيكل فرملت قدامها، رفعت عينيها بسرعه بخضه، قلبها دق بسرعه وخوف وحست بتوتر.
يونس قلع الخوذه ببطء، شعره مبعتر وضحكه هاديه على وشه.
قال بنبره هاديه بس فيها استظراف
"هاي عسر"
بصتله ببرود وهي رافعه حاجبها
"هو في إيه؟"
نزل من الموتوسيكل وقف قدامها، وقال وهو بيعدل كم الجاكيت
"مفيش... بس إيه الرعب اللي في عيونك ده؟"
بصت بعيد وقالت بحده
"إبعد."
لفت تمشي، بسرعه مد إيده ومسك دراعها بهدوء، شدت دراعها بقوه ولفتله بحده
"عايز إيه؟"
رفع إيده الاتنين في الهوا وقال
"محدش قالك قبل كده إنك مينفعش تسيبي حد بيكلمك وتمشي؟"
يسر بصتله بنظره حاده وقالت ببرود لاذع
"والله لو واحد قليل الأدب ومهزق يبقى ينفع جدًا."
ابتسامه مستفزه ظهرت على شفايفه، قرب خطوه منها وقال بهدوء
"هعديها، ماشي... بس عشان شايفك جايبه آخرك وحالتك بالبلا."
عينيها لمعت بغضب وقالت بنبره عاليه
"إنت واحد عبيط أقسم بالله!"
ضحك بخفه وقال وهو بيبصلها باستفزاز
"هعدي دي كمان... عشان أنا غلست عليكي يا عسر."
قرب منها خطوه تانيه، المسافه بينهم بقت أقل من المره اللي قبلها، وقال بنبره واطيه وهو بيرفع حواجبه
"متيجي أوصلك؟"
بصتله بغضب شديد، شدت شنطتها على كتفها وهي بتقول بصوت ثابت
"إنت بتستهبل؟!"
رفع إيده كأنه بيهديها وقال بنفس هدوءه المستفز
"لا والله... بتكلم بجد؟ شكلك متأخره النهارده على غير العاده... وصعب تلاقي حاجه تروحي بيها."
رفعت عينيها ببرود وقالت بحده
"دي حاجه متخصكش."
ضحك ضحكه قصيره وقال وهو بيهز راسه
"واحتمال يطلعوا عليكي شباب، وممكن يضايقوكي."
قالت بسرعه وهي كاتمه غيظها
"بطل تتفرج على أفلام كتير."
لفت وسابته ومشيت، مشي وراها بخطوات ثابته، ووقف قدامها، رفع حواجبه وهو بيقول بنبره بارده مستفزه
"حاسس إنك شايفه نفسك... بس بصراحه مش عارف على إيه... يعني عامله فيها محترمه... وانتي خرباها."
كانت باصه في الأرض، عينيها مركزه على الأرض، تخطته بسرعه وكملت مشي من غير ما تبصله وده زود غيظه أكتر، شد دراعها بقوه وقال بصوت عميق وهو بيقرب وشه من وشها
"في بنات أجمد منك بكتير وفيهم أنوثه عنك وبيتمنّوا نظره واحده بس مني."
سحبت دراعها بقوه، بصتله بصله حاده وقالت بصوت عالي
"أنا بجد ساكته وعامله احترام لفريده... بس متخلينيش أجيب آخري... أنا أصلًا مليش دعوه بيك... ومش فارق معايا حياتك ولا إنجازاتك القذره..."
عيونها ضاقت وهي بتكمل
"ملكش دعوه بيا تاني."
مشيت من قدامه بسرعه، مش عايزه تقف أكتر من كده، وهو وقف مكانه، بيبصلها بغضب وكأنه لأول مره في حياته حد يرد عليه الرد ده او حد يعامله كده ويكرفله، شد نفس طويل، عض شفته بغيظ وهو بيستحلفلها 

تاني يوم
فريده دخلت المستشفى وهي متشيّكه على الآخِر، استايلها مختلف ولأول مره تكون مهتمه بنفسها كده.
