![]() |
رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل الثاني والاربعون بقلم دينا جمال
في فيلا خالد السويسي .... تحديدا في غرفة بدور
كلماته افزعتها زعزعت ثباتها المزعزع من الأساس كشجرة صغيرة في مهب ريح صلصال عاتية لا تقدر علي مجابهتها ... جف لعابها تسارعت أنفاسها وضعت يدها علي فمها تكتم صوت بكائها ... فكرة العودة إليه هي أسوء ما يمكن أن يحدث ... تكرهه تمقته بعد كل ما فعل بها يريد أن يعيدها ليكمل حلقة تعذيبه لها ..... ارتجف نابضها خاصة حين سمعت صوته البغيض :
- شيلي من دماغك فكرة أنك تتجوزي واحد غيري .... ماشي يا بيدو
في تلك اللحظات شعر بدمائها تفور تغلي من الغضب .... مر امام عينيها شريط طويل سريع لحياة بائسة خاوية حتي من المودة ... الحب ... تهدجت أنفاسها تشد أسنانها تهمس بشراسة :
- أنت ايه يا أخي شيطان عايز مني ايه تاني ... ما كفش اللي عملته فيا سنين وجاي دلوقتي تهددني ..... أنا عندي اموت نفسي ولا ارجع علي ذمتك تاني
تعالت ضحكاته الساخرة .... شعرت بأنه يستخف بكلامها يلقيه بعيدا في القمامة .... ضحكاته كانت كسوط مشتغل يجلد روحها المنطفئة .... لحظات وسمعته يهمس متلذذا :
- الله .... دا احنا كبيرنا وصوتنا بقي بيعلي وبنهدد ... اسمعي بقي يا بيدو .... لو اتجوزتي هاخد عيالي حقي .... المحكمة هتحكملي بيهم .... وساعتها مش هخليكي تشوفيهم تاني لآخر يوم في عمرك
توسعت عينيها ذعرا تسارعت دقات قلبها تشعر بجسدها تجمد من الخوف من مجرد فكرة أن يبتعد عنها الأطفال صمت هو للحظات قصيرة ليعاود همسه الخبيث :
- بس لو عوزاني ما اخدهمش وما اردكيش لعصمتي .... انا عايز فلوس ... خالد باشا ما خلاش حيلتي حاجة ... مش باقي غير اني اشحت في الشوارع .... فشخللي جيوب الباشا وهاتلي 250 ألف جنية ... دول يعتبر فكة عنده .... معاكي أسبوع قبل ما العدة تخلص لو الفلوس ما جتش هردك يا بدور واطلبك في بيت الطاعة .... وهاخد العيال واحرمك منهم صدقيني أنا اقدر ااذيكي بأبشع الطرق فخلينا حلوين ... وهاتي الفلوس أحسن .... سلام يا يبدو
اغلق معها الخط لتتهاوي جالسة علي الفراش تنظر امامها فزعة مرتعدة ... من أين ستحضر له كل تلك الأموال ... تعود إليه يأخذ طفليها .. لالا لن يحدث .... خالد هل تطلب منه تلك الأموال بأي سبب ستبرر له أنها تريد ذلك المبلغ الضخم .... انسابت دموعها ترثي حالها ... تشعر بأنفاسها تختنق .... توجهت الي شرفة غرفتها عل هواء الليل العليل يسكن تلك النيران .... لحظات وبدأت تسمع صوت بكاء خفيض قطبت جبينها متعجبة التفتت حولها لتري تلك الفتاة ابنه حمزة مايا .... تجلس علي أرض الشرفة المجاورة تنظر للحديقة تحديدا الي باب المنزل المغلق ... نظراتها متلهفة حزينة معذبة كأنها بانتظار أحد ما .... وقفت تنظر لها تشعر بالشفقة قلبها يؤلمها ... لما تبكي تلك الفتاة ... حمحمت بصوت خفيض تجذب انتباهها ... التفتت مايا برأسها تنظر لبدور للحظات لتتحرك من مكانها تدخل الي غرفتها دون أن تنطق حرف واحد ... وقفت بدور في حيرة من أمرها .... أتتغاضي عن الأمر فقط وكأنها لم تري شيئا فيكفي ما بها علي أي حال .... أم ربما تلك هي عاطفة الأمومة التي جعلتها تخرج من غرفتها متوجه الي غرفة مايا .... وقفت أمام باب غرفتها حائرة مترددة تنهدت .... رفعت يدها تدق الباب عدة دقات خفيفة متتالية لم تحصل علي اجابة ... لينخر القلق قلبها من أن يكن أصاب الفتاة مكروها .... حركت مقبض الباب برفق أطلت برأسها لتراها هناك تجلس علي الفراش تضم ركبتيها لصدرها تبكي .... دخلت بدور الي الغرفة تغلق الباب خلفها بهدوء .... العجيب لم تنظر ناحيتها حتي ... توجهت بدور ناحية فراش مايا ... وقفت جوار فراشها للحظات بلعت لعابها تسألها :
- مايا أنتِ كويسة
لم تجد اي استجابة من تلك الجالسة لتتنهد تسخر من حالها ومن ذلك السؤال الأحمق التي سألته توا .... الفتاة تبكي بحرقة كأنها فقدت عزيزا للتو وهي تسألها هل هي بخير .... جلست جوارها علي طرف الفراش ... لتمد يدها تمسد بحنو علي خصلات شعرها ...تسألها قلقة :
- مالك يا مايا ... بتعيطي ليه طيب ... قوليلي يمكن اقدر أساعدك
بحركة بطيئة آلية حركت مايا رأسها نفيا تسابقت شهقاتها تسبق دموع عينيها ارتجف جسدها من عنف بكائها تتمتم بحرقة :
- تساعديني .... مش هتقدري .... هو بس اللي كان بيساعدني ... هو كان دايما جنبي .... بيحبني ... زي ما انا بحبه ... بس دلوقتي خلاص مشي ... بابا مشاه بعيد ... بيقولي عمره ما هيسامحه .... طب ليه ... ليه دخله حياتي من الأول .... ليه علق قلبي بيه ... أنا بحبه أوي ... حاسة اني هموت من غيره
انفطر قلب بدور علي تلك الصغيرة الباكية كلامها التي تصرخ به بحرقة اوجع قلبها عليها ... لم تشعر سوي وهي تجذبها الي أحضانها تعانقها تسمح علي رأسها لتنفجر مايا تبكي وتتعالي شهقاتها تمسكت بأحضان بدور تصيح بحرقة :
-أنا عايزة ماما ... اشمعني أنا .... كانت هتقوله ما تبعدوش ... كانت هتخدني في حضنها وتبطبطب عليا ... اشمعني لينا وسارة وسارين وكلهم .... وأنا لاء ... أنا عايزة أدهم خليه يرجعلي أدهم
انهمرت دموع بدور تشدد علي احتضان مايا تربت علي رأسها كأنها طفلة صغيرة ... لدقائق طويلة الي أن بدأ يخبو بكاء تلك الصغيرة ... تشعر بأنفاسها تهدئ ابعدتها عنها برفق لتجدها تغط فئ نوم عميق تنهدت حزينة علي حالها .... حانت منها التفاتة سريعة ناحية باب الغرفة لتجد حمزة يقف هناك يراقب ما يحدث في صمت ... للحظات تقابلت عينيها مع عينيه رأت في مقلتيه الكثير ... صمت لسانه وصرخت عيناه .... تنهدت حزينة علي حاله وحالها وحال تلك الفتاة الصغيرة ... بلعت لعابها مرتبكة حاولت أن تمدد جسد مايا علي الفراش لتشعر بها تشد بيديها علي عناقها ترفض تركها ... سمعت صوت الرخيم يهمس في تلك اللحظة :
- معلش خليكي حولها النهاردة وأنا هاخد خالد وسيلا يناموا في أوضتي
حركت رأسها إيجابا تنظر له متوترة ليعطيها شبح ابتسامة متعبة خرج يجذب الباب خلفه .. لتحتضن تلك الصغيرة تربت علي رأسها برفق
_____________
في الأسفل خرجت لينا من المطبخ تحمل صينية طعام عليها الكثير من الطعام تحركت لتصعد بها إلي أعلي لتسمع صوته يهتف من خلفها :
- استني عندك
شدت علي أسنانها تتنفس بعنف ... التفتت له لتسبل عينيها في دهشة ذلك الوقح لما لم يرتدي قميصه إلي الآن رأته يقترب منها التقط الصينية من يدها يرسم ابتسامة واسعة بريئة علي شفتيه يتمتم في حزم :
- ازاي تشيلي حاجة تقيلة وانتي حامل ... مش خايفة علي اللي بطنك
اخذ منها صينية الطعام ليحمر وجهها غضبا انفجرت تصيح فيه :
- أنت يا ابني ما بتفهمش قولتلك مش حامل مش حامل ... اسجلهالك .... يا رب اتسخط قرد لو كنت حامل
تعالت ضحكاته تشق المكان ... تحرك خطوتين متجها الي أعلي التفت لها توسعت عينيه في دهشة يتمتم سريعا في عجب :
- الحقي يا لينا طلعلك ديل
توسعت عينيها فزعا ذيل !!! نظرت بهلع لملابسها ليحتقن وجها غيظا الأحمق كان يخدعها التفتت تنظر له في حقد خاصة حين بدأت ضحكاته تعلو أكثر فأكثر وهو يأخذ طريقه الي غرفة والديها .... توجهت هي الي غرفتها .. بينما اخذ هو الطريق المعاكس لغرفة خاله ترتسم علي شفتيه ابتسامة حالمية صغيرة ... هل يعقل أن تكن فعلا تحمل بطفله مجرد الفكرة تجعل أجراس الفرح تدق في قلبه تغزو كيانه كله ... رجفة لذيذة تعصف بجسده وقف أمام غرفة خاله ليمسك الصينية بيد واحدة مد يده الأخري يدق الباب بهدوء .... لحظات وفتح خالد الباب ابتسم زيدان ببراءة يردف :
- الأكل يا خالي
توسعت عيني خالد ينظر للواقف أمامه في دهشة .... قبض علي يده يصيح فيه محتدا :
- كاك خوت في دماغك إنت يا حيوان فين قميصك ماشي كدة ازاي
توسعت ابتسامة زيدان ينظر لخالد بهدوء مستفز ... قطب جبينه يحاول تذكر أين نسي القميص :
- هو القميص فين صحيح .... آه في أوضة لينا
في أوضة مين يا حبيب ابوك ... أنت ايه اللي وداك اوضتها يلا .... صاح بها خالد غاضبا .... عروق يديه ورقبته نفرت غضبا ... مما جعل زيدان يدفع الصينية لخالد يعود خطوتين للخلف وقف علي بعد منه يردف مبتسما :
- الله يا خالي ما هي مراتي ... أنا بقولك ايه اللي بيوديك أوضتك
احمرت عيني خالد غضبا يرغب في الانقضاض علي ذلك الأحمق وخنقه حتي الموت ... كاد أن يلقي صينية الطعام أرضا في تلك اللحظة خرجت لينا من الغرفة تنظر لخالد وزيدان متعجبة :
- في ايه بتزعقوا ليه
دفع خالد لها الصينية شمر عن ساعديه يتمتم متوعدا :
- خدي دي ... وحياة أمك لاخليك تحصل ابوك
فر زيدان يركض ليتبعه خالد يصيح فيه بأن سيقتله ليهتف زيدان ضاحكا وهو يركض بعيدا :
- الحق عليا يعني اني عايز اخليك جدو
هرع زيدان الي غرفة لينا دخل يغلق الباب خلفه بالمفتاح وقف خلف الباب يلهث بعنف بينما خالد خلفه يطرق علي الباب بعنف يصيح فيه :
- افتح يا حيوان ... والله لاطلع روحك في ايدي
خرجت لينا من المرحاض في تلك اللحظة وقفت تنظر لزيدان ترفع حاجبها الأيسر مستهجنة ما يفعل وصوت والدها يعلو ... ارتسمت ابتسامة خبيثة علي شفتيها .... اقتربت من الباب الي أن صارت قريبة منه لتصرخ بصوت عالي كأنها مذعورة فزعة :
- الحقني يا باااااابااااااا .... لا لا يا حيوان ابعد عني ....
