رواية وعد بين الغيوم الفصل الثانى 2 بقلم اية طه

  

رواية وعد بين الغيوم الفصل الثانى بقلم اية طه


في دار العم جابر، اليوم التاني من العزا، بعد ما اتقفل العزا رسمي، وقعدوا الرجالة يتونسوا حوالين القهوة والستات في الدار، دخل المحامي. وشه مش مريح، وماسك ظرف كبير. الكل بصله، والسكوت خيم.

المحامي (بهدوء):
الحج عبد الستار، الله يرحمه، سايب وصية لازم تتقرا قدام الورثة.

العم جابر (وهو ماسك العصايه):
وصية؟! من إمتى؟ احنا اخواته وولاده... كله معروف ومقسم... الأرض دي لفلان، والدكان دا لفلان... هو سايب إيه كمان؟

المحامي طلع الورقة وفتحها، وبدأ يقرا بصوت واضح:

> "أنا عبد الستار عبد الرحمن، أُقر وأشهد أمام الله، إن لي بنت من سنية بنت جابر، لم أعترف بيها طول حياتي، لرفض والدي بها ولانها كانت من برا العيله ومن البندر... لكن دمها من دمي، ولها الحق في نصيبها الشرعي زي إخوتها. أطالب بإثبات نسبها، وتسجيلها، وتسليمها حقها كامل غير منقوص، وأشهد الله على ذلك."

الدنيا ولعت... حرفيًا.
الحجة نعيمة صرخت وهي تضرب على صدرها:
بت؟! بت مين دي يا ناس؟! ايه كلام فارغ ديه... دا راجل عمره ما شاف إلا عياله! تشيلوه الكلام ديه... دي لعبة!

العم جابر ضرب الطربيزة:
دي مؤامرة! كيد نسوان من أيام زمان!الست دي لا شفناها، ولا نعرفها، وتيجي دلوق بعد ما تعبنا وشقينا، تيجي واحدة تقول أنا بت عبد الستار؟ لا والله ما يوحصول! وبعدين انا فاكر الحكايه دي زين ابوي فعلا رفض الجوازه وانا اخوي عبد الستار كان لا يمكن يكسر لابوي كلمه واصل.....الحكايه دي مظبوطه.. 

عبد الرحيم (واحد من أولاد عبد الستار):
يعني إحنا نزرع ونحرث ونربي العيال... وفي الآخر تيجي واحدة الله أعلم مين أمها، وتاخد معانا ف الدار والأرض؟ لا والله دا حتى ربنا ما يرضاش ب اكديه.... وبعدين نضمن منين ان البت دي فعلا اختنا... 

المحامي (بهدوء):
يا جماعة، الورق قدامي... والوصية موثقة، ومختومة من المحكمة... وفي إجراءات لازم تتم... رضيتم ولا لا محدش يقدر يتحكم باى حاجه غير لما تظهر البت ونتاكد انها بته للسيد عبد الستار وقتها... ووقتها نقدر نقسم الورث ومحدش يقدر يتصرف باى حاجه... علشان مايتحكمش عليه ويقع تحت طائله القانون.. 

أم عبد الرحيم تصرخ من جوه البيت:
تتم إيه يا خويا؟ دي كذبه وفضيحه... دي أكيد واحدة طماعة، عرفت إنه مات، وقالت نلعب لعبتنا ونورث ف الحلال! عبد الستار طول عمره راجل دوغري وقلبه قوي وميخافش من حاجه واصل لو كان متجوز كان قال وعرفنا..... دا كبيرنا ومحدش كان يقدر يعراضه ولا يحاسبه... 

محمد، كان ساكت طول الوقت، لكنه قال بصوت مخنوق:
بس يمكن... يمكن تكون فعلاً بته... يمكن كان في سر مخبيه...اكيد فى انه ورا الحكايه دي وانا واثق فى عمي.... 

الكل لف عليه، وبغضب وحقد:
العم جابر:
إنت بتقول إيه يا واد انت ؟! انت جننت ولا اتخبلط بعقلك عاد؟ بتشكك فى عمك يكون عمل الفضيحه والجرسه داي؟!

عبد الرحيم:
ولا يكون انت اللي جبتها مع المحامي؟ يمكن متفق معاها ع الورث؟ايوا من بعد اصرارك انك تتجوز  بت البندر وعرفت انك هتطرد من البيت وتتحرم من الورث عملت الفيلم ديه علينا ويبقى ضربت عصفورين بحجر واحد... 