دخلت على البنات بابتسامه واسعه وقالت بصوت مرح
"هاي جايز... استعدّوا، قريب جدًا هتلبسوا فساتين!"
كلهم اتصدموا وبصوا لبعض بسرعه.
مروه قالت بدهشه
"فساتين إيه دي؟!"
داليا ضحكت وقالت
"هو إحنا رايحين فرح ولا إيه؟!"
فريده ضحكت بخفه وقالت بمراوغه وهي بترفع حاجبها
"متسألوش دلوقتي... بس قريب جدًا هتفهموا."
اتبادلت نظراتهم المليانه فضول، بس فريده كانت واقفه بثقه ونظراتها بتقول إن الموضوع جدي.
يسر سحبت فريده بعيد عن باقي البنات وقالت بهمس
"فريده، انتي وافقتي؟"
فريده بصتلها وقالت بهدوء
"آه، وافقت."
يسر قالت بدهشه وهي مستغربه
"بس انتي كنتي خلاص رفضتي!"
فريده زفرت وقالت وهي بتبص بعيد
"متسأليش عن السبب يا يسر، لأني بجد مش عارفاه، لقيت نفسي مره واحده برن عليه وبقوله إني موافقه، حاسه إني هبقى غبيه أوي لو رفضت، أصل واحد بيحبني بجد وعايزني، وأنا... مفيش حد في حياتي، مفيش حد بالمعنى الحرفي، الكل بيشوف حياتُه وأنا قررت أشوف حياتي، وقررت أشوف اللي شايفني."
يسر قالت وهي مصدومه
"آه بس إيه السبب؟ ده مكانش تفكيرك من كام يوم بس!"
فريده رفعت حاجبها وقالت
"عادي، غيرت تفكيري، شايفه الكل بيشوف حياتُه وأنا واقفه مكاني فقررت أشوفها."
يسر بصتلها بجدِيه وقالت
"وهتعملي إيه مع تيم؟ ومع سالي؟"
فريده بصتلها بهدوء وقالت
"وأنا مالي، لو سالي احتاجتني أكيد هكون معاها، مفيش حاجه تانيه."
يسر سألتها بتردد
"يعني ده قرارك بجد؟"
فريده سألتها بابتسامه هاديه
"انتي شايفه إيه؟"
يسر بصتلها من فوق لتحت وقالت
"شايفاكي متشيكه النهارده على غير العاده، بس مش مقتنعه."
فريده ضحكت بخفه وقالت
"قررت أسمع نصيحة آخد اللي بيحبني، ومخدش اللي بحبه."
يسر رفعت حاجبها وقالت بسرعه
"يعني بتحبي تيم أهو!"
فريده هزت كتفها وقالت
"يمكن بشفق عليه يا يسر، بس ده أقرب مثال أقدر أقوله."
بصتلها وهي بتعدل هدومها وقالت
"وسعيلي بقا، عايزه أغير وأبدأ شغل."

عند تيم
كان قاعد في مكتبُه، سايب ضهرُه يسند على الكرسي وعينيه باصه في نقطه ثابته على الحيطه قدامه، بس دماغه مش هنا، الباب خبط بس مردش، خبط تاني وتالت بس هو مش سامع أصلًا، الباب اتفتح ودخل حسام.
حسام رفع حاجبُه وقال باستغراب
"إيه يا عم، بقالي ساعه بخبط!"
تيم رفع عينُه ببطء وقال ببرود
"في حاجه ولا إيه؟"
حسام قرب وهو بيبصلُه باستغراب وقال
"إنت مالك كده من أول اليوم مش على بعضك، وبعدين إنت عارف إن في ميتينج دلوقتي؟"
تيم بص في ساعتُه بسرعه وقال بصدمه
"دلوقتي؟!"
حسام اتنهد وقال
"آه، متقولش إنك نسيت."
تيم عدل قعدتُه وقال بجمود
"لاء منسيتش، جاي أهو"
حسام قال بنبره خفيفه قبل ما يخرج
"متتأخرش طيب، عايز أخرج بدري النهارده"
تيم رفع حاجبُه وقال
"ليه؟ إيه السبب؟"
حسام ضحك وقال بهزار
"عندي ميتينج أهم."
