رواية ابتسامة الشيطان الفصل التاسع و الثلاثون والاخير بقلم اسماء ندا
جاء اليوم الموعود وامتلأ قصر ليو والقصور المجاورة بالضيوف القادمين من جميع أنحاء العالم، وكان ارس وتد علاقاته مع فيكتور او هذا ما استطاع فيكتور أن يقنع ارس به، تلك الايام القليلة الماضية بعد عودة أرس من تركيا، ابتعد فيكتور عن راؤول كما أنه أظهر العداء الواضح تجاه راؤول وزوجته، كما اتفق مع اسلين على اظهار انها لا ترغب بالزواج منه ولكنها مضطر الى ذلك لتنفيذ رغبة الجد ليو.
كان الجد قد اعلن انه سوف يتم احتفال نقل السلطة فى النهار ثم احتفالات الزواج فى المساء، لذلك بالتقريب وقت الظهيرة اجتمع الجميع فى الحديقة الخلفية للقصر والتى كانت نظمت على شكل طاولات طويلة متفرقة بالمكان و مرتبة حول مسرح دائري موضوع به طاولة مستطيلة طويلة، جلس ليو فى منتصف الطاولة وعلى يمينه جلس ارس وبجوارة فيكتور وصديقة دايمون، وعلى يسار السيد ليو جلس راؤول وبجواره ماري والمرأة المقنعة، عندما اجتمع جميع الضيوف، وجلسوا بأماكنهم المعلن عنها بوضع كارت باسم العائلة على الطاولة الخاصة بكل مجموعة، وقف ليوا رافع يده بكاس من الشامبانيا ثم دق عليه بواسطة سكين رفيع كي ينتبه الجميع، وبعد ان ساد الهدوء بدأ ليو حديثة
-مرحبا بكم جميعا على ارض روما، وشكرا لكم للحضور، كما تم شرح سبب الدعوة فى الرسائل التي ارسلت للجميع،فان اليوم لدينا نوعان من الاحتفال، والاول سوف أعلن تنازلي عن منصبي لاحد ابنائي كما ايضا سوف اعلن عن تبادل سلطات القيادة فى ظل ذلك التغيير، وهذا نظرا لأسباب صحية والتى سوف تضطرني للاختفاء للكثير من الوقت ولا أعلم حقا ان كنت سوف اظل على قيد الحياة أو رحلتى فى هذه الحياة قد انتهت، لذلك سوف اعرفكم جميعا اولا بأبنائي وبناتي، نبدا من اليمين بالطبع الجميع يعلم ان ارس هو ابني بالتبني وهو اليد التي اعتمد عليها، والفضل يعود له بجاح واتحاد عائلات روما وصقلية معا تحت ادارته هو وابنه بالتبنى
توقف ليو عن الحديث قليلا وهو يرتشف بعض قطرات الماء واستمع لهمس ارس بجواره
ارس بصوت هامس :- ماذا يقول ذلك العجوز الهرم، ماذا يعنى انك ابنى بالتبنى
همس له فيكتور :- اهدا، دعه يقول ما يريد فى نهاية اليوم كما تعلم سوف ينتهى كل ذلك بانتهاء الجميع وسوف نقود اجزاء كثيرة فى العالم سويا وليس فقط صقلية و روما
اخرج ارس الهواء من رئتيه وهو ينفث دخان السيجار وابتسم وهو يردد " اجل ، سوف ينتهى. كل شي، يمكنه رسم نهايته بيديه "
أكمل ليو حديثه قائلا
-نعم، هذا حقيقى ان فيكتور ابن أرس بالتبني، ولكنه حفيدى الشرعى فان والده هو راؤول الجالس هنا على يساري، اعلم ان كثيرين لم يتعرفوا على راؤول سابقا ولكن كان هذا طلبه فهو يحب ان يعمل دون أن يراه أحد، فإن كان ارس ذراعي الايمن فان راؤول هو ذراعي الأيسر، ولكن اليوم عندما اقترب الأجل كان يجب علي ان اعرفكم بعائلتى وعلى الذين سوف يخلفون بمكاني هنا
أشار ليو إلى جهة اليمين وقال
هذا هو ابنى الوحيد من صلبي و هو والد فيكتور الحقيقي واسمه راؤول ليو، وهذه ابنتى مارى زوجة ابنى الشرفى ارس و التى بجوارها هى سيمون ابنتى ب التبنى وهي تسمي المرأة القط او الجحيم وهناك ذلك الشاب على يسارى هو دايمون ابن أرس الحقيقى ولكنه كان مفقود وهو صغير مع امه لذلك عندما عاد للعمل مع فيكتور لم نكن نعرف وها هى الصدفه عندما قرر التبرع بالدم ذات مرة الى ارس أظهرت نتائج تحاليل الدماء انه ابن ارس البيولوجي و هناك حفيدى بالتبنى كوبر لكنه الآن مع زوجته المريضة والتى سوف تجرى عملية طبية فى ألمانيا