توسعت عيني زيدان مصدوما مما تفعل لتكمل هي تمثليتها المتقن :
- لا يا زيدان لا لا لا .... حرام عليك أنت مش بني آدم
صمتت حين تناهي الي اسماعها صوت والدها يقول ساخرا :
- ما تنسيش بقي تبقي تقطعي هدومك عشان لما اكسر الباب اصدق أنه اغتصبك ورا باب الاوضة
انفجر زيدان ضاحكا ليصفر هي وجهها حرجا ... لما يجب أن يكون والدها ذكيا .. لما لم تنطلي عليه خدعتها ببساطة ....
ابتعد هو عن الباب يلتقط قميصه اقترب منها الي أن صار أمامها مباشرة غامت عينيه بسحابة سوداء حزينة متكدرة يهمس :
- انتي ما كنتش بتمثلي انتي كنتي بتفتكري نفس الكلام اللي قولتيه في نفس الليلة ... يا رتني ما سمعت كلامك ونزلت .... كان يكفيني اشوف في عينيكِ كلمة بحبك .... لو اللي حصل دا ما كنش حصل كان زمنا أسعد زوجين في الدنيا
رفعت مقلتيها تقابل عينيه للحظات طويلة ليري الدموع تتجمع بسرعة وعنف تغزو مقلتيها ... تنساب علي وجهها مد يده يمسح دموعها يهمس لها بصوت خفيض حنون :
- قوليلي طيب أنا أعمل عشان تسامحيني وأنا مستعد أعلمه مهما كان .... يا لينا والله العظيم كانت لعبة من حد عايز يآذيكي ويأذيني .... تعالي ننسي اللي حصل نقفله خالص ما نفتكروش .... ونبدأ أنا وانتي صفحة جديدة من أول السطر ... قولتي إيه
طال صمتها حتي بني قلبه الأمل انها قد تسامح تغفر تنسي ذنب ليس له فيه ذنب ... رفعت يدها تبعد كفه عن وجهها اولته ظهرها تهمس بهدوء قاسي :
- امشي يا زيدان ... أنا لا عمري هنسي ولا هسامح ...ولا هعرف أبدا صفحة جديدة ... احنا حكيتنا خلصت لحد كدة .... أنا لولا أن بابا واقف علي بعد باب بينا كان زمان قلبي وقف من الرعب أنا وأنت في أوضة واحدة .... صدقني أنت عمرك ما هتتخيل العذاب اللي أنا حاسة بيه
اغمض عينيه يشد عليهما بعنف قلبه يصرخ ألما ... توجه الي نافذة غرفتها يقفز للخارج ... راقبته وهو يتوجه إلي سيارته لتدمع عينيها حين التقطت بمقلتيه قبل ان يرحل لتهمس بصوت خفيض متالم :
- صعب والله صعب مش هقدر انسي
توجهت إلي باب الغرفة تفتحه لتجد والدها يقف امامه رأي خالد عينيها الدامعة وجهها الشاحب ... فلم يعارض قلبه حين جذبها يحتضنها برفق بقيت صامتة جامدة لم تنطق بحرف ليتنهد هو يربت علي رأسها برفق تنهد يهمس لها بحنو :
- لينا ... زيدان بيحبك هو بس......
صمت حين خرجت من بين احضانه وقفت أمامه تنظر لعينيه تسارعت أنفاسها بقهر لتردف محتدة :
- أنا مش ماما يا بابا ... مش هسامح عشان بس هو بيحبني ... ما حدش فيكوا حاسس بيا ... أنا بموت بدل المرة ألف وما حدش حاسس ولا شايف ... كلكوا شايفين أن زيدان بيحبني وأنه غلط غصب عنه وأن سامحيه يا لينا خلاص ... طب وأنا ...أنا الضحية هنا ... أنا اللي اتعذبت واتقهرت ... حسوا بيا بقي
قالتها لتندفع الي غرفتها تصفع الباب خلفها سمع صوت نشيجها الحار من خلف الباب المغلق .... ليشعر بيد توضع علي كتفه نظر خلفه ليجد حمزة يقف جواره .... ابتسم الأخير له يشجعه ليرد خالد له الابتسامة تنهد يحرك رأسه إيجابا يهمس مع نفسه :
- كل حاجة هتبقي كويسة .. فترة وهتعدي زي غيرها
_________________
في منزل عمر السويسي .... توجهت سارة وسارين الي غرفتهم بعدها اطمئنوا علي والدهم .... ليعتدل عمر في جلسته ينظر لتلك الجالسة علي تلك الأريكة بعيدا عنه ابتسم لها يردف بشوق :
- قاعدة بعيد ليه يا تالا ... تعالي هنا ... انتي وحشاني اوي حاسس اني ما شوفتكيش بقالي كتير
رفعت وجهها تنظر له يريدها أن تقترب ... لا عقلها ولا قلبها ولا جسدها يرغب في التواجد في نفس المكان الذي هو فيه بعدما رأت ...ولكنه لن يتذكر ... والطبيب حذرهم من اي ضغط ... بصعوبة شاقة جرت ساقيها تتحرك ناحية فراشهم جلست جواره لتتوسع عينيها في دهشة حين شعرت به يعانقها ... يضمها إليه يشدد علي احتضانها ... لتسمعه يردف بصوت خفيض راجي :
- أنتي وحشاني يا تالا وحشاني اوي حاسس إني بقالي سنين ما شوفتكيش ... عشان خاطري يا تالا ما تبعدنيش عنك وعن البنات ... بحس إن أنا غريب بينكوا ... دايما مركزة معاهم وسيباني خالص ... أنا بحبك اوي وبحبهم اوي اوي ....
