رواية ليلي الفصل الثاني 2 بقلم ناهد خالد


 رواية ليلي الفصل الثاني 

صوته جمدها محلها، وجعلها لا تقوى على رفع نظرها الباتة.. لا تصدق انه قد عاد، فبالامس نجحت في التخفي منه.. فما جاء بهِ اليوم!؟ 

اختفى تنفسها وبهت لونها وهي واقفة محلها كالصنم، لم ترفع عيناها لتراه، ولم تستطع الهرب، فقط ظلت محلها.. 

حالها افضل من حاله بكثير، فعلى الأقل هي لم تتفاجئ بقربه منها كما حدث معه.. لم يتوقع ابدًا ان يراها مرة اخرى، ظن انها نجحت بالهرب حتى لن يجمعهما بقعة ارض واحدة مرة ثانية.. ولكن ها هي الاقدار تسوقها اليه دون عناء منه، بعد بحث دام لأربعة اشهر عنها حتى فقد الأمل وتوقف عن البحث.. يجدها امامه مرة اخرى بترتيب القدر. 

- انتي عارفة دورت عليكي قد ايه؟ 
عارفه سالت عليكي كام حد وفي كام مكان؟ 

اتتها الشجاعة، فرفعت رأسها تقول بجدية عملية:

_ لو حضرتك جاي المطعم، مطعمي.. فاهلاً بيك، تقدر تتفضل على اي طربيذة وهنيجي ناخد من حضرتك طلبك.. 

انهت حديثها وذهبت من امامه عائدة لداخل المطعم، ليسمع صوت عادل يقول:

_ مش هتعرف تصلح الوضع بالساهل. 

تنهد بألم وهو يقول:

_ عارف.. للاسف عارف، بس كفاية اني لاقيتها. 

_ حاول تتعامل معاها بحذر، عشان متختفيش تاني فجأة لو حست انك محاصرها او مش ناوي تسيبها. 

_ هحاول. 

قالها ولا يعلم كيف سيستطيع فعلها، فهو يتلهف شوقا للذهاب اليها والحديث معها حتى تصفح.. والنظر في عينيها حتى تلين.. وترجي قلبها حتى يرق.. فيكفيه بعدها الذي اضناه لشهور طويلة.. ولكن ما باليد حيلة، عليه أن ينتظر.. ويتمهل كي لا يضيع فرصته معها. 

_____

_ خدتي الاوردر؟ 

- ايوه، بس طلبوا انك انتي الي تعمليه، عجبهم اكلك المره الي فاتت. 

_ تمام هعمله. 

ودون حديث اخر اخذت تطهي اصناف الطعام المطلوبة حتى انتهت فقالت:

_ هتطلعيها انتي ولا اطلعها انا؟ 

_ كفايه عليكي الطبخ، انا هطلعه. 

_ براحتك. 

___

_  هي فين الشيف الي عملت الاكل؟ 

سأل بها "معتز" بعد ان انتهت "يمنى" من وضع الطعام، تحت نظرات "عادل" التي لم تفارقها حتى شعرت بالتوتر.. 

_ جوه، حضرتك محتاج حاجه؟ 

_ يعني ياريت تنورنا عشان اقولها رأيي في الاكل بصراحة. 

_ ثواني حضرتك.

قالتها وانسحبت فورًا دالفة للداخل وقد نجحت في التخلص من نظرات ذلك الرجل، فتنفست الصعداء. 

_____

_ عاوزينك بره. 

_ عاوزني ليه؟ 

سألتها بضيق واضح، لتقول يمنى باستغراب:

_ انتي ليه مبتحبيش تظهري قدامهم؟ 

_ مين قال مبحبش؟ 

_ واضحه اوي يعني.. امبارح والنهارده اهو، وانتي بالعادة اي زبون بيكون موجود لازم تطلعي وتطمني ان كل شيء تمام. 

_ عشان مش عاوزه احسسهم انهم مهمين لدرجة اننا كلنا واقفين لهم على رجل. 

_ بس هم فعلا مهمين، وهم عارفين كده مش محتاجينك تحسييهم، دول لو دخلوا اشيك مطعم في المنطقة هيقفولهم على رجل بردو، مابالك بقى بمطعمنا. 