التفت ارس ونظر إلى دايمون بدهشة ثم همس له
-دايمون ، هل ما يقوله الرجل صحيح
دايمون:- اجل ، هذا ما ظهر فى تحليل الدم
ارس :-لماذا لم تخبرنى؟
دايمون :- لا اعتقد ان ذلك ذات أهمية، فأنت جعلت من بفيكتور ابنك
نهض ارس مرة واحدة ثم ابتسم واعتذر عن نهوضه وقال
-عذرا يا ابى يجب على فعل شي هام تذكرته، سوف اعود على الفور
انطلق مبتعدا الى داخل القصر، ثم أكمل السيد ليو حديثه، عندما تأكد اختفاء ارس داخل القصر
-عذرا، لقد نسيت اخباركم ان سيمون هى التوأم الثالث لاولادى وليست ابنتي بالتبنى، سوف اشرح لكم هذا فيما بعد، والان سوف اعلن عن انتقال منصب الاب الروحى للعائلات الى ابني الشرفى ارس و انقل قيادة امور العائلة الادارية إلى ابنى راؤول، ولكن احفادى سوف يسافرون لتأسيس شركاتنا بالعديد من البلدان لتسهيل تبادل التعامل بيننا وبين تلك البلدان وهكذا استطيع الانتقال لآخر مرحلة علاجية وانا مطمئن
صفق الجميع ورفعوا كؤوس الخمر عاليا تأكيد على الترحيب والتهنئة بهذه الخطوة، داخل القصر كان ارس يحاول التواصل مع قادة الملاهى الليلية الذي كان اتفق معهم بان يهجموا على القصر أثناء حفل الزفاف ليلا و يقتلوا الجميع باستثناء فيكتور، ولكن عندما علم بحقيقة دايمون فتغيرت الخطط برأسه فان كان دايمون هو ابنه من صلبه إذا هو أحق بقيادة شئون العائلة عن فيكتور، لكن ارس فشل بالتواصل مع اى شخص، عاد الى الحديقة كى ينضم إلى الجميع ولكنه فوجأ بتفرق الضيوف واصبح المكان شبه فارغ، لذلك اقترب من فيكتور وسأله
-ماذا حدث؟ اين الجميع؟
فيكتور:- انتهى الأمر بإعلان ليو المسؤولين من بعده كما اتفقنا معه من قبل وعاد الجميع الى قصور الاستضافة استعدادا للفرح مساءا
ارس :- تمام، سوف اخرج قليلا لدى مهام يجب ان انهيها،سوف اعود قبل الفرح لا تقلقل
فيكتور :- حسنا، لكن، انت تعلم شخص يسمى مارسيلو
انتبه ارس لذلك الاسم فهو اسم اكبر قائد من قواد الملاهى الليلية التى اتفق معه فأسرع ب الإجابة
ارس:- أجل، ماذا عنه؟
فيكتور :- لقد اتصل ب ريد بيك واخبره انه ينتظرك قرب البحيرة التى بجانب المطار الخاص، يقول انه امر هام جدا، لكن ريد بيك لم يجدك فأخبرني ثم رحل
ابتسم ارس لانه ايضا يبحث عن مارسيلو وقال بهدوء اجاد رسمهُ على ملامحه
-جيد، سوف اذهب اليه اولا وبعد ذلك اذهب كى انهى العمل الذي بيدى ثم أعود إلى هنا
أومأ فيكتور برأسه بالموافقة ثم ترك ارس وتوجه إلى داخل القصر، او هذا ما اعتقده أرس، لذلك أسرع ارس بالخروج من القصر بعد ان اخذ سيارة من الجراج و قادها بنفسه الى البحيرة المجاورة للمطار، ما إن وصل حتى بدأ القلق يتسلل إلى قلبه فالسكون الذي يحاوط المكان هذا اليوم غير طبيعي فإن بالعادة يتواجد دائما موظفون المطعم الموجود لخدمة عمال المطار الذين من المفترض ان يتواجدوا بشكل أكثر هذا اليوم لوجود ضيوف من أنحاء العالم ومنهم من يهبط بهذا المطار القريب بشكل خاص، لكن اختفاء العاملين وخلو المكان وكأنه يوم عطلة بث القلق والتوتر فى نفس ارس.