كلماته كخناجر تنغرز في قلبها هي المذنبة الآن هي من فعلت ذلك حين ابعدته عن حياتهم فعلت به وبهم هذا .... أغرقت الدموع وجهها شعورها بالذنب علي حاله يقتلها ... وشعورها بقلبها يتمزق من خيانته التي لا يتذكرها يحرقها حية .... ابتعدت عنه تمسح دموع عينيها ترسم شبح ابتسامة مزيفة علي شفتيها تردف :
- أنا هروح اجبلك تاكل اكيد جوعت
تحركت تخرج من الغرفة لتراه يبتسم لها كطفل صغير .... تحركت للخارج متوجهه الي المطبخ لتصادف سارين فئ طريقها تحمل قنينة مياة من المطبخ .... وقفت سارين تنظر لوالدتها للحظات نظرات حادة غاضبة لا مبالغة في كلمة كارهة ... كادت والدتها أن تقتل والدها .... تحركت سارين الي غرفتها لتسمع تالا تهمس باسمها تناديها ... التفتت سارين لوالدتها تهمس لها بصوت خفيض غاضب :
- ممكن ما تتكلميش معايا خالص ... كنتي عايزة تموتيه .... عاجبك اللي حصله دا ... بابا مش دايما هو الغلطان بس حضرتك اتعودتي ترمي الغلط عليه وهو يسكت وما يعترضش .... بابا لو كان حصله حاجة كنت هكرهك وعمري ما هسامحك لآخر يوم في عمري
القت ما القت لتتوجه الي غرفتها تصفع الباب خلفها وقفت تالا في حالة صدمة لا تصدق ما قالته ابنتها توا استندت بيديها علي حافة طاولة المطبخ خلفها لتنحني برأسها قليلا للأمام تبكي في صمت .... هي ليست المذنبة ... لما يتهمها الجميع .... وقفت تسمح دموعها توجهت تعد طعاما سريعا له اخذته تعود لغرفتهم .... وضعته أمام عمر علي الفراش حمحمت تجلي صوتها من بحة البكاء التي سيطرت علي نبرتها لتهمس بخفوت :
- الأكل
كهرباء نافرة ضربت جسدها حين شعرت بيده تمتد يرفع وجهها لتقابل مقلتيها عينيه ... ليمد يده الأخير يمسح بقايا الدموع من فوق وجهها يسألها قلقا :
- أنتِ كنتي بتعيطي ليه
حركت رأسها ايجابا بخفة تبتعد برأسها للخلف تسمح دموعها بعنف حمحمت تردف بخفوت :
- لا أبدأ ما فيش ... الأكل اهو يلا كل
ابتسم كطفل صغير يتدلل ... ربع ذراعيه أمام صدره اتسعت ابتسامته يردف ببراءة :
- اكليني
رفعت حاجبيها تسخر مما يقول لتردف متهكمة :
- ما تاكل أنت هو إنت اتشليت
امتعضت ملامحه ينظر لها باشمئزاز ضرب كفا فوق آخر يردف متحسرا :
- مش هتتغيري يا روحي طول عمرك رومانسية فاكرة لما كنا مخطوبين حاولت ابقي رومانسي واقولك هتأكليني بأيدك امتي يا حبيبتي ... فاكرة قولتيلي ايه لما ايدك تتشل ابقي اكلك بأيدي
خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتيها رغما عنها تتذكر ذلك الموقف الذي حدث في فترة خطبتهم ... ليت الحياة لم تنجرف بهم الي ما هم عليه اليوم .... اجفلت من شرودها علي صوته يتمتم مصمما :
- بس بردوا انتي اللي هتأكليني
ربعت ذراعيها أمام صدرها تنظر له ساخرة لتردف مستهجنة :
- وإن ما اكلتش
توسعت ابتسامته يتذكر ذلك المشهد من الفيلم ليبتسم يقول بإجهاد أجاد تصنعه :
- حيث كدة بقي أنا كدة عندي دوخة وزغللة وكرشة نفس وعايز اكلم مدير الأمن ... مش الظابط كان اسمه خالد بردوا
توسعت عينيها تنظر له في دهشة لتخرج ضحكاتها رغما عنها ... شخصية عمر المرحة كانت اهم الأسباب التي اوقعتها في عشقه وها هي تعود من جديد وهي حقا تخشي سقوطها من جديد
في غرفة الفتيات القريبة منهم تجلس سارة علي فراشها تنظر امامها مغتاظة تكاد تنفجر من الغضب مما فعل ذلك الأحمق
Flash back
خرجت من غرفة والدها متجهه الي المطبخ لتضع لهم ذلك العصير المميز الذي صنعته اليوم الفراولة والتوت الأحمر والحليب والعسل ... مرت في طريقها علي غرفة استقبال الضيوف ( الصالون ) لتجده يجلس هناك ابتسم لها ... ابتسامة واسعة بلهاء ما أن رآها لم تعره انتباها فقط رفعت رأسها قليلا للاعلي بإباء تحركت ناحية المطبخ ليضيق عينيه ينظر في أثرها مغتاظا ... تلك الصغيرة تتجاهله هو الذي قضي ساعات طويلة ليعد لها ملخص سهل للمذاكرة وهي الآن تتجاهله ... نظرت حوله هنا وهناك الجميع في غرفة عمه علت شفتيه ابتسامة ذئب مفترس ... تحرك من مكانه بخفة متجها الي المطبخ رآها تقف هناك تمسك دورق كبير به عصير أحمر اللون هتف فجاءة دون مقدمات :
- حليتي كويس في امتحان الاحياء
اجفلت تشهق فزعة من صوته الذي جاء فجاءة دون اي مقدمات ... قبضت بيدها علي الابريق في يدها بعنف كاد يسقط منها بسببه نظرت له بحدة ابتسمت تردف باستفزاز :
- أنت مالك أنت حليت كويس ولا مش كويس هو إنت من بقيت عيلتنا .... وبعدين التلخيص بتاعك زفت ويقرف أنا ما بصتش فيه اصلا ... ولو سمحت يا دكتور ما تتدخلش في اللي ما يخصكش والا والله هقول لعمي ..
قالت ما قالت لتعود تكمل صب العصير في الاكواب امسكت بالصينية لتتقدم ناحيته وقفت أمامه تمد له صينية الصغير بينم وقف ينظر لها في غيظ وهي تقف أمامه ترفع رأسها لأعلي في غرور تنظر له وكأنه شئ لا يذكر ... مد يده يأخذ كوب عصير الفراولة من علي سطح الصينية الممسكة بها ليميل برأسه ناحيته قليلا يهمس باستمتاع :
- ماشي يا سارة بس افتكري كويس العين بالعين والسن بالسن والبادي الاسود عليكي تحفة ، تحفة اقسم بالله
توسعت عينيها في ذهول مما يقول لتوجه انظارها سريعا لما ترتدي للحظات احمرت وجنتيها ضحكت بخفة علي كلامه الغريب لتراه يبتسم في خبث يعاود الحديث من جديد :
- وهيبقي احلي بقي لو فيه تاتش احمر
قالها ليلقي ما في الكوب علي ملابسها لتشهق في ذعر تتوسع عينيها علي آخرهما تنظر له في دهشة مما فعل بينما ابتسم هو باتساع يلوح لها وداعا قبل أن يغادر .... نظرت لملابسها فزعة لتصيح مذهولة :
- دا مجنون
سمعت صوته من الخارج يغني بصوت شبه منخفض سئ للغاية :
- فكرته مجنون ما توقعته يكون حبيبي ونصي التاني اللي راح حبه بجنون
Back
عادت من شرودها لتخرج ضحكة خفيفة من بين شفتيها ... لا تصدق أن ذلك الرجل طبيب في الثلاثينات من عمره .... اختفت ابتسامتها يحلها محلها نظرات متوعدة برد الصاع صاعين علي ما فعل
بينما علي الفراش المجاور لها كانت سارين تجلس تنظر امامها مباشرة عينيها حمراء تشعر بغضب عارم يجتاح جسدها .... والدها كان جوارها منذ بداية انهيارها الي ان بدأت تقف علي قدميها ... تحملها تفهمها احتواها في لحظات كانت فيها علي وشك الانهيار .. والآن تأتي والدتها تريد قتله !!
عند ذلك الحد انفجرت دمائها لو لم تكن والدتها لا تعرف ماذا كانت ستفعل بها علي أقل تقدير كانت قتلتها .... ما حدث سبب شرخ كبير بين تالا شرخ لن يتادوي قريبا !!
________________
في صباح اليوم التالي في منزل رشيد الشريف في أسيوط ... في باحة المنزل الكبيرة امام التلفاز تجلس شروق زوجة رشيد تقطع بعض الخضراوات تشاهد أحدي برامج الطبخ التي لن تعد مما يقولون شيئا ولكنها فقط ستشاهد بإندماج وتركيز شديد غير مبرر .... خرجت شاهيناز من غرفتها ... توجهت الي غرفة جاسر لا أحد الغرفة فارغة توجهت الي غرفة سهيلة لتجد بابها مفتوح والغرفة أيضا فارغة ... أين ذهبا .... توجهت تنزل الي أسفل لتلمح شروق والدة تجلس هناك ابتسمت في خبث لتضع يدها خلف ظهرها تكمل طريقها ببطئ وملامح مجهدة ... توجهت ناحية شروق لتجلس بجهد شاق جوارها ... التفتت شروق تنظر لشاهيناز ابتسمت تنظر لبطنها المنتفخ لتمد يدها تربت عليه برفق تسألها بحنو :
- عاملة ايه يا بنتي ...
وكانت فرصة ذهبية لشاهيناز التي ادمعت عينيها نكست رأسها لأسفل تهمس بصوت خفيض مختنق :
- مش فارقة يا ماما ... لا أنا ولا اللي في بطني نفرق مع حد ..
نظرت شروق لشاهيناز بشفقة لتترك ما في يدها اعتدلت في جلستها تربت علي كتفها تنهدت تردف برفق :
- ليه بتقولي كدة يا بنتي ... لاء طبعا انتي واللي في بطنك تفرقي معانا كلنا
حركت رأسها نفيا بخفة لتنهمر دموع التماسيح رفعت وجهها تنظر لوالدة زوجها تبكي بحرقة تردف بقهر :
- لا يا ماما أنا ما افرقش مع حد حتي جاسر ما افرقش معاه .... بيحاسبني علي ذنب ماليش ذنب فيه ... أنا ما قولتوش اتجوزني هو السبب ... أنا كنت مروحة من شغلي زي كل يوم فجاءة لقيت حد بيحط ايدي علي بؤي ورش علي وشي حاجة اغمي عليا لما فوقت الصبح شوفت الكارثة واحد ما اعرفوش اغتصبني ...عارفة يعني ايه اغتصبني .... لو رجعت لاهلي هيدبحوني ...كان اهون عليا اموت نفسي والا اني ارجع لأهلي بعد اللي حصل ... جاسر قالي هتجوزك ... وافقت ما كتش قدامي حل تاني ... وعيشت معاه شهور زوجة في السر ما بشوفش غير كل كام شهر مرة .... وكنت ساكتة وراضية ... وبعدين جه فجاءة قالي أنا هطلقك عشان هتجوز ... اتقهرت بس بردوا سكت ورضيت ... في نفس اليوم اغتصبني تاني وحملت منه ... أنا عارفة أنه مش طايقني وأنه مخليني علي ذمته بس عشان خاطر اللي في بطني ... بس أنا ذنبي إيه ... قوليلي انتي أنا ذنبي ايه ... ليه كلكوا بتكرهوني