تيم بصله بتركيز وقال بجدِيه
"ميتينج إيه ده؟"
حسام لف وشُه ليه وقال بابتسامه فيها لمعه
"ميتينج خاص بيا أنا، مع واحده مدوخاني."
قلب تيم وقع للحظه، قال بصوت واطي
"مين؟"
حسام ضحك وقال بحب
"فريده"
تيم حس إن ودانُه بتصفر، وكرر الكلمه بصوت بطيء
"فريده؟"
حسام قال وابتسامته من الودن للودن
"آه، وافقت أخيرًا وهنخرج النهارده، مش عارف اليوم مش راضي يخلص ليه!"
تيم اتسمر مكانه، الكلمه علقت في دماغه
"وافقت؟"
قال بصوت مبحوح
"وافقت؟"
حسام بصله باستغراب وقال
"آه يا عم وافقت!"
وخرج من المكتب وسابه مصدوم، كل الأصوات اللي حواليه اختفت، مفيش غير صوت نبضُه العالي بس، مفيش غير كلمه واحده بتلف في دماغه
"فريده… وافقت؟"
اتنفس بصعوبه، وقف ولبس الجاكيت بتاعُه، بص لنفسه في المرايه الصغيره في المكتب، وشُه كان باهت، عينيه حمرا، بس شد على نفسُه وفتح الباب.
وهو ماشي في الكوريدور حس إن كل خطوه تقيله وكأن رجلُه بتجره غصب.
دخل الميتينج، الكل كان بيتكلم والجو صاخب، أول ما قعد سكتوا، بص عليهم بدون أي تعبير على وشُه، فتح اللابتوب بس مكانش قادر يقرأ الكلام، كان بيهز رجلُه بسرعه وإيدُه بتضغط على القلم لدرجه إنه كان هيتكسر.
حد من التيم سأله سؤال، مردش، بص عليه كأنه مسمعش، لما عاد السؤال، رد بكلمتين وسكت.
صوتُه كان واطي، متقطع، مش تيم اللي متعودين عليه وهو بيرمي الكلام بسرعه وثقه، الكل كان ملاحظ، وأول مره يشوفوه كده.
حسام كان قاعد جنبُه وملاحظ إنه مش معاهم أصلًا،
شويه، تيم فتح بُقه علشان يتكلم، بس الكلام مش راضي يخرج، رجع سكت، بص في الأرض، حسام ساعتها قال
"خلاص، هنكمل وقت تاني "
تيم قام وقف، وكلهم وقفوا، قفل اللابتوب بس إيدُه كانت بتترعش تاني، لأول مره مش قادر يسيطر على نفسُه قدام الناس، وده مخليه حاسس بضعف وكره لنفسُه.
عنادُه وغرورُه بيتكسروا قدام إحساسُه إنه خسرها، وفي نفس الوقت مش قادر يعترف بده حتى لنفسُه.

في المستشفى
كانت يسر واقفه في أوضة التعقيم، إيديها شغاله بسرعه وهي بترتب الأدوات وبتحطها في الأوتوكلاف.
الباب اتفتح بهدوء وصوت واثق قال
"صباح الخير."
يسر قالت وهي مش باصه
"صباح الـ..."
وسكتت أول ما رفعت عينيها وشافته واقف، يونس، واقف وإيده في جيبُه، وابتسامه مستفزه على وشُه.
دخل خطوه وقال
"إيه الأخبار؟"
يسر رجعت تركز في التعقيم وكأنها مش سمعاه، قلبها كان بيدق بسرعه بس وشها كان ثابت، ملامحها هاديه ورفضت حتى ترد عليه.
يونس بصلها بصه طويله وقال بسخريه
"إنتوا بتعاملوا المرضى بتوعكوا دايمًا كده؟"
وقتها يسر وقفت، سابت اللي في إيدها، ومسحت إيديها في المريله ومشيت ناحيه الباب بسرعه علشان تخرج، بس قبل ما تخرج لقته واقف قدامها ساحب خطوه للأمام وسد الطريق عليها، عينيه ثابته عليها وفيها لمعة تحدي.