تمهل قليلا قبل ان يغادر السيارة، نظر بكل مكان من حوله، استطاع ان يلمح وقوف سيارة مارسيلو متوقفة خلف شجرة بجوار الحاجز الذي يطل على البحيرة، ورغم رؤيته لها ألا أنه رفع هاتفه امامه وكتب رقم فيكتور ، قليل من الوقت يصدر الهاتف رنين ولم يجيب، قبل ان ينتهي صوت الرنين اجاب فيكتور
-ماذا؟ هل حدث شئ؟
-المكان هنا عند البحيرة خالى، و المطعم مغلق
-أجل، لقد أمرت موظفين المطعم بالإغلاق وإخلاء المكان بعد حديثى مع ريد بيك، حتى لا يراك أحد مع مارسيلو، اعتقد لا نريد اى اشتباه بنا فى مقتل الجميع هنا
عاد الشعور بالارتياح الى قلب ارس مرة اخرى فقال
-جيد أنك فعلت ذلك
اغلق الهاتف ثم خرج من السيارة وتوجه ناحية سيارة مارسيلو، لكنه لم يجد احد بها أو حتى بالقرب منها، فقط وجد ورقة مكتوب عليها ( انتظرك عند الجسر الواصل بين ضفتي البحيرة قرب الشلال) وضع ارس الورقة داخل البنطال ثم تحرك متجها إلى ذلك الجسر الذي يبعد عن ساحة انتظار السيارات بضع أمتار قليلة، لقد كان منشغل بالنظر في هاتفه الذي كان قد اعاد تشغيل شبكة الإنترنت به و تفاجأ بأن أحد ما يرسل له رسائل على تطبيق الواتس بصورة متكررة، ومزعجة، وعندما فتح التطبيق وجد أن من يرسل له هو مارسيلو، بدأ يقرأ الرسائل (لا تاتي ، إنه فخ، لقد تم جذبنا الى هنا جميعا، اهرب من روما، لا تأتي الى البحيرة) وقف بمكانه وردد
-سحقا، ان الرسائل من ثلاث ساعات
رفع عينيه ونظر إلى أى مدى قد اقترب، فوجد أمامه ذلك الجسر الذي يفصل ما بين ضفتي البحيرة، فتح عينيه بقوة عندما راى ستة اشخاص منزوعة الجلد ومعلقة على الحاجز المتصل بجسد الجسر، يتساقط منها الدماء التى عكرة لون المياه أسفل الجسر،حاول الاستدارة والهروب لكنه فوجئ بالمرأة المقنعة امامه والتى لم تمهله فرصة كي يستوعب ما يحدث وقامت بحقنة ب مخدر خفيف لن يفقده الوعي لكن سوف يشل جسده عن المقاومة ويتركه يشعر بكل ما سيحدث.
بعد سقوط أرس على الأرض اقترب راؤول ووقف بجوار رأس أرس مبتسما ثم انحنى وهمس له
-عليك أن تشكر الرب انني وعدت أحدهم بعدم السماح لأحد بلمسك و إلا كنت شعرت بما شعر به اتباعك
نهض وامسك ب قدم ارس ثم جذبه خلفه حتى وصل إلى حبال قد أنزلت من طائرة هليكوبتر تحلق فوق الجسر ثم قام بربط قدمي أرس بالحبال والتي تم جذبها حتى أصبح جسده معلق فى الهواء قليلا أمام راؤول، تراجع راؤول الى الخلف تاركا الطريق ل اسيا كما كان قد وعدها بالسابق، ثم ذهب وجلس الى جوار فيكتور و دايمون وكوبر الذي ترك زوجته فى ألمانيا حتى يحضر حفل زفاف صديقيه
راؤول :- كان عليك أن تظل مع زوجتك يا كوبر
كوبر :- واضيع ذلك العرض هذا مستحيل
رفع فيكتور كأسه وقال :- مرحبا بك يا صديقى
دايمون :- لماذا نجلس هنا وهى تقوم بكل المتعه؟
فيكتور:- لقد استمتعت معى بسلخ تلك الكلاب وتقطيعهم
راؤول :- لا تستعجل سوف ياتى دورك بالتأكيد
كوبر :- وانا ايضا ، لى دور هنا اليس كذلك
راؤول :- بالتأكيد
اقترب شانيو وجلس بجوار راؤول وقال :- لقد اعددت الساحة القريبة من المطار كما طلبت راؤول، ولكن من اين اتيت بتلك الاسود السهباء (نوع من الأسود أبيض لون الفرو) النادرة وبهذا العدد
راؤول :- انها ملك ابني فيكتور
شانيو:- اهنئك على ذوقك الرفيع يا بنى
فيكتور :- شكرا لك
صمتوا بعد استماع خطوات حذاء أنثوى يقترب منهم، يتبعه صوت أسيا التى كانت قد نزعت القناع من فوق وجهها فيصيح دايمون
-مارى، اقصد الام مارى، انت الجحيم
ضحك كوبر و فيكتور وعقب راؤول بعد ان نهض و وضع يده حول خصر آسيا
-انها اختي الثانية، آسيا، ونحن ثلاث توائم، اثنان توأم متشابه وانا توأمهم ولكن أختلف عنهم قليلا
كوبر :- من الجميل ان يكون لك إخوة والاجمل ان كانوا توأمك
فيكتور :- لا تحزن كوبر سوف اعتبرك توأمي من اليوم
شانيو:- عمل رائع يا فتاة، هل يمكنني الاقتراب والمشاهدة
آسيا :- بالطبع تفضل ولكن نريد أن نسرع ما زال لدينا استعدادت للعرسان هنا
تحرك شانيو وتبعه الجميع حتى اقتربوا من فيكتور الذي كان قد نزع عنه بعض من ملابسه وتم خياطة فمه بخيط من الأسلاك و جرح جسده من عدة أماكن متفرقة.