ادمعت عيني شروق حزنا وقهرا علي ما لاقت تلك الفتاة المسكينة !!!! .... لتجذبها اليها تحتضنها بحنو تربت علي رأسها برفق تحادثها :
- بس يا حبيبتي ما تقهريش نفسك عشان خاطر اللي في بطنك وأن كان علي جاسر ... أنا هشوفلي صرفة معاه علي اللي هو بيعمله دا
توسعت ابتسامة شاهيناز الخبيثة لتخفيها سريعا تعاود البكاء بحرقة من جديد
علي مقربة منهم في تلك الحظيرة الصغيرة التي تضم الابقار وحيوانات الجاموس .... كانت سهيلة تحاول إحضار بعض الحليب من احداهم ليقترب جاسر منها نظر لها بولة يتنهد بحرارة :
- اكتر جاموسة بحبها
رفعت سهيلة عينيها تنظر له بشراسة ليربط بيده علي ظهر الجاموسة المجاورة له :
- الجاموسة دي اكتر جاموسة بحبها هنا
ما كاد ينهي جملته شعر بألم قوي حين صفعته الجاموسة بذليها بعنف نظر للجاموسة بغيظ ليصيح فيها :
- هي حصلت تضربيني كمان ... طب انتي طالق
اصدرت الجاموسة صوتا عاليا ليرفع حاجبيه مدهوشا يردد حانقا :
- ومش هامك كمان ...طبعا ما دي غلطتي أنا اللي سايبلك الحبل
صمت للحظات لتتوسع عينيه فزعا يصيح مذعورا قبل أن يركض :
- يا نهار اسود دا حبلها سايب فعلا اجري يا سهيلة
تحرك يركض فارا بنفسه بسرعة مدهشة كأنه احدي فائزي مسابقي الركض العالمية توسعت عينيها فزعا لتترك ما في يدها تركض خلفه .... دخلت من باب المنزل الداخلي المطل علي المطبخ لتجده يقف هناك يلتقط أنفاسه ... اقتربت منه تصدمه علي صدره بعنف تصيح فيه :
- بتسبني وتجري
تأوه متألما وضع يده مكان لكمتها يشعر بها تؤلمه بعنف ليتمتم مع نفسه بصوت خفيض حانق :
- دي بتنطح أكتر من الجاموسة
نظر لها يبتسم باتساع برئ تحرك ناحية الثلاجة يخرج ما فيها يتمتم متحمسا :
- ايه رأيك اعملك صينية مكرونة بالسي فود
حركت رأسها نفيا لتنكمش قسمات وجهها تردف بإستياء :
- لا يا عم أنا حاسة انئ تخنت خالص .... من كتر الاكل
توسعت ابتسامته ليلتقط السكين يقشر حبات البصل يتمتم ضاحكا :
- مين دي اللي تخنت انتي زي الفل .... اقعدي كلئ طبق البطاطس دا علي ما اخلص المكرونة
توسعت ابتسامتها لتجلس على المقعد تلتقط طبق البطاطا المقلية تأكل باستمتاع تصيح فيه :
- ابقي زود البشاميل علي المكرونة
ضحك باستمتاع يحرك رأسه إيجابا ليلمح بطرف عينيه شاهيناز تجلس مع والدته بالخارج لتسود حدقتيه غضبا .... يرميها بنظرات نارية مشتعلة
___________________
علي صعيد آخر علي سطح المنزل بعيدا عن الاصوات والزحام ... مكتب ومقعد تجلس صبا تذاكر دروسها تنهدت شاردة شعورها تجاه مراد هو خاطئ بكل المقاييس ولكن ماذا تفعل ... تشعر بقلبها يدق دقات غريبة سريعة جسدها يرتجف ما أن تراه .... تنهدت مشتتة لتجفل علي صوت دقات هاتفها نظرت لاسم المتصل لتجد غيث ابن عمها فارس ... تنهدت تزفر أنفاسها حانقة غيث المتسلط يتصل ... عمها فارس رجل عاقل عقلانئ متفاهم اما هو فرأسه يابس كالصخر مغرور يشعرها بأنه أكثر شخصية هامة في العالم ... هي حتي لا تعرف لما يتصل بها الآن حتي ... ظلت تنظر لهاتفها دون أن ترد .... ليعاود الاتصال من جديد نفخت ضجرة تفتح الخط :
- خير يا غيث بيه ... اقدر اعرف سر مكالمة حضرتك الغالية ايه
سمعت ضحكات الخشنة تأتي من الطرف الآخر لتسمع صوته يردف مغترا بحاله :
- طبعا مكلمتي غالية ... أنا مش اي حد بردوا... دا أنا غيث الشريف .... المهم عشان وقتي الثمين ما يضعش ... بتصل بجاسر ما بيردش وأنا عايزه ضروري هو فين
تنهدت تلجم لسانها بصعوبة من أن تمطره بوابل من السباب تنهدت تكبح غيظها :
- دور عليه وما تتصلش بيا تاني
أغلقت الخط في وجهه تنظر للهاتف حانقة كان ينقصها بجوار الفيزياء المعقدة غيث أيضا ... اجفلت تشهق فزعة حين سمعت صوته :
- كنتي بتكلمي مين
رفعت وجهها سريعا تنظر لمراد الواقف أمامها لتعود تلك الدقات الغريبة تقتحم قلبها تلعثمت تحاول تجميع جملة مفيدة :
- هااا .. ددا ابن عمي ... كان بيتصل بجاسر بس موبايله ما بيردش
حرك رأسه إيجابا ليجذب مقعد يضعه بالقرب منها ظل صامتا بضع لحظات تنهد يقول في حزن :
- أنا مسافر بكرة
توسعت عينيها فزعا تنظر ناحيته سريعا تردف متلعثمة :
- هتساااافر ... هتسافر ليه .. مش هترجع تاني يعني
ارتسمت ابتسامة خبيثة علي شفتيه اخفاها سريعا تنهد يهمس بحيرة :
- مش عارفة يا صبا هرجع أمتي ... وهرجع لمين اصلا ... أنا كنت جاي لجاسر عشان مشكلة في الشغل ... واهي خلاص اتحلت ... ماليش مكان هنا ... أنا ضيف تقيل يا صبا
قال ما قال بحزن دفين عميق تحرك ليغادر لتقف سريعا تهرول ناحيته وقفت أمامه لا تعرف حتي ماذا تفعل او تقول تفرك يديها المتعرقة متوترة خائفة بلعت لعابها الجاف تهمس متلهفة :
- ما تقولش كدة يا مراد ... أنت مش ضيف تقيل ابدا ... ما ينفعش تسافر وتسيبنا ... صدقني جاسر هيزعل ... وماما وبابا
توسعت ابتسامته ليمد يده يود ملامسة وجهها لتبتعد للخلف حمحم يهمس لها بشغف كاذب :
- وانتي من الناس اللي هتزعل
اشتعلت وجنتيها خجلا لتخفض رأسها ارضا تحرك رأسها إيجابا ليبتسم ابتسامة واسعة اظهرت أنيابه التي تشبه أنياب ذئب مفترس يتنكر علي هيئة حمل برئ لافتراس تلك الصغيرة ... حتي إذا ما وجدوا دماء علي فرائه الأبيض دافع عن نفسه قائلا هل للحمل أنياب ليسفك بها الدماء ...
تركها وغادر يستعد ليكمل الجزء الثاني من خطته لتقف هي مكانها تتنهد في حالمية .... لحظات وسمعت صوت دقات هاتفها تنهدت حانقة عادت لطاولتها لتزفر بغيظ غيث من جديد ... فتحت الخط ترد بامتعاض :
- نعم في ايه تاني خير
لحظات صمت طووووويلة قبل أن تسمع ما جعل قلبها يتوقف من الفزع :
- مين مراد !!!!!
في منزل رشيد الشريف ... عند الصغيرة صبا
عصفت الصدمة بكيانها توسعت عينيها تدلي فكها يكاد يلامس الأرض تسارعت دقات قلبها ... تعرقت يديها تسب هاتفها الأحمق ... وازراره العالقة ... والدها وعدها بأن يحضر لها آخر ولكن ذلك الحادث الذي حدث لوالدها جعلها تشعر بالحرج في وضعه انها ترغب في تبديل هاتفها القديم بآخر حديث ويا ليتها اخبرته ابتلعت لعابها الجاف تحاول استجماع شجاعتها الغير موجودة من الأساس تردف مرتبكة :
- ممراد مين
طال الصمت من جهته حتي شعرت به قد اغلق الخط من الأساس ... ابتلعت لعابها تشعر بدقات قلبها علي وشك الانفجار لتسمعه يغمغم في سخرية :
- دا علي أساس أنك عايشة في المريخ مش معاهم في نفس البيت ... أنا كنت بكلم جاسر وفي وسط الكلام لقيته بيقول استني يا مراد عايزك .... مين مراد
وكان نفسا طويلا عميقا الذي زفرته تنهدت تشعر بالراحة كانت تظن أنه سمع محادثتها مع مراد ولكنه فقط يسأل ولكن لما يسأل ... حقا شخص فضولي يريد أن يعرف كل شئ عن الجميع .... قطبت جبينها محتدة ستدفعه ثمن تلك اللحظات التي كاد قلبها يسقط فيها فزعا تسارعت أنفاسها حين بدأت تصيح فيه :
- وأنت مالك أنت هو مين ... شخص حشري فضولي عايز يعرف كل حاجة عن كل الناس .. ما تتصلش بيا تاني خالص .. ومن غير سلام
تلك المرة اغلقت الهاتف كله حتي تضمن أنه لن يتصل من جديد جلست تلتقط أنفاسها وضعت يدها موضع قلبها تتنفس بعمق تردف بارتياح :
- كاتك الأرف وقعت قلبي منك لله يا شيخ
_______________
علي صعيد آخر بعيد للغاية في احدي مستشفيات لندن ... يقف ذلك الشاب طويل القامة بشعره الأشقر القاتم عينيه البنية التي اخذها من والدته .... بشرة قمحية أنف شامخ لأعلي ... غمازات محفورة في وجنتيه اخذها من والده ..... وقف ينظر لهاتفه ... الصغيرة اغلقت الخط في وجهه ....رفع حاجبه الأيسر يتوعدها ... تظنه أحمق ... سيريها من هو غيث الشريف .... التفت برأسه حين سمع صوت الباب خلفه ليخرج الطبيب من الغرفة توجه غيث الي الطبيب ابتسم يسأله بلباقة :
- كيف حاله ؟
بادله الطبيب في هدوء يفتح الملف في يده ... يتفحصه جيدا قبل أن يرفع رأسه لذلك الشاب الواقف أمامه يحادثه :
- بخير سيد جاسم صحته علي أتم ما يرام ... فصحه الشهري ممتاز ... يا راجل عجبا حقا أكاد احسده صحة الرجل ممتازة بالرغم من سنوات عمره
ضحك غيث بخفة يصدم الطبيب علي ذراعه ليردف ساخرا :
- مارك أنه جدي من تكاد تقتله بغيرتك ... توقف قبل أن يقاضيك وأنت تعرفه جيدا
توسعت عيني الطبيب فزعا ليرفع يديه سريعا يردف مذعورا :
- يا رجل أقسم اني أمزح لا تخبره أرجوك
تعالت ضحكات غيث ليصدم صديقه علي رأسه بخفة في تلك اللحظات فُتح باب الغرفة من الداخل ليخطو خارج الغرفة رجل اكل الشيب رأسه .... ملامحه حفر عليها الزمن سنوات وسنوات ... يرتدي حلة كلاسيك فاخرة وحذاء طبي خفيف يساعده علي الحركة بخفة دون الحاجة لاستخدام عكاز .... تحرك بخطواته ناحية حفيده او بمعني أصح حفيد شقيقه الاكبر ... غيث ابن فارس وياسمين شقيقة خالد زوج ابنته .... توجه غيث يقابل جده وقف بالقرب منه ليدني يقبل رأسه يردف مبتسما :