يسر رفعت عينيها وقالت ببرود
"ابعد."
يونس ضحك ضحكه خفيفه وقال وهو مايل ناحيتها
"شايفاني بُعبع يعني؟ كل ما تشوفيني تهربي؟"
يسر رفعت حاجبها وقالت بصوت واطي بس نبرتها حاده
"أنا حذرتك وقلتلك ملكش دعوه بيا، متجبرنيش أوقفك عند حدك بطريقتي."
يونس قرب منها أكتر، المسافه بينهم بقت خطوه واحده، بص في عينيها وقال بصوت هادي جدًا بس مليان تهديد
"محدش هيقدر يوقفني... وعيني هتفضل عليكي دايمًا، وخلي كلامي حلقه في ودنك."
عينيها لمعت بالغضب، مدت إيديها وزقّته بقوه بعيد عنها وخرجت من الأوضه بسرعه، وقف مكانُه وهو بيعدل هدومُه بعد ما زقّته والابتسامه المستفزه لسه على وشُه، وعينيه بتلمع بنظره صيّاد مش ناوي يسيب فريستُه تهرب.

عند تيم
خرج من القاعه وحسام ماشي جنبه ساكت، لكن قلقه كان واضح في نبرته وهو بيبص له بطرف عينه.
قال بهدوء وهو مش قادر يسكت أكتر من كده
"تيم، مالك؟"
تيم مردش، كمل في طريقه كأنه مسمعش، أو مش عايز يسمع.
حسام وقف مكانه وقال
"بجد في إيه؟ أنا عمري ما شوفتك كده، حتى وإنت في أسوأ حالاتك، كنت بتعرف تلم نفسك."
تيم وقف فجأه، لفله بنظره حاده بس صوته كان هادي وبارد جدًا
"متدخلش في اللي ملكش فيه"
حسام اتفاجئ من نبرته وقال بخفوت
"أنا مش بتدخل...أنا صاح.."
تيم قاطعه
"مش عايز أسمع حد، لا صاحب، ولا أخ، ولا ناصح."
سكت لحظه وبص بعيد، كأن الكلام خارج منه بالعافيه
"كمل يومك وابعد عني، دي حاجه متخصكش."
مشي من قدامه وساب حسام واقف قدامه، مش فاهم هو زعلان من مين وليه هجومه ده

عند فريده 
كانت واقفه قدام المرايه في الحمام، بتلمع شفايفها بطبقه خفيفه من الليب جلوس، عينيها بتلمع بتوتر بسيط وهي بتراجع مكياجها اللي حرصت يكون بسيط بس مُلفت، خدت نفس عميق قبل ما تمد ايديها تاخد الشنطه وتخرج 
فونها رن، بصت على الاسم وكان حسام، ردّت بسرعه
" ألو؟"
جِه صوته من الطرف التاني ناعم، فيه لهفه مكبوته
"فريده... خلصتي؟"
ابتسمت ابتسامه خفيفه وقالت 
"آه، خلاص خارجه... مسافة الطريق وهكون عندك."
سكت لحظه وبعدين قال بنبره هاديه وبنفس اللهفه
"طيب تمام... متتأخريش، خلي بالك من نفسك"
قفلت معاه، وعينيها فضلت على الشاشه لحظه، حست بحبه الحقيقي فعلا وهيا بتحاول تمنع ابتسامه صغيره ظهرت على وشها.

عند تيم
دخل البيت وساب الباب يتقفل وراه بهدوء مريب، عدّى على الصالون من غير ما يبص على صابرين وسالي، خطواته تقيله كأنها شايله فوقها سنين من الندم، دخل أوضته وقفل الباب، مفتحش النور وساب الدنيا ضلمه إلا من نور خفيف جاي من لمبه الأباچوره الصفره، وقف قدام المرايه بص في وشه... شاحب، منهك، مش شبهه.