شاينو :- اعتقد ان علينا الانتقال الآن الى الساحة اليس كذلك
راؤول :- اجل، لكن دعني اصحح من وضع ذلك الكلب
اقترب راؤول وفك قيود ارس من القدم ثم أعاد ربط يدي ارس ، ثم اقترب فيكتور وهمس فى أذن ارس بصوت مسموع
-الان، عليك دفع ثمن ما قمت به تجاه ابى على مدار السنوات الماضية
ابتعد فيكتور ثم أشار إلى الطائرة التى ارتفعت وتحركت قليلا ، بينما تحرك الجميع بالاسفل الى الضفة الثانية من البحيرة حتى وصلوا إلى سياج تم وضعها حديثا والتى تكون على شكل دائري كبير ومقسمة من الداخل الى عدة طرقات تشبه المتاهة، وتم وضع شاشة كبيرة معلقة على ارتفاع ، توضح بها صور لجميع تلك المساحة، يتضح على طرف إحدى تلك المساحة قفص كبير ملئ بعائلة أسود بيضاء، يوجد أسد كبير فى العمر ومجموعة من اللبؤات وثلاث أشبال شابة.
كان مفعول المخدر بجسد ارس يختفي ، وبدأ يستطيع التحرك ولكن بصعوبة قليلا، هبطت الطائرة قليلا الى قلب الساحة حتى وقف ارس على قدميه وسرعان ما فك ارس يديه من الحبال، ثم حاول فك تلك الخيوط السلكية من فمه، لكن توقف وانتبه لصوت راؤول الصادر من مكبر الصوت
-أرى أنك استعدت حركتك الطبيعية بشكل جيد، اذا سوف نستعيد سويا ذكرى من الماضى ولكن انا سوف اكون متساهل معك أكثر مما كنت انت بالماضي، يوجد فى تلك الساحة عشرة أماكن أمنه يمكنك الاختباء بها من الأسود ولكن تذكر لا تستطيع المكوث أكثر من عشرون دقيقه داخل اى من تلك الاماكن او سوف يتم أحراقك، أو صعقك بالكهرباء
فيكتور :- وحتى اكون منصفا احظر من خطواتك التى تخطوها فهناك العديد من الفخاخ
آسيا :- اليك العد التنازلى كي تبدأ البحث عن المكان الآمن قبل أن يتم فتح باب الاسود، عشرة، تسعة، ثمانية….
ارس يعلم يقينا أنه لا مخرج له من ذلك الجحيم فقد سقط آخر من يستطيع الاعتماد عليه، لا يوجد له امل غير أن ينجده ليو من ايديهم، لقد تعهد له بالماضي ان يظل الأمان الوحيد مهما صنع من أعداء، حمد ربه داخل عقله انه ارسل رساله الى ليو بمكانه و اخبره ان يفى بالعهد قبل أن تحقنهُ تلك المقنعة بلحظات، ليس امامه الان سوى المماطلة حتى ياتى ليو، وتعهد لنفسه انه سوف ينتقم منهم شر انتقام، اعتدل فى وقفته وبدأ ينظر من حوله حتى لاحظ ممر به بعض اثار خطوات بشرية ، تحرك بذلك الاتجاه.