- الدكتور كان بيحسدك يا جدي بيقول صحتك زي الفل .... اروح الحق أنا كشف العظام احسن مفاصلي مش قادر
فقط ضحكة خفيفة خرجت من بين شفتي جاسم ليمد يده يتأبط ذراع غيث يتحركان لخارج تلك المستشفى الفخمة التي يجري فيها جاسم فحص شامل كل شهر تقريبا ... في الخارج كانت سيارة سوداء في انتظارهم تقدم غيث يفتح الباب ليدخل جاسم الي السيارة ... التف غيث يجلس جواره لينطلق السائق بهم ... في الطريق تركزت عيني غيث علي الطريق جواره يفكر .... في ذلك الرجل مراد نبرة صوته الخبيثة ... تري ما علاقته بالصغيرة صبا .... تنهد حائرا القلق ينهش قلبه .... التفت جواره حين سمع صوت جاسم يردف :
- ايه شاغل بالك
ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتي غيث ليحرك رأسه إيجابا تنهد يردف حائرا :
- هحكيلك يا جدي
قص علي جاسم ما سمعه حين ظنت صبا أنها اغلقت الخط ... بينما ظل جاسر يتابعه باهتمام الي أن انتهي غيث ليغمغم حائرا :
- اقول لعمي او لجاسر ... أنا سمعت أنه هيسافر بكرة يعني كدة هيبقي بعيد عن صبا
ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتي جاسم حرك رأسه نفيا بهدوء تنهد يردف برزانة :
- عمك من بعد موت أبوه ودماغه قفلت علي أنه كبير العيلة ... يعني لو عرف حاجة زي دي ... رد فعله هيبقي عنيف جدا وصبا هتتأذي حتي جاسر مش هيتفاهم ... جاسر نسخة من رشيد بس هو مش واخد باله ... شوفلها حل تاني يا حضرة المحامي ... سنين وأنت بتتدرب علي ايدي من قبل حتي ما تدخل الكلية وأنت معايا في المكتب بتشوف القضايا قبلي ... مهمتك تلاقي حل تاني ... مش عيل زي دا يحور علي عيلة الشريف واحنا اللي بنحور علي القانون نفسه
حرك غيث رأسه إيجابا ينظر للفراغ يفكر فيما عليه أن يفعل ... التفت لجاسم قطب جبينه يردف حانقا :
- ايوة بس أنا كدة هضطر اسافر وأنا لسه عندي امتحانات ... ومش هينفع طبعا اسيبك واسافر
ابتسم جاسر ينظر لغيث حقا هو يشعر بالفخر فقط من النظر لذلك الشاب يذكره به في شبابه ... نفس الذكاء الحماس حتي لمعة عينيه التي تضئ حين يصل لحل لقضية او معضلة ما تذكره بنفسه .... ابتعد جاسم بعينيه يطالع الطريق امامه يردف في رتابة :
- سافر وابقي ارجع ساعة الامتحانات او تواصل مع الجامعة وامتحن اون لاين وانت هناك ... أنا كمان عايز يسافر لينا وحشتني اوي وعايز اشوفها ... وكمان لوليتا آخر اللي عرفته انها اتجوزت زيدان ... طبعا خالد كان الراعي الرسمي للجوازة دي ...
ضحك غيث ساخرا جده لن يتغير سيظل يشعر بالغيرة ناحية خاله منذ القدم والي الأزل ...لحظات واختفت ضحكاته قطبت جبينه يسأله متعجبا :
- بس يا جدي أنت من ساعة وفاة مرات حضرتك يعني وأنت قافل البيت وبتقول مش هدخله طالما هي مش فيه ... ومالكش في جو الصعيد أنا عارف هتقعد فين
سحابة سوداء من الحزن عكرت عيني جاسم زوجته ...نبض قلبه توقف حين فارقت الدنيا وماتت ... لازال ذلك الألم ينخر في قلبه كأنها ماتت فقط بالأمس وكأن السنوات لم تمر جرحه الحي لم يندمل بعض .... رسم ابتسامة باهتة علي شفتيه يغمغم متهكما :
- أنا جاسم الشريف .. مش صعب عليا اشتري بيت واتنين وعشرة ... حدد إنت ميعاد مناسب ليك ... وقولي عشان نرجع
كاد غيث أن يصفع نفسه لم يكن يقصد حقا أحزان جده بكلماته تنهد يؤيد ما يقوله ... سيرتب أموره في أسرع وقت ممكن ليعود
_________________
في فيلا خالد السويسي
قرابة العاشرة صباحا كان جميع من في البيت قد استيقظ ... حين استيقظ خالد مد يده يبحث عنه كالعادة قبل أن يفتح عينيه تعجب حين لمس فراغ بارد جواره فتح عينيه يبحث عنها قطب جبينه قلقا أين ذهبت ... لحظات ورانا تخرج من المرحاض تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة جلست علي المقعد أمام مرآه زينتها تمشط خصلات شعرها ... ليتحرك من مكانها دني بجزعه ناحيته ممسكا بكتفيها طبع قبلة صغيرة علي وجنتها ابتسم يردف متغزلا :
- صباحك فل .... عاملة ايه دلوقتي ... لسه حاسة أنك تعبانة
رسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تحرك رأسها نفيا نفر جسدها من لمسة يدها لتقف من مكانها تلتقط حجابها رسمت ابتسامة باهتة علي شفتيها تردف بهدوء :
- أنا كويسة .... هروح اشوف مايا ...وأحضر الفطار ... عن إذنك
قالتها لتبتعد عن مرمي يديه تلفها حجابهت سريعا علي عجل ما كادت تصل لباب الغرفة ... فتحته ترغب في الخروج الفرار ... تشعر باختناق لا تعرف له سبب ولكنه فقط شعور مؤلم يجتاح قلبها .... ما إن فتحت باب الغرفة شعرت به يغلقه مرة أخري اغمضت عينيها تشد عليها التفتت له لتراها يخترزها بنظراته وقف امامها مباشرة تكاد لا تفصلهم فاصلة قطب جبينه يسألها قلقا :
- مالك يا لينا فيكي ايه
حركت رأسها نفيا بخفة تتفادي النظر لعينيه بلعت لعابها تهمس بخفوت :
- ما فيش أنا بس تعبانة شوية ... ممكن تسيبني
مد يده يمسك بذقنها برفق يجبرها علي النظر لعينيه ظل ينظر لمقلتيها طويلا قبل ان يهمس بصوت خفيض معاتب :
- أنت ِ لسه قايلة انك كويسة ودلوقتي بتقوليلي أنك تعبانة ... لينا انتي ما بتعرفيش تكذبي في اييه يا حبيبتي
ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتيها رفعت عينيها له تلك المرة اصطدمت بمقلتيه لتتشدق متهكمة :
- أنا ما بعرفش اكذب لكن أنت بتعرف ...
ودون أن تعطيه فرصة ليتعجب حتي مما قالت اندفعت لخارج الغرفة ... وقف هو ينظر في اثرها متعجبا شعور قلق بدأ يتسرب لقلبه تري ماذا عرفت .... تنهد متعبا ليتوجه الي مرحاضه اغتسل وبدل ثيابه وقف يمشط خصلات شعره حين سمع دقات علي باب الغرفة سمح للطارق بالدخول ليقطب جبينه متعجبا حين رأي حمزة يدخل من باب الغرفة التفت له يسأله قلقا :
- خير يا حمزة حصل ايه
ارتسمت ابتسامة صغيرة خبيثة علي شفتي حمزة نظر لأخيه يتمتم ساخرا :
- بفكر ارجع أمجاد زمان .... أنا طالب منك خدمة
رفع خالد حاجبيه متعجبا ينظر لأخيه حقا لا يفهم ما يجري فقط حرك رأسه إيجابا يستمع بدهشة الي ما يقول أخيه
توجهت لينا الي غرفة مايا .... منذ الأمس وهي لم تلتقِ بتلك الصغيرة .... قلقة عليها بشكل كبير ... طرقت الباب تدخل الي الغرفة لتجد بدور تجلس علي الفراش تفرك عينيها يبدو انها استيقظت توا ... قطبت ما بين حاجبيها اسألها متعجبة :
- بدور أنتي بتعملي ايه هنا ..
نظرت بدور جوارها فلم تجد مايا عادت تنظر للينا تقص عليها بإيجاز ما حدث بالأمس دون أن تقص عليها بالطبع مكالمة أسامة كسي الحزن قسمات وجه لينا ... تنهدت تحادث بدور متحسرة علي حال الصغيرة :
- صعبانة اوي البنت دي ... مايا حساسة وأدهم كان جزء كبير من حياتها .... روحي انتي يا حبيبتي شوفي خالد وسيلا وأنا هشوف مايا
ابتسمت بدور متوترة تحرك رأسها إيجابا خرجت من الغرفة لتتوجه لينا ناحية باب المرحاض المغلق دقته عدة مرات لا رد فقط تسمع صوت شهقات وبكاء ضعيف يأتي من الداخل أصابها الذعر من أن تكن اذت الفتاة نفسها .... فتحت الباب لتدخل رأت مايا تجلس علي الأرض جوار المغطس الكبير تضم ركبيتها لصدرها تبكي بحرقة .... هرعت لينا إليها جلست جوارها تجذبها لأحضانها تحاول التخفيف عنها :
- يا مايا اللي انتي بتعمليه دا غلط يا حبيبتي انتي بتموتي نفسك يا بنتي مش كدة .. طب اقولك عمك خالد لسه قايلي امبارح أنه خلص ورق أدهم عشان يرجع باسمه الحقيقي وكلها كام يوم وهيروح يجيبه ويصالحوا باباكي وكل حاجة هترجع زي ما كانت وأحسن
نظرت مايا لها بتلهف لتبتسم لينا تحرك رأسها إيجابا كأنها تؤكد لها ما تقول ... ابعدتها عنها تمسح دموع عينيها تحادثها كأنها طفلة صغيرة :
- بس لو فضلتي بحالتك دي ...أنا اللي هقول لخالد يقطع ورق أدهم ... وما يجيبهوش هنا تاني
انتفضت مايا سريعا تمسح ما بقي من دموعها بعنف ترسم ابتسامة واسعة علي شفتيها تغمغم سريعا بتلهف :
- لا خلاص خلاص أنا كويسة اهو
تنهدت لينا حزنا علي حالها ... مايا تذكرها بنفسها حين كانت صغيرة ... تعلقها بأدهم يشبه كثيرا تعلقها هي بخالد ... تمنت حقا في تلك اللحظة الا تتشابة حكايتهم والا ستتألم تلك الصغيرة كثيرا .... وقفت هي الاخري تربت علي وجه مايا تحادثها بحنو :
- يلا يا حبيبتي خدي شاور وانزلي عشان نفطر
حركت مايا رأسها إيجابا سريعا لتلتفت لينا وتغادر غرفتها اخذت طريقها لغرفة ابنتها لتسمع صوت خالد يزمجر غاضبا :
- دا علي جثتي إنت اتجننت يا حمزة ولا ايه
وقفت مكانها متعجبة ترهف السمع ليتناهي الي أسماعها تلك المشاهدة الحامية بين خالد وأخيه سمعت صوت حمزة يرد غاضبا هو الآخر :
- وفيها ايه يا خالد دا حقي علي فكرة
- حق مين يا ابو العيال ... فوق يا حمزة واضح أنك لسعت ....