_ يمنى معاها حق ياليلى، ده طبيعي يعني.. اخرجي وانا كمان شوية وهخرجلهم، لازم يحسوا اننا مهتمين بيهم عشان متكونش اخر مره ييجوا، الحمد لله واضح ان امبارح عجبهم الاكل والخدمة والا مكنوش جم النهاردة.. 

_ خلاص هطلع ، الموضوع مش مستهل كل الهري ده

__

وقفت أمامهما ثابتة، ملامحها جامدة، وحديثها طبيعي، لسانها لم يتلجلج ولم يظهر على نبرتها الارتعاش، رغم كل المتناقضات التي بداخلها، رغم توترها الذي بلغ عنان السماء، ونبضاتها التي تتسارع كأنها في سباق، وتنفسها الذي يختنق.. وارتباكها الذي ظهر على قبضها على اصابع كفها الايسر براحتها اليمنى.. 

_ اتمنى يكون الاكل عجبكم؟ 

ونظراتها موجهة لعادل فقط... 

_ تسلم ايدك تحفة، اصلاً حلاوته امبارح هي الي خلتنا نيجي هنا النهاردة. 

وهو الآخر كان مرتبك، ومتوتر، وظهر هذا في نبرة صوته وهو يجيبها.. 

_ الحقيقة انا الي طلبتك. 

قالها "معتز" لتضغط على اسنانها بقوة محاولة تقبل صوته الذي عادت تسمعه مرة اخرى.. وقالت دون ان تنظر له:

_ خير حضرتك؟ 

_ هو من الذوق انك تكلمي الزبون وانتي باصة في مكان تاني؟ 

يستفزها لتنظر له، وهي تحفظه وتحفظ تصرفاته عن ظهر قلب.. فلم تعطيه ما يريد وهي تقول:

_  معتقدش ان مطلوب منا نقف ونبحلق في وش الزبون.. 

_ تبحلقي؟ انا مطلبتش منك ده، بس من باب الذوق انك تبصي للي بيكلمك. 

_ اعتبره حياء.. ايه مسمعتش عنه؟ 

_ والحياء ده معايا انا بس! مانتي كنتي بصاله دلوقتي. 

شعر عادل بقرب تحول الوضع بينهما لشجار لن ينتهي فتدخل يقول:

_ خلاص يا جماعة صلوا على النبي.. محصلش حاجة لكل ده. 

قال جملته الأخيرة وهو ينظر لرفيقه بتحذير كي يكف عما يفعله فهو يزيد الوضع سوءً. 

_ خلاص حصل خير. 

قالها على مضض واضح.. لتبتسم هي باصطناع وهي تقول:

_ حصل خير فعلاً... بعد اذنكوا. 

انهت حديثها وانسحبت من امامهما غاضبة.. 

_ زودتها انتَ، مش معقول يعني تتخانق معاها بدل ما تلطف الجو. 

اشاح بيده في عصبية وقال:

_ الطف ايه بس.. استفزتني، وانت عارف مبعرفش اتحكم في اعصابي. 

نظر له بجانب عيناه وهو يلومه:

_ ما عشان كده سبتوا بعض 

_ عشان كده! 

_ ايوه لو كنت اتحكمت في اعصابك وحكمت عقلك يومها مكنتش ظلمتها ولا كان الوضع وصل للي حصل. 

صمت... لانه يعلم ان رفيقه على حق، لو عقل الامور يومها لما اصبحت ما عليه الان.. 
___

_ يابني يلا بقى... انت واقف بالعربية ليه؟ 

_ هو انا مقولتلكش؟ 

_ مقولتش ايه؟ 

_ انا مش همشي.. انا مستنيها، لازم اتكلم معاها. 

صرخ عادل بغيظ:

_ ولما هو كده يا بارد مقعدني ليه معاك؟ 

_ تسليني يا دودو. 

صاح غاضبا وهو يفتح باب السيارة:

_ دودو في عينك، يخربيت معرفتك الهباب، لاطعني ساعة وفي الاخر تقولي مستنيها. 

___

خرجت من المطعم، وقاموا باغلاقه وذهب كل منهم في طريقه، واخذت هي طريقها سيرا لقرب منزلها الذي تسكنه بالإيجار. 

دلفت لطريق ضيق لحد ما، مظلم، لا يوجد به سوى عمود انارة واحد، وسارت حتى منتصفه، وشهقت فجأة وهي تشعر بيد وضعت على كتفها من الخلف،

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1