محمد (بعصبية):
أنا؟! أنا ابن ابوي وتربيه عمي، بس كمان مش أعمى! هو ديه كلام الوصية ولا راجل بيهزر؟ دي وصية اعتراف قدام ربنا قبل ما يموت... لو ماكنتش بتو فعلاً، كان سابها ليه؟ و كمان انا مش محتاج حاجه واصل منكم ولا من الورث تخليني اعمل اكديه يا اخوي يا كبير... 

نعيمة (تلطم):
ومين يضمن؟! يمكن كانت غلطة زمان وخلصت، واحنا مانعرفش عنها حاجه... مانعرفش حتى شكلها! تيجي اكديه وتشارك ولادي في عرق أبوهم؟!

المحامي (بثبات):
معرفش البنت فين ولا تعرف هي بنت مين... الوصية دي كانت أمانة معايا، وهو وصاني ما أقولش لحد إلا بعد وفاته. واظن من رأي الشخصي البنت دي هى وامها لو كانو طمعانين كانو ظهروا وجم اهنيه من زمان بس دا يثبت انهم اصلا زي ما قال عبد الستار فى وصيتهم انهم مش معرفهم حاجه عن عيلته وسابهم ومشى من زمان بناءا على طلب السيد والده.... 

جابر (ساخر):
يا سلام! وهي دلوق فين؟ جاية منين؟ عايشة فين؟ لو فعلاً عنده بنت، كان جابها، كان رباها... مش يسيبها وتيجي تاخد من ورثه بعد ما مات!

محمد:
يمكن خايف... يمكن ضميره صحى في الآخر... وربنا هداه قبل ما يروح له، مش دا اللي بتقولوا عليه راجل تقي وبيخاف ربنا؟

نعيمة (من جوه):
ودي تبقى وصية ولا جرسه وفضيحه؟ أنا مش هقبلها... ولو البنت دي ظهرت مش هتدخل بيت ديه واصل، ولا ليها حاجة اهنيه! ورث إيه اللى تاخده وهي حتى ما حضرت العزا؟!

عبد الرحيم:
إحنا اللي ربينا وشيلنا وسهرنا وتعبنا... ندي الأرض لحد من الشارع؟! تمشيش يا جدعان، والله ما تمشي.

المحامي يلم أوراقه بهدوء:
أنا بلغتكم... الإجراءات هتبدأ، والنسب هيتم إثباته شرعيًا... لو البنت ظهرت، هتاخد حقها، غصب عن أي حد.

الكل وقف... الصوت علي، الشتيمة طلعت، والصراخ على الأبواب، والناس في الشارع بدأوا يبصوا من الشبابيك...

نعيمة (بتعيط وبتصرخ):
دا كله كان متدبر علينا... حتى بعد موته، ساب نار ف قلبنا... يا ريتني مت قبل ما أسمع الكلام ديه.

محمد خرج من القعدة، سابهم كلهم، وقعد على المصطبة قدام البيت، والليل بدأ ييجي... لكنه ما بطلش يفكر:

"هو فعلاً عنده بنت؟ ولو عنده... هي فين؟ يا ترى تعرف إن ليها حق؟ ولا لسه عايشة فقيرة ومحرومة حتى من اسمه؟"
دخلت سعاد، مرات العم جابر، وهي بتجفف إيديها في الطرحة، وقالت وهي بتتكلم بحدة:

سعاد:
يعني إيه ؟! نفضل طول عمرنا نعد في الحلال، وكل حاجة متقسمة ومترتبة... ونفاجأ بكلام مالوش أصل؟! دي لو بنت عبد الستار صوح، كانت طلعت من بدري، مش تستنى لما يموت؟!

جابر (بعصبية):
يا وليه كفاية! مفيش بنت ولا يحزنون! دي لعبه ستات زمان، يمكن أمها كانت من النوع اللي يعرف يسحب الراجل من عقله، وهو غلبان وسكت... إنما تجيلي دلوق تقول عاوزة ورث؟ تاخد من داري؟ من عيالي؟ لا ورب الكعبة ما يحصول

المحامي (يحاول يحافظ على هدوئه):
أنا مش طرف في خصامكم... بس أمانة ووصلتها، ومكتوبة بخط إيده، ومختومة رسمي... وده معناته إن المحكمة هتمشي ورا الكلام ديه.

عبد الرحيم:
لا يا مولانا... المحكمة تمشي برا بيوتنا، لكن اهنيه، في دار عبد الستار، مافيش حد غريب ياخد سهم!

محمد (لسه قاعد ع المصطبة، بيكلم نفسه):
ماهو اكديه ولا اكديه... هي هتظهر.
لو فعلاً من دمه، هتبان... والحق ما يضيعش واصل... 
بس الخوف... الخوف من اللي جاي.