- أنا فايق كويس اوي وعارف كويس أنا بقولك ايه ....
- دا عند أمك يا حبيب أمك ... اللي بتهلفط بيه دا مش هيحصل طول ما أنا عايش
ولم تقف لتسمع المزيد توجهت الي غرفة ابنتها ... أدارت مقبض الباب لتدخل توسعت عينيها فئ دهشة حين رأت علبة الشكولاتة الكبيرة التي أحضرها زيدان شبة فارغة ولينا تأكل الباقي بشراهة مفزعة اقترب لينا من ابنتها تصيح فيها مذهولة :
- ايه يا لينا دا
ابتلعت لينا ما في فمها تنظر لوالدتها م
متعجبة لتضع ما في يدها جميعا في فمها تغمغم بصوت مختنق من كثر ما في فمها :
- جعانة يا ماما ... صاحية من النوم هموت من الجوع ... وعايزة اكل حاجة فيها سكر مالقتش قدامي غير علبة الشكولاتة دي
توسعت عيني لينا في دهشة لحظات وبدأت تضحك بخفة توجهت ناحية ابنتها تجذب تلك العلبة بعيدا عنها تغمعم ضاحكة :
- لا أنتي كدة حامل رسمي ... قومي نضفي اللي انتي عملاه دا ايديكي ووشك كلهم شوكولاتة وحصليني يلا علي تحت
بعد قليل كان الجميع يلتف حول طاولة الطعام الصمت يسود المكان ... مايا تجلس جوار لينا زوجة خالد .... تنظر لوالدها تعاتبه بنظراتها .... حمزة يجلس صامتا ينظر لأخيه في حدة غاضبا بين حين وآخر .... كل في عالمه ... نزلت لينا آخرهم حمحمت تهمس بصوت خفيض :
- صباح الخير
رد عليها البعض والتزم الآخر بصمته جذبت مقعد بعيد تجلس عليه ... تشعر بجوع غريب ينهش امعائها بدأت تأكل في صمت هي الأخري ... قبل أن تسمع جملة والدها الساخرة :
- هي مش الاستاذة عندها محاضرات ولا أنا بيتهيئلي .... مش شهاب عميد الكلية قالك محاضراتك هتبدأ من بكرة ... فين النشاط والحماس الكلية اللي اخترتيها مش اللي بابا الشرير فرضها عليكي
تبادل الجميع النظرات عقب انتهاء جملة خالد لتلقط لينا كوب الماء المجاور لها ارتشفت منه القليل تقول في هدوء ساخر :
- كسلت أروح ... وبعدين إدارة أعمال أسهل كتير من طب ... أنا بجد مش فاهمة الناس اللي بتتخرج من طب بتستحمل مرمطتها ازاي ... حقيقي ربنا يكون في عونهم ... بيصعبوا عليا ... زي ماما ودكتور حسام !!!
قالت كلمتها الأخيرة وهي تنظر لعيني خالد مباشرة .... احتقنت عيني الأخير ينظر لابنته غاضبا يسبها في نفسه :
- يا بنت السويسي
امسك خالد معلقته ليمسك بالكأس الزجاج جواره طرق الكأس بطرف المعلقة يرسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه مردفا :
- بدل الصمت دا تعالوا نلعب لعبة أنا هسأل سؤال واللي هيجاوب هديله 250 ألف جنية ... السؤال بيقول كم عدد الأهرامات الموجودة في مصر ...
رد حمزة ساخرا :
- ايه السؤال التافة دا 3 طبعا
حرك خالد رأسه نفيا بهدوء يرد متهكما :
- غلط أنا بقول في مصر مش عدد أهرامات الجيزة
قطبت لينا زوجته جبينها تفكر لترد هي :
- خمسة مثلا
نظر ناحيتها يرسم ابتسامة عاشقة علي شفتيه يحرك رأسه نفيا يغمغم بولة :
- حبيبي أنتي ليكي الفلوس كلها ... بس هي غلط
التفت برأسه ناحية مايا ابتسم يسألها برفق :
- ايه يا ميوش مش هتشاركي معانا
حركت رأسها نفيا دون أن ترفع عينيها عن طبقها .... ابتسمت لينا السويسي ساخرة كادت أن تجاوب ليرفع خالد سبابته أمام وجهه يردف متهكما :
- أنتِ لاء ...
قلبت عينيها بملل تعاود أكل طعامها من جديد لتحمحم بدور بخفوت تهمس بصوت خفيض :
- 138 هرم
نظر خالد لبدور يبتسم متفاخرا يردف سعيدا :
- شاطرة يا بدور
دون كلمة اخري اخرج دفتر الشيكات البنكية الصغير من جيب حلته فتحه يخط علي ورقة منه مبلغ ربع مليون جنية مصري .... وقع بإمضائه الخاص ليقطع الورقة من الدفتر يعطيها لها يردف مبتسما :
- مبروك عليكي يا حبيبتي
نظرت لينا لوالدها في غيظ هي كانت تعرف ولكنها منعها من المشاركة ... عاد كل يكمل طعامه ... بينما بدور تقبض علي الورقة في يدها لا تصدق أن المشكلة حُلت بتلك البساطة ستعطي النقود لأسامة وتنتهي منه للأبد .... بينما تبادل حمزة وخالد نظرات لن يفهمها سواهم
______________
في منزل عمر السويسي .... كان عثمان في غرفة عمر بصحبة علي يطمأنان عليه .... وحاول عمر أن يمثل ببراعة أنه فاقد للذاكرة ... نظر لمقعد عثمان المتحرك لتتوسع عينيه في دهشة يتمتم فزعا :
- يا نهار اسوح ايه حصلك يا عثمان ... ازاي بقيت كدة
ابتسم عثمان في مكر يرفع حاجبه الأيسر متهكما من رد فعل عمر المبالغ فيه :
- ابدا يا عمي حادثة بسيطة
تنهد عمر بارتياح يحرك رأسه إيجابا يتمتم متعجبا :
- الحمد لله ...بس ازاي هتتجوز إنت وسارين مش تستني لما تقف علي رجيلك .... اللي فيك دا أكيد من الخيل ... صح ولا أنا غلطان
تنهد علي حزينا يحرك رأسه إيجابا بينما توسعت ابتسامة عثمان الخبيثة نظر التفت برأسه لابيه يحادثه :
- بابا صحيح ماما كانت قالتلي اقولك تكلمها ضروري عشان عيزاك
نظر علي لابنه متعجبا ليعتذر منهم وقف في شرفة الغرفة ليتصل بلبني .... بينما حرك عثمان العجلات الخاصة بمقعده ليتوجه الي مقدمة الفراش .... اقترب برأسه ناحية عمر يهمس له في خبث :
- من خمس سنين ما كنتش بركب خيل يا عمي ابقي خد بقي
توسعت عيني عمر في دهشة ينظر لعثمان التي ارتسمت علي شفتيه ابتسامة كبيرة ساخرة ... ازدرد لعابه الجاف ليقترب عثمان مرة أخري برأسه من عمر :
- أنا مش عارف أنت عامل فاقد للذاكرة ليه بس أنا عاوز اتجوز سارين وكان المفروض نكتب الكتاب النهاردة بس عمي عمر عمل حادثة وفقد الذاكرة ... زي ما بيقول ...
نظر عمر لعثمان مغتاظا ... ذلك الفتي يشبه في شبابه لحد جعله يخاف علي ابنته منه مد عمر يده يقبض علي تلابيب ملابس عثمان يهمس له غاضبا :
- علي الله تقول لحد ...
أبعد عثمان يد عمر عنه يعدل من تلابيب ملابسه ابتسم يقول في خبث :
- عيب يا عمي دا أنت حمايا بردوا .... بس أنت عارف الحياة فرص وفرصتي جاتلي ... عمي خالد اقترح اننا نعمل حفلة جواز في فيلته واعتقد أن دا حل وسط ... أنا بقولك نتصل بيه ونقوله الفرح الخميس الجاي بعد 3 أيام
حرك عمر رأسه نفيا بعنف عقد ذراعيه أمام صدره يهمس له حانقا :
- لاء طبعا أنا أب ومن حقي أشوف بنتي لابسة فستانها الأبيض في فرح كبير ... اللي أنت بتطلبه دا مستحيل اوافق عليه
حرك عثمان رأسه إيجابا يتنهد حزينا يآسا كاد أن يفتح فمه ليرد لتدخل سارين في تلك اللحظات تحمل صينية عليها كاسات العصير مدتها لعثمان ليبتسم لها يلتقط إحداهم ...احمرت وجنتيها خجلا تنظر ارضا ... ليرفع عمر حاجبيه ساخرا يردف متهكما :
- جري ايه يا حبيبي أنت وهي ... امشي أنا طيب
وضعت سارين صينية العصير علي الطاولة جوار الفراش لتصعد تجلس جوار والدها علي الفراش تترجاه :
- يا بابا وافق بقي عشان خاطري ...