بعد دقايق، سمع خبطه خفيفه على الباب، وبعدها صوت صابرين
"تيم؟"
مردش، الباب اتفتح بهدوء وصابرين دخلت، شافته واقف قدام المرايه، ضهره ليها، بس في عينه انعكاس واضح، كان باين عليه التعب.
رفع عينه ليها وبحده قال
"لاء لاء، اخرجي، اخرجي مش عايز أشوفك!"
صابرين وقفت مكانها مستغربه هجومه، حاولت تتكلم لكنه قطعها وهو بيقرب
"قولتلك اخرجي… اخرجي وسيبيني، متحاوليش تقربي ولا تسألي ولا حتى تواسي، سيبيني بتخبط لوحدي، دايمًا لوحدي."
صابرين قربت وقالت بصوت مهزوز
"تيم، اسمع...."
قاطعها من تاني بصوت مكسور
"أنا قولتلك متحاوليش، كفايه... كفايه اللي عملتيه فيا، أنا في الحالـه دي بسببك، إنتي السبب، إنتي اللي دمرتي حياتي، إنتي اللي خلّيتيني أعيش كده طول عمري، انتي"
صوته اترعش وهو بيكمل
"خدتي مني كل حاجه حلوه، منعتيني من كل حاجه فيها نور، خليتيني أصدقك وأمشي وراكي وفي الآخر؟ لقيت نفسي واقف في ضلمه ملهاش آخر."
صابرين كانت هتتكلم بس قال بصوت عالي
"اختارتي نفسك، دايمًا كنتي بتختاري نفسك، خوفك على نفسك أهم من كل حاجه، ساعات... ساعات بشك إنك أمي أصلًا، عمري ما صعبت عليكي؟! عمري ما كنت ابنك كفايه عشان تحسّي بيا؟!"
صابرين قالت وهي بتحاول تهدي الموقف
"تيم، انت اللي اتدخلت، أنا...."
قاطعها بصوت أعلى وهو بيقرب أكتر وعينه بتلمع من الغضب
"صح، أنا اللي اتدخلت، بس مش انتي اللي دخلتيني؟ انتي اللي قولتيلي الحقيقه فورا وانا في سن صغير بالرغم من اني مكنتش فاهم ومكنتش عايز افهم، وساعتها كنت صغير وصدقتك! خلّيتيني أشيل وزر اللي حصل، أنا السبب إنك قتلــ ـتي عشر بنات! عشر أرواح ملهمش ذنب!"
وقف قدامها، صوته اتحشرج
"أول ضحيه… فاكره؟ فاكره لما قولتيلي ساعتها أنا مكانش قصدي قولتيلي لازم متقولش لحد اللي شوفته، فاكره؟! فاكره إزاي خدتي مني كل حاجه حلوه من يومها؟ منعتيني أعيش زي البني آدمين."
صابرين اتقدمت بسرعه وشدت إيده
"وطي صوتك، لو حد سمعنا هتبقى مصيبه."
ضحك بسخريه مريره وقال
"هو ده تفكيرك دايمًا... إنتي وبس، سلامتك وبس، مصلحتك وبس، والكل؟ الكل يروح في داهيه، أي حد يتسحق تحت رجلك، المهم حضرتك تطلعي سليمه."
سكت، بصلها بصه كلها وجع وقال بهمس مشحون
"أنا مش ابنك... أنا ضحيتك الحداشر"
رجع يبص قدامه واداها ضهره، مش عايز منها لا إجابه ولا تبرير.
أما هيا وقفت مكانها ساكته، كانت عارفه أنه مضغوط ولازم يطلع ضغطه، بس هيبقى كويس تاني يوم عادي،
حاولت تتكلم بس بمجرد ما حاولت رفع إيده يمنعها وقال بصوت واطي فيه كسره
"أنا بقيت فاهم كفايه... مش هتعرفي تضحكي عليا بكلامك تاني."