آسيا:- سبعة …… ستة….. خمسة
استمع ارس إلى زئير الأسود فأسرع فى حركته و عينية تبحث بكل مكان، وبالفعل رأى أمامه فجوة بين الأشجار على شكل قفص من الحديد لا تتسع الا لشخص واحد ولا يمكن الدخول داخلها إلا وهو منحنى على اطرافه الاربع.
آسيا :- أربعة …. ، ثلاثة …..، اثنان….
انخفض ارس وبدأ يتحرك على يديه و قدميه مثل الحيوانات وحاول الدخول داخل ذلك القفص ولكنه فوجئ بأن أرض القفص مليئة بالزجاج المكسر والمسنن والذي اسابه بعدة جروح، لكن لا مفر له آخر، و يجب عليه الالتفاف وإغلاق القفص
آسيا:- واحد …… انطلقوا
تم فتح الباب الذي يحجز الأسد كبير السن اولا، والذي توجه ناحية ارس بسبب رائحة الدماء على الفور، فى تلك الأثناء استطاع ارس الالتفاف وإغلاق باب القفص جيدا، حاول الأسد مهاجمة ارس داخل القفص ولكنه لم يستطع سوى اصابته ببعض الجروح ايضا، ومع محاولة ارس دفع مخالب الأسد كانت قطع الزجاج التى بأرضية القفص تجرح جسده، مرت ثمانى عشر دقيقة على ذلك الوضع ثم تم فتح باب القفص من الجهة الاخرى، استطاع ارس الخروج من خلال ذلك الباب وما ان حاول الجري قليلا وهو ينظر الى الخلف كي يتأكد من عدم ملاحقة الاسد به، رأى اشتعال النيران داخل القفص الذي كان هو داخله من دقائق.
سقط بمكانه وهو يحاول أخذ أنفاس متلاحقة، لكنه قاوم شعور الذعر الذي أصابه ونهض مرة أخرى يبحث بعينه عن المكان الآمن التالى ، نظر من حوله ليجد نفسه بين ثلاث ممرات أحدهم خلفه واثنين من اليمين والشمال، فكر الى اى اتجاه سوف يسلك ولكن الوقت لا يمهله التفكير حيث ظهر فى أحد الأطراف لبؤة وبجوارها شبلان اقتربوا على سن البلوغ، فأسرع هو بالجري بالاتجاه الآخر، ولأنه كان ينظر بعض الوقت أمامه وبعض الوقت خلفه لم يلاحظ ذلك الفخ الموضوع على الارض، وهو فخ يستخدم فى الغالب فى اصطياد الدببة، ما ان وضع قدمه به حتى أغلق عليها وكسرها فسقط على الأرض وهو يصرخ بصوت مكتوم من الألم بسبب ذلك السلك الذي يغلق فمه، اعتقد أنه هالك لا محال خاصة باقتراب اللبؤة حاول اخفاء وجهه باستسلام ولكن دون وعى بدأ يزحف للخلف بجسده، فسقط فى حفرة عميقة كانت أرضها عبارة عن قضبان من الحديد، ثم أغلقت الحفرة من اعلى بقضبان اخرى، ظلت اللبؤة تتحرك على حافة الحفرة للحظات ثم شئ ما جذب انتباهها بالخارج لذلك أسرعت مبتعدة، داخل الحفرة استطاع ارس نزع ذلك الفخ من قدمه رغم الالم، ثم نجح بنزع تلك الأسلاك من فمه، بدأت القضبان اسفله بالارتفاع حتى اكثر من نصف المسافة ثم فتحت القضبان التى فى اعلى الحفرة، بدات القضبان اسفل جسده بارتفاع درجة حرارتها حتى بدات تتلون باللون الاحمر من قوت الحرارة.
وقف ارس مستند على الجدار وحاول التمسك بحجارة الجدار والارتفاع لاعلى بقدم واحد، ورغم صعوبة الأمر لكنه استطاع الخروج من الحفرة، وعندما خرج لم يجد الاسود فبدأ التحرك وهو يجر قدمه مبتعدا بعيدا عن الحفرة، لقد راى تلك اللبؤة تفترس شئ ما أمامها ويشاركها الثلاث اسود، لم يتوقف وينظر كثيرا وتحرك حتى وصل الى حاجز من السلوك المسننة، ووجد مقص اسلاك ملقى فى الجهة الاخرى، حاول مد يده من بين فتحات الأسلاك والإمساك بذلك المقص ورغم الجروح التى أصيب بها من الأسلاك لكنه نجح بالفعل وامسك المقص
قص جزء كبير من الاسلاك يستطيع المرور من خلاله بجسده الى الجهة الاخرى، وبعد ان مر بجزء من جسده بدأت الأسلاك تصدر ذبذبات كهربائية بسيطة ثم بدأت الكهرباء ترتفع بالتدريج حتى أصبحت تصعقه بقوه الى ان طار جسده بعيدا ثم صدم ببعض الصخور المتواجدة، مما ادى لكسر عدة ضلوع فى صدره وبعدها فقد الوعي وسحبه الظلام الى عالم اخر.