رجع محمد ودخل وسطهم تاني، وقال بصوت واطي بس واصل لكل ودن:

محمد:
هو فين الغلط؟ في إنها تكون بنت من لحمنا ودمنا؟ ولا علشان مش من عيلتنا، إحنا ليه مش عايزين نصدق؟ عشان الحلال؟ عشان الأرض؟ طب لو بنت غلبانة، ومعندهاش سند، هنكون إحنا أول الظالمين ليها بدل ما نكون السند اللى اتحرمت منه؟!

عبد الرحيم (واقف):
خلاص يا محمد! باين عليك مصدق الحكاية قوي... مش يمكن... يمكن انت اللي شفتها؟ أو تعرفها؟ ما انت كنت قريب من ابوي اكتر مننا كلنا...

محمد (واقف قدامه، عينه فيه):
أنا ما شفتش حد واصل... ولا عمري عرفت إنها موجودة من الاساس... بس مش هكذب وصية مكتوبة ومختومة، وبتقول كلمة حق... ويمكن ربنا اختارنا عشان نظهر الحق ديه ونغفر لعمي ذنب عمله ووصانا بيه... 

جابر (يضحك بسخرية):
حق؟! دا لو طلع ليها ورث، يبقى اللي عندنا يتقسم من أول وجديد... تبقى الأرض ما بقتش لحد، كلنا نرجع نتحاسب من تاني، ونتخانق، ويمكن نتهاوش ونقطع بعض!

نعيمة (من الداخل بصوت عالي):
ما هو اكديه... البيت ديه مش هيرتاح، والست هتيجي وتبوظ كل حاجة، وتحرق قلبنا ع الراجل اللي عمره ما قال اكديه!

سعاد:
أيوه يا نعيمة، وإحنا نسيبهالها اكديه؟! يعني واحدة جاية من الشارع، تدخل بيتنا وتاخد من حقنا، كأنها كانت عايشة وسطنا؟!

المحامي (بياخد نفس طويل):
أنا خلصت كلامي، والباقي ع المحكمة... لو ظهرت، ليها الحق، ولو ما ظهرتش، كل حاجة هتتحط تحت التحقيق... وانتوا حريين في ضميركم، قدام ربنا وقدام القانون.

محمد:
طيب... لو ظهرت، نعمل إيه؟ نقابلها بإيه؟
بالكره؟ بالشك؟ بالشتيمة؟
ولا نسمع منها... يمكن حياتها كانت أصعب من حياتنا كلنا.

عبد الرحيم (بيصرخ):
إنت بتدافع عنها كأنك تعرفها!
لو ظهرت، والله ما تدخل الدار دي برجليها... هنطردها زي الكلاب.

جابر:
وأنا أول واحد!
دي لو ظهرت، هتشوف نار... مش بس منا، من البلد كلاتها. عار على عبد الستار إنه يسيب بنت في السر!

المحامي:
طيب نهدى، ونشوف إيه اللي هيوحصول... أنا هبدأ في الإجراءات، والنسب هيتم فحصه عن طريق المحكمة، والعينات.

سعاد (بتضحك بتهكم):
يعني نستنى... لحد ما تيجي واحدة تقول “أنا فلانة بنت فلان”، ونمدي لها ورقة تقول لها اتفضلي؟! دا يوم ما تيجي، هتتمنى ما كانت ظهرت.

محمد (بياخد نفس عميق):
بس اللي ما يعرفش، مش دايمًا بيكون كذاب... يمكن هي عايشة في عذاب، ويمكن تكون كانت بتدعي كل يوم تشوف أبوها... وإحنا اهنيه بنتخانق ع الورث وكأننا نعرف ربنا أكتر منه!

عبد الرحيم (بيشد محمد من دراعه):
بكرا نعرف، وساعتها... ساعتها يا محمد، متجيش تقول كان عندك قلب طيب!

محمد (بهدوء):
أنا ماشي ورا ضميري... وانتوا، امشوا ورا خوفكم.

سكت الكل...

الليل نزل، والناس فضلت في القعدة، لكن الكل بيبص لبعض بريبة... الخوف مش من بنت، الخوف من اللي هيغير الكل.

من يومها، مافيش حد ارتاح...

كل ما الباب يخبط، الكل بيجري يبص.

كل صوت غريب في الشارع، يطلعوا يشوفوا...

كل واحدة ماشية لوحدها، يتهموها في سرهم.

الشبح بقى في قلب الدار.

بنت عبد الستار... لسه ما ظهرتش، بس خدت حقها قبل ما تيجي:

الرعب.
الشك.
اللعنة.

وكلهم مستنيين اللحظة اللي تدخل فيها.

هل هتكون ملاك؟
ولا شيطان؟
ولا بس... واحدة مظلومة، وجاية تطالب بحضن؟
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1