اتسمرت في مكانها، عينيها بتترجاه يفهم، بس هو كمل من غير ما يبصلها
"خلاص، أنا خسرت كل حاجه حلوه في حياتي، أو كانت ممكن تبقى حلوه"
اتنهد، بص بعيد كأنه بيهرب من إحساسه
"ساعات بحسد يونس وسالي إنهم مش عارفين حاجه، مع إن سالي مش هتسكت، هتعرف كل اللي حصل، ومش عارف ممكن مصيرها يبقى إيه وقتها، زي مين فينا"
رجع يبصلها بوجع ومراره
"إنتي بتدوسي على الكل علشان نفسك، بتضحي بينا علشانك إنتي، اخرجي، اخرجي وسيبيني، سيبيني."
وقفت لحظه، كانت عايزه تتكلم بس مفيش كلمه خرجت، هيا عارفه أن اللي قاله كله حقيقي، مش هقدر تنكره، كل اللي قدرت تعمله إنها لفت وشها وخرجت وسابته يتخبط لوحده زي كل مره.

عند فريده
وصلت المكان اللي حسام بعتهولها، نزلت من عربيتها بهدوء، وهو كام واقف مستنيها.
أول ما عينيه وقعت عليها، اتسمر في مكانه، قرب منها ببطء، كان باين عليه التأثر والانبهار.
وقف قدامها وقال بصوت أقرب للهمس
"ما شاء الله، إيه الجمال ده؟"
فريده ابتسمت ابتسامه فيها حياء بسيط وقالت بهدوء
"ميرسي."
سكتوا لحظه، هو بيبصلها كأنه مش عارف يبتدي منين، وهي بتدور بعينيها في المكان، تحاول تشغل نفسها عن نظراته.
قال وهو بيعدل قميصه وبيحاول يسترجع هدوءه
"كنت خايف متجيش أو تغيري رأيك في آخر لحظه"
ردت ببساطه
"بس جيت."
ابتسم وقال
"تعالي ندخل"
دخلوا جوا وكان المكان فخم جدًا، الإضاءه هاديه وناعمه، المزيكا كانت شغاله في الخلفيه بصوت خافت يدي إحساس بالراحه، الأرضيات كانت من الرخام اللامع، والديكور كله شيك بطريقه تبين إن حسام اختار المكان بعنايه، ده غير الورود الموجوده على الترابيزه المحجوزه بشكل حلو جدا.
فريده مشيت جنبه وهي بتحاول تبان هاديه بس قلبها كان بيدق بسرعه من رهبه الموقف.
أما هو، فكان كل شويه يبصلها من غير ما يحس، وكل مره يبص فيها يحس كأنها بتخطف أنفاسه من جديد.
قعدوا على الترابيزه وحسام شاور للويتر اللي فهم قصده
ساد بينهم لحظة صمت فيها نوع من الترقب، حسام سألها بشك
"أنتي فعلاً موافقه؟"
بصّتله وقالت بهدوء
"لو مكنتش موافقه مكنتش كلمتك ولا جيت"
سكت لحظه وبص في عينيها وقال
"أنا من أول مره شوفتك فيها كنت حاسس إنك مختلفه، ولما عرفتك أكتر اتأكدت إني مش عايز غيرك."
فريده اتفاجئت بالكلام، قلبها اتخض للحظه، بس حاولت متبينش ده وقالت بابتسامه بسيطه
"احنا لسه في الأول، ولسه متعرفنيش كويس، احتمال تتراجع عن كلامك ده."
رد بسرعه وعينيه مسابتش عيونها
"مستحيل، أنا مستحيل أتراجع عن أي حاجه تخصك."
اتنهدت وهي لسه محتفظه بهدوئها وقالت
"وليه مستحيل؟ أنت فعلاً متعرفنيش كويس."
هز راسه وقال بإصرار واضح وصوت واطي لكنه مليان إحساس
"ميهمنيش، أنا عايز أتجوزك بجد، وكنت حاطط إيدي على قلبي متوافقيش، كنت بدعي تكوني ليا، بس مصدقتش إن الدعوه ممكن تستجاب بصراحه"
سكت لحظه، صوته بقى أهدى
"فريده، أنا عمري ما كنت متأكد من حاجه زي ما أنا متأكد دلوقتي، إنتِ مش مجرد إعجاب، إنتِ طمأنينه ليا، وأنا عايز أبدأ بيكي كل حاجه جديده في حياتي"
ابتسمت بخجل ونزلت بعينيها وقالت بصوت واطي
"بس الجواز مسؤوليه يا حسام... وأنا مش عايزه أكون قرار متسرع في حياه حد."