مر ما يقارب نصف ساعة، بدأ ارس يشعر بتلك الألام المتفرقة بجسده من تلك الكسور والجروح، بدأ يصدر صوت أنين، لحظات واستطاع فتح عينيه ببطء، وجد نفسه يجلس داخل صندوق زجاجي، حاول النهوض ولكن الكسور فى ذراعه. وصدره وقدمه كان الآلام بها لا تحتمل، صرخ بقوة ولكنه تحامل على الألم ويدأ يعتدل فى جلسته وينظر من حوله، رأهم يجلسون أمامه، بل يحاوطون الصندوق من جميع الجهات، وبتحدى صاح بهم
-هل تعتقدون اني سوف اتوسل لحياني أو أتوسل كي تتوقفوا عن تعذيبى؟ أنتم مجموعة من الحمقى ، انا ارس ريمور، انا الشيطان، لن اجثوا متوسلا لأي شخص كان، وان كان على الاختيار بين موتي او توسلي فسوف اختار الموت
بدء فيكتور بالتصفيق وتبعه الآخرون، ثم سأل كوبر
-هل تعتقد تلك الأسماك الصغيرة ذات اللون الجميلة ، اسماك مفترسة بالفعل
كوبر بعد ما ابتسم بسعادة كبيرة قال :- أنها أسماك البيرانا وهي تتميز بأنها من أشرس أنواع السمك، بالرغم من حجمها الصغير فإنها تحيي بمجموعات وتستطيع المجموعة الواحدة الانهاء على حوت ضخم فى عشر دقائق لا غير
دايمون:- كم من الوقت فى اعتقادك تحتاج لإنهاء على ارس؟
أسيا :- سوف نكتشف ذلك الآن .
بدأ الصندوق الزجاجى يمتلئ بالماء بعد ان تم اغلاق الصندوق من الأعلى وبعد دقائق لم يتبقى به اى فراغات تسمح بمرور الهواء، فتحة فتحة صغيرة من اعلى الصندوق تسمح بمرور الأسماك التى لم تنتظر حتى ان تتجمع وبدأت بالهجوم على جسد أرس تلتهمه وفى غضون عشر دقائق كان لا وجود للحياة داخل الصندوق الا لتلك الأسماك العائمة، ثم فتحت نفس الفتحة من الاعلى مرة اخرى وتم إلقاء بعض قطع اللحم المسموم داخل الصندوق مما ادى إلى موت تلك الاسماك ايضا.
تثاءبت آسيا وهى تقول :- الآن يجب أن نعود إلى القصر يوجد لدينا حفل زفاف
جاء صوت من الخلف يسوده الحزن :- رجاء عند قتلى، ان تختاروا موت سريع دون ألم
نظروا جميعا خلفهم فكان المتحدث هو ليو، اسرع راؤول واقترب منه مبتسما وقال
-أعاهدك أن لا اسمح لاى شخص هنا او بالحياة ان يمسك بسوء، فانت سوف تظل على قيد الحياة الى ان يقبض الرب على روحك، هكذا عاهدت أمي
ثم وضع راؤول يده على كتف ليوا وضحك بصدق ثم أكمل حديثه :- هيا ، سوف نذهب سويا كي نجهز مفاجأة للعرسان
ليو :- اعلم ان مهما حدث أو قدمت لك من اعتذار او محاولة تعويض فلن تسامحيني ابدا ، اليس كذلك
جاءت أسيا من جوار ليو بالجهه الاخرى وقالت :- انه غفر لك يا ابى فانت كنت سبب رئيسي فى حماية ابنه فيكتور، وايضا انت السبب في إبعاد فيكتور عن تلك العائلة فى المستقبل القريب، ان راؤول رغم قسوة قلبه على الاعداء لكنه يمتلك قلب يملئه الحنان والرحمة والحب
نظر ليو الى راؤول قليلا ثم قال ضاحكا :- احاول تصديقها ولا استطيع
راؤول :- بالفعل انا ايضا لا أستطيع تصديقها
فيكتور :- اشعر بالغثيان ، لا اتحمل رؤية تلك المشاعر المترامية فى المكان الان
كوبر :- معك حق، اسناني تئن من ألم المشاهدة
ضرب دايمون كلاهما فى خلف رأسهم وقال :- عديمي المشاعر انتم، انه الحب الحقيقى يا حمقى، وليس ما تدعوه لزوجاتكم
انطلق دايمون فى الجري مبتعدا بعد أن رأى نظرات فيكتور وحركة يد كوبر الذين انطلقوا خلفه، تاركين تلك الضحكات التى رنت بصدى صوت من ليو و راؤول، مع همسات آسيا
(أنهم مازالوا أطفال، هؤلاء الحمقى كيف سوف يتزوجوا بعد قليل)
فى مساء اليوم تزين القصر بالأضواء الراقصة وانتشرت البهجة والسعادة في أرجاء القصر، وبعثرة الورود فى الحدائق، ولاول مرة فى تاريخ ذلك القصر تفتح الأبواب و يختلط الحراس بالضيوف بأهل البيت، جاءت عمة اسلين الحقيقة وزوجها بعد أن قام فيكتور بدعوتهم كي يسعد قلب زوجته ويطمئنها أنه قد انتهى زمن التخفي والخوف، لكن سمات عائلة المافيا لا تتغير، فكان الجميع محتفظ باسلحته، مرت ساعتين اجتمع بهم جميع الضيوف ثم توجه الجميع الى الحديقة العامة الكبيرة التى تفصل بين قصر أرس ريمور و قصر فيكتور.