تدخل عثمان في تلك اللحظة يردف سريعا :
- وأنا توعد حضرتك إني هعمل لسارين فرح كبير أول ما اقدر اقف علي رجليا
تنهد عمر حائرا ينظر لابنته وعثمان ... لتقتحم رأسه في تلك اللحظة جملة خالد التي قالها له موبخا من قبل
« ادي آخرة جواز العيال »
للحظات دق قلبه قلقا .... خائف من أن يكن عثمان نسخة منه .... وسارين تصبح نسخة من تالا .... الحب بينهما سيموت ... كما كاد يحدث في حالته ... ها هو الآن يمثل بأنه مريض فاقد لذاكرته ليحاول استرداد حب تالا وغفرانها علي ما اقترف .... اشاح بوجهه بعيدا عنهم يتمتم باقتضاب :
- هفكر
نظرت سارين لعثمان حزينة ليرفع الأخير كتفيه بمعني أنه ليس في يده حيلة ...
بعد قليل كان عثمان يرحل بصحبة أبيه ...نظرت سارين لوالدها حزينة قبل أن تخرج هي الاخري من غرفته ... زفر عمر حانقا ... هو فقط خائف علي ابنته لما لا تتفهمه ... تشابكت الافكار في عقله لم يجد حلا أمامه سوي أنه التقط هاتفه يطلب رقم أخيه .... شقيقه بارع في حل المشكلات بالطبع سيحل معضلته .... انتظر قليلا الي ان أجاب يقول ساخرا :
- ما تقوليش اتقفشت ... أنا كنت عارف أنك خايب وهتفضحنا اول ما تفضح بوقك
فقط ضحكة صغيرة صدرت من فم عمر تنهد يحرك رأسه نفيا يتمتم قلقا:
- لا يا سيدي ما تقلقش أنا عايزك في موضوع مهم
وبدأ يقص عليه مخاوفه من زيجة عثمان وسارين
____________
في غرفة مكتبه يجلس فوق مقعده الأسود الوثير .... امامه حمزة أخيه ... يضع الهاتف علي أذنه يحادث عمر شقيقه الآخر يسمع ما يقول اخيه يرتب عقله جيدا تلك الكلمات المبعثرة القلقة التي تخرج من بين شفتي اخيه يحاول قدر المستطاع يشرح لأخيه قلقه الي ان انتهي وظل خالد صامتا لم ينطق بحرف واحد لحظات طويلة لينطق اخيرا :
- يعني أنت رافض تجوز بنتك من غير فرح ولا خايف لعثمان يبقي زيك
تنهد عمر تنهيدة طويلة حارة مثقلة حرك رأسه نفيا يهمس حائرا :
- مش عارف يا خالد مش عارف ... أنا مش عارف كان عقلي فين وأنا بوافق علي الجوازة دي ... كنت عايز اكفر عن ذنبي في حق سارين ... بس أنا دلوقتي مرعوب من اني اجوزها لعثمان ... أنت فاهمني
التفت خالد بمقعده ليصبح وجهه مقابلا للحديقة ينظر لابنته وهي تجلس بصحبة زوجته هناك علي أحد المقاعد ... رفع حاجبيه متعجبا لما تأكل ابنته بتلك الشراهة منذ الصباح .... ابتسم في خمول همهم يردف :
- أنا اكتر من فاهمك يا عمر .... عشان أنا كنت جوا حيرتك دي وأنا بجوز لينا ... كنت مرعوب ليطلع زيدان نسخة مني ... بس اكتشفت أنها بتبقي مجرد وساوس ... من خوفي علي البنت وأنها هتبعد وفي الأغلب دي نفس الوساوس اللي عندك ... عثمان مش زيك ... عثمان إهمال علي ولبني ليه هما اللي عملوا فيه كدة ... إنما دلوقتي الموضوع اختلف هو فاق واتعلم درسه كويس ...أما بالنسبة لموضوع فكفاية الفرح وسط العيلة يا عمر ... عشان نفسيته ونفسية سارين قبله .... كدة الموضوع هيبقي مريح أكتر للكل ...توكل علي الله وأنا هجهز الفيلا علي يوم الخميس وهتفق علي كل حاجة
صمت عمر يفكر يقنع عقله بكلام أخيه ... كان بحاجة يخبره بأن ما في عقله ليست سوي هلاوس وإن كل شئ علي ما يرام ..... تنهد قلقا يهمهم موافقا :
- ماشي يا خالد ... ربنا يستر وتطلع فعلا وساوس
اغلق الخط مع أخيه ليلتفت بمقعده ليري حمزة يمسك بشاشة هاتفه ينظر لها بتركيز شديد قام من مكانه التف يجلس علي المقعد جوار أخيه ربت علي كتفه ... ينظر لشاشة الهاتف ابتسم يقول يآسا :
- عيب العيلة دي من كبيرها لصغيرها أن قلبها قلب خصاية .... ما الواد زي الفل اهو يا إبني
مسح حمزة تلك الدمعات التي سقطت من عيني حمزة اغلق هاتفه يضعه ينظر لأخيه ابتسم يهمس بنبرة حزينة ممزقة :
- واحشني اوي ما اتعودتش يبقئ بعيد عني كدة ... ومايا ... مايا مش راضية تتكلم معايا خالص ... قد ايه كنت مغفل عشان مالاحظش انه بيبحبوا بعض أوي كدة ... يا ريتني سمعت كلامك زمان وما اتبنتوش
ابتسم خالد يربط علي كتف اخيه تحرك يلتقط ظرف الأوراق من فوق سطح مكتبه التفت لأخيه يقول مبتسما :
- كل حاجة هترجع لمسارها الطبيعي ... ورق أدهم أهو ... اتغير باسمه الحقيقي ... المهم دلوقتي لو أدهم جه يتجوز مايا هتوافق ولا فرق الطبقة بينه وبينها
حرك حمزة رأسه نفيا بعنف هب يقف أمام أخيه ادمعت عينيه يصيح فيه بحرقة :
- دا ابني حتي لو مش دمي ...فلوس ايه أنا مستعد اتنازله عن حياتي ... أنا اللي كبرته وربيته وعلمته ... أنا اللي كنت بترعب لو تعب ... أنا بس مش قادر اتقبل فكرة أن ابني يتجوز بنتي ... مش متخيلها حتي
ابتسم خالد يتحرك لخارج الغرفة التفت قبل أن يخرج من الغرفة يقول ساخرا :
- تخيلها بقي علي ما اخلص مشواري واجي ... عشان تقولي هنعمل ايه مع كلب الصحرا اللي اسمه أسامة ... سلام يا دون
لوح لأخيه ليتحرك للخارج بينما وقف حمزة مكانه يحاول تخيل أدهم ومايا زوجين فكرةلم تروق له تماما
خرج خالد ناحية سيارته ليجد لينا تتحرك ناحية سيارتها .... توجه إليها وقف امامها يهتف فجاءة :
- ما عندكيش حالات طارئة النهاردة رايحة فين
شهقت مذعورة حين آتي لها صوته من العدم وضعت يدها علي صدرها قلبها كان علي وشك أن يتوقف من المفاجاءة .... التفتت له سريعا تقطب جبينه غاضبة :
- حد يخض حد كدة حرام عليك قلبي كان هيقف
رفع حاجبه الأيسر يبتسم ساخرا ... عقد ذراعيه أمام صدره يردف بهدوء مستفز :
- رايحة فين ومن امتي وانتي بتخرجي من غير ما تقوليلي
تنهدت حانقة .... كانت فقط تريد الذهاب للصدلية مشوار سريع لن يستغرق دقائق ... لولا فريق الأمن الذي يضعه خارجا لكانت اتصلت بأي صيدلية وطلبت ما أرادت لو ضمنت أنه ما سيأتي سيمر مرور الكرام دون أن يعرف به خالد ... ربعت ذراعيها أمام صدرها هي الأخير ابتسمت تقول ساخرة :
- هروح اجيب حاجة بسرعة من الصيدلية واجي
رسم ابتسامة واسعة علي شفتيه ليميل برأسه ناحيتها يتمتم فئ خبث :
- حاجة ايه ..
سم هجيب سم اموت بيه نفسي واخلص منكوا .... : صاحت بها مغتاظة من طريقته الاستفزازية في الحديث .... ليبتسم هو ببراءة يقرص وجنتها بخفة :
- من عيوني يا حبيبتي هجيبهولك وأنا جاي .. خشي بقي جوا ما فيش خروج
القت حقيبة يدها بعنف عليه لتتحرك بغيظ تعود الي المنزل .... بينما ابتسم هو ساخرا يمسك بالحقيبة وضعها فوق سطح سيارتها ليتوجه الي سيارته يتوجه إلي حيث أدهم ...من شارع لآخر خرج بسيارته الي أن وصل الي تلك المنطقة الشعبية أوقف السيارة بعيدا ... نزل يكمل الطريق الي حيث وجهته ينظر حوله ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه يتذكر قضي جزء من حياته في منطقة مشابهة .. عمل ميكانيكي سيارات ... ذلك الرجل الذي يمشي الآن بهيبة ترجف الأبدان كان يتسطح أسفل السيارات ... هو من اقام مسابقة علي مبلغ ربع مليون جنية ... كان قليلا يعمل ليل نهار لأجل بعض قروش ... يعود ليلا ملابسه لا تحمل عطره الباهظ بل تحمل روائح الشحم والبنزين ... خرجت من بين شفتيه ضحكة خفيفة حين تذكر السيدة سعاد وجملتها المعتادة
« منه لله اللي كان السبب »
وصل الي الدكان التي تمتلكه جده أدهم ... نظر حوله قبل أن يدخل ليجد رجل يجلس علي مقهي شعبي امام الدكان عينيه مرتكزتين علي الدكان ابتسم ساخرا جاسوس أخيه ... خطي لداخل الدكان يحمحم بخشونة مردفا :
- السلام عليكم
كان أدهم يجلس كعادته يراقب الشارع بذهن شارد عقله ليس هنا بل هناك عند مايا تري ما حالها الآن بخير تتألم مثله ... حمزة أبيه هل تري سيسامحه يوما ... تنهد يمسح وجهه بكفيه بعنف حين سمع ذلك الصوت يعرفه ... رفع وجهه سريعا ينظر لعمه او كما كان ... ارتسمت ابتسامة مرتعشة علي شفتيه ... هب سريعا يقف أمامه بينما قطبت منيرة جبينها متعجبة من ذلك الرجل ... ابتسم خالد لأدهم الذي يقف امامه متوترا يخفض رأسه أرضا كطفل مذنب .. ابتسم يردف برفق :
- ازيك يا أدهم
حرك رأسه إيجابا دون أن يرفعها ليواجهه همس بصوت خفيض متوتر :
- الحمد لله يا عمي ...