نبرته بقت هاديه وواثقه وهو بيقول
"وأنا مش بتعامل معاكي كقرار، دي حياه كامله أنا شايفها فيكي، شايف فيها انتي وبس ومش متخيل غيرك، انتي وبس "
رفعت عينيها وبصتله بتردد فكمل بهمس
"أنا مش بقولك الكلام ده علشان أبهرك، أنا بقولك لأنك غير، وعمري ما قابلت حد زيك، ومش ناوي أضيع الفرصه بصراحه، إدي نفسك فرصه... وإديني فرصه أثبتلك إني أستاهلك."
فريده فضلت ساكته، عينيها ثابته على الترابيزه وإيديها مستكينه فوقها، حسام مد إيده ناحيتها بتردد واضح ومسك إيديها بلطف كأنه بيطلب إذن قبل ما يتكلم، وقال بصوت هادي مليان مشاعر
"فريده، أنا حاسس بحاجه غريبه من أول ما شوفتك، عمري ما شفت حد لفت نظري بالشكل ده، إنتي مميزه فعلًا... مختلفه عن أي حد قابلته، وأنا... بحبك."
فريده اتسمرت مكانها وبلعت ريقها بتوتر، شدّت إيديها بهدوء وبصّتله وقالت بنبره جديه
"أتمنى تكون متأكد من مشاعرك... ومتكونش مجرد لحظة انبهار."
بصّلها بحب ورد بسرعه
"مستحيل! أنا بجد بحبك ومتأكد من إحساسي... ونفسي أكون معاكي على طول."

الويتر جالهم وكان شايل صنيه فخمه، فوقها علبه صغيره جلدها أبيض، وجنبها ورده بيضه صغيره متشبكه بشريطة ساتان رفيعه.
حط الصنيه قدام فريده وهو بيبتسم ومشي
فريدة بصّت لحسام بدهشه وفتحت العلبه بهدوء،
جواها كان في خاتم أنيق جدًا، بسيط بس بيلمع وفي ورقه صغيره مطويه جنب الخاتم مكتوب عليها
" Farida, Unique and one of a kind, Will you marry me?"
بصّتله، لقيته بيبصلها بحب، أو عشق، أول مره تشوف نظرات حب زي دي.
قال وهو بيبتسم
"تسمحيلي؟"
فريده كانت متوتره جدًا، بس هزت راسها بالموافقه ومدت ايديها وهو لبسها الخاتم بكل حنيه وبعدها باس إيديها، سحبت ايديها بتوتر، قلبها كان بيدق جامد
قال بهدوء
"أنا هاجي أنا وماما وبابا لمامتك وباباكي، مش عايز اضيع لحظه بعيد عنك"
كأن الكلام كان صعب عليها، حست بغُصه في قلبها وقالت بصوت واطي
"هبقى أقولك على الوقت المناسب... لما أفتح مع ماما الموضوع."
رد عليها بحزم وحنيه
"وأنا هستناكي... حتى لو استنيت ألف سنه"
كانت هترد بس قاطعها رنة فونها، بصت وشافت الاسم اللي خلاها تستغرب
"تيم المهدي"
بمجرد ظهور اسمه خلّى وشها يتبدل في لحظه، قلبها اتقبض، ومخها بدأ يفكر في ألف احتمال.
سحبت الموبايل بسرعه وقفلت الرنه، لكن ملحقش يمرّ ثواني، ورجع يرن تاني.
قالت بهدوء مصطنع
"أنا آسفة، في مكالمة ضروري أرد عليها... هرجعلك حالاً."
استأذنت وقامت بخطوات سريعه بعيد عن حسام.
ردّت بصوت واطي وقالت 
" نعم؟! في ايه؟!" 
بس كل اللي سمعته كان أنفاس عاليه متقطعه وكأنه بيصارع نفسه.


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1