كانت الحديقة قد قسمت الى طرفين كل طرف رتبت به المقاعد على شكل صفوف يفصل بينهم ممر طويل وعريض، رسم داخله بورق الورد القلوب بالوانها المختلفة، جلس الجميع فى تأهب وانتظار العروسات وصمتت الموسيقى للحظات فساد الصمت وتوجهت العيون الى الخلف عند أول الممر حيث وقفت اسلين بفستانها الأبيض، كان فستان يتجسد على جسدها يحتضن منحنياتها كأنه قد صمم كي يندمج مع لون جسدها الابيض، لكن نثر عليه اللآلئ الزرقاء، واختفت عيونها الجميلة أسفل تلك الطرحة القصيرة التي اندمجت مع شعرها الاسمر الطويل المنسدل فوق ظهرها، كانت اسلين تمسك باقة الورد في يد وباليد الأخرى تتعلق بذراع الجد ليو، وفى ذراع الآخر تعلقت ذراع استلين الصغيرة التى لم تقل جمالا عن اختها بذلك الفستان الابيض المتناسق من الاعلى مع جسدها كانه يحتضنها من الامام ويظهر ظهرها الفاتن من الخلف عن طريق فتحة مستطيلة مثبته من الاعلى بحرف من القماش الستان الابيض الذي يتدلى على احدى جانبي كتفها ثم فرد خلفها على الارض مكونا ذيل طويل بشكل قلب فى اخرة نثر عليه الجوهر البيضاء اللامعة، اما نصف الفستان السفلى فكان منفوش على شكل طبقات متتالية.
لحظات الصمت بينما يستعد ليو لتحرك ومعه تلك الفاتنات، وقف راؤول فى بداية الممر بجواره من الجهتين يقف فيكتور و دايمون ينتظران تسلم الفتاتان من الجد حتى يبدأ القس بمراسم الزواج، بدأ عازف البيانو إطلاق النغمات الهادئة مواكب تحرك العروسات داخل الممر والاتى سبقهن طفلان يحملان الورود ويلقوا بها على جانبى الممر، تعال التصفيق وعبارة التهنئة والإعجاب من الضيوف الذين نهضوا على أقدامهم احتراما وسعادة بمرور الفتيات.
بعد مرور مراسم الزواج المتعارف عليها، انتقل الجميع الى الجزء الثاني من الحديقة التى تراصت به الطاولات بشكل دائرى حول مكان مخصص للرقص وقد بدأ العرسان بالرقص الكلاسيكي، ثم انضم اليهم الكابلز من المعازيم.
مرت ساعتين كانت السعادة ترفرف بالأجواء وأصوات الموسيقى الصاخبة تملأ المكان حتى انها كانت تصل الى اطراف الطريق العام الذي يبعد عن القصر أمتار، لكن تلك السعادة لم تكن مكتوبة في قدر تلك العائلة، فأن قانون الحياة الدائم من تلوثت جزوره بالدماء والقتل عانت فروعه وأغصانه من الانتقام والدم، بلحظات ليست قليلة عن صعود العروسات و العرسان لتبديل ملابسهم والتحضير للسفر فى شهر العسل انقلبت أصوات الموسيقى والضحكات، إلى أصوات أعيرة نارية
متبادلة بين مجموعة تهاجم وبين المتواجدين بالقصر.