رفع وجهه ينظر لوجه خالد لتدمع عينيه يهمس بصوت خفيض مختنق :
- قصدي يا باشا ... أنا آسف
حرك خالد رأسه نفيا يبتسم يآسا ليفتح ذراعيه قليلا يردف مبتسما :
- تعالي ياض في حضن عمك
اندفع أدهم ناحيته يعانقه يختبئ داخل أحضانه عله يجد رائحة أبيه هنا ... رائحة تعوضه عن فقدانه ابتسم خالد حزينا يربت علي رأس أدهم برفق يتمتم في مرح :
- درامي أنت اوي يا أدهم ...
أبعده خالد عنه يربت علي وجهه ليمسح أدهم ما سقط من دموعه بعنف ابتعد عن خالد وقف بالقرب من جدته يعرفهم :
- جدتي ... دا عمي خالد
ابتسمت منيرة ببشاشة تقول سريعا :
- يا أهلا وسهلا يا باشا ... اتفضل استريح ... أنا هطلع اعملكوا كوبيتين شاي .
خرجت منيرة من الدكان ليجذب خالد مقعد خشب يجلس عليه وجلس أدهم أمامه ... مد خالد يده له بالظرف يغمغم في جد :
- دا ورقك يا أدهم شهاداتك الدراسية كلها باسمك الحقيقي وبطاقتك ...
ابتسم أدهم ابتسامة باهتة التقط منه الظرف يشكره بصوت خفيض لحظات من الصمت يلجم لسانه بصعوبة عن السؤال عنهم يريد فقط الاطمئنان عليها ... اجفل علي جملة خالد :
- عايز تسأل علي حمزة ومايا صح
رفع وجهه ينظر لخالد متلهفا يحرك رأسه إيجابا سريعا ابتسم خالد يردف بهدوء :
- ما تقلقش هما بخير ...
دس يده في جيب حلته يخرج بطاقته الخاصة وبطاقة أخري لشركة كبيرة أعطاهم لادهم يردف مبتسما :
- عندك interview بكرة في الشركة دي ... قوله بس أنك من طرف خالد السويسي واحتمال يخليك المدير ويستقيل هو
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتي أدهم ... وقف خالد ليغادر ليمسك أدهم بذراعه سريعا التف خالد برأسه لينظر أدهم له راجيا بصوت خفيض متألم :
- أنا عارف أنه زعلان مني اوووي ... قوله يسامحني علي غبائي ... والله أنا عمري ما فكرت اخون ثقته بس الشيطان عمى عينيا ...
نظر خالد له مشفقا علي حاله حرك رأسه إيجابا ليلتفت بجسده إليه وقف امامه امسك بذراعيه يقول مشجعا :
- هستناك يا أدهم تيجي تشرب معايا القهوة وأنت بتطلب العروسة وساعتها يمكن أوافق
قال كلمته الأخيرة بمرح باهت ليرسم ابتسامة صغيرة علي شفتي ذلك الواقف أمامه ... استدار يخرج من الدكان ليري جاسوس اخيه يجلس مكانه يمسك هاتفه كأنه منشغل في أمر ما ولكنه يعرف ما يفعل يصور لأخيه ما يحدث ... فما كان من خالد الا أن رفع يده يلوح لأخيه يبتسم ساخرا .... حرك رأسه يآسا من تلك العائلة ليتوجه الي سيارته ومن ثم إلي بيته
__________________
في منزل زيدان الحديدي ذلك المنزل الضحم الذي يتوسط الصحراء ..... في غرفة صغيرة شبة مظلمة يتسطح علي فراشه ينظر لسقف الحجرة عينيه ثابتة علي نقطة في الفراغ .. خواء يشعر بروحه فارغة خاوية ... قلبه ما عاد ينبض هو لا ينبض الا لها وهي رحلت أخبرته أنه من الصعب أن تسامحه ... ومعها كل الحق ... كيف ستسامح من اغتصبها... ذبح براءة روحها قبل جسدها ... لن يشفع له انه كان مغيب فهي كانت واعية بكل شئ ... هي من صرخت توسلت ... هي من ذبحتها رجولته وهو غائب العقل ... ادمعت عينيها حين مر أمامه صورتها ليهمس لها بصوت خفيض معذب :
- سامحيني يا لينا ... والله كان غصب عني ...
في لحظات تبدلت صورتها من أمام عينيه ليمر مكانها صور طفل صغير ... طفل يفترش الأرض في الليالي الباردة .... طفل يبكي الجوع ... تبدلت الصور بأخري طفل صغير ينام علي فراش مهترئ في تلك الغرفة القديمة .... طفل فتح عينيه فجاءة علي صوت باب الغرفة يصدر صرير ينبئ علي أن أحدهم يدخل الي الغرفة رفع وجهه قليلا ينظر للفاعل .... لتتوسع عينيه فزعا حين رأي ذلك المشرف المخيف يقترب من فراشه اغلق عينيه سريعا يدعي النوم .... ليشعر به يجلس جواره يزيح الغطاء عنه .... يمد يده علي جسدها يحاول تجريده من ثيابه .... فتح عينيه سريعا ينظر للمشرف في فزع ... كاد ان يصرخ ليكمم الرجل فمه سريعا اقترب بوجهه منه يهمس له بصوت خفيض خبيث :
- أهدأ يا صغير لا نريد أن يسمعنا أحد ....
تلوي الطفل بجسده بعنف يحاول الفرار ببراءته خاصة وهو يشعر بذلك الرجل يجرده من ثيابه ... قضم باسنانه يد الرجل التي تكمم فمه ليبتعد الرجل عنه يشتمه انتهز الطفل الفرصة وامسك زجاجة الماء المجاورة له يصدمها بعنف برأس الرجل ويركض من الغرفة ومن المكان بأكمله في الشوارع ليلا يبكي
اجفل من شرود ذكراه البشعة علي صوت صديقه يغني بصوت مزعج كعادته :
- بتمشي في الزمن محشي طاقة وعندي امل ... عبقري ومثير للجدل ... مش حافظ الباقي
التفت زيدان برأسه ليجد صديقه يقف عند باب الغرفة اعتدل في جلسته يمسح دموعه التي تمردت وسقطت رغما عنه ... لينظر له حسام قلقا توجه ناحيته سريعا يسأله قلقا :
- مالك يا زيدان انت كويس
حرك رأسه إيجابا اشاح بوجهه يمسح بوجهه بكفي يده حمحم يجلي صوته يردف بخواء :
- ابدا يا حسام أنا كويس .... خير في ايه
تنهد حسام حزينا علي حال صديقه يشعر به يتألم .... ربما هو من يستطيع ان يلين قلب لينا ولو قليلا ... رسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يردف مبتسما :
- أنا عايز اشوف البت لينا وحشتني .... تعالي معايا وابقي رايح بصفتي صاحبك ... بدل ما دكتورة لينا تشرحنا كلنا
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتي زيدان ... عقله يرفض رفض قاطع الذهاب لهناك وقلبه مشتاق لها ومنذ متي وهو يستمع لعقله ... ربما فيما بعد سيفعل .... حرك رأسه إيجابا ليتحرك من مكانه يبدل ثيابه .... توجه كل بسيارته الي منزل خالد .... في تلك الاثناء كانت وصلت سيارة خالد الي منزله نزل منها متوجها الي منزله فتح بابه لتتوسع عينيه بدهشة حين رأي ابنته تجلس امامه علي احدي الارائك تأكل بشراهة مخيفة ...توسعت عينيه فزعا ليتحرك متجها ناحيتها يتمتم متعجبا :
- في ايه يا لينا أنا من ساعة ما شوفتك الصبح وانتي بتاكلي انتي كويسة يا حبيبتي ... مش منطقي كمية الاكل دي كلها
ابتلعت لينا ما في فمها تنظر لوالدها حانقة لتخرج لينا من المطبخ في تلك اللحظات تعاتبه بضيق :
- في ايه يا خالد ... عادي يعني الفترة اللي فاتت هي ما كنتش بتاكل خالص ... كويس أنها بدأت تأكل
ضرب كف فوق آخر ينظر للاثنتين يردف مدهوشا :
- يا ستي بالهنا والشفا ... أنا بس خايف عليها ... انما انتوا حريين ... أنا غلطان اني اتدخلت
دق جرس الباب ليتوجه خالد إليه فتح الباب ليبتسم ساخرا يردف متهكما :
- اتلم المتعوس علي خايب الرجا ... خش يا اخويا أنت وهو
نظر حسام لزيدان ابتسم يتمتم بخفوت مضحك :
- أنا المتعوس وأنت خايب الرجا علي فكرة
ضحك زيدان رغما عنه دخل بصحبة حسام يبحث عنها بعينيه لتقع عليها هناك تجلس تأكل ابتسم رغما عنه منظرها بشع حرفيا ... بينما توسعت عيني حسام مدهوشا ينظر لاصناف الطعام المتراصة أمامها ... لا علاقة بين كل نوع وآخر وهو بخبرته بدأ يستشف ولكنه لم يظهر فقط اقترب من زيدان يهمس بذعر :
- ايه دا ... أنا غلطان اني قولتلك وحشاني ... قوم بينا نجري
جذبه زيدان ليتقدم للداخل ... ما بين كل روائح العطور المنتشرة في الغرفة التقطت أنفها رائحة عطره وعاد ذلك الشعور البشع يعصف بأمعائها من جديد .... أرادت الفرار سريعا من أمامه تحركت من مكانها بسرعة ولكن ما كادت تخطو خطوتين عاد الدوار بأبشع ما يكون آخر مراته عينيه التي تنظر لها في ذعر ثم سقطت في بئر الظلام