أثناء تلك الفوضى استطاع ليو الصعود إلى غرفة فيكتور الذى قابله على الدرج وهو يهبط حامل أسلحته ويتبعه كل من كوبر و دايمون ، فصاح بهم
ليو:- إلى أين؟ عودوا إلى النساء، فيكتور توجد طائرات تنتظركم على السطح اذهب انت و زوجتك وآسيا معا و الطائرة الاخرى سوف ينتقل بها ديمون وزوجته ومارى، هيا اذهبوا
جاء صوت راؤول من خلف ليوا :- استمع الى ليو واذهب لإنقاذ النساء ، سوف نتواصل معكم فيما بعد دون علم أحد
فيكتور :- لكن ما يحدث بالاسفل، كيف نترككم ؟
دايمون :- اليس العهد ان نحيا جميعا او نموت جميعا
ليو:- لا تقلق لن يموت أحد هنا، فقط انتم من ماتوا، هيا ارحلوا
فيكتور :- حقا ليو، هذا ما خطط انت اليه، هل كنت تعلم أبى ؟
ابتسم راؤول وقال :- اذهبوا الان فلا وجود لكم ضمن العائلة بعد اليوم
دايمون :- و كوبر ماذا عنه؟
ليوا :- زوجته في ألمانيا عليه اللحاق بها لكن فى الغد، اصعد معهم كوبر ثم عود واخبرني انهم قد ذهبوا
مرت نصف ساعة من الهجوم الذي حدث ثم بدأ القصر بالانفجار، تليه الحرائق، أصيب ليو بالصدر من طلقة اخترقت قفصه الصدري، لكن تم قتل جميع المهاجمين ثم تم العثور على أجساد متفحمة للعروسات والعرسان ومعهم اجسام لنساء اخرى ورجال اعتقد انهم مارى و وآسيا و فيكتور ودايمون،انهارت زوجة راؤول وكادت ان تفقد عقلها عند تخيلها موت وحيدها فيكتور ، لكن استطاع كوبر اعطاءها مهدئ وهمس لها بأن فيكتور على قيد الحياة وكل ما حدث ما هو إلا خدعة كي يبتعد ويخرج من عائلة المافيا.
مرة سنتان وقد اعلن عن موت ارس ريمور و فيكتور و زوجته و ديمون وزوجته و مارى وآسيا بنات الاب الروحى ل عائلة المافيا ، وقد نجى ليو من موت مؤكد لكنه اعلن انتقال القيادة لابنه الوحيد راؤول، ومعه كوبر كمساعد و مدير الأعمال التى سوف تقام فى دولة مصر.
بمكان آخر داخل بيت كبير نوعا ما جلست سيدة جميلة تعزف قطعة موسيقية كلاسيكية وبجوارها تجلس امرأة أخرى تحمل طفلتها ذات السنة والنصف ، وبعد لحظات من الاستماع لتلك النغمات الرائعة يدخل من باب الشرفة المطل على حديقة صغير، رجل يحمل طفل آخر بين ذراعيه بنفس عمر الطفلة وهو يقول
-الرحمة، لا استطيع العمل منك يا فيكتور، يا روز انت الجدة هيا خذي حفيدك قليلا اريد الانتهاء من اجتماع المهندسين، رجاءا علينا تسليم المجمع السكنى الى وزارة الإسكان في تركيا
روز بعد ان نهضت وأخذت الطفل قالت :- هيا ناتالي ضعى اليزابيث بالعربة الصغيرة وسوف اخذ الطفلين معى ، وساعدى زوجك لانهاء اعماله
ناتلي بعد ان خرجت مع زوجها الى الحديقة قالت :- ازار هل اتصلت ب كمال واختي مريم فى القاهرة كى تدعوهم لحضور الاحتفال بموعد ميلاد أبنائنا
ازار :- ليس ذلك فقط، فقد دعوت ليو و راؤول ايضا وسوف يأتون جميعا
ناتالي :- انا سعيدة جدا انى استطعت إنهاء جامعتى باسمى الجديد وحياتنا الجديدة بعيدا عن الدماء والخوف والقلق
احتضنها أزار وقال :- نشكر الجد ليو هو من رتب لنا كل ذلك
داخل قلب القاهرة فى مدينة الزهور المجمع السكني، كانت مريم تقف داخل المطبخ وهى تحمل ابنها الوحيد ادهم، بعد ان ودعت زوجها كمال الذي كان لاسمه كيان كبير بين الوسط الاقتصادي العالمي والذي استطاع ان يثبت جدارته على إنعاش الاقتصاد داخل عدة دول ويصنع لاسمه مكانه بين حيطان الاقتصاد فى العالم .
تمت
